المتواجدون الآن

انت الزائر رقم : 413807
يتصفح الموقع حاليا : 253

البحث

البحث

عرض المادة

أهل السنة بين مطرقة الخوارج وسندان المرجئة

إن أهل السنة والجماعة وسط بين الإفراط والتفريط , بين غلو الخوارج ومن شابههم وبين إفراط المرجئة ومن شابههم وقال بقولهم وأهل السنة والجماعة هم الذين تمسكوا بالسنة واجتمعوا عليها ولهم خصائص ومميزات يُعرفون بها بين أهل الفرق والطوائف ومن أهم ما يميزهم منهج الاستدلال ومصادره وقواعده التى يتمسكون بها ولا يحيدون عنها وهى القرآن والسنة بفهم الصحابة فمصادر الاستدلال عندهم أيه محكمة من كتاب الله, وحديث صحيح ثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم سالم من المعارضة, وفهم الصحابة رضى الله عنهم للقرآن والسنة وفهم الصحابة مقدم على فهم غيرهم وإجماعهم مقدم على إجماع غيرهم[1]

هذا الأصل العظيم من أصول أهل السنة والجماعة مع وضوحه ومع إدعاء الكثيرين أنهم عليه ومتمسكون به إلا أنه فى الواقع وعند التطبيق العملي تجد العجب العجاب من الهوى والزيغ والضلال والانحراف عن هذا الأصل وعند تحديد المسألة المتنازع عليها وتحقيق قول الصحابة فيها فعندما نقول للمخالف هل قال الصحابة بما تقول هل قال بعض الصحابة بمثل قولك عندها يحيد عن هذا الأصل ويأتي يقول متشابه من أقوال العلماء وتجده يعتمد على العبارات المطلقة والكلمات العامة ويعتبرها دليلاً يعارض الأصل الذى أقر به وأدعى الانتساب إليه وهذه آفة من أفات الدعاة وبعض طلبة العلم فى هذا العصر وفى الحقيقة أن سبب هذه الظاهرة هو التعالم والتصدر قبل التمكن والبعد عن كبار العلماء فى تلقى العلم والطلب وأهل السنة فى هذه الحالة غرباء وهم بين مطرقة الغلو وشدتهم وبين سندان المرجئة وتفريطهم وكلاهما يتنازعون أهل السنة ليكسبوهم فى صفهم ويلزمونهم بقولهم ومنهجهم والداعية الحق لا يبقى فى مثل هذه الحيرة لأنه لا يهتم بإرضاء الناس بل يصدع بالحق غير هياب ولا وجل همه إرضاء الله عز وجل وحده سبحانه فإذا تكلم عن الإيمان والكفر والتوحيد والشرك وجدت أهل الغلو فى التكفير والتوقف والتبين وغيرهم يحملون الكلام على منهجهم الفاسد ويشيعون عنا أننا نكفر بالعموم ونقول بعدم العذر بالجهل بإطلاق وليس هناك عذر مطلقاً وأننا نكفر كل من دخل البرلمانات من الإخوان وغيرهم من الإسلاميين وأننا نقول بكفر الجيش ولا نفرق بين المجند المكره وبين المتطوع الراضي ويلزمونك بتكفير علماء أهل السنة لأنهم أعضاء فى اللجنة الدائمة وهيئة كبار العلماء أو أنهم يخالفون منهج بعض المجاهدين ويختلفون معهم فإن خالفناهم فى هذه المسألة وفصلنا القول فيها على وفق عقيدة أهل السنة والجماعة بالإنصاف والعدل وقلنا لهم إن

أهل السنة لا يكفرون بالشبهة ولا بالتأويل ولا بالظن ولا بالاحتمال

ويفرقون بين الولاءات المكفرة الولاءات  الغير مكفرة

وأهل السنة يفرقون بين التكفير المطلق بالعموم وبين تكفير المعين

 وإذا قلنا لهم إن أهل السنة لا يقدسون العلماء ويأخذون الحق ممن قاله ويحفظون للعلماء احترامهم وتقديرهم ويلتمسون لهم الأعذار إذا قلنا لهم إن أهل السنة لا يكفرون إلا بمكفر ظاهر جلي ولا يكفرون إلا من كفره الله ورسوله

 إذا فصلنا لهم القول وحققنا [2] لهم العلم فى هذه المسألة قالوا مرجئ متخاذل منتكس ضل طريق الحق مدافع عن الطواغيت وعلماء السلطة ,بل وكفرنا بعضهم لأننا خالفناهم فى هذه المسألة ولم نوافقهم على تكفير الإخوان وعلى تكفير كبار العلماء أمثال سماحة الشيخ ابن باز والشيخ إبن عثيمين –رحمهما الله تعالى وغفر لهما والشيخ بن جبرين والشيخ الفوزان حفظهما الله تعالى وقالوا كيف لا تكفر الكافر فمن لم يكفر الكافر فهو كافر وهذا جهل قبيح بالشرع وتعالم فاضح إذ أنهم لا يفرقون بين الكافر الأصلي أو الكافر المرتد التى  ثبتت ردته بيقين ،وبين المتأول بشبهة المخالف بدليل وإن كان مرجوحا لذلك فأهل السنة لا يكفرون من خالفهم فى مسألة الحاكمية ومسألة العذر ومسألة خروج الأعمال من الإيمان والسلف لم يكفروا المرجئة ولا الخوارج ولا الأشاعرة ولا أصحاب المقالات الخفية ولا أصحاب التأويل السائغ ,وهؤلاء الغلاة يريدون منا أن نكفر العلماء ومرجئة العصر مخالفين بذلك القاعدة الشرعية التى تقول( الإسلام الصريح لا ينقضه إلا الكفر الصريح ومن أسلم بيقين لا يخرج منه إلا بكفر يقين وجلي فالظن لا يقاوم اليقين والمتشابه لا يقاوم المحكم والمرجوح لا يقاوم الراجح والمفهوم لا يقاوم المنطوق) وهذه قاعدة هامه لو أهملناها لكفرنا هؤلاء الغلاة لأن فيهم من يعمل فى المحاماة ويدخل المحاكم ويترافع أمام القضاة الذين لا يحكمون بالشرع وفيهم من يدرس فى كلية الحقوق ويتعامل بقانون المرور ويدخل إلى المحاكم الوضعية والخلل عندهم في عدم التفريق بين الحكم والشريعة والتدرج في التطبيق اللبس عندهم في مفهوم تطبيق الشريعة وأصل الالتزام بها ولو درسوا كتب السياسة الشرعية  للجوينى والخطابى والماوردى وأبى يعلى وبن تيمية وبن القيم لعلموا الحق ولعلموا (أنه في حياة النبى صلى الله عليه وسلم لم تكتمل الشريعة إلا قبل موته بأيام قليلة وكانت الأحكام تنزل بحسب الأسباب والظروف وثَم أحكام لم يعمل بها لفوات شروطها أو لقيام الموانع مما يدل على التدرج ومراعاة عدم الإنقلاب على الشريعة وهذا يؤكد أن تطبيق الشريعة يعنى مراعاة القواعد الشرعية والمصالح الظنية التى بنيت عليها تفاصيل النصوص  والنظر في كيفية إنفاذ هذا الحكم على الواقع والعقوبات المناسبة للمتجاوزين  )

 فمع هذا الطرق القوى من مطرقة الخوارج على أهل السنة نرى أن الجهل وفهم النصوص على غير فهم الصحابة والتشدد وسوء الظن بالمسلمين والتكفير بالتأويل والاحتمال  كل هذه الأمور أدت إلى هذه العقيدة الفاسدة الضالة المنحرفة عن طريق الحق والاستقامة طريق أهل السنة والجماعة

 وأهل الغلو يغلب عليهم الجهل عكس أهل التفريط من المرجئة فإنه يغلب عليهم التعصب والزيغ والهوى والكذب  هذا هو حال أهل السنة مع أهل الغلو فى التكفير

 وسنبين إن شاء الله تعالى و بحوله وقوته فى معرض الرد على أهل الغلو فى التكفير المسائل التى خالفوا فيها أهل السنة وكفروهم وبدعوهم وضللوهم بها ,وإن كان أهل الغلو لهم سلف فى تكفيرهم لأهل السنة ,إلا أننا لانذكر إلا المسائل المعاصرة التى كفر بها أهل الغلو أهل السنة فى زماننا وهى تتلخص فى المسائل التالية :

  • فهمهم لقاعدة من لم يكفر الكافر أو شك فى كفره أو صحح مذهبه فهو كافر.
  • تكفيرهم بالتأويل والشك والظن والاحتمال والمقالات الخفية قبل إقامة الحجة.
  • تكفيرهم للمخالف لهم فى المسائل الاجتهادية بالشبهات والتأويل واللازم.
  • تكفيرهم لكل من خالف الشريعة وعدم تفريقهم بين الأحكام الأصلية والقواعد الكلية للإسلام وبين الشريعة وأحكامها التفصيلية ولم ينظروا إلى العجز والإضطرار والتدرج مراعاة للواقع والمناط

ومن أشهر المسائل التى خالف فيها أهل الغلو ,أهل السنة وكفروهم بها

  • مسألة الحاكمية فمن لم يكفر الحاكم فهو كافر ومن لم يكفر الكافر فهو كافر,وتفرع من هذه المسألة تكفيرهم للإخوان وبعض الدعاة  العاملين للإسلام الذين يرشحون أنفسهم للمجالس النيابية من أجل التغيير وتحكيم الشريعة دون تفريق ولا تفصيل .
  • مسألة تكفيرهم للدعاة المخالفين لهم فى قضية الحاكمية والعذر بالجهل.
  • مسألة تكفيرهم لزوجات وأولاد أنصار الطواغيت بالظن واللازم.
  • مسألة تكفيرهم لكبار العلماء الذين يعملون فى الدولة كمفتين أو قضاة أو فى هيئة كبار العلماء أو اللجنة الدائمة والمؤسسات العلمية الدعوية .
  • توقفهم فى من ظهرت منه دلالات الإسلام الظاهرة مثل الصلاة والحج والآذان والإقامة بشبهة أهل التوقف والتبين وأن الأصل فى الناس الكفر.

       هذه من أشهر المسائل عند أهل الغلو فى التكفير والذين كفروا بها أهل السنة والجماعة ,وهو منتشرة الآن فى عصرنا بشدة من بعض أهل الأهواء والبدع ,وسنرد عليها بالتفصيل إن شاء الله تعالى وسنبين بحول الله وقوته ضلال أهل الغلو وانحرافهم عن منهج القرآن والسنة ومخالفة فهمهم لفهم الصحابة رضى الله عنهم ,وهدفنا من ذلك براءة أهل السنة من بدع الخوارج والإرجاء ,والدفاع عن عقيدة أهل السنة والجماعة ,وحتى تبقى عقيدة  التوحيد والدعوة والجهاد بيضاء نقية خالية من شوائب أهل الأهواء والبدع والافتراق ,والله يقول الحق وهو يهدى السبيل ,وهو حسبنا ونعم الوكيل,واليك أولا الرد على أهل الغلو.

 

[1] انظر بعض من هذه الخصائص فى رسالتنا" الوجاء من شبهات الخوارج والإرجاء "

[2] وقد فصلنا القول فى هذه المسائل بحمد الله وتوفيقه فى رسالتنا " التنبيهات المختصرة " فليراجعها من شاء

  • الجمعة AM 04:07
    2020-12-11
  • 1608
Powered by: GateGold