المتواجدون الآن

انت الزائر رقم : 411879
يتصفح الموقع حاليا : 264

البحث

البحث

عرض المادة

سددوا وقاربوا

 

سددوا وقاربوا

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه.

أما بعد:

 فنصوص الكتاب والسنة قد خرجت من مشكاة واحدة  وقد وُصف النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم بقوله تعالى:

 ( ومّا يّنطٌقٍ عّنٌ الهّوّى" (3) إنً هٍوّ إلاَّ وحًيِ يٍوحّى" (4) ) [النجم: 3  4]

  والسُّنَّة لها شأن مع القرآن فأحيانًا تُخصص العام أو تُقيد المطلق  أو تفصل المجمل  وقد تأتي بأحكام غير موجودة في القرآن  قال تعالى: ( وأّّنزّلًنّا إلّيًكّ پذٌَكًرّ لٌتٍبّيٌَنّ لٌلنَّاسٌ مّا نٍزٌَلّ إلّيًهٌمً ) [النحل: 44]

 أي ما نزل إليهم من القرآن. ومن جملة هذا البيان مطابقة السُّنَّة للقرآن  فالقرآن يأمرنا ( فّاتَّقٍوا پلَّهّ مّا  سًتّطّعًتٍمً ) [التغابن: 16]

والسنة تقول: «سددوا وقاروبوا» أي لابد من بذل الوسع في التزام ما حثنا عليه سبحانه وأمر  والانتهاء عن كل ما نهى عنه وزجر  فالذي لا نستطيع تتميمه (100%)  لا نتركه صفرًا  بل الواجب العمل من باب ما لا يُدرك كله لا يُترك جله ( لا يٍكّلٌَفٍ پلَّهٍ نّفًسْا إلاَّ وسًعّهّا ) [البقرة: 286].

 وفي الحديث الصحيح: «ما أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم وما نهيتكم عن شيء فاجتنبوه». فالتخلية قبل التحلية  وإذا كانت الواجبات تسقط بالعذر والعجز وعدم الاستطاعة - وهذا من رحمة الله بخلقه - فإن النواهي تتطلب حيطة شديدة  وحذرًا من تخطى الحواجز التي تؤدي لمواقعة الحرام  انظر لتحريم الزنى - على سبيل المثال - تجد أن إطلاق النظر والخلوة بالأجنبية  والسفر بدون محرم  و الخضوع بالقول والتبرج والاختلاط.. كل ذلك حرام  فكل ما أدى إلى الحرام فهو حرام. ويبقى التفريق بين حالات الاضطرار وحالات الاختيار  إذْ الضرورات تُبيح المحظورات  وتُقدر بقدرها  كإباحة أكل الميتة لمن أشرف على الهلاك  وإباحة شرب الخمر لدفع الغصة  إذا لم يجد العبد مباحًا يستدفع به الهلكة عن نفسه. وربنا يحب أن تؤتى رخصه كما يحب أن تؤتى عزائمه كرخصة ترك القيام عند العجز «صلِّ قائمًا  فإن لم تستطع فقاعدًا  فإن لم تستطع فعلى جنب» وإباحة الفطر في رمضان للمريض والمسافر  ويجب القضاء بعد ذلك  والرخصة للشيخ الكبير والمرأة العجوز والمريض مرضًا مزمنًا في الفطر وإطعام مسكين عن كل يوم . كما لابد من إعذار العباد فيما عذرهم فيه ربهم كالخطأ والنسيان وما استُكرهوا عليه  قال تعالى: ( رّبَّنّا لا تٍؤّاخٌذًنّا إن نَّسٌينّا أّوً أّخًطّأًنّا ) [البقرة:286]  وقال سبحانه: ( ولّيًسّ عّلّيًكٍمً جٍنّاحِ فٌيمّا أّخًطّأًتٍم بٌهٌ ولّكٌن مَّا تّعّمَّدّتً قٍلٍوبٍكٍمً ) [الأحزاب: 5].

 وقد أُبيح النطق بالكلمة الخبيثة تحت ظروف الاستكراه

 ( إلاَّ مّنً أٍكًرٌهّ وقّلًبٍهٍ مٍطًمّئٌنَِ بٌالإيمّانٌ ) [النحل: 106]

 وقال تعالى في إماء ابن سلول  ومن كنَّ على شاكلتهن ( فّإنَّ پلَّهّ مٌنً بّعًدٌ إكًرّاهٌهٌنَّ غّفٍورِ رَّحٌيمِ <33> ) [النور: 33]

 وكان ابن سلول المنافق يستكرههن  على البغاء. وهذه المعاني من رحمة الله بخلقه  ومن معالم التيسير والتخفيف ورفع الحرج عن الخلق والعباد والأمر بالتسديد والمقاربة نُدرك قيمته وخصوصًا مع غياب الشريعة واشتداد معالم الغربة  وقلة من يُعين على طاعة رب العالمين  فليس العاقل الذي يعلم الخير من الشر  ولكن العاقل الذي يعلم خير الخيرين وشر الشرين  وامتثال هذا الأمر يكون بمراعاة ميزان المصالح والمفاسد والحسنات والسيئات  فشرع الله مصلحة كله  وحيثما كانت المصلحة فثمّ شرع الله. والشرع قد أتى بالتزام أعظم المصلحتين وترك أدناهما إذا لم يمكن الجمع بين المصالح  ودرء أعظم المفسدتين بالتزام أدناهما  إذْ لم يمكن درء وتجنب المفسدتين  ودرء المفاسد مقدم على جلب المصالح  وهذا المعنى يُرد لعلماء الأمة المعتبرين  إذْ هم أقدر الخلق على معرفة المعقول والمنقول  وعلى وزن الأمور بميزانها الصحيح  بعيدًا عن الأهواء والآراء والخبرات التي تصادم نصوص الوحيين   قال تعالى: ( ولّوً رّدٍَوهٍ إلّى پرَّسٍولٌ وإلّى" أٍوًلٌي الأّمًرٌ مٌنًهٍمً لّعّلٌمّهٍ پَّذٌينّ يّسًتّنبٌطٍونّهٍ مٌنًهٍمً )

 [النساء: 83]

 ( فّاسًأّّلٍوا أّّهًلّ پذٌَكًرٌ إن كٍنتٍمً لا تّعًلّمٍونّ <43> ) [النحل: 43].

 ولا يجوز تتبع الرخص  فمن تتبع رخص المذاهب تجمع فيه الشر كله  فكيف بمن تتبع زلات العلماء  ولكل جواد كبوة ولكل عالم زلة  وكل إنسان يُؤخذ من قوله ويُترك إلاَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم. تبرز قيمة هذه العبارة «سددوا وقاربوا» وأنت جالس في الحرم  وخصوصًا في موسم الحج  تُشاهد خلل الصفوف والفرجات بين الأقدام  وترى تقدم النساء على الرجال  وصلاة الناس قدام الإمام  قد تنصح وتقول استقيموا يرحمكم الله لا تدعوا فرجات للشيطان  حاذوا بين المناكب والأقدام  خير صفوف الرجال أولها  وشرها آخرها  وخير صفوف النساء آخرها  وشرها أولها  وقد تحتاط أنت فتُسوّي هذا الصف  وتسُدّ هذه الفرجة  على قدر استطاعتك  ولو أردت تكميل الأمر تفوتك الصلاة  ولا تبلغ ما أردت  ولكن يبقى بذل الوسع  واستحضار النوايا الطيبة. وقد استدل شيخ الإسلام ابن تيمية بحديث أم ورقة  وكانت تؤم أهل بيتها  بأنه يجوز للمرأة أن تؤم الرجل إذا كانت هي القارئة ولم يكن في أهل بيتها قارئ  كما يجوز للرجل أن يتقدم على الإمام للعذر والحاجة  كأن يضيق المسجد بالمأمومين مثلاً  وأم ورقة لم تكن تتقدم عندما تؤم. وفي الحج قد ينزل الناس خارج منى  لامتلائها وازدحامها  وهذا أيضًا مأخوذ من القواعد العامة برفع الحرج وامتلاء المسجد بالمصلين  واتصال الصفوف  فإذا فصل بين الإمام والمأموم بحر فلا حرج  وضابط الائتمام رؤية أو سماع. قد لا يستطيع الإنسان تأدية فريضة الحج لسبب أو لآخر  قلة ذات اليد  أو الديون  أو المرض  أو فقدان المحرم بالنسبة للمرأة  أو عدم القدرة على الحصول على أجازة .. ولكن عندما يتذكر «سددوا وقاربوا» تنبعث النوايا الطيبة والدعوات الصالحة  وتتعلق القلوب بربها  فنية المرء أبلغ من عمله  وكان عمر   يقول: إني لا أحمل همَّ الإجابة  ولكن أحمل هم الدعاء  فإن العبد إذا أُلهم الدعاء  فإن الإجابة معه  ( وقّالّ رّبٍَكٍمٍ  دًعٍونٌي أّسًتّجٌبً لّكٍمً ) [غافر:60].

حاجتك وحاجة الخلق بيده سبحانه ( إنَّمّا أّمًرٍهٍ إذّا أّرّادّ شّيًئْا أّن يّقٍولّ لّهٍ كٍن فّيّكٍونٍ <82> ) [يس: 82] وهو القدير سبحانه  لا يعجزه شيء  فكيف تُبَخِل الرب الكريم  أوقع حاجتك به  فالعوائق تزول  والحاجة قد تعجل  وقد تؤجل  وقد يُستدفع عنك من الشر والسوء بمثل ما دعوت. وإن لم تحج العام  فقد وقع أجرك على الله فسدد وقارب  وفي حديث الرجل الذي قتل تسعة وتسعين نفسًا  وكمّل المئة بالراهب الذي قال له: لا أعلم لك توبة  ثم لما دُلَّ على رجل عالم قال: من يحول بيك وبين التوبة  انطلق إلى أرض كذا  فإن بها أناسًا صالحين يعبدون الله  فاعبد الله معهم  فلما توسط به الطريق جاءه ملك الموت  فاختصمت فيه ملائكة الرحمة وملائكة العذاب  فوجدوه إلى الأرض التي أراد أقرب  فقبضته ملائكة الرحمة. وفي بعض الروايات: أنه نأى بصدره إلى الأرض التي أراد. فهذا الرجل تاب إلى الله وبذل وسعه في ترك الأرض التي عمل فيها بمعصية الله والانتقال إلى الأرض الطيبة التي دُلَّ عليها  وحُسم الاختصام بهذا الشبر الذي دفع بصدره إليه عندما جاءه ملك الموت فغُفر له  وهذا من خيرات وبركات التسديد والمقاربة.  قد لا نستطيع إقامة المجتمع المسلم الذي ينصبغ بصبغة الإسلام في سياسته واقتصاده واجتماعه وأخلاقه  ولكن مع التسديد والمقاربة والاستعانة بالله وتضافر الجهود - نُقرب الأمة من رضوان ربها  وإن لم تملك غيرك  فأنت تملك نفسك  قال نبيُّ الله موسى  :

( رّبٌَ إنٌَي لا أّمًلٌكٍ إلاَّ نّفًسٌي وأّخٌي ) [المائدة: 25].

 فأقمْ هذه النفس وفق شرع الله واسعَ في تعبيد الدنيا بدين الله ( لا تٍكّلَّفٍ إلاَّ نّفًسّكّ وحّرٌَضٌ المٍؤًمٌنٌينّ ) [النساء: 84]

 وهل المجتمع إلاَّ بمجموع أفراده ولبنانه  فلابد من تكثير الخير والصلاح  وتقليل الشر والفساد  وإذا كانت لك أسرة فابدأ بها ( وأّنذٌرً عّشٌيرّتّكّ الأّقًرّبٌينّ <214> ) [الشعراء: 214]

  «وكلكم راعٍ ومسئول عن رعيته» ( قٍوا أّنفٍسّكٍمً وأّهًلٌيكٍمً نّارْا وقٍودٍهّا پنَّاسٍ والًحٌجّارّةٍ ) [التحريم:6] «ولن تزول قدما ابن آدم من عند الله حتى يُسأل كل راعٍ عما استرعاه حفظ أم ضيع». بل حتى الأسرة التي نحرص على قيادتها بشرع الله قد تجد بعض الأعراف في المطعم والملبس والمسكن تستهوي الزوجة والأولاد تورث نوعًا من الطراوة  ولكن لا حرمة فيه  فإذا وسع الله عليك أوسع  وإذا أمسك عنك أمسك  ولكن تدرج  إذْ إخراج الناس عن أعرافهم فيه حرج ومشقة منتفية شرعًا  والنبيّ صلى الله عليه وسلم ما خُيّر بين أمرين إلاَّ واختار أيسرهما ما لم يكن إثمًا  فإذا كان فيه الإثم كان أبعد الناس عنه. وقد نقل الإمام القرطبي في تفسيره  أن بنت السلطان قد تحتاج لأكثر من خادم  فهل تستوي هي وغيرها  وتكلم العلماء على فسخ العقد إذا تزوجته غنيًا فافتقر  فقد لا تصبر على خشونة الحال وشظف العيش. وعلى كل حال فسدد وقارب  وإلاَّ فقد يكون هذا هو حالك مع أسرتك  وتتعلل مع نفسك بأن البيئة والنشئة والعرف والعادة قد أورثتك طباعًا تتطلب وقتًا ومجاهدة لتغييرها  فكيف يكون الأمر مع أمة ودولة. فلابد من قراءة السنن الكونية والشرعية

 ( والَّذٌٌينّ جّاهّدٍوا فٌينّا لّنّهًدٌيّنَّهٍمً سٍبٍلّنّا وإنَّ پلَّهّ لّمّعّ المٍحًسٌنٌينّ <69> ) [العنكبوت: 69]

 محض فضل وتوفيق من الله وانظروا كيف أُقيمت الدولة الإسلامية بالمدينة  فعلى العباد أن يأخذوا بالأسباب  حتى ينتقلوا من ضعف إلى قوة  ومن قوة إلى قوة  ومسيرة آلاف الأميال تبدأ بخطوة واحدة. وأيضًا قد لا نستطيع جهاد المشركين بالنفس ولا بالمال  ونسمع صرخات المسحوقين من المسلمين هنا وهناك  فما الذي يمنع من الدعاء لهم  وتوضيح المفاهيم لعموم الخلق  فمن لم يهتم بأمر المسلمين فليس منهم  وليس المعجوز عنه كالمقدور عليه  والمؤمن الذي لا صبر له على فوات الطاعات يصنع كما صنع السبعة الذين أرجعهم النبيُّ صلى الله عليه وسلم عن غزوة تبوك ( ولا عّلّى پَّذٌينّ إذّا مّا أّتّوًكّ لٌتّحًمٌلّهٍمً قٍلًتّ لا أّجٌدٍ مّا أّحًمٌلٍكٍمً عّلّيًهٌ تّوّلَّوًا وأّعًيٍنٍهٍمً تّفٌيضٍ مٌنّ پدَّمًعٌ حّزّنْا أّلاَّ يّجٌدٍوا مّا يٍنفٌقٍونّ<92> ) [التوبة:92]

  فمن حيل بينه وبين طاعة ربه لا يقول: «بركة يا جامع» بلغة الاستهانة  ولكن يُسدد ويُقارب. ومن ذلك أيضًا عندما نرى المعروف قد تُرك والمنكر قد ارتُكب  بل صار المعروف منكرًا  والمنكر معروفًا  فليس السبيل لاستعادة الحق المفقود غلبة الحماسات  فهذا مما تستفحل به الغربة  ولكن لابد من مراعاة الضوابط الشرعية  فإزالة المنكر لا يجوز أن تتم بمنكر أكبر  ولابأن نثبت هذا المنكر ونأتي بمنكر آخر  ولا أن نستجلب بذلك الأذى على الأهل والإخوان والأصدقاء  ولا بأن نُتلف النفس في غير مصلحة شرعية  ولذلك لم يقتل النَّبيّ صلى الله عليه وسلم ابن سلول المنافق  إذْ لو قتله لقالوا: محمدًا يقتلُ أصحابه  وهذه مفسدة أعظم. وقد بوّب البخاري - رحمه الله - «باب ترك الإمام بعض الأمور المختارة للمصلحة الراجحة»  واستدل على ذلك بحديث أم المؤمنين عائشة و «لولا أن قومك حديثو عهد بجاهلية لنقضتُ الكعبة ولأقمتها على قواعد إبراهيم  ولجعلت لها بابًا يدخل منه الناس وبابًا منه يخرجون» . فكان لابد من تسديد ومقاربة بمراعاة منهج الوسطية والاعتدال بعيدًا عن الإفراط والتفريط والغلو والجفو  مع وضع السنن الشرعية والكونية في الاعتبار  وأن الفتوى تُقدر زمانًا ومكانًا وشخصًا  ولا يصح النظر إلى جانب مع إغفال بقية الجوانب  فلابد من نظرة شمولية للمسائل  وتقديم الأهم على المهم أمر واجب في العلم والعمل والدعوة إلى الله ولن يقوم بهذا الأمر إلاَّ من حاطه من جميع جوانبه. قد يُصلي الإنسان في الحرم  والرجال والنساء يمرون بين يديه  رغم أنه اتخذ لنفسه سترة  ولا يستطيع دفعهم ولا منعهم من المرور  للحرج البالغ وخصوصًا مع اشتداد الزحام  ويكثر الكلام على صلاة النَّبيّ صلى الله عليه وسلم أمام الكعبة  والناس يمرون بين يديه  وهو حديث ضعيف من رواية كثير بن أبي كثير  والصحيح أن المسجد الحرام له حكم سائر المساجد في هذه المسألة  ولكن يبقى مراعاة مقتضى الحال  وأنه لا تكليف إلاَّ بمقدور  والمشقة قرينة التخفيف  ولذلك يُقال: «سددوا وقاربوا» واستعينوا بالله ولا تعجزوا. أتقنوا العمل قدر استطاعتكم  فالله يحب إذا عمل أحدكم عملاً أن يُتقنه  وهو سبحانه أحق أن يُطاع فلا يُعصى  فاسعوا طلبًا للكمالات والجمالات  و تابعوا الفرائض بالنوافل والواجبات بالمستحبات.. وقدوتنا وأسوتنا في ذلك كله هو النَّبيّ صلى الله عليه وسلم ( لّقّدً كّانّ لّكٍمً فٌي رّسٍولٌ پلَّهٌ أٍسًوّةِ حّسّنّةِ لٌَمّن كّانّ يّرًجٍو پلَّهّ والًيّوًمّ الآخٌرّ وذّكّرّ پلَّهّ كّثٌيرْا<21> ) [الأحزاب: 21]

 ومـع تقـوى الله والتـوكـل عليه والإنابة إليه  سنجد بإذن الله التسديد والتوفيق ( ومّن يّتَّقٌ پلَّهّ يّجًعّل لَّهٍ مّخًرّجْا (2) ويّرًزٍقًهٍ مٌنً حّيًثٍ لا يّحًتّسٌبٍ ) [الطلاق: 2  3]

  ( ومّن يّتَّقٌ پلَّهّ يّجًعّل لَّهٍ مٌنً أّمًرٌهٌ يٍسًرْا (4) ) [الطلاق:4] 

( ومّن يّتّوّكَّلً عّلّى پلَّهٌ فّهٍوّ حّسًبٍهٍ )  [الطلاق: 3].

 نعم  الأوقات قليلة والواجبات كثيرة  فأنت المطالب بالعلم النافع والعمل الصالح والدعوة إلى الله وعندك بيت وأسرة وأولاد  فلابد من السعي للكسب والمعاش  كما لابد من بر الوالدين... فسدد وقارب  واستعنْ بالله وأحسن الظن بربك  فهو عند ظن عبده به  ومن تقرّب من ربه شبرًا  تقرب منه ذراعًا   ومن تقرب منه ذراعًا تقرب منه باعًا  ومن آتاه يمشي  أتاه هرولة  ومن بطأ به عمله لم يُسرع به نسبه  ولا يجعل الله عبدًا سارع إلىه كعبدٍ أبطأ عنه. ثم اعلم أنك مع التسديد والمقاربة  والحرص على متابعة منهج الأنبياء والمرسلين  والاستنان بسنن سيد العالمين  والسعي للحاق بركب الأفاضل من الصحابة والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين  قد لا تبلغ مُدّ واحد من الصحابة ولا نصيفه  وتشعر أنك من وراء وراء  ولكن تبقى البشارات  فالمرء يُحشر مع من أحب  ونحن نُحب الصالحين ونرجو أن يحشرنا ربنا في زمرتهم  و أن نكون مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقًا  وقد قال ربيعة ابن كعب لرسول الله صلى الله عليه وسلم : أسألك مرافقتك في الجنة  فقال: «أعني على نفسك بكثرة السجود»  ولما قال النبيّ صلى الله عليه وسلم للأعرابي: «إن الساعة لآتية فماذا أعددت لها؟» قال: ما أعددت لها كبير صلاة ولاصيام  غير أني أُحب الله ورسوله  قال له النبيّ صلى الله عليه وسلم: «فإن المرء يُحشر مع من أحب» يقول أنس   - راوي الحديث - فما فرحنا بشيء فرحنا بهذا الحديث. ومع الدعوات الصالحات والنوايا الطيبات  تدرك بإذن الله الخيرات والبركات  فمن سأل الله الشهادة بصدق بلَّغه الله منازل الشهداء  وإن مات على فراشه  وقد ورد: «إن بالمدينة أقوامًا ما سرتم مسيرًا ولا سلكتم واديًا إلاَّ شاركوكم الأجر»  قالوا: وكيف ذلك يا رسول الله؟ قال: «حبسهم العذر». فاللهم وفّقنا بتوفيقك  وسددنا بتسديدك  واجعل عملنا في رضاك خالصًا لوجهك الكريم  وتوفنا مسلمين غير خزايا ولا مفتونين.

وآخر دعوانا أن الحمد و رب العالمين.

  • الاثنين PM 03:45
    2021-03-29
  • 1703
Powered by: GateGold