المتواجدون الآن

انت الزائر رقم : 409164
يتصفح الموقع حاليا : 343

البحث

البحث

عرض المادة

كتابة السنة

1- يقصد في هذا المبحث مناقشة مبدأ كتابة السنة، وإيراد الأحاديث الواردة في ذلك نهياً وأمراً، والجمع بينها، وبيان استقرار الأمر على الكتابة والإجماع على
ذلك، وإيراد نماذج مما كُتِبَ في العهد النبوي.

2- تناقل كثير من المصنفين ما كان يسود جزيرة العرب، ولا سيما مكة والمدينة من الأمية قبيل دخول الإسلام، ولعل ذلك بسبب ما جاء في بعض المصادر من أن عدد القادرين على الكتابة عندما جاء الإسلام كانوا في مكة سبعة عشر رجلا، وفي المدينة تسعة رجال([1]).

ولا شك أن العرب أمة أمية كما وصفهم القرآن الكريم: {هو الذي بعث في الأميين رسولا منهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين}([2])، وهذا هو وصفهم الغالب، أما ماتناقله المصنفون من ذكر لتلك الأعداد القليلة فإنه لا يعطي صورة دقيقة عن الكتابة لدى العرب، ولا يثبت أمام البحث العلمي الدقيق الذي يؤكد وجود عدد من قراء العربية وكُتَّابها نساء ورجالا يفوق ذلك العدد بكثير، وإن كان ذلك لا يمثل نسبة تذكر بالنسبة للمجتمع العربي آنذاك([3]).

3- لما جاء الإسلام وبدأ الوحي بكلمة {اقرأ} بدأت الكتابة تنتشر على نطاق واسع، حيث اقتضت طبيعة الرسالة الجديدة أن يكثر المتعلمون، فقد زاد عدد كُتّاب النبي صلى الله عليه وسلم على ستين رجلا([4])، يكتبون الوحي، والزكاة، والمداينات، والمعاملات، والرسائل، والعهود، والمواثيق.

وكانت المساجد والكتاتيب والمنازل هي مجالات تعلم القراءة والكتابة بالمدينة المنورة، مما أسهم في سرعة تزايد عدد المتعلمين.

4- ساد اعتقاد خاطئ لدى كثير من المستشرقين ومن شايعهم من المنتسبين للإسلام بأن السنة لم تكتب إلا في القرن الثاني، وقد يكون سبب هذا الاعتقاد الجهل حينا، وتغرّض هذا الدين والرغبة في النيل منه حينا آخر، لأن هذا الاعتقاد لا يثبت أمام حقائق التاريخ كما سيتضح من خلال نماذج مما كُتب من السنة في عهد النبي
صلى الله عليه وسلم والصحابة، ولذلك فقد اعترف عدد من المستشرقين بكتابة الأحاديث منذ عهد النبي صلى الله عليه وسلم ومن هؤلاء Macdonald الذي قال: " نحن لدينا أدلة عديدة عن هؤلاء الصحابة المترجمين لسيرته الذاتية والذين قاموا بتسجيل كلمات النبي صلى الله عليه وسلم كما قالها"،ومنهم أيضا: Sprenger, Muir, Duck, Horovitz ([5]).

5- كان بعض السنة متمثلاً في المعاهدات ومراسلات النبي صلى الله عليه وسلم وكتبه إلى ولاته... قد كُتِبَ بأمر النبي صلى الله عليه وسلم ، وكُتِبَ بعضها بجهود فردية من الصحابة، أما التدوين العام للسنة بإشراف الدولة المسلمة فقد كان على رأس المائة الأولى للهجرة على يد الخليفة الخامس الراشد عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه.

6- لقد مر مبدأ كتابة السنة بمرحلتين، هما: النهي عن الكتابة في فجر الإسلام المبكر خشية اختلاطها بالقرآن حين كان الصحابة حديثي عهد بالإسلام، ثم مرحلة الإباحة والأمر لما استقر الدين وتمكن الصحابة من حفظ القرآن والتمييز بينه وبين الحديث، وذلك على النحو التالي:

أولا- أحاديث النهي عن كتابة السنة:

صح حديث واحد في النهي عن كتابة السنة أما بقية الأحاديث الواردة في ذلك فهي ضعيفة الأسانيد:

1- عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تكتبوا عني، ومن كتب عني شيئا غير القرآن فليمحه" وزاد في رواية: "وحدثوا عني ولا حرج، ومن كذب علي فليتبوأ مقعده من النار"، وهو الحديث الصحيح الوارد في هذا الباب([6]).

2- وعن أبي هريرة قال: خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن نكتب الأحاديث فقال: "ما هذا الذي تكتبون؟ قلنا: أحاديث نسمعها منك، قال: أكتاب غير كتاب الله تريدون؟ ما أضل الأمم من قبلكم إلا ما اكتتبوا من الكتب مع كتاب الله، قال أبو هريرة: فقلت: أنتحدث عنك يا رسول الله؟ قال: نعم تحدثوا عني ولا حرج فمن كذب علي متعمداً فليتبوأ مقعده من النار"([7]).

3- وعن أبي سعيد الخدري قال: "استأذنت رسول الله صلى عليه وسلم أن يأذن لي أن أكتب الحديث فلم يأذن لي"([8]).

4- وعن زيد بن ثابت أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن يكتب حديثه([9]).

5- وردت كراهة الكتابة عن جماعة من الصحابة، منهم: أبو سعيد الخدري، وعبد الله بن مسعود وأبو موسى الأشعري وأبو هريرة وعبد الله بن عباس وعبد الله
ابن عمر رضي الله عنهم، غير أن أكثرهم صرح بأن امتناعه عن الكتابة كان خشية الاتكال عليها وترك الحفظ، أو خشية الوقوع في الخطأ، وبعض هؤلاء ثبت عنهم الرجوع عن ذلك إلى الجواز والإباحة، كما صح عن ابن عباس وأبي سعيد الخدري وأبي هريرة وابن مسعود، مما يدل على أنهم أدركوا أن النهي الوارد عن النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك كان مقيداً أو منسوخاً ولم يكن مطلقا([10]).

ثانيا: أحاديث الإذن والأمر بكتابة السنة:

صحت أحاديث كثيرة عن النبي صلى الله عليه وسلم في الإذن بكتابة السنة والأمر بذلك، بل ثبتت كتابة كثير من السنن في عهد النبي صلى الله عليه وسلم كما سيأتي في المبحث الرابع وقد بلغ مجموع ذلك حد التواتر المفيد للعلم القطعي، ومن هذه الأحاديث ما يلي:

1- قوله صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع: "اكتبوا لأبي شاه"([11])، وهو صحابي من اليمن طلب كتابة خطبة الوداع، وكون هذا الأمر بالكتابة ورد في حجة الوداع يؤكّد أن آخر الأمرين كان الإذن بالكتابة.

2- وعن عبد الله بن عمرو قال: كنت أكتب كل شيء أسمعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم أريد حفظه، فنهتني قريش، وقالوا: تكتب كل شيء سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم، ورسول الله صلى الله عليه وسلم بشر يتكلم في الغضب والرضا، فذكرت ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم، فأومأ بأصبعه إلى فيه، وقال: "اكتب فوالذي نفسي بيده ما خرج منه إلا حق"([12]).

3- وعن أبي هريرة قال: "ما من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أحد أكثر حديثا عنه مني، إلا ما كان من عبد الله بن عمرو فإنه كان يكتب ولا أكتب"([13]).

4- وشكا أحد الصحابة قلة حفظه للنبي صلى الله عليه وسلم فقال له: "استعن على حفظك بيمينك"([14]).

5- وعن عبد الله بن عمرو وأنس بن مالك قالا: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "قيدوا العلم بالكتاب"([15]).

6- وعن رافع بن خديج قال: قلنا يا رسول الله، إنا نسمع منك أشياء، أفنكتبها؟ قال: "اكتبوا ولا حرج"، ونحوه من حديث عبد الله بن عمرو مرفوعا([16]).

كما وردت الكتابة أو الأمر بها عن جماعة من الصحابة، منهم: أبو بكر وعمر وعلي والحسن بن علي وعبد الله بن عباس وأبو سعيد الخدري وأنس بن مالك وأبو أمامة الباهلي ومعاوية والمغيرة بن شعبة وعائشة وعبد الله بن مسعود وأبوهريرة والبراء ابن عازب، وأسماء بنت عميس وسبيعة الأسلمية، وغيرهم([17]).

ثالثا: الجمع بين أحاديث النهي وأحاديث الإذن والأمر بكتابة السنة:

جمع أهل العلم بين أحاديث النهي والإباحة بأقوال كثيرة، أهمها ما يلي([18]):

1- إن أحاديث النهي منسوخة بأحاديث الإباحة، فالنهي عن كتابة الحديث إنما كان أول الإسلام مخافة اختلاط الحديث بالقرآن، فلما عرف الصحابة القرآن معرفة رافعة للجهالة وميّزوه من الحديث ومن الصحف القديمة زال خوف اختلاط القرآن
بغيره، فنسخ حكم النهي الذي كان مرتبطا بذلك وصار الأمر إلى الجواز، قال الخطيب البغدادي: "ونُهي عن كتب العلم في صدر الإسلام وجدته لقلة الفقهاء في ذلك الوقت والمميزين بين الوحي (المتلو) وغيره"([19]).

وذكر ابن قتيبة أن النهي من منسوخ السنة بالسنة، كأنه نهى في أول الأمر أن يكتب قوله، ثم رأى بعد أن السنن تكثر وتفوت الحفظ فينبغي أن تكتب وتقيد([20]).

وقال الأستاذ أحمد شاكر: "إن حديث أبي سعيد منسوخ، وإنه كان في أول الأمر حين خيف اشتغالهم عن القرآن، وحين خيف اختلاط غير القرآن بالقرآن"([21]).

2- إن النهي يتعلق بمن وثق بحفظه ولم يخش عليه النسيان، حتى لا يتكل على الكتابة ويترك الحفظ، أما الإذن فهو متعلق بمن ضعف حفظه وخشي عليه النسيان مع الأمن على ضبطه للكتابة.

3- كان النهي خاصا بكتابة القرآن والحديث في صحيفة واحدة خشية اختلاطهما، والإذن بالكتابة إذا كانا مستقلين في نسخ مختلفة.

4- إن النهي يتعلق بوقت نزول القرآن وكتابته خشية التباسه بالحديث، والإذن بكتابة الحديث في غير ذلك الوقت.

5- إن النهي خاص بمن لا يحسن الكتابة حتى لا يقع في الغلط والتحريف، وتتعلق الإباحة بمن يحسن الكتابة ويتقنها.

6- إن النهي خاص بكتبة القرآن المكلفين بذلك رسميا، والإباحة تتعلق بغيرهم. وقد استقر الأمر في هذا الباب على إجماع أهل العلم على كتابة السنة، كما نقل ذلك الخطيب البغدادي والحافظ ابن الصلاح وغيرهما.

رابعا: أهم ما كتب من السنة في العهد النبوي([22]):

إن مرحلة ما بعد التدوين الرسمي للسنة على رأس المائة الأولى للهجرة قد نالت حظها من الدراسات الوافية من حيث تتبعها وإبرازها، في حين أن الفترة التي سبقت ذلك أي منذ عهد النبي صلى الله عليه وسلم إلى سنة 100هـ لم تنل ما تستحقه من البحث فيما يتعلق بكتابة السنة، برغم ثرائها بذلك وأهميتها في هذا المجال حيث إنها مرحلة التأسيس والبناء لما بعدها، وقد استقى المتأخرون عنها معلوماتهم من مادتها الأساسية، ولعل عدم الإبراز الكافي لتاريخ كتابة السنة في تلك الفترة من الأسباب التي جعلت بعض المستشرقين ومن شايعهم يتوهمون تأخر كتابتها([23]).

ومن أكثر من تصدى لتغطية تلك الفترة من المعاصرين الدكتور الأعظمي في كتابه: دراسات في الحديث النبوي وتاريخ تدوينه، والدكتور امتياز أحمد في كتابه: دلائل التوثيق المبكر للسنة والحديث، والدكتور محمد حميد الله في كتابه: مجموعة الوثائق السياسية للعهد النبوي والخلافة الراشدة.

إن المتتبع للتاريخ المبكر لكتابة السنة يجد نفسه أمام ثروة كبيرة ثبتت كتابتها في ذلك العهد وتمثل جزءا كبيرا من السنة مما يجعلنا نجزم بأن السنة كانت محفوظة في السطور والصدور معا منذ عهد النبي صلى الله عليه وسلم، ومن نماذج ذلك ما يلي:

أ- ما كتب بأمر النبي صلى الله عليه وسلم:

1- كتبه صلى الله عليه وسلم إلى الملوك والحكام في عصره:

أرسل النبي صلى الله عليه وسلم كتبا متعددة إلى ملوك العرب والعجم في عهده يدعوهم فيها إلى الإسلام ويبين لهم أسس عقيدة الدين الجديد، وقد وجدت نصوص هذه الكتب في كثير من المدونات الحديثية وكتب التاريخ، ومن أشهر هذه الكتب:

- كتابه إلى هرقل إمبراطور بيزنطة.

- كتابه إلى كسرى ملك الفرس.

- كتابه إلى المقوقس ملك مصر.

- كتابه إلى النجاشي ملك الحبشة.

- كتابه إلى ملك عمان.

- كتابه إلى عياهلة ملك حمير.

- كتابه إلى هلال حاكم البحرين.

- كتابه إلى الحارث بن أبي شمر ملك الغساسنة.

- كتابه إلى هوذة بن علي ملك اليمامة.

2- كتبه صلى الله عليه وسلم إلى القبائل:

راسل النبي صلى الله عليه وسلم مشايخ القبائل العربية داعيا إلى الإسلام، وموضحا لمن آمن أصول الاعتقاد والأحكام الإسلامية، من ذلك:

- الصحيفة التي أرسلها إلى بني حارثة بن عمرو.

- كتابه إلى أهل داما، إحدى قرى عمان.

- رسالته إلى شيخ مشايخ قبيلة جذام وخزاعة.

- الكتاب الذي أرسله مع نهشل بن مالك الوائلي إلى قبيلته.

- كتابه إلى قطاع الطرق في تهامة، يدعوهم فيها إلى الإسلام، ويعطيهم الأمان إذا اعتنقوا دينه.

- كتبه إلى قبائل مهرة، وخيثمة، وبني نهد، وجرم، وعشيرة كلب،وبنى الحارث، والأزد، وأهل هجر، وملوك حمير.

3- كتبه صلى الله عليه وسلم إلى الولاة والقضاة وجباة الزكاة:

كان النبي صلى الله عليه وسلم يوجه ولاته وقضاته وعمال الزكاة في الأقاليم عبر رسائل مكتوبة، يبين لهم فيها أحكام الدين وكيفية قيامهم بمهامهم وفق هدي الشارع، ومن ذلك:

- كتابه لعمرو بن حزم حين أرسله إلى اليمن، وفيه أحكام الطهارة والصلاة والغنيمة والصدقة وأحكام الجراح والديات.

- كتابه إلى علاء بن الحضرمي والي البحرين، وفيه تفاصيل تتعلق بأحكام الصلاة والزكاة.

- رسالته إلى عامر الجهني، أحد عمال الزكاة.

- رسالته إلى قبيصة بن المخارق، أحد عمال الزكاة.

- كتابه إلى أبي بكر لما بعثه للحج بالناس، وهو يشتمل على أحكام الحج، أرسله إليه مع علي رضي الله عنهما.

4- المعاهدات والمواثيق والاتفاقيات:

أمر النبي صلى الله عليه وسلم بكتابة جملة من هذه العهود بحسب الحاجة، ومن ذلك:

- الاتفاقية مع قبيلة ضمرة على أمنهم وسلامة أشخاصهم وممتلكاتهم مقابل مشاركتهم في دفع العدوان على المدينة، وذلك في السنة الأولى للهجرة.

- المعاهدة مع قبيلة غطفان أثناء غزوة الخندق سنة 8 هـ.

- معاهدة صلح الحديبية بين المسلمين وأهل مكة سنة 6 هـ.

- المعاهدة بين النبي صلى الله عليه وسلم وحاكم دومة الجندل سنة 9هـ.

- معاهدة السلام مع أهل أيلة أثناء غزوة تبوك.

- المعاهدة مع قبيلة بارق عندما زاروا النبي صلى الله عليه وسلم.

- المعاهدة مع قبيلة أسلم على التعاون ضد العدوان الخارجي على أي من الطرفين.

- معاهدة التحالف مع قبيلة جهينة.

- اتفاقية السلام مع بني حبيبة.

- المعاهدة مع ثقيف.

- المعاهدة مع بني غفار.

- المعاهدة المرسلة إلى أهل جرباء وأذرح مع وفد منهم زار النبي صلى الله عليه وسلم سنة 9هـ.

- المعاهدة مع نصارى نجران على حمايتهم وإلزامهم بدفع الجزية.

- صحيفة المعاهدة مع اليهود في المدينة في بداية الهجرة.

5- العقود، وقرارات العفو العام، ومنح الأراضي:

كتبت جملة من الوثائق بأمر النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الباب، منها:

- كتاب العفو عن سراقة بن مالك.

- عقده مع الأزرق بن عمر حول إقامته بمكة وحق الزواج من قريش.

- عقد منح زيد الخير بعض الأراضي.

- وثيقة إثبات ممتلكات عك ذي خيوان.

- عقد منح تميم الداري بعض الأراضي.

- عقد منح قطعة أرض لعباس السلمي.

- عقد منح أراضي عليها عيون مائية وأشجار ونخيل لعقيل بن كعب.

- عقد منح مزرعة لرقاد بن ربيعة في اليمن.

- عقد منح قبيلة بني قشير مجموعة أراض.

- عقد فيه الحقوق والواجبات لوفد عبد القيس.

- وثيقة تعهد بالحماية لقيلة بنت مخرمة وقبيلتها.

- عقد منح مزارع القبلية لبلال بن الحارث المزني.

6- تدوين سجل يحصي أسماء المسلمين:

وقد بلغ ألفاً وخمسمائة، كما رواه البخاري، وهذا العدد يشير إلى أن الإحصاء ربما كان في حدود السنة الثانية للهجرة.

7- سجلات الحروب:

إن أسماء الصحابة المشاركين في الغزوات كانت تدون عند كل معركة، وكان يستفاد منه في توزيع المغانم وحقوق القتلى، وقد عين النبي صلى الله عليه وسلم كاتبا لهذه المهمة.

8- قائمة بأسماء رسل النبي صلى الله عليه وسلم إلى الآفاق:

ذكر ابن إسحاق وغيره وجود كتاب يضم أسماء من أرسلهم النبي صلى الله عليه وسلم إلى الملوك والحكام، بالإضافة إلى فحوى رسالة كل منهم، وقد كان هذا الكتاب عند يزيد بن أبي حبيب المصري (ت 128) ، وقد أرسله إلى الزهري الذي أقر صحته.

9- عقود العتق:

ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم الأمر بكتابة جملة من عقود تحرير العبيد،منها:

- عقد عتق مولاه أبي رافع، وافتتاحية العقد: "هذا كتاب رسول الله لفتاه أسلم: إني أعتقك للّه عتقا مبتولا، الله أعتقك، وله المن علي وعليك، فأنت حر لا سبيل لأحد عليك إلا سبيل الإسلام وعصمة الإيمان... " شهد بذلك أبو بكر وشهد عثمان، وشهد علي، وكتب معاوية بن أبي سفيان.

- عقد عتق قبيلة أبي ضميرة من الرق.

- عقد شراء سلمان الفارسي من اليهودي ابن عبد الأشهل، وإعتاقه.

10- كتابة خطب وأحاديث متفرقة، مثل:

- كتابة خطبة الوداع لأبي شاه، وهي واردة في الصحيحين.

- كتابة حديث لعتبان بن مالك، كما في مسند أحمد وغيره.

ب - كُتّاب النبي صلى الله عليه وسلم([24]):

لقد اتخذ النبي صلى الله عليه وسلم مجموعة من الكتاب قارب عددهم ستين
كاتبا، وكان لهم تخصصات متنوعة، وذلك على النحو التالي:

1- كُتّاب القرآن الكريم حين نزوله على النبي صلى الله عليه وسلم.

2- كُتّاب ما يأمر به النبي صلى الله عليه وسلم.

3- كُتّاب الرسائل إلى الملوك والرؤساء.

4- كُتّاب العهود والمواثيق والصدقات وغيرها.

5- كُتّاب المراسلات مع العرب.

6- كُتّاب مسائل التشريع.

7- كُتّاب سجلات الحروب والمغانم.

8- كُتّاب دائمون بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم يكتبون ما يعرض من أمور.

9- كُتّاب يكتبون ما بين الناس من عقود ومعاملات.

10- كُتّاب ينوبون عمن كان يغيب من كُتّاب النبي صلى الله عليه وسلم الأصليين.

جـ- ما كتبه الصحابة في عهد النبي صلى الله عليه وسلم:

لقد دَوَّن عدد من الصحابة أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم بغرض الحفظ أو الإفادة بها، ومن ذلك:

1- الصحيفة الصادقة لعبد الله بن عمرو بن العاص، وقد اشتملت على ألف حديث.

2- كتب سعد بن عبادة.

3- كتاب معاذ بن جبل.

4- كتاب أبي رافع مولى النبي صلى الله عليه وسلم.

5- صحيفة علي بن أبي طالب.

6- صحيفة جابر بن عبد الله الأنصاري.

وسيأتي في مبحث التدوين في عهد الصحابة ذكر نماذج كثيرة أخرى لما كتبه الصحابة ولم نتأكد من أنهم كتبوها في عهد النبي صلى الله عليه وسلم.

ولا شك أن هذه النماذج الكثيرة لما كتب من السنة في العهد النبوي كافية للدلالة على كثرة ما كتب من السنة في ذلك العهد وفيه رد علمي قوي على ما ذهب إليه بعض المستشرقين ومن قلدهم من أن السنة قد تأخرت كتابتها، علما بأن كثيرا من هذه المدونات المبكرة محفوظة في أمهات كتب السنة، وكتب المغازي والسير والتاريخ.   
المراجع المساعدة

1- دلائل التوثيق المبكر للسنة والحديث، د. امتياز أحمد.

2- تقييد العلم للخطيب البغدادى.

3- السنة قبل التدوين، للخطيب 293- 381.

4- بحوث في تاريخ السنة المشرفة للعمري 221- 240.

5- دراسات في السنة النبوية، د. صديق عبد العظيم 103- 118.

6- معالم السنة النبوية، د. عتر، 69- 88.

7- الحديث والمحدثون لأبي زهو 122- 125 .

8- دراسات في الحديث النبوي وتاريخ تدوينه، د. الأعظمي.

أسئلة التقويم الذاتي

1- كيف كان حال الكتابة لدى العرب قبل الإسلام؟، مع تحقيق القول في ذلك.

2- ناقش ماذكره بعض المستشرقين وأشياعهم من تأخر كتابة السنة إلى القرن الثاني، مبينا سبب هذه الشبهة، مع الرد عليها في ضوء دراسة هذا المحور.

3- ما هي أحاديث كراهة كتابة السنة وأحاديث إباحة ذلك، وما درجة كل من الصحة؟

4- كيف جمع العلماء بين تلك الأحاديث، وما الذي ترجحه من أوجه الجمع؟

5- ما هي أقسام ما كتب في العهد النبوي مع التمثيل؟

6- ماهي مجالات عمل كُتّاب النبي صلى الله عليه وسلم، وما عددهم؟

 

 

([1]) انظر : فتوح البلدان للبلاذرى 459 ، طبقات ابن سعد 3/136 .

([2]) الجمعة : (2) .

([3]) من أجود من حقق هذا المبحث الدكتور امتياز أحمد فى كتابه "دلائل التوثيق المبكر للسنة" 153 .

([4]) راجع : كُتّاب الرسول للدكتور الأعظمى .

([5]) انظر : دلائل التوثيق المبكر 151 ، 152 .

([6]) صحيح مسلم 8/229 ، تقييد العلم 29-32 .

([7]) انظر مسند أحمد 2/12 ، تقييد العلم 33 ، وإسناده ضعيف .

([8]) انظر سنن الترمذي 2/111 ، سنن الدارمى 1/119 ، تقييد العلم 32 ، 33 ، دراسات فى الحديث النبوى 70 ، وإسناده ضعيف .

([9]) انظر تقييد العلم 35 ، وإسناده ضعيف .

([10]) انظر تقييد العلم 36-43 ، 49-61 ، 87-98 .

([11]) البخاري مع الفتح 1/279 ح113 .

([12]) أخرجه الإمام أحمد 2/205 ، وأبو داود 3/318 ، والدارمى 1/125 ، وهو صحيح الإسناد ، وانظر تقييد العلم 82 .

([13]) البخاري مع الفتح 1/278 ح112 .

([14]) انظر تقييد العلم 65-68 ، وقد أخرجه الترمذي والبيهقى ، وفى سنده مقال .

([15]) تقييد العلم 68-70 ، جامع بيان العلم 1/72 ، الجامع لأخلاق الراوى 44 ، وفى سنده مقال .

([16]) تقييد العلم 52-75 .

([17]) انظر : تقييد العلم 87-98 .

([18]) راجع السنة قبل التدوين 306-308 ، تقييد العلم 49-60 ، معالم السنة النبوية 72 ، دراسات فى السنة النبوية 106 ، دلائل التوثيق المبكر للسنة 214-235 .

([19]) تقييد العلم 57 .

([20]) تأويل مختلف الحديث 365 .

([21]) الباعث الحثيث 149 .

([22]) راجع : دلائل التوثيق المبكر 364-590 ، معالم السنة النبوية 77 ، دراسات فى السنة النبوية 107-118 ، السنة قبل التدوين 343 -360 ، دراسات فى الحديث النبوى وتاريخ تدوينه للأعظمى .

([23]) انظر : دلائل التوثيق المبكر للسنة 364 ، 365 .

([24]) انظر كُتّاب الوحى للدكتور أحمد عبد الرحمن عيسى ، كُتّاب النبى صلى الله عليه وسلم للأعظمى .

  • الاحد AM 11:37
    2020-11-29
  • 1619
Powered by: GateGold