المتواجدون الآن

انت الزائر رقم : 413596
يتصفح الموقع حاليا : 202

البحث

البحث

عرض المادة

مصطلح اليهودية - وبعض الاشكاليات

اليهودية: المصطلح
Judaism: Term
يشير اليهود إلى عقيدتهم بكلمة «توراة». أما مصطلح «اليهودية» فيبدو أنه قد ظهر أثناء العصر الهيليني للإشارة إلى ممارسات اليهود الدينية لتمييزها عن عبادات جيرانهم. وقد سك هذا المصطلح يوسيفوس فلافيوس ليشير إلى العقيدة التي يتبعها أولئك الذين يعيشون في مقاطعة يهودا (مقابل «الهيلينية» أي عقيدة أهل هيلاس   Hellas   وهكذا بدأ المصطلحان كتسمية للمقيمين في منطقة جغرافية ثم أصبحا يشيران إلى عقيدتهم). أما الأصل العبري «يهدوت»، فيعود إلى العصور الوسطى.


وقد أصبحت كلمتا «يهودية» و«توراة» كلمتين مترادفتين، ولكن ثمة اختلافات دقيقة بينهما. فمصطلح «اليهودية» يؤكد الجانب البشري، بينما يؤكد مصطلح «التوراة» الجانب الإلهي. ولذا، يمكن الحديث عن «اليهودية العلمانية» بينما يصعب الحديث عن «التوراة العلمانية». ومن الجدير بالذكر أن المصطلح الشائع في الولايات المتحدة والعالم هو «اليهودية»، أما مصطلح «توراة» فقد اختفى تقريباً إلا بين المتخصصين والأرثوذكس. كما تشير كلمة «التوراة» إلى الجوانب الثابتة اللادنيوية في اليهودية، ويُستخدَم مصطلح «يهودية» للإشارة إلى الجوانب التاريخية المتغيّرة وإلى تفاعُل اليهودية مع الحضارات الأخرى. ومن هنا، يمكن الحديث عن «اليهودية الحاخامية» و«اليهودية الهيلينية»، ولا يمكن الحديث عن «التوراة الحاخامية» مثلاً. ويرى دارسو الدين اليهودي أن إطلاق مصطلح «يهودية» على تلك المرحلة من تاريخ اليهودية التي تسبق تدوين العهد القديم يتضمن تناقضاً تاريخياً، فهي مرحلة سديمية لم تكن قـد تشـكلت فيها بعد معالم اليهـودية، ولم يكـن العبرانيون فيها قد صاروا يهوداً، ولذا فنحن نطلق على تلك المرحلة «مرحلة عبادة يسرائيل»، ثم «العبادة القربانية المركزية» بعد تأسيس الهيكل. وتُشير أدبيات جماعة الناطوري كارتا إلى «يهودية التوراة» (بالإنجليزية: توراه جودايزم Torah Judaism) بمعنى «اليهودية الأصلية» أو «اليهودية الأرثوذكسية»، وهم يفضلون استخدام مصطلحهم لأنه قد ولِّد من داخل المنظومة اليهودية، على عكس كلمة «أرثوذكسية» ذات النكهة المسيحية.

اليهـــودية: بعض الإشـكاليات
Judaism: Some Problematics
للنسق الديني اليهودي سمات جوهرية مقصورة عليه تفصله عن العقائد التوحيدية الأخرى، وتثير قضايا إشكالية عميقة. ويمكن إيجاز بعض هذه السمات فيما يلي:


1 ـ تتميَّز اليهودية، كنسق ديني، بعدم تجانسها نظراً لظهورها في مرحلة متقدمة نسبياً من التاريخ ونظراً لاستيعابها كثيراً من العناصر الدينية والحضارية من سائر الحضارات التي وُجدت فيها، فقد استوعبت الكثير من العناصر من الحضارات المصرية والآشورية. ثم تأثرت تأثراً عميقاً بالإسلام والمسيحية، وبخاصة بعد سقوط الهيكل واختفاء أي مركز ديني أو زمني لليهودية (أو اليهود). وقد تأثر مؤلفو التلمود وكتب القبَّالاه بالعقائد الشعبية والخرافية، وكل هذا جعل اليهودية تشبه التركيب الجيولوجي الذي تَشكَّل من خلال تراكم عدة طبقات، الواحدة فوق الأخرى. ونظراً لعدم التجانس، ولاحتواء اليهودية على عناصر شتى، نجد أن من الصعب تعريف هوية اليهودي. فمن الممكن، حسب الشريعة اليهودية، أن يكون المرء ملحداً ويهودياً معاً في الوقت نفسه نظراً لأن الشريعة ترى أن اليهودي هو من وُلد لأم يهودية، وهذا أمر لا يوجد في المسيحية ولا في الإسلام، حيث تنتفي صفة الانتماء للدين إذا أنكر الإنسان وجود الإله، حتى ولو وُلد لأبوين مسيحيين أو مسلمين.
2 ـ رغم وجود تقاليد شفوية في كثير من العقائد والديانات، إلا أن اليهودية تتسم بأن تقاليدها الشفوية أصبحت أكثر من مجرد تقاليد، فقد أصبحت «شريعة شفوية» تعادل «الشريعة المكتوبة» في المنزلة، بل تتفوق عليها وتجبُّها.

3 ـ رغم أن العقيدة اليهودية تتضمن نزعة توحيدية قوية، إلا أن معدلات الحلولية أخذت تتصاعد داخلها حتى أصبحت الطبقة الحلولية (داخل التركيب الجيولوجي التراكمي اليهودي) أهم الطبقات طراً، وانتهى الأمر بأن هيمنت الحلولية على العقيدة اليهودية فأصبحت عقيدة توحيدية اسماً، حلولية فعلاً، وأصبحت عقيدة ذات نزعة غنوصية قوية.

4 ـ استولت الصهيونية على العقيدة اليهودية تماماً بحيث خلقت في ذهن الكثيرين ترادفاً شبه كامل بين الصهيونية واليهودية، رغم أن آباء الصهيونية الأوائل كانوا من الملاحدة. وقد نجحت الصهيونية في تطوير خطاب حلولي مراوغ سمح بتجنيد اليهود الأرثوذكس.

وثمة إشكاليات أخرى وثيقة الصلة بالثلاث التي ذكرناها (مثل: العالمية والتبشير ـ اليهودية الإلحـادية) سنتناولها طي هـذا المجلد، وسنكتفي بتناول الإشكاليات الثلاث التي أشرنا إليها في هذا الجزء، باعتبارها أهم الإشكاليات.

  • الاربعاء PM 02:59
    2021-04-21
  • 750
Powered by: GateGold