المتواجدون الآن

انت الزائر رقم : 412651
يتصفح الموقع حاليا : 342

البحث

البحث

عرض المادة

الزّعْمُ أنّ عذابَ جَهَنّمَ مُدّتُه يومٌ واحدٌ فقط

قال بعضُهم: إنّ عذابَ جَهَنّمَ مُدّتُه يومٌ واحدٌ فقط، وقدَّروه بخمسين ألف سنة أو ألف سنة؛ لأنّهم وَجَدوا أن عذابَ أهلِ النار في كثير من آيات الكتاب الحكيم، مضافٌ إليه كلمةُ (يوم)، مثل: {عذاب يوم عظيم} و {عذاب يوم أليم} ... وفهموا مِن هذا أنّ عذابَ أهل النّار في جهنّمَ مُدّتُه يومٌ واحد فقط!

 

ولهذا ذهبوا إلى أنّ قولَه تعالى عن أهل النّارِ: {فَالْيَوْمَ لَا يُخْرَجُونَ مِنْهَا وَلَا هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ} دليلٌ على أنّهُم سيُخرَجون منها، بعد انقضاء مدّةِ المُكْثِ في جَهَنّمَ، التي قدّروها بِيوْمٍ واحدٍ!

 

وهذا القول غريبٌ، لم يَقُلْ به أحدٌ من أهل التفسير، والذين هم -قبل ذلك- أهل اللُّغَةِ والبيان!

 

ويُردُّ على هذه الشُّبْهَةِ بما يأتي:

 

  • إنّ كلمة (يوم) في اللُّغَة لا تُطلق دائما على الوقتِ المَعْرُوفِ المُمْتَدِّ مِنْ طُلُوعِ الشَّمْسِ إِلَى غُرُوبِهَا، أوْ على أحَدِ أَيَّام الأُسْبُوعِ:

 

جاء في قاموس «لسان العرب» في مادة (يوم): "... وقالوا: اليومَ يومُك، يريدون التشْنِيعَ وتَعظيمَ الأمْرِ... وقد يُرادُ باليوم الوقتُ مطْلَقا؛ ومنه الحديث: تلك أيامُ الهَرْج، أي: وقته، ولا يختص بالنهار دون الليل" .

 

وجاء في «معجم مختار الصحاح»: "وَرُبَّمَا عَبَّرُوا عَنِ الشِّدَّةِ بِالْيَوْمِ، يُقَالُ: يَوْمٌ (أَيْوَمُ) كَمَا يُقَالُ: لَيْلَةٌ لَيْلَاءُ."

 

  • والمعنى اللُّغوي لكلمة (يوم) لمْ يكُن خافياً عن أهل التفسير، واللُّغَةِ والبيان؛ فعلى سبيل المثال: فسّر الإمامُ فخر الدين الرازي (606 ھ) في «مفاتيح الغيب» قولَه تعالى: {إِنَّاۤ أَرۡسَلۡنَا عَلَیۡهِمۡ رِیحࣰا صَرۡصَرࣰا فِی یَوۡمِ نَحۡسࣲ مُّسۡتَمِرࣲّ} [القمر: 19]، بقوله في (المَسْألَةُ الرّابِعَةُ): "قالَ هُنا {فِي يَوْمِ نَحْسٍ مُسْتَمِرٍّ} وقالَ في فُصِّلَتْ: {فِي أيّامٍ نَحِساتٍ} [فصلت: 16] وقالَ في الحاقَّةِ: {سَبْعَ لَيالٍ وثَمانِيَةَ أيّامٍ حُسُومًا} [الحاقة: 7] والمُرادُ مِنَ اليَوْمِ هُنا الوَقْتُ والزَّمانُ، كَما في قَوْلِهِ تَعالى: {يَوْمَ وُلِدْتُ ويَوْمَ أمُوتُ ويَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا} [مريم: 33] وقَوْلُهُ: (مُسْتَمِرٌّ) يُفِيدُ ما يُفِيدُهُ الأيّامُ؛ لِأنَّ الِاسْتِمْرارَ يُنْبِئُ عَنْ إمْرارِ الزَّمانِ كَما يُنْبِئُ عَنْهُ الأيّامُ، وإنَّما اخْتَلَفَ اللَّفْظُ مَعَ اتِّحادِ المَعْنى؛ لِأنَّ الحِكايَةَ هُنا مَذْكُورَةٌ عَلى سَبِيلِ الِاخْتِصارِ، فَذَكَرَ الزَّمانَ ولَمْ يَذْكُرْ مِقْدارَهُ ولِذَلِكَ لَمْ يَصِفْها."

 

وقال الآلوسي (1270 ھ) في تفسيره «روح المعاني»: "{فِي يَوْمِ نَحْسٍ} شُؤْمٍ عَلَيْهِمْ {مُسْتَمِرٍّ} ذَلِكَ الشُّؤْمُ لِأنَّهم بَعْدَ أنْ أُهْلِكُوا لَمْ يَزالُوا مُعَذَّبِينَ في البَرْزَخِ حَتّى يَدْخُلُوا جَهَنَّمَ يَوْمَ القِيامَةِ؛ والمُرادُ بِاليَوْمِ مُطْلَقُ الزَّمانِ لِقَوْلِهِ تَعالى: {فَأرْسَلْنا عَلَيْهِمْ رِيحًا صَرْصَرًا في أيّامٍ نَحِساتٍ} [فُصِّلَتْ: 16]، وقَوْلهُ سُبْحانَهُ: {سَخَّرَها عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيالٍ وثَمانِيَةَ أيّامٍ حُسُومًا} [الحاقَّةَ: 7]."

  • الاربعاء PM 05:31
    2020-11-04
  • 874
Powered by: GateGold