المتواجدون الآن

انت الزائر رقم : 413387
يتصفح الموقع حاليا : 227

البحث

البحث

عرض المادة

ادعاء أن الشفاعة تحمل المسلمين على التواكل

                     ادعاء أن الشفاعة تحمل المسلمين على التواكل (*)

 

مضمون الشبهة:

 

يخطئ بعض الواهمين في فهم ما خص به الله تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم من الشفاعة لأتباعه يوم القيامة، ظانين أن طمع المسلمين في نيل نصيبهم من الشفاعة يحملهم على التواكل والتهاون وعدم الجدية، ما دام كل له حظه من الجزاء والثواب والجنة والنعيم، ويتساءلون: ألا يعد هذا مناقضا لمبدأ الثواب والعقاب في العقيدة الإسلامية؟

 

وجها إبطال الشبهة:

 

1) الله - عز وجل - يأذن بالشفاعة لمن يشفع عنده من أجل أن يكرمه وينال المقام المحمود؛ لعلو مقامه، ورفعة منزلته، ومن ثم فمقام الشفيع لا يناله أي أحد، وإنما فئة خاصة من الأتقياء.

 

2) للشفاعة شروط وخصوصية وليست مطلقة؛ فلا بد من رضا الله تعالى عن الشافع والمشفوع له والإذن في الشفاعة. ثم إن لها أنواعا ستة، كل نوع له حكم خاص به.

 

التفصيل:

 

أولا. إذن الله بالشفاعة لمن ارتضى من عباده:

 

الله - سبحانه وتعالى - هو الذي يتفضل على أهل الإخلاص، فيغفر لهم بواسطة دعاء من أذن له، فيشفع عنده ليكرمه، وينال المقام المحمود، وقيل: إن الحكمة من الشفاعة هي الحكمة نفسها من تشريع التوبة، وهو منع المذنبين من أهل التوحيد، الذين قالوا لا إله إلا الله مخلصين في قولهم، عن القنوط من رحمته تعالى، وبعثهم نحو الابتهال والتضرع إلى الله رجاء شمول رحمته إياهم وعودتهم إلى الطريق الصحيح في المجتمع الإسلامي، فإن العاصي لو اعتقد بأن عصيانه لا يغفر البتة، فلا شك أن ذلك يؤدي إلى حصول حالة نفسية لديه تدفعه إلى أن يتمادى في اقتراف السيئات؛ لأنه يعتقد أن ترك العصيان لا ينفعه في شيء، فإذا أيقن أن رجوعه عن المعصية يغير مصيره في الآخرة، فإن ذلك يبث الطمأنينة التي تساعده على ترك العصيان، كما أنه لو اعتقد أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - قد يشفع في حقه إذا لم يتعمق في المعاصي، ولم يبلغ الحد الذي يحرم فيه من الشفاعة، فعند ذلك ربما يحاول تطبيق حياته على شرائط الشفاعة حتى لا يحرمها.

 

ثانيا. شروط الشفاعة وأنواعها:

 

عندما أذن الله - سبحانه وتعالى - بالشفاعة وضع لها شروطا ثلاثة، وهي:

 

رضا الله - عز وجل - عن الشافع.

 

  1. رضاه عن المشفوع له.

 

  1. إذنه تعالى في الشفاعة، والإذن لا يكون إلا بعد الرضا عن الشافع، والمشفوع له، ودليل ذلك قوله سبحانه وتعالى: )وكم من ملك في السماوات لا تغني شفاعتهم شيئا إلا من بعد أن يأذن الله لمن يشاء ويرضى (26)( (النجم)، فهذه الآية تضمنت الشروط الثلاثة المذكورة.

 

وقد ذكر الإمام ابن القيم أن الشفاعة ستة أنواع:

 

الشفاعة الكبرى التي يتأخر عنها أولو العزم - عليهم الصلاة والسلام - حتى تنتهي إليه - صلى الله عليه وسلم - فيقول: «أنا لها»[1]، وذلك حين يرغب الخلائق إلى الأنبياء ليشفعوا لهم عند ربهم؛ حتى يريحهم من مقامهم في الموقف، وهذه شفاعة يختص بها - صلى الله عليه وسلم - لا يشترك معه فيها أحد.

 

شفاعته - صلى الله عليه وسلم - لأهل الجنة في دخولها.

 

  1. شفاعته لقوم من العصاة من أمته قد استوجبوا النار بذنوبهم، فيشفع لهم ألا يدخلوها.

 

  1. شفاعته في العصاة من أهل التوحيد الذين يدخلون النار بذنوبهم.

 

  1. شفاعته لقوم من أهل الجنة في زيادة ثوابهم ورفعة درجاتهم.

 

 وهذه الشفاعات لا يستفيد منها إلا الموحدون من المسلمين الذين لم يتخذوا من دون الله وليا ولا شفيعا، كما قال سبحانه وتعالى: )وأنذر به الذين يخافون أن يحشروا إلى ربهم ليس لهم من دونه ولي ولا شفيع لعلهم يتقون (51)( (الأنعام: 51)، ولكنهم اقترفوا بعض الآثام والذنوب، فتأتي الشفاعة لتطهرهم وتنقيهم.

 

شفاعته - صلى الله عليه وسلم - في بعض الكفار من أهل النار، حتى يخفف عذابه، وهذه خاصة بأبي طالب عم النبي وحده[2].

 

الخلاصة:

 

  • الله - سبحانه وتعالى - يأذن بالشفاعة لمن يشفع عنده من أجل أن يكرمه، وينال المقام المحمود، فعندما يأذن الله وتعالى بالشفاعة للنبي - صلى الله عليه وسلم - فإنما يدل هذا على تكريم الله تعالى بالشفاعة له، ورفعه في مقام محمود بين الرسل.

 

  • الله - سبحانه وتعالى - يأذن بالشفاعة عندما تتوفر شروط ثلاثة، وهي: رضاه عن الشافع، رضاه عن المشفوع، إذنه في الشفاعة. ثم إن لها أنواعا ستة، وليست مقتصرة على نوع واحد.

 

 

 

 

(*) الشفاعة: محاولة لفهم الخلاف القديم بين المؤيدين والمعارضين، د. مصطفى محمود، أخبار اليوم، يوليو، 1999م.

 

[1]. أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب التوحيد، باب كلام الرب ـ عز وجل ـ يوم القيامة مع الأنبياء وغيرهم (7072)، ومسلم في صحيحه، كتاب الإيمان، باب أدنى أهل الجنة منزلة فيها (500).

 

[2]. شرح العقيدة الواسطية لابن تيمية، محمد صالح العثيمين، دار ابن الجوزي، الرياض، ط3، 1416هـ. شرح المجيد في شرح كتاب التوحيد، عبد الرحمن بن حسن النجدي الحنبلي، مكتبة المعارف، الرباط، 1419هـ.

  • الاحد PM 09:54
    2020-11-22
  • 1178
Powered by: GateGold