ادْعُ إِلَىٰ سَبِيلِ رَبِّكَ
شٌبهات وردود
المكتبة المرئية
خَــيْـرُ جَــلـيـسٌ
المتواجدون الآن
حرس الحدود
مجتمع المبدعين
البحث
عرض المادة
زعم مصطفى محمود مخالفة الأحاديث الصحيحة للقرآن كالخوارج والمعتزلة
يقول هذا الكاتب: وما ترويه الأحاديث عن أن محمداً عليه الصلاة والسلام سوف يُخرج من النار كل من قال لا إله إلا الله ولوْ زنا ولو سرق ولو زنا ولو سرق رغم أنف أبي ذر .. هكذا يقول الحديث وهو مايخالف صريح القرآن فالقرآن يقول في محكم آياته.{إن المنافقين في الدرك الأسفل من النار ولن تجد لهم نصيراً} والمنافقون هم الذين يقولون لا إله إلا الله في كل مناسبة وتنطق ألسنتهم بما يخالف سرائرهم وهم في الدرك الأسفل من النار ولن يجدوا لهم نصيراً بصريح القرآن. (1)
الجواب: الأحاديث الصحيحة الثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم مثل هذا الحديث يستحيل أن تكون مُخالفة لصريح القرآن لكن أُتِييَ هذا الكاتب من سوء فهمه وقلّة علمه .. نعم يأتي في الحديث ماليس في القرآن بلا مخالفة ولاتعارض. وهذا كثير. وقد وردتْ أحاديث صحيحة في أنه يخرج من النار من قال: لا إله إلا
(1) ص 16،17.
الله خلاف مايعتقده الخوارج والمعتزلة. وقد قال صلى الله عليه وسلم: (شفاعتي لأهل الكبائر من أمتي) (1).وأهل الكبائر يقولون: لا إله إلا الله وكثير منهم يدخلون النار فيخرجون بشفاعته صلى الله عليه وسلم ليسوا كالكفار الذين قال الله عنهم: {فما تنفعهم شفاعة الشافعين}.فأهل السنة يُقرون بهذه الشفاعة والخوارج والمعتزلة ينكرونها فقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أنه (يخرج من النار من كان في قلبه مثقال ذرة من إيمان). (2)
وتواترت الأحاديث بأنه يخرج من النار من قال: لا إله إلا الله وكان في قلبه من الخير مايزن شعيرة ومايزن خردلة ومايزن ذرة. وتواترت بأن كثيراً ممن يقول: لا إله إلا الله يدخل النار ثم يخرج منها وأن الله حرم على النار أن تأكل أثر السجود من ابن آدم. فهؤلاء يدخلون النار ويخرجون منها.وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لكل نبي دعوة مستجابة فتعجل كل نبي دعوته وإني اختبأت دعوتي شفاعة لأمتي يوم القيامة فهي نائلة إن شاء الله من مات لايشرك بالله شيئاً).
أما المنافقون فكَوْنهم في الدرك الأسفل من النار وهم يقولون: لا إله إلا الله فليس مخالف للأحاديث الصحيحة. فهؤلاء يقولون بألسنتهم ماليس في قلوبهم فهم كاذبون بقولها. قال تعالى عنهم: {ومن الناس من يقول آمنا بالله وباليوم الآخر وماهم بمؤمنين. يخادعون الله والذين آمنوا ومايخدعون إلا أنفسهم وما يشعرون} والقرآن مملوء من ذكر المنافقين وكذبهم بخلاف الموحدين الذين يقولون: لا إله إلا الله ويردون القيامة بذنوب لم يتوبوا منها فهؤلاء لو دخلوا النار بذنوبهم لابكفرهم فإنهم يعذبون فيها بقدر مااقترفوه من الذنوب ثم يخرجون.
فَفَرْقٌ بين مُوَحّد يقول لا إله إلا الله وهو صاحب كبائر وبين من يقول الله عنهم: {إذا جاءك المنافقون قالوا نشهد إنك لرسول الله والله يعلم إنك لرسوله والله يشهد إن المنافقين لكاذبون} فكذبهم في قولهم لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله وجعلهم في زمرة الكفار بل أخبثهم كفراً.فالموحّد في قلبه إيمان هو يعمل على مقتضاه بخلاف المنافق الكاذب الذي يقول بلسانه ماليس في قلبه.
(1) حديث صحيح رواه أبو داود والترمذي وأحمد وغيرهم.
(2) جزء من حديث أنس المتفق عليه.
ثم قال مصطفى محمود: والمعنى المستخلص هو أن قول لا إله إلا الله باللسان مرة أوْمرات أوطول العمر لن يغني شيئاً ولن يحقق لصاحبه نجاة ولا فلاحاً إلا إذا صادق القلب وصادقت الجوارح وأكّدت الأفعال على هذا القول وهو مالم يرد له ذكر في الحديث. (1)
الجواب: هذه الكلمة العظيمة جاءت مقيّدة بالقيود الثقال وأكثر من يقولها لا يعرف الصدق والإخلاص المراد منها. وأكثر من يقولها تقليداً وعادة ولم يخالط الإيمان بشاشة قلبه. وغالب من يُفتن عند الموت وفي القبور أمثال هؤلاء كما في الحديث (سمعت الناس يقولون شيئاً فقلته) لكن لايعني هذا إنكار ماصَحّ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. فالذي في حديث أبي ذر رضي الله عنه ذكر الزنا والسرقة وهذه كبائر لاتُحبط الإيمان بالكلية لكنها تضعفه وليس معنى الحديث أن الإنسان يقول لا إله إلا الله ولا يصادق قلبه وجوارحه وتؤكد أفعاله فهذا المنافق. أما الذي ذُكر في الحديث فمسلم مصدق قلبه وجوارحه ومؤكدة أفعاله يعني التوحيد لكنه يأتي بعض الكبائر فليس كالمنافق الكاذب في قول لا إله إلا الله.فقد تبيّن أن النطق بالشهادة من غير معرفة لمعناها ولايقين ولاعمل بما تقتضيه من البراءة من الشرك وإخلاص القول والعمل قول القلب واللسان وعمل القلب والجوارح فغير نافع بالإجماع.
وهذا لا يوجب التكذيب بأحاديث الشفاعة الثابتة لأنها للموحدين الذين يعرفون معناها ويعملون بمقتضاها ولكن لهم ذنوب أوْجبت لهم دخول النار.ومما جاء في بيان كلمة لا إله إلا الله في (قرّة عيون الموحدين) قوله: وأنت تجد أكثر من يقول لا إله إلا الله ويَدَّعي الإسلام يفعل الشرك بالله في عبادته بدعوة من لايضر ولاينفع من الأموات والغائبين والطواغيت والجن وغيرهم ويحبهم ويُوَاليهم ويخافهم ويرجوهم ويُنكر على من دعا إلى عبادة الله وحده وتَرْك عبادة ماسِواه ويزعم أن ذلك بدعة وضلالة ويُعادي من عمل به وأحَبّه وأنكر الشرك وأبغضه. وبعضهم لا يَعدّ التوحيد علماً ولا يلتفت إليه لجهله به وعدم محبته والله المستعان ..
وشهادة أن لا إله إلا الله ذكر العلماء لها شروط لابد من وجودها فلابد من (العلم) بحقيقة معناها علماً ينافي الجهل بخلاف من يقولها وهو لايعرف معناها.ولابد من (اليقين) المنافي للشك فيما دَلّت عليه من التوحيد. ولابد من (الإخلاص) المنافي للشرك. فإن كثيراً من الناس يقولها وهو يشرك في العبادة ويُنكر معناها ويُعادي مَن اعْتقده وعمل به.ولابد من (الصدق) المنافي للكذب بخلاف حال المنافق الذي يقولها من غير صدق كما قال تعالى: {يقولون بألسنتهم ماليس في قلوبهم}.
ولابد من (القبول) المنافي للرّد بخلاف من يقولها ولايعمل بها. ولابد من (المحبة) لِما دَلّت عليه من التوحيد والإخلاص وغير ذلك والفرح بذلك المنافي لخلاف هذين الأمرين، ولابد من (الإنقياد) بالعمل بها ومادلّت عليه مطابقة وتضمناً والْتزاماً. وهذا هو دين الإسلام الذي لايقبل الله ديناً سواه.وكثير ممن يدّعي العلم قد عكس مدلولها.
من عَلِمَ ماتقدم وفهمه تبين له ضلال من يقول لا إله إلا الله وهو يعتقد في البدوي أوالدسوقي أوزينب أوغيرهم من أهل القبور ينذرون لهم النذور ويذبحون لهم ويدعونهم ويغترون بقولهم لا إله إلا الله.أما علموا أن (لا إله) تنفي كل مايعتقدونه بأهل القبور.
وهذا الإعتقاد الذي اعتقدوه بهم لا حقيقة له وإنما هو موجود في خيالاتهم فقط وبمقتضى هذا الخيال اعتقدوا الشرك والضلال. وظنوا أن الشرك اعتقاد الخلق أو الرزق أو التدبير فقط. أما مايفعلونه فأوْهمهم الشيطان أن هذا محبة للأولياء وتعلّقاً بجاهِهم وطمعاً في أن يقربوهم لربهم فأوْقعهم في الشرك حيث مالَت قلوبهم لهذه الأوثان وخافوهم ورجوْهم وأحبوهم فبهذا عكسوا مدلول (لا إله) إذْ أثبتوا مَأْلُوهَات تَأْلَهَهَا قلوبهم تعبّداً لأن أركان العبادة هي هذه الثلاث الخوف والرجاء والمحبة.ومَبْنى كلمة التوحيد على نفي كل معتقداتهم التي نشأ عنها تَأَلّه قلوبهم عن الرسل والملائكة فضلاً عن غيرهم وإثبات ذلك لله وحده وهو المراد من (إلا الله) في كلمة التوحيد. إن هذا التّوَجّه بالقلوب والإعتقاد هو مراد الرب من خلقه ولايقبله إلا خالصاً بلا شركة مخلوق لانبي ولاغيره. إن مدلول كلمة لا إله إلا الله عظيم وكبير. وكم ممن يغرّه الشيطان بهذه الكلمة دون تحقيق.
(1) ص 17.
-
الاثنين PM 03:17
2022-08-01 - 1903