المتواجدون الآن

انت الزائر رقم : 412566
يتصفح الموقع حاليا : 313

البحث

البحث

عرض المادة

الزّعْمُ أنّ حكمةَ اللّهِ ورحمتَه تقتضيان أن يكون العقاب محدوداً ومناسباً للعمل فقطْ

قال بعضُهم: "مفهومُ أسماء الله الحسنى وبالذات اسْمَيْ الحكيم والرحيم يقتضيان أن يكون العقاب مناسب[اً] للعمل، وليس أكبر أو أكثر منه. فمهما كان العمل إجرامي[اً]، فهو لا شك محدود في النهاية، وبالتالي لابد من محدودية وانتهاء مدة العقاب." اھ.

 

ويُرَدّ على هذه الشُّبْهَةِ بقوله تعالى: {مَن جَاۤءَ بِٱلۡحَسَنَةِ فَلَهُۥ عَشۡرُ أَمۡثَالِهَاۖ وَمَن جَاۤءَ بِٱلسَّیِّئَةِ فَلَا یُجۡزَىٰۤ إِلَّا مِثۡلَهَا وَهُمۡ لَا یُظۡلَمُونَ} [الأنعام: 160].

 

قال القرطبي (671 ھ) في «الجامع لأحكام القرآن»: "{وَمَنْ جاءَ بِالسَّيِّئَةِ} يَعْنِي الشِّرْكَ {فَلا يُجْزى إِلَّا مِثْلَها} وَهُوَ الْخُلُودُ فِي النَّارِ؛ لِأَنَّ الشِّرْكَ أَعْظَمُ الذُّنُوبِ، وَالنَّارَ أعظمُ العقوبةِ، فذلك قول تَعَالَى: {جَزاءً وِفاقاً} يَعْنِي جَزَاءً وَافَقَ الْعَمَلَ."

 

وقولُه تعالى: {جَزاءً وِفاقاً} جاءت في سورة النّبأ، قال تعالى: {إِنَّ جَهَنَّمَ كَانَتۡ مِرۡصَادࣰا. لِّلطَّـٰغِینَ مَـَٔابࣰا. لَّـٰبِثِینَ فِیهَاۤ أَحۡقَابࣰا. لَّا یَذُوقُونَ فِیهَا بَرۡدࣰا وَلَا شَرَابًا. إِلَّا حَمِیمࣰا وَغَسَّاقࣰا. جَزَاۤءࣰ وِفَاقًا. إِنَّهُمۡ كَانُوا۟ لَا یَرۡجُونَ حِسَابࣰا. وَكَذَّبُوا۟ بِـَٔایَـٰتِنَا كِذَّابࣰا. وَكُلَّ شَیۡءٍ أَحۡصَیۡنَـٰهُ كِتَـٰبࣰا. فَذُوقُوا۟ فَلَن نَّزِیدَكُمۡ إِلَّا عَذَابًا} [النّبأ: 21-30].

 

قال البغوي (516 ھ) في تفسيره: "{جَزَاءً وِفَاقًا} أَيْ: جَزَيْنَاهُمْ جَزَاءً وَافَقَ أَعْمَالَهُمْ. قَالَ مُقَاتِلٌ: وَافَقَ الْعَذَابُ الذَّنْبَ، فَلَا ذَنْبَ أَعْظَمُ مِنَ الشِّرْكِ، وَلَا عَذَابَ أَعْظَمُ مِنَ النَّارِ."

 

وقال ابنُ عطية (546 ھ) في تفسيره «المحرر الوجيز»: "وقَوْلُهُ تَعالى: {جَزاءً وِفاقًا} مَعْناهُ: لِأعْمالِهِمْ وكُفْرِهِمْ، أيْ: هو جَزاؤُهُمُ الجَدِيرُ بِهِمْ، المُوافِقُ مَعَ التَحْذِيرِ لِأعْمالِهِمْ، فَهي كُفْرٌ والجَزاءُ نارٌ."

 

وقال العلاّمةُ الطاهر بن عاشور (1393 ھ) في تفسيره «التحرير والتنوير»: "والوِفاقُ: مَصْدَرُ وافَقَ وهو مُؤَوَّلٌ بِالوَصْفِ، أيْ: مُوافِقًا لِلْعَمَلِ الَّذِي جُوزُوا عَلَيْهِ، وهو التَّكْذِيبُ بِالبَعْثِ وتَكْذِيبُ القُرْآنِ كَما دَلَّ عَلَيْهِ التَّعْلِيلُ بَعْدَهُ بِقَوْلِهِ: {إنَّهم كانُوا لا يَرْجُونَ حِسابًا} [النبأ: 27] {وكَذَّبُوا بِآياتِنا كِذّابًا} [النبأ: 28] .

 

نَعم، الحِكْمةُ الإلهيةُ تقتضي أنْ يكونَ العقابُ مُناسِباً لِلْعمَل، ولكنْ الحكمةُ الإلهيّةُ هي وحدَها التي لها الحقُّ في اختيار العقاب المناسب للعمل لا الإنسانُ؛ وهذه الحكمةُ هي التي اقتضت أنْ يكون جزاءُ الكافرِ وعقابُه الذي يلحقه والمناسبُ للكفر هو الخلود السَّرْمَدِي في النّارِ، ولا رادّ لحكمه. ولا يجوز لأحدٍ أنْ يعترضَ على حكمته -تعالى-، التي لا يعلم كُنْهها إلاّ هو!

  • الاربعاء PM 05:44
    2020-11-04
  • 1195
Powered by: GateGold