المتواجدون الآن

انت الزائر رقم : 413426
يتصفح الموقع حاليا : 250

البحث

البحث

عرض المادة

الزّعْمُ أنّ الاِسْتِثْناءَ الواردَ في خلود الكُفّارِ في العذابِ، دليلٌ على أنّ النّارَ ستفنى

قالوا: "الاِسْتِثْناءُ في قوله تعالى: {وَیَوۡمَ یَحۡشُرُهُمۡ جَمِیعࣰا یَـٰمَعۡشَرَ ٱلۡجِنِّ قَدِ ٱسۡتَكۡثَرۡتُم مِّنَ ٱلۡإِنسِۖ وَقَالَ أَوۡلِیَاۤؤُهُم مِّنَ ٱلۡإِنسِ رَبَّنَا ٱسۡتَمۡتَعَ بَعۡضُنَا بِبَعۡضࣲ وَبَلَغۡنَاۤ أَجَلَنَا ٱلَّذِیۤ أَجَّلۡتَ لَنَاۚ قَالَ النَّارُ مَثْوَاكُمْ خَالِدِينَ فِيهَا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ ۗ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ} [الأنعام: 128]؛ دليلٌ على أنّ النّارَ ستفنى."

 

ولا ندْري كيف فهِموا مِنْ قولِه تعالى: {إلاّ ما شاء اللّهُ} على أنّ اللّهَ تعالى قد شاءَ فعلاً انتهاءَ عذابِ الكُفّارِ وفناءَ النّارِ؛ فأيْنَ دليلُهم على ما ذهبوا إليه؟

 

إنّ كِبارَ المفسرين اختلفوا في مَعْنى هذه الآيَةِ، ولكنْ لا أحدَ منهم فهِم مِنها أنّ النّارَ ستفنى؛ لأنّه قدْ "تَقَرَّرَ في الكِتابِ والسُّنَّةِ وإجْماعِ الأُمَّةِ أنَّ المُشْرِكِينَ لا يُغْفَرُ لَهم، وأنَّهم مُخَلَّدُونَ في النّارِ بِدُونِ اسْتِثْناءِ فَرِيقٍ ولا زَمانٍ" -كما قال العلاّمةُ الطاهر بن عاشور في تفسيره.-

 

إنّ هذه الآيةَ تُعَدُّ من الآيات المتشابهات، التي لا يجوز أنْ يخوضَ في تفسيرها إلاّ الرّاسِخون في العِلم؛ وهذه بعضُ أقوالهم:

 

قال ابن عطِيّة (546 ھ) في تفسيره «المحرر الوجيز»: "ويُتَّجَهُ عِنْدِي في هَذا الِاسْتِثْناءِ أنْ يَكُونَ مُخاطَبَةً لِلنَّبِيِّ - صَلّى اللَـهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ - وأُمَّتِهِ، ولَيْسَ مِمّا يُقالُ يَوْمَ القِيامَةِ، والمُسْتَثْنى هو مَن كانَ مِنَ الكَفَرَةِ يَوْمَئِذٍ يُؤْمِنُ في عِلْمِ اللهِ تَعالى؛ كَأنَّهُ لَمّا أخْبَرَهم أنَّهُ قالَ لِلْكُفّارِ: {النارُ مَثْواكُمْ} اِسْتَثْنى لَهم مَن يُمْكِنُ أنْ يُؤْمِنَ مِنهم."

 

هذا ترجيحُ العلاّمةِ ابنِ عطِيّة الذي قال عنه الذهبي في السِّيَر: "الإمامُ العلاّمةُ شيخُ المفسرين، كان إمامًا في الفقه وفي التفسير وفي العربية، قويَّ المشاركة، ذكيًّا فَطِنًا مُدْرِكًا، مِن أوْعِيَة العلم". وكان غايةً في توقُّد الذهن وحسن الفهم، كما وصفه بعضُ العلماءِ.

 

وهناك أقوالٌ أخرى، ذكرها العلاّمةُ الإيجي (905 ھ) في «جامع البيان» -عند تفسيره للآية 107 مِن سورة هود-، حيثُ قال: "{إلّا ما شاءَ رَبُّكَ} استثناءٌ من الخلود؛ فإنّه ليس لبعضهم -وهم فُسّاقُ الأُمّة- خلودٌ، وهمُ الأشقياءُ مِن وجْه، وهو المراد بالاستثناء الثاني، فإنهم ليسوا في الجَنّة مُدَّةَ عذابِهم. والتأبيدُ مِن مَبْدأٍ مُعيَّنٍ، كما يُنتَقَصُ من الانتهاء يُنتَقَصُ من الابتداء، وهو المنقولُ عن كثير من السلف؛ أو هو كقولك: والله لأضربَنَّك إلّا أن أرى غير ذلك، مع أن عزيمتك على ضربه. فعلى هذا: الاستثناءُ في الموضِعيْن لِبيان أنه لو أراد عدم خلودهم لقدر، لا أنّه واجبٌ عليه، ويُؤَيِّدُه قولُه: {إنَّ رَبَّكَ فَعّالٌ لِما يُرِيدُ}، أو هو مِن باب {حَتّى يَلِجَ الجَمَلُ في سَمِّ الخِياطِ} [الأعراف: 45]، و {لا يَذُوقُونَ فِيها المَوْتَ إلّا المَوْتَةَ الأُولى} [الدخان: 56]، على إحدى التّأويلات؛ أو المستثنى توقُّفُهم في الموقف، أو مُدّةَ لَبْثِهم في الدنيا والبرزخ؛ أو الاستثناء لخروج الكُلِّ من النّارِ إلى الزمهرير، ومن الجنة إلى المراتب والمنازل الأرفع، {إنَّ رَبَّكَ فَعّالٌ لِما يُرِيدُ} حاكمٌغيرُ محكوم."ٍ

  • الاربعاء PM 05:27
    2020-11-04
  • 818
Powered by: GateGold