المتواجدون الآن

انت الزائر رقم : 412644
يتصفح الموقع حاليا : 341

البحث

البحث

عرض المادة

عداء الشيوعية للإسلام

للشيوعية موقفٌ خاصٌّ من الإسلام يمثِّله قول مولوتوف: "لن تنتشرَ الشيوعية في الشَّرْق إلا إذا أبعدْنا أهله عن تلك الحِجارة التي يعبدونها في الحِجاز وفلسطين!!

 

فالشيوعية قد تصبِر على النصرانية، ولا تُطيق الصبر على الإسلام إلا رَيْثما تتحفَّز له، وتغلُّ أيدي أتباعه عن المقاومة؛ لأن المسيحية دينُ العدد الأكبر مِن الروسيين، والشعوب الأوربية التي تدخل في حوزة الدولة الروسيَّة، ولأنَّ النصرانية من الجهة الأخرى تدعُ شؤون الدولة للدولة، ولا تتعرَّض للنظم الاجتماعية، أو لإقامة المجتمع على أساس جديد، وقد نشأتِ النصرانية كما هو معلومٌ في بلاد تخضع للسلطة "الرومانسية" في الشؤون الدنيوية، ولسلطة "الهيكل الإسرائيلي" في الشؤون الدينية، فاجتنتْ نقض الناموس، وأوصتْ بإعطاء ما لقيصر لله والعَكس!

 

ولأنَّ الإسلام أخطرُ الأديان على الشيوعية، كانتْ حرب الشيوعيِّين عليه شعواءَ، وأقسى وأعنف ما تكون، فأذاقوا المسلمين الهوان، وأصابوهم بمظالِمَ تقْشعِر منها الأبدان، فجرَّدوهم من أملاكهم وما لديهم مِن ثروات، وشرَعوا يهدِمون المساجدَ والمعاهد الدينية، وحوَّلوا والمساجد إلى أندية ومقاهٍ ودور لهْوٍ، وإصطبلات وحظائر للماشية.

 

وفي وجهة نظري أنَّ هناك سببًا آخرَ للموقف المحتد تجاه الإسلام، وهو: كون الشيوعية يهوديَّة الفِكرة لهدْم الأديان، فاليهود قد وجَدُوا نفوذهم على النصارى، ابتداءً بتحريف دِينهم على يدِ شاؤول اليهودي "بولس"، وانتهاءً إلى تبرئة بابا النصارى لليهود مِن الخطيئة المزعومة مؤخَّرًا، فهم يجدُون في النصرانية وغيرها متنفسَهم للتحريف والتبديل، وهذا ما لم يستطيعوه مع الدِّين الإسلامي، خاصَّة في أصوله وأحكامه، حتى وإنْ شابَ المسلمين ضعْفٌ، إلا أنَّ الأصول لا تزال ثابتة، بحفظ الله تعالى لكِتابه وسُنة نبيِّه - صلَّى الله عليه وسلَّم - ولم يجدوا طريقَهم إلا من خلال الشُّبه التي يرمونها، ويتلقَّفها مَن غُسِلت أدمغتهم مِن أبناء الإسلام أو العرب، الذين يتحدَّثون بلُغتنا، أو أولئك الذين يتبنَّونَهم من المندسِّين، وهي مع ذلك مرفوضةٌ عند السواد الأعظم مِن المسلمين - بحمد الله.

 

يقول د. عبدالبصير الحقرة: "وكان مِن ضِمن الأسس التي جعلَتْ هذه التيارات عمومًا - وليس الشيوعية وحدَها - تحارب الإسلام: ما يتمتَّع به الإسلامُ من أمرين:

أولاً: القُوى الذاتية التي يحملها الإسلام مِن صِدق الأصول والمرتكزات، والسمو التشريعي وواقعيته، فالجانبان أعطيَا الإسلام قوةَ النشر والدخول، والسيطرة على القارئ، أو القريب منه؛ لِمَا يحمله من قوَّة الحق الذاتي، وسمو التشريع الإسلامي ذاته، فعندما نقرأ عن انتشار المدِّ الإسلامي في العالَم كله، سنجد أنَّ نسبةً كبيرة دخلَتِ الإسلام على يدِ نِسبة كبيرة من التجَّار الذين فعَلوا الإسلامَ كتطبيق عملي، وكخُلق ذاتي لهم.

 

فلمَّا وجَد الناس حُسْن التعامل، وسموَّ التشريع، وموضوعية الدين وواقعيته، دخلوا الإسلام، فهذا الجانب يؤرِّق أصحابَ المذاهب الفكرية المعاصرة، قديمًا وحديثًا، وليس الموجود الآن فقط!

 

ثانيًا: عالمية الدِّين الإسلامي، إحدى الفرائض الموجودة في الإسلام؛ قال - تعالى -: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ﴾ [سبأ: 28].

 

فهذه المضامين في الأصول: هي التي تدفع أهلَ الإسلام دفعًا نحوَ ضرورة الانتشار للدِّين، والعمل على نشْره، وأية ديانة أخرى هي ديانةٌ متقوقِعة، وما اكتسبت المسيحية أصولَ الانتشار إلا مِن خلال تحريف "بولس" لأصول المسيحيَّة، وإلا فالمسيح في النصوص الموجودة عندهم: ذُكِر عنه أنَّه قال: "ما جئتُ إلا لخِراف بني إسرائيل الضالَّة"، ويقصد بذلك: أنَّه جاء لليهود برِسالة مخصوصة لقوم مخصوصين، لكن الذي حوَّل وطوَّر المسيحية فأخرجها مِن هذه الخصوصية لبني إسرائيل وألْبسها رداءَ العالمية، هو "بولس"، عندما ادَّعى أنَّ عيسى - عليه السلام - أمَرَه أن ينشر تعاليمَ الإنجيل في الشعوب الأخرى، فكان موضوع النشر وغيره.

 

فالإسلام هو الدِّين الوحيد الذي يَحمِل في أصوله قوةً ذاتية، وفرضية النشر والتبليغ، فهو الوحيدُ الذي يُوجِب على أتباعه ضرورةَ الوصول للآخَر، وإبلاغه الإسلام.

 

فهاتان النقطتان أقْصى ما يؤرِّق أعداء الإسلام؛ ولذلك ما يزال هو العدوَّ الأول لأصحاب التيَّارات، والعدو الأول للمسيحية، والعدو الأول لليهودية؛ لِمَا يملك من هذين العاملين: قوته الذاتية، والعالمية التي فرَضها على أتباعه بضرورة تبليغه ونشره"[24].

 

ومِن جهودهم: أنَّهم جمعوا نُسَخَ القرآن والأحاديث النبويَّة، وأحرقوها في الميادين العامَّة، وبطَشوا بكلِّ مَن يتوقَّعون منه المقاومة، ونكلوا بالشبَّان الأقوياء، ونشروا الخوف والفَزَع بيْن العاملين والفلاَّحين، فأقفرتِ الديار، وأجدبت المزارع، وعمَّت المجاعة، واشتدَّت قسوة الجوع على الناس، حتى أكلت الأمُّ ولدَها، وهي تبكي عليه، ثم نظروا شزرًا إلى المحسنين الذين هبُّوا لإنقاذ المنكوبين، فاتَّهموهم بالوقوفِ من السلطة موقفَ التحدِّي الذي يأخذ بأيدي ضحاياها، فقتلوهم لأنَّهم يُطعمون الجياعَ، ويعطفون على الآدمية التي يمسخُها الجوع مسخَ الضواري والسِّباع[25].

 

وهكذا أباد الشيوعيُّون المسلمين، واستولوا على أملاكِهم وثرواتهم، وهدموا مساجدهم، واستباحوا حُرْمتهم، وأغلقوا معاهِدَ العلم الإسلامية، وقتَلوا رجال الدين، وحرقوا المصاحف الشريفة في الميادينِ العامَّة، ومنعوا المسلمين من التمتُّع بالنُّظمِ الإسلامية، حتى في دائرة الأحوالِ الشخصية بإلْغاء المحاكم الشرعية.

 

وحارَب النظامُ الشيوعي الصينيُّ الدينَ الإسلامي، ولقَّن أبناء المسلمين تربيةً إلحادية، وجمَع الكتب الدينية وأتْلفَها، ويَعتبر المسلمين خارجين على القانون، ويُغلِق المدارس الإسلامية والمساجد، ويحثُّ على إقامة الولائم ظهرًا في رمضان، ويُعلِن أنَّ الدين أفيون الشعوب، وأنَّ العادات والتقاليد الدِّينية تُفسِد الأنظمةَ الاقتصادية، فهُم يجبرون النِّساء على العمل في المصانع، وعلى خلْع الحجاب والالْتزام بالسفور.

 

ويتلخَّص عداؤها للإسلام مِن خلال استقرائي في النِّقاط التالية:

1- أنَّ الشيوعية تَعتِبر الإسلام عدوَّها الأول؛ لأنها تجد فيه النظامَ الكامل من ناحية اجتماعية وسياسية، واقتصادية وعامة، والذي يمكن أن يقفَ أتباعُه ضدَّها وهم على أرْض من الصخر، فيفنِّدون بآرائهم آراءَها، وبنظامهم نظامَها الاجتماعي والسياسي، والفكري والاقتصادي، جملةً وتفصيلاً، ففي الوقت الذي خنَع فيه أتباعُ الديانات الأخرى، فإنَّ المسلمين لا تزال فيهم بقيةٌ باقية من عنصر الإيمان يُحرِّكهم للثورة، ويدفعهم للانقضاضِ على الشيوعية؛ لذلك فهي تحْذَر المسلمين أيَّما حذرَ، مشوبًا بكراهية شديدة، تحملهم على التنكيلِ بالمسلمين متى ما أُتيح لهم ذلك، وقد فَعلُوا.

 

2- ضمَّ الشيوعيُّون البلادَ الإسلامية التي تُقارِبهم قسْرًا، واحتوتِ السلطة والسكَّان، واعتبرتْهم وأرضَهم جزءًا مِن أرْضها، وحالتْ دون اتِّصالهم بالعالَم الإسلامي خاصَّة، وبالخارجي عامَّة، وبالطبع ما تمكَّنوا من ذلك إلا لقُرْب هذه البلاد منهم، وإلا لو كانت بعيدةً ما تجرَّؤوا ولا استطاعوا، ومع كلِّ تلك القوَّة التي مارَسوها على المسلمين الذين يجاورونهم إلا أنَّ المسلمين ضرَبوا أروعَ الأمثلة بالمقاومة؛ وما ذاك إلا للعقيدة التي لا تُقهَر تحت أيِّ ظرْف كان صاحبها.

 

3- نتيجةً لكراهيتها الشديدة للإسلام وأهله فهِي تضرِب بعُنف، وهي على استعدادٍ للقضاء على كلِّ مَن تُثار حوله الشكوك بأقلِّ الشبهات، ولو أدَّى ذلك إلى قتْل شعب كامِل من الشعوب التي تتألَّف منها الإمبراطوريةُ الرُّوسية، ولنسألِ التاريخ القريب عن جُرْأتها على المسلمين.

 

4- تُقلِّل مِن نسبة المسلمين، وذلك مِن خلال تهجير المسلمين الذين تكْره وجودَهم في منطقة لأقلِّ الأسباب، وتبعدهم إلى مجاهيلِ سيبيريا، وتنقل الروسَ إلى أرْضهم، فيقلُّ بذلك نسبة المسلمين، في المنطقة وتفقرهم، وتدَّعي أنَّ المنطقة روسيَّة بعد أن تنقل إليها الرُّوس الجُدد، "وهذه السياسة وجدْناها بعد سقوط الاتِّحاد السوفيتي، ووجدْنا مدَى المعاناة الشديدة، والذي لم يكنِ السواد الأعظم من البلدان الإسلامية على عِلْم بما يحدُث لهم، فكان من ضِمن الأساليب: إحْكام السيطرة والتعذيب، والتنكيل بالمسلمين، والتغطية الإعلاميَّة والتكتُّم عن هذه الدول، فنحن لَم نكن نعرفُ أساسًا أنَّ هناك دولاً بهذا العدد، وبهذا الكم من المسلمين في دول مثل: كوسوفو وألبانيا، فهذه الدول كانت تحتَ وطأة الاتحاد السوفيتي قبل أن ينقسم، وكانتْ من الوسائل التي اتَّخذتها بحقِّهم هو تعميةُ الإعلام العالمي عمَّا يحدُث داخل الدولة الشيوعيَّة، والتكتُّم على هذه الأعمال الإجراميَّة، لما يحدُث لإخوانٍ لنا في الإسلام.

 

فهذا يكشِف عنْ مدى شدَّة كراهيتهم للإسلام، وقد رأيْنا المآسي التي آسى منها إخوانُنا في الإسلام رجالاً ونساءً في عقد التسعينيَّات، واستمرَّ أكثر من ثمانِ أو عشر سنوات مِنْ شدَّة المعاناة، وللأسف الشديد لَم نرَ فاعليَّةَ الحكومات الإسلاميَّة؛ نتيجةَ عوامل كثيرة كان منها انشغالهم بالقوميَّات والوطنيات وغيره.

 

5- تقوم بدرْس المساجد والمؤسَّسات الإسلامية، وتُخفِي معالمها تنكيلاً، وإذا ما بقِيَ شيءٌ منها حولَّتْه لحانة خمر أو مرْقص، أو حظيرة للاستهزاء بالدِّين، وجرْح مشاعر المسلمين.

 

6- تلغي ماضي المسلمين، وتبدِّل أسماءَهم، وتبني لهم تاريخًا جديدًا بعدَ دمْجِهم قسرًا في حُكمها.

 

7- تمنع صِلةَ المسلمين في المناطق التي تسيطر عليها مع العالَم الإسلامي عامَّة، ومع العرب خاصَّة.

 

وهنا ذكْر لبعض البلدان التي كانتْ تحت التنكيل والسيطرة الشيوعية، بمناسبة الحديث عن المكْر الشيوعي ضدَّ المسلمين:

1- تركستان الشرقية الصينية:

تركستان منطقةٌ واسعة في وسط آسيا، تجعل منها الجبالُ التي في وسطها منطقتين، إن لم يكنْ لعامل الأرض عظيمُ قيمته، ويسكنها شعبٌ واحد، وإن لم يكن لرابط الجنس كبيرُ أثر، عُرِفت بهذا الاسم نسبةً إلى القبائل التركية التي تنتقل في أرْجائها.

 

وصل إليها المسلمون منذ فتوحاتهم الأولى فدانت لهم، وأقاموا فيها حكم الله، حتى إذا غلبت عليهم الدنيا ضعف أمرُهم، فغلبتهم التفرقة، وهزمتْهم الجيوش، ثم تقاسمتْها الدول، فأخَذ الروس قِسمَها الغربي، حتى عُرِف باسم (تركستان الروسية)، وسيطرتِ الصين على جزئها الشرقي، حتى عُرِف باسم (تركستان الصينية)، رغمَ أنَّ المنطقة بكامِلها تُشَكِّل جزءًا من الأمَّة الإسلامية، وتتألَّف تركستان الشرقية من خمس مناطق.

2- تركستان الغربيَّة:

منطقة واقعةٌ تحت السيطرة الروسية، في أواسط آسيا، وبيْن المرتفعات، وفي هذه المناطق الصحراويَّة عاشتْ قبائل فَرَضت عليها طبيعةُ المكان الارتحال وأجبرها الكلاء على الانتقال، يعود معظمها إلى أصْل تركي، هذا الأصل أعْطَى المنطقة الاسم، وحصل في هذه المنطقة فيما بعدُ تطوُّر على جميع النواحي رغمَ صحراويتها: تطور زراعي، وتعليمي، واستثماري صناعي، كلها عواملُ جعلت من روسيا تتهافتُ على احتلالها.

 

وغيرها مِن البلدان الإسلامية الكثيرة؛ كسيبريا، وقفقاسا، وأذربيجان، وداغستان.

 

إضافةً إلى المسلمين في البلْقان، وما ذاقوه مِن ويلاتٍ نقلتْها شاشاتُ التلفاز عيانًا جهارًا، دون أن يحرِّك العالم بأكمله ساكنًا، ومن تلكم البِقاع: ألبانيا، ويوغسلافيا.

  • الاربعاء PM 10:12
    2021-02-10
  • 1106
Powered by: GateGold