المتواجدون الآن

انت الزائر رقم : 413817
يتصفح الموقع حاليا : 293

البحث

البحث

عرض المادة

هل كلمة طاغية أو طاغوت لا تطلق إلا على الكافر؟

الجواب: لا، بل تطلق على كل ما طغى وزاد عن حده، كما قال تعالى: {إِنَّا لَمَّا طَغَى الْمَاءُ حَمَلْنَاكُمْ فِي الْجَارِيَةِ} [الحاقة:11] ، فكل شيء يزيد عن حده يسمي طاغوتاً، ولهذا عرفه ابن القيم رحمه الله بقوله: (الطاغوت هو: كلما تجاوز به العبد حده: من متبوع أو معبود أو مطاع) فقوله: (كل ما تجاوز به العبد) يعني: حد ذلك الشيء المتجاوز به، ورفعه عن الحد الذي حده له الشرع، فالعبد حده أن يكون عبداً ولا يكون معبوداً، فإذا رفعه إنسان إلى أن يكون معبوداً فقد صار طاغوتاً عند الذي فعل هذا الشيء، فإذا كان المعبود راضياً بذلك فهو في نفسه أيضاً طاغوت، بل ومن رؤساء الطواغيت، والمقصود أن هذا التعريف مأخوذ من اللغة.

قال الإمام مالك: الطاغوت: كل ما عبد من دون الله

وقال الشيخ سليمان بن سمحان رحمها الله تعالى:

هذه كلمات في بيان الطاغوت، ووجوب اجتنابه، قال الله تعالى: {لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِن بِاللّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىَ لاَ انفِصَامَ لَهَا وَاللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} [البقرة: 256].

فبيَّن تعالى أنَّ المستمسك بالعروة الوثقى، هو الذي يكفر بالطاغوت، وقدم الكفر به على الإيمان بالله، لأنه قد يدعي المدعي أنه يؤمن بالله، وهو لا يجتنب الطاغوت، وتكون دعواه كاذبة ...

والمراد من اجتنابه هو: بغضه، وعداوته بالقلب، وسبِّه وتقبيحه باللسان، وإزالته باليد عند القدرة ومفارقته، فمن ادعى اجتناب الطاغوت ولم يفعل ذلك فما صدق.

وأما حقيقته والمراد به، فقد تعددت عبارات السلف عنه، وأحسن ما قيل فيه، كلام ابن القيم رحمه الله تعالى حيث قال: الطاغوت ما تجاوز به العبد حده من معبود، أو متبوع، أو مطاع، فطاغوت كل قوم من يتحاكمون إليه، غير الله ورسوله، أو يعبدونه من دون الله، أو يتبعونه من غير بصيرة من الله، أو يطيعونه فيما لا يعلمون أنه طاعة لله، فهذه طواغيت العالم، إذا تأملتها، وتأملت أحوال الناس معها، رأيت أكثرهم ممن أعرض عن عبادة الله إلى عبادة الطاغوت، وعن طاعته ومتابعة رسوله، إلى طاعة الطاغوت ومتابعته. انتهى.

وحاصله: أن الطاغوت ثلاثة أنواع

 طاغوت عبادة: وهو كل ما عُبد من جماد، وحيوان، وبشر، ملائكة، وجن، ويُشترط في (البشر، والملائكة، والجن) الرضا

طاغوت حكم: وهو يشمل الحكام، والأمراء، والملوك، والوزراء، والنُوَّاب، ورؤساء العشائر والقبائل، والقضاة (كل هؤلاء إذا لم يحكموا بما أنزل الله).

طاغوت طاعة ومتابعة: وهو يشمل الأحبار (العلماء) والرهبان (العُبَّاد) الذين يُحللون الحرام، ويحرمون الحلال

والمقصود هنا هو: طاغوت الحكم، فإن كثيرًا من الطوائف المنتسبين إلى الإسلام، قد صاروا يتحاكمون إلى عادات آبائهم، ويسمون ذلك الحق بشرع الرفاقة، كقولهم شرع عجمان، وشرع قحطان، وغير ذلك، وهذا هو الطاغوت بعينه الذي أمر الله باجتنابه.وهو الشائع فى زماننا الآن مع وجود طواغيت أخرى كثيرة إلا أن طاغوت الحكم هو الأكثر

وذكر شيخ الإسلام ابن تيمية في منهاجه، وابن كثير في تفسيره: أن من فعل ذلك فهو كافر بالله، زاد ابن كثير يجب قتاله، حتى يرجع إلى حكم الله ورسوله» .

هل الطاغوت كافر خارج من الإسلام ؟

يُقصد بالطاغوت هنا من عُبد من دون الله إذا رضي بأن يُعبد ولو في مجال واحد من مجالات العبادة؛ كالركوع، والسجود، وصرف النُّسك له، والدعاء، والطلب، والخوف، والرجاء، والطاعة، والتحاكم، والمحبة، والولاء والبراء، وغير ذلك من أنواع العبادة، وهو كافر بل إمام من أئمة الكفر

طواغيت أخرى يجب الكفر بها:-

1- الهوى.

2-  الساحر.

 3- الكاهن.

4- المُشرع من دون الله (أي: الحاكم الجائر المُغير لأحكام الله).

5- التشريع ذاته.

6- المحبوب لذاته من دون الله (أي: يُعقد الولاء والبراء فيه وعليه).

 7- المُطاع لذاته من دون الله (أي: يُطاع من غير تعقيب، ولا يُرد أمره سواء كان مُوافقًا للحق أم غير ذلك، وهذا أكثر الناس في زماننا قد وقعوا فيه).

 8- الوطن والوطنية.

9-  القوم والقومية.

 10- الإنسانية بالمعنى الذي يُقدم للشعوب وهو: أن الناس سواسية في الحقوق والواجبات ولا عبرة لانتمائاتهم العقائدية؛ حيث إن أكفر وأفجر الخلق يستوي مع أتقى الخلق وأكثرهم إيمانًا ما داما ينتميان إلى الأصل البشري الإنساني.

 11- الشعب (كمصدر للسلطات).

 12- الأكثرية في بعض صورها (كالرضى باختيارها سواء وافق الحق أم غير ذلك).

13-  مجلس الأمم المتحدة، ومجلس الأمن، ومحكمة العدل الدولية، ومنظمة حقوق الإنسان، وجامعة الدول العربية وغير ذلك من المجالس الشركية - المُنتشرة في العالم بأسماء مُختلفة؛ مثل: مجلس الشعب، البرلمان، مجلس الأمة، المجلس التشريعي - التي تحكم بالطاغوت وتتحاكم إليه.

 14- الأحزاب في بعض صورها (عندما تُطاع لذاتها، ويُعقد الولاء والبراء فيها وعليها).

 15- جميع الأديان الكفرية والشركية؛ كالشيوعية، والإشتراكية، والرأسمالية، والعَلمانية، والماسونية، والديمقراطية، وغير ذلك من نِحَل الكفر والشرك (وقد فصلنا حقيقة هذه الآلهة فى كتابنا الحقائق)

أوصاف التحاكم الذي يُخرج صاحبه من الملة:-

التحاكم الذي يُخرج صاحبه من الملة ويكون كفرًا أكبرا له أحد الوصفين:

 الوصف الأول: عندما يعدل المرء عن حكم الله ورسوله إلى حكم الطاغوت يُؤاثره ويُقدمه عليه رغم توفر ووجود الحاكم أو الجهة القادرة التي تحكم له بما أنزل الله.

 الوصف الثاني: عندما يتحاكم المرء - حرًا مُختارًا - إلى شرائع الطاغوت في حال غياب الحاكم المسلم الذي يحكم بما أنزل الله - وهو يعلم أن التحاكم إلى شرائع الطاغوت كفر يُخرج من الملة.

بهذين الوصفين أو بأحدهما يكون فعل التحاكم كفرًا أكبر مخرجًا من الملة و ما سوى ذلك فلا.

وضابط ذلك أن يغير حكما من أحكام الله ,أوحداً من حدود الله ,أو عقوبة مقررة فى دين الله

 هل يصح إطلاق كلمة الطاغوت على المسلم

الطاغوت مجاوزة الحد، وهذه المجاوزة تكون كفراً فيكفر بها ,وتكون ظلما محرما ,وتكون معصية دون الكبيرة ,فإذا ترك الأصل فيكفر به وهو طاغوت كافر ولا يكون مسلماً ,وإذا ترك الواجب فيكون محرماً ولا يكون كفراً فيكون طاغوتا من هذا الوجه فليس كل طاغوت كافر  على هذا التفصيل ,وإن كان لفظ الطاغوت  فى القرآن يحمل على الكفر الأكبر,لكن هذا التفصيل يخرج الظالم والفاسق بالقرائن والأدلة فيكون كافرا ويكون ظالما ويكون فاسقا بحسب ماوقع منه . 

هل مدح الطاغوت كفر

 ليس كل مدح للطاغوت كفرا فمن مدح شجاعته أو كرمه إن كان إنسانا لم يكفر وإنما يكفر إن مدح دينه الكفري أو مدح دعوى ربوبيته أو مدح عبادته ونحو ذلك.

الذي نستخلصه من كلام السلف الصالح:

(أن الطاغوت هو: كل ما صرف العبد وصدَّه عن عبادة الله تعالى، وإخلاص الدين والطاعة لله ولرسوله، وسواء في ذلك شياطين الجن، أو: شياطين الإنس، أو: الجمادات-بجميع أصنافها وأشكالها-كالأشجار، والأحجار ونحوهما من المعبودات المزيفة، ويدخل-بلا شك ولا خلف - الحكم بالقوانين الوضعية الوضيعة التي تخالف شرع الله تعالى، وما وضعت إلا لمخالفة شرع الله-أمراً ونهياً-وكذا كل ما وضعه من يسمون أنفسهم المشرِّعين لنحكم به الدماء، والفروج، والأحوال، وليبطل به شرائع الله من إقامة الحدود، وتحريم الربا، والزنا، والخمر-ووضع قوانين لحمايتها وباقي الموبقات-، ونحو ذلك.

والقوانين التي تخالف شرع الله نفسها طواغيت، وواضعوها ومروجوها والمدافع عن أصحابها طواغيت، فكل ما وضعه العقل البشري مطلقاً ليصرف عن الحق الذي جاء به رسول الله-صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم-إما بقصد، أو: بغير قصد من واضعه فهو طاغوت.

من شبهات أهل الغلو

الكفر بالطاغوت حق، وهو شرط لصحة الإيمان، فهذا أمر مسلَّم به، لا يُجادل فيه موحد.

ولكن المشكلة تكمن عندما يوضع هذا الأمر في غير موضعه، ويُحمل على من لا يجوز أن يُحمل عليه، أو يُحمَّل من المعاني السقيمة المخالفة للشريعة وقواعدها، فيحصل حينئذٍ الإفراط أو التفريط!

والقول بأن المسلمين في مجتمعاتهم اليوم الأصل فيهم الكفر، ومن لا يكفرهم أو يقول بهذا القول فهو كافر؛ لا يقول به عالم، بل ولا مسلم عاقل يعز عليه دينه، وهو من جملة أقوال ومعتقدات خوارج وغلاة هذا العصر.

فقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (من صلى صلاتنا واستقبل قبلتنا، وأكل ذبيحتنا فذاك المسلم له ذمة الله وذمة رسوله) [البخاري].

وقد أجمع أهل العلم؛ على أن المرء يدخل الإسلام ويُحكم له بالإسلام إذا نطق بشهادة التوحيد، أو رؤى يصلي صلوات عدة، وإن لم يُعرف عنه الإقرار باللسان.

قال القرطبي في كتابه "الجامع" [8/ 207]: (الإيمان لا يكون إلا بلا إله إلا الله دون غيره من الأقوال والأفعال، إلا في الصلاة، قال إسحاق بن راهويه: ولقد أجمعوا في الصلاة على شيء لم يجمعوا عليه في سائر الشرائع، لأنهم أجمعهم قالوا: من عُرف بالكفر ثم رأوه يصلي الصلاة في وقتها حتى يصلي صلوات كثيرة ولم يعلموا منه إقراراً باللسان، أنه يُحكم له بالإيمان) اهـ.

ومشكلة هؤلاء الغلاة الجهلة - الذين ورد السؤال عنهم - أنهم لا يميزون بين القدر الذي يدخل المرء به الإسلام، وبين القدر الذي به يستمر له حكم الإسلام، وبين القدر الذي يرفع عنه السيف في أجواء القتال!

- فالقدر الذي يُدخل المرء الإسلام؛ هو شهادة التوحيد، وكذلك إقامة الصلاة - كما تقدم -

- والقدر الذي به يستمر له حكم الإسلام؛ أن يُحافظ على إقامة الصلاة، وأن لا يُعرف عنه أنه قد أتى ناقضاً من نواقض الإيمان والتوحيد.

- والقدر الذي يرفع عنه السيف في أجواء القتال؛ أن يقول أي عبارة تدل على أنه يريد الدخول في الإسلام؛ كأن يقول: "صبأت"، أو "السلام عليكم"، أو "أنا منكم"، ونحو ذلك من العبارات، فهذه العبارات لا تُدخل صاحبها في الإسلام، لكنها ترفع عنه السيف في أجواء القتال إلى أن يُعلَّم الكلمات الصحيحة التي تُدخله الإسلام.

لذا نجد أن النبي صلى الله عليه وسلم قد أنكر على خالد بن الوليد رضي الله عنه أشد الإنكار لما قتل أولئك النفر الذين قالوا له: "صبأنا، صبأنا"، وكانوا يريدون أن يقولوا أسلمنا، إلا أنهم لم يُحسنوا التعبير فقالوا صبأنا، فلم يقبل منهم خالد رضي الله عنه فقتلهم، فأنكر عليه النبي صلى الله عليه وسلم وتبرأ من فعله، وقال: (اللهم إني أبرأ إليك مما صنع خالد) - مرتين - وأمر بدفع دية القتلى.

وكذلك قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَتَبَيَّنُوا وَلا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلامَ لَسْتَ مُؤْمِناً تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَعِنْدَ اللَّهِ مَغَانِمُ كَثِيرَةٌ كَذَلِكَ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلُ فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فَتَبَيَّنُوا إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيراً} [النساء: 94]، فأمر الله تعالى بالتثبت والتبين ممن يلقي السلام على المسلمين المجاهدين في أجواء القتال، ويدع قتالهم، وأن لا يستعجلوا قتله، لاحتمال أن يكون مؤمناً أو أنه يريد الدخول في الإسلام، فأخطأ التعبير فابتدأ بالسلام بدلاً من شهادة التوحيد.

كذلك ليس من الإسلام في شيء؛ أن لا تقبل إسلام العباد إلا بعد أن تختبر اعتقادهم، وتحملهم على أقوال واعتقادات معينة، فهذا ليس من دين الله في شيء ولم يقل به عالم معتبر، وهو من قول أهل البدع والزيغ والضلال.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية في الفتاوى فى معرض رده على أهل التوقف والتبين :

(ليس من شروط الإتمام أن يعلم المأموم اعتقاد إمامه، ولا أن يمتحنه؛ فيقول: ماذا تعتقد؟ بل يصلي خلف مستور الحال، وقول القائل لا أصلي خلف من لا أعرفه، كما لا أسلم مالي إلا لمن أعرفه؛ كلام جاهل لم يقله أحد من أئمة الإسلام).

وقال: (وتجوز الصلاة خلف كل مسلم مستور باتفاق الأئمة الأربعة وسائر أئمة المسلمين، فمن قال: لا أصلي جمعة ولا جماعة إلا خلف من أعرف عقيدته في الباطن، فهذا مبتدع مخالف للصحابة والتابعين لهم بإحسانٍ وأئمة المسلمين الأربعة وغيرهم) اهـ.

فإذا كانت الصلاة تصح خلف مستور الحال، ولا يُشترط للصلاة خلفه معرفة اعتقاده أو اختباره وامتحانه، فمن باب أولى؛ أن تحكم بإسلامه، وإسلام غيره ممن يُظهرون الإسلام وتجهل اعتقاداتهم، ومن دون أن تختبرهم أو تحملهم على أقوال أو اعتقادات معينة.

والأدلة التي استدلوا بها ليس منها شيء يُخالف ما تقدم ذكره.

الرد المجمل على بعض شبهات أهل الغلو

- قولهم: (ويحتجوّن على ذلك بأن الأنبياء عليهم السلام جاءوا إلى أقوامهم ودعوهم إلى الكفر بالطاغوت والإيمان بالله، فمن أجاب حكم له بالإسلام، ومن امتنع بقي على كفره ... ).

أقول: تلك الأقوام التي بُعثت إليها الأنبياء بدعوة التوحيد، هل كانوا - قبل أن يستجيبوا أو يستجيب بعضهم لدعوة التوحيد - ممن يشهدون أن لا إله إلا الله ويُقيمون الصلاة، أم أنهم كانوا من عبدة الأوثان والطواغيت، وممن يجحدون شهادة التوحيد، ولم يعرفوا طعم الإيمان؟

الجواب لا بد أن يكون؛ أنهم كانوا من عبدة الأوثان والطواغيت، وممن يجحدون شهادة التوحيد، ولم يعرفوا الصلاة لله عز وجل ولا طعم الإيمان!

وإن كان الجواب كذلك، أقول: كيف يُحمل حال وواقع من كان من عبدة الأوثان والطواغيت، وممن يجحدون شهادة التوحيد، ولم يعرفوا الصلاة لله عز وجل ولا طعم الإيمان قط، على من أقر بالتوحيد، وأقام الصلاة، ولم يُعرف عنه ما يُنقض توحيده وإيمانه، كما هو حال المسلمين في مجتمعاتهم في هذا الزمان؟!

لذا فالاستدلال في واد، والمسألة المستدل عليها في وادٍ آخر ومختلف!

عن أنس بن مالك رضي الله عنه، قال: (ما أعرفُ منكم شيئاً كنت أعهدهُ على عهدِ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم ليس قولكم لا إله إلا الله!)، قلنا: بلى يا أبا حمزة؛ الصلاة؟ فقال: (قد صليتم حين تغرب الشمس، أفكانت تلك صلاةُ رسول الله صلى الله عليه وسلم؟!).

وعن الحسن البصري قال: (لو أنَّ رجلاً أدرك السلف الأول، ثم بُعث اليوم ما عرف من الإسلام شيئاً إلا هذه الصلاة)!

وعن ميمون بن مهران قال: (لو أنَّ رجلاً أُنشر فيكم من السلف، ما عرف فيكم غير هذه القبلة)!

وعن أم الدرداء قالت: (دخل عليَّ أبو الدرداء رضي الله عنه وهو غضبان، فقلت له: ما أغضبك؟ فقال: والله ما أعرف فيهم من أمرِ محمدٍ شيئاً إلا أنهم يُصلون جميعاً)!

وعن عيسى بن يونس، عن الأوزاعي، عن حبان بن أبي جبلة، عن أبي الدرداء قال: (لو خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إليكم اليوم، ما عرف شيئاً مما كان عليه هو وأصحابُه إلا الصلاة)! قال الأوزاعي: (فكيف لو كان اليوم؟!)، قال عيسى: (فكيف لو أدرك الأوزاعي هذا الزمان؟!).

قلت: رغم هذا الواقع المرير الذي ينقله الصحابة والتابعون لهم بإحسان عن مجتمعاتهم التي كانوا يعيشون فيها، وعن غربة الدين في تلك المجتمعات، إلا أنهم لم يكونوا يصفون تلك المجتمعات بالكفر، وأن من فيها كفار مرتدون لا بد من أن يُدعوا من جديد إلى الإيمان بالله والكفر بالطاغوت، وأن من لا يقول بهذا القول أو يعتقد به؛ فهو كافر مرتد، فهذا لم يفعله الصحابة ولا التابعون، وحاشاهم أن يفعلوا ذلك!

- قولهم: (وكذلك في عهد مسيلمة الكذاب من كان تحت حكمه فهو في دار الكفر وكل شخص هناك حكمه الكفر حتى يُظهر إسلامه بكفره بالطاغوت مسيلمة والإيمان بالله، ويستدلون بقصة خالد بن الوليد رضي الله عنه مع مُجاعة في ذلك الوقت، حيث لم يعترف خالد بإسلامه لمّا أمسكه لأنه لم ينكر على الطاغوت ... ).

أقول: كل من كان تحت حكم مسيلمة الكذاب وسلطانه، وتابعه على كفره وكذبه وتكذيبه فهو كافر مرتد، وليس كل من كان تحت حكمه وفي سلطانه كذلك، إذ كان فيهم المكره والمستضعف، والمعتزل لمسيلمة وكفره المظهر لدينه وتوحيده، وهؤلاء لهم حكم آخر.

وخالد أنكر على مجاعة لكونه؛ كان من أعز أهل اليمامة، ولم يبد عذراً، ولم يرسل له رسولاً يخبره إن كان خائفاً من قومه ومن مسيلمة أم لا، مما دل أن خالد بن الوليد رضي الله عنه كان يقيل عثرة من كان هذا وصفه، ومع ذلك فخالد رضي الله عنه لم يحكم بردة مجاعة وعفا عنه، وقال له: (قد عفوت عن دمك، ولكن في نفسي حرج من تركك)، لما رأى من صدق لهجته!

فإن عُلم ذلك، هل المسلمون في زماننا ممن يشهدون شهادة التوحيد ويقيمون الصلاة، ولم يُعرف عنه ما يُخرجهم من الملة، هم كمن آمن بمسيلمة الكذاب وبنبوته، وكذب محمداً صلى الله عليه وسلم؟!

فإن كان الجواب: لا - وهو كذلك - عُلم أن الاستدلال في واد وأن المسألة المستدل عليها في وادٍ آخر ومختلف.

ويُمكن أن يُقال كذلك: كان في عهد خالد بن الوليد توجد الدولة الإسلامية والأرض الإسلامية التي يُمكن اللجوء والهجرة إليها، والتي بها يتمايز الصفان، فهل في زماننا توجد الأرض أو الدولة الإسلامية التي نحمل الناس على الهجرة إليها ليتمايز أتباع الطاغوت وجنده ممن سواهم؟!

فإن قيل: لا ... لا يوجد، أقول: إذاً لا تحمل هذا على ذاك ولا تقس عليه!

أما حديث أسامة والمقداد والجارية فقد سبق الحديث عن ذلك ,والفرق بين الإسلام الحكمى والإسلام على الحقيقة فيجب التفريق بين من نطق بالشهادة وهو كافر أصلى لم يدخل فى الإسلام ,وبين من قالها وهو كافر مرتد فشتان بينهما ,فالكافر الأصلي تقبل منه ويجب الكف عنه بمجرد نطقه بها لأنها عاصمة للدم والمال والعرض ابتداءً , وعلى ذلك يُحمل حديث أسامة وغيره أما المرتد فلا تقبل منه حتى يدخل فى الإسلام من الباب الذى خرج منه كإجماع الصحابة على قتال مانعى الزكاة

مع أنهم كانوا يصلون ويقرؤن القرآن ويصومون يسبحون ويستغفرون ويقولون لاإله إلا الله محمد رسول الله ولم يقبل الصحابة منهم كل ذلك بل كفروهم وقاتلوهم قتال كفر وردة حتى دخلوا فى الإسلام من الباب الذى خرجوا منه فلا بد من الانتباه وفهم هذا الأمر جيداً فهو سبب ضلال المرجئة

ولأهل الغلو شبهة قبيحة فى مسالة الكفر بالطاغوت حتى أن أحده يكفر أمه وأباه وأخاه لأنهم لايكفر ون بالطاغوت على مذهبهم وقد حصروا الطاغوت فى الحاكم  فقط دون غيره من الطواغيت

  • الاربعاء AM 07:33
    2020-12-09
  • 5238
Powered by: GateGold