المتواجدون الآن

انت الزائر رقم : 413875
يتصفح الموقع حاليا : 272

البحث

البحث

عرض المادة

خلــــــود الـــــــروح

خلــــــود الـــــــروح

Immortality of the Soul

لا يوجد في يهودية ما قبل التهجير، ولا في معظم العهد القديم، إيمان واضح بخلود الروح. ولعل هذا يعود إلى النزعة الحلولية التي تمحو كل الثنائيات وترى أن الروح إن هي إلا جزء من الجسد تفنى بفنائه، وأن الموت إن هو إلا نقصان فيما يُسمَّى «المادة الحيوية». ولذا، فقد أخذت الحياة الآخرة عندهم شكل شيول، وهو مكان محايد لا يعرف الثواب أو العقاب. ولم يُقدَّر لمفهوم خلود الروح أن يتبلور، بسبب تخبط الفكر الديني اليهودي بين الفكر الديني التوحيدي المصري وفكر بلاد الرافدين الحلولي، فقد أخذ بخلود الروح عن المصريين من ناحية وعن بلاد الرافدين من ناحية أخرى. وفي عبادة يسرائيل، أي في يهودية ما قبل التهجير، نجد أن ما يضفي معنى على الأشياء ليس حياة الفرد، وإنما تاريخ الأمة. ولذا، فإن الكتاب المقدَّس هو تاريخ الأمة، ويصبح هذا التاريخ محط اهتمام الإله واهتمام الشعب، ويصبح الخلود هو خلود الشعب. وقد طرح بعض الأنبياء فكرة خلود روح الفرد، وإن كان بشكل متردِّد وغير قاطع. ولا نعرف على وجه الدقة متى بدأت الفكرة تضرب بجذور راسخة في العقيدة اليهودية، ولكن يمكن القول بأن الفكرة بدأت تأخذ شكلاً محدداً في القرنين الثاني والأول قبل الميلاد وبدأ الفريسيون يبشرون بها. واليهودية الهيلينية تفترض هي الأخرى فكرة خلود الروح، وأصبحت فكرة البعث التي تفترض خلود الروح إحدى العقائد الأساسية لليهودية.

 

ومع تزايد هيمنة الحلولية على النسق الديني اليهودي، نجد أن خلـود الروح يأخــذ عند القبَّاليين شكلاً آخر هو إيمانهم بتناسخ الأرواح. وهو مفهوم يفترض خلود الروح ولكنه لا يحررها تماماً من الزمان. وقد يكون مما ساعد على عدم تبلور فكرة موحَّدة ومحدَّدة عن البعث، تَخبُّط الفكر الأخروي اليهودي بين الأفكار المتناقضة عن العصر المشيحاني والآخرة أو العالم الآخر (الآتي)، وكذلك العقائد الألفية قبل وبعد العصر المشيحاني. ويظهر هذا التخبط في فكر موسى بن ميمون نفسه الذي أنكر أن كل الناس ستُبعَث.

 

وفي العصر الحديث، أُعيد طرح القضية مرة أخرى، وبُعثَت من جديد بعض الأفكار الحلولية القديمة. فرفض المفكر الديني موريتس لازاروس فكرة خلود روح الفرد وفكرة الآخرة. أما هرمان كوهن، فيرى أن خلود الروح في اليهودية ينطبق على الشعب ككل، لا على أفراده، فالشعب هو وحده الذي لا يموت (فتاريخه أزلي)، والروح الفردية تكتسب استمرارها من خلال هذا التاريخ، وهذا هو ما ورد في العهد القديم، أما ما عدا ذلك فأساطير، ولذا يجب ألا يجرى التفكير في مصير الإنسان بعد الموت. أما المفكر الصهيوني آحاد هعام، فيرى أن الإيمان بخلود الروح علامة من علامات الضعف ومرض الروح، ولذا فهو يسخر من الآخرة ومن الإيمان بها، ويرى أن الالتصاق العضوي بالأمة يحقق مثل هذا الخلود، وبذا تحل فكرة الشعب العضوي (فولك) محل فكرة خلود الروح والبعث واليوم الآخر.

  • الاحد PM 09:56
    2021-04-25
  • 856
Powered by: GateGold