المتواجدون الآن

انت الزائر رقم : 413875
يتصفح الموقع حاليا : 266

البحث

البحث

عرض المادة

جهود التابعين في تدوين السنة المشرفة

تلقي التابعون – رحمهم الله – السنة، بل الدين كله عن الصحابة الكرام – رضوان الله عليهم – فقاموا بمهمة تبليغ الرسالة من بعد شيوخهم إلى الناس كافة، فكانوا خير جيل بعد ذلك الجيل، وقد بذل جيل التابعين في خدمة السنة وتدوينها وحفظها جهوداً كبيرة، وفيما يلي نماذج من تلك الجهود:

 

1- الحث على التزام السنة وحفظها وكتابتها والتثبت في روايتها وسماعها:

سبق أن ذكرت طائفة من الأمثلة على ذلك في الفصل الثاني من الباب الأول عند الكلام عن عناية التابعين ومن بعدهم بالسنة النبوية، وأضيف هنا أمثلة مما لم أمثل له هناك وهو حثهم على كتابة السنة:

 

أ- روى الخطيب بسنده من عدة طرق عن الإمام عامر الشعبي أنه كان يقول: (إذا سمعت شيئاً فاكتبه ولو في الحائط فهو خير لك من موضعه من الصحيفة فأنك تحتاج إلي يوماً ما).

 

ب- عن الحسن البصري قال: (ما قيد العلم بمثل الكتاب إنما نكتبه لنتعاهده).

 

ج- وعن سعيد بن جبير قال: (كنت أكتب عند ابن عباس في صحيفتي حتى أملأها ثم أكتب في ظهر نعلي ثم أكتب في كفي).

 

د- وعن صالح بن كيسان قال: (اجتمعت أنا والزهري – ونحن نطلب العلم – فقلنا نكتب السنن فكتبنا ما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم، ثم قال نكتب ما جاء عن أصحابه، فإنه سنة فقلت أنا ليس بسنة فلا نكتبه، قال: فكتب ولم أكتب فأنجح وضيعت).

 

هـ- وعن ابن شهاب الزهري قال: (لولا أحاديث تأتينا من قبل المشرق ننكرها لا نعرفها، ما كتبت حديثاً ولا أذنت في كتابه).

 

و- روى الخطيب من عدة طرق عن معاوية بن قرة قال: (كنا لا نعد علم من لم يكتب علمه علماً).

 

2- تدوينهم للسنة في الصحف:

انتشرت كتابة الحديث في جيل التابعين على نطاق أوسع مما كان في زمن الصحابة، إذ أصبحت الكتابة ملازمة لحلقات العلم المنتشرة في الأمصار الإسلامية آنذاك.

 

ولعل من أسباب ذلك التوسع ما يلي:

أ- انتشار الروايات، وطول الأسانيد، وكثرة أسماء الرواة وكناهم وأنسابهم.

ب- موت كثير من حفاظ السنة من الصحابة وكبار التابعين فخيف بذهابهم أن يذهب كثير من السنة.

ج- ضعف ملكة الحفظ مع انتشار الكتابة بين الناس وكثرة العلوم المختلفة.

د- ظهور البدع والأهواء وفشو الكذب، فحفاظاً على السنة وحماية لها من أن يدخل فيها ما ليس منها شرع في تدوينها.

هـ- زوال كثير من أسباب الكراهة.

 

وقد كتب في هذا العصر من الصحف ما يفوق الحصر، وقد ذكر الدكتور مصطفى الأعظمي عدداً كبيراً منها وذلك في كتابه: (دراسات في الحديث النبوي).

 

وأكتفي هنا بذكر نماذج من تلك الصحف التي كتبت في هذا العصر:

  • صحيفة أو صحف سعيد بن جبير تلميذ ابن عباس.
  • صحيفة بشير بن نهيك كتبها عن أبي هريرة وغيره.
  • صحف مجاهد بن جبر تلميذ ابن عباس، قال أبو يحيى الكناسي: (كان مجاهد يصعد بي إلى غرفته فيخرج إليَّ كتبه فأنسخ منها).
  • صحيفة أبي الزبير محمد بن مسلم بن تدرس المكي تلميذ جابر بن عبدالله، يروي نسخة عنه وعن غيره أيضاً.
  • صحيفة زيد بن أبي أنيسة الرهاوي.
  • صحيفة أبي قلابة التي أوصى بها عند موته لأيوب السختياني.
  • صحيفة أيوب بن أبي تميمة السختياني.
  • صحيفة هشام بن عروة بن الزبير.

وغير ذلك من الصحف الكثيرة التي رويت عن التابعين، والتي كانت هي الأساس الثاني بعد صحائف الصحابة – رضي الله عنهم أجمعين – لما ألف وصنف في القرنين الثاني والثالث.

 

3- جهود الإمامين عمر بن عبد العزيز وابن شهاب الزهري في تدوين السنة:

1- جهودهما رحمهما الله تعالى ورضي الله عنهم في نشر السنة وقمع البدعة – قولاً وفعلاً – أشهر من أن تذكر في هذا المقام، ولتراجع ترجمتيهما في سير أعلام النبلاء وغيره.

 

2- أخرج البخاري في صحيحه عن عبد الله بن دينار قال: كتب عمر بن عبد العزيز إلى أبي بكر بن حزم: (انظر ما كان من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم فاكتبه، فإني خفت دروس العلم وذهاب العلماء، ولا تقبل إلا حديث النبي صلى الله عليه وسلم ولتفشوا العلم ولتجلسوا حتى يعلم من لا يعلم، فإن العلم لا يهلك حتى يكون سراً).

 

3- وعن ابن شهاب الزهري قال: (أمرنا عمر بن عبد العزيز يجمع السنن فكتبناها دفتراً دفتراً فبعث إلى كل أرض له عليها سلطان دفتراً).

 

4- روى الدارمي بسنده أن عمر بن عبد العزيز كتب إلى أهل المدينة (انظروا حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم فاكتبوه، فإني خفت دروس العلم وذهاب أهله).

 

5- روى الخطيب بسنده إلى الزهري أنه قال: (لولا أحاديث تأتينا من قبل المشرق ننكرها لا نعرفه ما كتبت حديثاً ولا أذنت في كتابه).

 

6- قال صالح بن كيسان: اجتمعت أنا والزهري ونحن نطلب العلم فقلنا نكتب السنن فكتبنا ما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم ثم قال: نكتب ما جاء عن أصحابه فإنه سنة فقلت أنا ليس بسنة فلا نكتبه، قال فكتب ولم أكتب فأنجح وضيعت).

 

7- أخرج الحافظ ابن عبد البر بسنده إلى الإمام مالك قال: (أول ما دون العلم ابن شهاب الزهري).

 

ولعل المراد بهذا التدوين الشامل الذي بدأه فعلاً الزهري بأمر الخليفة عمر بن عبد العزيز، وقد سبق أن ذكرنا أن الحافظ الخطيب البغدادي قد حرر هذا الموضوع في كتابه [تقييد العلم] وأثبت بالأدلة أن التدوين قد بدأ من عصر الرسول صلى الله عليه وسلم وعصر الصحابة والتابعين أيضاً، لكن لم يكن ذلك بشمول واستقصاء.

 

  • السبت AM 02:20
    2020-11-14
  • 3586
Powered by: GateGold