المتواجدون الآن

انت الزائر رقم : 408989
يتصفح الموقع حاليا : 432

البحث

البحث

عرض المادة

موقف الإسلام من الشيوعية

موقِف الإسلام من الشيوعيَّة موقفٌ واضح وصريح، وهو الرفْض التام لكلِّ الأسس الفكرية التي انبثقتْ عنها الشيوعية، مثل: إنكار وجود الله تعالى، وتفسير تاريخ البشريَّة من خلال مفهوم الصِّراع الطبقي، ومحاربة الأديان، ومحاربة المِلْكية الفردية، والمناداة بأزلية المادة، وأنَّ العوامل الاقتصادية هي المحرِّك الأوَّل للأفراد والجماعات، كما أنَّ العقيدة الإسلامية تحتِّمُ مواساة المسلمين، وعدم مظاهرة أعداء الدِّين عليهم، ولا يَخْفى مِن خلال ما سبَق تسليط الضوْء عليه في هذا البحْث المتواضع، أنَّ الشيوعية نكَّلت بالمسلمين شرَّ تنكيل، وأبادتْ بعضهم وقُراهم عن بكْرتهم، في منظرٍ يُثير الحَجر قبلَ البشر، وغيرها مِن المآسي التي أظهرتْها لنا وسائلُ الإعلام.

 

وواضحٌ وصريحٌ أنَّ الشيوعية حاقدةٌ على الإسلام، وكلِّ ما يمتُّ له بصلة، فمن المستغرب - بل والمستنكر - لكلِّ مَن له أدْني بصيرة، أن يكون موقف الإسلام منها غير الرفْض التام، لا سيَّما وأنها جاحدةٌ بالله تعالى وشريعته، وقد قال - تعالى -: ﴿تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُولَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾ [المجادلة: 22].

 

ويلخِّص هذا الرفْضَ التام للشيوعيَّة موقفُ الأمَّة من الشيوعيَّة في فتوى أصْدرها كبارُ علماء الأمَّة الإسلامية من خلال المجْمع الفقهي بتاريخ: 17/8/1398هـ،

ونصُّها كما يلي:

بعد أن تبيَّن لنا أنَّ الشيوعية مذهب كُفري باطل، بل يُعدُّ أحطَّ المذاهب الكفرية على مدار التاريخ، نأتي إلى حُكم الانتماء إلى ذلك المذهب مِن خلال فتوى المجمع الفقهي الإسلامي، فلقد عُرِض موضوع الشيوعيَّة على مجلس المجْمع في دورته الأولى المنعقدة في 10- 17/8/1398هـ، وبعد أنِ استعرض المجلس ذلك الموضوع، أصْدر فيه قرارًا بيَّن فيه حُكم الشيوعية والانتماء إليها، وهذا نصُّه:

الحمد لله، والصلاة والسلام على مَن لا نبيَّ بعده، وبعد:

فإنَّ مجلس المجمع الفِقهي درس فيما درسَه من أمور خطيرة (موضوع الشيوعيَّة والاشتراكية)، وما يتعرَّض له العالَم الإسلامي من مشكلات الغَزو الفِكري على صعيد كيان الدول، وعلى صعيدِ نشأة الأفراد وعقائدهم، وما تتعرَّض له تلك الدول والشعوب معًا، مِن أخطار تترتَّب على عدم التنبُّه إلى مخاطرِ هذا الغزو الخطير.

 

ولقدْ رأى المجمع الفقهي أنَّ كثيرًا من الدول في العالَم الإسلامي تُعاني فراغًا فكريًّا، وعقائديًّا، خاصَّة أنَّ هذه الأفكار والعقائد المستوردة قد أُعِدَّتْ بطريقة نفذت إلى المجتمعات الإسلامية، وأحْدثت فيها خللاً في العقائد، وانحلالاً في التفكير والسُّلوك، وتحطيمًا للقِيَم الإنسانية، وزعْزعة لكلِّ مقوِّمات الخير في المجتمع.

 

وإنه ليبدو واضحًا جليًّا أنَّ الدول الكبرى على اختلاف نُظُمها واتجاهها قد حاولتْ جاهدةً تمزيقَ شمل كل دولة تنتسب للإسلام؛ عداوةً له، وخوفًا من امتدادِه، ويقظةِ أهله.

 

لذا ركَّزت جميعُ الدول المعادية للإسلام على أمرين مهمَّين: هما العقائد والأخلاق؛ ففي ميْدان العقائد شجَّعت كلَّ مَن يعتنق المبدأ الشيوعي المعبِّر عنه مبدئيًّا عند كثيرين بالاشتراكية، فجنَّدَتْ له الإذاعات والصحف، والدعايات البرَّاقة والكتَّاب المأجورين، وسمَّتْه حينًا بالحريَّة، وحينًا بالتقدميَّة، وحينًا بالديمقراطيَّة، وغير ذلك من الألفاظ.

 

وسَمَّتْ كلَّ ما يضاد ذلك من إصلاحات ومحافظة على القِيَم والمُثل السامية، والتعاليم الإسلامية: رجعيةً، وتأخُّرًا وانتهازية، ونحو ذلك.

 

وفي ميْدان الأخْلاق دعتْ إلى الإباحية، واختلاط الجِنسين، وسمَّت ذلك - أيضًا - تقدُّمًا وحريَّة، فهي تعرِف تمام المعرفة أنَّها متى قضَتْ على الدين والأخلاق، فقد تمكَّنت من السيطرة الفِكرية والمادية والسياسية.

 

وإذا ما تمَّ ذلك لها تمكَّنت مِن السيطرة التامَّة على جميعِ مقوِّمات الخير والإصلاح، وصرَّفتْها كما تشاء، فانبثق ذلك الصِّراعُ الفكري، والعقائدي والسياسي، وقامتْ بتقوية الجانبِ الموالي لها، وأمدَّتْه بالمال والسلاح، والدِّعاية؛ حتى يتمركزَ في مجتمعه، ويسيطرَ على الحُكْم، ثم لا تسأل عما يحدُث بعد ذلك من تقتيلٍ وتشريد، وكبْت للحريات، وسجْن لكلِّ ذي دِين، أو خُلُق كريم.

 

ولهذا لمَّا كان الغزو الشيوعي قد اجتاح دولاً إسلاميَّة لم تتحصَّن بمقوماتها الدينية والأخلاقية تُجاهَه، وكان على المجْمع الفقهي في حدود اختصاصه العِلمي والدِّيني أن ينبَّه إلى المخاطِر، والتي تترتَّب على هذا الغزو الفكري، والعقائدي والسياسي الخطير الذي يتمُّ بمختلف الوسائل الإعلامية والعسكرية، وغيرها، فإنَّ مجلس المجمع الفقهي الإسلامي المنعقِد في مكة المكرَّمة، يُقرِّر ما يلي:

يرى مجلس المجمع لفت نظر دول وشعوب العالم الإسلامي إلى أنه من المسلَّم به يقينًا أنَّ الشيوعية منافيةٌ للإسلام، وأنَّ اعتناقها كفْر بالدِّين الذي ارْتضاه الله لعباده، وهي هدْم للمُثل الإنسانية، والقِيَم الأخلاقية، وانحلال للمجتمعات البشريَّة.

 

والشريعة المحمديَّة هي خاتمةُ الأديان السماوية، وقد أُنزِلت من لدن حكيم حميد؛ لإخراجِ الناس من الظُّلمات إلى النور، وهي نظامٌ كامِل للدولة سياسيًّا واجتماعيًّا، وثقافيًّا واقتصاديًّا، وستظلُّ هي المعوَّلَ عليها - بإذن الله - للتخلُّص من جميع الشرور التي مزَّقتِ المسلمين، وفتَّت وحدتهم، وفرَّقت شملهم، لا سيَّما في المجتمعات التي عرَفت الإسلام، ثم جعلته وراءَها ظهريًّا.

 

لهذا وغيره كان الإسلامُ بالذات هو محلَّ هجوم عنيف مِن الغزو الشيوعي الاشتراكي الخطير؛ بقصْد القضاء على مبادئه ومُثله، ودُوله.

 

لذا فإنَّ المجلس يُوصِي الدول والشعوب الإسلامية أن تتنبَّه إلى وجوب مكافحةِ هذا الخطر الداهِم بالوسائل المختلفة، ومنها الأمور الآتية:

1- إعادة النظر بأقْصَى السُّرعة في جميع برامِج ومناهج التعليم المطبَّقة حاليًّا فيها بعد أن ثبت أنه قد تسرَّب إلى بعض هذه البرامج والمناهج أفكارٌ إلحاديَّة وشيوعيَّة، مسمومة مدسوسة، تُحارِب الدول الإسلامية في عُقْر دارها، وعلى يدِ نفرٍ من أبنائها من معلِّمين، ومؤلِّفين، وغيرهم.

 

2- إعادة النظر بأقْصى السرعة في جميع الأجهزةِ في الدول الإسلامية، وبخاصَّة في دوائرِ الإعلام والاقتصاد، والتجارة الداخلية والخارجية، وأجْهزة الإدارات المحليَّة؛ من أجْل تنقيتها وتقويمها، ووضْع أسسها على القواعد الإسلامية الصحيحة، التي تعمل على حفْظ كيان الدول والشعوب، وإنقاذ المجتمعات من الحِقْد، والبغضاء وتنشر بينهم رُوح الأُُخوَّة والتعاون، والصفاء.

 

3- الإهابة بالدول والشُّعوب الإسلامية أن تعملَ على إعداد مدارسَ متخصِّصة، وتكوين دُعاة أمناء؛ من أجْل الاستعداد لمحاربة هذا الغزو بشتَّى صُوره، ومقابلته بدِراسات عميقة ميسَّرة لكلِّ راغب في الاطلاع على حقيقة الغزو الأجنبي ومخاطِرِه من جهة، وعلى حقائق الإسلام وكنوزه مِن جهة أخرى. ومِن ثمَّ فإنَّ هذه المدارس، وأولئك الدعاة كلَّما تكاثروا في أيِّ بلد إسلامي يُرْجى أن يقضوا على هذه الأفكار المنحرِفة الغريبة.

 

وبذلك يقوم صفٌّ عِلمي عملي منظَّم واقعي؛ من أجْل التحصُّن ضدَّ جميع التيَّارات التي تستهدف هذه البقية مِن مقومات الإسلام في نفوس الناس، كما يَهيب المجلس بعلماء المسلِمين في كلِّ مَكان، وبالمنظَّمات والهيئات الإسلامية في العالَم أنْ يقوموا بمحاربة هذه الأفكار الإلْحادية الخطيرة التي تستهدِف دينَهم وعقائدهم، وشريعتهم، وتريد القضاءَ عليهم، وعلى أوطانهم، وأن يُوضِّحوا للناس حقيقةَ الاشتراكية والشيوعية، وأنها حرْب على الإسلام، والله يقول الحقَّ وهو يَهدي السبيل، والحمدُ لله ربِّ العالمين، وصلَّى الله على نبيِّنا محمَّد، وعلى آله وأصحابه أجمعين.

الرئيس/ عبدالله بن محمد بن حُمَيد.

نائب الرئيس/ محمد بن على الحركان.

الأعضاء:

1- عبدالعزيز بن عبدالله بن باز.

2- محمد محمود الصواف.

3- صالح بن عثيمين.

4- محمد بن عبدالله بن سبيل.

5- محمد رشيد قباني.

6- مصطفى الزرقا.

7- محمد رشيدي.

8- عبدالقدوس الهاشمي الندوي.

9- أبو بكر جومي.

  • الاربعاء PM 10:21
    2021-02-10
  • 1545
Powered by: GateGold