المتواجدون الآن

انت الزائر رقم : 412193
يتصفح الموقع حاليا : 325

البحث

البحث

عرض المادة

أهل السنة يختلفون ولا يفترقون والاختلاف لا يفسد للود قضية

هذه القواعد من أهم قواعد  أهل السنة والجماعة التي تميزهم عن أهل البدع والأهواء والافتراق وهذه القواعد الثلاثة تتكلم عن آداب الخلاف وفقهه انطلاقا من قول الله سبحانه وتعالى " واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا " وقوله سبحانه "ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم "وبما أن الاختلاف مذموم والفرقة شر والجماعة خير فكان الاختلاف المذموم  هو الذي يؤدى إلى فرقة . نعم الخلاف وارد وقد اختلف الصحابة رضي الله عنهم والاختلاف سنة من سنن الله في خلقه لاختلاف العقول وتفاوت مداركها وتعدد النظر للمسألة الواحدة . وكثرة موارد الاختلاف فأسباب الاختلاف كثيرة وقد ذكرها شيخ الإسلام ابن تيمية وذكر اعتذاره عن الأئمة في رسالة النافعة رفع الملام عن الأئمة الأعلام " لكن هذا الاختلاف يظل اختلافا ولا يؤدى إلى الافتراق والتنازع والشر والتخاصم والتشاحن والبغضاء لأن الخلاف بهذه الصورة  المذمومة ليس من سمات أهل السنة والجماعة بل الافتراق هو من سمات أهل البدع والأهواء والافتراق يختلفون ويفترقون أما أهل السنة فيختلفون ولا يفترقون ولا يفسد الخلاف عندهم ولا أصر المحبة والمودة ولا يؤثر على الإخوة الإيمانية وهم بذلك يراعون أدب الخلاف ولا يتعصبون لأرائهم التى تحتمل الخطأ لأنها فى مورد الاجتهاد ولسان حالهم رأينا صواب يحتمل الخطأ ورأى غيرنا خطأ يحتمل الصواب وبذلك لا يقدسون الرجال والعلماء بل كل يؤخذ منه ويرد إلا النبى صلى الله عليه وسلم كما قال ذلك الإمام مالك رحمه الله والحجة فى كل ذلك الدليل هو الذي يحتج به لأقوال العلماء فأقوال العلماء تابعة ومعزة للدليل وليس الحجة فيها وليست حاكمة علي الدليل بل هي تابعة للدليل والصواب أن المسلم يدور مع الدليل حيث دار بفهم لصحابة رضي الله عنهم فالنص مقدم علي غيره وفهم الصحابة مقدم علي فهم غيرهم ولا يجوز الإنكار علي المخالف في المسائل الخلافية وهي علي حالات :

الأولي : مسائل متفق عليها لا خلاف فيها  . والثانية : مسائل مختلف فيها علي قولين أو أكثر . والثالثة : مسائل هي مورد الاجتهاد والقياس من باب فقه النوازل والرابعة مسائل شاذة مخالفة للمتفق عليه  وكذلك للمختلف فيه وليس فيها سلف . فالأولي مقبولة والاختلاف فيها غير سائغ والمخالف مخطئ غير معذور والثانية  والثالثة الاختلاف فيهما سائغ ولا يجوز الإنكار علي المخالف فيها وهو مأجور علي كل حال إن شاء الله وفيها قولان أو أكثر لأهل العلم أو فعلها النبي صلي الله عليه وسلم للجواز     

ومنع عنها للكراهية مثل الشرب واقفاً أو التبول واقفاً فهذه من باب رفع الحرج الأمة ومن رحمته صلى الله عليه وسلم بالأمة ورفع المشقة فلا يجوز الإنكار لاعلى المخالف في مثل هذه المسائل مثل النزول بالركبة أو باليد أو وضع اليد بعد الركوع في الصلاة والجهر بالبسملة أو الإسرار بها في الصلاة وجلسة الاستراحة وعدمها . وقسي على ذلك من المسائل التي هي مورد الخلاف وفيها قولان .

فالأمر فيها واسع وقد وسع الخلاف فيها الصحابة ومن بعدهم فيسعنا ما وسعهم وعلينا ألا نضيق واسعاً وعلينا أن نبعد عن النظرة الأحادية لهذه المسائل بمعنى أن نرى رأينا صواباً وغيرة خطأ وأن ما نحن عليه حق وغيرنا باطل وهناك فرق طبعاً بين كلمة خطأ وكلمة باطل وندخل في التفسيق والتبديع لمخالف في هذه المسائل التي هي موارد الاختلاف والاجتهاد .وليس من الحكمة والشرع أن نلزم غيرنا بما ذهبنا إليه لأن المسألة راجح ومرجوح ولو ألزمنا المخالف بما ذهبنا إليه وأنكرنا عليه فهذا من الإرهاب الفكري ليس فقط في المسائل التي ذكرناها بل يتعدى الأمر إلى اكبر من ذلك . فقد اختلف العلماء في كشف الوجه وسترة واختلفوا في كفر تارك الصلاة . وقع الخلاف في هذه المسائل الكبار إلا أم هناك قاعدة مهمة جداً ذكرها شيخ الإسلام ابن تيمية رحمة الله مفادها أنه يجب على طالب العلم أن يتحرى الصواب في المسائل الخلافية والعمل بالقول الراجح إذا ظهر له . يجب على من يعرف الدليل العمل بالقول الراجح إذا ظهر لنا لكن لات ننسى باب الرخصة والعزيمة وتفاوت الناس في ذلك وهذا باب واسع ذكره عبد البارئ العطار في ثلاثيته الرائعة المفيدة في هذا الموضوع وهى هموم قلب مسلم تتهيج الخطاب الإسلامي  وعلى طريق النور فمن أراد الاستزادة والإفادة في هذه المسألة فليراجع هذه الثلاثية فإنها فريدة وغريبة في بابها .

والله الموفق والهادي إلى سوء السبيل

وبهذا تم الكلام على القواعد ونرجع إلى ما وعدنا به من تدوين الخلاصة من هذه القواعد والكلام على عارض الجهل وشرح القاعدة التاسعة عشر والقاعدة العشرين كما وعدنا والله الموفق والهادي إلى سوء السبيل .

  • الجمعة AM 03:47
    2020-12-11
  • 1624
Powered by: GateGold