المتواجدون الآن

انت الزائر رقم : 409064
يتصفح الموقع حاليا : 219

البحث

البحث

عرض المادة

ادعاء تأقيت الشريعة الإسلامية

ادعاء تأقيت الشريعة الإسلامية (*)

مضمون الشبهة:

يدعي بعض المشككين أن الشريعة الإسلامية رحمة وضمير فقط، لا قانون وتشريع، ودليلهم على ذلك أن القواعد والأحكام في القرآن مؤقتة بأسباب نزولها، وليس لها إطلاق ولا استمرار، خصوصا بعد وفاة الرسول - صلى الله عليه وسلم - وانتهاء التنزيل وانقطاع الوحي، فقد صارت الأحكام تاريخية، ليس لها أية قوة ملزمة، أو أي أثر فعال بما في ذلك مبادئ وأحكام الشورى، والميراث، والحدود، حتى الخمر فهي غير محرمة في القرآن، وكذلك اللواط فلا عقوبة له في الإسلام، كما أن الحكم بما أنزل الله كان خاصا بالرسول - صلى الله عليه وسلم - شخصيا دون سواه، ويهدفون من وراء ذلك إلى إثبات عدم صلاحية الشريعة الإسلامية لكل زمان ومكان.

وجوه إبطال الشبهة:

1) الشريعة الإسلامية عقيدة وعبادات ومعاملات, ورحمة وضمير وهداية, وقانون وتشريع وأخلاق، تلزم آخر المسلمين كما لزمت أولهم، والقول إن الشريعة لا تصلح لهذا العصر دعوى عارية من الدليل، كيف لا و هي شريعة المبادئ التي تنادي بها القوى الكبرى اليوم من حرية، ومساواة، وعدل، وشورى... إلخ؟!

2) أحكام الإسلام أبدية دائمة، وليست مؤقتة تاريخية، والأحكام غير مقيدة بوقت تشريعها؛ لأن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب.

3) الخمر محرمة بنصوص القرآن والسنة، وإن لم يحدد قدر العقوبة فيها، واللواط فاحشة بنص القرآن الكريم، وقد أمر الرسول - صلى الله عليه وسلم - بقتل فاعله ولعنه.

4) الحكم بما أنزل الله لم يكن خاصا بالرسول - صلى الله عليه وسلم - شخصيا؛ فقد أمرـ صلى الله عليه وسلم - بالتمسك بكتاب الله وسنته من بعده؛ حتى لا تندثر معالم الشريعة.

التفصيل:

أولا. الشريعة الإسلامية صالحة لكل زمان ومكان، ودعوى عدم صلاحيتها عارية من الدليل:

الشريعة الإسلامية عقائد، وعبادات، ومعاملات، وضمير، وهداية، وقانون، وتشريع، وأخلاق، تلزم آخر المسلمين كما لزمت أولهم، وأما الدعوى بعدم صلاحيتها لهذا العصر، فإنها دعوى عارية من الدليل؛ فالله الذي أنزل هذه الشريعة وجعلها خاتمة أنزل فيها أحكاما تناسب كل عصر، قال عز وجل: )ما فرطنا في الكتاب من شيء( (الأنعام:38)، وقال عز وجل: )ونزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شيء وهدى ورحمة وبشرى للمسلمين (89)( (النحل)، والدعوة إلى الحكم بما أنزل الله دعوة إسلامية شرعية أصيلة: )وأنزلنا إليك الكتاب بالحق مصدقا لما بين يديه من الكتاب ومهيمنا عليه فاحكم بينهم بما أنزل الله ولا تتبع أهواءهم عما جاءك من الحق لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا( (المائدة: 48)، وقال عز وجل: )وأن احكم بينهم بما أنزل الله ولا تتبع أهواءهم واحذرهم أن يفتنوك عن بعض ما أنزل الله إليك فإن تولوا فاعلم أنما يريد الله أن يصيبهم ببعض ذنوبهم وإن كثيرا من الناس لفاسقون (49) أفحكم الجاهلية يبغون ومن أحسن من الله حكما لقوم يوقنون (50)( (المائدة).

وشريعة الإسلام عامة دائمة الأحكام خالدة التأثير والمفعول، تلزم آخر المسلمين حياة على وجه الأرض كما لزمت أولهم، وقبيل وفاة النبي - صلى الله عليه وسلم - اكتمل الوحي وتم الدين، قال عز وجل: )اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا( (المائدة: 3).

وأحكام هذا الدين وحدوده باقية، وما أجمله القرآن الكريم في شأنها فصلته السنة المطهرة، وبها وجب العمل على النبي - صلى الله عليه وسلم - وأمته من بعده التي أوصاها بقوله: «أوصيكم بتقوى الله والسمع والطاعة,وإن عبد حبشي, فإنه من يعش منكم يرى اختلافا كثيرا,وإياكم ومحدثات الأمور فإنها ضلالة,فمن أدرك ذلك منكم فعليه بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين عضوا عليها بالنواجذ»([1]).

والخطأ المنهجي القاتل في تفكير العلمانيين أنهم يقيسون على غير قياس - كما يقول الأصوليون - فهم ينظرون إلى تجربة أوربا مع الدين والكنيسة في العصور الوسطى، ومطالع العصور الحديثة، إذ إنه نظرا لتحكم الكنيسة باسم الدين في رقاب البلاد والعباد في أوربا في العصور الوسطى، كان أول ما عادى الأوربيون في مطلع نهضتهم الحديثة الدين والكنيسة، فقالوا بفصل الدين عن الدولة بل الدنيا بأسرها، وهذا كله صحيح في شأن التجربة الأوربية لكنه خاطئ في التجربة الإسلامية؛ حيث لا تحكم ولا وساطة ولا كهنوت، وحيث الصلة مباشرة بين العبد وربه، قال عز وجل: )وقال ربكم ادعوني أستجب لكم إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين (60)( (غافر)، وهذا كلام معلوم بالبداهة.

فالجهة بين الحالتين منفكة، والقياس خاطئ، والذهاب إلى تنحية تعاليم الدين عن حياتنا، والقول بتاريخيتهالاديمومتها في سبيل النهضة - تقليدا للحالة الغربية مع الدين المسيحي - أمر غير صائب وتقليد أعمى وفي غير محله، كبناء طلب إليه أن يبني بناية في بلاد الخليج مثلا - وهي بلاد شديدة الحرارة معظم شهور السنة - فحرص على ترك فتحات في الحوائط لتركيب أجهزة التكييف، ثم طلب منه هو نفسه أن يبني بناية ببلاد الإسكيمو - قرب القطب الشمالي - حيث الثلوج طوال العام - فقلد ما فعله ببلاد الخليج حرفيا، وترك فتحات لتركيب أجهزة التكييف في بلاد متراكمة الثلوج.

كما أن دعوى أن الشريعة الإسلامية لا تصلح لهذا العصر، دعوى عارية من الدليل؛ لأنها الشريعة التي أرست المبادئ التي تنادي بها القوى الكبرى اليوم، من حرية ومساواة وشورى... إلخ، فشريعة رب الأرض والسماء يستحيل عليها أن تؤقت بزمن.

أما أن يدعي بعضهم أن الشريعة كلها لا تصلح للعصر، ولا يقدمون على قولهم حجة واحدة، فذلك شيء غريب على ذوي العقول المفكرة، وإذا عرفنا أنهم يدعون هذا الادعاء، وهم أجهل الناس بالشريعة، جاز لنا أن نقول: إن ادعاءهم هذا قائم على الجهل والافتراء.

إن صلاحية الشرائع تقرر على أساس صلاحية مبادئها، وليس في الشريعة مبدأ واحد يمكن أن يوصم بعدم الصلاحية، وإذا استطعنا أن نستعرض طائفة من أهم المبادئ التي تقوم عليها الشريعة الإسلامية سنجد أنها تقرر ما يأتي:

مبدأ المساواة بين الناس دون قيد ولا شرط، وذلك في قوله عز وجل: )يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم( (الحجرات: 13).

ويقول الرسول صلى الله عليه وسلم: «يا أيها الناس، ألا إن ربكم واحد، وإن أباكم واحد، ألا لا فضل لعربي على أعجمي، ولا أعجمي على عربي، ولا لأحمر على أسود، ولا أسود على أحمر إلا بالتقوى».([2]) وقد جاءت الشريعة بهذا المبدأ منذ أكثر من ثلاثة عشر قرنا، بينما القوانين الوضعية التي يفخر بها الجهلاء، لم تعرف هذا المبدأ إلا في أواخر القرن الثامن عشر، ولا تزال معظم الدول الأوربية والولايات المتحدة، تطبق هذا المبدأ تطبيقا مقيدا.

وقد قررت الشريعة من يوم نزولها مبدأ "الحرية" في أروع مظاهرها، فقررت حرية الفكر، وحرية الاعتقاد، وحرية القول، والنصوص في ذلك كثيرة نجتزئ منها قوله عز وجل: )قل انظروا ماذا في السماوات والأرض( (يونس: 101)، وقوله عز وجل: )وما يذكر إلا أولو الألباب (7)( (آل عمران)، وقوله عز وجل: )لا إكراه في الدين( (البقرة: 256)، وقوله عز وجل: )ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر( (آل عمران:104).

ومبدأ الحرية بشعبه الثلاث لم تعرفه القوانين الوضعية إلا بعد الثورة الفرنسية، ولكن الجهلاء يسلبون الشريعة الإسلامية فضائلها، ويدعونها للقوانين الوضعية.

ومن المبادئ التي تقوم عليها الشريعة الإسلامية مبدأ "العدالة المطلقة" وذلك في قوله عز وجل: )وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل( (النساء: 58)، وقوله: )ولا يجرمنكم شنآن قوم على ألا تعدلوا( (المائدة: 8)، وقوله: )يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين بالقسط شهداء لله ولو على أنفسكم أو الوالدين والأقربين إن يكن غنيا أو فقيرا فالله أولى بهما فلا تتبعوا الهوى أن تعدلوا( (النساء: 135)، وهذا المبدأ الذي جاءت به الشريعة من يوم نزولها لم تعرفه القوانين الوضعية إلا ابتداء من أواخر القرن الثامن عشر.

هذه المبادئ الثلاثة التي تقوم على أساسها القوانين الوضعية الحديثة، عرفتها الشريعة قبل القوانين بأكثر من أحد عشر قرنا، فكيف تصلح القوانين للعصر الحاضر ولا تصلح الشريعة وهي تقوم على نفس المبادئ؟!

وجاءت الشريعة الإسلامية بمبدأ الشورى من يوم نزولها, وذلك في قوله عز وجل: )وأمرهم شورى بينهم( (الشورى: 38)، وقوله عز وجل: )فاعف عنهم واستغفر لهم وشاورهم في الأمر( (آل عمران: 159), ولقد سبقت الشريعة الإسلامية القوانين الوضعية بأحد عشر قرنا في تقرير هذا المبدأ، عدا القانون الإنجليزي الذي أخذ بالمبدأ بعد الشريعة بعشرة قرون.

فالقوانين الوضعية حين قررت مبدأ الشورى لم تأت بجديد، وإنما انتهت إلى ما بدأت به الشريعة الإسلامية، والشريعة الإسلامية جاءت من يوم نزولها بتقييد سلطة الحاكم، وباعتباره نائبا عن الأمة، وبمسئوليته عن عدوانه وأخطائه؛ فالشريعة تسري على الحاكم وغير الحاكم بمنزلة سواء، والحاكم مقيد في تصرفاته بنظرية المساواة.

ولقد جاءت الشريعة بهذه المبادئ التي تقوم عليها الحكومات العصرية، قبل أن تعرف القوانين الوضعية هذه المبادئ بأكثر من أربعة عشر قرنا، فكيف يقال: إن الشريعة لا تصلح للعصر الحاضر؟!

ولو تتبعنا المبادئ الإنسانية والاجتماعية والقانونية التي يعرفها هذا العصر، ويفخر بها أبناؤه لوجدناها كلها - واحدا واحدا - في الشريعة الإسلامية على أحسن الصور، وأفضل الوجوه.

وهكذا يتبين أن الادعاء بعدم صلاحية الشريعة، ادعاء أساسه الجهل بالشريعة، ولا سند له في الواقع المحسوس، ولعل العذر الوحيد الذي يمكن أن يعتذر به لأصحاب هذا الادعاء أنهم تعلموا أن القوانين الوضعية القديمة كانت تقوم على مبادئ بالية ينكرها العصر الحاضر، فحفظوا هذا القول على أنه قاعدة عامة، وطبقوه على الشريعة الإسلامية، لانطباق صفة القدم عليها، دون أن يفكروا فيما بين الشريعة والقوانين من فروق.

ثانيا. أحكام الإسلام أبدية دائمة، وليست مؤقتة تاريخية:

يرى بعض المثقفين - ثقافة أوربية - أن الشريعة تصلح للعصر الحاضر، إلا أن بعض أحكامها جاء مؤقتا، وهم يقصدون بعض الأحكام الجنائية، وبصفة خاصة العقوبات التي لا مثيل لها في القوانين الوضعية كالرجم، والقطع، وتسألهم الحجة على ادعائهم، فلا تجد لهم حجة، وإنما هو الظن الذي لا يغني من الحق شيئا.

إنهم لا يرون مقابلا لبعض العقوبات في القوانين الوضعية، فيحاولون التخلص منها بهذا الادعاء، ولو أخذت القوانين غدا بهذه العقوبات لعدلوا عن ظنهم وقالوا: إنها أحكام دائمة!

ولو كان هؤلاء المسلمون يفهمون الإسلام على وجهه، لما قالوا مثل هذا القول؛ لأن أحكام الإسلام دائمة لا مؤقتة، ولأن ما لم ينسخ منها قبل موت النبي - صلى الله عليه وسلم - فلا نسخ له إلى يوم النشور، وقد صرح القرآن قبيل موت الرسول - صلى الله عليه وسلم - بأن صرح الدين قد تم بناؤه، ولم يعد قابلا للزيادة أو النسخ، وذلك قوله عز وجل: )اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا( (المائدة: 3).

ألا يعرف هؤلاء المسلمون أنه لو جاز القول بالتوقيت في بعض الأحكام لجاز في بعضها الآخر، وأنه لو ترك لكل إنسان أن يحكم هواه لذهب الإسلام([3])؟

وقد ناقش د. محمد سعيد البوطي باستفاضة فكرة تاريخية النصوص والأحكام الإسلامية فقال: "إن العلماء الذين تحدثوا عن أهمية معرفة أسباب نزول آيات الأحكام ذكروا في الوقت ذاته الحكمة من ارتباط معظم هذه الآيات بأسباب واقعية جرت، وهي تتلخص فيما يأتي: ربط الله التشريعات السلوكية بأسبابها الواقعية، لتأتي تلك التشريعات حلا لمشكلات وقعت، فتكون النفوس مهيأة في ذلك الوقت لقبول تلك التشريعات والانضباط بها؛ رغبة في التخلص من المشكلة الواقعة.

وأنت خبير أن القيود والأحكام التشريعية تكون ثقيلة ونظرية عندما يفاجأ بها الناس بعيدة عن ظروفها وعن ارتباطها بأسبابها الواقعية، ولن تجد وسيلة إلى ترسيخ حكم من الأحكام في الأذهان، وتنبيه الأفكار إلى مدى صلاحيته وأهميته خيرا من أن تعرضه على الناس في مجال تطبيقه، وأن تقدمه إليهم ساعة حاجتهم إليه، وإنها لطريقة تربوية معروفة لا تحتمل البحث والمراء.

إن معرفة أسباب نزول الآيات القرآنية التي نزلت في مناسبات من الأهمية بمكان لمن يريد التوسع في معرفة أحكام الشريعة الإسلامية، ويحرص على ربطها بمصادرها؛ إذ إن هذه المناسبات أو الأسباب تشكل المناخ الذي استقرت فيه الأحكام، ولعبت دورها الحضاري والمصلحي فيه، كما تبين موجبات تلك الأحكام، ومدى علاقتها بمصالح الناس.

ولكن ينبغي ألا يغيب عن البال، أن سبب النزول لا يقوى على تخصيص اللفظ العام أو على تقييد المطلق، وهذا قرار لغوي وأصولي متفق عليه عند سائر علماء فقه اللغة، ومن ثم فهو محل اتفاق لدى سائر علماء قواعد تفسير النصوص، وقد ترجم هذا القرار بالقاعدة اللغوية والأصولية القائلة: "العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب".

أما الدليل الآخر الذي يعتمد عليه، فهو المقولة الفقهية الدارجة: "لا ينكر تغير الأحكام بتغير الأزمان", إن هذه المقولة - على الرغم من أنها ليست نصا قرآنيا، ولا حديثا نبويا - مقولة صحيحة يؤيدها النظام التشريعي القائم منذ فجر البعثة إلى اليوم، ولكن كثيرين هم الذين يفهمون هذه المقولة بشكل مغلوط، ويحملون الشريعة الإسلامية من ذلك أوقارا من الرغائب والأهواء هي منها براء.

فما المعنى الشرعي السليم لهذه المقولة؟

معناها أن أحكام الشريعة الإسلامية تحمل في داخلها - منذ نزولها ورسوخها في حياة محمد صلى الله عليه وسلم - عوامل المرونة والتحرك طبق ما يقتضيه سلم الأولويات في قانون المصالح المأخوذ استقراء من كتاب الله عز وجل، أي: فتبدل الأحكام لا يتم بناء على عوامل خارجية طارئة تنسخ السابق لتقيم في مكانه حكما آخر جديدا فرضه الزمن، أي: دون أن يكون عليه شاهد من قرآن أو سنة.

وإنما يتم التبدل من خلال دستور يقتضي صلاحية تحرك الحكم وتنقله على وجوه متعددة مشروعة سلفا، بغطاء من النصوص نفسها، على أن ينفذ ذلك طبق الضوابط الشرعية المثبتة في مصادر الشريعة منذ تكاملها، وطبق سلم الأولويات في درجات المصالح، ولنضرب لذلك أمثلة:

  • شرعاللهصيامرمضانطبقنظاموضمنشروطمعينة،ولكنهفتحفيالوقتذاتهآفاقالتيسيروالمرونة في تنفيذ هذا الحكم، فإذا وجد المكلف نفسه مريضا لا يقوى على الصيام، أو مسافرا يحرجه الصوم، اختفى حكم وجوب الصوم في حقه، وحل محله حكم آخر هو جواز الإفطار، على أن يقضي ما أفطره فيما بعد.
  • شرعاللهالصلواتالخمسفيمواقيتهامحددةبأركانهاوركعاتها،ولكنه في الوقت ذاته شرع سبلا من التخفيف في أحكامها، كلما اقتضى الأمر ذلك، فالمسافر يقصر الصلاة الرباعية إلى ركعتين، وله أن يجمع الصلاتين فيصليهما في وقت الأولى أو الثانية ليريح نفسه أطول مدة ممكنة.
  • فصلالبيانالإلهيالقولفيالمحرمات؛كالخمرواللحومالمحرمة،وأكلمالالغيربدونحق،وفيالتصرفاتوالمعاملاتكالمعاملاتالربوية،ولكنهفتحباباواسعامنالتحركوالمرونةفيذلكعنطريقمارسمهمنقانون "الضروراتتبيحالمحظورات", ومنثمفإنعواملالزمنوالظروف الطارئة تتدخل في تنفيذ هذا القانون الذي شرع منذ فجر البعثة النبوية، كلما وجدت أسبابه، وبهدي من النصوص ذاتها.
  • منالمعلومأنالأصلفيالأشياءكلهاالإباحة،فكلماسكتعنهالشارعفلميصنفهفيالواجباتولاالمحرمات،بقيعلىالأصلالذيهوالإباحة،وذلك بموجب قول الله عز وجل: )هو الذي خلق لكم ما في الأرض جميعا( (البقرة: 29).

ولكن الشارع - عز وجل - رسم قانونا كليا اسمه "سد الذرائع"، من شأنه أن يهيمن على القانون القائل: "الأصل في الأشياء الإباحة"، والدستور المنظم لذلك هو الظروف والعوامل الطارئة، ومن ثم فرب تصرف هو في الأصل داخل في المباحات، ولكن ظروفا طارئة حدثت، تحول المباح بسببها إلى ذريعة، أي وسيلة لمفسدة هي أشد خطورة في ميزان الشرع من فوات مصلحة المباح، فعندئذ يتبدل الحكم وتختفي الإباحة؛ ليحل محلها التحريم، وأصل هذا الحكم مستقر في كتاب الله.

وربما تبدل حكم الواجب والمندوب أيضا تحت سلطان هذا القانون، فتحول إلى محرم، مثال ذلك: الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، إنهما داخلان في الأصل في حكم الوجوب أو الندب، ولكن ربما طرأ ظرف أصبح الأمر بالمعروف أو النهي عن المنكر بسببه ذريعة إلى فتنة، هي شر من فوات المعروف الذي يراد تحقيقه، أو وجود المنكر الذي يراد إزالته، فيتحول عندئذ الواجب أو المندوب إلى محرم.

وفي الشريعة الإسلامية طائفة كبيرة من الأحكام تندرج تحت اسم أحكام الإمامة، أو السياسة الشرعية، وهي تقابل ما يسمى في مصطلح القوانين الوضعية بـ "أحكام الطوارئ"، إن أصول هذه الأحكام وخطوطها الكلية العريضة مرسومة ومنصوص عليها في القرآن أو السنة، ولكن الشارع - عز وجل - أحال اختيار السبل التفصيلية والجزئية لتطبيقاتها إلى بصيرة رئيس الدولة، أو من يسمى بـ "إمام المسلمين"، وعليه أن ينفذ منها ما تقتضيه المصلحة طبق سلم الأولويات المقرر بمصادر الشريعة الإسلامية، وكل ما يتعلق بالعلاقات الدولية وحالات السلم والحرب, وآثار ذلك مما يتعلق بسياسة الأسرى ونحوها، داخل في هذه الطائفة من الأحكام، فكلياتها الأساسية منصوص عليها لا يجوز تجاوزها أو التلاعب بها في وقت من الأوقات، ولكن الشارع أحال - بدلالة من النصوص ذاتها - اختيار الوجه الأمثل في تطبيقاتها الجزئية إلى ما تقتضيه المصالح المتبدلة من وقت لآخر، وحكم إمام المسلمين في تطبيق ذلك.

ونلاحظ من الأمثلة المذكورة أن مبدأ تبدل الأحكام ليس أمرا طارئا يداهم نصوص الشريعة الإسلامية من خارجها، بحيث يضطر المسلمون الذين يتعاملون معها - أي مع تلك النصوص - إلى أن يؤولوها ويخرجوها عن دلالتها العربية؛ لتتناسب مدلولاتها مع تلك الأحوال الطارئة، وهو ما يتوهمه كثير من الناس البعيدين عن دراسة الشريعة الإسلامية وأصولها، بل إن مبدأ تبدل الأحكام هذا ثمرة تنفيذية لدستور مرتبط بالأحكام الخاضعة لإمكانية التبدل، منذ استقرار تلك الأحكام على هدي من النصوص الدالة عليها.

أي أن الأحكام التي تقتضي المصلحة تبدلها مع الزمن، تحمل في داخلها بذور ودساتير تطورها، منذ فجر وجود النصوص الدالة عليها، طبق نظام معين وضوابط معروفة يدرسها المتخصصون في علم الشريعة الإسلامية، ومن المعلوم أن أي خروج على هذه الدساتير والضوابط يعد - باتفاق أئمة المسلمين - عبثا بالشريعة الإسلامية ومصادرها". ([4]).

ثالثا. شرب الخمر واللواط جريمتان محرمتان بنصوص القرآن والسنة:

  1. تحريم الخمر:

الخمر محرمة بالكتاب والسنة، وجعل فيها العقوبة وإن لم يحدد مقدارها.

وفي السنة النبوية الشريفة نجد العديد من الأحاديث التي تؤكد تحريم الخمر، ومن ذلك:

  • «أتيالنبي - صلىاللهعليهوسلم - برجلقدشربفقال: اضربوه, قالأبوهريرة: فمناالضارببيده،والضارببنعله،والضارببثوبه»([5]).
  • وعنأبييوسفقال: «جلدرسولالله - صلىاللهعليهوسلم - أربعين،وجلدأبوبكرالصديقأربعين،وعمرثمانين،وكلسنة»([6]).
  • وجاءعنرسولالله - صلىاللهعليهوسلم - «أنهجلدفيالخمربالجريدوالنعال،وجلدأبوبكرأربعين»([7]).
  • وعنالسائببن يزيد قال: «كنا نؤتى بالشارب في عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وإمرة أبي بكر وصدرا من خلافة عمر، فنقوم إليه بأيدينا ونعالنا وأرديتنا، حتى كان آخر إمرة عمر فجلد أربعين، حتى إذا عتوا وفسقوا جلد ثمانين»([8]) ([9]).

والمعروف أن السنة تخصص عام القرآن، وتفصل مجمله, وتقيد مطلقه وتوضح مبهمه.

ويقول السيد سابق: "وقد كان الناس يشربون الخمر حتى هاجر الرسول - صلى الله عليه وسلم - من مكة إلى المدينة، فكثر سؤال المسلمين عنها، وعن لعب الميسر، لما كانوا يرونه من شرورهما ومفاسدهما, فأنزل الله عز وجل: )يسألونك عن الخمر والميسر قل فيهما إثم كبير ومنافع للناس وإثمهما أكبر من نفعهما( (البقرة: 219)، أي أن في تعاطيهما ذنبا كبيرا، لما فيهما من الأضرار والمفاسد المادية والدينية، وأن فيهما كذلك منافع للناس، وهذه المنافع المادية هي: الربح بالاتجار في الخمر، وكسب المال دون عناء في الميسر.

ومع ذلك فإن الإثم أرجح من المنافع فيهما، وفي هذا ترجيح لجانب التحريم، وليس تحريما قاطعا، ثم نزل بعد ذلك التحريم أثناء الصلاة تدرجا مع الناس الذين ألفوها وعدوها جزءا من حياتهم، قال الله عز وجل: )يا أيها الذين آمنوا لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى حتى تعلموا ما تقولون( (النساء: 43).

  • وكانسببنزولهذهالآيةأنرجلاصلىوهوسكرانفقرأقولهعزوجل: )قلهواللهأحد (1) اللهالصمد (2) لميلدولميولد (3) ولميكنلهكفواأحد (4)( (الإخلاص) بدونالنفي،وكانذلكتمهيدالتحريمهانهائيا،ثمنزلحكماللهبتحريمها نهائيا, قال الله عز وجل: )يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون (90) إنما يريد الشيطان أن يوقع بينكم العداوة والبغضاء في الخمر والميسر ويصدكم عن ذكر الله وعن الصلاة فهل أنتم منتهون (91)( (المائدة).

وظاهر من هذا أن الله - عز وجل - عطف على الخمر الميسر والأنصاب والأزلام، وحكم على هذه الأشياء كلها بأنها:

  • رجس،أي: خبيثمستقذرعندأوليالألباب.
  • ومنعملالشيطانوتزيينهووسوسته.
  • وإذاكانالأمركذلك،فإنمنالواجباجتنابهاوالبعد عنها؛ ليكون الإنسان معدا ومهيئا للفوز والفلاح.
  • وأنإرادةالشيطانبتزيينهتناولالخمرولعبالميسر,هيإيقاعالعداوةوالبغضاءبسببهذاالتعاطيوهذهمفسدةدنيوية.
  • وأنإرادةالشيطانكذلكفيصدالمؤمنينعنذكرالله،وإلهائهمعنالصلاة،وهذهمفسدة أخرى دينية.

وأن ذلك كله يوجب الانتهاء عن تعاطي شيء من ذلك.

وهذه الآية آخر ما نزل في حكم الخمر، وهي قاضية بتحريمها تحريما قاطعا، وتحريم الخمر يتفق مع تعاليم الإسلام التي تستهدف إيجاد شخصية قوية في جسمها ونفسها وعقلها، وما من شك في أن الخمر تضعف الشخصية وتذهب بمقوماتها لا سيما العقل، وصدق قول الشاعر:

شربت الخمر حتى ضل عقلي

كـذاك الخـمر تـفعل بالعقول

وإذا ذهب العقل تحول المرء إلى حيوان شرير، وصدر عنه من الشر والفساد ما لا حد له، فالقتل، والعدوان، والفحش، وإفشاء الأسرار، وخيانة الأوطان من آثارها. هذه هي آثار الخمر حينما تلعب برأس شاربها، وتفقده وعيه؛ ولهذا أطلق عليها الشارع أم الخبائث، فعن عبد الله بن عباس أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «الخمر أم الفواحش، وأكبر الكبائر، من شربها وقع على أمه وخالته وعمته»([10]), وكما جعلها أم الخبائث أكد حرمتها، ولعن متعاطيها، وكل من له بها صلة، واعتبره خارجا عن الإيمان, فعن أنس «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لعن في الخمر عشرة: عاصرها، ومعتصرها، وشاربها، وحاملها، والمحمولة إليه، وساقيها، وبائعها، وآكل ثمنها، والمشتري لها، والمشتراة له»([11]) ([12]).

هل يحتاج الأمر إلى مزيد بيان بشأن تحريمها بنصوص القرآن والسنة القاطعة؟ وعليه فلا حجة لمن ادعى أن الخمر غير محرمة في القرآن، غير الهذيان الذي يخرج بلا وعي ولا إدراك.

  1. تحريم اللواط:
  • اللواطفاحشةأمرالرسولـصلىاللهعليهوسلم - بقتلطرفيهاالفاعلوالمفعولبهولعنهما،ويقولالسيدسابقفيهذاالصدد: إنجريمةاللواطمنأكبرالجرائم،وهيمنالفواحشالمفسدةللخلق، وللفطرة، وللدين والدنيا، بل للحياة نفسها، وقد عاقب الله عليها بأقصى عقوبة فخسف الأرض بقوم لوط، وأمطر عليهم حجارة من سجيل([13]) جزاء فعلتهم القذرة، وجعل ذلك قرآنا يتلى ليكون درسا, قال الله عز وجل: )ولوطا إذ قال لقومه أتأتون الفاحشة ما سبقكم بها من أحد من العالمين (80) إنكم لتأتون الرجال شهوة من دون النساء بل أنتم قوم مسرفون (81) وما كان جواب قومه إلا أن قالوا أخرجوهم من قريتكم إنهم أناس يتطهرون (82) فأنجيناه وأهله إلا امرأته كانت من الغابرين (83) وأمطرنا عليهم مطرا فانظر كيف كان عاقبة المجرمين (84)( (الأعراف)، وقال عز وجل: )ولما جاءت رسلنا لوطا سيء بهم وضاق بهم ذرعا وقال هذا يوم عصيب (77) وجاءه قومه يهرعون إليه ومن قبل كانوا يعملون السيئات قال يا قوم هؤلاء بناتي هن أطهر لكم فاتقوا الله ولا تخزون في ضيفي أليس منكم رجل رشيد (78) قالوا لقد علمت ما لنا في بناتك من حق وإنك لتعلم ما نريد (79) قال لو أن لي بكم قوة أو آوي إلى ركن شديد (80) قالوا يا لوط إنا رسل ربك لن يصلوا إليك فأسر بأهلك بقطع من الليل ولا يلتفت منكم أحد إلا امرأتك إنه مصيبها ما أصابهم إن موعدهم الصبح أليس الصبح بقريب (81) فلما جاء أمرنا جعلنا عاليها سافلها وأمطرنا عليها حجارة من سجيل منضود (82) مسومة عند ربك وما هي من الظالمين ببعيد (83)( (هود).
  • وقدأمرالرسول - صلىاللهعليهوسلم - بقتلفاعلهولعنه،فقدجاءعنابنعباسأنرسولالله - صلىاللهعليهوسلم - قال: «منوجدتموهيعملعملقوملوط،فاقتلوا الفاعل والمفعول به». ([14]) وفي رواية: «لعن الله من عمل عمل قوم لوط.. لعن الله من عمل عمل قوم لوط.. لعن الله من عمل عمل قوم لوط»([15]).

ويضيف الشوكاني: "وما أحق مرتكب هذه الجريمة، ومقارف هذه الرذيلة الذميمة بأن يعاقب عقوبة يصير بها عبرة للمعتبرين، ويعذب تعذيبا يكسر شهوة الفسقة المتمردين، فحقيق بمن أتى هذه الفاحشة أن يصلى من العقوبة بما يكون في الشدة والشناعة مشابها لعقوبتهم، وقد خسف الله - عز وجل - بهم، واستأصل بذلك العذاب بكرهم وثيبهم".

وإنما شدد الإسلام في عقوبة هذه الجريمة لآثارها السيئة وأضرارها في الفرد والجماعة، ومن هذه الأضرار: التأثير في الأعصاب والمخ، وتدهور الصحة العامة، والإصابة بأمراض الزنى، وسوء الخلق، ومرض السويداء، وعدوى التيفودوالدوسنتاريا... إلخ([16]). وعليه فإن اللوط محرم شرعا وعقلا، وتحريمه الشرعي بالقرآن وأقوال النبي - صلى الله عليه وسلم - وأمره.

رابعا. الحكم بما أنزل الله لم يكن خاصا بالرسول - صلى الله عليه وسلم - شخصيا:

أما دعوى أن الحكم بما أنزل الله كان خاصا بالرسول شخصيا دون سواه، فهذه من أعجب الفرى، فهل يعقل أن تنزل رسالة من السماء على نبي فيجاهد في سبيلها، ويتحمل مع أصحابه المشاق في إقامة حدودها وتنفيذ تعاليمها وأحكامها، ثم يفهمهم أن هذا كله لا يلزمهم بعد وفاته؟! ففيم كان كل هذا العناء؟! وكيف تستمر هذه الرسالة في أداء دورها وأحكامها مهملة، وحدودها معطلة؟ ثم ما معنى وصية النبي - صلى الله عليه وسلم - لأمته بالتزام سنته وسنة الراشدين من بعده؟! أليست سنته هي أحكام الإسلام وهديه؟!

وما معنى الخيرية في حديث "خير القرون"؟ وما معيارها؟ أليس هو مدى التزام أحكام هذا الدين وآدابه بعد ذهاب صاحب الرسالة؟! وأليس من طبيعة البشر أن من قام بعمل صالح يتمنى أن تخلد آثاره بعده لا أن تزول وتندثر وتنمحي معالمها؟

وأبلغ وأدل من هذا الكلام كلام المعصوم - صلى الله عليه وسلم - في خطبته التي ودع فيها الأمة وأوصاها، وهي خطبة حجة الوداع، فانظر هل أمر النبي أمته من بعده بالحكم بما أنزل الله أم دعاها إلى طرحه وإهماله، والحكم برأيها والعمل بهواها؟ حيث قال صلى الله عليه وسلم: «إن دماءكم وأموالكم عليكم حرام، كحرمة يومكم هذا، في شهركم هذا، في بلدكم هذا، ألا هل بلغت؟ قالوا: نعم، قال: اللهم اشهد، فليبلغ الشاهد الغالب، فرب مبلغ أوعى من سامع، فلا ترجعوا بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض»([17]).

وفي رواية: «إن الزمان قد استدار، فهو اليوم كهيئة يوم خلق الله السماوات والأرض، وإن عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهرا، منها أربعة حرم؛ ثلاث متواليات: ذو القعدة وذو الحجة والمحرم ورجب الذي بين جمادى وشعبان»([18]).

وعليه فلا يستطيع مدع أن ينكر أن الحكم بما أنزل الله غير مقتصر على عصر دون عصر ولا مصر دون مصر، بل هو صالح لكل زمان ومكان، وليس خاصا بالرسول - صلى الله عليه وسلم - وعصره، وإلا فلماذا يأمر بالتمسك به من بعده والاعتصام به؟! ألا يدل ذلك على أن التشريع الإسلامي هو منهج لحياة المسلمين و معاملاتهم في كل زمان و مكان؟!

الخلاصة:

  • الشريعة الإسلامية عقيدة وعبادات ومعاملات، ورحمة وضمير وهداية، وقانون وتشريع كذلك، وتشريعها صالح لآخر المسلمين كما صلح لأولهم، ولا دليل على عدم صلاحيتها لهذا العصر أو غيره؛ بل إن احتواءها على ما تنادي به المنظمات الكبرى من مبادئ العدل والمساواة والإنسانية والشورى والحرية، لخير دليل على هذه الصلاحية.
  • أحكامالإسلامأبديةغيرمؤقتة،ونصوصهغيرتاريخية،ولايصحالاعتراضعلىذلكبأنلنزولآياتالقرآنأسباباوظروفاخاصةبالوقتالذينزلتفيه؛فإنالعبرةبعموماللفظلابخصوصالسبب،والناسهمالناسوالمعروفهوالمعروفوالمنكر هو المنكر، فلماذا تتغير الأحكام؟!
  • وردتحريمالخمرفيالقرآنوالسنة،وعاقبالنبي - صلىاللهعليهوسلم - علىشربها،منبعده,واللواطفاحشةأمرالرسول - صلىاللهعليهوسلم - بقتلطرفيها: الفاعلوالمفعولبه،ولعنهما،ومنثمفلاحجةلمنيدعيعدمتحريمهما في التشريع الإسلامي.
  • لادليلعلىادعاءأنالحكمبماأنزلاللهكانخاصابالرسول - صلىاللهعليهوسلم - شخصيا،فقدجاهد - صلىاللهعليهوسلم - فيسبيلرسالتهلتدومأحكامهامنبعده،وأوصىأمتهبالتزامسنتهوسنةالخلفاءالراشدينمنبعده،كمنهجلحياتهم حتى لا يضلوا من بعده صلى الله عليه وسلم.

 

 

(*) سقوط الغلو العلماني، د. محمد عمارة، دار الشروق، مصر، 1416هـ/ 1995م.

[1]. صحيح: أخرجه أحمد في مسنده، مسند الشاميين، حديث العرباض بن سارية رضي الله عنه (17182)، والترمذي في سننه، كتاب العلم، باب الأخذ بالسنة واجتناب البدع (2676)، وصححه الألباني في صحيح الجامع (2549).

[2]. صحيح: أخرجه أحمد في مسنده، باقي مسند الأنصار، حديث رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم (23536)، وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة (2700).

[3]. الإسلام بين جهل أبنائه وعجز علمائه، عبد القادر عودة، المختار الإسلامي، مصر، ص 49: 56.

[4]. الإسلام والعصر، محمد البوطي، دار الفكر، دمشق، طـ2، 1999م، ص 194: 200 بتصرف.

[5]. أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب الحدود، باب الضرب بالجربد والنعال (6395)، وفي موضع آخر.

[6]. أخرجه مسلم في صحيحه، كتاب الحدود، باب حد الخمر (4554).

[7]. أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب الحدود، باب ما جاء في ضرب شارب الخمر (6391)، وفي مواضع أخرى، ومسلم في صحيحه، كتاب الحدود، باب حد الخمر (4551).

[8]. أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب الحدود، باب الضرب بالجربد والنعال (6397).

[9]. منهج عمر بن الخطاب في التشريع الإسلامي، د, محمد بلتاجي، دار السلام، القاهرة، ط2، 1424هـ/ 2006م، ص 267.

[10]. حسن: أخرجه الطبراني في المعجم الكبير (11/ 164) باب العين، أحاديث عبد الله بن العباس رضي الله عنهما (11372)، وفي المعجم الأوسط (3/ 276)، رقم (3134)، وحسنه الألباني في السلسلة الصحيحة (1853).

[11]. صحيح: أخرجه ابن ماجه في سننه، كتاب الأشربة، باب لعنت الخمر على عشرة أوجه (3381)، والترمذي في سننه، كتاب البيوع، باب النهي أن يتخذ الخمر خلا (1295)، وصححه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب (2357).

[12]. فقه السنة، السيد سابق، دار الفتح للإعلام العربي، القاهرة، ط2، 1419هـ/ 1999م، ج3, ص121: 124 بتصرف.

[13]. السجيل: الطين المتحجر.

[14]. صحيح: أخرجه أحمد في مسنده، من مسند بني هاشم، مسند عبد الله بن عباس رضي الله عنهما (2732)، وأبو داود في سننه، كتاب الحدود، باب فيمن عمل عمل قوم لوط (4464)، وصححه الألباني في صحيح الجامع (6589).

[15]. صحيح: أخرجه النسائي في السنن الكبرى، كتاب الرجم، باب من عمل عمل قوم لوط (7337)، وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة (3462).

[16]. فقه السنة، السيد سابق، دار الفتح للإعلام العربي، القاهرة، ط2، 1419هـ/ 1999م، ص178: 179 بتصرف.

[17]. أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب الحج، باب الخطبة أيام منى (1654).

[18]. أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب المغازي، باب حجة الوداع (4144)، ومسلم في صحيحه، كتاب القسامة، باب تغليظ تحريم الدماء والأعراض (4474).

  • السبت AM 01:03
    2020-11-21
  • 943
Powered by: GateGold