المتواجدون الآن

انت الزائر رقم : 409063
يتصفح الموقع حاليا : 259

البحث

البحث

عرض المادة

الزعم أن الإنسان خلق مصادفة

                                      الزعم أن الإنسان خلق مصادفة(*)

 

مضمون الشبهة:

 

يزعم بعض الجاحدين أن الإنسان خلق مصادفة دون قصد، وأن الذرات انتظمت عرضا فخلق الإنسان، وهم بهذا يشككون في خلق الله تعالى للإنسان، وفي الهدف الأسمى من خلقه، وهو عبادة الله تعالى.

 

وجها إبطال الشبهة:

 

1)  القول بالمصادفة وجد قديما عند فلاسفة اليونان، وهذا بعينه ما وجد عند الدهريين المحدثين.

 

2) العلم الحديث يعارض فكرة أن الكون - والإنسان جزء منه بطبيعة الحال - خلق مصادفة، فهناك العديد من الحقائق العلمية التي تهدم هذه الفكرة.

 

 التفصيل:

 

أولا. القائلون بأن الكون خلق صدفة:

 

لقد وجد قديما عند فلاسفة اليونان من ذهب إلى أن الحياة نشأت دون أية غائية أو علة خارجية، وبنى العالم على المصادفة. وهذا ما وجد عند الدهريين الذين ذهبوا إلى أن العالم كان في الأزل أجزاء مبثوثة تتحرك على استقامة، فاصطكت اتفاقا؛ فحصل عنها العالم الذي نراه.

 

وإن كثيرا من الماديين المحدثين ذهبوا إلى القول بالصدفة؛ لئلا يفسروا الكون بخالق، ومن هؤلاء من ذهب إلى أن المادة تركبت اتفاقا من الأوزون[1] والهيدروجين[2] والأكسجين[3]، ومنها تكونت الحياة، ووصل الأمر إلى أن زعم بعضهم أنه قادر على خلق الإنسان يقول: "ائتوني بالهواء وبالماء وبالأجزاء الكيماوية وبالوقت وسأخلق الإنسان".

 

ويلخص بعضهم تاريخ البشرية كلها في القول بالصدفة فيقول: "ليس وراء نشأة الإنسان غاية أو تدبير، إن نشأته وحياته وآماله ومخاوفه وعقائده ليست إلا نتيجة اجتماع ذرات جمه عن طريق المصادفة"[4].

 

ثانيا. معارضة العلم الحديث لفكرة المصادفة:

 

هناك العديد من الحقائق العلمية الحديثة التي تهدم فكرة أن العالم خلق صدفة، ومن ذلك:

 

  1. البنية الوظيفية للبروتين لا يمكن أن تنشأ مصادفة:

 

البروتينات[5] جزيئات ضخمة، تتكون من أحماض أمينية[6] مرتبة في سلسلة معينة، وبأعداد محددة، هذه الجزيئات هي اللبنات الأساسية للخلية، وأبسط منها تتكون من خمسين حمضا أمينيا، ومنها ما يحتوي على آلاف الأحماض الأمينية وأي نقص أو زيادة أو تغيير في أماكن هذه الأحماض التي يختص كل منها بوظيفة معينة داخل الخلية الحية، يجعل جزيء البروتين كومة لا نفع فيها، وهناك عشرون حمضا أمينيا مختلفا، فإذا اعتبرنا أن معدل احتواء جزيء بروتين من الأحماض الأمينية (288) حمضا، يكون هناك (10300) من التراكيب الحمضية المختلفة. واحد فقط من كل هذه السلاسل المحتملة تشكل جزيء البروتين المطلوب، أما باقي سلاسل الأحماض الأمينية الأخرى، فهي إما عديمة الفائدة، أو ضارة للكائن الحي، وبعبارة أخرى: نسبة احتمال التشكل التصادفي لجزيء بروتين واحد فقط، كالذي تحدثنا عنها سالفا هي (1 في 10300). وإمكانية حدوث (100 من رقم فلكي) (1 وأمامه 300 صفرا) هي بكل المقاييس والأحوال الفعلية صفر؛ أي: مستحيلة. على أن هذا الجزيء[7]، الذي يتألف من 288 حمضا أمينيا يعتبر متواضعا بالمقارنة مع الجزيئات العملاقة التي تحتوي على آلاف الأحماض الأمينية، وإذا طبقنا حسابات الاحتمال على هذه الجزيئات العملاقة، نجد أن كلمة "مستحيل" غير كافية، وإذا كان احتمال التشكل التصادفي لجزيئة من هذه الجزيئات البروتينية مستحيلا، فإن إمكانية تجمع مليون من هذه الجزيئات عن طريق الصدفة بطريقة منظمة لتشكيل خلية بشرية متكاملة أمر أكثر استحالة بملايين المرات، ثم إن الخلية ليست مجموعة من البروتينات، بل تحتوي - بالإضافة لها - على أحماض نووية ودهون، وفيتامينات، ومواد كيميائية، أخرى مثل الإلكتروليت[8]، وجميعها منظمة بانسجام، وانتظام وبنسب محددة من الناحية البنيوية والوظيفية، وكل منها يعمل بوصفه لبنة أساس، وبهذا البيان اتضح أن البنية الوظيفية للبروتين لا يمكن أن تنشأ مصادفة.

 

  1. خلية واحدة تتحدى مقولة المصادفة:

 

إن البروتينات من المركبات الأساسية في جميع الخلايا، وهي تتكون من خمسة عناصر هي: الكربون[9]، والهيدروجين، والنيتروجين[10]، والأكسجين، والكبريت[11]، ويبلغ عدد الذرات في الجزيء الواحد (40 ألف ذرة)، ولما كان عدد العناصر الكيماوية في الطبيعة (92) عنصرا موزعة بقدر معلوم، فإن احتمال اجتماع هذه العناصر الخمسة لكي تكون جزيئا واحدا من جزيئات البروتين، يمكن حسابه لمعرفة كميات المادة التي ينبغي أن تخلط خلطا مستمرا؛ لكي تؤلف هذا الجزيء، وقد حاول العلماء حساب المدة الزمنية التي يجب أن تستغرقها عملية خلط العناصر المذكورة فوجدوا أنها (24310) سنة، معنى ذلك أنه قبل وجود الكون، وما بعد أيامنا هذه بمليون سنة أمامه (239) صفر، واشترط العلماء توفر مواد كونية تساوي حجم الكون مليون أمامه (431) صفر مرة، فهل هذا يعقل؟!!

 

 كل هذه الأرقام المستحيلة يطلبها قانون الصدفة؛ لتكوين جزيئة واحدة من جزيئات الخلية الحية. ألا يكفي خلق الإنسان من بلايين الخلايا الحية التي تحركها إشعاعة الحياة، تلك النعمة الإلهية في المادة، ألا يكفي هذا لكي يؤمن من زعم الصدفة بأن هناك خالق للكون خلق الإنسان، وهو الله الخالق الواحد الأحد؟!!

 

  1. اختزال عدد الكروموسومات[12] إلى النصف عند تكوين الخلايا التناسلية:

 

فيعود - نتيجة لذلك - العدد الأصلي للكروموسومات في الخلايا، لا يكون مطلقا نتيجة مصادفة عمياء لأحد الباحثين المعاصرين إن "معظم الحيوانات والنباتات تتكون من عدد هائل من تلك الوحدات الدقيقة الحجم، التي نسميها "الخلايا" كما يتكون المبنى من مجموعة من الأحجار المرصوصة".

 

وخلايا أجسامنا وأجسام غيرنا من الحيوانات دائمة الانقسام، وذلك الانقسام قد يكون لنمو الجسم، أو لتعويض ما يفقد أو يموت من الخلايا لأسباب عديدة، وكل خلية من هذه الخلايا تتكون أساسا من مادة نطلق عليها اسم "البروتوبلازم"[13]، وتوجد بداخل كل خلية من هذه الخلايا محتويات عديدة ذات وظائف محددة، ومن هذه المحتويات أجسام دقيقة تحمل عوامل وراثية هي التي نطلق عليها اسم الكروموسومات وعدد هذه الكروموسومات ثابت في خلايا كل نوع من أنواع الحيوانات والنباتات المختلفة، وفي كل خلية من الخلايا التي يتكون منها جسم الإنسان يوجد ستة وأربعون من هذه الكروموسومات، وعندما تنقسم الخلية إلى خليتين داخل أجسامنا، فإن كل خلية جديدة لا بد أن تحتوي على العدد نفسه من الكروموسومات وهي ستة وأربعون، إذ لو اختل هذا العدد لما أصبح الإنسان إنسانا.

 

والخلايا دائمة الانقسام، ويحدث هذا في جميع ساعات اليوم حتى في أثناء نومنا، إن جميع الخلايا الناتجة عن عمليات الانقسام في جسم الإنسان لا بد أن تحتوي على ستة وأربعين كروموسوما فيما عدا نوعين من الخلايا، هما الخلايا التناسلية، هذه الخلايا التناسلية تنتج خلايا تحتوي على نصف الستة والأربعين كروموسوما فقط، ويحدث هذا لحكمة بالغة؛ إذ إن الخلية الذكرية - الحيوان المنوي - لا بد أن تندمج مع الخلية الأنثوية - البويضة - [14] لتكوين أول خلية في جسم الجنين، وهي ما نطلق عليه اسم "الخلية الملقحة" وبهذا الاندماج يعود عدد الكروسومات في الخلية الجديدة إلى العدد الأصلي، وهو ستة وأربعون كروموسوما، وهذه الخلية الملقحة التي أصبحت تحتوي على ستة وأربعين كروموسوما توالي انقسامها فتصبح خليتين، ثم أربع خلايا، ثم ثمان خلايا، وهكذا حتى يتم تكوين الجنين الذي يخرج من بطن أمه، ويستمر نموه عن طريق انقسام الخلايا حتى يصبح إنسانا كامل النمو، في كل خلية من خلاياه ستة وأربعون كروموسوما كما هو الحال في خلايا جسد أبيه، وأمه، وأجداده وجميع أفراد الجنس البشري.

 

إن اختزال عدد الكروسومات إلى النصف عند تكوين الخلايا التناسلية خاصة؛ لكي تندمج فيعود العدد الأصلي للكروموسومات في الخلايا - لا يمكن مطلقا أن يكون نتيجة مصادفة عمياء، بل لا بد أن يكون نتيجة تخطيط دقيق من قوة عليا تعرف ماذا تفعل، وهي في الوقت نفسه لا يمكن أن تخضع للتجربة، واحتمال الخطأ. ألا يكفي هذا الترتيب وحده دليلا على وجود قوة عليا مدبرة مقدرة حكيمة؟!! لا يمكن إذن أن يكون هذا المبدأ أو القانون الذي يسود جميع الكائنات الحية من صنع مصادفة عمياء تتخبط في الظلام؛ إذ إن المصادفة لا يمكن أن تتخذ مظهر قانون عام تخضع له جميع الكائنات.

 

  1. اهتمام العلماء التجريبيين بدراسة الإنسان من الناحية العضوية:

 

بعد دراسة العلماء التجريبيين لطبيعة الإنسان من الناحية العضوية خرجوا بنتائج لا يملك الإنسان تجاهها إلا أن يقول: سبحان الله الذي خلق فسوى، والذي قدر فهدى، وفي الوقت ذاته لا يملك إلا أن يسخر من الماديين الذين يقولون بالمصادفة، فماذا قال التجريبيون؟

 

  • مخ الإنسان: إن ملايين الأخبار تجري على جهازنا العصبي، وهذه الأخبار هي التي توجه القلب في تدفقه وفي حركاته وتتحكم في حركات الأعضاء المختلفة، وتتحكم في الحركات الرئوية، هذا النظام موجود في مخ الإنسان وفيه يوجد ألف مليون خلية عصبية[15]، ومن هذه الخلايا الأنسجة العصبية، ويجري في هذه الأنسجة نظام إرسال واستقبال للأخبار بسرعة سبعين ميلا في الساعة، ومن خلال هذه الأنسجة نتذوق ونسمع ونرى ونباشر سائر أعمالنا.

 

  • حاسة التذوق: توجد ثلاثة آلاف من الشعيرات[16] المتذوقة، ولكل منها مسلك عصبي متصل بالمخ، وبواسطة هذه الشعيرات يحس الإنسان بالمذاقات المختلفة، ولولا هذه الشعيرات ما شعر الإنسان بطعم حلاوة أو مرارة.

 

  • وفي حاسة الإبصار: يوجد في كل عين مائة وثلاثون مليونا من الخلايا الملتقطة للضوء تقوم بمهمة إرسال المجموعة التصويرية إلى المخ.

 

  • حاسة السمع: يوجد في الأذن عشرة آلاف خلية سمعية، ومن خلال نظام معقد يسري من هذه الخلايا يسمع مخنا.

 

  • حاسة الإدراك والإحساس: توجد أنسجة حسية على امتداد جلد الإنسان، فإذا قربنا شيئا حارا فإن ثلاثين ألفا من الخلايا الملتقطة للحرارة تحس بهذه العملية وترسلها إلى المخ، وإذا قربنا شيئا باردا إلى الجلد، فإن ربع مليون من الخلايا ترسل هذا الإحساس إلى المخ فيرتعد الجسم، ثم تتسع الشرايين الجلدية فيسرع المزيد من الدم إليها وتزودها بالحرارة.

 

  • النظام العصبي: في الإنسان يشتمل على عدة فروع، منها الفرع المتحرك ذاتيا ويقوم بأعمال الهضم، والتنفس، وحركات القلب، وتحت هذا الفرع يوجد نظامان: أحدهما: النظام الخالق للحركة، والثاني: المانع للحركة، وهذا النظام يقوم بعملية المقاومة والدفاع. والنظام الأول لو ترك الأمر له لزادت حركات القلب، زيادة يترتب عليها موت صاحبها، ولو ترك الأمر للنظام الثاني لتوقفت حركة القلب توقفا تاما، ولكن توزعت أعمال النظامين بدقة وعناية، فالنظام الثاني يسود عند النوم فيسود السكون جميع الحركات الجسمية[17].

 

فهل يعقل بعد هذه الدلائل الكبرى التي أودعها الله - عز وجل - في الإنسان أن يزعم بعض الجهال أنه خلق مصادفة؟!

 

الخلاصة:

 

بهذا العرض بطل الزعم القائل: إن الإنسان خلق مصادفة وذلك للآتي:

 

  • الدلائل المعجزة في الإنسان، والخلايا المكونة لجسمه لا يمكن أن تنشأ مصادفة، حيث إن البنية الوظيفية للبروتينات، والتي تتكون من الآلاف من الأحماض الأمينية، والتي تختص كل منها بوظيفة معينة، داخل الخلية الحية، لا يمكن أن تنشأ مصادفة.

 

  • الفترة الزمنية التي يجب أن تستغرقها عملية خلط العناصر - الكربون، الأيدروجين، النيتروجين، الأكسجين، الكبريت - لتكوين جزيئة واحدة من جزيئات الخلية الحية، هي 24310 سنة؛ أي أنه قبل وجود الكون، وما بعد أيامنا هذه بمليون سنة أمامه (239) صفر، والإنسان خلق من بلايين الخلايا الحية؛ فخلية واحدة تتحدى مقولة الصدفة!

 

  • اختزال عدد الكروموسومات إلى النصف عند تكوين الخلايا التناسلية بالذات؛ لكي تندمج فيعود العدد الأصلي للكروموسومات في الخلايا، وذلك لحكمة بالغة، وهدف عظيم، فالخلية الذكرية - الحيوان المنوي - لا بد أن تندمج مع الخلية الأنثوية - البويضة - لتكوين أول خلية في جسم الجنين، وبهذا الاندماج يعود عدد الكروموسومات في الخلية الجديدة إلى العدد الأصلي وهو ستة وأربعون كروموسوما، لا يكون هذا الاختزال مطلقا نتيجة مصادفة عمياء.

 

  • العلماء التجريبيون انكبوا على دراسة الإنسان من الناحية العضوية فوجدوا دلائل معجزة، وآيات بينة في:

 

  1. مخ الإنسان. 2. في حاسة الذوق.

 

  1. في حاسة الإبصار. 4. في حاسة الإدراك والإحساس.

 

  1. النظام العصبي.

 

فخرجوا بنتائج لا يملك الإنسان تجاهها إلا أن يقول سبحان الذي خلق فسوى، والذي قدر فهدى، وفي الوقت ذاته لا يملك إلا أن يسخر من الماديين الذين يزعمون المصادفة.

  • الاثنين AM 04:32
    2020-11-23
  • 1678
Powered by: GateGold