المتواجدون الآن

انت الزائر رقم : 413596
يتصفح الموقع حاليا : 213

البحث

البحث

عرض المادة

تصاعد اليمين المتطرف في أوربا وذكريات الشيوعية

"إنَّ سقوط مقاعد برلمانيَّة في أيدي المتطرِّفين يُمثِّل أكبر هزَّة في القارة الأوربية منذ انحسار الشُّيوعية".

 

بهذه العبارة افتَتَحت مجلَّة "نيوزويك" الأمريكية مقالاً لها حمَل عنوان "صعود اليمين"، والذي سلَّط الضوء على مدى شعبيَّة اليمين المتطرِّف في السويد وأوربا بوجْه عامٍّ، وتداعيات هذا الأمر.

 

واعتبرت "النيوزويك" أنَّ فوز اليمين المتطرِّف في السويد بـ20 مقعدًا يكشف عن الاتِّجاه المتوقَّع لمستقبل أوربا بأَسْرها، فعلى مدى عقود كان التوجُّه السويدي المختلط في قضايا مثل: التِّجارة الحُرَّة، والتضامن الاجتماعي، يُعدُّ النُّموذج الذي تسير وراءه بقية أوربا.

 

ولكن السويد هذه المَرَّة تَبِعَت جيرانها الأقلَّ نجاحًا، والذين أداروا ظهورهم للسِّياسة التقليدية، والتي تتأرجح كالبندول بين يمين يعمل على حرِّية التجارة، ويسار يسعى للحفاظ على الضَّمان الاجتماعي؛ ليصبح الهاجِس من فقدان الهويَّة السويدية، والغضب من "المهاجرين الدُّخَلاء الذين يهدِّدونها"، ورقةً رابحة في اللُّعبة الانتخابية.

 

• سياسة جديدة لأوربا:

 

وقالت المجلَّة: إنَّ القارة الأوربية تشهد وصولَ شُرَكاء سياسيِّين جُدُد، فخلال العِقْد الماضي كانت التوجُّهات المتطرِّفة على هامش الحياة السِّياسية، ولا تعبِّر عن نفسها إلاَّ في احتجاجات الشَّوارع، ولكنَّها الآن أصبحتْ قُوَّة برلمانية.

 

فلم تقتصر نتائجُ الانتخابات على تراجع "الحزب الاشتراكي الدِّيمقراطي"، الذي يُمَثِّل يسار الوسط أمام "حِزْب المحافظين" الذي يمثِّل يمين الوسط، ولكنَّ المفاجأة كانت في دخول حزب السويد الديمقراطي المتطرِّف إلى البرلمان، وهو الأمر الذي وقف حائلاً دون تشكيل "حزب المحافظين" للحكومة.

 

وركَّزت جميع الأحزاب المشاركة في الانتخابات في وعودها الانتخابية على تحقيق مزيد من الرَّفاهية والتقدُّم للناخبين، ووعَدَت كذلك بتخفيض الأعباء الضَّريبيَّة عن كاهل المواطنين، لكن حزب السويد الديمقراطي العنصري توعَّد بتكريس العداء للمُسْلِمين والحدِّ من الهجرة، والتحذير مما يسمُّونه "أسطورة أورابيا" التي تروِّج لأنَّ قارة أوربا ستصبح عربيَّة إسلامية في غُضون عقود قليلة إذا استمَرَّت معدَّلات النُّموِّ السُّكاني على وضعها الحالي.

 

وتَمضي المجلَّة في تقييم صعود اليمين في أوربا، مؤكِّدة على أنه لم يَعُد من الممكن التَّهوينُ من قدرة اليمين المتطرِّف على كسب الأصوات، وهو ما يُنذر بأن أوربا أصبحت أرضًا خصْبة لِتَنامي نفوذ العنصرية والتطرُّف اليميني.

 

ففي الانتخابات الأخيرة في فرنسا جذَبَت (الجبهة الوطنية) 11.9% من أصوات الناخبين، وفي إيطاليا حصَدَت (رابطة الشمال) 8.3%، بينما حَقَّق "حزب الحُرِّية" الهولنديُّ بزعامة النائب المتطرِّف "جيرت فليدرز" 15.5% من الأصوات؛ ولقد حمَل أحد أنصاره لافتةً كتب عليها "جيرت أكبر"، في تحدٍّ واضح لمشاعر ومقدَّسات المسلمين الذين يقدِّسون ربَّهم بترديد عبارة: "الله أكبر".

 

وفي سويسرا حصل (حزب الشَّعب) 28.9%، وفي المجر حقَّقَت حركة جوبيك التي تُوصَف بأنها معادية للسامية 16.7%، وأخيرًا في النِّرويج حَقَّق حزب التقدُّم 22.9% من أصوات الناخبين.

 

كما شَهِدَت العديد من الدُّول، مثل: بلجيكا، ولاتفيا، وسلوفاكيا، وسلوفينيا، وجودَ أحزاب يمينيَّة كبيرة، وهو الأمر الذي لم يكن له وجود قبل عقد من الزمن.

 

• العداء للمهاجرين:

وتحت عنوان: (السويد تنضمُّ إلى الرَّكْب الأوربي المعارِض للهجرة)، اقتربت صحيفة الجارديان من الأسباب التي دَعَت بعض السُّويديين لتأييد حِزْبٍ عنصري وهو (حزب السويد الديموقراطي).

 

إحدى هذه النماذج كانت امرأة تُدْعَى "ماريا"، وتبلغ من العمر 66 عامًا، وقد اعتادت على التصويت لصالح يسار الوسط المتمثِّل في (الحزب الديمقراطي الاجتماعي)، شأنها في ذلك شأن الغالبية العظمى من سُكَّان ضاحية "مالمو".

 

ولكن "ماريا" - والتي رفضَت الكشف عن كُنْيتها - غيَّرَت عادتهَا في الانتخابات الأخيرة، وقرَّرَت التصويت لصالح اليمين المتطرِّف المعادي للإسلام، والذي تمكَّن من اقتحام البرلمان لأوَّل مرة، وهو الأمر الذي قد يقود البلاد إلى حكومة هَشَّة.

 

وقالت "ماريا" - وهي عاملةُ مَطْعم متقاعدة -: إنَّها ليست الوحيدة التي اختارت التصويت لليمين المتطرِّف، ففي ضاحية "المجاردين" اختار واحدٌ من كلِّ 3 أشخاص التصويت لحزب السويد الديمقراطي، والذي يوصَف بـ(العنصرية والنازية الجديدة).

 

أمَّا عن السبب فقد أرجَعَتْه المُسنَّة السويدية إلى السُّكَّان المجاورين في "روسنجارد" والذي بات يُعرَف بـ"الجيتو"، والذي يعيش فيه 20 ألف مهاجر، غالبيتهم مسلمون.

 

وقالت المرأة:" لقد أصبح الأمر جنونيًّا حولَنا، ولا يأمن المرء أن يَخرج في المساء، إنَّ هؤلاء الناس لا يُحبُّون قِيَمَنا، وإذا كانوا لا يحبُّون شكْلَ علَم السويد، فأنا سأساعدهم على حَزْم حقائبهم والرحيل".

 

ورغم كلِّ ذلك تزعم أنَّها ليست معادية للأجانب، فقد كانت متزوِّجة على مدى 40 عامًا من بلغاري، ولكنَّ المشكلة الحقيقية عندها في المسْلِمين الذين يحملون قِيَمًا مختلفة - على حدِّ وصفها.

 

وعبَّر مواطن آخَرُ عن تأثُّره بحزب السويد الديمقراطي وبزعيمه الشَّاب "جيمي إيكسون"، رغم بقاء ولائه ليسار الوسط، وقال: "حتَّى في مجاهل إفريقيا هم لا يَعْرفون أين هي السويد، ولكن ما يعرفونه أنَّ بإمكانهم المَجيءَ إلى هنا، والحصول على المال دون الحاجة إلى العمل".

 

وفي سياق مختلف صرَّحَت البرلمانية السابقة عن الحزب الاجتماعي الديموقراطي "مريم عثمان شرفاي" تقول: إنَّها خاضت الانتخابات النيابية؛ لأنَّها عانت كغيرها من المُسْلِمات من التَّمييز العنصري الذي تزداد وتيرته يومًا بعد يوم في أوربا، لا سيَّما المسلمون من أصول عربية وإفريقية.

 

• الرفض الشعبي لليمين المتطرف:

 

وفي اتِّجاه مُغايِر ذكَرَ موقع "جرين ليفت" أنَّ ردود الأفعال الشَّعبية والسياسية داخل السويد تشير إلى أنَّ العنصريِّين لا يَلْقَون قَبولاً داخل مجتمعاتهم؛ خرجت المظاهرات في شوارع "استوكهولم" لِمُناهضة اليمين المتطرِّف الذي استطاع دخول البرلمان للمرَّة الأولى في تاريخ السويد، وفي تلك الاحتجاجات تأكيد لمعاني التسامح والاعتدال.

 

كما أكَّدَ رئيس الوزراء الحالي "فريدريك راينفيلت" بعد فوز حزبه بدون أغلبية، على أنَّ الكتل السِّياسية الرئيسية تفضِّل التعاون مع بعضها البعض، بدلاً من تشكيل ائتلاف مع الحزب المعروف "بالعنصرية وكراهية الأجانب".

 

  • الخميس AM 12:14
    2021-02-11
  • 1132
Powered by: GateGold