المتواجدون الآن

انت الزائر رقم : 415577
يتصفح الموقع حاليا : 334

البحث

البحث

عرض المادة

أيام الأعياد الكبرى

أيام الأعياد الكبرى

High Holidays

عيدا رأس السنة (1 ـ 2 تشري) ويوم الغفران (10 تشري) يُعَدَّان من أهم الأعياد اليهودية، وفي عيد رأس السنة تتم محاسبة جميع البـشر ويصدر الحـكم في يوم الغفران. وتُسمَّى الأيام من 1 ـ 10 تشري «ياميم نورائيم»، أي «أيام التكفير أو الندم» (حرفياً: أيام الرهبة). وقد وردت العبارة لأوَّل مرة في كتاب في القرن الرابع عشر، وهي تشير إما إلى الأيام التي أشرنا إليها أو إلى الفترة من 1 إيلول حتى يوم الغفران.

 

عيد رأس السنة اليهودية (روش هشاناه)

Rosh Hashanah

«عيد رأس السنة اليهودية» هو عيد «روش هشَّاناه» بالعبرية، أي «رأس السنة». وهو عيد يُحتفَل به لمدة يومين في أوَّل تشري (سبتمبر/أكتوبر). وقد ورد في المشناه أربعة أيام أخرى باعتبارها «رأس السنة»:

 

1 ـ أوَّل نيسان: أول العام وهو لتحديد حكم الملوك العبرانيين، ولتحديد الأعياد (التقويم الديني). ولذا، فإن اعتلى ملك العرش في شهر آدار،وهو آخر شهور التقويم الديني، فإن الشهر الذي يليه يشكل العام الثاني من حكمه.وعيد الفصح حسب هذا التقويم أوَّل أعياد السنة،وليس عيد رأس السنة. ويذكر التلمود أن أوَّل نيسان هو أيضاً رأس السنة لشراء القرابين بالشيقل التي يتم جمعها في آدار.

 

2 ـ أوَّل إيلول: هو أوَّل العام لدفع عشور الحيوانات، إذ كانت تُدفَع العشور عن الماشية التي تُولَد بين أوَّل إيلول وآخر آف.

 

3 ـ أوَّل تشري: أوَّل العام المدني، وتتضمن أيضاً حساب حكم الملوك الأجانب، ولحساب السنة السبتية، وعام اليوبيل. ويُحرَّم الزرع والحصاد منذ أوَّل هذا الشهر. كما يُعَدُّ تشري رأس السنة من الناحية الدينية. ويرى بعض الحاخامات أن أوَّل تشري هو رأس السنة بالنسبة إلى دفع عشور الحيوانات أيضاً، وبالتالي فلا يوجد سوى ثلاثة رؤوس للسنة حسب هذا الرأي.

 

4 ـ أوَّل شفاط (أو منتصف شفاط): رأس السنة للأشجار باعتبار أنه في ذلك اليوم تسـقط أكـبر كمية من الأمطار حسبما ورد في التلمود.

 

ومع ذلك، فإن اليهود لا يحتفلون إلا برأس السنة التي تقع أول تشري، وهي وحدها التي يُشار إليها باسم «روش هشَّاناه».

 

وحينما يعد يهودي شهور السنة، فإنه لا يبدأ بتشري الذي يُحتفَل فيه برأس السنة، وإنما يبدأ بنيسان (أوَّل شهور التقويم الديني)، وربما كان هذا يعود إلى أن نيسان قد ورد ذكره في التوراة على أنه رأس الشهور. وهو كذلك الشهر الذي يُحتفَل فيه بالخروج، أهم أحداث التاريخ المقدَّس عند اليهود، وهو التاريخ الذي تم فيه خلق العالم (والحاخامات لا يتفقون جميعاً مع هذا الرأي). وهكذا تقع رأس السنة في سابع شهورها. ويشير العهد القديم إلى هذا اليوم باعتباره أوَّل يوم في سابع شهر (لاويين 23/24). ويعود هذا التناقض إلى أن الحضارة العبرانية كانت تدور في فلك الحضارة البابلية المتفوقة التي صبغت الشرق الأدنى القديم بصبغتها. وكان شهر تشري رأس السنة بالنسبة إلى البابليين («تشرينو» تعني «البداية» في اللغة البابلية) الذين كانوا يعتقدون أن كل آلهتهم تجتمع في ذلك اليوم في معبد مردوك (كبير الآلهة) لتجديد العالم، وللحكم على الأفراد والشعوب. وقد تبع العبرانيون البابليين في ذلك، وكان هذا اليوم، أي «روش هشَّاناه»، يُسمَّى «يوم هازيخارون» (يوم التذكر والذكرى) أو يوم «هدين» (يوم الحساب). وهو لم يُسمَّ باسمه هذا إلا في المشناه، أي في مرحلة لاحقة (وفي هذه يتبدَّى ما نسميه تركيب اليهودية الجيولوجي التراكمي).

 

وليس لعيد رأس السنة ذكرى تاريخية معيَّنة، كما أنه لا يُعتبَر أهم من الأعياد اليهودية الأخرى. ومع هذا، فقد اكتسب هذا العيد دلالة دينية وقدسية خاصة. فلقد جاء في المشناه أنه اليوم الذي بدأ فيه الإله خلق العالم (ولكن، حسب رواية أخرى، بدأ خلق العالم في نيسان)، وهو اليوم الذي تمر فيه المخلوقات كقطيع الغنم أمام الإله. ومن ثم، فعلى اليهودي أن يحاسب نفسه في هذا اليوم عما ارتكبه من ذنوب (وفي هذه الشعائر أصداء بابلية). وعيد رأس السنة أوَّل أيام التكفير التي يبلغ عددها عشرة، والتي تنتهي بأقدس يوم لدى اليهود على الإطلاق، وهو يوم الغفران (يوم كيبور). ويُحيِّي اليهود بعضهم بعضاً في عيد رأس السنة اليهودية بقولهم: « فليُكتب اسمك هذا العام في سجل الحياة السعيدة ». ومن أهم طقوس ذلك اليوم النفخ في النفير (شوفار)، حيث ينفخون فيه بثلاثة أصوات مختلفة لكل صوت منها دلالته الخاصة. وهم في هذا اليوم أيضاً، يرتدون الثياب البيضاء أثناء الصلاة.

 

ويرتبط كثير من التقاليد اليهودية بهذا العيد، فمثلاً تُجهز أطباق من الطعام ذات دلالة معيَّنة، كالخبز والتفاح المغموس في العسل، والذي يؤكل مع تلاوة صلوات تعبِّر عن الأمل في سنة حلوة قادمة، أو يُقدَّم رأس حيوان حتى يكون المرء هو الرأس دائماً ولا يكون الذنب أبداً. أما في اليوم التالي من العيد، فلابد له أن يذوق فاكهة جديدة لم يسبق له أن أكلها طوال الموسم الماضي. وهناك تقليد يُتَّبع أيضاً في هذا العيد، إذ يذهب اليهود عصر ذلك اليوم إلى الأنهار، أو أي مكان فيه مياه جارية، ليتلوا الصلوات ويُلقوا خطايا العام المنصرم إلى المياه لتحملها بعيداً، وبذلك يبدأون العام الجديد بلا ذنوب. ويُقال أيضاً في تفسير هذا التقليد إن أسماك الأنهار وعيونها المفتوحة دائماً تُذكِّر الناس بعين الإله الساهرة التي لا تغفل عن مراقبة مخلوقاته (هذه عادة شائعة بصفة خاصة بين الجماعات الإشكنازية، وهي ترجع إلى القرن الرابع عشر وتُسمَّى «تشليخ»). ومن الجدير بالذكر أن رأس السنة اليهودية هو العيد الوحيد الذي يُحتفَل به في إسرائيل لمدة يومين على التوالي. وقد بدأت حركات تحرير المرأة بين اليهود في القيام باحتفال «تشليخ» مقصور على النساء اليهوديات وحدهن دون الرجال.

 

تشــليخ

Tashlikh

انظر: «عيد رأس السنة اليهودية (روش هشاناه)».

 

عيــد المظــــال (ســـوكـوت)

Feast of Tabernacles; Succot

«عيد المظال» ترجمة لكلمة «سوكوت

العبرية وتعني «المظال». وكلمة «المظال» العربية هي صيغة الجمع لكلمة «مظلة». وعيد المظال ثالث أعياد الحج عند اليهود، إلى جانب عيد الفصح وعيد الأسابيع. وقد سُمِّي هذا العيد على مدى التاريخ بعدة أسماء من بينها «عيد السلام» و«عيد البهجة». وهو يبدأ في الخامس عشر من شـهر تشـري (أكـتوبر)، ومدته سـبعة أيام ، بعد عـيد يوم الغفران. والمناسبة التاريخية لهذا العيد هي إحياء ذكرى خيمة السعف التي آوت العبرانيين في العراء أثناء الخروج من مصر (لاويين 23/43). وكان هذا العيد في الأصل عيداً زراعياً للحصاد، فكان يُحتفَل فيه بتخزين المحاصيل الزراعية الغذائية للسنة كلها، ولذا فإنه يُسمَّى بالعبرية «حج ها آسيف»، أي «عيد الحصاد».

 

وقد جاء في سفر اللاويين إشارة إلى هذا العيد: « وتأخذون لأنفسكم في اليوم الأوَّل ثمر أشجار بهجة وسعف النخل وأغصان أشجار غبياء وصفصاف الوادي » (23/40). وقد أجمع الحاخامات على أن أشجار «بهجة» هذه هي نبات حمضي يُسمَّى «الأُتْرُج»، وهو نوع من الموالح يشبه الليمون. ويتم الاحتفال بأن يأخذ اليهود النباتات الأربعة المشار إليها، فيمسكوا بالأغصان بيمناهم بعد ربطها بطريقة خاصة ويلوحوا في كل اتجاه (شرقاً وغرباً، وإلى الجنوب والشمال، وإلى أعلى وأسفل) رمزاً إلى أن الإله هو رب الطبيعة. ويؤخذ أحد الأسفار من تابوت لفائف الشريعة ويوضع على المنصة الذي يتلو فيه القارئ (بيماه) فيدور المصلون حوله مرة إلا في اليوم الأخير حيث تؤخذ كل الأسفار ويدورون حولها سبع مرات. وبعد ذلك، يقيمون في أكواخ مصنوعة من أغصان الشجر في الخلاء تُدعى «سوكاه». ولابد أن يصنع اليهودي هذه الأكواخ بنفسه، أو على الأقل يشارك في صنعها. ويُكتفَى الآن في الدول الغربية الباردة بعمل مظلة صغيرة من السعف، تُنصَب في إحدى الشرفات بالسكن، ويتناولون فيها وجبات الطعام. وقد يُكتفى ببـناء سـوكاه بجوار المعبد اليهودي حيث يتناول فيها اليهود وجبة رمزية، على أن يقضوا ليلتهم في بيوتهم.

 

وقد لاحَظ بلوتارك الشبه بين طقوس السوكاه وعبادات ديونيزيوس الإغريقية. ولعل هذا يعود إلى أن السوكاه تُغطَّى بأوراق الكرم، وتُعلَّق عليها عناقيد العنب، وكان اليهود يشربون داخلها الخمر ويغنون ويرقصون. كما أن الإطار الحلولي الذي تُعبِّر عنه الأعياد يُفسِّر هذا الجانب في عيد المظال كما يُفسِّر كونه عيد طبيعة وعيد تاريخ.

 

واليوم الأوَّل من أيام العيد (الأوَّل والثاني عند أعضاء الجماعات اليهودية خارج فلسطين) يُعتبر يوماً مقدَّساً يُحرَّم فيه العمل. أما اليوم الثامن (التاسع خارج فلسطين)، فهو عيد الثامن الختامي (شميني عتسيريت) لأنه يختم الأعياد الكثيرة الواقعة في شهر تشري، ويتبعه عيد بهجة التوراة (سمحت توراه). ولكنهما يُدمجان في إسرائيل (ويُعطّل العمل في كلا اليومين).

 

السوكاه

Sukah

أكواخ من أغصان الشجر يقيمها اليهود في الخلاء في عيد المظال (سوكوت).

 

عيـد يــوم الغفــران (يـوم كـيبور)

Day of Atonement; Yom Kippur

«يوم الغفران» ترجمة للاسم العبري «يوم كيبور». وكلمة «كيبور» من أصل بابلي ومعناها «يطهر». والترجمة الحرفية للعبارة العبرية هي «يوم الكفارة». ويوم الغفران هو في الواقع يوم صوم، ولكنه مع هذا أضيف على أنه عيد، فهو أهم الأيام المقدَّسة عند اليهود على الإطلاق ويقع في العاشر من تشري (فهو، إذن، اليوم الأخير من أيام التكفير أو التوبة العشرة التي تبدأ بعيد رأس السنة وتنتهي بيوم الغفران). ولأنه يُعتبَر أقدس أيام السنة، فإنه لذلك يُطلَق عليه «سبت الأسبات»، وهو اليوم الذي يُطهِّر فيه اليهودي نفسه من كل ذنب. وبحسب التراث الحاخامي، فإن يوم الغفران هو اليوم الذي نزل فيه موسى من سيناء، للمرة الثانية، ومعه لوحا الشريعة، حيث أعلن أن الرب غفر لهم خطيئتهم في عبادة العجل الذهبي. وعيد يوم الغفران هو العيد الذي يطلب فيه الشعب ككل الغفران من الإله. ولذا، فإن الكاهن الأعظم كان يقدم في الماضي كبشين (قرباناً للإله نيابة عن كل جماعة يسرائيل) وهو يرتدي رداءً أبيض (علامة الفرح) وليس رداءه الذهبي المعتاد. وكان الكاهن يذبح الكبش الأوَّل في مذبح الهيكل ثم ينثر دمه على قدس الأقداس. أما الكبش الثاني، فكان يُلقَى من صخرة عالية في البرية لتهدئة عزازئيل (الروح الشريرة)، وليحمل ذنوب جماعة يسرائيل (وكما هو واضح، فإنه من بقايا العبادة اليسرائيلية الحلولية ويحمل آثاراً ثنوية، ذلك أن عزازئيل هو الشر الذي يعادل قوة الخير). ولا يزال بعض اليهود الأرثوذكس يضحون بديوك بعدد أفراد الأسرة بعد أن يُقرَأ عليها بعض التعاويذ. وهناك طقس يُسمَّى «كابَّاروت» يقضي بأن يمسك أحد أفراد الأسرة بدجاجة ويمررها على رؤوس البقية حتى تعلق ذنوبهم بالدجاجة. وفي هذا العيد، كان الكاهن الأعظم يذهب إلى قدس الأقداس ويتفوه باسم الإله «يهوه» الذي يُحرَّم نطقه إلا في هذه المناسبة. ولا تزال لطقـوس الهيكل أصداؤها في طقـوس المعـبد اليهـودي في الوقت الحاضر، إذ يُلف تابوت لفائف الشريعة بالأبيض في ذلك اليوم على عكس التاسع من آف حيث يُلف بالأسود.

 

ويبدأ الاحتفال بهذا اليوم قبيل غروب شمس اليوم التاسع من تشري، ويستمر إلى ما بعد غروب اليوم التالي، أي نحو خمس وعشرين ساعة، يصوم اليهود خلالها ليلاً ونهاراً عن تناول الطعام والشراب والجماع الجنسي وارتداء أحذية جلدية، كما تنطبق تحريمات السبت أيضاً في ذلك اليوم، وفيه لا يقومون بأي عمل آخر سوى التعبد. والصلوات التي تُقام في هذا العيد هي أكثر الصلوات اليومية لليهود وتصل إلى خمس، وهي الصلوات الثلاث اليومية مضافاً إلىها الصلاة الإضافية (مُوساف) وصلاة الختام (نعيَّلاه)، وتتم القراءة فيها كلها وقوفاً. وتبدأ الشعائر في المعبد مساءً بتلاوة دعاء كل النذور ويختتم الاحتفال في اليوم التالي بصلاة النعيلاه التي تعلن أن السماوات قد أغلقت أبوابها. ويهلل الجميع قائلين: «العام القادم في القدس المبنية»، ثم يُنفخ في البوق (الشوفار) بعد ذلك.

 

ويُطلَق على حرب أكتوبر حرب يوم الغفران لأن عبور القوات العربية تم في ذلك اليوم من عام 5733 حسب التقويم اليهودي.

 

ويحتفل معظم أعضاء الجماعات اليهودية بهذا العيد، ومن بينهم اليهود العلمانيون، ولكن احتفالهم به يأخذ شكلاً علمانياً، فهم لا يمارسون أية شعائر مثل الصوم أو الامتناع عن الجماع الجنسي (الأمر الذي يتطلب كبحاً للذات)، وإنما يقيمون يوماً احتفالياً فيحصلون على إجازة ويذهبون إلى المعبد حيث تقوم الجماعة بممارسات تؤكد الهوية الإثنية الآخذة في التآكل. وعلى ذلك، فإن الاحتفال بالعيد تعبير عن رغبة عارمة لدى عدد كبير من أعضاء الجماعة في الحفاظ على هويتهم وتعبير أيضاً عن إدراكهم أنها هوية تتجه إلى الاختفاء.

 

وتقوم بعض الكيبوتسات العلمانية بتطوير الاحتفال بهذا العيد داخل إطار حلولي دنيوي، أو حلولية بدون إله، فيبدأ الاحتفال في ليلة عيد الغفران بإقامة صلاة علمانية لإحياء ذكرى كل من عاشوا من قبل في الكيبوتس، وتُعلّق صورهم في قاعة الاجتماعات وتُقرَأ أسماؤهم أثناء الصلاة! ويبدأ الاحتفال بتلاوة مقطوعة من أعمال يتسحاق تابنكين، وهو من قادة حركة الكيبوتـس الموحـد كما لو كانت أعماله نصوصاً مقدَّسة. وتُتلى بعض القصائد والأغاني ، وقد يكون من بينها دعاء كل النذور. والهدف من الاحتفال المشاركة في الذكريات والأحزان، أي أن الذاكرة الشعبية هي الركيزة النهائية. ثم يقضي أعضاء الكيبوتس بقية الليلة واليوم التالي في حلقة نقاش حول إحدى القضايا التي تهمهم مثل الانتفاضة. وقد لخص أحد أعضاء الكيبوتس مشاعره بعد هذا الاحتفال شبه الديني بقوله: « لم أُصلِّ ولم أصم، ولكنني شاركت في تجربة جماعية، في تَذكُّر موتانا وتجربة حياتنا ». ومن الواضح أن الاحتفال ينم عن مدى تغلغل الحلولية الدنيوية، حيث يصبح الإنسان والطبيعة هما محل القداسة، فيحتفل الإنسان بنفسه ويعبر عنها دون إشارة إلى أي إطار خارج عنها، وبالتالي تصبح الذكرى (أي الذات في الماضي) أو حياة الإنسان (الذات في الحاضر) أو تطلعاته (الذات في المستقبل) الموضوعات الأساسية، كما أن العناصر الكونية يتم تأكيدها.

 

يــوم الغفران

Yom Kippur

انظر: «عيد يوم الغفران».

 

يــوم كيــبور

Yom Kippur

«يوم كيبور» كلمة عبرية تشير إلى يوم الغفران.

انظر أيضاً: «عيد يوم الغفران».

 

كـابَّـاروت

Kapparot

صيغة جمع لكلمة «كابَّاراه» العبرية وتعني «تكفير». وهي إحدى الشعائر اليهودية التي يتم من خلالها نقل خطايا اليهودي الآثم بشكل رمزي إلى طائر. ولا يمارس هذا الطقس الآن سوى بعض اليهود الأرثوذكس في عيد يوم الغفران (يوم كيبور)، كما يُمارَس أحياناً في عيد رأس السنة. وتأخذ الشعيرة الشكل التالي: تُتلى بعض المزامير وفقرات من سفر أيوب ثم يُدار حول رأس اليهود طائر (ديك إذا كان الآثم ذكراً ودجاجة إذا كان أنثى) يُفضَّل أن يكون أبيض اللون ثم يُتلى الدعاء التالي: « هذا هو بديلي، قرباني، الذي ينوب عني في التكفير عني. هذا الديك (أو الدجاجة) سيلقى حتفه، أما أنا فستكون حياتي الطويلة مفعمة بالسلام ». ثم يُعطَى الطائر بعد ذلك لأحد الفقراء، أما أمعاؤه فتُعطَى للطيور. وقد تَعدَّل الطقس إذ يذهب بعض الحاخامات إلى أنه يمكن إعطاء نقود تعادل ثمن الطائر.

 

ولم يأت ذكر لهذا الطقس في التوراة أو التلمود ويظهر أول ما يظهر في كتابات الفقهاء (جاؤون) في القرن التاسع. وقد اعترض بعض الحاخامات في بداية الأمر على هذا الطقس لأنه يشبه الشعائر الوثنية وقد وافق على هذا الاعتراض كل من نحمانيدس ويوسف كارو. ولكن الوجدان الشعبي يميل لمثل هذه الشعائر، فهي تُقرِّب العابد من الإله بطريقة محسوسة، ولهذا كُتب لها الاستمرار، وخصوصاً أن القبَّاليين أحاطوها بكثير من الهالات الصوفية الحلولية. ثم تم قبولها بالتدريج حتى أن الحاخام إيسيريلز جعلها إجبارية. وهذا يُبيِّن الخاصية الجيولوجية التراكمية في اليهودية. وفي اليديشية والعبرية الدارجة أصبحت كلمة «كاباروت» تعني «خسارة مالية» أو «جهداً لا طائل من ورائه».

 

عيد التدشين (حانوخه)

Hannukah

«عيد التدشين» هو الاسم العربي لعيد «حانوخه» وهي كلمة عبرية معناها «التدشين». ويستمر عيد التدشين ثمانية أيام بدءاً من الخامس والعشرين من كسلو (يقابل ديسمبر) حتى 3 تيفت. والمناسبة التاريخية لهذا العيد هي دخول يهودا الحشموني (أو المكابي) القدس وإعادته للشعائر اليهودية في الهيكل. من هنا كانت تسميته بعيد التدشين. ويُقال إن يهودا المكابي، حينما دخل الهيكل، وجد أن الزيت الطاهر الذي يحمل ختم الكاهن الأعظم لا يكفي إلا يوماً واحداً (وكان من الضروري أن تمر ثمانية أيام قبل إعداد زيت جديد كما تقضي التوراة). فحدثت المعجزة، واستمر الزيت في الاحتراق مدة ثمانية أيام بدلاً من يوم واحد. ولذلك، صُمِّم لهذا اليوم شمعدان مينوراه خاص من تسعة أفرع، فتُوقَد شمعة في الليلة الأولى، ثم تُضاف ثانية في اليوم التالي، وهكذا حتى اليوم الثامن. وتُقرَأ بعض الفقرات من سفر العدد، ثم يُضاف وصف لمعجزة الحانوخه في تلاوة العميداه أثناء الصلاة.

 

وقد قرر الحاخامات أن تُقرَأ فقرات من سفر زكريا (4/6) « لا بالقدرة ولا بالقوة بل بروحي قال رب الجنود ». وقد أراد الحاخامات بذلك أن يقللوا من شأن الجانب العسكري للعيد، وأن يركزوا على الجانب الروحي. ولكن العكس يحدث الآن في الأوساط اليهودية تحت تأثير الصهيونية، وفي الدولة الصهيونية على وجه الخصوص، إذ يبالغون في الاحتفال بهذا العيد وفي تأكيد الجانب القومي.

 

وعيد التدشين ليس في الواقع من الأعياد التي وردت في العهد القديم. وقد كان هذا العيد عيداً بلا أهمية كبيرة. ولذا، فهو العيد الوحيد (باستثناء عيد النصيب) الذي لا يُحرَّم فيه العمل. وكان يُحتفَل به بطريقة بسيطة جداً، فتُوقَد شمعة واحدة في أول يوم، ثم شمعتان في اليوم التالي، وهكذا إلى أن تُوقَد الشموع الثمانية. وكان رب الأسرة يتلو دعاءً، وتُنشد الأسرة أغنية بسيطة لشكر الإله يشار فيها إلى السلوقيين بوصفهم " الكلاب" (حرفياً: العدو الذي ينبح). وكان الأطفال يلعبون لعبة بسيطة. ولم تكن أيام عيد التدشين تختلف عن أيام الأسبوع الأخرى. ولكن العيد بحكم توقيته (الخامس والعشرين من ديسمبر) يقع في الفترة نفسها التي يحتفل فيها المسيحيون بأهم أعيادهم (عيد الميلاد). ولما كان أعضاء الجماعات اليهودية يكتسبون هويتهم من خلال الحضارة التي يعيشون بين ظهرانيها، فإن عيد التدشين يكتسب أهمية خاصة، حتى صار هذا العيد غير المهم من أهم الأعياد على الإطلاق وأصبح صدى لعيد الكريسماس. فهناك المينوراه المقابل لشجرة الكريسماس، كما أن الهدايا تُعطَى للأطفال في ذلك العيد. وقد تمت علمنة العيدين بحيث تحوَّلا إلى مناسبتين للمرح واللعب. بل بلغ تقليد الكريسماس إلى حد أن الأدعية التي كانت تُتلى في عيد التدشين والأغاني والألعاب التقليدية لأطفال اليهود اختفت تقريباً وحل محلها ما يُسمَّى «شجرة الحانوخه» (التدشين)، وهي تعادل شجرة الكريسماس. وهناك «العم ماكس رجل الحانوخه» الذي يوزع الهدايا، وهو مقابل سانتا كلوز. ومن الطريف أن العيد، بعد أن فقد هويته اليهودية تماماً، يُنظَر إليه باعتباره أهم تعبير عن الهوية اليهودية.

 

ويُحتفَل بالعيد في إسرائيل على أنه عيد ديني قومي، فتُوقَد الشمعدانات في الميادين العامة، وتُنظَّم مواكب من حملة المشاعل. وأثناء الاحتفال، يصعد آلاف الشبان إلى قلعة ماسادا.

 

عيد النصيب (بوريم)

Purim

«عيد النصيب» هو الاسم العربي لعيد البوريم، و«بوريم» كلمة عبرية مشـتقة من كلمة «بـور» أو «فـور» البابلية ومعناها «قرعة» أي «نصيب». وكان عيد النصيب يُدعى أيضاً «يوم مسروخت» إشارة إلى «الباروكة» التي كان يرتديها الشخص في عيد النصيب في القرن الأول قبل الميـلاد (وقد سـمَّى العرب هذا العيد «عيد الشجرة» أو «عيد المساخر»). وعيد النصيب يُحتفَل به في الرابع عشر من آدار. وهو عيد بابلي، كانت الآلهة البابلية تُقرِّر فيه مصير البشر. ويوم الرابع عشر من آدار هو اليوم الذي أنقذت فيه إستير يهود فارس من المؤامرة التي دبرها هامان لذبحهم، ولهذا ففي اليوم الذي يسبق العيد يصوم بعض اليهود ما يُسمَّى «صوم (تعنيت) إستير»، إحياءً لذكرى الصوم الذي صامته إستير وكل اليهود في شوشانه قبل ذهابها إلى الملك تستعطفه لإلغاء قرارات هامان (حسب الرواية التوراتية). وكان قد تقرَّر بالقرعة (أي بالنصيب) أن يكون يوم الذبح في الثالث عشر من آدار ـ ومن هنا التسمية.

 

ويحتفل اليهود بهذا العيد بأن يقرأ أحدهم سفر إستير من إحدى اللفائف الخمس (أي من مخطوطة خاصة مكتوبة بخط اليد) ليلة العيد وفي يوم العـيد نفسه. ويتعيَّن على الجمـيع، وضمن ذلك النسـاء والأطفال، أن ينصتوا إلى القارئ. ويصاحب هذا العيد الكثير من الصخب، إذ كان اليهود عند ذكر اسم هامان، أثناء قراءة سفر إستير، يُحدثون جلبة أو يدقون بالعصى التي في أيديهم وكأنهم يضربون هامان وينكلون به. ويتوقف القارئ تماماً عن التلاوة حتى يتلاشى الصوت، ثم يتلو مرة أخرى إلى أن يصل إلى كلمة «هامان» مرة أخرى. ويقدم اليهود في هذا العيد الهدايا إلى الأصدقاء والمحتاجين، كما أن الأسر تتبادل الطعام. ومن العادات الأخرى، تناول فطيرة خاصة يدعونها «أذن هامان». وكذلك كان أعضاء الجماعات يحتفلون بالعيد بارتداء الأقنعة، كما كانوا يقومون في العالم الغربي بتمثيل مسرحيات عن قصة إستير التي مُثِّلت أول مرة في جيتو البندقية عام 1531، وهي مسرحيات متأثرة بالكرنفالات الإيطالية والتمثيليات المسيحية التي تُسمَّى التمثيليات الأخلاقية (بالإنجليزية: مورلايتي بلييز morality plays). كما كانوا يسرفون في الشراب حتى أن بعض فقهاء اليهود أفتوا بأنه بوسع اليهودي أن يغرق في الشراب إلى درجة أنه لا يعرف (أثناء قراءة سفر إستير) الفرق بين الدعاء على هامان، والدعاء لمردخاي. وجاء في المشناه أنه قد تُلغَى كل الأعياد إلا عيد النصيب لأن اليهود سيظلون دائماً مخلصين لإلههم ولشعبهم. ولذا، سيكون هناك دائماً هامان يتآمر لتدمير الشعب. ومع هذا، اختفى هذا العيد تقريباً في الولايات المتحدة نظراً لتفاعل اليهودية الأمريكية مع محيطها الحضاري، فهذا العيد يقع في فبراير حيث لا توجد أية أعياد أمريكية أو مسيحية، الأمر الذي أدَّى إلى ضمور العيد، على عكس عيد التدشين الذي يتزامن مع احتفال عيد الميلاد المسيحي، ولهذا أصبح عيداً مهماً للغاية.

 

وهناك أعياد نصيب أو بوريم خاصة بكل جماعة يهودية تحتفل فيها بنجاتها من إحدى الكوارث مثل بوريم القاهرة (28 آدار الذي أصبح يُحتفَل به ابتداءً من عام 1524) وبوريم بادوا (10 إيلول)، وهناك أعياد بوريم خاصة بكل فرد. والاحتفال بهذه الأعياد الخاصة يشبه الاحتفال بالعيد الديني، فتُكتَب قصة المناسبة التي يُقام العيد من أجلها على لفيفة وتُقرَأ أثناء الاحتفال، وتُقام الولائم وتُتلى أدعية خاصة. وكان عيد البوريم وصوم إستير من أهم الأعياد بالنسبة إلى يهود المارانو المتخفين، فقد كانوا مضطرين إلى إظهار غير ما يبطنون، تماماً مثل إستير التي كانوا يعدونها بطلتهم الدينية.

 

عيد الفصح أو الفسح

Passover

«عيد الفصح» أو «عيد الفسح» هو المصطلح المقابل العربي للكلمة العبرية «بيساح». ويبدأ عيد الفصح في الخامس عشر من شهر نيسان ويستمر سبعة أيام في إسرائيل (وعند اليهود الإصلاحيين) وثمانية أيام عند اليهود المقيمين خارج فلسطين. ويُحرَّم العمل في اليومين الأول والأخير (وفي اليومين الأولين واليومين الأخيرين خارج فلسطين). وتُقام الاحتفالات طوال الأيام السبعة. أما الأيام الأربعة الوسطى فيلتزم فيها بتناول خبز الفطير دون أن يقترن ذلك بطقوس احتفالية كبرى. وعيد الفصح أول أعياد الحج اليهودية الثلاثة. وإذا أخذنا المغزى التاريخي للعيد، فإنه يُشار إليه بالأسماء التالية:

 

1 ـ «حج البيساح». و«بيساح» كلمة عبرية تعني «العبور» أو «المرور» أو «التخطي»، ومن هنا التسمية الإنجليزية «باس أوفر Passover» إشارةً إلى عبور ملك العذاب فوق منازل العبرانيين دون المساس بهم وإشارةً إلى عبور موسى البحر.

 

2 ـ وهـو أيضـاً العـيد الـذي كـان يُضـحَّى فيه بجمل أو جدي (باشال).

 

3 ـ وهو كذلك عيد خبز الفطير غير المخمر (حج هامتسوت).

 

4 ـ يُحتفَل في هذا العيد بذكرى نجاة شعب يسرائيل من العبودية في مصر (زمن حيروتينو) ورحيلهم عنها.

 

أما إذا نظرنا إلى معنى العيد الطبيعي أو الكوني، فإنه يشار إليه بأنه «عيد الربيع». ويكون العبور هنا هو عبور الشتاء وحلول الربيع محله (حج هاآبيب).

 

ويذكر سيسل روث أن كلمة «بيساح» نفسها لا تعني العبور وحسب، وإنما هي مأخوذة من جذر بمعنى «يرقص» أو «يقفز». ولعل هذا يربط بين كل المعاني التاريخية والطبيعية السابقة. وهكذا نجد أن ميلاد الشعب بالخروج من مصر، وميلاد الطبيعة والكون، شيئان متداخلان تمام التداخل في إطار البنية الحلولية اليهودية.

 

ويبدو أن عيد الفصح نتاج امتزاج عيدين قديمين: أولهما عيد أبيب (الربيع أو الاخضرار). وهو عيد الاحتفال بالربيع على عادة الحضارات التي سادت الشرق الأدنى القديم، وقد كانت تصاحبه طقوس صاخبة احتفالاً بالخصوبة. وكان المحتفلون يقدمون أول أبكار الأرض إلى المعبد (خروج 23/19). أما العيد الآخر، فهو عيد المتسوت (الخبز غير المُخمَّر)، وهو عيد غير معروف الأصل. وهناك إشارة في سفر الخروج (23/15) تذكر أن خروج جماعة يسرائيل من مصر قد تزامن مع هذا العيد، أي أن الخروج كان بالصدفة أثناءه. وكانت العبادة اليسرائيلية القديمة تحرم استخدام الخميرة في الخبز في بعض أوقات السنة. وقد امتزجت طقوس العيدين السابقين مع عناصر أخرى من العبادة اليسرائيلية والحضارات الوثنية التي عاش أعضاء جماعة يسرائيل بين ظهرانيها لتكوِّن طقوس عيد الفصح.

 

والواقع أن طقوس الاحتفال بهذا العيد كثيرة ومعقدة، نظراً لتعدد مصادرها الأمر الذي يبين تركيب اليهودية الجيولوجي التراكمي بشكل واضح. ورغم أن هذه المصادر دنيوية، وأحياناً وثنية، فإن حاخامات اليهود قد فسروها بطريقة تضفي عليها مغزى دينياً. ويبدأ العيد بليلة التفتيش عن الخميرة. ويجب على اليهودي فيها أن يتأكد من أن أية خميرة تصلح للخبز قد أُبعدت عن البيت تماماً، ثم بعد ذلك يبدأ الاحتفال نفسه، ويُسمَّى «سدَر»، وهي كلمة عبرية معناها «نظام». ويتَّبع السدَر نظاماً محدَّداً فيُقرأ القيدوش في البداية ويحمد اليهودي الإله على أنه أعطى جماعة يسرائيل أعيادها، ثم تُغسَل الأيدي فيما يشبه الوضوء. وتدور معظم الطقوس حول أمرين: مائدة الفصح، وحكاية الفصح. فتوضع على مائدة الفصح حزمة من النباتات المرة كالخس أو الشيكوريا أو الكرفس (مارور)، ثم كأس من الماء المالح أو المخلوط بالخل (رمز الحياة القاسية التي عانوا منها في مصر، ورمز دموع جماعة يسرائيل) أو المأكولات الكريهة على النفس (مثل تلك التي أكلها أسلافهم أثناء الفرار في الصحراء)، وبجانب ذلك يوضع شيء من الفاكهة المهروسة أو المدقوقة في الهون والمنقوعة في النبيذ (رمز الملاط الذي كانوا يستخدمونه في البناء في مصر)، كما يوضع ذراع خروف مشوي (تذكرةً بالحمل الذي كان يُضحَّى به)، وبيضة مسلوقة (تذكرةً بقربان العيد). ولنا أن نلاحظ أن التفسيرات التي أوردناها للطقوس لا يأخذ بها كل اليهود، كما أنها ظهرت في فترة لاحقة لظهور الطقوس نفسها.

 

ولكن أهم شيء على مائدة الفصح هو خبز المتسوت أو خبز الفطير الذي لا تداخله خميرة، والذي لا يأكل اليهود سواه طيلة هذا اليوم؛ تذكيراً لهم بأنهم عند فرارهم مع موسى من وجه فرعون لم يكن لديهم وقت للتأنق في الخبز والانتظار على العجين (حسب تفسير الحاخامات)، أو يُقال لأن الخميرة تشبه الشر المخبأ (حسب تفسير القبَّالاه). ويوضع على مائدة عيد الفصح ثلاثة أرغفة من خبز الفطير ترمز إلى كلٍّ من الكهنة واللاويين وجماعة يسرائيل. ومن يأكل خبزاً مخمراً في هذا اليوم ينظر إليه وكأنه انفصل عن الشعب اليهودي انفصالاً كاملاً. وقد يضيف البعض رغيفاً رابعاً رمزاً لليهود المضطهدين في بعض بلاد العالم.

 

ويتم تناول هذه الأطعمة والمأكولات حسب نظام معيَّن، فتُغمس الأعشاب في الماء المالح، ويُكسر رغيف الفطير الأوسط، ويُخبأ نصفه ليبحث الأطفال عنه ولا يؤكل هذا النصف إلا بعد نهاية الوجبة. والنظام الذي يتبعه السدر متأثر تماماً بنظام المأدبات في الحضارة اليونانية الرومانية كما عرفها معلمو المشناه (تنائيم). وفي مثل هذه المأدبات، كان الضيوف يأكلون مشهيات (خضراوات مغموسة في الخل، وفاكهة مهروسة) ثم يدخلون بعد ذلك إلى غرفة العشاء نفسها حيث يشاركون في الوجبة الأساسية التي تتكون من لحم وخبز وهم مضطجعون على الأرائك. وكان الضيوف يشربون الخمر مع المشهيات، ثم يشربونها مرة ثانية مع الطعام نفسه، ومرة ثالثة وأخيرة بعد العشاء.

 

وقد ظهر أثر هذه العادة في مائدة عيد الفصح إذ تبنَّى اليهود فكرة الكؤوس الثلاثة وأضافوا إليها كأساً رابعة تُشرب أثناء تلاوة القاديش. ولذا، توضع على مائدة الفصح أربعة أقداح (أربع كوسوت) من النبيذ يشربها أعضاء الأسرة، وهي ترمز إلى وعد الإله لليهود بتخليصهم وقيامه بإنقاذهم من مصر بنفسه دون وساطة. وقد تمت عملية الإنقاذ على أربع مراحل (سأخرجكم، وسأرسلكم، وسأخلصكم، وسأجعلكم شعبي المختار)، كما يُقال إن الكؤوس الأربع رمز للشعوب الأربعة التي أذلت العبرانين، وهم: البابليون والفرس واليونانيون والرومان، ويُضاف قدح خامس يُترك دون أن يمسه أحد لأنه كأس النبي إيليا الذي سينزل من السماء قبل قدوم الماشيَّح المخلِّص. كما يضاف أحياناً الآن قدح سادس وتصحبه صلاة شكر للإله على قيام دولة إسرائيل! وأمام مائدة الفصح، توضع أريكة يضطجع عليها رئيس العائلة، ويقص على أفراد أسرته قصة الخروج، وهذا الجزء من السدر يُسمَّى «هاجاداه». ويأخذ القص شكل إجابة عن أسئلة يوجهها أطفال الأسرة. وهي على ثلاث صيغ تناسب كل صيغة سناً معيَّناً. ويجب على كل يهودي أن يستمع إلى القصة ويخوض التجربة كما لو كانت تجربة شخصية يخوضها بنفسه. ويتبادل أعضاء الأسرة التهنئة بهذا العيد بقولهم: « نلتقي العام القادم في أورشليم »، وهي التهنئة التي حولتها الصهيونية من مفهوم ديني معنوي إلى مفهوم سياسي. ويتداول اليهود في هذا العيد كتباً يُطلَق عليها اسم «هاجاداه» تحتوي على قصة الخروج من مصر.

 

وهذا العيد يرتبط أساساً بواقعة الخروج من مصر، ولذا نجد أن الصراع، بين السلوقيين حكام سوريا والبطالمة حكام مصر، قد ألقى بظلاله على عيد الفصح، فالمدراش الخاص بعيد الفصح والذي وافقت عليه سلطات الهيكل تحت نفوذ البطالمة، أكد أن لابان هو تجسيد سوريا (آرام) التي كان يحكمها السلوقيون، وأنه يحاول الفتك بأخيه يعقوب، ولذا فقد جاء إلى مصر حسب أوامر الإله. ولكن بعد سنة 200 ق. م، وبعد استيلاء السلوقيين على الحكم، تغيرت موازين القوى في المنطقة وتغيَّرت من ثم طقوس عيد الفصح فتم تأكيد وضع مصر كمنفى بإيعاز من السلوقيين منافسي البطالمة، وأصبح الخروج من مصر هو الحرية (ويُقال إن يهود الإسكندرية كانوا يتحدثون عن الخروج دون تأكيد وضع مصر).

وارتبط عيد الفصح بتهمة الدم، إذ كان يسود الاعتقاد بين العامة أن أعضاء الجماعات اليهودية يعجنون خبزهم بدم طفل مسيحي. ويُقال إنه، لهذا السبب، كانت تُفتَح الأبواب بعد الانتهاء من مأدبة الفصح حتى يرى غير اليهود ما يدور في المنزل. ولم يكونوا يشربون نبيذاً أحمر في هذه المأدبة للسبب نفسه.

 

ويحتفل كثير من أعضاء الجماعات اليهودية والإسرائيليين بعيد الفصح كمناسبة قومية. ولذا، فإنهم لا يتَّبعون كثيراً من طقوسه، وبالذات الخاصة بخبز الفطير. وقد لوحظ أن 10% من الإسرائيليين الذين لا يتناولون خبز الفطير في هذا العيد يتدافعون إلى المخابز في الأحياء العربية لشراء الخبز المخمر، وتضاعف هذه المخابز إنتاجها في هذه الفترة نظراً لأنه يُحظَر بيع مثل هذا الخبز في تلك الفترة في المناطق اليهودية. وقد أصدر رئيس لجنة الداخلية بالكنيست مؤخراً قراراً يَمنَع السكان العرب في القدس من بيع الخبز والمأكولات الأخرى التي تحتوي على خميرة أثناء أسبوع عيد الفصح (باعتبار أن القدس بيت جماعة يسرائيل). ودخل الجنود الإسرائيليون، وأجبروا المخابز على إغلاق أبوابها كما أجبروا الحوانيت على عدم بيع الخبز. وبذا أصبح مفروضاً على العرب أن يأكلوا خبز الفطير أثناء ذلك العيد.

 

ويختلف السفارد عن الإشكناز في الاحتفال بهذا العيد. فالسفارد يأكلون، على سبيل المثال، الأرز والبقول (كالحمص والفول)، وهو ما لا يفعله الإشكناز. كما أن السفارد يحرصون على أن يقذف بعضهم بعضاً بالبصل ليُذكِّروا أنفسهم بالمصريين حيث كانوا يضربون اليهود، في حين أن الإشكناز يرون أن هذه طريقة شرقية «متخلفة» للاحتفال بالعيد.

 

سـدَر

Seder

«سدَر» كلمة عبرية تعني «نظام» أو «ترتيب». وتشير «سدَر» كمصطلح إلى الاحتفالات بالأعياد التي تحتاج إلى ترتيبات مسبقة. وهي عادةً تشير إلى الليلة الأولى (الليلتين الأوليين خارج فلسطين) من احتفال عيد الفصح (خروج 23/14 ـ 19) حيث تتسم بطقوسها المركبة الخاصة بحمل التضحية (باشال)، وفطير الخبز غير المخمر (متسوت)، والأعشاب البرية (مارور)، والكؤوس الأربع (أربع كوسوت). وتُقام هذه الطقوس على النحو التالي:

 

1 ـ تبدأ الاحتفالات بقراءة القيدوش التي يحمد فيها اليهودي الإله على أنه أعطى جماعة يسرائيل أعيادها،ويشرب أول كأس من الخمر.

 

2 ـ يغسل رب الأسرة يديه فيما يُشبه الوضوء.

 

3 ـ تُغمَس الأعشاب في الخل أو الماء المملح.

 

4 ـ تُوضع أرغفة خبز الفطير، الواحد فوق الآخر، قبل ابتداء الاحتفال. وأثناء الاحتفال نفسه، يُقطَّع الرغيف الذي في الوسط إلى نصفين، ويُخبأ النصف الذي يُدعى «أفيكومان»، أي «ما بعد المأدبة»، ويُؤكل في نهاية المأدبة تذكرةً بحَمَل التضحية الذي كان يُؤكل في الماضي مع نهاية المأدبة حتى يبقى طعمه في الفم. ومن المعتاد أن يبحث الأطفال عن النصف المخبأ. وتُعطَى جائزة لمن يعثر عليه. وبعد تناوله، لا يؤكل شيء بقية الليلة.

 

5 ـ تُتلى أنشودة دينية بالآرامية يتم فيها ترديد ما معناه: "هذا هو خبز المعاناة الذي أكله آباؤنا في مصر. من هو في جوع فليأت وليأكل. ومن هو في عوز فليأت وليحتفل بعيد الفصح معنا هذا العام. العام القادم في أورشليم. في هذا العام نحن مازلنا عبيداً، وسنكون أحراراً في العام القادم".

 

6 ـ تُتلى الهاجـاداه، فيتلو أصـغر الأطفال الأربعة أسـئلة تبدأ بالعبارة «ماه نيشتاناه »، أي "لمَ هذه الليلة مختلفة عن بقية الليالي؟" وتُروى قصة الهاجاداه أساساً من أجل الأطفال، فيروي القاص (رب البيت المضطجع على أريكته) قصة العبودية في مصر والخروج منها. ويشرح الراوي رموز مائدة الفصح، ويلي ذلك قراءة العبارة التالية: "في كل عصر يتعيَّن على اليهودي أن يعـتبر نفسـه وكأنه خرج هو نفسـه من مصر". وبذا، ينتهي الجزء المسمَّى «الهاجاداه» في السدر، ثم تُشرب الكأس الثانية بعد تلاوة دعاء يحمد اليهود فيها الإله على خلاصهم في الماضي، ويطلبون منه الخلاص في المستقبل.

 

7 ـ غسل اليدين مرة أخرى قبل قطع خبز الفطير.

 

8 ـ يُتلى دعاء شكر للإله « الذي... أعطى الخبز ».

 

9 ـ يُؤكل أجزاء من رغيف خبز الفطير الأول (العلوي)، ثم يُؤكل نصف الرغيف الثاني (الأوسط).

 

10 ـ تُغمَس الأعشاب الخضراء في الفاكهة المهروسة، وتُؤكل.

 

11 ـ تُصنَع شطيرة (ساندويتش) من رغيف خبز الفطير الثالث (السفلي) والأعشاب المريرة، وتُؤكل.

 

12 ـ تُؤكل الأطعمة الأخرى في مأدبة العيد.

 

13 ـ يبحث الأطفال عن نصف الرغيف المخبأ ويُؤكل.

 

14 ـ تُتلى صلاة شكر، وتُشرب الكأس الثالثة.

 

15 ـ تُتلى مزامير الشكر للإله (مزامير 115 ـ 118)، وتُشرب الكأس الرابعة، ويُفتَح باب المنزل. ومع نهاية المأدبة، تُتلى بعض فقرات العهد القديم (خروج 12/42) للدلالة على أن أعضاء جماعة يسرائيل لا يخافون شيئاً، وإن كان يُقال إن السبب الحقيقي هو إعطاء فرصة لغير اليهود لأن يروا أنهم لا يأكلون خبزاً معجوناً بدم طفل مسيحي، وللسبب نفسه كانوا يشربون نبيذاً أبيض، مع أن النبيذ الأحمر مُفضَّل حسب العرف الديني.

 

خبز الفطير (متساه)

Matzah

«خبز الفطير» هو الخبز الذي لا تدخله خميرة، ويعبَّر عنه في العبرية بكلمة «متساه» وجمعها «متسوت»، وهو نوع من الخبز يمكن إعداده بسرعة. ولذا، يُشار إليه بأنه الخبز الذي يُعَدُّ للضيوف غير المُتوقَّعين (تكوين 19/3). وهو أيضاً «خبز الخروج» أو الخبز الذي يأكله اليهود في عيد الفصح الذي يُسمَّى أيضاً «عيد المتسوت». والتفسير الديني لخبز الفطير هو أن أعضاء جماعة يسرائيل، عند خروجهم من مصر، كانوا في عجلة من أمرهم، فعجنوا خبزهم بدون خميرة، لأنه لم يكن لديهم وقت للتأنق. ولكن يبدو أن هذا الخبز يعود إلى أحد احتفالات الربيع في كنعان، فقد كانت تُعَد فطائر من عجين غير مخمر من المحصول الجديد وتُؤكل بوصفها جزءاً من الطقس الديني. ويُلاحَظ أن حظر استخدام الخميرة في المنزل ينطبق على كل أيام عيد الفصح. أما أكل خبز الفطير نفسـه، فهو فريضة دينية يجب أن يؤديها اليهودي في اليوم الأول من عيد الفصح (وفي اليومين الأول والثاني بين أعضاء الجماعات خارج إسرائيل) وإن كان من المستحسن أن يُؤكل هذا الخبز طيلة الأسبوع. وفي إسرائيل يتزاحم المواطنون اليهود على المخابز العربية لشراء خبز عادي، حتى لا يضطروا إلى أكل خبز الفطير حيث يكون محظوراً على المخابز اليهودية أن تحتفظ بخميرة أثناء فترة العيد. ومؤخراً، طُبِّق هذا الحظر على المخابز العربية في القدس. وفي الآونة الأخيرة، لجأت الحاخامية إلى حيلة شرعية حتى لا يكون هناك أي خميرة في إسرائيل فتُباع أية خميرة في إسرائيل لأحد العرب قبل عيد الفصح، ثم تُشترَى بعد العيد!

  • الاحد PM 09:40
    2021-04-25
  • 1051
Powered by: GateGold