المتواجدون الآن

انت الزائر رقم : 412643
يتصفح الموقع حاليا : 322

البحث

البحث

عرض المادة

الزعم أن الجزية حيف في حق أهل الذمة

                                   الزعم أن الجزية حيف في حق أهل الذمة (*)

مضمون الشبهة:

 يزعم بعض المغرضين أن تشريع الجزية في الإسلام حيف يقع على أهل الذمة، ويتساءلون: ألا يعد هذا مخالفة لدعوة الإسلام إلى السماحة وإقامة العدل بين الناس جميعا؟! ويرمون من وراء ذلك إلى وصم الإسلام بالجور والظلم وحيفه على مخالفيه، وتشكيك الناس فيما عرف عن الإسلام من الرحمة والسماحة.

وجوه إبطال الشبهة:

1) أكدت نصوص القرآن والسنة حسن معاملة غير المسلمين، وسيرة النبي - صلى الله عليه وسلم - وصحابته والمسلمين من بعدهم تشهد بذلك.

2) تفرض الجزية على القادرين من غير المسلمين نظير إعفائهم من واجب الدفاع عن البلاد، أما الفقراء والمحتاجون منهم فيعفون من الجزية ويفرض لهم عطاء من بيت المال.

3)  شهد أهل الكتاب بحسن معاملة الفاتحين لهم وعدالتهم في حقهم.

التفصيل:

أولا. واقع غير المسلمين في المجتمع الإسلامي تنظيرا وتطبيقا يشهد بحسن معاملتهم:

حول الموقف من غير المسلمين في المرجعية الإسلاميةـ القرآن والسنة - وفي واقع التطبيق التاريخي، يقول د. شوقي أبو خليل: "رسم القرآن مع أحاديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأعمال الخلفاء الراشدين.. الطريق القويم للمسلمين في معاملة غير المسلمين، وسار المجتمع المسلم على هدي هذا الطريق.

  1. القرآن الكريم:

يقول عز وجل: )لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين (8)( (الممتحنة)، )وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم وطعامكم حل لهم( (المائدة:5). وقد يدخل الابن الإسلام ويظل الأب على غير الإسلام؛ فيدعو الإسلام الابن أن يظل طيب الصحبة مع أبيه مع اختلاف الدين: )وإن جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما وصاحبهما في الدنيا معروفا( (لقمان:15). ويوضح القرآن الكريم للمسلمين آداب الجدال بينهم وبين أهل الكتاب: )ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن إلا الذين ظلموا منهم وقولوا آمنا بالذي أنزل إلينا وأنزل إليكم وإلهنا وإلهكم واحد ونحن له مسلمون (46)( (العنكبوت).

  1. أحاديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأعماله:

كان - صلى الله عليه وسلم - يحضر ولائم غير المسلمين، ويشيع جنائزهم، ويعود مرضاهم، ولما جاء وفد نجران المسيحي فرش لهم عباءته وأجلسهم عليها، وكان يقترض من أهل الكتاب، ويرهن عندهم أمتعته، حتى توفي - صلى الله عليه وسلم - ودرعه مرهون عند بعض اليهود في المدينة، وكان يفعل ذلك إرشادا وتعليما للمسلمين؛ إذ كان في الصحابة من يقرض رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بل يؤثره على نفسه.

ويقول: «من قتل معاهدا لم يرح رائحة الجنة».([1]) ويقول: «ألا من ظلم معاهدا، أو انتقصه، أو كلفه فوق طاقته، أو أخذ منه شيئا بغير طيب نفس، فأنا حجيجه يوم القيامة». ([2]) ويقول: «إن الله يعذب الذين يعذبون الناس في الدنيا».([3]) لم يقل الرسول صلى الله عليه وسلم: يعذب المسلمين، بل يعذب الناس عامة!! ويدخل فيهم المسلمون وغيرهم.

حدث زيد بن سعنة - وهو من أحبار اليهود - أنه أقرض النبي - صلى الله عليه وسلم - قرضا كان قد احتاج إليه ليسد به خللا من شئون نفر من المؤلفة قلوبهم، ثم رأى أن يذهب قبل ميعاد الوفاء المحدد ليطالب بدينه، قال: أتيته - يعني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأخذت بمجامع قميصه

وردائه ونظرت إليه بوجه غليظ، ثم قلت: ألا تقضي يا محمد حقي؟ فوالله ما علمتكم يا بني عبد المطلب لسيئ القضاء مطل. قال: فنظرت إلى عمر وعيناه تدوران في وجهه، ثم قال: أي عدو الله، أتقول لرسول الله ما أسمع! فوالذي بعثه بالحق، لولا ما أحاذر فوته لضربت بسيفي رأسك. ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - ينظر إلى عمر في سكون وتبسم، ثم قال: " يا عمر، أنا وهو إلى هذا منك أحوج، أن تأمره بحسن الاقتضاء، وتأمرني بحسن القضاء، اذهب به يا عمر فاقضه حقه، وزده عشرين صاعا مكان ما روعته "([4]).

  1. وسار المسلمون على هذا النهج في المعاملة، وهذه نماذج من سيرتهم:

لقد وردت آثار نبوية أن المسلم الذي يمتنع عن ضيافة إخوانه - وذلك في حدود المدة المقررة - يكره عليها قانونا ما دام قادرا مستطيعا على هذه الاستضافة، إلا أن عمر - رضي الله عنه - خشي أن يشعر أهل الذمة بأن ذلك استضعاف لهم، فأمر ألا يحرجوا بتقاليد الكرم الإسلامي، وأوعز إلى الجيش أن يدعهم وشأنهم، على أن ما يقع إبان المعارك وفي حومة الميدان شيء غير ما يشرع من قوانين وتعاليم تفسر العلائق بين المسلمين وغيرهم على وجه الدوام.

وسنعرض من نماذج العهود التي سجلها الفاتحون مع أهل الذمة في البلاد التي فتحت في عهودهم مع سكان بلاد الشام، حيث كان عمر - رضي الله عنه - لا يكتفي بعهد يقطعه على نفسه وقومه، بل كان يشفع عهوده بوصاياه المتكررة إلى ولاته أن يمنعوا المسلمين ظلم أهل الذمة، وأن يوفوا لهم بعهدهم، ويخففوا عنهم، وألا يكلفوهم فوق طاقتهم، وقد سجل ذلك في وصيته قبل موته.

قال جويرية بن قدامة التميمي: سمعت عمر بن الخطاب رضي الله عنه، قلنا: «أوصنا يا أمير المؤمنين، قال: أوصيكم بذمة الله؛ فإنه ذمة نبيكم ورزق عيالكم»([5]).

ومن عهوده رضي الله عنه: "... هذا ما أعطى عبد الله عمر أمير المؤمنين أهل إيلياء من الأمان، أعطاهم أمانا لأنفسهم وأموالهم وكنائسهم وصلبانهم، سقيمها وبريئها وسائر ملتها: إنه لاتسكن كنائسهم،ولا تهدم، ولا ينتقص منها ولا من خيرها، ولا من صليبهم ولا من شيء من أموالهم ولا يكرهون على دينهم، ولا يضار أحد منهم، ولا يسكن بإيلياء معهم أحد من اليهود.."([6]).

أما من الناحية العملية: فنجد أن عمر - رضي الله عنه - الذي تمت في عهده أكبر الفتوحات مع عهوده، زاد عطفا وتسامحا وحسن معاملة، فبينما هو في كنيسة القيامة بالقدس إذ دخل وقت الصلاة، فخرج وصلى خارجها، وقال للبطريرك: لو صليت داخل الكنيسة خفت أن يقول المسلمون من بعدي: هذا مصلى عمر، وأن يحاولوا أن يقيموا في هذا المكان مسجدا.

وحينما رأى - عمر رضي الله - عنه مسنا يهوديا يسأل الناس، سأله عمر رضي الله عنه: ما الذي حملك على السؤال؟ فأجاب الرجل: الحاجة والسن؛ فأخذ عمر - رضي الله عنه - بيده وذهب إلى منزله فأعطاه عطاء سخيا، ثم أرسله إلى خازن بيت المال مع رسالة قال فيها: انظر هذا وضرباءه، فوالله ما أنصفناه إن أكلنا شبيبته، ثم خذلناه عند الهرم، إنما الصدقات للفقراء والمساكين، وهذا من مساكين أهل الكتاب.

ومر عمر - رضي الله عنه - في أرض الشام بقوم مجذومين من النصارى، فأمر أن يعطوا من الصدقات، وأن يجري عليهم القوت بانتظام.

 وناوأ نصارى تغلب واليهم من قبل عمر - رضي الله عنه - وهو " الوليد بن عقبة "، فنفد صبر الوليد مما كانوا يعملون فتوعدهم، فسمع عمر - رضي الله عنه - بذلك، فخشي أن يبطش الوليد بهم، فعزله عن ولايته، وعين أميرا غيره، عطفا على نصارى تغلب([7]).

ثانيا. حفظ حقوق أهل الذمة و التسامح في أخذ الجزية أمر معلوم في تاريخ المسلمين:

لماذا الجزية؟ مامقدارها؟ وما يقابلها عند المسلمين؟

ينتفع أهل الكتاب " أهل الذمة " الذين يعيشون بين المسلمين بالخدمات التي تقدمها الدولة الإسلامية؛ كالقضاء والشرطة والجيش، وكذلك بالمرافق العامة؛ كالطرق والجسور ونحوها. ولا شك أن هذه الخدمات والمرافق تحتاج إلى نفقات يدفع المسلمون القسط الأكبر منها، ويسهم أهل الكتاب في جزء من هذه النفقات عن طريق ما يفرض عليهم من الجزية.

وفي مقابل الجزية التي يدفعها أهل الذمة تتحمل الدولة الإسلامية الدفاع عنهم وحمايتهم، وتوفير الأمن لهم والعيش بسلام على ديار الإسلام، كما أنهم لا يكلفون بالدفاع عن أنفسهم أو أموالهم أوأعراضهم، أو الدفاع عن الدولة الإسلامية، بل يعفون من الخدمة العسكرية.

وفي بعض الأحوال التي يقوم بها الذميون بالدفاع عن النفس تسقط عنهم الجزية؛ بدليل أن المسلمين عندما دخلوا حمص أخذوا الجزية من أهل الكتاب الذين لم يدخلوا الإسلام، ثم عرف المسلمون أن الروم أعدوا جيشا كبيرا لمهاجمة المسلمين، فأدرك المسلمون أنهم قد لا يقوون على الدفاع عن أهل حمص، وقد يضطرون للانسحاب، فأعادوا إلى أهل حمص ما أخذوه منهم، وقالوا لهم: شغلنا عن نصرتكم والدفع عنكم، فأنتم على أمركم، فقال أهل حمص: إن ولايتكم وعدلكم أحب إلينا مما كنا فيه من الظلم والغشم، ولندفعن جند هرقل عن المدينة مع عاملكم، ونهضوا بذلك الأمر؛ فأسقط المسلمون الجزية عنهم([8]).

ومما قالوه: والتوراة لن يدخل عامل هرقل مدينة حمص إلا أن نغلب. ردكم الله علينا ونصركم عليهم - أي على الروم - فلو كانوا هم، لم يردوا علينا شيئا، وأخذوا كل شيء بقي لنا.

وأما عن مقدار الجزية فيقول د. شوقي أبو خليل:

مقدارها: هي على الأغنياء "48 درهما في العام" - حوالي جنيهين - وعلى المتوسطين "24 درهما "، وعلى العمال والصناع "12 درهما "، فهي إذن: مقدار ضئيل يسير من المال يدفع في كل عام مرة واحدة، تتفاوت قيمته حسب حالة الذمي المالية.

ويعين مقدار الجزية اعتبارا لحالتهم الاقتصادية، فيؤخذ من الموسرين أكثر، ومن الوسط أقل منه، ومن الفقراء شيء قليل جدا، والذين لا معاش لهم أو هم عائلون على غيرهم يعفون من أداء الجزية.

هذا وإن كانت الجزية لم يعين لها مقدار بعينه، إلا أنه من اللازم عند تعيين المقدار - أن تراعى فيه السهولة، فيقرر منه ما يتيسر أداؤه لأهل الذمة، وكان عمر - رضي الله عنه - قد جعل لكل رأس موسر ثمانية وأربعين درهما، وللوسط أربعة وعشرين درهما وللفقير اثني عشر درهما.

وليست الجزية لونا من ألوان العقاب لامتناعهم عن قبول الإسلام؛ وإنما هي مقابل الحماية التي كفلها لهم المسلمون؛ لأن قبول الجزية تثبت معه عصمة الأنفس والأموال، وقال عمر لأبي عبيدة - رضي الله عنهما - بكل صراحة ووضوح: فإذا أخذت منهم الجزية فلا شيء لك عليهم ولا سبيل.

وإن أهل الحيرة لما دفعوا المال ذكروا أن الدفع بشرطين: أن يمنعونا وأميرهم البغي من المسلمين وغيرهم. وبالفعل فقد جاء في المعاهدة: فإن منعناكم فلنا الجزية وإلا فلا.

الحقوق العامة لأهل الذمة:

يتحدث د. شوقي أبو خليل عن حقوق أهل الذمة في الإسلام ويعددها فيقول:

القانون الجنائي الإسلامي: "سواء للمسلم والذمي، يتساوى فيه الاثنان درجة؛ فالذي يعاقب به المسلم على ما يأتي من الجرائم، يعاقب به الذمي أيضا، وإن سرق مسلم مال الذمي أو سرق ذمي مال المسلم قطعت يد السارق في كلتا الحالتين، كذلك إن قذف ذمي رجلا أو امرأة بالزنا،أو فعل ذلك أحد المسلمين، أقيم حد القذف على كل منهما على السواء. وقل مثل ذلك في الزنا([9])، فهما سواء في حده أيضا إلا الخمر،فلا شك أن أهل الذمة قد استثنوا من حدها في الإسلام".

في القانون المدني الإسلامي: سواء للذمي والمسلم" وأموالهم كأموالنا " ويختص أهل الذمة أنه يجوز لهم أن يصنعوا الخمر ويشربوها ويبيعوها، ولهم أيضا أن يربوا الخنازير ويأكلوها ويبيعوها، وإن أتلف أحد من المسلمين خمر الذمي أو خنزيره، كان عليه غرمه، جاء في الدر المختار:"ويضمن المسلم قيمة خمره وخنزيره إذا أتلفه".

حفظ الأعراض: لا يجوز إيذاء الذمي لا باليد ولا باللسان، ولا شتمه ولا ضربه، ولا غيبته، وقد ورد في الدر المختار:"ويجب كف الأذى عنه وتحريم غيبته كالمسلم".

ثبوت الذمة: إن عقد الذمة يلزم المسلمين لزوما أبديا، أي أنه ليس لهم أن ينقضوه بعد عقده، لكن أهل الذمة لهم الخيار أن يلتزموه ما شاءوا، وينقضوه متى شاءوا، والذمي مهما ارتكب من كبيرة لا ينقض بذلك عقده، وكذلك لا ينقض عقده كبائر الأفعال، كالامتناع عن الجزية وقتل المسلم... كل هذه الأفعال يعاقب عليها الذمي في القانون كأحد الجناة، ولا يعد بذلك خارجا على الدولة، ولا يخرج من عقد الذمة، على أن هناك أمرين يخرجانه ولا شك من هذا العقد: أولهما: أن يغادر دار الإسلام إلى دار الحرب، والآخر: أن يخرج على الدولة الإسلامية علنا، ويبعث الفتنة في البلاد.

الأمور الشخصية: يقضي بها الذميون بحسب قانونهم الشخصي، كتب عمر بن عبد العزيز إلى الإمام الحسن البصري مستفتيا: ما بال الخلفاء الراشدين تركوا أهل الذمة وما هم عليه من نكاح المحارم واقتناء الخمور والخنازير؟فأجاب الحسن البصري:"إنما بذلوا الجزية ليتركوا وما يعتقدون، وإنما أنت متبع لا مبتدع، والسلام".أما إذا طلب الفريقان بأنفسهما أن تقضي المحكمة بينهما بشريعة الإسلام، فتفعل المحكمة، وتنفذ عليهما حكم الشرع، أما إن كان أحد الفريقين - في قضية تتعلق بقانون الأحوال الشخصية - مسلما، قضى بينهما بالشرع الإسلامي.

الشعائر الدينية: لأهل الذمة الحرية في إظهار شعائرهم في جوف معابدهم القديمة، فلا جناح عليهم، وليس للدولة الإسلامية أن تتدخل في ذلك، ولهم أن يرمموا هذه المعابد في مواضعها.

السماحة في أخذ الجزية والخراج: ([10]) ورد النهي عن التشديد على أهل الذمة في الجزية والخراج، والحث على الرفق واللطف معهم في كل حال، وألا يكلفوا ما لا يطيقون، ولا يجوز أن ينادي على أملاكهم للبيع عوضا عن الجزية، كتب علي - رضي الله عنه - إلى بعض عماله: "لا تبيعن لهم في خراجهم حمارا ولا بقرة ولا كسوة، شتاء ولا صيفا".

وأجاز الفقهاء في أمر المانعين للجزية أو الخراج - أن يحبسوا تأديبا دون أشغال، وقال الإمام أبو يوسف: " ولكن يرفق بهم ويحبسون حتى يؤدوا ما عليهم".

هذا... ومن يصبح فقيرا أو محتاجا من أهل الذمة، فلا يعفى من الجزية فحسب، بل يجرى له عطاء من بيت المال، وإن مات أحد الذميين وعليه شيء من الجزية، فلا يؤخذ من تركته، ولا يكلف ورثته أداؤه، وفي ذلك يقول أبو يوسف:"إن وجبت عليه الجزية فمات قبل أن تؤخذ منه أو أخذ بعضها وبقي البعض، لم يؤاخذ بذلك ورثته، ولم تؤخذ من تركته".

ويحق للذميين حرية الخطابة والكتابة والتعليم والوظائف باستثناء المناصب الرئيسة المعدودة، ويكون للأهلية والكفاءة مقياس واحد للمسلم وغير المسلم، وحرية الكسب مصونة لهم عن طريق أي مهنة شريفة؛ كالصناعة أو الحرف أو التجارة أو الزراعة...إلخ.

وهكذا نجد أنه عاش غير المسلمين في كنف الإسلام بحرية وعدل وإنصاف ومراعاة للعبادات، وذلك بسبب النظام الإسلامي الذي جعل أساسه خشية الله في المعاملات، مع اتباع المبادئ الثابتة الدائمة.

ثالثا. شهد أهل الكتاب بحسن معاملة الفاتحين لهم وعدالتهم في حقهم:

ماذا قال الذميون عن معاملة الفاتحين لهم؟

  • يقول عيشو بابه أحد البطاركة المسيحيين: إن العرب الذين مكنهم الرب من السيطرة على العالم يعاملوننا كما تعرفون، إنهم ليسوا أعداء للنصرانية، بل يمتدحون ملتنا، ويوقرون قسيسينا ويمدون يد المعونة إلى كنائسنا وأديرتنا.
  • يقول دريبر: إن المسلمين ما كانوا يتقاضون من مقهوريهم إلا شيئا ضئيلا من المال، لا يقارن بما كانت تتقاضاه منهم حكوماتهم الوطنية.
  • يقول مونتسيكو: إن هذه الإتاوات المفروضة كانت سببا لهذه السهولة الغريبة التي صادفها المسلمون في فتوحاتهم؛ فالشعوب رأت - بدلا من أن تخضع لسلسلة لا تنتهي من المغارم التي تخيلها حرص الأباطرة - أن تخضع لأداء جزية خفيفة، يمكن توفيتها بسهولة، وتسلمها بسهولة كذلك.
  • تكلمت لورافيشيا فاغليري عن المعاهدات التي وقعها المسلمون مع الذميين، وقالت عن هذه الاتفاقيات:منحت تلك الشعوب حرية الاحتفاظ بأديانها القديمة وتقاليدها القديمة، شرط أن يدفع الذين لا يرضون الإسلام دينا ضريبة عادلة إلى الحكومة تعرف بالجزية، لقد كانت هذه الضريبة أخف من الضرائب التي كان المسلمون ملزمين بدفعها إلى حكوماتهم نفسها، ومقابل ذلك، منح أولئك الرعايا "المعرفون بأهل الذمة " حماية لا تختلف في شيء عن تلك التي تمتعت بها الجماعة الإسلامية نفسها، ولما كانت أعمال الرسول والخلفاء الراشدين قد أصبحت فيما بعد قانونا يتبعه المسلمون، فليس من الغلو أن تصر على أن الإسلام لم يكتف بالدعوة إلى التسامح الديني، بل تجاوز ذلك ليجعل التسامح جزءا من شريعته الدينية.

وقالت فاغليري أيضا: ادفعوا جزية يسيرة تسبغ عليكم حماية كاملة، أو اتخذوا الإسلام دينا وادخلوا في ملتنا، فتمتعوا بالحقوق نفسها التي نتمتع بها نحن.

  • ويقول لوبون: جزية زهيدة تقل عما كانت تدفعه إلى سادتها السابقين من ضرائب([11]).

ولعله من الأوفق هنا أن نختم الحديث في هذا الموضوع - إجمالا - برسالتين من الرسائل التي وجهها د. عبد الصبور مرزوق إلى عقل الغرب وضميره.

الرسالة الأولى تحت عنوان "عن موقف الإسلام من غير المسلمين"، قال فيها: "أخي في الإنسانية مواطن أمريكا وأوربا: كثير من الظالمين للإسلام يزعمون أنه دين لا يعطي لغير المسلمين حقوقهم، ويصبون على الإسلام في هذا الأمر اتهامات لا تستند إلى أي دليل، بل تؤكد جهلهم بالإسلام وظلمهم له".

وبداية، وفي بياننا لموقف الإسلام من غير المسلمين، نذكر بحقيقة بالغة الأهمية في هذا الأمر، وهي أن الإسلام - في تعامله مع غير المسلمين - فرق بين أصحاب الديانات الوضعية كالبوذية والهندوسية وغيرهما وبين أصحاب الديانات والكتب السماوية.

ولم يعترف الإسلام بأصحاب الديانات الوضعية واعتبرها مجرد أفكار وآراء عن اجتهادات أصحابها، لكنها لا ترقى أبدا إلى مستوى الديانات السماوية.

أما الديانات السماوية - التي يبقى منها الآن: اليهودية والمسيحية - فقد تعامل الإسلام معها تعاملا خاصا يقوم على المبادئ الآتي ذكرها:

  • الاعتراف التام القائم على الاحترام والإيمان برسلها ورسالاتها، واعتبر هذا الإيمان شرطا أساسيا في صحة إيمان المسلم، وذلك في قوله عز وجل: )آمن الرسول بما أنزل إليه من ربه والمؤمنون كل آمن بالله وملائكته وكتبه ورسله لا نفرق بين أحد من رسله( (البقرة:285)، كما يقرر القرآن هذا ويؤكده في قوله - عز وجل - في سورة أخرى، فيقول: )قل آمنا بالله وما أنزل علينا وما أنزل على إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط وما أوتي موسى وعيسى والنبيون من ربهم لا نفرق بين أحد منهم ونحن له مسلمون (84)( (آل عمران).
  • تعامل القرآن مع رسولي اليهودية والمسيحية بكل الإجلال اللائق بهما بوصفهما رسولين من عند الله، لهما من العصمة والتوقير مثل ما لرسول الإسلام محمد ولجميع رسل الله صلى الله عليهم وسلم أجمعين.

ففي حديث القرآن عن موسى - عليه السلام - يحكي قصته بتفصيل موضوعي، يحدد فيه طبيعة رسالته إلى فرعون وقومه، وكيف نصره الله ومن معه، وأغرق فرعون وجنوده، وكيف رعاهم الله بعدما أنجاهم من الغرق؟

لكنهم بعد هذا عادوا بكفرهم إلى إرهاق موسى، وقالوا: )اجعل لنا إلها كما لهم آلهة( (الأعراف:138)، كما صح في القرآن - وهذا هو الأهم - ما أدخله اليهود على التوراة من تحريف لا يتسع المقام هنا لتفصيل القول فيه.

  • وصحح كذلك - وهو أمر جدير بالملاحظة والاهتمام - كل أقاويل السوء التي خاضوا بها في حق السيدة العذراء - مريم البتول أم السيد المسيح - عليهما السلام - ولا سيما زعمهم الردئ والبغيض عنها - عليها السلام - وعن " يوسف النجار"، مما يعف القلم عن ذكره.
  • وبالنسبة إلى السيد المسيح - عليه السلام - كان الاحترام نفسه والإجلال نفسه في القرآن الكريم له وللسيدة العذراء، وحسبنا هنا التذكير بالآية الكريمة: )إذ قالت الملائكة يا مريم إن الله يبشرك بكلمة منه اسمه المسيح عيسى ابن مريم وجيها في الدنيا والآخرة ومن المقربين (45)( (آل عمران)، وحسبنا كذلك في تكريم القرآن لمريم قوله عز وجل: )وإذ قالت الملائكة يا مريم إن الله اصطفاك وطهرك واصطفاك على نساء العالمين (42)( (آل عمران).
  • ثم حسبنا كذلك في إنصاف القرآن للصالحين من بعض أهل الكتاب من النصارى الذين كانوا يحسنون عبادتهم لله لما في قلوبهم من إيمان وخير، وأن أهل الكتاب ليسوا سواء فيما تحدثت به الآيات الكريمة. أخي في الإنسانية مواطن أمريكا وأوربا - أنت أو غيرك - هل تعامل الإسلام - عند التطبيق على أرض الواقع - كان منصفا لغير المسلمين كما نقول؟ أم أن الأمر كان شعارات ونظريات لم تأخذ حظها من التطبيق؟

وقائع التاريخ تشهد:

إن وقائع التاريخ وتطبيق ما جاء به الإسلام على أرض الواقع - خير شاهد منذ بداية الدعوة في عصر الرسول - صلى الله عليه وسلم - والراشدين، وحتى التاريخ القريب في تعامل صلاح الدين مع الأسرى الصليبيين، تشهد الحرب المعروفة باسمهم على ما نعرفه الآن من هذه الوقائع، التي تؤكد حسن معاملة الإسلام لغير المسلمين منذ نشأة الدولة الإسلامية في عصر النبوة وفقا لما يأتي:

الصحيفة دستور الدولة المسلمة:

بعد الهجرة من مكة، ومع بدء تأسيس الدولة (أول دولة للإسلام في المدينة)، كتب الرسول - صلى الله عليه وسلم - دستورا كان يعرف باسم "الصحيفة"، حدد فيه الحدود الجغرافية للدولة بين جبل كذا وجبل كذا حدودا لهذا الوطن الناشئ، ثم قام بعد ذلك بتحديد شعب المدينة "شعب الدولة الإسلامية الناشئة"، وأيامها كان المقيمون بالمدينة شرائح ثلاثة: الأنصار، وهم الشريحة التي كانت بالمدينة قبل الهجرة "أهل المدينة الأصليون"، ثم كانت الشريحة الثانية من "المهاجرين" (المسلمين القادمين مع الرسول - صلى الله عليه وسلم - من مكة)، والشريحة الثالثة كانت من (اليهود) على اختلاف قبائلهم.

وكان من أعظم ما سجله دستور هذه المدينة وسبقه الحضاري التاريخي لقبول التعددية والاعتراف بالآخر - أن ينص دستور المدينة على: " أن المهاجرين والأنصار واليهود هم شعب هذه الدولة"، وأنهم "أمة من دون الناس"، بما يعني الاعتراف الحضاري والتاريخي بإدخال الآخر "وهم اليهود" في نسيج وفي تكوين شعب الدول الإسلامية.

ليس هذا فحسب، بل تحرر هذا الدستور، وأعلن المساواة الكاملة بين جميع هذه الشرائح التي تكونت منها الدولة "الأنصار والمهاجرين واليهود"، أعلن المساواة الكاملة بينهم جميعا في الحقوق والواجبات إلا من خان وغدر.

وظل هذا قائما ومعمولا به حتى بدأ اليهود - كعادتهم دائما - بالخيانة والتآمر على الرسول - صلى الله عليه وسلم - بل على الدولة، مما استوجب أن يعاملوا بما يناسب خيانتهم للدولة، أو "للنظام القائم" حسب المصطلحات المعاصرة، والتي تجلت هذه الخيانة بتأليبهم الأحزاب على الرسول - صلى الله عليه وسلم - والمسلمين، في الغزوة التي عرفت بغزوة الأحزاب "الخندق".

نصارى الحبشة ونجران يصلون بالمسجد النبوي:

ولما جاء وفد من نصارى الحبشة، وكذلك من نصارى " نجران " أنزلهم - صلى الله عليه وسلم - في مسجده، وكان يقوم بنفسه على خدمتهم، ردا على ما فعله نصارى الحبشة من حسن الصنيع مع المهاجرين الأول من المسلمين إليها، وكان مما قاله: إنهم كانوا لإخواننا مكرمين. وأكبر من هذا وأبرز في الدلالة على سماحة الإسلام واعترافه بالآخر وقبوله "للتعددية"، أنه - صلى الله عليه وسلم - سمح لنصارى نجران أن يؤدوا صلاتهم في مسجده صلى الله عليه وسلم.

وكان نصارى نجران يصلون في جانب من المسجد، ويصلي المسلمون في الجانب الآخر، وتحدث الرسول والنصارى في الأمور الدينية، فلم يضق بهم - صلى الله عليه وسلم - وإنما ناقشهم بالحكمة وجادلهم بالتي هي أحسن بأدب ولطف ومودة.

واستمر الاتجاه نفسه في عصر الراشدين، ومنذ أن أعلن وأسس وطبق الرسول - صلى الله عليه وسلم - مبدأ التعددية وقبول الآخر - جرى خلفاؤه من بعده على سنته نفسها، وخاصة بعد اتساع الفتوحات الإسلامية ودخول "غير المسلمين" في دعوتها.

فهذا عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - الخليفة الثاني للرسول، عندما دعي لتسلم بيت المقدس بعد فتحها، وكان موعد صلاة الظهر - ولم تكن هناك مساجد - فدعاه رئيس كنيسة إيلياء ليدخل كي يصلي فيها، لكنه رفض؛ حفاظا على خصوصية معابد غير المسلمين؛ وحتى لا يأتي المسلمون فيما بعد فيستخدمونها للصلاة، وهذا عنده لا يحق لهم.

أخي في الإنسانية مواطن أمريكا وأوربا: أعتقد أنك بعد هذا الذي عرضته عن موقف الراشدين وعهد الخلافة، وما كان فيه من حسن التعامل الإسلامي مع أهل الكتاب، لن تصدق ما يزعمه الحاقدون على الإسلام، والظالمون له من أنه دين لا يقبل إلا نفسه، ولا يقبل التعددية، ولا يعترف بالآخر"([12]).

أما الرسالة الثانية فجاءت تحت عنوان" مقولات ظالمة عن الجهاد والجزية"، وجاء فيها: " أخي في الإنسانية مواطن أمريكا وأوربا: الظالمون للإسلام والحاقدون عليه انتهزوا الأحداث المشئومة التي وقعت بأمريكا في سبتمبر، وملئوا إعلامهم ضجيجا بأن الإسلام دين عنف وإرهاب؛ لأنه - حسب زعمهم - يبيح الجهاد أي قتال الآخرين.

وطرح الاتهامات على مثل هذا النحو - هو تزييف للحقائق، ومحاولة لخداع الرأي العام الغربي، وخاصة الرأي العام الأمريكي المجروح بأحداث سبتمبر.

وهذا اللون من تزييف الحقائق وخلط الأوراق لخداع القارئ والمستمع والمشاهد - هو صناعة صهيونية برع فيها وأجادها اليهود الذين لا يحتكمون إلى التوراة، وإنما يحتكمون إلى "التلمود" وإلى "بروتوكولات حكماء صهيون". وهما كتابان يطفحان بالشر والحقد على الإنسانية، والتحلل المطلق من أي قيد أخلاقي أو إنساني.

وقد سبقت الإشارة إلى أن القرآن لم يأذن بالدفاع عن النفس إلا بعد أن بلغت مظالم الكفار للمسلمين ذروتها في مكة قبل الهجرة، وكان محمد - صلى الله عليه وسلم - يمر على أتباعه، وكفار مكة ينزلون بهم أشد العذاب، فلا يملك إلا أن يقول لمن رآهم: "صبرا آل ياسر فإن موعدكم الجنة "، ولما نزل القرآن بالإذن بالجهاد (القتال) دفاعا عن النفس وعن حرية الاعتقاد، بدأ المسلمون يواجهون كفار مكة بكل ما يملكون، للخلاص مما أنزل بهم الكفار من أبشع صور العدوان والظلم، وهذا ما تقره وتعترف به كل القوانين والتشريعات المعاصرة في حق الدفاع عن النفس (القتال)، دفعا للمحتل الغاصب، ودفاعا عن حق تقرير المصير.

ونصوص الفقه الإسلامي في هذا الموضوع، تؤكد أن قتل الكفار ليس عقابا لهم على كفرهم، ولكن ردا لعدوانهم على المسلمين.

فالعدوان - وليس الكفر - هو السبب في إباحة الدفاع عن النفس (القتال)، وهو سبب مشروع لا ينكره أحد، ومن بديع ما جاء عن النبي محمد - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «اغزوا باسم الله في سبيل الله، قاتلوا من كفر بالله، اغزوا ولا تغلوا ولا تغدروا ولا تمثلوا ولا تقتلوا وليدا، وإذا لقيت عدوك من المشركين فادعهم إلى ثلاث خصال - أو خلال - فأيتهن ما أجابوك فاقبل منهم وكف عنهم، ثم ادعهم إلى الإسلام، فإن أجابوك فاقبل منهم وكف عنهم». ([13]) يعني أن الجهاد فرض لدعوة الناس إلى الإسلام، لا لقتلهم أو أسرهم وسبي نسائهم.

وشرح هذا المعنى ابن الصلاح في فتاويه فقال: "إن الأصل هو إبقاء الكفار - لا إبادتهم - لأن الله - عز وجل - ما أراد امتحان الخلق ولا خلقهم ليقتلوا، وإنما أبيح قتلهم لوقوع ضرر ما منهم، لا أن ذلك جزاء على كفرهم".

وبعيدا عن الخوض في التفصيلات الفقهية المتعلقة بالجزية وبأهل الذمة، وبإيجاز نقول: إن الجزية هي البدل النقدي الذي يدفعه أهل الذمة مقابل أن تقوم الدولة المسلمة التي يعيشون في ظلها بالدفاع عنهم وعن أرواحهم وأعراضهم وأموالهم، ودور عبادتهم وحرياتهم.

بمعنى أنه إذا أتيح لأهل الذمة المشاركة في دفع العدو، فهنا لا تؤخذ منهم جزية، بل أكثر من هذا - وهو ما تم العمل به على أرض الواقع كما سنرى - أنه إذا شغلت قوات وجيوش الدولة المسلمة التي يعيش أهل الذمة تحت رعايتها وعجزت عن حمايتهم، ترد إليهم ما سبق أخذه منهم من الجزية.

الخلاصة:

  • إن الحقيقة التي لا ينبغي أن تغيب عن بال الباحث المتأمل المتحرر عن الأسبقيات الفكرية العصبية - أن الإسلام قد أعطى أهل الذمة حقوقا لم يعهدوها من قبل، ولم يجدوا لها مثيلا في أي عهد، ومن أي طرف آخر غير الإسلام، فلقد نعموا في ظله بالأمن والأمان وحرية العقيدة وممارسة شعائرهم، وقد تضافرت نصوص القرآن والسنة ومواقف الرسول وضميمتها من مواقف الصحابة والخلفاء الذين ساروا على نهج الرسول - تضافر كل هذا مؤكدا هذه المعاملة تنظيرا وتطبيقا، مثالا ودافعا، دعوة وحقيقة.
  • إن التناوش من مكان بعيد لحمل أخذ المسلمين الجزية من أهل الذمة على غير محمله مع سوء الظن المسبق، لا يغني من الحق شيئا، ولا يضر الحقيقة الجليلة بشيء؛ إذ لم تكن الجزية أكثر من مقدار ضئيل يدفعه الذمي الذكر القادر البالغ العاقل مقابل حماية جيوش المسلمين له وتمتعه بالمرافق العامة، فأي عقل أو منطق يأبى هذا أو يعترض عليه، أي ضمير لا يطمئن إلى مثل هذا الفعل؟!
  • إنه لا ضير ولا حيف على أهل الكتاب - يهودا أو نصارى - لو كانوا في أمان الإسلام والمسلمين وفي حمايتهم ورعايتهم، لا جرم أنهم حينئذ آمنون، لا يمسهم أحد بسوء أو مظلمة، لا في أنفسهم ولا في دمائهم ولا أموالهم... فأين ذلك كله من فظائع الصليبيين الغربيين الذين أذاقوا المسلمين الويلات والبلايا، وساموهم ألوانا من التنكيل والقمع والإبادة.
  • أن الإسلام وحده دين الحق والعدل والرحمة، وأنه الذي يغمر البشرية بسحائب رحمته ولطفه، وأن ما يفتريه الكاذبون على تشريع الجزية وغيرها ليس إلا القول المتهافت الهراء؛ فنصوص الإسلام الحكيمة العادلة وتطبيقه في حقب تاريخية تنفي مزاعم المبطلين وتدفع أوهامهم، وليس أصدق من التاريخ حين يقرر الواقع.

 

 

 

(*) الإسلام، د. أحمد شلبي، مكتبة النهضة المصرية، القاهرة، ط12، 1997م. الإسلام في قفص الاتهام، د. شوقي أبو خليل، دار الفكر المعاصر، بيروت، ط6، 1425هـ/ 2004م. افتراءات على الإسلام والمسلمين، د. أمير عبد العزيز، دار السلام، القاهرة، ط1، 1422هـ/ 2002م.

[1]. أخرجه البخاري في صحيحه، أبواب الجزية والموادعة، باب إثم من قتل معاهدًا بغير جرم (2995).

[2]. صحيح: أخرجه أبو داود في سننه، كتاب الخراج، باب في تعشير أهل الذمة إذا اختلفوا بالتجارات (3054)، والبيهقي في سننه الكبرى، كتاب الجزية، باب لا يأخذ المسلمون من ثمار أهل الذمة ولا أموالهم شيئا بغير أمرهم (18511)، وصححه الألباني في السلسلة الصحيحه (445).

[3]. أخرجه مسلم في صحيحه، كتاب البر والصلة والأدب، باب الوعيد الشديد لمن عذب الناس بغير حق (6824).

[4]. أسد الغابة، ابن الأثير، دار الفكر، بيروت، ج2،ص137.

[5]. أخرجه البخاري في صحيحه، أبواب الجزية والموادعة، باب الوصايا بأهل ذمة رسول الله صلى الله عليه وسلم (2991).

[6]. تاريخ الأمم والملوك، الطبري، دار الكتب العلمية، بيروت، ط1، 1407هـ،ج2، ص449.

[7]. الإسلام في قفص الاتهام، د. شوقي أبو خليل، دار الفكر المعاصر، بيروت، ط6، 1425هـ/ 2004م، ص142: 147 بتصرف يسير.

[8]. الإسلام، د. أحمد شلبي، مكتبة النهضة المصرية، القاهرة، ط12، 1997م، ص168.

[9]. يرى الإمام مالك ـ رحمه الله ـ أن الذمي مستثنى من حد الزنا كحد الخمر؛ اعتمادا على قضاء عمر ـ رضي الله عنه ـ بأن الذمي إن زنا يترك أمره إلى أهل ملته، أي يعامل بقانون أحواله الشخصية.

[10]. الخراج: ما تأخذه الدولة من الضرائب على الأرض المفتوحة عنوة، أو الأرض التي صالح أهلها عليها.

[11]. الإسلام في قفص الاتهام، د. شوقي أبو خليل، دار الفكر المعاصر، بيروت، ط6، 1425هـ/ 2004م، ص148: 155 بتصرف.

[12]. الإسلام في قفص الاتهام، د. شوقي أبو خليل، دار الفكر المعاصر، بيروت، ط6، 1425هـ/ 2004م، ص148: 155 بتصرف.

[13]. أخرجه مسلم في صحيحه، كتاب الجهاد والسير، باب تأمير الإمام الأمراء على البعوث ووصيته إياهم بآداب الغزو (4619).

  • الاحد AM 02:13
    2020-11-22
  • 933
Powered by: GateGold