المتواجدون الآن

انت الزائر رقم : 413530
يتصفح الموقع حاليا : 251

البحث

البحث

عرض المادة

من أهم صفات الخوارج - الغلو في الدين

إن الباحث في تاريخ فرقة الخوارج يلاحظ عدة صفات اتصف بها أتباع هذه الفرقة منها:

1 - الغلو في الدين:

مما لا شك فيه أن الخوارج أهل طاعة وعبادة، فقد كانوا حريصين كل الحرص على التمسك بالدين وتطبيق أحكامه، والابتعاد عن جميع ما نهى عنه الإسلام، وكذلك التحرز التام عن الوقوع في أي معصية أو خطيئة تخالف الإسلام، حتى أصبح ذلك سمة بارزة في هذه الطائفة لا يدانيهم في ذلك أحد، ولا أدل على ذلك من قول رسول الله صلى الله عليه وسلم : «يقرؤون القرآن ليس قراءتكم إلى قراءتهم بشيء، ولا صيامكم إلى صيامهم بشيء»[1]، وقال ابن عباس رضي الله عنهما، يصفهم حينما دخل عليهم لمناظرتهم: دخلت على قوم لم أر قط أشد منهم اجتهاداً، جباههم قرحة من السجود وأياديهم كأنها ثفن[2] الإبل، وعليهم قمص مرحضة[3]، مشمرين، مسهمة وجوههم من السهر[4]، وعن جندب الأزدي قال: لما عدلنا إلى الخوارج ونحن مع علي بن أبي طالب رضي الله عنه، فانتهينا إلى معسكرهم، فإذا لهم دوي كدوي النحل من قراءة القرآن[5]، فقد كانوا أهلصيام وصلاة وتلاوة للقرآن، لكنهم تجاوزوا حد الاعتدال إلى درجة الغلو والتشدد، حيث قادهم هذا التشدد إلى مخالفة قواعد الإسلام بما تمليه عليهم عقولهم، كالقول بتكفير صاحب الكبيرة، وسيأتي مناقشة عقائدهم وأفكارهم بإذن الله تعالى، ومنهم من بالغ في ذلك حتى على كل من ارتكب ذنباً من الذنوب ولو كان صغيراً فإنه كافر مشرك مخلد في النار[6]، وكان من نتيجة هذا التشدد الذي خرج بهم في حدود الدين وأهدافه السامية، أن كفروا كل من لم ير رأيهم من المسلمين ورموهم بالكفر أو النفاق، حتى إنهم استباحوا دماء مخالفيهم[7]، ومنهم من استباح قتل النساء والأطفال من مخالفيه كالأزارقة مثلاً[8]، ولا شك أن الخوارج بما اتصفوا به من الجهل والتشدد والجفاء قد شوهوا محاسن الدين الإسلامي تشويهاً غريباً، فإن هذا الإغراق في التأويل والاجتهاد أخرجهم عن روح الإسلام وجماله واعتداله، وهم في تعمقهم قد سلكوا طريقاً ما قال به محمد صلى الله عليه وسلم، ولا دعا إليه القرآن الكريم، وأما التقوى التي كانوا يظهرون بها فهي من قبيل التقوى العمياء، والصلاح الذي كانوا يتزينون به في الظاهر كان ظاهر التأويل بادي الزخرفة، وقد طمعوا في الجنة وأرادوا السعي لها عن طريق التعمق والتشدد والغلو في الدين غلواً أخرجهم عن الحد الصحيح[9]، ولذلك حذر النبي صلى الله عليه وسلم من التعمق والتشدد في الدين لأنه مخالفة للاعتدال وسماحة الإسلام، وأخبر أن المتنطع مستحق للهلاك والخسران، فقد صح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: «هلك المتنطعون قالها ثلاثاً»[10]، فبهذا يتبيَّن لنا شذوذ الخوارج، وكذلك من سار على منهجهم المبني على التعسف والتشدد المخالف لسماحة الإسلام ويسره، فإن الإسلام دين اليسر والسماحة، فقد قال صلى الله عليه وسلم: «إن الدين يسر، ولن يشاد الدين أحد إلا غلبه، فسددوا وقاربوا»[11].

 

[1]مسلم، كتاب الزكاة، شرح النووي، (7/171).

 

[2]الثفن: جمع ثفنة: ركبة البعير وغيرها مما يجعل فيه غلظ من أثر البروك.

 

[3]مرحضة: مغسولة، النهاية في غريب الحديث والأثر (2/208).

 

[4]تلبيس إبليس، ص (91).

 

[5]المصدر نفسه، ص (93).

 

[6]الفصل لابن حزم، (4/191) الخوارج، ناصر السعوي، ص (183).

 

[7]الخوارج للسعوي، ص (183).

 

[8]تلبيس إبليس، ص (95) الخوارج للسعوي، ص (184).

 

[9]الخوارج للسعوي، ص (184).

 

[10]مسلم، كتاب العلم، شرح النووي (16/220).

 

[11]البخاري، كتاب الإيمان، شرح الباري (931).

 

  • الاربعاء AM 08:10
    2020-12-09
  • 3725
Powered by: GateGold