المتواجدون الآن

انت الزائر رقم : 412320
يتصفح الموقع حاليا : 279

البحث

البحث

عرض المادة

دعوى أن الإسلام يرسي مبادئ العنصرية والتعصب

                                    دعوى أن الإسلام يرسي مبادئ العنصرية والتعصب (*)

مضمون الشبهة:

يدعي بعض المشككين أن الإسلام وضع بعض المبادئ التي تتسم بالعنصرية والتعصب، إذ إنه لم يسو بين المسلمين وغير المسلمين في الحقوق والواجبات، وفي ذلك إهدار لإنسانية غير المسلم وحط لكرامته، هادفين من زعمهم هذا إلى تشويه حقيقة الإسلام والمسلمين في تعاملهم مع الغير.

وجوه إبطال الشبهة:

1) تكريم الإسلام للإنسان والارتقاء به، واستخلافه في الأرض واستعماره فيها من أهداف الدعوة الإسلامية ومقاصدها.

2) إرساء الإسلام لمبادئ المساواة العامة وتأصيلها والحض عليها. كان من أول المبادئ في البعثة، بل هو الأساس الذي قامت عليه رسالة الإسلام العالمية.

3)   في المجتمعات الإسلامية تصان الأقلية في ضوء احترام قيم ومشاعر الأكثرية.

4)   عنصرية غير المسلمين ترجمة لمعتقداتهم الزائفة، فكل إناء بما فيه ينضح.

التفصيل:

أولا. تكريم الإسلام للإنسان والارتقاء به، وجعله خليفة الله في الأرض.

إن أعظم ما امتازت به شريعة الإسلام هو تكريمها للإنسان، ولم يبلغ شأوها في ذلك - لا تشريعات سماوية، ولا قوانين وضعية، فقد ارتقت بالإنسان إلى حد أن أسجد الله له الملائكة، على نحو ما ورد في القرآن في قوله تعالى: )إذ قال ربك للملائكة إني خالق بشرا من طين (71) فإذا سويته ونفخت فيه من روحي فقعوا له ساجدين (72) فسجد الملائكة كلهم أجمعون (73) إلا إبليس استكبر وكان من الكافرين (74)( (ص)، وموجبات هذا التمييز للإنسان أن الحق - عز وجل - قد اصطفاه من بين جميع خلقه؛ ليكون خليفة عنه في الأرض يعمرها ويحميها من الفساد، مستثمرا ما هيأه له الله فيها من الجهاد والمعاش، حتى يمكن فيها لكلمات الله من الحق والعدل والإصلاح[1].

 

وعن تكريم الإسلام للإنسان، ومعايير هذا التكريم يحدثنا المفكر الإسلامي فهمي هويدي قائلا: "إن الكتابات الإسلامية التي تعالج موضع الإنسان من قريب أو بعيد، لا تكف عن ترديد عبارات التكريم، والاستخلاف التي يحفل بها القرآن الكريم. وهي ترسم صورة رائعة بحق لقيمة هذا المخلوق العظيم، التي تحدد ملامحها العديد من الآيات، في مقدمتها قوله تعالى: )ولقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلا (70)( (الإسراء)، )لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم (4)( (التين)، )ولقد خلقناكم ثم صورناكم ثم قلنا للملائكة اسجدوا لآدم( (الأعراف:11)، )وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة( (البقرة:30)، )فإذا سويته ونفخت فيه من روحي فقعوا له ساجدين (29)( (الحجر).

ومن أوقع التعقيبات على الآيات، ما كتبه الشيخ محمد الغزالي في مدخل كتابه "حقوق الإنسان بين تعاليم الإسلام والأمم المتحدة"، وقال فيه: إن قدر الإنسان في نظر الإسلام رفيع، والمكانة المنشودة له تجعله سيدا في الأرض وفي السماء، ذلك أنه يحمل بين جنبيه نفخة من روح الله، وقبسا من نوره الأقدس.

وهذا النسب السماوي هو الذي رشح الإنسان ليكون خليفة عن الله في أرضه، وهو الذي جعل الملائكة، بل صنوف المخلوقات الأخرى، تعنو له وتعترف بتفوقه.

إن الآيات التي تمجد الإنسان وتعلي مرتبته فوق كل المخلوقات، تتناول الإنسان لذاته لا لاعتقاده، من حيث هو تكوين بشري، وقبل أن يصبح مسلما، أو نصرانيا، أو يهوديا، أو بوذيا، وقبل أن يصبح أبيض، أو أسود، أو أصفر.

وليس صحيحا على الإطلاق أن تلك الحفاوة القرآنية من نصيب المسلمين دون غيرهم كما يتصور بعض الواهمين، ذاك أن النصوص القرآنية شديدة الوضوح في هذه النقطة بالذات، فهي تارة تتحدث عن "الإنسان" وتارة تتحدث عن "بني آدم"، ومرات أخرى توجه الحديث إلى "الناس". وهذا التعميم لا تخفى دلالته على أي عقل منصف، ومدرك للغة الخطاب في القرآن الكريم، التي تستخدم موازين للتعبير غاية في الدقة، تحسب بها متى يكون الخطاب للإنسان وللناس بعامة، ومتى يوجه الكلام للمؤمنين والمسلمين قبل غيرهم.

إن الكرامة التي يقررها الإسلام للشخصية ليست كرامة مفردة، ولكنها كرامة مثلثة: كرامة هي عصمة وحماية، وكرامة هي عزة وسيادة، وكرامة هي استحقاق وجدارة.. كرامة يستغلها الإنسان من طبيعته: )ولقد كرمنا بني آدم( (الإسراء:70)، وكرامة تتغذى من عقيدته: )ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين( (المنافقون: 8)، وكرامة يستوجبها بعمله وسيرته: )ولكل درجات مما عملوا( (الأحقاف:19)، )ويؤت كل ذي فضل فضله( (هود:3).

أوسع هذه الكرامات وأعمها وأدومها، تلك الكرامة الأولى التي ينالها الفرد منذ ولادته، بل منذ تكوينه، بل منذ تكوينه جنينا في بطن أمه.. كرامة لم يؤد لها ثمنا ماديا ولا معنويا، ولكنها منحة السماء التي منحته فطرته والتي جعلت كرامته وإنسانيته صنوين مقترنين في شريعة الإسلام.

ما حقيقة تلك الكرامة؟.. إنها قبل كل شيء سياج من الصيانة والحصانة.

هي ظل ظليل ينشره قانون الإسلام على كل فرد من البشر: ذكرا أو أنثى، أبيض أو أسود، ضعيفا أو قويا، فقيرا أو غنيا، من أي ملة أو نحلة فرضت.. ظل ظليل ينشره قانون الإسلام على كل فرد يصون به دمه أن يسفك، وعرضه أن ينتهك، وماله أن يغتصب، ومسكنه أن يقتحم، ونسبه أن يبدل، ووطنه أن يخرج منه أو يزاحم عليه، وضميره أن يتحكم فيه قسرا، أو أن تعطل حريته خداعا ومكرا.

كل إنسان له في الإسلام قدسية الإنسان، إنه في حمى محمي وحرم محرم، ولا يزال كذلك حتى يهتك هو حرمة نفسه، وينزع بيده هذا الستر المضروب عليه، بارتكاب جريمة ترفع عنه جانبا من تلك الحصانة، وهو بعد ذلك بريء حتى تثبت جريمته، وهو بعد ثبوت جريمته لا يفقد حماية القانون كلها؛ لأن جنايته ستقدر بقدرها؛ ولأن عقوبته لن تجاوز حدها، فإن نزعت عنه الحجاب الذي مزقه هو، فلن تنزع عنه الحجب الأخرى.

بهذه الكرامة يحمي الإسلام أعداءه، كما يحمي أبناءه وأولياءه.. إنه يحمي أعداءه في حياتهم، ويحميهم بعد موتهم، يحميهم في حياتهم، فيحول دون قتالهم إلا إذا بدءوا بالعدوان، ويحميهم في ميدان القتال نفسه، إذ يؤمنهم من النهب والسلب، والغدر والاغتيال. ثم يحميهم بعد موتهم؛ إذ يحرم أجسادهم على كل تشويه أو تمثيل ولم لا؟ أليسوا أناسي؟فلهم إذن كرامة الإنسان.

هذه الكرامة التي كرم الله بها الإنسانية في كل فرد من أفرادها، هي الأساس الذي تقوم عليه العلاقات بين بني آدم".

أليست نفسا؟

هذه الحقيقة الكبرى في التصور الإسلامي، كانت لها أصداؤها، في عديد من النصوص والشواهد، ففي ظلها تفهم أبعاد البيان الإلهي في سورة المائدة: )من قتل نفسا بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعا ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا( (المائدة:32).

وهو تصور بالغ القوة في الدلالة على بشاعة جريمة قتل الإنسان ظلما بغير حق؛ إذ هي في هذا النص ليست عدوانا على الفرد فقط، ولا عدوانا على المجتمع، كما تنص القوانين الجزائية أو الجنائية الوضعية، ولكنها شيء أكبر وأفدح: إنها عند الله - عز وجل - عدوان على الناس جميعا، على الجنس البشري بأسره! إن النص القرآني هنا يتحدث عن "النفس الإنسانية" وعن "الناس"، دون تفرقة بين لون وجنس وملة؛ "لأنه لا فرق عنده بين نفس ونفس"، كما يقول ابن كثير، فضلا عن أن الآية "تعلمنا ما يجب من وحدة البشر، وحرص كل منهم على حياة الجميع، واتقائه ضرر كل فرد؛ لأن انتهاك حرمة الفرد انتهاك لحرمة الجميع. والقيام بحق الفرد من حيث إنه عضو من النوع، وما قرر له من حقوق المساواة في الشرع، قيام بحق الجميع"، كما يقول الشيخ رشيد رضا.

وفي ظل تلك الحقيقة الكبرى نفهم قول النبي - عليه السلام - فيما ذكره عنه هشام بن حكيم: «إن الله يعذب الذين يعذبون الناس في الدنيا». [2] فالعدوان على كرامة الإنسان هنا لا يكفي فيه العقاب الدنيوي - إن وجد - وإنما تلك وصمة تلاحق المعتدي في الآخرة، حيث يلقى جزاءه عند الله - عز وجل - أيضا في الآخرة.

وفي ظلها أيضا نقرأ أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قام من مجلسه احتراما لجثمان ميت مر أمامه وسط جنازة سائرة، فقام من كان قاعدا معه، ثم قيل له فيما يشبه التنبيه ولفت النظر: إنها جنازة يهودي؟ عندئذ جاء رد النبي - صلى الله عليه وسلم - واضحا وحاسما: «أليست نفسا»[3]؟

ومن هذا المنطق كان عقاب أمير المؤمنين عمر بن الخطاب لابن واليه على مصر عمرو بن العاص، عندما ضرب ابنه صبيا قبطيا، فأصر عمر على أن يقتص الصبي القبطي من ابن عمرو بن العاص، قائلا له: اضرب ابن الأكرمين!! ثم وجه قوله إلى القائد المسلم قائلا: مذ كم تعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا[4].

وقد استحضر الإمام علي بن أبي طالب تلك المعاني في كتابه إلى مالك الأشتر، حين ولاه مصر بعد مقتل محمد بن أبي بكر، عندما قال: "وأشعر قلبك الرحمة للرعية والمحبة لهم، واللطف بهم.. فإنهم صنفان: إما أخ لك في الدين، أو نظير لك في الخلق".

ومن هذا الشعور العميق بقيمة الإنسان، فإن الإمام أبا حنيفة أفتى بعدم جواز الحجر على السفيه؛ لأن في هذا الحجر إهدارا لآدميته، ولما كان الضرر الذي يصيب إنسانيته من جراء هذا الحجر أكبر من الضرر المادي الذي يترتب على سوء تصرفه في أموالهم، فإنه لا يجوز دفع ضرر بأعظم منه، ولا يجوز - في رأيه - الحجر عليه، إذ المساس بالمال محتمل وإن أضر، لكن المساس بقيمة الإنسان غير مقبول وغير محتمل، وإن أفاد.

هكذا تظل قيمة الإنسان واحدة من الثوابت الأساسية في التفكير الإسلامي، التي لا تقبل الانتقاص بأي قدر، وإن قبلت الإضافة إلى أبعد مدى. ويظل أي انتهاك لهذه القيمة بمثابة تصادم وتناقض مباشرين مع دعامة أساسية في التصور الإسلامي بنصه وروحه.

نداءات إلى كل البشر:

لكن النصوص الإسلامية لم تكتف بالتأكيد على القيمة المطلقة للإنسان، ولكنها أقامت انطلاقا من تلك الحقيقة الكبرى، ذلك الكم من الجسور الذي يفتح الطريق واسعا لإخوة بني الإنسان، من أجل بناء حياة تملؤها المودة والرحمة.

فثمة نصوص مباشرة في هذا المعنى خاطبت كافة خلق الله، من كل جنس ولون وملة؛ منها قوله تعالى: )يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم إن الله عليم خبير (13)( (الحجرات)، وقوله تعالى: )يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها( (النساء)، وقوله تعالى: )ما خلقكم ولا بعثكم إلا كنفس واحدة إن الله سميع بصير (28)( (لقمان).

وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أيها الناس، إن ربكم واحد، وإن أباكم واحد، كلكم لآدم، وآدم من تراب، إن أكرمكم عند الله أتقاكم، ليس لعربي على عجمي، ولا لعجمي على عربي ولا لأحمر على أبيض، ولا لأبيض على أحمر - فضل إلا بالتقوى. ألا هل بلغت، اللهم فاشهد، ألا فليبلغ الشاهد منكم الغائب»[5].

إن هذه النصوص تذكر بالأصل الواحد لبني الإنسان، وتنبه إلى أن ثمة حكمة إلهية في اختلاف الخلق شكلا وموضوعا، مؤكدة أنه ليس في هذه الدنيا إنسان بطبيعته أفضل من إنسان؛ إذ الكل من نفس واحدة، أبوهم آدم وأمهم حواء. والتفاضل أمام الله - عز وجل - له معيار واحد هو: التقوى والإيمان والعمل الصالح.

وثمة نصوص أخرى في السياق ذاته تخاطب أصحاب الأديان الذين يؤمنون بالله سبحانه وتعالى: )إن الذين آمنوا والذين هادوا والنصارى والصابئين من آمن بالله واليوم الآخر وعمل صالحا فلهم أجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون (62)( (البقرة)، وقال تعالى: )إن الذين آمنوا والذين هادوا والصابئون والنصارى من آمن بالله واليوم الآخر وعمل صالحا فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون (69)( (المائدة) [6].

وعلى صعيد ثالث - في ذات الاتجاه - تخاطب المسلمين مجموعة أخرى من النصوص، مذكرة ومنبهة: )قولوا آمنا بالله وما أنزل إلينا وما أنزل إلى إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط وما أوتي موسى وعيسى وما أوتي النبيون من ربهم لا نفرق بين أحد منهم ونحن له مسلمون (136)( (البقرة)، وقال عز وجل: )شرع لكم من الدين ما وصى به نوحا والذي أوحينا إليك وما وصينا به إبراهيم وموسى وعيسى أن أقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه( (الشورى:13)، وقال عز وجل: )والذين آمنوا بالله ورسله ولم يفرقوا بين أحد منهم أولئك سوف يؤتيهم أجورهم وكان الله غفورا رحيما (152)( (النساء)، وقال عز وجل: )آمن الرسول بما أنزل إليه من ربه والمؤمنون كل آمن بالله وملائكته وكتبه ورسله لا نفرق بين أحد من رسله وقالوا سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير (285)( (البقرة).

هنا تفتح الآيات باب التلاقي بين المسلمين وغيرهم، معلنة أن المسلمين مؤمنون بكل الأنبياء، والرسل، وأن جوهر الرسالات السماوية واحد في غير تعارض أو تنافر.

وعلى صعيد رابع تخاطب النصوص محمدا - صلى الله عليه وسلم - معززة معاني وحدة الأديان، وبشرية الرسالة، وهدف البعثة الأكبر، قال تعالى: )ما يقال لك إلا ما قد قيل للرسل من قبلك إن ربك لذو مغفرة وذو عقاب أليم (43)( (فصلت)، وقال تعالى: )قل يا أيها الناس إني رسول الله إليكم جميعا( (الأعراف:158)، وقال تعالى: )وما أرسلناك إلا كافة للناس بشيرا ونذيرا( (سبأ: ٢٨)، وقال تعالى: )وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين (107)( (الأنبياء).

هذه النصوص في مجموعها تقيم في حقيقة الأمر عديدا من نقط اللقاء بين المسلمين والآخرين، وتشق جسورا تسع كل جهد مخلص من أجل إقامة عالم يحفظ للإنسان كرامته وسعادته ورخاءه" [7].

مبدأ المساواة - اللاعنصرية - من المنظور الإسلامي:

الإسلام هو الدين الخاتم لرسالات السماء، وقد صار له بهذا امتياز على الأديان التي تقدمته؛ لأن للأخير من كل شيء ميزة ليست لما تقدمه، وقد صرح القرآن الكريم بأن محمدا رسول الإسلام آخر المرسلين، وأنه أرسل للناس أجمعين، قال تعالى: )ما كان محمد أبا أحد من رجالكم ولكن رسول الله وخاتم النبيين وكان الله بكل شيء عليما (40)( (الأحزاب)، وقال تعالى: )وما أرسلناك إلا كافة للناس بشيرا ونذيرا ولكن أكثر الناس لا يعلمون (28)( (سبأ). وهذا ما لم تدعه الكتب السابقة ولا أنبياؤها، فقد أرسل موسى وعيسى - عليهما السلام - مثلا لبني إسرائيل.

ولما كان الإسلام دينا عاما شرعه الخالق لهداية الشعوب جميعها أبيضها، وأصفرها، وأحمرها، وأسودها، فقد محا امتيازات الأجناس والعناصر، وحارب العصبيات، وقرر مبدأ المساواة العامة.

وحول هذا الموضوع خصص الأستاذ رجائي عطية مبحثا بعنوان "دوحة المساواة في الإسلام" في كتابه "عالمية الإسلام"، ومما جاء فيه: "تنتمي حقوق الإنسان في الإسلام، وفي مقدمتها مبدأ "المساواة" إلى شجرة باسقة في دوحة ظليلة، تمثل ركنا ركينا من أركان هذه الدعوة العالمية التي أراد لها الله ألا تكون محدودة بمكان أو مقصورة على أقوام، أو مطوية في زمن واحد من الأزمان، عالمية الإسلام، تعني أنه دين العالمين من يوم نزلت الرسالة، وإلى يوم الدين، لا تحده أرض، ولا ينقضي بزمن، ولا يستأثر أو يختص به قوم دون أقوام، ولا جيل دون أجيال. هذا الاتساع الكوني للدعوة، جعلها تطوي في حناياها كل الرسالات، وأوجب أن تتسع لكل الناس.

هذه الدعوة يتجه خطابها إلى الناس كافة، أمس، واليوم، وغدا، على اختلاف أجناسهم وأعراقهم وظروفهم وأحوالهم.

وتنوع الخلق لا حدود له، وتفاوتهم - من ثم - تفاوت واقع حادث لا حد لأشكاله ولا موقف لسننه، خطاب الدعوة العالمية يتجه إلى معمورات وحضارات، وإلى فيافي وصحاري وقفار، إلى بقاع باردة وأخرى حارة، إلى أرض غنية وأخرى بلقع، يتجه إلى الذكور وإلى الإناث، إلى الشيوخ والكهول، وإلى الشباب والأطفال، إلى المرضى وإلى الأصحاء، إلى الفقراء وإلى الأغنياء، إلى الضعفاء وإلى الأقوياء، وتفاوت هؤلاء وأولاء حقيقة كونية، فكيف تكون بينهم "مساواة" وكيف يلتئم هؤلاء جميعا، رغم هذه الاختلافات الهائلة والتفاوت الحتمي، الخلقي والمكتسب؟ كيف يلتئمون جميعا في شجرة واحدة عمودها "المساواة"؟!

لقد استطاع الإسلام، هذه الدعوة العالمية، أن تحل هذه المعضلة، فتتعامل مع واقع الاختلاف والتفاوت، ولا تنزع عن الآدمي - في الوقت نفسه - إحساسه بالانتماء، وعلى قدم المساواة، إلى هذه الشجرة الإنسانية التي عمادها الإخاء والحرية والمساواة! الناس متفاوتون - ولا بد أن يتفاوتوا.. فلم ينكر القرآن ذلك.

بيد أن هذا التفاوت الذي يشير إليه القرآن لا يحظى من القرآن بصك أو موافقة أو دعم، أو تأييد تقوم به العلاقات، أو تجري التمييزات بين الناس، أو يصنفون به إلى طبقات، فأنت تلحظ أن القرآن المجيد لم يستخدم بتاتا لفظ طبقة أو طبقات، وإنما حرص على أن يحدد العبارة في لفظ (درجة) أو (درجات)، فلا طبقات ولا تمايز في الإسلام بين طبقة وأخرى، أو بين عرق وأعراق، أو بين جنس وأجناس، أو بين عصبيات، أو بين أغنياء وفقراء، أو بين أقوياء وضعفاء.

وإنما هي شجرة واحدة لأسرة واحدة يجمعها رباط واحد، لا فرق فيه بين إنسان وآخر، وليس أجزى للإنسان - حيث كان - من دين يطوي الناس في أسرة إنسانية واحدة لا تفاضل بين أفرادها إلا بالعمل، لا بالحسب ولا بالنسب ولا بالأعراق ولا بالأموال: )إن أكرمكم عند الله أتقاكم( (الحجرات: 13)، حين ترد المفاضلة إلى هذا الميزان، فإنها تجمع بين العدل وبين الحكمة جميعا، فلا تخذل النشط العالم الساعي المجاهد التقي الورع، ولا تغلق في الوقت نفسه أبواب الرجاء أمام غيره، وإنما تبقي الباب مفتوحا، وفي إطار الأخوة التي تحدث عنها القرآن، لارتياد سبل التنافس والتباري على نيل المكانة، التي معيارها الوحيد التقوى والعمل الصالح: )وفي ذلك فليتنافس المتنافسون (26)( (المطففين).

هذه المساواة التي رفعها الإسلام، كانت أول ما شق على الأرستقراطية[8] القرشية والعصبية الجاهلية المخلوطة بالثراء والمكانة. كان أعظم ما استهولته قريش وكبارها أن يجمع النبي - عليه السلام - في مجلس واحد بينهم على ثرائهم وشرف أنسابهم وكريم محتدهم، وبين الفقراء والعبيد والمستضعفين، فيتقدم رءوس القرشيين إلى النبي - عليه السلام - معارضين طامعين في حل، كيف يجلس إليه، ويريدهم معهم، أمثال بلال الحبشي، وعمار بن ياسر، وصهيب بن سنان، والعبيد وعامة الناس، يريدون منه أن يطردهم وينحيهم عنه، أو يخصص لهم يوما وللقرشيين آخر، رعاية لحسبهم ومنزلتهم وأعراقهم وجاههم، فيأبى عليهم النبي - صلى الله عليه وسلم - ما يريدون، ويتنزل في ذلك من الذكر الحكيم ما يقول للنبي - صلى الله عليه وسلم - تأكيدا لما قاله لهم: )ولا تطرد الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه ما عليك من حسابهم من شيء وما من حسابك عليهم من شيء فتطردهم فتكون من الظالمين (52)( (الأنعام).

على سنته في المساواة جرى خلفاؤه الراشدون.. من فرط احتياط عمر بن الخطاب وتحرجه هاله أن امرأة استدعاها فهابته، ومن شدة هيبتها ألقت ما في بطنها، فأجهضت به جنينا ميتا. استفتى عمر الصحابة مخافة أن يكون مسئولا عما ألم بها، فقالوا له: لا شيء عليك. بيد أن الفاروق أشاح عن فتواهم وأخذ برأي علي بن أبي طالب أن يعتق رقبة احتياطا، وتعبيرا زائدا عن المساواة التامة بين الحاكم والمحكوم أمام القانون.

ولا يستبعد الإسلام من واحة المساواة أهل الذمة الذين يقيمون في دار الإسلام. فهم أحرار في عقائدهم وفي إقامة شعائرهم، وفي ممارسة نشاطهم، وفي ولاية الوظائف، ولهم أيضا نصيبهم في بيت المال، ويتمتعون بمظلته التي تقيهم العوز والحاجة.

جاء عن عمر الفاروق - رضي الله عنه - أنه صادف شيخا يهوديا ضريرا يتكفف الناس، فأخذه بيده إلى بيت المال يقول لعامله عليه: انظر هذا وضرباءه، فوالله ما أنصفناه إن أكلنا شبيبته ثم نخذله عند الهرم.

هذه الواحة الوارفة للمساواة في الإسلام معلم أساسي من معالم عالميته التي تتسع لكافة الناس جميعا على امتداد المكان والزمان.

الأديان المتجهة إلى أقوام بعينهم أديان مغلقة لا تعطي للآدمي ما يعطيه الإسلام من إحساس عميق بآدميته وبانتمائه والناس طرا إلى أصل واحد، وانضوائه وإياهم في أسرة واحدة، لا يتمايز فيها أحد بجنسه أو عرقه، أو لونه، أو حسبه، أو نسبه، أو عمله، أو منصبه، أو جاهه، أو ماله، أو ثرائه.

هذه المساواة هي رسالة الإسلام إلى الدنيا وإلى الناس كافة، أنهم في ظل دوحته الوارفة، يلتئمون جميعا في شجرة واحدة عمودها المساواة، وأنهم في رحاب هذا الدين العالمي ينتمون إلى شجرة الإنسانية التي يتساوي فيها الجميع في رحاب الله، وفي إطار دعوته العالمية إلى الناس كافة، وعمادها الإخاء والحرية والمساواة" [9].

ويقول د. محمد خليفة حسن (وهو أستاذ متخصص في الدراسات العبرية): "إن حياة اليهود في الدولة الإسلامية وصلت إلى درجة من الازدهار والتقدم دفعت بعض المؤرخين اليهود إلى اعتبار حياتهم في الدولة الإسلامية، تمثل العصر الذهبي في التاريخ اليهودي؛ ففي ظل التسامح الإسلامي تمتع اليهود بكل الحقوق الدينية والمدنية وحققوا مكانة اجتماعية، واقتصادية عظيمة، وتولوا المناصب المهمة، ومنها منصب الوزارة، وبزغ من بينهم رجال علماء، وأطباء، وفلاسفة، وفقهاء تعلموا على يد العلماء المسلمين، وارتفعوا بشأن قومهم، وأداروا شئون حياتهم في ظل رعاية إسلامية شرعية، باعتبارهم أهل ذمة وأهل كتاب"[10].

وعندما لاحظ آدم متز العمال والمتصرفين غير المسلمين في الدولة الإسلامية منذ عصورها المبكرة كان تعليقه هو: "وكأن النصارى هم الذين يحكمون المسلمين في بلادهم"، وظل يعدد المناصب والإدارات التي ارتقاها النصارى في ظل الدولة الإسلامية إلى أن قال:

".... وقد ظلت دواوين الحكومة، وخاصة ديوان الخراج، مدة طويلة مكتظة بالمسيحيين والفرس، وظلت الحال في مصر على هذا النحو حتى زمن متأخر جدا حيث كان السواد الأعظم من المسيحيين يحتكرون أمثال هذه المناصب احتكارا يكاد يكون تاما"[11].

غير أن ما ينبغي أن يستوقفنا في هذا السياق حقا هو تلك الشهادة التي سجلها الأستاذ ادمون رباط في بحثه المهم " المسيحيون في الشرق قبل الإسلام"، وفيها يقول: "إنه للمرة الأولى في التاريخ انطلقت دولة هي دينية... إلى الإقرار في الوقت ذاته بأن من حق الشعوب الخاضعة لسلطانها أن تحافظ على معتقداتها وتقاليدها وطراز حياتها وذلك في زمن كان يقضي المبدأ السائد بإكراه الرعايا على اعتناق دين ملوكهم"[12].

ثالثا. في المجتمعات الإسلامية تصان حرية الأقلية في ضوء احترام قيم ومشاعر الأكثرية:

إذا كان الإسلام بشريعته الخالدة قد أقر المساواة، وأعلن مبادئها، فهل يحق لهؤلاء الزاعمين أن يطلبوا المساواة في المجتمعات الإسلامية - أي ذات الأغلبية المسلمة - مع المسلمين في كل شيء حتى في الأمور التي تخص الأغلبية المسلمة أو يتهم هؤلاء المغرضون الإسلام بالتعصب والمسلمين بالعنصرية؟!

تحت عنوان "مساواة نعم.. وتفرقة أيضا" يقول الأستاذ فهمي هويدي:

"هل يقبل أن يرأس شخص مسلم دولة أغلبيتها غير مسلمة؟

هل يقبل أن تتصدر مساجد المسلمين الواجهات والميادين الرئيسة في مدينة مسيحية الطباع والملة؟

هل يقبل أن يؤذن جماعة من المسلمين للصلاة عبر مكبر للصوت خمس مرات كل يوم في مجتمع أوربي غير مسلم؟

حتى إذا أجاز القانون هذه الخطوة أو تلك، فمن المؤكد أنها جميعا تؤذي مشاعر الأغلبية غير المسلمة، بحيث يصبح من العقل والذوق، وربما المصلحة أيضا، أن نجيب على الأسئلة بالنفي.

ذلك أن هناك ميزانا يجب أن يراعى ضبطه بإحكام في علاقة الأغلبية بالأقلية، يقوم أساسا على مراعاة النظام العام للمجتمع، وذوقه ومشاعره العامة، وللعمومية المعنية هنا درجتان: "عام" يهم المجتمع بأسره "وعام" يتمثل في قيم الأغلبية وقوانينها الخاصة، المستمدة سواء من عقيدتها أو من تقاليدها وأعرافها. وهو محور اهتمامنا هنا.

وهذا المنطق يسلم ابتداء بالتزام الأغلبية بواجب احترام مشاعر الأقلية، وهو الاحترام الذي عبر عنه - مثلا - الخليفة عمر بن الخطاب في كتابه إلى سعد بن أبي وقاص، وفيه يقول: "... ونح منازلهم - جنود المسلمين - عن قرى أهل الصلح والذمة، فلا يدخلها من أصحابك إلا من تثق بدينه، ولا يرزأ - يتقاضى - أحد من أهلها شيئا؛ فإن لهم حرمة وذمة ابتليتم بالوفاء بها، كما ابتلوا بالصبر عليها، فما صبروا لكم ففوا - أوفوا - لهم"!

إن أمير المؤمنين عمر هنا ينطلق من مشاعر غاية في التسامي والشفافية، ولو عسكر جنود المسلمين وسط قرى غير المسلمين لربما مارسوا حقا، وما وجدوا اعتراضا، إذ لهم الغلبة والكلمة. ولكنه تجاوز تلك الحدود، وأملي كتابه الذي يقوم أساسا على قاعدة من الاحترام والمبالغة في مراعاة الشعور والذوق الرفيع. فنهى عن استقرار جند المسلمين وسط تجمعات غير المسلمين؛ حتى لا يكون في ذلك إيذاء لمشاعرهم ومساس بحرمتهم!

إن احترام قيم ومشاعر الأغلبية لا يعني بالضرورة انتقاصا من حقوق الأقلية، وينبغي ألا يكون على حسابها في كل ما هو جوهري وأساسي؛ لأن الشرط المفترض هنا أن تكون حقوق الأقلية مصونة، غير مهدورة بأي صورة من الصور، ولكننا - كما نفهم في القانون - نشدد على أن هناك حدودا للحق، هي في حالتنا هذه النظام العام والشعور، أو الذوق العام للأغلبية، وأي تجاوز لهذه الحدود، يدفع بالممارسة إلى نقطة أبعد مما ينبغي، تدخل في إطار يسمى بإساءة استخدام الحق.

فكما أن هناك حدودا لممارسة الحرية، فإن هناك حدودا لاستخدام الحق.

والحفاظ على ذلك الميزان - بغير إخلال - أمر شديد الأهمية، بل هو الضمان الوحيد لاستقرار أي مجتمع تتعدد فيه الملل والنحل، دينية كانت أم سياسية أم عرقية.

وإذا كان أي عدوان من جانب الأغلبية على الحقوق الأساسية، يهدد هذا الاستقرار، فإن شبح التهديد يظل قائما إذا ما تجاوزت الأقلية حدود ما أسميناه النظام العام والشعور العام، أو نازعت الأغلبية حقوقها المشروعة بدعوى المساواة.

وعلى مدار التاريخ الإسلامي، فإن أكثر الظواهر السلبية التي شابت علاقة المسلمين بغيرهم، لم تكن ناشئة فقط عن اعتداء الأغلبية على حقوق الأقلية، لأي سبب كان، ولكن تلك الظواهر السلبية نشأت أيضا إما عن سوء استخدام للحق مارسته الأقلية، أو إحساس سرى بين تلك الأقلية - تحديدا في حالات الضعف أو الانكسار - دفعها إلى محاولة قلب الميزان والتصرف بمنطق الأغلبية.

خصوصا وأن الطامعين في الدولة الإسلامية - من الروم في القرن السابع الميلادي، إلى الفرنسيين في القرن الثامن عشر، والإنجليز في القرن التاسع عشر، ومن بعدهم الأمريكان في هذا القرن، مرورا بالصليبيين في القرن العاشر، والتتار في القرن الثالث عشرـ لم يكفوا عن محاولة استمالة الأقلية ومحاولة النفاذ إلى قلوب بعض فصائلها، من باب مداعبة أحلام منازعة الأغلبية حقها، والإخلال بذلك الميزان الواجب الإحكام.

إن دعوتنا إلى الاحترام المتبادل بين الأغلبية والأقلية، وتمسكنا بأن ثمة حقوقا أساسية يجب عدم المساس بها (حدها الأدنى يتمثل في حقوق الإنسان بالتعبير المعاصر)، ثم مطالبة الأقلية باحترام مشاعر الأغلبية، هذه الدعوة لا تنسحب فقط على الأقليات غير المسلمة في المجتمع الإسلامي ولكنها تنسحب أيضا على الأقليات المسلمة في المجتمع غير الإسلامي؛ إذ يظل من واجب الأقلية المسلمة أن تحترم النظام العام والشعور العام للأغلبية حيث وجدت، طالما أن الحقوق الأساسية للأقلية مصونة بغير مساس كما قلنا".

ويواصل أستاذ فهمي هويدي حديثه طارحا هذا السؤال:

"ماذا تريد الأقلية الدينية أو المذهبية في أي مجتمع معاصر؟

والرد الطبيعي في هذه الحالة، هو أن الأقلية تريد ضمان حرية الاعتقاد، وتحقيق المساواة في الحقوق والواجبات مع الآخرين.

وإذا أردنا أن نناقش مدى استجابة المجتمع الإسلامي لكل من هذين المطلبين، فلن يختلف معنا أحد في أن قضية حرية الاعتقاد من المسلمات المحسومة والبدهية، فيما يتعلق بأصحاب الديانات السماوية، والتي بلغت حد كفالة هذه الحرية - قبل ألف سنة - للمجوس والزرادشتيين،[13] والهندوس والبوذيين.

غير أن هناك جدلا حول الشعائر والمعابد، يستوقفنا فيه أمران:

الأمر الأول: أنه ليس في نصوص القرآن والسنة قيد من أي نوع على حق غير المسلمين في ممارسة شعائرهم، بل إن العكس هو الصحيح، فاعتراف القرآن بأصحاب الديانات الأخرى، والتوجيه الإلهي الداعي إلى التعامل معهم بالبر والقسط، بمثابة دعوة ضمنية لاحترام حق غير المسلمين في أداء الشعائر وإقامة المعابد.

الأمر الثاني: أن الوقائع والممارسات التاريخية في هذا الصدد لم تخل من دس واختلاق، وهو الأمر الذي يدعونا إلى الحذر الشديد في التعامل معها، ومع ذلك فإن ما هو صحيح من تلك الوقائع والممارسات يظل قابلا للمناقشة والمراجعة، في ضوء اعتبارات المصلحة الراهنة، طالما أنه في النهاية اجتهاد خاص، لا التزام فيه إلا بقدر موافقته للكتاب والسنة الصحيحة، نصا وروحا.

ومن الممارسات التي يمكن الاسترشاد بها في هذا السياق، نص معاهدة استسلام القدس، التي كتبها معاوية بن أبي سفيان، ووقع عليها الخليفة عمر بن الخطاب، وبطريرك المدينة سوفروينوس، نيابة عن المسيحيين، وأثبتها الطبري في تاريخه بالنص الآتي:

"بسم الله الرحمن الرحيم. هذا ما أعطى عبد الله عمر أمير المؤمنين أهل إيلياء من الأمان: أعطاهم أمانا لأنفسهم وأموالهم، ولكنائسهم وصلبانهم، وسقيمها وبريئها وسائر ملتها، أنه لا تسكن كنائسهم ولا تهدم ولا ينتقص منها ولا من حيزها، ولا من صليبهم ولا شيء من أموالهم، ولا يكرهون على دينهم، ولا يضار أحد منهم، ولا يسكن بإيلياء معهم أحد من اليهود، وعلى أهل إيلياء أن يعطوا الجزية كما يعطي أهل المدائن، وعليهم أن يخرجوا منها الروم واللصوص، فمن خرج منهم فإنه آمن على نفسه وماله، ومن أقام منهم فهو آمن وعليه مثل ما على أهل إيلياء من الجزية، ومن أحب من أهل إيلياء أن يسير بنفسه وماله مع الروم ويخلي بيعهم وصلبهم، فإنهم على أنفسهم وعلى بيعهم وصلبهم حتى يبلغوا مأمنهم، ومن كان بها من أهل الأرض قبل مقتل فلان، فمن شاء منهم قعد وعليه مثل ما على أهل إيلياء من الجزية، ومن شاء سار مع الروم، ومن شاء رجع إلى أهله، فإنه لا يؤخذ منهم شيء حتى يحصد حصادهم، وعلى ما في هذا الكتاب عهد الله وذمة رسوله وذمة الخلفاء، وذمة المؤمنين إذا أعطوا الذي عليهم من الجزية"[14].

وختم عمر الكتاب بتوقيعه، ثم شهد عليه خالد بن الوليد، وعمرو بن العاص، وعبد الرحمن بن عوف، ومعاوية بن أبي سفيان، الذي كتبه بيده عام 15هـ.

"وقد منحت نفس الشروط من المسلمين إلى سكان المدن الأخرى في جميع أنحاء الأقاليم التي اجتمعت تحت راية الإسلام، طبقا لتقرير البلاذري في "فتوح البلدان".

"وقد منح أبو عبيدة شروطا مماثلة للسامريين في نابلس. وتلك الشروط تمثل جوهر الذمة التي تحكم العلاقات المقبلة بين المسلمين وغير المسلمين، وبصفة أساسية، فقد ضمنت الأمن للأشخاص والممتلكات، والحق في ممارسة الديانات غير الإسلامية، والحفاظ على المؤسسات العامة التي لديهم أيا كانت، مثل الكنائس، والمدارس التي دائما ما كانت تلحق بالكنائس".

ويواصل د. فهمي هويدي تجلية الحقائق في قضية المطالبة بالمساواة التامة بين غير المسلمين والمسلمين، فيذكر تحت عنوان "تصنيف وليس تمييزا" الرد على المطلب الثاني للأقلية، وهو: المساواة في الحقوق والواجبات مع الأغلبية.

هنا تتدخل النصوص الشرعية، ولا تدع مجالا للبس في تقرير الأساس والمبدأ، حيث نواجه بحشد من الآيات القرآنية والأحاديث التي تضع الجميع منذ البداية ليس فقط على قدم المساواة، بل تؤكد أصلهم الواحد، مشددة على كرامة الإنسان وحصانته.

وإضافة إلى عنصري الأصل الواحد وحصانة الآدمية لذاتها، يطرح التصور الإسلامي دعامة أخرى لها دورها، هي اعترافه بأنبياء اليهود وبالمسيح عليه السلام. فأضاف الإسلام في أسس التعامل مع الآخرين وشيجة إيمانية، إلى جانب الوشيجة الإنسانية.

إن الأساس القوي للمساواة قائم في نصوص القرآن والسنة، حتى يكاد يصبح بدوره من مسلمات التصور الإسلامي للعلاقة مع الآخرين، فحديث رسول الله: «ألا من ظلم معاهدا أو انتقصه أو كلفه فوق طاقته أو أخذ منه شيئا بغير طيب نفس، فأنا حجيجه يوم القيامة».[15] لا ينصب فقط على ما يتصوره البعض إيذاء ماديا أو جسديا، ولكنه يشمل أيضا الإيذاء المعنوي، الذي يقوم أساسا على احترام الشعور والكرامة. ولفظ الإيذاء استخدم في القرآن الكريم في عدة معان، بينها إيذاء الشعور، ففي مقام توجيه المسلمين إلى التأدب والتوقير في معاملة النبي، ودعوتهم إلى عدم دخول بيته بغير إذن، يقول الله تعالى: )إن ذلكم كان يؤذي النبي فيستحيي منكم( (الأحزاب:53).

ثم، ألا تؤكد هذه المساواة ما تقرر في الإسلام من أن "لهم ما لنا وعليهم ما علينا" وكلمة الإمام على "أنهم قبلوا عقد الذمة لتكون أموالهم كأموالنا ودماؤهم كدمائنا". ثم قول واحد من مشاهير الفقهاء، هو السرخسي: "ولأنهم قبلوا عقد الذمة، لتكون أموالهم وحقوقهم كأموال المسلمين وحقوقهم".

وفي هذا السياق قال عبد الله بن مسعود (كما يسجل صاحب الخراج): "من كان له عهد أو ذمة فديته دية المسلم"، وبهذا جرى العمل طوال عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - وخلفائه الراشدين، إذا اعتدى مسلم على ذمي، فديته مساوية للدية المقررة للمسلم.

وقد ذهب الفقه الإسلامي مدى أبعد في هذا الاتجاه، فلم يكتف بتقرير المساواة بين المسلمين وغيرهم، بل زاد على ذلك أن أعطى غير المسلمين حق مباشرة التصرفات التي تتعارض مع ما تقضي به الشريعة الإسلامية، ما دامت شرائعهم ودياناتهم تسمح بها. وإباحة الخمر وتربية الخنزير هما أبرز مثال على ذلك. وأفتوا بأنه إذا أتلف أحد من المسلمين خمر الذمي أو خنزيره كان عليه غرمه وفي "الدر المختار": "ويضمن المسلم قيمة خمره وخنزيره إذا أتلفه".

وثمة ملاحظة يوردها د. عبد الكريم زيدان، هي أن مصدر الحقوق والواجبات للذميين هو القانون الإسلامي،أي الشريعة الإسلامية، وليس مصدرها القانون الداخلي لدولة أخرى. ومن ثم فإن هذه الحقوق والواجبات لا تتأثر مطلقا بسوء معاملة الأقليات غير المسلمة في الدول غير الإسلامية. فلا يجوز لدار الإسلام أن تسيء معاملة الأقليات غير المسلمة في إقليمها، بحجة الأخذ بقاعدة المعاملة بالمثل؛ لأن هذه القاعدة تقف ولا يعمل بها، ما دامت تتضمن ظلما وانتقاصا لحقوق غير المسلم التي قررتها له الشريعة الإسلامية، التي من قواعدها الآية الكريمة: )ولا تزر وازرة وزر أخرى( (فاطر:18).

إن هذا التأكيد على قيمة المساواة، لا بد أن يقابله تحديد لمعنى المساواة؛ ذلك أننا لا نتحدث هنا عن فكرة رومانسية أو قيمة مطلقة ومجردة، إنما نحن بصدد قيمة اجتماعية، تنشد مثلا أعلى بغير شك، لكنها تظل محكومة بخريطة الواقع، ومزروعة في أرض البشر.

إن حق الأغلبية في أن تحكم لا يخل بقاعدة المساواة بأي حال. وهو الأساس الذي تقوم عليه الديمقراطيات الغربية. والأمريكيون يصوغون القضية في التعبير الشائع "حكم الأغلبية وحقوق الأقلية" Minority rule, Majority rights. بل إن العرف الأمريكي يذهب في قمة الديمقراطيات الغربية إلى اشتراط أن يكون الرئيس من فئة ذات مواصفات محددة، تعرف باسم "واسب" W.A.S.P، وهي اختصار لمواصفات: أبيض وأنجلو سكسوني، وبروتستانتي.

وقيام الدولة على العقيدة يرتب نتيجة بدهية أخرى هي حق الدولة في أن تستخدم كوادرها على رأس المواقع ذات الصلة - البعيدة والقريبة - بتلك العقيدة، فضلا عن حقها في أن تصون خصوصيات المؤمنين بعقيدتها، عن طريق إدارة ومباشرة تلك الخصوصيات من خلال كوادرها المؤهلة للقيام بتلك المهام.

إن انتقال الرئاسة الأمريكية من حزب إلى حزب، يقضي حسب العرف الأمريكي، بأن يقدم حوالي ألفين من الموظفين الكبار في الإدارة السابقة استقالاتهم إلى الرئيس الجديد، حتى يتسنى له أن يعيد بناء إدارته الجديدة بأكبر قدر من التوافق والانسجام، وليس مفترضا هنا أن موظف الحزب الذي تقلد الرئاسة أفضل من موظف الحزب الذي ترك الحكم، ولكن لأن الحزب الجديد يتبنى سياسة معينة، ومن حقه أن يعيد بناء الإدارة الأمريكية بالشكل الذي يخدم هذه السياسة.

والدول الاشتراكية نموذج آخر، فكونها قائمة على اللينينية الماركسية،[16] رتب نتيجة منطقية هي اتجاه هذه الدول إلى دفع كوادرها إلى جميع مواقع القيادة والتوجيه في الدولة، ما اتصل منها بالعقيدة وما انفصل. حتى إن أعضاء الحزب لهم الأولوية ليس فقط في تولي المناصب في الإدارة والسياسة، بل إنهم يتمتعون بميزة الأولوية هذه حتى في الحصول على السلع الاستهلاكية!

وإن كنا لا نقر أن تصل الأمور إلى هذا المدى، لكننا نتفهم الفكرة الأساسية في هذا التوجه، التي تقضي بحق الدولة التي تقوم على العقيدة - أيا كانت - في أن تسلم مقاليد الأمور فيما يتصل بالتوجيه إلى المؤهلين المؤمنين بتلك العقيدة.

وقد يساعدنا ذلك على فهم موقف الإسلام من تلك القضية الدقيقة. فهو إذ يقر بالمساواة ويؤكدها فيما يتعلق بالجميع، إلا أنه يقبل استثناءات ترد على هذه القاعدة، يفرق فيها بين المسلم وغير المسلم، ليس انطلاقا من أفضلية المسلم على غيره، لكن استيفاء لشروط معينة في مواقع بذاتها، تفترض أن اعتناق الفرد للإسلام، عنصر يوفر قدرا أكبر من التوافق والانسجام، ومن ثم تحقيق المصلحة.

واشتراط الإسلام هنا هو من قبيل مواصفات ومؤهلات الوظيفة وينبغي ألا يحمل باعتباره انحيازا يقوم على التفرقة الدينية أو الطائفية.

أي أن ذلك يتم في إطار التصنيف (Classification)، وليس التمييز (Discrimination). والتصنيف لا يتعارض مع المساواة، لكن التمييز يتعارض مع العدل.

وإذا كان مقبولا أن يعاد تعيين ألفي موظف كبير في الإدارة الأمريكية مثلا، لمجرد انتقال الإدارة من رئيس إلى رئيس لكي يضع الرئيس الجديد في المواقع الحساسة من هم على التزام شخصي بسياسته، فلا بد أن يكون مقبولا أيضا أن تعطي الدولة الإسلامية حق تعيين كوادرها في المواقع التي تفترض في شاغليها التزاما شخصيا بالإسلام.

وإذا أثيرت هنا مسألة تبادل المواقع بين الأحزاب في الديمقراطيات الغربية، وكون القيادة والصدارة ليست حكرا على حزب بذاته، وهو الأمر الذي يتيح للآخرين فرصا مماثلة، فإن ردنا على هذه النقطة يتمثل في تساؤل واحد هو: أليست "الأغلبية" هي التي تحكم في النهاية؟

إن التفرقة بين البشر فيما هو دنيوي حسب اعتقادهم، أو جنسهم، أو لونهم، ليس من منهج القرآن في شيء؛ إذ القاعدة هي المساواة، والجميع في ديار الإسلام "أمة واحدة"، والخلق كلهم عيال الله، بالتعبير النبوي، فضلا عن أن الناس خلقوا "من نفس واحدة" بالتعبير القرآني، وهو ما سبق تفصيله من قبل.

وهي حكمة إلهية لها مغزاها، أن يحرص القرآن في كل موضع يتضمن إشارة إلى تفضيل فئة على فئة، أن يذكر العلة بوضوح، إذ التفضيل هنا استثناء على القاعدة المقررة، واجب الإيضاح، والتفصيل حسما للبس وسوء الفهم.

وهذا المعنى تؤكده آيات عديدة، منها قوله تعالى: )الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا( (النساء:34)، وقوله تعالى: )فضل الله المجاهدين بأموالهم وأنفسهم على القاعدين درجة( (النساء:95)، وقوله تعالى: )والله فضل بعضكم على بعض في الرزق( (النحل:71)، وقوله تعالى: )تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض( (البقرة:253). وهكذا يظل التفضيل - إذا حدث - محصورا في نطاق محدد، وبعلة محددة[17].

رابعا. عنصرية الآخرين ترجمة لمعتقداتهم الزائفة:

لإيضاح معالم بضاعة الآخرين - غير المسلمين - في هذا المضمار، ربما يجوز لنا أن نتوقف مليا أمام أفكار وآراء تضمنتها دراسة مطولة قام بها محمد خليفة التونسي مترجم كتاب "الخطر اليهودي بروتوكولات حكماء صهيون" جاء فيها: "نحن اليهود لسنا إلا سادة العالم ومفسديه، ومحركي الفتن فيه وجلاديه.. [18]... "وليس من همي هنا أن نجاري اليهود فننظر إليهم كنظراتهم المشينة إلينا، ولا أن نلقى ظلمهم إيانا باضطهادهم أفرادا وجماعات حيث لا يرفعون رأسا ولا يشهرون سيفا، وإن حق القصاص كلما فعلوا، بل أكثر همي هو الوعي الشامل لنياتهم، وعزائمهم العلنية ضد أمن الإنسانية وشرفها، ثم كفهم عن المظالم التي تسوغها لهم تعاليمهم الهمجية بل الشيطانية الخبيثة، إذ يستحلون العدوان على سائر الأمم وادعاء ملكيتها كأنها جمادات، ويوجبون بل يستوجبون على أنفسهم عداءها، والعدوان عليها؛ لأن شريعتهم لا تكتفي بتسويغ جرائمهم بل تشجعهم على التفنن والإفراط فيها، ثم تكفل لهم المثوبة عليها من معبودهم (يهوه) رب الجنود الذي يختصونه بالعبادة، ويزعمون أنه اختصهم لنفسه دون سائر البشر، ووفق هذه المعاهدة الشيطانية، بينهم وبينه يتسلطون على كل العباد والبلاد".

إن هذا الكتاب لينضح - بل يفيض - بالحقد والاحتقار والنقمة على العالم أجمع، ويكشف عن فطنة حكماء صهيون إلى ما يمكن أن تنطوي عليه النفس البشرية من خسة وقسوة ولؤم، كما يكشف عن معرفتهم الواسعة بالطرق التي يستطاع بها استغلال نزعاتها الشريرة العارمة لمصلحة اليهود، وتمكينهم من السيطرة على البشر جميعا، بل يكشف عن الوسائل الناجحة التي أعدها اليهود للوصول إلى هذه الغاية".

إنه لمن الإفراط في الجهل والغفلة والهوى - أن يخطر على عقل قابل للفهم أن يهوديا يتمنى مخلصا خيبة الحركة الصهيونية أو فشلها، مهما يخالفها في خططها أو مراحلها أو وسائلها أو مواقيتها، وأبعد من ذلك في الشطط أن يستريح عقل إلى أن يهوديا يسعى مخلصا لمقاومة الحركة الصهيونية بقلمه أو لسانه أو نفوذه أو ماله، وإن رآه يغمد سيفه في قلب فرد أو هيئة من أتباعها أو أتباع حركة سواها.

ومهما يتعاد اليهود أو يتفانوا طوعا لما رسخ في نفوسهم من البغضاء والضراوة بالشر، فلا اختلاف بينهم على من يكون الضحايا. والضحايا هم أنا، وأنت، ومن إلينا من الأميين الذي حرمهم الله شرف النسب اليهودي، فإنهم يرون أنهم وحدهم "شعب الله المختار" ومن عداهم أشياء هي ملكهم وحدهم يتصرفون فيها على ما يشاءون، دون قيد إلا مصلحة اليهود الخاصة، فهكذا تملي عليهم التوراة والتلمود، ونصائح سائر الأئمة بينهم والزعماء".

"قديما قسم الرومان الناس قسمين: رومانا وبرابرة، وقسمهم العرب قسمين: عربا وعجما، وقسمهم اليهود منذ خمسة وثلاثين قرنا قسمين: يهودا وجوييم، أو أمما (أي غير يهود). ومعنى جوييم عندهم: وثنيون وكفرة وبهائم وأنجاس. وإليك البيان: يعتقد اليهود أنهم شعب الله المختار وأنهم أبناء الله وأحباؤه، وأنه لا يسمح بعبادته ولا يتقبلها إلا من اليهود فغيرهم إذن جوييم، أي عباد أوثان أو وثنيون، مهما يكن الإله الذي يعبدونه.

واليهود وحدهم لهذا السبب هم المؤمنون فغيرهم إذن جوييم، أي كفرة، واليهود يعتقدون - حسب أقوال التوراة والتلمود - أن نفوسهم وحدهم مخلوقة من نفس الله، وأن عنصرهم من عنصره، فهم وحدهم أبناؤه الأطهار جوهرا، كما يعتقدون أن الله منحهم الطينة البشرية أصلا تكريما لهم، على حين أنه خلق غيرهم (الجوييم) من طينة شيطانية أو حيوانية نجسة، ولم يخلق الجوييم إلا لخدمة اليهود، ولم يمنحهم الصورة البشرية إلا محاكاة لليهود، لكي يسهل التعامل بين الطائفتين إكراما لليهود.

إذ بغير هذا التشابه الظاهري - مع اختلاف العنصرين - لا يمكن التفاهم بين طائفة السادة المختارين، وطائفة العبيد المحتقرين، ولذلك فاليهود أصلاء في الإنسانية، وأطهار بحكم عنصرهم المستمد من عنصر الله، استمداد الابن من أبيه، وغيرهم إذن جوييم أي حيوانات وأنجاس، حيوانات عنصرا وإن كانوا بشرا في الشكل، وأنجاس؛ لأن عنصرهم الشيطاني أو الحيواني أصلا لا يمكن أن يكون إلا نجسا.

وكان الرومان والعرب وبعض الآريين في العصر الحديث يفضلون أنفسهم على غيرهم ببعض المزايا العقلية والجسمية، ولكنهم يعتقدون أن البشر جميعا من أصل واحد.

فهم - مهما غلوا وأسرفوا في التفرقة - لا يتطرفون تطرف اليهود في التعالي على غيرهم وقطع ما بينهم وبينهم من مشاركة في أصل الخلقة، والمزايا البشرية العامة.

لكن اليهود - حسب عقيدتهم التي وضحناها هنا - يسرفون في التعالي والقطيعة بينهم، وبين غيرهم إلى درجة فوق الجنون، فهم يعتقدون أن خيرات الأرض والعالم أجمع منحة لهم وحدهم من الله، وأن غيرهم من الأميين أو "الجواييم" وكل ما في أيديهم ملك لليهود، ومن حق اليهود، بل واجبهم المقدس، معاملة الأميين كالبهائم، وأن الآداب التي يتمسك بها اليهود لا يجوز أن يلتزموها إلا في معاملة بعضهم بعضا، ولكن لا يجوز لهم بل يجب عليهم وجوبا إهدارها مع الأميين. فلهم أن يسرقوهم ويغشوهم، ويكذبوا عليهم ويخدعوهم ويغتصبوا أموالهم، ويهتكوا أعراضهم ويقتلوهم، إذا أمنوا اكتشاف جرائمهم، ويرتكبوا في معاملتهم كل الموبقات، والله لا يعاقبهم على هذه الجرائم، بل يعدها قربات وحسنات يثيبهم عليها ولا يرضى منهم إلا بها، ولا يعفيهم منها إلا مضطرين.

وقد أشار القرآن إلى هذه العقيدة الإجرامية، ونحن نذكر ذلك من باب الاستئناس، لا لندينهم ولا لنبرهن على عقيدتهم به؛ لعدم اعترافهم بالقرآن، قال تعالى: )ومن أهل الكتاب من إن تأمنه بقنطار يؤده إليك ومنهم من إن تأمنه بدينار لا يؤده إليك إلا ما دمت عليه قائما ذلك بأنهم قالوا ليس علينا في الأميين سبيل( (آل عمران:75)، أي لسنا ملتزمين بمراعاة أي شريعة كريمة مع الأمميين "غير اليهود".

ولا تقتصر هذه الروح العدائية العنصرية لدى اليهود تجاه الآخر، وهذا الفكر الشاذ على البروتوكولات السرية وبطون الكتب، بل إنها تجري من الصهاينة مجرى الدم من العروق وتنطبع على سلوكهم وتصرفاتهم، بل مناهج تعليمهم المعلنة الطافحة بالحقد والبغضاء مما تربى عليه أجيالهم، وقد تعددت الدراسات والكتابات حول المضامين العنصرية في كتبهم الدراسية، وقد كتب مؤخرا الأستاذ إبراهيم نافع حول هذه النقطة فقال: "تكشف متابعة وسائل الإعلام الإسرائيلية، وتحديدا الصادرة باللغة العبرية، أن إساءات بالغة للعرب، وأيضا للإسلام والمسيحية لم تتوقف، بل تكاد تكون الحملة على (الأغيار) متواصلة دون انقطاع في وسائل الإعلام العبرية، وفي تقديري أن الإساءات التي تقدمها وسائل الإعلام العبرية للإسلام والمسيحية تفوق بمراحل ما يجري التركيز عليه في الشرق والغرب، أيضا فإن ما يصدر عن بعض رجال الدين اليهود بحق الإسلام والمسيحية لا يمكن تصوره.

فجميع العقائد والأديان لديهم عدا اليهودية مزيفة وغير صحيحة، وفيما عدا اليهود، فإن باقي الشعوب أدنى من مرتبة البشر. ولا توجد حدود للإساءات والإهانات التي توجه لجوهر الإسلام وأساس الديانة المسيحية، ومن قبيل ما نشر بحق العرب والمسلمين على مدى الشهرين الماضيين نذكر مقالا بعنوان "كل نوايا العرب سيئة، لكاتب يدعى يتساحق بن زئيف نشره في صحيفة: "عولام هاحسيدوت" بتاريخ 25 أغسطس الماضي، وأعاد نشره موقع www.mahsom.com بتاريخ 27 أغسطس الماضي تحت عنوان "العرب مجموعة من السفاحين الهمج" وجاء في المقال أن العرب شعب يشبه الحمير، إنهم أمة منحطة من الهمج يشعرون بمتعة كبيرة، عندما يقتلون إنسانا وهم أسوأ من النازي.

وقد جاء المقال على خمس صفحات، واستند في تحقير العرب والمسلمين إلى فتاوى رجال دين يهود، وتشريعات وردت في فتاوى الحاخام موسى بن ميمون في كتاب أرسله ليهود اليمن. ومن بين ما ورد في المقال: إن كراهية العرب - محا الله اسمهم وذكراهم - لليهود ووحشيتهم حيالهم تفوق بكثير كراهية النازيين، وأضاف: الحماقة في العالم مكونة من عشرة أجزاء، تسعة منها عند الإسماعيلية، وواحد فقط عند باقي الأمم، وفي موقع آخر من المقال يقول الكاتب: إن رجال الدين اليهود يصفون المسيحيين بالخنازير والعرب بالبدائيين الهمج، وفي المقال قائمة طويلة من البذاءات بحق الرسول الكريم - صلى الله عليه وسلم - لا يمكن بحال من الأحوال ذكرها لما تتضمن من بذاءات وانحطاط.

ويكفي أن تزور موقع المنظمة العربية لمناهضة التمييز، وهو www.aad.onlien.org لتقرأ مئات المقالات التي تسب المسيحية والإسلام، وتراهما ديانتين غير سماويتين، وترى في الأغيار - أي غير اليهود - مجموعات أدنى من مستوى البشر" [19].

وليست ملامح العنصرية بادية في فكر وسلوك كثير من اليهود فقط، فهذه شهادة منصفة لباحثة غربية هي المستشرقة الألمانية المعروفة: "زيغريد هونكة" تتوقف فيها عند بعض محطات علاقة المسلمين بالغرب، مقارنة بين سلوكهم فيها وسلوك الآخرين، تقول: "وبينما عاشت النصرانية في ظل الحكم الإسلامي قرونا طوالا - في الأندلس وفي صقلية وفي البلقان - فإن انتصار النصرانية على الإسلام - في الأندلس سنة 1492م - لم يعن سوى طرد المسلمين واليهود واضطهادهم، وإكراههم على التنصر، واستئناف نشاط محاكم التفتيش التي قامت بتعقب كل من يتخذ سوى الكاثوليكية دينا، والحرق العلني في احتفالات رسمية تحفها الطقوس والشعائر الكنسية لكل من اعتنق الإسلام أو اليهودية، ولم تلغ محاكم التفتيش إلا في سنة 1834م.

لقد كفلت معاهدة السلطان الكامل ابن أخي صلاح الدين الأيوبي مع القيصر فريدريك الثاني المساواة بين المسلمين وغير المسلمين، والاحترام المتبادل، والحرية الكاملة لليهود والنصارى والمسلمين في إقامة شعائرهم الدينية في كافة أنحاء الأرض المقدسة كما شاءوا.

ولقد كتب بطريرك القدس "تيودوسيوس" - في أوائل القرن الحادي عشر - إلى الأسقف "أجنايتوس" في بيزنطة يقول: إن العرب هنا هم رؤساؤنا الحكام، وهم لا يحاربون النصرانية، بل على العكس من ذلك يحمونها، ويذودون عنها، ويوقرون قساوستنا ورهباننا، ويجلون قديسينا.

بينما أصدر كبير وعاظ الحروب الصليبية: برناردكليرفوكس أمره إلى المحاربين الصليبيين: إما التنصر وإما الإبادة، ووصف المؤرخ الأوربي ميشائيل درسيرر مذبحة المسلمين في القدس سنة 1099م على يد الصليبيين، وكيف كان البطريرك نفسه يعدو في زقاق بيت المقدس، وسيفه يقطر دما، حاصدا به كل من وجده في طريقه، ولم يتوقف حتى بلغ كنيسة القيامة وقبر المسيح فأخذ في غسل يديه تخلصا من الدماء اللاصقة به، مرددا كلمات المزمور التالي: "يفرح الصديق إذا رأى النقمة. يغسل خطواته بدم الشرير. ويقول الإنسان: إن للصديق ثمرا. إنه يوجد إله قاض في الأرض". (المزمور 58: 10، 11)، ثم أخذ في أداء القداس قائلا: إنه لم يتقدم في حياته للرب بأي قربان أعظم من ذلك ليرضى الرب.

وعندما احتل الصليبيون دمياط، بعد الاستيلاء على حصنها، أبادوا جميع من بها بناء على أوامر البابا ومبعوثيه الكرادلة ورجال الكنيسة، فلما انتصر السلطان الكامل على هذه الحملة سنة 1221م، أكرم أسراهم، ولم يقتص منهم: العين بالعين والسن بالسن، وإنما أطعمهم في مسغبة أربعة أيام طوالا، مرسلا إلى جيوشهم التي كانت تتضور جوعا كل يوم ثلاثين ألف رغيف، ومواد غذائية أخرى. وشهد بهذا الإكرام أحد هؤلاء الأسرى - عالم الفلسفة اللاهوتية "أويفروس".. فكتب يقول للملك الكامل: منذ تقادم العهود لم يسمع المرء بمثل هذا الترفق والجود، خاصة إزاء أسرى العدو اللدود، ولما شاء الله أن نكون أسراك، لم نعرفك مستبدا طاغية ولا سيدا داهية، وإنما عرفناك أبا رحيما، شملنا بالإحسان والطيبات، وعونا منقذا في كل النوائب والملمات، ومن ذا الذي يمكن أن يشك لحظة في أن مثل هذا الجود والتسامح والرحمة من عند الله.

إن الرجال الذين قتلنا آباءهم وأبناءهم وبناتهم وإخوانهم وأخواتهم، وأذقناهم مر العذاب، لما غدونا أسراهم، وكدنا نموت جوعا، راحوا يؤثروننا على أنفسهم على ما بها من خصاصة، وأسدوا إلينا كل ما استطاعوا من إحسان، بينما كنا تحت رحمتهم لا حول لنا ولا سلطان.

وحين تمكن صلاح الدين الأيوبي من استرداد بيت المقدس، التي كان الصليبيون قد انتزعوها من قبل، بعد أن سفكوا دماء أهلها في مذبحة لا تدانيها مذبحة وحشية وقسوة، فإنه لم يسفك دم سكانها من النصارى انتقاما لسفك دماء المسلمين، بل إنه شملهم بعفوه وأسبغ عليهم من جوده ورحمته، ضاربا المثل في التخلق بروح الإسلام.

وعلى العكس من المسلمين، لم تعرف الفروسية النصرانية أي التزام خلقي تجاه كلمة الشرف أو الأسرى، فالملك ريتشارد قلب الأسد، الذي أقسم بشرفه لثلاثة آلاف أسير عربي أن حياتهم آمنة، إذا هو فجأة يأمر بذبحهم جميعا[20].

ولم تسلم الحضارة - المدنية بالأحرى - الحديثة من داء العنصرية، وقد لاحظ هذا أحد أعلام علم الإنسان المعاصرين في تعليقه على وصف بعض المستشرقين العهد النبوي بالعنف والوحشية، مقارنة بعصرهم الحاضر الذي يصفونه بالوداعة والأمن، يقول متهكما: "وهذه المقارنة بين الجانبين لا تفتأ تسليني، فالذين يعقدونها أفراد ينتمون إلى الشعوب المتمدنة التي هوت بالعالم كله، في بحر هذا القرن وحده، في أتون حروب دامت سنين عددا وحصدت الملايين من الأنفس.

وما زلنا جميعا ندفع ثمن سنوات الجنون العالمي هذه، فإن نطاق كل من الحربين العالميتين، وتخطيط كل منهما ووحشيتهما - شيء لم يسبق له مثيل في تاريخ البشرية، وقد نكون اليوم نجنح إلى حرب ثالثة - نووية هذه المرة - تخوضها شعوب العالم المتقدمة المتحضرة مرة أخرى!. فهل المستشرقون جادون في حديثهم عن وداعة عصرنا؟ وإذا كانوا كذلك فكيف نسوغ قتل الملايين بوداعة على يد ستالين وهتلر، وماو وبول يوت.

إن هتلر متهم بإبادة ما بين خمسة إلى ستة ملايين من البشر، بدرجة من الوحشية لم يسبق لها مثيل، وهي واقعة خلفت ندبة دائمة في ضمير الإنسان المعاصر، هذا كله حدث في عصر وادع تميز بالالتزام الخلقي العام، وبالمقارنة دعونا نضرب مثلا لشعب بدائي في حالة حرب. إن النبي - صلى الله عليه وسلم - بعد أن فتح مكة وبعد أن ذاق الأمرين من الإهانة على يد المكيين، عفا عن كل من رغب منهم في العيش بسلام، فلم يقتل أحدا. حتى إن فتح مكة - وهو نقطة تحول في تاريخ الإسلام - نتج عنه أقل من ثلاثين قتيلا، وحتى أثناء دخول مكة لم تكن إنسانية الرسول - صلى الله عليه وسلم - لتضعف، بل ظهرت جلية حين أمر بحماية كلبة، ولدت جراءها لتوها. وعلى مدى عصر الرسالة كله لم يقتل سوى نحو من ألف رجل. فيا له من ثمن رخيص، مقابل أعظم الثورات في تاريخ العالم كله"[21].

ولعل هذا ما يصدق عليه وصف شوقي لمعالم هذه الحضارة الحديثة وآثارها في قصيدته "عمر المختار" في قوله:

إني رأيت يد الحضــــارة أولــعت

بالحق هدمـــا تـــارة وبنـــاء

شرعت حقوق الناس في أوطانهم

إلا أبــاة الضيـم والضعفــاء

وقول أحمد سالم باعطب من قصيدته: "صوت من الزنزانة":

عصر الحضــــارة والتحرر والرخا

عصر به يستعبد الإنـســـــان

والسلم ذل للشـعــــــوب ونقمة

تبلـــــى بها وتمزق الأوطــــان

هذي فلسطيــــن الجريحة لم تــزل

نهب الغــــزاة وتلك باكسـتـان

أين الضمـــير العالمي؟ ألم يفق؟!

ومتى متــى يتحرك الوجــدان؟

أين العدالـــة والحيــاد، فلم يعد

في الأرض لا عدل ولا اطمئنـان

السلم في نظري حديــــث خرافة

ترويــه سخريــــة لنا الأزمــان

وختاما لهذه القضية، فقد أعد أحد الباحثين دراسة عن الإسلام والعنصرية خلص فيها إلى القول بأن: "الواقع أن موقف الإسلام من العنصرية موقف ربط عرى الإنسانية بعضها ببعض، وذلك أن البشرية منذ أن ظهرت على كوكب الوجود وهي تعاني العنصرية، تعاني من إنكار حقوق الكرامة والاحترام، تعاني من تيارات الفصل بين أبناء الإنسانية الواحدة، تعاني من سلب الحريات، وسياسات العزل بين الإنسان وأخيه الإنسان وجميع الرسالات السماوية كانت تهدف بصورة أساسية إلى انتزاع هذا الحقد الدفين، وطبيعي ألا يسمع زعماء العنصرية قديما وحديثا بنداء السماء، منذ أول رسالة سماوية، وهو يدعو إلى المساواة الكاملة في الإنسانية بين الأبيض والأسود وجميع الأجناس، لولا أن مست الرسالات السابقة لرسالة محمد - صلى الله عليه وسلم - يد السوء بالتحريف والتغيير والتبديل.

ويمكن لأي إنسان مؤمن على هذه الأرض أن يدرك أن الرسالات السماوية، قد دعت إلى المساواة ونبذ الطبقية بدراسة موقف الإسلام، ذلك الموقف الذي شجب جميع أنواع الفوارق بين الأجناس المخلة بالإنسانية، ودعاوى التشكيك بالإنسان وحريته وإنسانيته.

وإن كانت الرسالة المحمدية للناس كافة، الشرق والغرب سواء، الأسود والأبيض لا فرق بينهما، فهذا أكبر دليل ندلل به على أن الإسلام لا يعرف وثنية العصر، بل لا يعرف طبقية الهند واليونان والرومان، ولا يعرف عنصرية الولايات المتحدة الأمريكية، وعنصرية جنوب أفريقيا وامتياز الجنس الآري، ودعوى شعب الله المختار"[22].

الخلاصة:

  • من أعظم ميزات الشريعة الإسلامية تكريمها للإنسان، وهذا التكريم لم يسم إليه دين سماوي، أو قانون وضعي، بل ارتقت به إلى الحد الذي أسجد الله له الملائكة، وسخر الكون لخدمته، بغض النظر عن عقيدته، وجعل كرامته وإنسانيته صنوين مقترنين في شريعة الإسلام، ورفع مرتبته فوق كل المخلوقات.
  • الإسلام قائم على المساواة؛ لأنه دعوة عالمية ورسالة خاتمة لا يخص قوما دون قوم ولا حيلا دون جيل، بخلاف غيره من الأديان التي تخص أقواما بعينهم.
  • غير المسلمين تمتعوا بالحماية والحرية والمساواة التامة في ظل الدولة الإسلامية، واعتلوا المناصب العليا حتى قال المنصفون: "كأنهم يحكمون المسلمين في بلادهم".
  • تسامح المسلمين وعنصرية غيرهم يترجم معتقدات كل فريق، وكل إناء بما فيه ينضح، والحروب الصليبية تشهد بوحشية الصليبيين عندما تمكنوا من المسلمين في بيت المقدس فعاملوهم بكل عنف ووحشية، مقابل سماحة وعدل الناصر صلاح الدين الأيوبي عندما أظهره الله - عز وجل - عليهم، فشملهم بعفوه، وضرب المثل للتخلق بروح الإسلام.
  • الأقليات في المجتمعات الإسلامية مصونة الحقوق، من الأمن والحماية وغيرهما من الحقوق، لكن يجب أن يكون في ظل احترام قيم ومشاعر الأغلبية المسلمة وعدم تجاوز الحدود.

 

 

 

(*) مواطنون لا ذميون، د. فهمي هويدي، دار الشروق، القاهرة، ط4، 1426هـ/ 2005م. موقع مفكرة الإسلام.

[1]. رسائل إلى عقل الغرب وضميره، د. عبد الصبور مرزوق، الدار المصرية اللبنانية، القاهرة، ط1، 2006م، ص11.

[2]. أخرجه مسلم في صحيحه، كتاب البر والصلة والأدب، باب الوعيد الشديد عن عذاب الناس بغير حق (6824)، وفي مواضع أخرى.

[3]. أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب الجنائز، باب من قام لجنازة يهودي (1250)، ومسلم في صحيحه، كتاب الجنائز، باب القيام للجنازة (2269).

[4]. أخرجه علاء الدين البرهان فوري في كنز العمال، كتاب فضائل الفاروق رضي الله عنه، باب عدله رضي الله عنه (36010).

[5]. صحيح: أخرجه أحمد في مسنده، باقي مسند الأنصار، حديث رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم (23536)، والبيهقي في شعب الإيمان، باب في حفظ اللسان، فصل ومما يجب حفظ اللسان منه الفخر بالآباء وخصوصا بالجاهلية والتعظيم (5137)، وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة (2700).

[6]. وهذا الخطاب لأصحاب الأديان قبل تحريفها، وإثبات الإيمان لهم لا يكون إلا بعد إيمانهم بمحمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ إذ هو من أساسيات عقائدهم كما في كتبهم قبل تحريفها، أما بعد تحريف كتبهم وعدم إيمانهم بمحمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ فلا تنطبق عليهم الآيات.

[7]. مواطنون لا ذميون، د. فهمي هويدي، دار الشروق، القاهرة، ط4، 1426هـ/ 2005م، ص80: 85.

[8]. الأرستقراطية: هي طبقة الأشراف أو النبلاء ذوي الامتيازات. أرستقراطية العلم: قصره على الطبقة العليا في المجتمع. أرستقراطية المال: توظيفه في خدمة الطبقة العليا.

[9]. عالمية الإسلام، رجائي عطية، مركز الأهرام للترجمة والنشر، القاهرة، ط2، 1424هـ/ 2003م، ص231: 259 بتصرف.

[10]. اليهود في ظل الحضارة الإسلامية، د. عطية القوصي ، ضمن سلسلة: فضل الإسلام على اليهود واليهودية، طبع مركز الدراسات الشرقية، العدد 2، 2001م، ص5.

[11]. مواطنون لا ذميون، د. فهمي هويدي، دار الشروق، القاهرة، ط4، 1426هـ/ 2005م، ص69، 70 بتصرف.

[12]. مواطنون لا ذميون، د. فهمي هويدي، دار الشروق، القاهرة، ط4، 1426هـ/ 2005م، ص65.

[13]. الزرادشتية: ديانة فارسية قديمة أوجدها زاردشت، تقوم على عبادة وثنية في إطار من الصراع بين قوى النور وقوى الظلام.

[14]. تاريخ الطبري ، محمد بن جرير الطبري ، دار الكتب العلمية، بيروت، ط1، 1407هـ، ج2، ص499.

[15]. صحيح: أخرجه أبو داود في سننه، كتاب الخراج، باب في تعشير أهل الذمة إذا اختلفوا بالتجارات (3054)، والبيهقي في سننه، كتاب الجزية، باب لا يأخذ المسلمون من ثمار أهل الذمة ولا أموالهم شيئا بغير أمرهم (8511)، وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة (445).

[16]. الماركسية: مذهب قائم على المبادئ التي وضعها ماركس، وتقوم نظريته في الفلسفة والاجتماع على الجدل المادي ، وتقول بوجود مادة سابقة للفكر ومستقلة عنه، كما أن الفكر مادة واعية لذاتها.

[17]. مواطنون لا ذميون، د. فهمي هويدي، دار الشروق، القاهرة، ط4، 1426هـ/ 2005م، ص147: 156.

[18]. بروتوكولات حكماء صهيون، مجموعة وثائق، ترجمة: محمد خليفة التونسي ، دار التراث، ص7 وما بعدها.

[19]. المضامين العنصرية في كتب اليهود الدراسية، مقال ابراهيم نافع، جريدة الأهرام، الثلاثاء 31 أكتوبر 2006م.

[20]. الإسلام في عيون غربية: بين افتراء الجهلاء وإنصاف العلماء، د. محمد عمارة، دار الشروق، القاهرة، ط1، 2005م، ص323: 325.

[21]. نحو علم الإنسان الإسلامي، د. أكبر. س. أحمد، ترجمة: د. عبد الغني خلف الله، المعهد العالمي للفكر الإسلامي، ص101، 102.

[22]. الإسلام والتفرقة العنصرية، د. علي عبد العزيز العميريني ، مكتبة التوبة، الرياض، ط1، 1990م، ص244.

  • الاحد AM 03:27
    2020-11-22
  • 975
Powered by: GateGold