المتواجدون الآن

انت الزائر رقم : 415298
يتصفح الموقع حاليا : 200

البحث

البحث

عرض المادة

تفسير مجاهد

تفسير مجاهد :

      من دراسة التفسير نلاحظ ما يأتى :

      أولا : التفسير ، وإن تناول السور الكريمة كلها تقريبا ([1][51]) غير أنه لم يفسر إلا بعض الآيات فقط وهى ليست كثيرة وإن كانت أكثر مما جاء عن الصحابة رضي الله عنهم ، وهذه نتيجة متوقعة ، فكلما بعد الناس عن عصر التنزيل كلما احتاجوا إلى المزيد من التفسير والبيان .

      ثانيا : معظم ما في التفسير بيان لمعانى كلمات ، وهذا يعنى أن التابعين كما كانوا لا يفسرون الآيات التي يظنونها واضحة المعنى ، كانوا كذلك يتناولون الآيات التي يرون الحاجة إلى تفسيرها ، ويكتفون ببيان معاني الكلمات التي يتوقف عليها فهم المعنى .

      على أنا نجد أن بعض الكلمات القرآنية المفسرة أوضح معنى بالنسبة لنا من كلمات التفسير . مثال هذا ما جاء في تفسيره لسورة الذاريات :

      عن مجاهد قال : " المحروم " : المحارف .

      وعنه : " فجاء بعجل " يقول : حسيل .

      ولعل هذا يرجع إلى أن بعض الكلمات تشيع في عصر دون عصر ،        ككلمتى : المحارف وحسيل ، شاعتا في عصره وكادتا لا تظهران في عصرنا .

      ثالثا : في تفسير بعض الآيات الكريمة وتوضيح معناها نرى الحديث عن أسباب النزول ، مثال هذا ما جاء في تفسير سورة الرعد :

   عن مجاهد : قال كفار قريش ، يا محمد ، سير لنا جبالنا فتتسع لنا أرضنا فإنها ضيقة ، أو قرب لنا الشام فإنا نتجر إليها ، أو أخرج لنا آباءنا من القبور نكلمهم ، فأنزل الله عزوجل ]   وَلَوْ أَنَّ قُرْآنًا سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبَالُ أَوْ قُطِّعَتْ بِهِ الأَرْضُ[ إلى آخر الآية .

      وعن مجاهد في قوله تعالى :  ]   يَمْحُو اللّهُ مَا يَشَاء وَيُثْبِتُ    [  قال : قالت قريش حين أنزل  ]  وَمَا كَانَ لِرَسُولٍ أَن يَأْتِيَ بِآيَةٍ إِلاَّ بِإِذْنِ اللّهِ     [  ما نراك يا محمد تملك من شئ ، ولقد فرغ من الأمر ، فنزلت :  ]   يَمْحُو اللّهُ مَا يَشَاء وَيُثْبِتُ    [  تخويفاً ووعيداً لهم ، أي إن شئنا أحدثنا له من أمرنا ما شئنا ، ويحدث في كل شهر رمضان فيمحو ما يشاء ، ويثبت ما يشاء : أرزاق الناس ، ومصائبهم ، وما يقسم لهم .

      رابعا : وفى التفسير نرى أحياناً الإشارة الى النسخ : ففى سورة النساء      مثلاً :

      عن مجاهد في قوله : " فئاذوهما " يعنى سبَّاً ، ثم نسختها ]الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا مِئَةَ جَلْدَةٍ     [   " 2 : النور " .

      خامسا : في بعض الحالات نرى خلافاً بين مجاهد وأستاذه ابن عباس ، أو بين مجاهد وغيره من التابعين .

      سادسا : يتعرض التفسير أحيانا لبعض الأحكام الفقهية ، مثال هذا ما جاء في سورة النساء من الحديث عن صلاة الخوف وهو ما يلى : عن مجاهد في قوله تعالى :  ]  فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَقْصُرُواْ مِنَ الصَّلاَةِ     [  وذلك يوم كان النبي صلى الله عليه وسلم بعسفان ، والعدو بضحنان ، فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بأصحابه الظهر أربع ركعات ، ركوعهم وسجودهم وقيامهم وقعودهم جميعاً ، فهم بهم المشركون أن يغيروا على أمتعتهم وأثقالهم إذا قاموا للعصر ، فأنزل الله عزوجل :  ]   وَإِذَا كُنتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلاَةَ فَلْتَقُمْ طَآئِفَةٌ مِّنْهُم مَّعَكَ     [  إلى آخر الآية . فصف رسول الله صلى الله عليه وسلم أصحابه خلفه صفين ، ثم كبر بهم وكبروا جميعاً ، ثم سجد الأولون بسجود النبي صلى الله عليه وسلم ، والآخرون قيام ، ثم سجد الآخرون ، ثم كبر بهم وكبروا جميعاً ،  فتقدم الصف الآخر واستأخر الصف الأول ، فتعاقبوا السجود كما فعلوا أول مرة ، وقصرت صلاة العصر ركعتين .

      سابعا : بدت الإسرائيليات واضحة في هذا التفسير ! وأكثرها يتصل بنبيين هما : موسى وسليمان ـ عليهما السلام .

      هذا ما بدا لي عندما قرأت تفسير مجاهد ، ثم أتحفنى زميلى المفضال الدكتور محمد عبد السلام برسالته للدكتوراه " تفسير مجاهد بن جبر " وفى هذه الرسالة جعل الباب الثاني لبيان منهج مجاهد في التفسير .

      أشار في بداية الباب أن المفسرين من الصحابة ـ رضي الله عنهم ـ لم يفسروا القرآن الكريم كله ، وإنما تناولوا قدراً يسيراً من آياته ، وأنهم كانوا يقتصرون على توضيح المعنى اللغوى بأوجز لفظ ، مع ندرة ما يستنبط من الأحكام الفقهية ، وذكر لسبب النزول ، وأخذ عن أهل الكتاب في حدود ما سمح به.

  ثم قال :

      وهذا كان منهج ابن عباس كبير مفسرى الصحابة رضوان الله عليهم   أجمعين، فإذا نحن تتبعنا تفسير تلميذه مجاهد ، وجدناه ينهج هذا النهج ، ويزيد عليه بما  يلى:

      1 ـ زيادة القدر المفسر من الأحكام .

      2 ـ كثرة ما استنبط من الأحكام .

      3 ـ بذر نواة المذاهب الفقهية والكلامية ، ولذا وجدنا الشافعى يعتمد على مجاهد في فقهه ، والمعتزلة أيضاً يعتمدون عليه فيما ذهبوا إليه من القول بعدم رؤية الله عز وجل .

      4 ـ التوسع في الاتصال بأهل الكتاب وسؤالهم .

      قال : والمدقق في تفسير مجاهد يجده قد أفاد كثيراً من أستاذه ابن عباس ، واقتفى أثره ووافقه في تفسير العديد من الآيات ، كما أنه كان يخالفه أحياناً ، وأبرز تلك المخالفة قول مجاهد بالرأى في بعض الآيات فمنهج مجاهد هو :

      توضيح المعنى اللغوى بأوجز عبارة ، مع ذكر سبب النزول ،  واستنباط الأحكام ، والأخذ عن أهل الكتاب ، والقول بالرأى في حدود ما سمح به . ا . هـ.

      وإن كان لتفسير التابعين منزلته غير أنه ليس بحجة إلا عند إجماعهم ، فإذا اختلفوا فليس قول بعضهم حجة على بعض ، ولا على من جاء بعدهم .

      والشيعة الاثنا عشرية يجعلون العصمة لاثنين من التابعين ، هما : على بن الحسين زين العابدين ، المتوفى سنة 95 ، وابنه محمد : أبو جعفر الباقر ، المتوفى سنة 114 ، أما غير أئمتهم فلا وزن لتفسيرهم عند الشيعة . 

 

  ([1][51])  قال الدكتور محمد عبد السلام في وصف المخطوطة :

      ليست كلها عن مجاهد وإنما بها قدر غير يسير عن غيره ، بل هناك سور بتمامها لم يذكر شئ عن مجاهد في تفسيرها ، وهى : المعارج ، نوح ، المدثر ، القيامة ، الدهر ، التكاثر ، القارعة . ولم يأت بالمخطوطة تفسير للفاتحة ، ولا لسورة " الكافرون " .

  • الاثنين AM 12:45
    2021-04-26
  • 951
Powered by: GateGold