المتواجدون الآن

انت الزائر رقم : 412320
يتصفح الموقع حاليا : 278

البحث

البحث

عرض المادة

ادعاء أن الإسلام ضد التقدم والمدنية

                                                  ادعاء أن الإسلام ضد التقدم والمدنية (*)

مضمون الشبهة:

يدعي بعض المغالطين أن الإسلام ضد التقدم والمدنية، وأنه يقف في طريق التقدم الفكري والحضاري، ويدعون أنه تقليد مشوه لحضارة اليونان والرومان التي أخذها العرب من الكتب السريانية التي بين أيديهم، وأن المسلمين لا قدرة لهم على البحث والتفكير والإبداع؛ فلذلك لم يتقنوا من العلوم إلا التي لا تحتاج إلى عناء في البحث والتفكير، ويرمون من وراء ذلك إلى اتهام الإسلام بالبعد عن ركب الحضارة العالمي.

وجوه إبطال الشبهة:

1) الإسلام ليس تقليدا مشوها لحضارة اليونان والرومان، بل إن للإسلام مجموعة من المبادئ والأسس التي تميز حضارته عن غيرها من الحضارات، كما أنه من الطبيعي أن تعتمد بعض الحضارات البشرية على بعض، لكي يظل طريق التقدم موصولا بلا انقطاع.

2) برع المسلمون في العديد من مجالات العلم التجريبي على وجه الخصوص، بل تنسب إليهم مجموعة من المخترعات التي بهرت العالم، وهذا ما شهدت به العديد من آيات القرآن الكريم.

3) شهد العديد من علماء الغرب المنصفين للحضارة الإسلامية بالسبق في الكثير من المجالات العملية، وليس أدل على أفضلية الحضارة الإسلامية من شهادة غير المسلمين لها، بما يدحض مقولة أن مرجعيتها الإسلامية تقف تعاليمها في وجه التقدم والمدنية.

التفصيل:

أولا. للإسلام مجموعة من المبادئ والأسس التي تميزه عن غيره من الحضارات:

من الثابت أن لكل حضارة في العالم جسما وروحا كالإنسان تماما، وجسم الحضارة يتمثل في منجزاتها المادية في وجوه الإعمار واستحداث الآلات والمخترعات، وكل ما ينبئ عن رفاهية العيش ومتاع الحياة الدنيا وزينتها، أما روح الحضارة فهي مجموعة العقائد والمفاهيم والآداب والتقاليد التي تتجسد في سلوك الأفراد والجماعات، وعلاقات بعضهم ببعض، ونظرتهم إلى الدين والحياة، والكون والإنسان، والفرد والمجتمع، ومن تلك العناصر تتشكل خصائص الحضارة الإسلامية.

ويحدد د. عبد العزيز بن عثمان التويجري مجموعة من الخصائص التي تميز الحضارة الإسلامية عن غيرها من الحضارات الأخرى، وهي:

  1. أنها حضارة إيمانية: فهي نابعة من العقيدة الإسلامية، فاستوعبت مضامينها وتشربت مبادئها، وهي حضارة توحيدية انطلقت من الإيمان بالله، خالق الإنسان والمخلوقات جميعا، فهي حضارة من صنع البشر، لكنها ذات منطلقات إيمانية ومرجعية دينية، وكان الدين من أقوى الدوافع إلى قيامها وازدهارها.
  2. أنها حضارة إنسانية المبدأ وعالمية الآفاق: فهي لا ترتبط بإقليم جغرافي، ولا بجنس بشري، ولا بمرحلة تاريخية، بل إنها تحتوي جميع الشعوب والأمم، فهي حضارة يستظل بظلالها البشر جميعا في كل أرجاء الأرض، ويجني ثمارها كل من يصل إليه عطاؤها، فالإنسان هو أهم مخلوقات الله تعالى، وجميع الأنشطة لا بد أن تؤدي إلى سعادته ورفاهيته.
  3. أنها حضارة معطاءة: أخذت من الحضارات والثقافات السابقة عليها، وأعطت عطاء زاخرا في كافة ميادين الحياة، وكان عطاؤها لفائدة الإنسانية جميعا، فلا فرق بين عربي وأعجمي، أو أبيض وأسود، أو مسلم وغير مسلم، فالكل سواء.
  4. أنها حضارة متوازنة: فهي توازن بين الجانب الروحي والجانب الجسدي المادي، فلا تفريط ولا إفراط في جانب على حساب الآخر، وإنما هو اعتدال يرسي قاعدة للعدالة التي تقام في ظلها موازين القسط.
  5. أنها حضارة باقية بقاء الإنسان على وجه الأرض: فهي تستمد بقاءها من بقاء الإسلام الذي قامت على أساس مبادئه، وقد تكفل الله - عز وجل - بحفظ الدين الحنيف، فهذه الحضارة لا تشيخ - كما يدعي هؤلاء - لأنها ليست حضارة قومية ولا عنصرية، ولا هي ضد الفطرة السليمة للبشر، وهي بذلك حضارة دائمة الإشعاع تتعاقب أطوارها وتتجدد دوراتها.

هذه هي أهم الخصائص التي تفصل الحضارة الإسلامية عن غيرها من حضارات العالم السابقة عليها، أو التالية لها، وتلك الخصائص تكسب الحضارة الإسلامية الديمومة والبقاء.

وفي الجانب الآخر نجد أن الحضارة الغربية لها مجموعة من الخصائص التي تفصلها عن حضارة الإسلام فصلا تاما، وهي:

  1. عدم وضوح الجانب الإلهي: فليست الرؤية الفكرية للحضارة الغربية رؤية صافية، تقدر الله - عز وجل - حق قدره، بل إنها رؤية مضطربة.
  2. النزعة المادية: فهذه الحضارة تؤمن بالمادة فقط لتفسير الكون والمعرفة والسلوك، وتنكر الغيبيات وما وراء الحس.
  3. النزعة العلمانية: وهي ثمار الخاصيتين السابقتين، وهي تلك النزعة التي تفصل بين الدين والحياة الاجتماعية.
  4. الصراع: فهي حضارة تقوم على الصراع، ولا تعرف السلام ولا الطمأنينة ولا الحب، إنه صراع بين الإنسان ونفسه، وصراع بين الإنسان والطبيعة، وصراع بين الإنسان والإنسان، وصراع بين الإنسان وربه.
  5. الاستعلاء على الآخرين: وهي نزعة تتحكم في عقول الغربيين كافة، فهم يزعمون أنهم أفضل من غيرهم، وأن الحضارة الغربية هي الحضارة الإنسانية ولا يعترفون بحضارة سواها.

هذه هي أهم خصائص الحضارة الغربية - ومنها حضارة اليونان والرومان - في القديم والحديث، فأين تشويه الإسلام لحضارة اليونان والرومان، الذي يدعيه هؤلاء؟! غير أنه من الإنصاف ألا نغفل الجوانب الإيجابية في الحضارة الغربية، ومن أهم هذه الجوانب أنها حضارة لا تقف جامدة، بل تنتقل من طور إلى طور، ومن حالة إلى أخرى، مما أعطى الإنسان قدرة على الابتكار والإبداع، وصنعت المناخ النفسي والعقلي الذي يشجع الإنسان على المضي قدما في سبيل التطور[1].

غير أنه يجب التأكيد على حقيقة لا شك فيها وهي: أنه لا توجد حضارة من حضارات العالم بدأت من الصفر، بحيث يمكن أن تعتبر البداية الأولى للحضارات التي تليها في الظهور، كما يدعي بعض مؤرخي الفكر الإنساني، وهذا غير صحيح، فأين الحضارة المصرية والحضارة الصينية وغيرهما من الحضارات القديمة، ومن الطبيعي أن هذه الحضارات اعتمدت على حضارات أخرى سابقة عليها، فالحضارات - تبعا لهذا التصور - ذات طبيعة تكاملية لا تصادمية، ترتبط كل منها بغيرها مرة متأثرة وأخرى مؤثرة[2].

وبناء على هذا، فقد استفاد المسلمون من تراث اليونانيين والرومانيين، ولا يوجد أي عيب في ذلك، فلو لم يحدث هذا التأثير والتأثر بين الحضارات لبدأت كل حضارة من الصفر، ولم يحدث أي تطور في الحضارات، ولظلت البشرية على حالة واحدة لا تتخطاها إلى حالة أخرى، والذي يفصل بين الحضارات المختلفة هو ما تختص به كل حضارة من خصائص تميزها عن غيرها.

ثانيا.تقدم المسلمين في العديد من مجالات العلم التجريبي:

لقد برع المسلمون في كافة العلوم، سواء أكانت علوما نظرية كالفلسفة والمنطق والكلام، أم علوما تجريبية كالطب والكيمياء والفلك، وليس صحيحا ما يدعيه بعض المغرضين من أن المسلمين لم يبدعوا أي علم من العلوم التجريبية، وأن جهدهم اقتصر على البحث في العلوم النظرية فقط، فهذه النظرة تصف حال المسلمين في الوقت الحالي، وتغفل ما كان عليه المسلمون في عصور ازدهارهم العلمي، وسبب الحالة التي يعيشها المسلمون اليوم من تخلف علمي هو البعد عن الدين وتقليد كل ما هو غربي دون تفكير في عواقبه.

ومن يطالع آيات القرآن الكريم يجد فيها العديد من الحقائق العلمية التجريبية التي لم يعرفها العالم - وخاصة العالم الغربي - إلا بعد نزول القرآن بعشرات السنين، ومن هذه الحقائق ما يأتي:

قال تعالى: )ومن كل الثمرات جعل فيها زوجين اثنين( (الرعد:3)، يرى العلم الحديث أن أزهار النباتات تنقسم من حيث الجنس إلى ثلاثة أقسام:

  • أزهار مذكرة.
  • أزهار مؤنثة.
  • أزهار تجمع بين التذكير والتأنيث.

فالنخيل مثلا فيه نوع مذكر وآخر مؤنث. أما حبة الفول فهي تجمع في زهرتها بين عضوي التذكير والتأنيث، وهذه الحقيقة كان القرآن سابقا إلى بيانها.

قال تعالى: )وأرسلنا الرياح لواقح فأنزلنا من السماء ماء فأسقيناكموه وما أنتم له بخازنين (22)( (الحجر)، التلقيح في النبات عبارة عن نقل حبوب اللقاح من عضو التذكير إلى عضو التأنيث في النبات أو في نبات آخر من النوع ذاته، ويعتبر الهواء أهم عوامل التلقيح؛ إذ قد كشف العلم أنه يلقح أهم النباتات البرية، كما يلقح كثيرا من النباتات المائية، وهذا هو السر الذي من أجله خصه القرآن الكريم بالذكر دون غيره من العوامل.

قال تعالى: )ومن يرد أن يضله يجعل صدره ضيقا حرجا كأنما يصعد في السماء( (الأنعام:125)، وفي هذه الآية إشارة إلى ما قرره العلماء من أن الذي يرتفع عن سطح الأرض يقل الضغط الجوي الذي يحيط بجسمه، ويضيق صدره كأنه سيختنق، وهذا ما يجعل رواد الفضاء يحتاطون لذلك، فيضعون كمامات الأوكسجين على أنوفهم ليستنشقوه أثناء طيرانهم[3].

كل هذه الآيات - وغيرها كثير - يدل دلالة واضحة على مدى اهتمام الإسلام ببيان أسرار الكون العلمية، هذه الآثار التي لم يتوصل إليها علماء الغرب إلا في العصر الحديث رغم وجودها في القرآن منذ أكثر من أربعة عشر قرنا.

وإذا تركنا الآيات القرآنية التي تحدثت عن خفايا العلم التجريبي، ونظرنا إلى واقع المسلمين العلمي في عصور النهضة، نجد العديد من الأدلة العلمية التي ترد على من يدعي عدم قدرة المسلمين على الإبداع والتفكير. فمن الثابت أن المسلمين أحدثوا طفرة كبيرة في مجالات علمية متعددة منها: الطب، والفلك، والكيمياء، والفيزياء، والهندسة، وغيرها من العلوم، كل ذلك حدث في المدة التي كانت فيها أوربا تعيش في ظلام دامس، وهي المدة التي أطلق عليها اسم "العصور الوسطى".

ونذكر فيما يلي بعض المجالات العلمية التي أحدث فيها المسلمون تطورا عظيما:

  1. الطب:

برع العديد من علماء المسلمين في مجال الطب، ووصف الأمراض وعلاجاتها، ومن أشهر علماء المسلمين في هذا المجال:

  • أبو بكر الرازي: الذي أجمع المستشرقون على أنه من أعظم علماء الطب المسلمين، فهو أول من ابتكر الخيوط الجراحية، وأول من عمل مراهم الزئبق، وأول من تحدث في أمراض الأطفال، وكان واسع الاطلاع في علم التشريح[4]، وله العديد من المؤلفات الطبية منها: "الحاوي" و "رسالة في الجدري والحصبة"، و "الكتاب المنصوري" و "الأسرار" وغيرها، وترجمت العديد من مؤلفاته إلى اللغات الأجنبية[5].
  • ابن سينا: وهو من أشهر أطباء المسلمين إن لم يكن أشهرهم على الإطلاق، أثرت كتبه الطبية في أوربا تأثيرا كبيرا استمر لعدة قرون، وترجمت كتبه إلى العديد من اللغات الأجنبية، ومن أشهر كتبه - كتاب "القانون" الذي يحتوي على مجموعة من العلوم الطبية منها: علم وظائف الأعضاء، علم الصحة، علم الأمراض، علم المعالجة... إلخ، وكان هذا الكتاب هو المرجع الطبي الأول لجامعات أوربا لعدة قرون[6].
  1. الرياضيات:

استفاد المسلمون من معارف الحضارات السابقة عليهم في مجال الرياضيات، إلا أنهم أضافوا إليها العديد من النظريات والتغييرات النافعة، وكان للعرب الفضل في اختراع الصفر الذي أسهم إسهاما كبيرا في حل العديد من المسائل الرياضية المعقدة، ومن أشهر علماء الرياضيات العرب:

  • الخوارزمي: الذي برع في الجبر، وهو من أول من ألف في هذا العلم بصورة علمية منظمة، واعتمد عليه علماء أوربا بشكل كبير، وانتشرت نظرياته انتشارا واسعا، ويمكن أن يقال: إن الخوارزمي هو واضع علم الجبر وعلم الحساب.
  • ويلي الخوارزمي في الشهرة عمر الخيام، الذي طور علم الجبر بعد الخوارزمي تطويرا واضحا، فلم يقتصر على المعادلات الرباعية، بل جاوزها إلى المعادلات التكعيبية، ولا يقل نصير الدين الطوسي من بعد والكندي من قبل عن الخوارزمي والخيام شهرة في مجال الرياضيات[7].
  1. الكيمياء:

لقد أسهم علماء الإسلام في علم الكيمياء إسهاما فعالا، فإليهم يرجع الفضل في اكتشاف العديد من الأسس الكيميائية، ومن أهمها "التقطير"، ومما يدل على أثرهم البالغ في هذا العلم هو انتقاله بأسمائه العربية إلى أوربا، وقد اشتهر العديد من العلماء المسلمين في هذا العلم، ومن أشهرهم: جابر بن حيان الذي يعد مؤسس علم الكيمياء في التراث الإسلامي، فعمليات مثل: التبخر، والترشيح، والتصعيد، والتذويب، والتقطير، والتبلور، والتكليس، والتحويل، ومواد مثل: ملح البارود، وسلفيد الزئبق، وأوكسيد الزرنيخ، والماء الملكي، والزاج النقي، والألوم وغيرها من المواد، كل ذلك ينسب لابن حيان، الذي ترجمت كتبه إلى العديد من اللغات؛ لأن كتبه تعد موسوعة علمية جمعت خلاصة ما وصل إليه علم الكيمياء عند العرب في عصره[8].

وما يقال في علم الطب والرياضيات والكيمياء يقال في بقية العلوم التجريبية الأخرى، التي لا يتسع المجال لحصر منجزات المسلمين فيها، هذا فضلا عن العلوم النظرية التي تمكن منها المسلمون تمكنا يشهد لهم به كثير من الباحثين الغربيين المنصفين.

أبعد هذا الإنجاز والتقدم والدور الفعال الذي قام به المسلمون في العلوم التجريبية، يقال: إن المسلمين لا قدرة لهم على البحث في العلوم التجريبية التي تحتاج إلى مشقة في التفكير وعناء في البحث؟!

ثالثا. شهد العديد من علماء الغرب المنصفين للحضارة الإسلامية بالسبق في كثير من المجالات العلمية:

لقد قدر للحضارة الإسلامية أن تحمل راية العلم في العالم عدة قرون، وأن تصون تراث الثقافات الأخرى وتضيف إليه ما ليس فيه مما بلغته عقول علمائها، وبذلك تحدد دورها في التاريخ وشهد لها العديد من علماء الغرب بالفضل والسبق، واعترفوا بدورها البارز في النهضة الأوربية الحديثة التي قامت على أكتاف الحضارة الإسلامية في عصور ازدهارها.

وينقل لنا د. عبد الله ناصح علوان بعض هذه الاعترافات الغربية فيقول: لو استقرأنا أقوال من شهد لعظمة الإسلام الحضارية لوجدناها أكثر من أن تحصى، وها نحن أولاء سنقتطف مجموعة من أقوال أولئك العلماء المختصين من الغربيين، ليعرف من يريد أن يعرف أن الفضل كل الفضل هو ما شهد به المنصفون المختصون العالمون، نسوق هذا من قبيل أنه لا يعرف الفضل لأهل الفضل إلا ذووه، ومن أجل أناس لا يؤمنون بالفكرة إلا إذا هبت ريحها من الغرب.

ومن بين هذه الشهادات ما يأتي:

  • يقول دويبر في كتابه "المنازعة بين العلم والدين": ولما آلت الخلافة إلى المأمون سنة 813م، صارت بغداد العاصمة العلمية العظمى في الأرض، فجمع الخليفة إليها كتبا لا تحصى، وقرب إليه العلماء وبالغ في الحفاوة بهم.
  • وبعد أن عدد مآثر المسلمين في العلوم الطبيعية قال: فإنهم قد رقوا العلوم القديمة ترقية كبيرة جدا، وأوجدوا علوما جديدة لم تكن معروفة قبلهم... إن جامعات المسلمين كانت مفتوحة للطلبة الأوربيين، الذين نزحوا إليها من بلادهم لطلب العلم، وكان ملوك أوربا وأمراؤها يفدون إلى بلاد المسلمين ليعالجوا فيها".
  • وقال غوستاف لوبون في كتابه "حضارة العرب": "ولا نرى في التاريخ أمة ذات تأثير بارز كالعرب، فجميع الأمم التي كانت ذات صلة بالعرب اعتنقت حضارتهم ولو حينا من الزمن".
  • وقال أيضا: "ولم يتجل تأثير العرب في الشرق في الديانة واللغة والفنون وحدها، بل كان لهم الأثر البالغ في ثقافتهم العلمية أيضا".
  • وقال سيديلوت في كتابه "تاريخ العرب": "كان المسلمون في القرون الوسطى متفردين في العلم والفلسفة والفنون، وقد نشروها أينما حلت أقدامهم، وتسربت عنهم إلى أوربا، فكانوا سببا لنهضتها وارتقائها".
  • وقال لين بول في كتابه "العرب في إسبانيا": "فكانت أوربا الأمية تزخر بالجهل والحرمان، بينما كانت الأندلس تحمل إمامة العلم وراية الثقافة في العالم".
  • ويقول بريفولت في كتابه " تكوين الإنسانية: " العلم هو أعظم ما قدمت الحضارة العربية إلى العالم الحديث، ومع أنه لا توجد ناحية واحدة من نواحي النمو الأوربي إلا ويلحظ فيها أثر الثقافة الإسلامية النافذة، فإن أعظم أثر وأخطره هو ذلك الذي أوجد القوة التي تؤلف العامل البارز الدائم في العالم الحديث والمصدر الأعلى لانتصاره، أعني العلم الطبيعي والروح العلمية وهذه الحقائق مؤداها أن الإسلام دين بناء حضاري"[9].

وشهادات العلماء الغربيين المنصفين في هذا المجال أكثر بكثير مما ذكرناه، ويكفي ما سبق للتدليل على ما ذهبنا إليه من أن الحضارة الإسلامية حضارة تدعو إلى العلم والتقدم، وأنها حضارة مدنية.

الخلاصة:

  • لم تكن الحضارة الإسلامية تقليدا لحضارة اليونان أو الرومان أو غيرهم، لا لأن الإسلام الذي أسست على مبادئه لا يشبه الأصول الفكرية التي قامت عليها الحضارات السابقة فحسب، بل فوق ذلك أن من الممتنع - في نظر العقل وفي واقع التاريخ - أن تجيء حضارة ما طبقا لحضارة سابقة أو لاحقة، بل يتعين أن تمتاز بجملة من الخصائص والسمات لا تتهيأ لغيرها.
  • أسهم العلماء المسلمون إسهاما لافتا في جميع العلوم التجريبية التي نقلت إليهم عن الأمم السابقة، فأضافوا إليها وصوبوا ما بها من أخطاء، كما استحدثوا علوما برأسها لم تكن معروفة قبلهم، ومن الحق أن هذه الجهود هي أمر واقع يكفي أن نشير إليه ونجليه لنكون قد فعلنا كل شيء في رد هذا الادعاء الذي ينكر أمرا واقعا في تاريخ العلم بزعم مجرد.
  • شهد العديد من علماء الغرب المنصفين بأسبقية المسلمين في المجالات العلمية المختلفة، وخاصة في جانب العلوم التجريبية، وأكدوا أن الحضارة الإسلامية في عصور ازدهارها كانت هي العامل الأول في الازدهار الحضاري الذي شهده الغرب في العصر الحديث، فلولا الإسلام لتأخر هذا التقدم العلمي الغربي عدة قرون.

 

 

 

(*) قضايا إسلامية، محمد رجب البيومي ، الوفاء للطباعة والنشر، القاهرة، 1984م. معالم الحضارة في الإسلام وأثرها في النهضة الأوربية، عبد الله ناصح علوان، دار السلام، القاهرة، ط4، 1425هـ / 2005م. الثقافة الإسلامية وتحديات العصر، د. شوكت محمد عليان، دار الشواف، الرياض، ط2، 1416هـ / 1996م.

[1]. خصائص الحضارة الإسلامية مقارنة بالحضارات الأخرى وآفاق المستقبل، مقال د. عبد العزيز بن عثمان التويجري ، المؤتمر الرابع عشر للمجلس الأعلى للشئون الإسلامية، القاهرة، 1423هـ/ 2003م، ص976: 982 بتصرف.

[2]. صلة التأثير والتأثر بين الحضارة الإسلامية وغيرها، مقال د. السيد محمد الشاهد، ضمن أبحاث ووقائع المؤتمر الرابع عشر للمجلس الأعلى للشئون الإسلامية، القاهرة، 1423هـ/ 2003م، ص643، 644 بتصرف.

[3]. الثقافة الإسلامية وتحديات العصر، د. شوكت محمد عليان، دار الشواف، الرياض، ط2، 1416هـ / 1996م، ص176: 179 بتصرف.

[4]. الثقافة الإسلامية وتحديات العصر، د. شوكت محمد عليان، دار الشواف، الرياض، ط2، 1416هـ / 1996م، ص185.

[5]. معالم الحضارة في الإسلام وأثرها في النهضة الأوربية، عبد الله ناصح علوان، دار السلام، القاهرة، ط4، 1425هـ / 2005م، ص75.

[6]. الثقافة الإسلامية وتحديات العصر، د. شوكت محمد عليان، دار الشواف، الرياض، ط2، 1416هـ / 1996م، ص186.

[7]. الثقافة الإسلامية وتحديات العصر، د. شوكت محمد عليان، دار الشواف، الرياض، ط2، 1416هـ / 1996م، ص188: 191 بتصرف.

[8]. الثقافة الإسلامية وتحديات العصر، د. شوكت محمد عليان، دار الشواف، الرياض، ط2، 1416هـ / 1996م، ص197 بتصرف.

[9]. معالم الحضارة في الإسلام وأثرها في النهضة الأوربية، عبد الله ناصح علوان، دار السلام، القاهرة، ط4، 1425هـ / 2005م، ص105: 107 بتصرف.

  • الاحد AM 03:35
    2020-11-22
  • 1085
Powered by: GateGold