المتواجدون الآن

انت الزائر رقم : 413247
يتصفح الموقع حاليا : 272

البحث

البحث

عرض المادة

دعاء أمير المؤمنين علي الله - عزّ وجلّ - أن يعجل له بالشهادة

هادن أمير المؤمنين علي رضي الله عنه معاوية رضي الله عنه، ويبدو أن الهدنة لم تستمر، فمعاوية أرسل بسر بن أبي أرطأة إلى الحجاز واليمن في العام الذي استشهد فيه علي رضي الله عنه[1]، ولما لم يتمكن علي رضي الله عنه من تجهيز الجيش بما يصبو ويريد، ورأى خذلانهم كره الحياة وتمنى الموت، وكان يتوجه إلى الله بالدعاء ويطلب منه عز وجل أن يعجل منيته، فمما روي عنه أنه خطب يوماً فقال: اللهم إني قد سئمتهموسئموني، ومللتهم وملوني، فأرحني منهم وأرحهم مني، فما يمنع أشقاكم أن يخضبها بدم، ووضع يده على لحيته[2]، وقد ألح علي رضي الله عنه في الدعاء في أيامه الأخيرة، فعن جندب قال: ازدحموا على علي رضي الله عنه، حتى وطئوا على رجله فقال: إني قد مللتهم وملوني، وأبغضتهم وأبغضوني، فأرحني منهم وأرحهم مني[3].

وفي رواية أخرى عن أبي صالح قال: شهدت عليّاً وضع المصحف على رأسه حتى تقعقع الورق فقال: اللهم إني سألتهم ما فيه فمنعوني، اللهم إني قد مللتهم وملوني وأبغضتهم وأبغضوني، وحملوني على خير أخلاقي، فأبدلهم بي شرّاً مني، وأبدلني بهم خيراً منهم ومث قلوبهم ميثة الملح في الماء[4]. وفي رواية: فلم يلبث إلا ثلاثاً أو نحو ذلك، حتى قتل عز وجل[5]، وقال الحسن بن علي: قال لي علي رضي الله عنه : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم سنح لي في الليلة في منامي، فقلت: يا رسول الله ماذا لقيت من أمتك من الأود واللدد[6]؟ قال: «ادع عليهم»، قلت: اللهم أبدلني بهم من هو خيراً منهم، وأبدلهم من هو شر مني لهم، قال الحسن رضي الله عنه : فخرج فضربه الرجل[7].

علم أمير المؤمنين بأنه سيستشهد:

تفيد بعض أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم، التي تعد من دلائل نبوته صلى الله عليه وسلم، إخباره بأن علياً سيكون من الشهداء، فقد جاء في صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان على حراء، هو وأبو بكر وعمر وعثمان وعلي وطلحة والزبير فتحركت الصخرة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «اهدأ فما عليك إلا نبي أو صديق أو شهيد»[8]. وهناك أحاديث أخص من هذا الحديث، تخبر أن عليّاً سيستشهد بأرض العراق وتبين كيفية اغتياله أيضاً، وهذا كله يبين صدق نبوة محمد صلى الله عليه وسلم، وبأنه لا ينطق عن الهوى، وإنما يخبر بما أطلعه الله عز وجلعليه عن طريق الوحي، وقد أطلع النبي صلى الله عليه وسلم علياً على ما سيحدث له، وقد آمن علي بذلك وأيقن، فكان يتحدث إلى الناس بذلك، فمما حدث من ذلك في العراق، إذ يروي عنه أبو الأسود الدؤلي، يقول أبو الأسود: سمعت علياً يقول: أتاني عبد الله بن سلام وقد أدخلت رجلي في الغرز، فقال لي: أين تريد؟ فقلت: العراق، فقال: أما إنك إن جئتها ليصيبك بها ذباب السيف، فقال علي: وايم الله لقد سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم قبله يقوله، قال أبو الأسود: فعجبت منه، وقلت: رجل محارب يحدث بمثل هذا عن نفسه[9]، وحدث بهذا الحديث في ينبع قبل توليه الخلافة، على من عاده في مرضه، وهو أبو فضالة الأنصاري البدري رضي الله عنه إذ قال علي رضي الله عنه: إني لست ميتاً في مرضي هذا، أو من وجعي هذا، إنه عهد إلي النبي صلى الله عليه وسلم أني لا أموت حتى تخضب هذه - يعني لحيته - من هذه - يعني هامته[10]، وحدث به الخوارج وحدث به أصحابه، وقد جمع البيهقي هذه الأحاديث ونحوها في كتابه (دلائل النبوة)[11]، وجمعها الحافظ ابن كثير في كتابه البداية والنهاية[12]، وعن عبد الله بن داود قال: سمعت الأعمش، عن مسلمة بن سهيل عن سالم بن أبي جعدة، عن عبد الله بن سبع قال: سمعت علياً رضي الله عنه على المنبر يقول: ما ننتظر إلا شقياً، عهد إلي رسول الله صلى الله عليه وسلم لتخضبن هذه من دم هذا، قالوا: أخبرنا بقاتلك حتى نبير عترته، قال: أنشد الله رجلاً قتل بي غير قاتلي[13]، وقد تمثل رضي الله عنه بأبيات شعر فقال:

اشدد حيازيمك للموت

فإن الموت لاقـيكا

ولا تجزع من القتل

إذا حلّ بواديـكا[14]

وتذهب بعض الروايات إلى أبعد من هذا، إذ تفيد أن عليّاً رضي الله عنه يعرف هذا الشقي الذي سيقتله، فيروي عبيدة السلماني، بسند صحيح إليه يقول: كان علي إذا رأى ابن ملجم قال:

أريد حـيـاته ويريد قتلي

عذيرك من خليلك من مرادى[15]

وفي رواية أخرى قال علي رضي الله عنه، عن عبد الرحمن بن ملجم: أما إن هذا قاتلي، قيل: فما يمنعك منه؟ قال: إنه لم يقتلني بعد[16]، وقد طلب منه الناس أن يستخلف لما أخبرهم بأنه مقتول، فاعتذر عن ذلك، فعن عبد الله بن سبع، قال: سمعت علياً يقول: لتُخضبنّ هذه من هذا، فما ينتظر بي الأشقى؟ قالوا: يا أمير المؤمنين، فأخبرنا به نُبير عترته[17] قال: إذاً تالله تقتلون بي غير قاتلي. قالوا: فاستخلف علينا. قال: لا ولكن أترككُم إلى ما ترككم إليه رسول الله، قالوا: فما تقول لربك إذا أتيته؟ - وقال وكيع مرة: إذا لقيته؟ - قال: أقول: اللهمّ تركتني فيهم ما بدا لك، ثم قبضتني إليك وأنت فيهم فإن شئت أصلحتهم، وإن شئت أفسدتهم[18]. وعن علي رضي الله عنه قال: سمعت الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم يقول: «إنك ستضرب ضربة ههنا - وأشار إلى صدغيه - فيسيل دمه حتى يخضب لحيتك، ويكون صاحبها أشقاها كما كان عاقر الناقة أشقى ثمود»[19].

 

[1]التاريخ الصغير للبخاري (1/41)، خلافة علي بن أبي طالب، عبد الحميد، ص (431).

 

[2]مصنف عبد الرزاق (10/154) بإسناد صحيح، الطبقات (3/4) بإسناد صحيح.

 

[3]الآحاد والمثاني لابن أبي عاصم (1/37) بإسناد حسن، خلافة علي، ص (432).

 

[4]سير أعلام النبلاء (3/144).

 

[5]المحن، ص (99) لأبي العرب، خلافة علي، عبد الحميد، ص (432).

 

[6]الأود: العوج، اللدد: الخصومة.

 

[7]تاريخ الإسلام، عهد الخلفاء الراشدين، ص (649).

 

[8]مسلم (4/ 1880).

 

[9]تاريخ الذهبي، عهد الخلفاء الراشدين، ص (648).

 

[10]خلافة علي بن أبي طالب، عبد الحميد، ص (433) طرق الرواية صحيحة بمجموعها.

 

[11]دلائل النبوة (6/438-441) تحقيق عبد المعطي قلعجي.

 

[12]البداية والنهاية (7/323-325).

 

[13]كتاب الشريعة للآجري (4/2105) تحقيق الدميجي إسناده حسن.

 

[14]تاريخ الذهبي، عهد الخلفاء الراشدين، ص (648).

 

[15]طبقات ابن سعد (3/33،34) إسناده صحيح.

 

[16]الاستيعاب (3/127).

 

[17]نبير عترته: نهلك ذريته.

 

[18]مسند أحمد (2/325) الموسوعة الحديثية، حسن لغيره.

 

[19]خصائص أمير المؤمنين علي بن أبي طالب، ص (163، 164)، حكم المحقق أحمد ميرين البلوشي - رحمه الله - بالصحة.

 

  • الاربعاء AM 08:37
    2020-12-09
  • 2309
Powered by: GateGold