القرآن الصامت والقرآن الناطق - مشروع الحصن ll للدفاع عن الإسلام والحوار مع الأديان والرد على الشبهات المثارة ll lightnews-vII

المتواجدون الآن

انت الزائر رقم : 442571
يتصفح الموقع حاليا : 100

البحث

البحث

عرض المادة

القرآن الصامت والقرآن الناطق

القرآن الصامت والقرآن الناطق

الإمام كالنبي :

      ذكرنا من قبل قول الجعفرية بأن الإمام كالنبى في عصمته وصفاته وعلمه،ولذلك فهم يشيرون إلى القرآن الكريم والإمام بقولهم : ذلك القرآن الصامت وهذا القرآن الناطق ، فالإمام هو ـ في رأيهم ـ القرآن الناطق ([1][108]) ، ودوره بالنسبة للقرآن الصامت كدور النبي صلى الله عليه وسلم سواء بسواء .

مذهب الإخباريين :

      وما دام القرآن الكريم صامتاً فلابد من الرجوع إلى القرآن الناطق حتى يوضح مراد الله تعالى ، ولهذا قال الإخباريون من الجعفرية ([2][109]) : لا يجوز العمل

بظاهر القرآن الكريم !! وقال جمهور الجعفرية ـ وهم الأصوليون ـ بحجية الظواهر ولكنهم قالوا : لا يجوز الاستقلال في العمل في بظاهر الكتاب بلا مراجعة الأخبار الواردة عن الأئمة . [3][110]

قول الأصوليين :

 وناقش الأصوليون الإخباريين فيما ذهبوا إليه : قال صاحب فوائد الأصول بعد أن بين حجية الظواهر :

      " نسب إلى الإخباريين عدم جواز العمل بظاهر الكتاب العزيز ، واستدلوا على ذلك بوجهين ، الأول : العلم الإجمالى بتقييد وتخصيص كثير من المطلقات والعمومات الكتابية ، والعلم الإجمالى كما يمنع عن جريان الأصول العملية ، يمنع عن جريان الأصول اللفظية من أصالة العموم والإطلاق التي عليها مبنى الظهورات . الثاني : الأخبار الناهية عن العمل بالكتاب .

      ولا يخفى ما في كلا الوجهين ، أما الأول فلأن العلم الإجمالى ينحل بالفحص عن تلك المقيدات والمخصصات ، والعثور على مقدار منها يمكن انطباق المعلوم بالإجمال عليها … وأما الثاني فلأن الأخبار الناهية عن العمل بالكتاب وإن كانت مستفيضة ، بل متواترة ، إلا أنها على كثرتها بين طائفتين : طائفة تدل على المنع عن تفسير القرآن بالرأى والاستحسانات الظنية ، وطائفة تدل على المنع عن الاستقلال في العمل بظاهر الكتاب من دون مراجعة أهل البيت الذين نزل الكتاب في بيتهم صلوات الله عليهم ، ولا يخفى أن مفاد كل من الطائفتين أجنبى عما يدعيه الإخباريون " ([4][111]) .

      فالإخباريون يمنعون العمل بظاهر الكتاب ، والأصوليون يمنعونه كذلك إلاَّ بعد الرجوع إلى أقوال الأئمة ، ويندرج تحت هذا الظاهر مثل العام والمطلق وغيرهما مما هو ظاهر في معنى ومحتمل لمعنى آخر ، فالعام ظاهر في العموم مع احتمال التخصيص ، والمطلق ظاهر في الإطلاق مع احتمال التقييد ([5][112]) فيرون إذن وجوب الرجوع إلى الأئمة وما روى عنهم بمعرفة مراد الله عزوجل.

      قال أحد علمائهم المعاصرين ([6][113]) : " لا يجوز العمل بالعام قبل الفحص عن المخصص " ، ويوضح هذا بقوله : " لا شك في أن بعض عمومات القرآن الكريم والسنة الشريفة لها مخصصات منفصلة شرحت المقصود من تلك العمومات ، وهذا معلوم من طريقة صاحب الشريعة ، والأئمة الأطهار ـ عليهم الصلاة والسلام . حتى قيل ما من عام إلا وقد خص . ولذا ورد عن أئمتنا ذم من استبدوا برأيهم في الأحكام ، لأن في الكتاب المجيد والسنة عاماً وخاصاً ، ومطلقاً ومقيداً ، وهذه الأمور لا تعرف إلا من طريق آل البيت ، وصاحب البيت أدرى بالذى فيه .

      وهذا ما أوجب التوقف في التسرع بالأخذ بعموم العام قبل الفحص ، واليأس من وجود المخصص ، لجواز أن يكون هذا العام من العمومات التي لها مخصص موجود في السنة أو الكتاب لم يطلع عليه من وصل إليه العام . وقد نقل عدم الخلاف بل الإجماع على عدم جواز الأخذ بالعام قبل الفحص واليأس ". ا. هـ .

      والسنة ـ عند الجعفرية تتسع لتشمل أقوال أئمتهم ، وهم مجمعون على الأخذ بما ورد من كلام الأئمة مخصصا لكثير من عمومات القرآن الكريم ، ومقيداً لكثير من مطلقاته ، وما قام قرينة على صرف جملة من ظواهره ، ويعتبرون هذا من الأمور القطعية التي لا يشك فيها أحد ([7][114]) . ولكن المخصصات التي ترد عن الأئمة أتعتبر من باب النسخ أم التخصيص ؟ خلاف وقع بين الجعفرية !

 

 ([1][108])  انظر الشيعة والتشيع ص 45 ، ويزعمون أن الإمام علياً قال : " ذلك القرآن فاستنطقوه فلن ينطق لكم ، أخبركم عنه . إن فيه علم ما مضى وعلم ما يأتى إلى يوم القيامة ، وحكم ما بينكم ، وبيان ما أصبحتم فيه مختلفين . فلو سألتمونى عنه لأخبرتكم عنه لأنى أعلمكم " .        ( ص 3 من مقدمة تفسير القمي ، وانظر الكافى 1 / 61 ، 8 / 50 ) . ويزعمون كذلك أن الإمام الصادق قال : " إن الكتاب لم ينطق ولن ينطق " وأن أباه الباقر قال : " القرآن ضرب فيه الأمثال للناس ، وخاطب الله نبيه به ونحن ، فليس يعلمه غيرنا " . ( تفسير القمي 2 / 295 ، 425 ) . 

  ([2][109])  ينقسم الجعفرية إلى أصوليين وإخباريين : الأصوليون يعتمدون على الاستنباط والاجتهاد وإعمال العقل ، فهم يبحثون ويفكرون بذهنية أصولية ، وهم أصحاب علم أصول الفقه عند الجعفرية . والإخباريون لا يعتمدون إلا على متون الأخبار التي تروى عن أئمتهم . ويرى الأصوليون أن الحركة الإخبارية ظهرت في أوائل القرن الحادى عشر على يد الميرزا محمد أمين الاسترابادى ، واستفحل أمرها بعده وبخاصة في أواخر القرن الحادى عشر وخلال القرن الثاني عشر ، على حين يرى الإخباريون أن الاتجاه الإخبارى كان هو الاتجاه السائد بين الفقهاء الإمامية إلى نهاية عصر الأئمة ولم يتزعزع هذا الاتجاه إلا في أواخر القرن الرابع وبعده ـ*

[3][110]*حين بدأ جماعة من علماء الإمامية ينحرفون عن الخط الإخبارى ، ويعتمدون على العقل في استنباطهم ، ويربطون البحث الفقهى بعلم الأصول تأثراً بالطريقة السنية في الاستنباط ، ثم أخذ هذا الانحراف ـ كما يقولون ـ في التوسع والانتشار . والإخباريون الآن قلة قليلة بالنسبة للأصوليين ، والقسم الكثير منهم في البحرين ، وهم أيضاً عدد قليل ( انظر المعالم الجديدة للأصول ص 76 ـ 82 ، وفقه الشيعة الإمامية 1 / 48 ـ 50 وانظر كذلك موقف الإخباريين من علم الأصول في الحاشية للقمى 2 / 211 ) .

  ([4][111])  فوائد الأصول 3 / 48 ، وانظر كذلك الأصول العامة للفقه المقارن ص 102 ـ 105 وأصول الفقه للمظفر 3 / 130 : 134 ، 138 ، 141 .

  ([5][112])  تحدث أحد علمائهم عن الأصول اللفظية وحددها بخمسة هي : أصالة الحقيقة ـ أي الأصل أن تحمل الكلام على معناه الحقيقى ، وأصالة العموم ، واصالة الإطلاق ، وأصالة عدم التقدير ، والأصل الخامس هو أصالة الظهور ، وقال عن هذه الأصالة : " موردها ما إذا كان اللفظ ظاهراً في معنى خاص لا على وجه النص فيه الذي يحتمل معه الخلاف ، بل كان يحتمل إرادة خلاف الظاهر ، فإن الأصل حينئذ أن يحمل الكلام على الظاهر فيه . وفى الحقيقة أن جميع الأصول المتقدمة راجعة إلى هذا الأصل ، لأن اللفظ مع احتمال المجاز ـ مثلاً ـ ظاهر في الحقيقة ، ومع احتمال التخصيص ظاهر في العموم ، ومع احتمال التقييد ظاهر في الإطلاق ، ومع احتمال التقدير ظاهر في عدمه ، فمؤدى أصالة الحقيقة نفس مؤدى أصالة الظهور في مورد احتمال التخصيص ، وهكذا في باقى الأصول المذكورة ، فلو عبرنا بدلاً عن كل من هذه الأصول بأصالة الظهور كان التعبير صحيحاً مؤدياً للغرض ، بل كلها يرجع اعتبارها إلى اعتبار أصالة الظهور ، فليس عندنا في الحقيقة إلا أصل واحد هو أصالة الظهور " . ( أصول الفقه للمظفر ، 1 / 31 ـ 32 ) .

  ([6][113])  هو الشيخ محمد رضا المظفر ، من كبار علمائهم . انظر كتابه أصول الفقه 1 / 136 . وهو الذي نقلنا عنه الأصول اللفظية آنفاً .

  ([7][114])  انظر أصول الفقه للمظفر 1 / 141 : 142 .

  • الاثنين AM 01:23
    2021-04-26
  • 3803
Powered by: GateGold