ادْعُ إِلَىٰ سَبِيلِ رَبِّكَ
شٌبهات وردود
المكتبة المرئية
خَــيْـرُ جَــلـيـسٌ
المتواجدون الآن
حرس الحدود
مجتمع المبدعين
البحث
عرض المادة
تفسير الطبري
ذكرنا آنفا بعض ما جاء في ترجمة أبى جعفر عن تفسيره القيم .
ومما جاء عن هذا الكتاب أيضاً أن ابن جرير قال لأصحابه : هل تنشطون لتاريخ العالم من آدم إلى وقتنا ؟ قالوا : كم قدره ؟ فذكر نحو ثلاثين ألف ورقة ، فقالوا : هذا مما تفنى الأعمار قبل تمامه ! فقال : إنا لله ! ماتت الهمم . فاختصر ذلك في نحو ثلاثة آلاف ورقة .
ولما أراد أن يملى التفسير قال لهم نحواً من ذلك ، ثم أملاه على نحو من قدر التاريخ .
وقال الحاكم : سمعت أبا بكر بن بالويه يقول : قال لي أبو بكر بن خزيمة : بلغنى أنك كتبت التفسير عن محمد بن جرير ؟ قلت : بلى ، كتبته عنه إملاء . قال: كله ؟ قلت : نعم . قال : أي سنة ؟ قلت : من سنة ثلاث وثمانين إلى سنة تسعين ومئتين . قال : فاستعاره منى أبو بكر ، ثم رده بعد سنين ، ثم قال : لقد نظرت فيه من أوله إلى آخره ، وما أعلم على أديم الأرض أعلم من محمد بن جرير .
وقال أبو محمد الفرغانى : لو ادعى عالم أن يصنف من كتاب التفسير لابن جرير عشرة كتب ، كل كتاب منها يحتوى على علم مفرد مستقصى لفعل .
وقال أبو حامد الإسفرايينى : لو سافر رجل إلى الصين حتى يحصل تفسير محمد بن جرير لم يكن كثيراً .
وقال السيوطي في الإتقان " 2 / 190 " : " . . . وبعدهم ابن جرير الطبري، وكتابه أجل التفاسير وأعظمها ، ثم ابن أبى حاتم ، وابن ماجه ، والحاكم ، وابن مردويه ، وأبو الشيخ ابن حبان ، وابن المنذر ، في آخرين ، وكلها مسندة إلى الصحابة والتابعين وأتباعهم ، وليس فيها غير ذلك ، إلا ابن جرير ؛ فإنه يتعرض لتوجيه الأقوال ، وترجيح بعضها على بعض ،والإعراب ، والاستنباط ، فهو يفوقها بذلك " .
هذه بعض الأقوال التي تبين قيمة هذا الكتاب ، ولكنها لا تغنى عن النظر في الكتاب نفسه لنبين منهجه وقيمته العلمية ، فلننظر فيه .
ذكر الطبري في مقدمة التفسير " ص 6 " ما يلى :
" ونحن ـ في شرح تأويله ، وبيان ما فيه من معانيه ـ منشئون إن شاء الله ذلك ، كتاباً مستوعباً لكل ما بالناس إليه الحاجة من علمه ، جامعاً ، ومن سائر الكتب غيره في ذلك كافياً ، ومخبرون في كل ذلك بما انتهى إلينا من اتفاق الحجة فيما اتفقت عليه منه ، واختلافها فيما اختلفت فيه منه . ومبينو علل كل مذهب من مذاهبهم ، وموضحو الصحيح لدينا من ذلك ، بأوجز ما أمكن من الإيجاز في ذلك ، وأختصر ما أمكن من الاختصار فيه " .
وفى المقدمة أيضا " ص 73 " نجد " القول في الوجوه التي من قبلها يوصل إلى معرفة تأويل القرآن " ، ويذكر تحت هذا العنوان ما يبين أن مما أنزل الله تعالى من القرآن ما لا يوصل إلى علم تأويله إلا ببيان الرسول صلى الله عليه وسلم ، وأن منه ما لا يعلم تأويله إلا الله الواحد القهار ، وأن منه مايعلم تأويله كل ذى علم باللسان الذي نزل به القرآن .
ثم يذكر أبو جعفر بعد هذا بعض الأخبار التي رويت بالنهى عن القول في تأويل القرآن بالرأى ، ويعقب عليها " ص 77 : 79 " وبعده نجد " ذكر الأخبار التي رويت في الحض على العلم بتفسير القرآن ومن كان يفسره من الصحابة " " ص 80 " .
ثم نجد " ذكر الأخبار عن بعض السلف ، فيمن كان من قدماء المفسرين محموداً علمه بالتفسير ، ومن كان منهم مذموماً علمه به " " ص 90 " وبعد الأخبار نجد ما يأتى :
قال أبو جعفر : قد قلنا فيما مضى من كتابنا هذا في وجوه تأويل القرآن ، وأن تأويل جميع القرآن على أوجه ثلاثة :
أحدها لا سبيل إلى الوصول إليه ، وهو الذي استأثر الله بعلمه ، وحجب علمه عن جميع خلقه ، وهو أوقاتُ ما كان من آجال الأمور الحادثة ، التي أخبر الله في كتابه أنها كائنة ، مثل : وقت قيام الساعة ، ووقت نزول عيسى ابن مريم ، ووقت طلوع الشمس من مغربها ، والنفخ في الصور ، وما أشبه ذلك .
والوجه الثاني : ما خص الله بعلم تأويله نبيه صلى الله عليه وسلم دون سائر أمته ، وهو ما فيه مما بعباده إلى علم تأويله الحاجة ، فلا سبيل لهم إلى علم ذلك إلا ببيان الرسول صلى الله عليه وسلم لهم تأويله .
والثالث منها : ما كان علمهُ عند أهل اللسان الذي نزل به القرآن ، وذلك علم تأويل عربيته وإعرابه ، لا يُوصل إلى علم ذلك إلا من قبلهم .
فإذا كان ذلك كذلك ، فأحق المفسرين بإصابة الحق ـ في تأويل القرآن الذي إلى علم تأويله للعباد السبيلُ ـ أوضحهم حجة فيما تأول وفسر ، مما كان تأويله إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم دون سائر أمته من أخبار رسول الله صلى الله عليه وسلم الثابته عنه : إما من جهة النقل المستفيض ، فيما وُجد فيه من ذلك عنه النقل المستفيض ، وإما من جهة نقل العدول الأثبات ، فيما لم يكن فيه عنه النقل المستفيض ، أو من جهة الدلالة المنصوبه على صحته ؛ وأصحهم برهاناً ـ فيما ترجم وبين من ذلك ـ ممّا كان مُدركاً علمُه من جهة اللسان : إما بالشواهد من أشعارهم السائرة ، وإما من منطقهم ولغاتهم المستفيضة المعروفة ، كائناً من كان ذلك المتأول والمفسر ، بعد أن لا يكون خارجاً تأويله وتفسيره ما تأول وفسر من ذلك ، عن أقوال السلف من الصحابة والأئمة ، والخلف من التابعين وعلماء الأمة " . " ص 92 : 93 " .
-
الاثنين AM 01:11
2021-04-26 - 820