المتواجدون الآن

انت الزائر رقم : 415811
يتصفح الموقع حاليا : 231

البحث

البحث

عرض المادة

المعــــبد اليهـــودي

المعــــبد اليهـــودي

Temple; Synagogue

«المعبد» في اللغة العربية مكان العبادة (اسم المكان من الفعل «عبد»)، و«المعبد اليهودي» مكان لاجتماع اليهود للعبادة، يُقال له بالعبرية «بيت هكنيست» أي «بيت الاجتماع»، ويُسمَّى أيضاً «بيت هاتيفلاه»، أي «بيت الصلاة» أو «بيت هامدراش»، أي «بيت الدراسة». وتعكس الأسماء الثلاثة بعض الوظائف التي كان المعبد يؤديها. وكان المعبد يُسمَّى في ألمانيا «شوليه Schule»، وباليديشية «شول Shul». وفي الولايات المتحدة يُطلَق اسم «تمبل temple» على أيٍّ من المعابد اليهودية الإصلاحية أو المحافظة. أما الأرثوذكس فيسمون معبدهم «شول»، وهي تسمية يديشية كما هو واضح. وقد كان يُطلَق على المعبد باليونانية اسم «سيناجوج»، وكذلك «بروسيوكتريون»، وتعني حرفياً «بيت الصلاة». وفي الثقافة العربية، يُطلَق على المكان الذي تُقام فيه الصلوات اليهودية اسم «المعبد» أو «الهيكل» أو «الكنيس اليهودي» .

 

ويعود تاريخ المعابد إلى فترة التهجير البابلي. ويبدو أن اليهود هناك كانوا يجتمعون للصلاة في أماكن خُصِّصت لذلك الغرض. وقد بدأت تظهر إشارات إلى المعابد اليهودية في الكتابات الدينية اليهودية بعد ذلك التاريخ. ومع هَدْم الهيكل، أصبح المعبد المركز القومي والاجتماعي ليهود فلسطين والجماعات اليهودية المنتشرة في العالم، والمكان الذي يتدراسون فيه تراثهم الديني. ولذا، فإن انتهاء اليهودية الصدوقية والعبادة القربانية المرتبطة بالهيكل لم يتسبب في انتهاء اليهودية ككل، وخصوصاً أن الفريسيين كانوا قد توصلوا إلى صياغة لليهودية تستند إلى التوراة، وتجعل المعبد اليهودي (وليس الهيكل) مركزها.

 

ويحاول المعبد أن يكون صدى للهيكل. ومعظم المعابد اليهودية في الوقت الحاضر بُنيت متجهة للقدس. ويوجد حوض في الخارج يستطيع المصلون غسل أيديهم فيه قبل الصلاة، وشكل المعبد في الغالب مستطيل. وتوجد في مقدمة المعبد فجوة تغطيها ستارة (أصبحت دولاباً ثابتاً) هي تابوت لفائف الشريعة الذي تُحفَظ فيه اللفائف، وهي أكثر الأشياء قداسة في المعبد (وتقابل قدس الأقداس في الهيكل القديم). وعادةً ما تُزَّين المعابد في العصر الحديث بنجمة داود ولوحي العهد. وقد كان قارئ التـوراة يقـف في مكان أكثر انخفاضاً (نسـبياً) من أرض المعبد. وفي الوقت الحاضر، انعكس الوضع فصار القارئ يجلس على منصة عالية نسبياً تُسمَّى «بيماه» (أو «الميمار»). وتُقام في المعبد الصلوات اليومية، فبإمكان أي شخص، من الناحية النظرية، أن يؤم المصلين. غير أن من المعتاد أن يؤم المصلين أفراد تلقوا دراسة خاصة للقيام بهذه الوظيفة. وتُقرَأ التوراة في المعبد كل يوم سبت، وفي يومي الاثنين والخميس من كل أسبوع.

 

وحتى القرن الخامس الميلادي كان الآرش سيناجوجوس يترأس المعبد اليهودي ويساعده الشيوخ (كبار السن). وكان الحاخام يقوم بدور المرتل (حزان)، وأحياناً كان يقوم بدور الشماس (شمَّاش)، أي خادم الكنيسة، ولكنها وظائف أصبحت فيما بعد مستقلة. وكانت الجماعة ككل تمتلك المعبد. وفي حالات أخرى، كان يمتلكه الفرد الذي قام ببنائه.

 

وقد صار المعبد مركز الحياة اليهودية في العصور الوسطى في الغرب (بعد تحوُّل معظم الجماعات اليهودية إلى جماعات وظيفية). وفي معظم الأحيان، يعكس المعبد البنية الاجتماعية والحضارية للمجتمعات التي يعيش في كنفها أعضاء الجماعات اليهودية كما يعكس طبيعة الوظيفة التي يضطلعون بها. وكثيراً ما كان يتم تزويد المعبد بفناء صغير ومحكمة وبل وبسوق في بعض الأحيان. وبعد نشأة نظام الأرندا في أوكرانيا، أصدرت الحكومة البولندية أمراً بأن تُبنَى المعابد اليهودية هناك على هيئة حصون، فكانت تُفتَح كوّات في الحوائط لتخرج منها فوهات البنادق، كما كانت تُنصَب عليها المدافع حتى يَسهُل الدفاع عنها ضد المهاجمين من الفلاحين والقوزاق. أما في أمستردام، فقد بنى اليهود (في القرن السابع عشر) معبدين كبيرين يدلان على ثراء الجماعة اليهودية وثقتها بنفسها.

 

وكانت المعابد اليهودية في أورربا تعبِّر عن بنية المجتمعات الأوربية بعد عصر النهضة، وهي مجتمعات كانت تتسم بالتفرقة الصارمة بين الطبقات وتزايد نفوذ وقوة طبقة التجار الأثرياء ومشاركتهم الحاخامات في السلطة والقيادة. فكان أعضاء الجماعات اليهودية يجلسون في المعبد، كلٌّ على حسب موقعه أو انتمائه الاجتماعي أو الطبقي، فيجلس الحاخامات والفقهاء وأصحاب المكانة العالية في المقدمة، ويجلس وراءهم أثرياء التجار ثم اليهود العاديون. وكانت المكانة تُقاس بمقدار القرب أو البُعد عن الحائط الشرقي في المعبد، فكان أعلى الناس مكانة يجلسون بالقرب منه، أما الحائط الغربي فكان يجلس إلى جواره الشحاذون والمعوزون. وكانت المعابد مكاناً يتبادل فيه أعضاء الجماعات اليهودية المعلومات التجارية ويتشاجرون بالأيدي ويتناقشون بصوت عال. وكان الفوز بمقعد في المعبد يعد أمراً مهماً بالنسبة إلى أعضاء الجماعة، فكان اليهودي إما أن يشتريه مدى الحياة، أو يستأجره. ولا تزال عادة شراء المقاعد للصلاة في المعبد قائمة في المعابد الأرثوذكسية، وإن كانت هناك مقاعد بالمجان لمن يثبت عجزه المالي شريطة أن يواظب على حضور الصلوات.

 

ولا يوجد طراز معماري خاص بالمعبد يمكن أن نسميه «الطراز اليهودي». فالطراز المعماري للمعبد اليهودي يختلف باختلاف الحضارة الأم التي ينتمي إليها اليهود. وقد تأثرت المعابد اليهودية بالطراز الهيليني إبان المرحلة الهيلينية، فمعبد ديورا يوروبوس مزين بكثير من لوحات الفسيفساء المحلاة بصور أشخاص ومناظر من العهد القديم على الطراز الهيليني، بحيث يوجد تَناظُر بين شخصيات العهد القديم والشخصيات الأسطورية الهيلينية. كما كانت توجد رسوم للأفلاك والأرواح والرسوم النباتية.

 

وقد انتكست حركة بناء المعابد اليهودية بعد أن قامت الإمبراطورية الرومانية بتبنِّي المسيحية ديناً. ولكن أعضاء الجماعات اليهودية عاودوا البناء بعد حركة الفتوح الإسلامية، فبُنيَت بعض المعابد المهمة على الطراز الأندلسي في الأندلس (أثناء حكم العرب في شبه جزيرة أيبريا) وبُنيت أيضاً المعابد المهمة في أوربا وتأثرت بالطرازين القوطي والباروك، ولقد كان معبد كراكوف في بولندا أكبر معابد أوربا (في القرنين 13 و14). والطراز المعماري للمعابد اليهودية ينحو منحى حديثاً سواء في الشرق أم الغرب.

 

ويظهر أثر يهود الخزر في المعابد الخشبية التي أقيمت في الشتتلات اليهودية في بولندا، فقد أقيمت وفق طراز الباجودان (الباجودا) الذي يعود تاريخه إلى القرنين الخامس عشر والسادس عشر، وهو طراز مختلف تماماً عن كل من طراز العمارة المحلية، وطراز البناء المستعمل لدى اليهود الغربيين والمتكرر بعد ذلك في جيتوات بولندا. كما تختلف الزخارف الداخلية لأقدم معابد الشتتل اختلافاً تاماً عن نمطها في الجيتو الغربي، فقد كانت جدران معبد الشتتل تُغطَّى بالزخارف العربية الإسلامية، وتُصوَّر عليها الحيوانات التي تبيِّن التأثير الفارسي الموجود في المشغولات الفنية للخزر المجريين.

 

كما كان تقسيم المعبد وشكله من الداخل يختلفان باختلاف المذهب الديني. فالمعابد اليهودية الحسيدية متناهية البساطة لأن حياة الشخص نفسه تُعدُّ ضرباً من العبادة، والمعبد الحسيدي مكان للتجمع وحسب، وتُسمَّى المعابد الحسيدية «شتيبليخ»، وهي كلمة يديشية تعني «الغرفة الصغيرة». وفي المعابد اليهودية الأرثوذكسية، يُفصَل الرجال عن النساء في الصلاة على خلاف المعابد الإصلاحية والمحافظة. وقد سَمَّى القرّاءون المعبد «بيت هشتحفوت» أي «موضع السجود» أو «مسجد». وقد أدخل الإصلاحيون عنصر الموسيقى وتبعهم في ذلك المحافظون وبعض الأرثوذكس. وباستثناء الفلاشاه والسامريين، لا يخلع اليهود نعالهم في المعبد اليهودي أو أثناء أداء الصلاة. ولم يكن السفارد يسمحون للإشكناز بالصلاة في معابدهم، وحينما سُمح لهم، فإنهم كانوا يصلون وراء حاجز خشبي (محيتساه) يفصلهم عن السفارد، ولا تزال هذه العادة معمولاً بها بين يهود الهند.

 

وقد حاول دعاة التنوير بين اليهود إدخال شيء من النظام والوقار على المعبد اليهودي والصلاة اليهودية. وقد ظهر هذا في معمار المعابد الإصلاحية، فهي عبارة عن بناء فخم يشبه الكنائس أو الكاتدرائيات، لا تُمارَس فيه إلا الصلوات والعبادات، وهو يُسمَّى «تمبل temple» (وليس «سيناجوج») وهو المصطلح القديم الذي كان يُستخدَم للإشارة إلى هيكل سليمان تعبيراً عن تَقبُّل اليهود لشتاتهم أو انتشارهم في العالم كحالة نهائية.

 

وفي بداية القرن الحالي، حاولت المعابد الفصل بين النشاط الديني والأنشطة الاجتماعية والدراسية بحيث يكون المعبد مقصوراً على العبادة، على أن تُمارَس الأنشطة الأخرى خارجه. وهذا تطبيق عملي للشعار الإصلاحي الاندماجي: يهودي في المنزل أو المعبد أو الحياة الخاصة، مواطن في الشـارع، أي في المجتمـع ككل أو في الحياة العامة. وقد حذت المعابد الأرثوذكسية، في هذا المضمار، حذو المعابد الإصلاحية والمحافظة. ولكن، يُلاحَظ أن هذا الوضع بدأ يتغيَّر، حيث أصبحت المعابد تضم نوادي اجتماعية ومكتبات تضطلع بوظائف جديدة لم تعهدها المعابد اليهودية من قبل؛ مثل تنظيم الرحلات وبناء الصالات الرياضية المغلقة وحمامات السباحة والمسارح وغيرها وكل هذا يُوسِّع ولا شك رقعة النشاط الإثني للمعابد. وتشجع الحركة الصهيونية إنشاء مثل هذه المعابد في الوقت الذي يزداد فيه أعضاء الجماعات اليهودية علمنة وابتعاداً عن الدين، لأنها تصبح مراكز لتقوية الوعي القومي على حساب الإيمان الديني، كما أن الحاخام تَحوَّل إلى متحدث باسم الحكومة الإسرائيلية والحركة الصهيونية. وكثيراً ما يُوضَع علم إسرائيل داخل المعبد. وربما يكون هذا تنفيذاً لرؤية كابلان (زعيم اليهودية التجديدية) الذي طالب بإنشاء حياة يهودية عضوية تدور حول المعبد وتعبِّر عن نفسها من خلال النشاط الصهيوني والنشاط التربوي، على أن يقود الجماعة اليهودية ممثلون مُنتخَبون لا حاخامات مدربون، الأمر الذي يعني صهينة أو علمنة حياة اليهودية بشكل تام. ومع هذا، يُلاحَظ أن الدولة الصهيونية، بامتصاصها أموال المعونات اليهودية أو الجزء الأكبر منها، تضطر بعض المعابد إلى إغلاق أبوابها في نيويورك وفي غيرها من المدن الأمريكية، وإن كان السبب الأساسي في هذا هو تزايد معدلات العلمنة. كما أن حركة أعضاء الجماعة اليهودية داخل الولايات المتحدة (من الساحل الشرقي وشيكاغو إلى ولايات فلوريدا وكاليفورنيا وغيرهما) تؤدي إلى إغلاق المعابد. ومع هذا، لا يمكن اعتبار عدد المعابد مؤشراً على معدلات التدين. فأحياناً يزداد عدد المعابد لا بسبب تزايد تَمسُّك أعضاء الجماعة اليهودية بعقيدتهم، وإنما بسبب انقسامهم إلى جماعات إثنية متناحرة يرفض أعضاؤها أن يقيموا الصلاة إلى جوار بعضهم بعضاً. وبناء المعبد في مثل هذه الحالة، ليس تعبيراً عن التقوى وإنما هو تعبير عن الرغبة في الاحتفاظ بالهوية الإثنية.

 

وتوجد في الحاضر معابد للشواذ جنسياً ومعابد أخرى مقصورة على النساء (تحت ضغط حركة التمركز حول الأنثى)، كما أن هناك معابد من كل لون وشكل. وقد أسس القوادون والبغايا في الأرجنتين معابد يهودية بعد أن طردتهم القيادة الدينية من حظيرة الدين (حيريم)!

وتوجد في إسرائيل معابد يهودية من كل طراز، فكل جماعة يهودية هاجرت إليها أخذت معها تراثها الديني والحضاري الذي انعكس على طراز المعبد وعلى طريقة الصلاة. وقد سبَّب هذا التعدد والتنوع مشكلة للجيش الإسرائيلي، فتوفير المعبد وأسلوب الصلاة الخاصين بكل جندي أمر عسير للغاية بل مستحيل، وخصوصاً أن الجيش هو بوتقة الصهر الحضاري والأساسي فيها. ولتَخطِّى هذه الصعوبة، حاول الجيش أن يُطوِّر طرازاً موحداً للمعابد، وأسلوباً موحَّداً للصلاة، أي أن الجيش الإسرائيلي (خير مفسر للتوراة على حد تعبير بن جوريون) ساهم في توحيد المعابد والصلوات بالنسبة إلى الجيل الجديد. ويبلغ عدد المعابد في إسرائيل في الوقت الحاضر نحو ستة آلاف معبد، تمولها جميعاً وزارة الشئون الدينية. ومعظم المعابد أرثوذكسية، وإن كانت هناك معابد قليلة تتبع المذهبين الإصلاحي والمحافظ. ويُلاحَظ أن المعابد فقدت كثيراً من وظائفها التقليدية نظراً لأن الدولة تضطلع بها من خلال دار الحاخامية وأجهزتها المختلفة. كما أن العلمنة المتزايدة للحياة في إسرائيل أنقصت عدد رواد المعابد بشكل ملحوظ.

 

وأثناء الصراع الناشب بين الدينيين والعلمانيين في إسرائيل، قام اللادينيون بحرق معبد يهودي، الأمر الذي كان له صدى سلبي بين يهود العالم لأن الهجوم على المعابد اليهودية وحرقها مرتبط في وجدان أعضاء الجماعات اليهودية بالنازيين والمعادين لليهود. كما أن أحدهم وضع رأس خنزير داخل المعبد.

  • السبت PM 12:02
    2021-04-24
  • 2089
Powered by: GateGold