المتواجدون الآن

انت الزائر رقم : 415340
يتصفح الموقع حاليا : 260

البحث

البحث

عرض المادة

تفسير الطبري لختام فاتحة الكتاب

تفسير الطبري لختام فاتحة الكتاب :

      هذا بعض ما جاء في مقدمته المستفيضة ، ولعله يوضح المنهج الذي ارتضاه الطبري لتفسيره .

      وأضيف هنا شيئاً من هذا التفسير قبل الحديث عنه ، وقد يبدو ما أنقله غير مناسب لكثرة صفحاته ، غير أنه تفسير آية كريمة واحدة هي الأخيرة من سورة الفاتحة ، وما ذكره بعد تفسيرها ، وأريد أن يشترك القارئ في الاستنباط حيث يجد نصاً بين يديه ، ولهذا أهميته في مجال التفسير المقارن ، وما أكثر ما في هذا النص من العلم والنفع !

      كما رأيت أن أذكر في الحاشية تخريج الأحاديث للشيخ أحمد شاكر رحمه الله تعالى ، ولكن سأكتفى بالنتائج دون التفصيل حتى لا يزداد المنقول . وإليك ما ذكره الطبري في تفسير قوله تعالى :                             ]  صِرَاطَ الَّذِينَ أَنعَمتَ عَلَيهِمْ غَيرِ المَغضُوبِ عَلَيهِمْ وَلاَ الضَّالِّينَ [  .

القول في تأويل قوله : ]  صِرَاطَ الَّذِينَ أَنعَمتَ عَلَيهِمْ  [  :  وقوله : ]  صِرَاطَ الَّذِينَ أَنعَمتَ عَلَيهِمْ     [  ، إبانة عن الصراط المستقيم ، أي الصراط هو ؟ إذ كان كل طريق من طرق الحق صراطاً مستقيماً . فقيل لمحمد صلى الله عليه وسلم : قل يا محمد : أهدنا يا ربنا الصراط المستقيم ، صراط الذين أنعمت عليهم بطاعتك وعبادتك ، من ملائكتك وأنبيائك والصديقين والشهداء والصالحين . وذلك نظير ما قال ربنا جلّ ثناؤه في تنزيله :  ] وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُواْ مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْرًا لَّهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتًا وَإِذاً لَّآتَيْنَاهُم مِّن لَّدُنَّـا أَجْراً عَظِيمًا وَلَهَدَيْنَاهُمْ صِرَاطًا مُّسْتَقِيمًا وَمَن يُطِعِ اللّهَ وَالرَّسُولَ فَأُوْلَـئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللّهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاء وَالصَّالِحِينَ   [ " سورة النساء : 66 : 69 " .

      قال أبو جعفر : فالذى أمر محمد صلى الله عليه وسلم وأمته أن يسألوا ربهم من الهداية للطريق المستقيم ، هي الهداية للطريق الذي وصف الله جل ثناؤه صفته . وذلك الطريق ، هو طريق الذين وصفهم الله بما وصفهم به في تنزيله ، ووعد من سلكه فاستقام فيه طائعاً لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم ، أن يورده مواردهم ، والله لا يخلف الميعاد .

      وبنحو ما قلنا في ذلك رُوى الخبر عن ابن عباس وغيره :

      188 ـ حدثنا محمد بن العلاء ، قال : حدثنا عثمان بن سعيد ، قال : حدثنا بشر بن عمارة ، قال : حدثنا أبو روق ، عن الضحاك ، عن ابن عباس :]   صِرَاطَ الَّذِينَ أَنعَمتَ عَلَيهِمْ    [  يقول : طريق من أنعمت عليهم بطاعتك وعبادتك من الملائكة والنبيين والصديقين والشهداء والصالحين ، الذين أطاعوك وعبدوك ([1][71]) .

    189 ـ حدثنى أحمد بن حازم الغفارى ، قال : أخبرنا عبيد الله بن موسى ، عن أبى جعفر ، عن ربيع : ]  صِرَاطَ الَّذِينَ أَنعَمتَ عَلَيهِمْ  [ ، قال : النبيون([2][72]).

   190 ـ حدثنى القاسم ، قال : حدثنا الحسين ، قال : حدثنى حجاج ، عن ابن جريج ، قال : قال ابن عباس :  ]  أَنعَمتَ عَلَيهِمْ  [  قال : المؤمنين ([3][73]) .

   191 ـ حدثنا القاسـم ، قـال : حدثنا الحسـين ، قال : قـال وكيـــع:    ]أَنعَمتَ عَلَيهِمْ [   ، المسلمين .

   192 ـ حدثنى يونس بن عبد الأعلى ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال عبد الرحمن بن زيد في قوله ]  صــرَاطَ الَّذِينَ أَنعَمتَ عَلَيهِمْ    [  ، قال : النبي صلى الله عليه وسلم ومن معه ([4][74]) .

      قال أبو جعفر : وفى هذه الآية دليل واضح على أن طاعة الله جل ثناؤه ، لا ينالها المطيعون إلا بإنعام الله بها عليهم ، وتوفيقه إياهم لها . أوَلا يسمعونه يقول : ]  صِرَاطَ الَّذِينَ أَنعَمتَ عَلَيهِمْ  [   ، فأضاف كل ما كان منهم من اهتداء وطاعة وعبادة إلى أنه إنعام منه عليهم ؟

      فإن قال قائل : وأين تمام هذا الخبر ؟ وقد علمت أن قـول القائل لآخر :]     أَنعَمتَ عَلَيهِمْ  [  مقتض الخبر عما أنعم به عليه ، فأين ذلك الخبر في قوله ]  صِرَاطَ الَّذِينَ أَنعَمتَ عَلَيهِمْ    [  ؟ وما تلك النعمة التي أنعمها عليهم ؟

      قيل له : قد قدمنا البيان ـ فيما مضى من كتابنا هذا ـ عن اجتزاء العرب في منطقها ببعض من بعض ، إذا كان البعض الظاهر دالاً على البعض الباطن وكافياً منه . فقوله ]  صِرَاطَ الَّذِينَ أَنعَمتَ عَلَيهِمْ    [   من ذلك . لأن أمرَ الله جل ثناؤه عباده بمسألته المعونة ، وطلبهم منه الهداية للصراط المستقيم ، لما كان متقدماً قوله ]  صِرَاطَ الَّذِينَ أَنعَمتَ عَلَيهِمْ     [    ، الذي هو إبانه عن الصراط المستقيم وإبدال منه ـ كان معلوماً أن النعمة التي أنعم الله بها على من أمرنا بمسألته الهداية لطريقهم ، هو المنهاج القويم والصراط المستقيم ، الذي قد قدمنا البيان عن تأويله آنفاً . فكان ظاهرُ ما ظهر من ذلك ـ مع قرب تجاور الكلمتين ـ مغنياً عن تكراره.

      كما قال نابغة بنى ذبيان :

كأنك  من  جمال بنى   أُقْيشٍ                 يُقَعْقَعُ   خلف   رِجْليه بِشَن

      يريد : كأنك من جمال أقيش ، جمل يقعقع خلف رجليه بشن ، فاكتفى بما ظهر من ذكر " الجمال " الدال على المحذوف ، من إظهار ما حذف .

      وكما قال الفرزدق بن غالب :

ترى   أرباقَهُمْ   مُتقَلدِيها                  إذا صَدِى  الحديدُ عَلَى الكُمَاةِ

      يريد : متقلديها هم ، فحذف " هم " ، إذ كان الظاهر من قوله أرباقهم ، دالاً عليها . والشواهد على ذلك من شعر العرب وكلامها أكثر من أن تحصى . فكذلك ذلك في قوله ]  صِرَاطَ الَّذِينَ أَنعَمتَ عَلَيهِمْ     [   .

******

القول في تأويل قوله : ]  غَيرِ المَغضُوبِ عَلـــيهِمْ  [ :

      قال أبو جعفر : والقراءة مجمعة على قراءة " غير " بجر الراء منها والخفض يأتيها من وجهين :

      أحدهما : أن يكون " غير " صفة لـ " الذين " ونعتاً لهم فتخفضها . إذ كان    " الذين " خفضاً  ، وهى لهم نعت وصفة . وإنما جاز أن يكون " غير " نعتاً لـ    " الذين " ، و" الذين " ، معرفة و " غير " نكرة ، لأن " الذين " بصلتها ليست بالمعرفة الموقته كالأسماء التي هي أماراتّ بين الناس ، مثل زيد وعمرو وما أشبه ذلك ، وإنما هي كالنكرات المجهولات ، مثل الرجل والبعير وما أشبه ذلك . فلما كان " الذين " كذلك صفتها ، وكانت " غير " مضافة إلى مجهول من الأسماء ، نظير " الذين " ، في أنه معرفة غير مؤقته ، كما " الذين " معرفة غيرمؤقتة ـ جاز من أجـل ذلك أن يكــون ]  غَيرِ المَغضُوبِ عَلَيهِمْ  [                     نعتاً لــ  ]   الَّذِينَ أَنعَمتَ عَلَيهِمْ   [ كما يقال : " لا أجلس إلا إلى العالم غير الجاهل " ، يراد : لا أجلس إلا إلى من يعلم ، لا إلى من يجهل . ولو كان ]   الَّذِينَ أَنعَمتَ عَلَيهِمْ  [  معرفة موقتة ، كان غير جائز أن يكون ]  غَيرِ المَغضُوبِ عَلَيهِمْ  [   لها نعتاً . وذلك أنه خطأ في كلام العرب ـ إذا وصفت معرفة موقتة بنكرة ـ أن تلزم نعتها النكرة إعراب المعرفة المنعوت بها ، إلا على نية تكرير ما أعرب المنعوت بها . خطأ في كلامهم أن يقال : " مررت بعبد الله غير العالم " ، فتخفض " غير " إلا على نية تكرير الباء التي أعربت عبد الله . فكان معنى ذلك لو قيل كذلك : مررت بعبد الله ، مررت بغير العالم . فهذا أحد وجهى الخفض في ]  غَيرِ المَغضُوبِ عَلَيهِمْ   [  .

      والوجه الآخر من وجهى الخفض فيها : أن يكون " الذين " بمعنى المعرفة الموقتة ، وإذا وُجِّه إلى ذلك ، كانت " غير " مخفوضةٌ بنية تكرير " الصراط " الذي خُفض " الذين " عليها ، فكأنك قلت : صراط الذين أنعمت عليهم ، صراط غير المغضوب عليهم .

      وهذان التأويلان في ]  غَيرِ المَغضُوبِ عَلَيهِمْ  [ ، وإن اختلفا في اختلاف معربيهما ، فإنهما يتقارب معناهما . من أجل أن من أنعم الله عليه فهداه بدينه الحق، فقد سلم من غضب ربه ، ونجا من الضلال في دينه .

      فسواء ـ إذ كان سبب قوله   ]  اهدِنَــــا الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ صِرَاطَ الَّذِينَ أَنعَمتَ عَلَيهِمْ   [ غير جائز أن يرتاب ، مع سماعه ذلك من تاليه ، في أن الذين أنعم الله عليهم بالهداية للصراط غير غاضب ربهم عليهم ، مع النعمة التي قد عظمت منته بها عليهم في دينهم ؛ ولا أن يكونوا ضلآلا ، وقد هداهم الحق ربهم . إذ كان مستحيلا في فطرهم اجتماع الرضا من الله جل ثناؤه عن شخص والغضب عليه في حال واحدة ،  واجتماع الهدى والضلال له في وقت واحد ـ أًوُصِفَ القوم؛ مع وصف الله إياهم بما وصفهم به من توفيقه إياهم وهدايته لهم ، وإنعامه عليهم بما أنعم الله به عليهم في دينهم ، بأنهم غير مغضوب عليهم ولا هم ضالون ؛ أم لم يوصفوا بذلك . لأن الصفة  الظاهرة التي وصفوا بها ، قد أنبأت عنهم أنهم كذلك ، وإن لم يصرح وصفهم به .

    هذا ، إذا وجهنا ]  غَيرِ  [ إلى أنها مخفوضة على نية تكرير ]   الصِّرَاطَ [ الخافض  ]  الَّذِينَ  [ ، ولم نجعل  ]  غَيرِ المَغضُوبِ عَلَيهِمْ وَلاَ الضَّالِّينَ[  من صفة ]الَّذِينَ أَنعَمتَ عَلَيهِمْ[  ، بل إذا جعلناهم غيرهم . وإن كان الفريقان لا شك منعماً عليهما  في أديانهما .

      فأما إذا وجهنا  ]  غَيرِ المَغضُوبِ عَلَيهِمْ وَلاَ الضَّالِّينَ     [  إلى أنها من نعت ، ] الَّذِينَ أَنعَمتَ عَلَيهِم   [   ، فلا حاجة بسامعه إلى الاستدلال ، إذ كان الصريح من معناه قد أغنى عن الدليل .

      وقد يجوز نصب ]  غَيرِ  [  في ]  غَيرِ المَغضُوبِ عَلَيهِمْ   [  ، وإن كنت للقراءة بها كارهاً  لشذوذها عن قراءة القراء . وإن ما شذ من القراءات عما جاءت به الأمة نقلا ظاهراً مستفيضاً ، فرأى للحق مخالف ، وعن سبيل الله وسبيل رسوله صلى الله عليه وسلم  وسبيل المسلمين متجانف .وإن كان له ـ لو كان جائزاً القراءة به ـ في الصواب مخرج .

      وتأويل وجه صوابه إذا نصبت : أن يوجه إلى أن يكون صفة للهاء والميم اللتين في  ]  عَلَيهِمْ  [   ، العائدة على ]  الَّذِينَ  [ . لأنها وإن كانت مخفوضة بـ ]  عَلَي  [ فهى في محل نصب بقوله ]    أَنعَمتَ   [  . فكان تأويل الكلام ـ إذا نصبت ]  غَيرِ  [  التي مع ]  المـــغضُوبِ عَلَيهِمْ  [   ـ : صراط الذين هديتهم  إنعاما منك عليهم ، غير مغضوب عليهم ، أي لا مغضوبا عليهم ولا ضالين . فيكون النصب في ذلك حينئذ ، كالنصب في ]  غَيرِ  [   في قولك : مررت بعبد الله غير الكريم ولا الرشيد ، فتقطع " غير الكريم "  من " عبد الله " ، إذ كان " عبد الله " معرفة موقتة ، و " غير الكريم " نكرة مجهولة .

      وقد كان بعض  نحويى البصريين يزعم أن قراءة من نصب ]  غَيرِ  [   في ]  غَيرِ المَغضُوبِ عَلَيهِمْ   [  ، على وجه استثناء ]  غَيرِ المَغضُوبِ عَلَيهِمْ  [ من معاني صفة ]   الَّذِينَ أَنعَمتَ عَلَيهِمْ    [ ، كأنه كان يرى أن معنى الذين قرأوا ذلك نصباً  : ]  اهدِنَــــا الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ صِرَاطَ الَّذِينَ أَنعَمتَ عَلَيهِمْ      [  إلا المغضوبَ عليهم ـ الذين لم تنعم عليهم في أديانهم ولم تهدهم للحق ـ فلا تجعلنا منهم . وكما قال نابعة بنى ذبيان :

وقفت  فيها أصيلا لا أسائلها                 عيت  جواباً ، وما بالربع من أحد

إلا أوارى  لأياً  مـا أبينـها                 والنؤى كالحوض بالمظلومة الجلد

      والأوارى معلوم أنها ليست من عداد " أحد " في شىء . فكذلك عنده ، استثنى ]  غَيرِ المَغضــوبِ عَلَيهِمْ   [ من ]   الَّذِينَ أَنعَمتَ عَلَيهِمْ    [  ، وإن لم يكونوا من معانيهم  في الدين في شىء .

      وأما نحويو الكوفيين ، فأنكروا هذا التأويل واستخفوه . وزعموا أن ذلك لو كان كما قاله الزاعم من أهل البصرة ، لكان خطأ أن يقال ]  وَلاَ الضَّالِّينَ   [   ، لأن " لا " نفى وجحد ، ولا يعطف بجحد إلا على جحد . وقالوا : لم نجد في شىء من كلام العرب استثناء  يعطف عليه بجحد ، وإنما وجدناهم يعطفون على الاستثناء بالاستثناء وبالجحد على الجحد ، فيقولون في الاستثناء : قام القوم إلا أخاك وإلا أباك . وفى الجحد : ما قام  أخوك ولا أبوك . وأما : قام القوم إلا أباك ولا أخاك . فلم نجده في كلام العرب  . قالوا : فلما كان ذلك معدوماً من كلام العرب ، وكان القرآن بأفصح لسان العرب نزوله ، علمنا ـ إذ كان قوله ]  وَلاَ الضَّالِّينَ   [ معطوفا على قوله ] غَيرِ المَغضُوبِ عَلَيهِمْ   [ ـ أن ]  غَيرِ  [ بمعنى الجحد لا بمعنى الاستثناء ، وأن تأويل من وجهها إلى الاستثناء خطأ .

     فهذه أوجه تأويل ]  غَيرِ المَغضُوبِ عَلَيهِمْ   [  ، باختلاف أوجه إعراب ذلـك.

    وإنما اعترضنا بما اعترضنا في ذلك من بيان وجه إعرابه ـ وإن كان قصدنا في هذا الكتاب الكشف عن تأويل أي القرآن لما في اختلاف وجوه إعراب ذلك من اختلاف وجوه تأويله ، فاضطرتنا الحاجة إلى كشف وجوه إعرابه ، لتنكشف لطالب تأويله وجوه تأويله ، على قدر اختلاف المختلفة في تأويله وقراءته.

      والصواب من القول في  تأويله وقراءته عندنا ، القول الأول ، وهو  قراءة ]  غَيرِ المَغضُوبِ عَلَيهِمْ  [   بخفض الراء من ] غَيرِ[ ، بتأويل أنها صفة لـ  ] الَّذِينَ أَنعَمتَ عَلَيهِمْ [ ونعت لهم ـ لما قدمنا من البيان ـ إن شئت ، وإن شئت فبتأويل تكرير ]  صِرَاطَ [  كل ذلك صواب حسن .

      فإن قال قائل : فمن هؤلاء المغضوب عليهم ، الذين أمرنا الله جل ثناؤه بمسألته أن لا يجعلنا منهم ؟

      قيل : هم الذين وصفهم الله جل ثناؤه في تنزيله فقال : ]  قُلْ هَلْ أُنَبِّئُكُم بِشَرٍّ مِّن ذَلِكَ مَثُوبَةً عِندَ اللّهِ مَن لَّعَنَهُ اللّهُ وَغَضِبَ عَلَيْهِ وَجَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَالْخَنَازِيرَ وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ أُوْلَـئِكَ شَرٌّ مَّكَاناً وَأَضَلُّ عَن سَوَاء السَّبِيلِ   [ " سورة المائدة : ستين " . فأعلمنا جل ذكره ثمة ، ما أحل بهم من عقوبته بمعصيتهم إياه . ثم علمنا،  منة منه علينا ، وجه السبيل إلى النجاة من أن يحل بنا مثل الذي حل بهم من المثلات ، ورأفة منه بنا .

      فإن قال : وما الدليل على أنهم أولاء الذين وصفهم الله وذكر  نبأهم في تنزيله، على ما وصفت ؟

      قيل :

 193 ـ حدثنى أحمد بن الوليد الرملى ، قال : حدثنا عبد الله بن جعفر الرقى ،  قال : حدثنا سفيان بن عيينه ، عن إسماعيل بن أبى خالد ، عن الشعبى ، عن عدى ابن حاتم ، قال : قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم : المغضوب عليهم ، اليهود  ([5][75]) .

194 ـ حدثنا محمد بن المثنى ، قال : حدثنا محمد بن جعفر ، قال : حدثنا شعبة ، عن سماك بن حرب  ، قال : سمعت عباد بن حبيش يحدث ، عن عدى بن حاتم ، قال : قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم  : إن المغضوب عليهم اليهود ([6][76])

   195 ـ حدثنى على بن الحسن ، قال :  حدثنا مسلم بن عبد الرحمن ، قال : حدثنا محمد ابن مصعب ، عن حماد بن سلمة ، عن سماك بن حرب ، عن مرى  ابن قطرى ، عن عدى بن حاتم  ، قال :  سألت النبي صلى الله عليه وسلم عن قول الله عز وجل ]  غَيرِ المَغضُوبِ عَلَيهِمْ   [  قال : هم اليهود ([7][77]) .

   196 ـ حدثنا حميد بن مسعدة السامى ، قال : حدثنا بشر بن المفضل قال : حدثنا الجريرى ، عن عبد الله بن شقيق : أن رجلا أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو محاصر وادى القرى ، فقال : من هؤلاء الذين تحاصر يا رسول الله ؟ قال : هؤلاء المغضوب عليهم اليهود ([8][78]) .

   197 ـ حدثنى يعقوب بن إبراهيم ، قال : حدثنا ابن علية ، عن سعيد  الجريرى ، عن عروة ، عن عبد الله بن شقيق : أن رجلا أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فذكر نحوه .

   198 ـ حدثنا الحسن بن يحيى ، قال : أنبأنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا   معمر ، عن بديل العقيلى ، قال : أخبرنى عبد الله بن شقيق : أنه أخبره من سمع النبي صلى الله عليه وسلم ـ وهو  بوادى القرى ، وهو على فرسه ، وسأله رجل من بنى القين فقال : يا رسول الله ، من هؤلاء ؟ ـ قال : المغضوب عليهم . وأشار إلى    اليهود ([9][79]) .

   199 ـ حدثنا القاسم بن الحسن ، قال : حدثنا الحسين ، قال حدثنا خالد الواسطى، عن خالد الحذاء ، عن عبد الله بن شقيق : أن رجلا سأل النبي صلى الله عليه وسلم  ، فذكر نحوه.

   200 ـ حدثنا أبو كريب ، قال حدثنا عثمان بن سعيد ، قال : حدثنا بشر بن عمارة ، قال : حدثنا أبو روق ، عن الضحاك ، عن ابن عباس : " غير المغضوب عليهم " يعنى اليهود الذين غضب الله عليهم ([10][80]) .

   201 ـ حدثنى موسى بن هرون الهمدانى ، قال : حدثنا عمرو بن طلحة ، قال: حدثنا أسباط بن نصر ، عن السدى في خبر ذكره ، عن أبى مالك وعن أبى صالح عن ابن عباس ـ وعن مرة الهمدانى عن ابن مسعود ـ وعن ناس من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم : ]  غَيرِ المَغضُوبِ عَلَيهِمْ  [  ، اليهود .

   202 ـ حدثنا ابن حميد الرازى ، قال : حدثنا مهران ، عن سفيان ، عن  مجاهد ، قال : ]  غَيرِ المَغضُوبِ عَلَيهِمْ    [  ، قال : هم اليهود .

   203 ـ حدثنا أحمد بن حازم الغفارى ، قال : حدثنا عبد الله ، عن أبى جعفر ، عن ربيع : ]  غَيرِ المَغضُوبِ عَلَيهِمْ  [  ، قال : اليهود .

   204 ـ حدثنا القاسم ، قال : حدثنا الحسين : قال : حدثنى حجاج ، عن ابن جريج ، قال : قال ابن عباس : ]  غَيرِ المَغضُوبِ عَلَيهِمْ  [  قال : اليهود .

   205 ـ حدثنى يونس بن عبد الأعلى ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن         زيد : ]  غَيرِ المَغضُوبِ عَلَيهِمْ  [  ، اليهود .

   206 ـ حدثنى يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : حدثنى ابن زيد عن أبيه، قال : المغضوب عليهم اليهود .

      قال أبو جعفر : واختلف في صفة الغضب من الله جل ذكره :

      فقال بعضهم : غضب الله على من غضب عليه من خلقه ، إحلال عقوبته بمن غضب عليه ، إما في دنياه وإما في آخرته ، كما وصف به نفسه جل  ذكره في كتابه فقال : ]   فَلَمَّا آسَفُونَا انتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْنَاهُمْ أَجْمَعِينَ      [ " سورة الزخرف: 55 " .

      وكما قال :  ]   قُلْ هَلْ أُنَبِّئكُم بِشَرٍّ مِّن ذَلِكَ مَثُوبَةً عِندَ اللّهِ مَن لَّعَنَهُ اللّهُ وَغَضِبَ عَلَيْهِ وَجَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَالْخَنَازِيرَ [   " سورة المائدة : 60 " .

      وقال بعضهم : غضب الله على من غضب عليه من عباده ، ذم منه لهم ولأفعالهم ، وشتم لهم منه بالقول .

      وقال بعضهم : الغضب منه معنى مفهوم كالذي يعرف من معاني الغضب ، غير أنه ـ وإن كان كذلك من جهة الإثبات ـ فمخالف معناه منه معنى ما يكون من غضب الآدميين الذين يزعجهم ويحركهم ويشق عليهم ويؤذيهم . لأن الله جل ثناؤه لا تحل ذاته الآفات ، ولكنه له صفة ، كما العلم له صفة ، والقدرة له صفة ، على ما يعقل من جهة الإثبات ، وإن خالفت معاني ذلك معاني علوم العباد ، التي معارف القلوب ، وقواهم التي توجد مع وجود الأفعال وتعدم مع عدمها .

القول في تأويل قوله : ]  وَلاَ الضَّالِّينَ   [   :

      قال أبو جعفر : كان بعض أهل البصرة يزعم أن : " لا " مع " الضالين " أدخلت تتميما للكلام ، والمعنى إلغاؤها ، ويستشهد على قيله ذلك ببيت العجاج :

ما كَانَ يَرْضَى رَسُولُ اللهِ فعلَهُمُ                وَالطيبَان أبو بَكْرِ وَلا عُمَرُ

      فجاز ذلك ، إذ كان قد تقدم الجحد في أول الكلام .

      قال أبو جعفر : وهذا القول الآخر أولى بالصواب من الأول ، إذ كان غير موجود في كلام العرب ابتداء الكلام من غير جحد تقدمه بـ " لا " التي معناها الحذف ، ولا جائز العطف بها على " سوى " ولا على حرف الاستثناء . وإنما لـ " غير " في كلام العرب معان ثلاثة ، أحدهما : الاستثناء ، والآخر : الجحد ، والثالث : سوى . فإذا ثبت خطأ أن تكون " لا " بمعنى الإلغاء مبتدأ ، وفسد أن يكون عطفا على " غير " التي مع " المغضوب عليهم " لو كانت بمعنى " إلا " التي هي استثناء ، ولم يجز أيضا أن يكون عطفا عليها لو كانت بمعنى " سوى " ، وكانت " لا " موجودة عطفا بالواو التي هي عاطفة لها على ما قبلها ـ صح وثبت أن لا وجه لـ " غير " التي مع " المغضوب عليهم " ، يجوز توجيهها إليه على صحة ، إلا بمعنى الجحد والنفى ، وأن لا وجه لقوله " ولا الضالين " إلا العطف على " غير المغضوب عليهم " .

      فتأويل الكلام إذا ـ إذ كان صحيحا ما قلنا بالذى عليه استشهدنا ـ اهدنا الصراط المستقيم ، صراط الذين أنعمت عليهم ، لا المغضوب عليهم ولا الضالين .

      فإن قال لنا قائل : ومن هؤلاء الضالون الذين أمرنا الله بالاستعاذة بالله أن يسلك بنا سبيلهم ونضل ضلالهم ؟

      قيل : هم الذين وصفهم الله في تنزيله فقال :  ]   قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لاَ تَغْلُواْ فِي دِينِكُمْ غَيْرَ الْحَقِّ وَلاَ تَتَّبِعُواْ أَهْوَاء قَوْمٍ قَدْ ضَلُّواْ مِن قَبْلُ وَأَضَلُّواْ كَثِيرًا وَضَلُّواْ عَن سَوَاء السَّبِيلِ   [  " سورة المائدة : 77 " .

      فإن قال : وما برهانك على أنهم أولاء ؟

      قيل :

    207 ـ حدثنا أحمد بن الوليد الرملى ، قال : حدثنا عبد الله بن جعفر ، قال : حدثنا سفيان بن عيينة ، عن إسماعيل بن أبى خالد ، عن الشعبى ، عن عدى بن حاتم ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ولا الضالين " ، قال : النصارى([11][81]) .

    208 ـ حدثنا محمد بن المثنى ، أنبأنا محمد بن جعفر ، أنبأنا شعبة ، عن سماك ، قال : سمعت عباد بن حبيش يحدث ، عن عدى بن حاتم ، قال : قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم   إن الضالين النصارى .

    209 ـ حدثنى على بن الحسن ، قال : حدثنا مسلم بن عبد الرحمن ، قال : حدثنا محمد بن مصعب ، عن حماد بن سلمة ، عن سماك بن حرب ، عن مرى بن قطرى ، عن عدى بن حاتم ، قال : سألت النبيصلى الله عليه وسلم عن قـول الله : ]  وَلاَ الضَّالِّينَ  [   ، قال : النصارى هم الضالون .

    210 ـ حدثنا حميد بن مسعدة السامى ، قال : حدثنا بشر بن المفضل ، قال : حدثنا الجريرى ، عن عبد الله بن شقيق أن رجلا أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو محاصر وادى القرى ، قال : قلت : من هؤلاء ؟ قال : هؤلاء الضالون ، النصارى .

   211 ـ حدثنا يعقوب بن إبراهيم ، قال : حدثنا ابن علية ، عن سعيد بن الجريرى، عن عروة ـ يعنى ابن عبد الله بن قيس ، عن عبد الله بن شقيق ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، بنحوه ([12][82]) .

   212 ـ حدثنا الحسن بن يحيى ، قال : حدثنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا معمر، عن بديل العقيلى ، قال : أخبرنى عبد الله بن شقيق : أنه أخبره من سمع النبي   صلى الله عليه وسلم ـ وهو بوادى القرى ، وهو على فرسه ، وسأله رجل من بنى القين ، فقال : يا رسول الله ، من هؤلاء ؟ ـ قال : هؤلاء الضالون ، يعنى النصارى .

   213ـ حدثنا القاسم ، قال حدثنا الحسين ، قال : حدثنا خالد الواسطى ، عن خالد الحذاء ، عن عبد الله بن شقيق : أن رجلا سأل النبي صلى الله عليه وسلم وهو محاصر وادى القرى ، وهو على فرس : من هؤلاء  ؟ قال : الضالون . يعنى النصارى.

   214 ـ حدثنا محمد بن حميد : قال : حدثنا مهران ، عن سفيان ، عن مجاهد : " ولا الضالين " قال : النصارى .

   215 ـ حدثنا أبو كريب قال : حدثنا عثمان بن سعيد ، عن بشر بن عُمارة قال: حدثنا أبو رَوْق ، عن الضحاك ، عن ابن عباس : " ولا الضالين " قال : وغير طريق النصارى الذين أضلهم الله بِفِرْيَتهمْ عليه . قال : يقول : فألهِمنا دينك الحق ، وهو لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، حتى لا تغضب علينا كما غضبت على اليهود ، ولا تضلنا كما أضللت النصارى ، فتعذبنا بما تعذبهم به . يقول : امنعنا من ذلك برفقك ورحمتك وقدرتك .

   216 ـ حدثنا القاسم ، قال : حدثنا الحسين ، قال : حدثنى حجاج ، عن ابن جريج ، قال : قال ابن عباس : الضالين ، النصارى .

   217 ـ حدثنى موسى بن هرون الهمذانى ، قال : حدثنا عمرو بن حماد ، قال: حدثنا أسباط بن نصر ، عن إسماعيل السدّىّ في خبر ذكره عن أبى مالك ، وعن أبى صالح ، عن ابن عباس ـ وعن مرة الهمذانى ، عن ابن مسعود ـ وعن ناس من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم : " ولا الضالين " ، هم النصارى .

   218 ـ حدثنى أحمد بن حازم الغفارى ، قال : أخبرنا عبيد الله بن موسى ، عن أبى جعفر ، عن ربيع : " ولا الضالين " ، النصارى .

   219 ـ حدثنى يونس بن عبد الأعلى ، قال : اخبرنا ابن وهب ، قال : قال عبد الرحمن بن زيد : " ولا الضالين " ، النصارى .

   220 ـ حدثنا يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : حدثنا عبد الرحمن بن زيد، عن أبيه ، قال : الضالين ، النصارى .

*****

      قال أبو جعفر : فكلّ حائد عن قصد السبيل ، وسالك غير المنهج . القويم ، فضالٌ عند العرب لإضلاله وجه الطريق . فلذلك سمى الله جل ذكره النصارى ضُلالاً . لخطئهم في الحق منهج السبيل . وأخذهم من الدين في غير الطريق المستقيم .

      فإن قال قائل : أو ليس ذلك أيضاً من صفة اليهود ؟

      قيل : بلى .

      فإن قال : كيف خصَّ النصارى بهذه الصفة ، وخصَّ اليهود بما وصفهم به من أنهم مغضوب عليهم ؟

     قيل : كلا الفريقين ضلاّل مغضوبٌ عليهم ، غيَر أن الله جل ثناؤه وسَم كل فريق منهم من صفته لعباده بما يعرفونه به ، إذا ذكرهُ لهم أو أخبرهم عنه . ولم يسم ِّواحداً من الفريقين إلا بما هو له صفةٌ على حقيقته ، وإن كان له من صفات الذم زيادات عليه .

      فيظن بعض أهل الغباء من القدرية أن في وصف الله جل ثناؤه النصارى بالضلال ، بقوله " ولا الضالين " ، وإضافته الضلال إليهم دون إضافة إضلالهم إلى نفسه ، وتركه وصفهم بأنهم المضللون ، كالذي وصف به اليهود أنهم المغضوب عليهم ـ دلالة على صحة ما قاله إخوانه من جهلة القدرية ، جهلاً منه لسعة كلام العرب وتصاريف وجوهه .

       ولو كان الأمر على ما ظنّه الغبي الذي وصفنا شأنه ، لوجب أن يكونَ شأنُ كل موصوفٍ بصفةٍ أو مضاف إليه فعل ، لا يجوز أن يكون فيه سبب لغيره ، وأن يكون كل ما كان فيه من ذلك لغيره سبب ، فالحق فيه أن يكون مضافاً إلى مسببه . ولو وجب ذلك ، لوجب أن يكون خطأ قول القائل : " تحركت الشجرة " ، إذْ حَّركتها الريح ؛ و" اضطربت الأرض " ، إذ حركتها الزلزلة ، وما أشبه ذلك من الكلام الذي يطول بإحصائه الكلام .

      وفى قول الله جل ثناؤه :   ]   حَتَّى إِذَا كُنتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِم    [      " سورة يونس : 22 " بإضافته الجرى إلى الفلك ، وإن كان جريها بإجراء غيرها إياها ـ ما دل على خطأ التأويل الذي تأوله من وصفنا قوله في قوله " ولا الضالين" ، وادعائه أن في نسبة الله جل ثناؤه الضلالة إلى من نسبها إليه من النصارى ، تصحيحاً لما ادعى المنكرون : أن يكون لله جل ثناؤه في أفعال خلقه سبب من أجله وجدت أفعالهم ، مع إبانة الله عز ذكره نصاً في أي كثيرة من تنزيله، أنه المضل الهادي ، فمن ذلك قوله جل ثناؤه :  ]   أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَن يَهْدِيهِ مِن بَعْدِ اللَّهِ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ      [ " سورة الجاثية : 23 " . فأنبأ جل ذكره أنه المضل الهادي دون غيره .

      ولكن القرآن نزل بلسان العرب على ما قدمنا البيان عنه في أول الكتاب ، ومن شأن العرب إضافة الفعل إلى من وجد منه ـ وإن كان مسببه غير الذي وجد منه ـ أحياناً ، وأحياناً إلى مسببه ، وإن كان الذي وجد منه الفعل غيره . فكيف بالفعل الذي يكتسبه العبد كسباً ، ويوجده الله جل ثناؤه عيناً منشأة ؟ بل ذلك أحرى أن يضاف إلى مكتسبه ؛ كسباً له ، بالقوة منه عليه ، والاختيار منه له ـ وإلى الله جل ثناؤه ، بإيجاد عينه وإنشائها تدبيراً .

 

  ([1][71]) ضعبف الإسناد .

  ([2][72]) أبوجعفر هو الرازى التميمى : ثقة ، تكلم فيه بعضهم .

  ([3][73])  هذا الخبر منقطع بين ابن جريج وابن عباس .

  ([4][74])  عبد الرحمن بن زيد : متأخر من أتباع التابعين ، وهو ضعيف جداً .

  ([5][75])  إسناده صحيح .

  ([6][76])  إسناده صحيح .

  ([7][77])  صحيح الإسناد .

  ([8][78])  هذا الإسناد مرسل ، وسيأتى مرسلاً أيضاً 197 ، 199 ، ولكنه سيأتى موصولاً 198 .

  ([9][79])  إسناد صحيح ، وسيأتى تفسير " الضالين" بهذه الأسانيد 210 ، 211 ، 212 ، 213. 

  ([10][80])  لم يخرجوه .

  ([11][81])  هذه الأحاديث والأخبار والآثار 207 ـ 220 ، في تفسير " الضالين " ، سبقت أوائلها في تفسير " المغضوب عليهم " ، مع تخريجها ، في الأرقام 193 ـ 206 ، مع شئ من التقديم والتأخير .

  ([12][82])  الحديث 211 ـ سبق هذا الإسناد 197 .

  • الاثنين AM 01:13
    2021-04-26
  • 954
Powered by: GateGold