المتواجدون الآن

انت الزائر رقم : 409105
يتصفح الموقع حاليا : 196

البحث

البحث

عرض المادة

المحور الثاني: معالجة أصول الإشكالات المثارة على حجية السنّة النبويّة الإشكالات المثارة حول حجية السنة والإجابة عنها

بعد أن اجتهدنا في إقامة البنيان جاء الوقت لنبعد عنه ما أثير حوله من إشكالات.
وأود أن أُقَدِّم بذكر نقاط مهمة، ينبغي أن تراعى عند نقاش المـُشكّكين في السنة، ألا وهي:

النقطة الأولى: البراهين المذكورة سابقاً في هذا الكتاب هي الأصل في الموقف من السنّة، ومنها نستقي الردود على الشبهات، وفيها الإثبات القاطع على حجية السنّة، وصحّة علم الحديث. فأي إشكال أو سؤال يُثار بعد ذلك, فإنه يجب ألا يعود على ذلك الأصل بالإبطال؛ لأنه ثبت بيقين.

وعلى ذلك؛ فلا بد أن يكون عند من يتصدى للدفاع عن السنة يقين بهذا الأصل.

وإنّ من ضعف الشخصية والعزيمة والرأي أن يهدم المرء ما تقرر لديه بأصول شرعية كثيرة بسبب إشكال يسير لا يعرف الإجابة عنه, فيشك في الأصل!.

والموقف الأكثر نُضجاً أمام الإشكالات الجزئية التي تعارض ما تقرر بالأصول الشرعية المتظافرة إن لم يعرف عنها جواباً، هو الأخذ بالأصول الواضحة المحكمة، وردّ المـُتشابه إليها. فإنَّ عَدَمَ معرفة المرء بالجواب ليس لأنه لا يوجد جواب، إذ إنَّ عدم العلم ليس علماً بالعدم! بل لأن هذا الشخص تنقصه المعرفة التامة.

ولذلك؛ ذكر الله - سبحانه وتعالى - أن أهل الزيغ يتبعون المتشابه، ويتركون المحكم، بينما أهل الحق يأخذون المحكم،  ويردّون المتشابه إليه.

النقطة الثانية: أنّ المـُشككين في السنّة يتناسون قدر الإشكالات التي ستواجههم حال إنكارهم لها، فلئن كانوا أنكروا السنّة لاستشكالهم خمس روايات أو عشرة تَرِد عليهم حال الإثبات فإن عشرات النصوص والأحكام ستُشكل عليهم بسبب الإنكار.

ولمعرفة مقدار الشذوذ والانحراف الذي يلزم القائلين بعدم الأخذ بأي حكم لم يذكر نصا في القران فإن لك أن تستعرض العبادات التي يقوم بها المسلمون في اليوم، والأسبوع، والشهر، والعام، لترى قدر الإشكالات التي تواجه الـمُنكرين؛ والأمثلة أكثر من أن تحصر في هذا المقام المحدود.

هل أبدأ بأركان الإسلام؟ فمن أين عرفنا أن للإسلام أركانا خمسة؟.

أترك لهم الإجابة وإن كنت لا أتعجب من بعضهم لو أنكر أن أركان الإسلام خمسة!.

وإن انتقلنا للصلاة؛ فالإشكالات التي ستواجههم كثيرة :

عدد الصلوات، ركعاتها، مواقيتها، صفتها، أذكارها، التشهد، سجود السهو.

وإن انتقلنا للزكاة، فالسؤال الأكبر الموجه لهم:

ما القدر الذي إذا أخرجه المرء من ماله تكون قد برئت ذمته وامتثل الأوامر القرآنية بإيتاء الزكاة؟.

فالذي يملك مليار ريال مثلاً، وزكى منها مائة ريال فقط، هل تبرأ ذمته؟.

إن قالوا لا؛ فما الدليل؟ وإن قالوا نعم فهذا مُشكِل، فبأيّ قدر يكون الإجزاء؟؛ إذ إنّ الناس يتفاوتون في مقدار ما يملكون من الأموال.

وقبل ذلك هل كُلّ من ملك شيئا من المال تجب عليه الزكاة؟ أم أن هناك نصاباً معينا إذا بلغه المال تجب زكاته؟ فالذي يملك غراماً واحداً من الذهب هل تجب عليه زكاته؛ لئلا يدخل في الوعيد الوارد في القرآن على الذين يكنزون الذهب والفضة؟.

وما المقدار الذي يجب إخراجه من الحبوب والثمار؟. وهل هناك فرق بينما سُقي بالنضح وبينما سقته السماء؟.

وإن انتقلنا للصيام : فهل على الحائض صوم؟ وما الدليل من نص القران؟ وهل على من جامع أهله في رمضان كفارة؟ ما الدليل؟ وهل تشرع صدقة الفطر في نهاية شهر رمضان؟ ما الدليل؟ وما مقدارها؟.

كل هذه الأسئلة ستُشكِل على من لا يأخذ بالسنة!.

وإن انتقلنا للحج، فهل هناك مواقيت مكانية لا يتجاوزها الحاج إلا بإحرام؟ سمُّوا لنا هذه المواقيت، ومن الذي وقّتها؟. وما الدليل؟. وكيف تؤدى الصلاة يوم عرفة؟.

وما الدليل من القران على رمي الجمرات؟.

وهل هناك طواف للوداع؟.

ولكم أن تتخيلوا الإسلام دون كل الأحكام المذكورة في الأسئلة الماضية والتي لم يأت النص عليها في القران وإنما جاءت في السنة؟!.

فهل يستقيم بعد ذلك قول من قال: السنة إنما هي ركام من المرويات، واﻵخذون بها عابدون للأسانيد!.

النقطة الثالثة: المنكرون للسنّة والمشككون فيها، غالباً ما يقعون في إشكالات ظاهرة في سياق احتجاجهم على عدم حجية السنة!.

من أبرزها :

  • الاستدلال بالسنة! إذ يستدلون بما لا يرونه حُجة على عدم حجيته! كاستدلالهم بالنهي عن كتابة الحديث على إسقاط الاحتجاج به! وهذا تناقض.
    فإن قالوا: إنما نستدل عليكم بما تؤمنون به. قلنا لهم: إننا نؤمن بمجموع النصوص في الباب، وأنتم تمارسون عملية انتقائية لا منهجية ثم تدّعون أنكم تستدلون علينا بما نؤمن به.
  • الانتقاء من بين الأدلة المتساوية دون أي معيار للاختيار سوى موافقة قولهم! فينتقون حديث النهي عن الكتابة -مثلا-، من بين الأحاديث التي فيها الرخصة بالكتابة، دون محاولة للجمع بينها! ويُنَحُّون الأحاديث الدالة صراحة على الحُجِّيَّة! أفليس الذي نهى عن الكتابة هو الذي نهى أيضاً عن رد شيء من حديثه بحجة أنه لم يأت في القران؟
  • أنهم يبنون قولهم على تصور ناقص لحقيقة ما يتحدثون عنه، ومن أبرز الأمثلة على ذلك: كلامهم عن تدوين السنة، وعن علم الحديث. إذْ هو مبني على تصورات ناقصة لا تصف الحقيقة.
  • عدم تمييز الصحيح من السقيم. ومثال ذلك: استدلالهم بموقف عمر من صحف الحديث، وهو غير ثابت. واستدلالهم بضرب عمر لأبي هريرة على إسقاط مكانة الثاني.

  • الاربعاء AM 02:27
    2020-11-11
  • 1672
Powered by: GateGold