المتواجدون الآن

انت الزائر رقم : 409095
يتصفح الموقع حاليا : 249

البحث

البحث

عرض المادة

التدوين في القرن الثالث الهجري

يعتبر هذا القرن عصر ازدهار العلوم الإسلامية عامة وعلوم السنة النبوية خاصة بل يعد هذا القرن من أزهى عصور السنة النبوية، إذ نشطت فيه الرحلة لطلب العلم ونشط فيه التأليف في علم الرجال، وتوسع في تدوين الحديث، فظهرت كتب المسانيد والكتب الستة – الصحاح والسنن – التي اعتمدتها الأمة واعتبرتها دواوين الإسلام.

 

وقد برز في هذا العصر كثير من الحفاظ والنقاد والعلماء الجهابذة من أمثال: أحمد بن حنبل، وإسحاق بن راهوية وعلي بن المدني ويحيى بن الحجاج، وأبو زرعة، وأبو حاتم الرازيان، وعثمان بن سعيد، وعبد الله بن عبد الرحمن الدراميان، وغيرهم كثير ممن كان على أيديهم تأسيس كثير من علوم الحديث عموماً وعلم الجرح والتعديل خصوصاً.

 

كما ظهر على أيدي هؤلاء الجهابذة الأعلام نوع جديد من التأليف، وهو ما عرف بكتب العقيدة وكان التأليف في ذلك على نوعين:

 

الأول: ما جمع فيه مؤلفوه النصوص الواردة في العقيدة من الكتاب والسنة مع بيان منهج السلف – من الصحابة والتابعين – في فهم هذه النصوص، وموقفهم من أصحاب الأهواء وكان أغلب هذا النوع بعنوان: (السنة) مثل السنة لأحمد بن حنبل، والسنة لابنه عبد الله، والسنة لأبي نصر المروزي وغيرها.

 

والنوع الثاني: ما سلك فيه مؤلفوه مسلك الرد على المبتدعة، وأصحاب الأهواء وذلك لهتك أستارهم وفضح أسرارهم، وتحذير المسلمين منهم وبيان خطرهم على الأمة.

 

وحيث بلغ نشاط المعتزلة والجهمية ذروته بتبني الدولة العباسية في عصر كل من المأمون والمعتصم والواثق لآرائهم وعقائدهم، لذلك حظيت هذه الفرق بالنصيب الأكبر من هذه الردود، من ذلك الرد على الجهمية لأحمد بن حنبل، والدارمي أيضاً، والرد على بشر المريسي المعتزلي للدارمي أيضاً، وخلق أفعال العباد للبخاري وغيرها كثير.

 

وكما كان لأتباع التابعين في القرن الثاني جهود رائدة وعظيمة في خدمة السنة تدويناً وذب الكذب عنها وحمايتها من كل ما يشوبها جرحاً وتعديلاً، كذلك كان لهذا الجيل – في القرن الثالث – جهود جبارة وكبيرة في سبيل خدمة السنة وقمع ما يخالفها من الأهواء والبدع.

 

ولقد توجت تلك الجهود في خدمة السنة بتلك المؤلفات المختلفة من كتب المتون – مسانيد وصحاح وسنن – وصحاح وسنن – وكتب الرجال المتنوعة في موضوعاتها ومجالاتها، إلى كتب العقيدة التي كثرت في هذا القرن.

 

كما توجت تلك الجهود – أيضاً – في مجال قمع الأهواء والبدع ومحاربة أصحابها وكشف أسرارهم وتحذير الأمة من شرهم بتلك الوقفة الشامخة من إمام أهل السنة الصديق الثاني أبي عبد الله أحمد بن حنبل – رحمه الله تعالى – في وجوه أهل التجهم والاعتزال الذين جمعوا عليه وألبوا، فخرج – رحمه الله – منتصراً مؤيداً من الله – عز وجل – وقمعت بإذن الله البدعة، ونكص أصحابها على أعقابهم مدحورين، وما مثلهم ومثل ما أرادوا من النيل من السنة وأهلها إلا كما قال الشاعر:

كناطح صخرة يوماً ليوهنها                فلم يضرها وأوهي قرنه الوعل

 

وقد تميز التدوين في هذا القرن بما يلي:

1- تجريد أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم وتمييزها عن غيرها، بعد أن كانت قد دونت في القرن الثاني ممزوجة بأقوال الصحابة وفتاوى التابعين.

 

2- الاعتناء ببيان درجة الحديث من حيث الصحة والضعف.

 

3- تنوع المصنفات في تدوين السنة، حيث ظهرت الأنواع التالية:

أ- كتب المسانيد التي تعني بجمع أحاديث كل صحابي على حدة كمسند الإمام أحمد وغيره.

ب- كتب الصحاح والسنن التي تعني بتصنيف أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم على الكتب والأبواب مع العناية ببيان الصحيح من غيره كالكتب الستة وغيرها.

 

ج- كتب مختلف الحديث ومشكلها مثل كتاب: [اختلاف الحديث] للإمام الشافعي، وكتاب: [اختلاف الحديث] لعلي بن المدني، وكذلك كتاب: [تأويل مختلف الحديث] لابن قتيبة وغيرها.

 

وهناك الكثير من المصنفات في هذا القرن نكتفي بذكر القليل منها إشارة إلى الكثير.

  • السبت AM 02:24
    2020-11-14
  • 5252
Powered by: GateGold