المتواجدون الآن

انت الزائر رقم : 409079
يتصفح الموقع حاليا : 374

البحث

البحث

عرض المادة

خلود إبليس وجنوده في العذابِ.

الدليلُ من القرآن الكريم:

 

  • قال تعالى: {وَإِذۡ قُلۡنَا لِلۡمَلَـٰۤىِٕكَةِ ٱسۡجُدُوا۟ لِآدَمَ فَسَجَدُوۤا۟ إِلَّاۤ إِبۡلِیسَ أَبَىٰ وَٱسۡتَكۡبَرَ وَكَانَ مِنَ ٱلۡكَـٰفِرِینَ} [البقرة: 34].

 

لا يشكّ مسلمٌ أنّ مصيرَ إبليسَ يومَ القيامةِ هو الخلودُ الأبدِيُّ في نار جهنّمَ؛ لأنّه استكبر واستعلى، وكفر باعتراضه على الله في أمره بالسجود لآدم.

 

قال النسفي (710 ھ) في تفسيره «مدارك التنزيل»: "{وَكانَ مِنَ الكافِرِينَ} وصارَ مِنَ الكافِرِينَ بِإبائِهِ، واسْتِكْبارِهِ، ورَدِّهِ الأمْرَ."

 

وقال الشيخُ السعدي في تفسيره: "ثم أمرهم تعالى بالسجود لآدم؛ إكراماً له وتعظيماً؛ وعبوديّةً لِلّه تعالى، فامتثلوا أمر الله؛ وبادروا كلهم بالسجود، {إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى} امتنع عن السجود؛ واستكبر عن أمر الله وعلى آدم، قال: {أَأَسْجُدُ لِمَنْ خَلَقْتَ طِينًا} وهذا الإباء منه والاستكبار؛ نتيجة الكفر الذي هو مُنْطَوٍ عليه؛ فتَبَيّنَتْ حينئذ عداوتُه لِلّه ولآدم، وكفرُه واستكبارُه."

 

إنّ إبليس تسَبَّبَ في إضلال كثيرٍ من الناس وإخراجهم من النور إلى الظلمات؛ ولقد حكم اللّه على كلّ من كفر وسلك طريق الشيطان، بالخلود معه في نار جهنّمَ؛ قال تعالى: {كَمَثَلِ ٱلشَّیۡطَـٰنِ إِذۡ قَالَ لِلۡإِنسَـٰنِ ٱكۡفُرۡ فَلَمَّا كَفَرَ قَالَ إِنِّی بَرِیۤءࣱ مِّنكَ إِنِّیۤ أَخَافُ ٱللَّهَ رَبَّ ٱلۡعَـٰلَمِینَ. فَكَانَ عَـٰقِبَتَهُمَاۤ أَنَّهُمَا فِی ٱلنَّارِ خَـٰلِدَیۡنِ فِیهَاۚ وَذَ ٰلِكَجَزَٰۤؤُا۟ ٱلظَّـٰلِمِینَ} [الحشر: 16-17].

 

قال الآلوسي (1270 ھ) في تفسيره «روح المعاني»: "{فَكانَ عاقِبَتَهُما أنَّهُما في النّارِ خالِدَيْنِ فِيها} أبَدَ الآبِدِينَ {وذَلِكَ} أيِ الخُلُودُ في النّارِ {جَزاءُ الظّالِمِينَ}."

 

وجاء في «التفسير الميسر - مجمع الملك فهد»: "فكان عاقبةُ أمْرِ الشيطان والإنسان الذي أطاعه فكفر، أنهما في النار، ماكثَيْن فيها أبدًا، وذلك جزاء المعتدين المتجاوزين حدود الله."

 

  • قال تعالى: {وَقَالَ ٱلشَّیۡطَـٰنُ لَمَّا قُضِیَ ٱلۡأَمۡرُ إِنَّ ٱللَّهَ وَعَدَكُمۡ وَعۡدَ ٱلۡحَقِّ وَوَعَدتُّكُمۡ فَأَخۡلَفۡتُكُمۡۖ وَمَا كَانَ لِیَ عَلَیۡكُم مِّن سُلۡطَـٰنٍ إِلَّاۤ أَن دَعَوۡتُكُمۡ فَٱسۡتَجَبۡتُمۡ لِیۖ فَلَا تَلُومُونِی وَلُومُوۤا۟ أَنفُسَكُمۖ مَّاۤ أَنَا۠ بِمُصۡرِخِكُمۡ وَمَاۤ أَنتُم بِمُصۡرِخِیَّ إِنِّی كَفَرۡتُ بِمَاۤ أَشۡرَكۡتُمُونِ مِن قَبۡلُۗ إِنَّ ٱلظَّـٰلِمِینَ لَهُمۡ عَذَابٌ أَلِیمࣱ} [إبراهيم: 23].

 

قال ابنُ كثيرٍ (774 ھ) في تفسيره: "يُخْبِرُ تَعَالَى عَمَّا خَطَبَ بِهِ إِبْلِيسُ -لَعَنَهُ اللَّهُ- أَتْبَاعَهُ، بَعْدَمَا قَضَى اللَّهُ بَيْنَ عِبَادِهِ، فَأَدْخَلَ الْمُؤْمِنِينَ الْجَنَّاتِ، وَأَسْكَنَ الْكَافِرِينَ الدَّرَكَاتِ، فَقَامَ فِيهِمْ إِبْلِيسُ -لَعَنَهُ اللَّهُ- حِينَئِذٍ خَطِيبًا لِيَزِيدَهُمْ حُزْنًا إِلَى حُزْنِهِمْ وغَبْنا إِلَى غَبْنهم، وَحَسْرَةً إِلَى حَسْرَتِهِمْ، فَقَالَ: {إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ} أَيْ: عَلَى أَلْسِنَةِ رُسُلِهِ، وَوَعَدَكُمْ فِي اتِّبَاعِهِمُ النَّجَاةَ وَالسَّلَامَةَ، وَكَانَ وَعْدًا حَقًّا، وَخَبَرًا صِدْقًا، وَأَمَّا أَنَا فَوَعَدْتُكُمْ وَأَخْلَفْتُكُمْ، كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {يَعِدُهُمْ وَيُمَنِّيهِمْ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلا غُرُورًا} [النِّسَاءِ: 120].

 

ثُمَّ قَالَ: {وَمَا كَانَ لِي عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ} أَيْ: مَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُمْ فِيمَا دَعَوْتُكُمْ إِلَيْهِ مِنْ دَلِيلٍ وَلَا حُجَّةٍ عَلَى صِدْقٍ مَا وَعَدْتُكُمْ بِهِ {إِلا أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي} بِمُجَرَّدِ ذَلِكَ، هَذَا وَقَدْ أَقَامَتْ عَلَيْكُمُ الرُّسُلُ الْحُجَجَ وَالْأَدِلَّةَ الصَّحِيحَةَ عَلَى صِدْقِ مَا جَاءُوكُمْ بِهِ، فَخَالَفْتُمُوهُمْ فَصِرْتُمْ إِلَى مَا أَنْتُمْ فِيهِ، {فَلا تَلُومُونِي} الْيَوْمَ {وَلُومُوا أَنْفُسَكُمْ}، فَإِنَّ الذَّنْبَ لَكُمْ؛ لِكَوْنِكُمْ خَالَفْتُمُ الْحُجَجَ وَاتَّبَعْتُمُونِي بِمُجَرَّدِ مَا دَعَوْتُكُمْ إِلَى الْبَاطِلِ، {مَا أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ} أَيْ: بِنَافِعِكُمْ وَمُنْقِذِكُمْ وَمُخَلِّصِكُمْ مِمَّا أَنْتُمْ فِيهِ، {وَمَا أَنْتُمْ بِمُصْرِخِيَّ} أَيْ: بِنَافِعِيَّ بِإِنْقَاذِي مِمَّا أَنَا فِيهِ مِنَ الْعَذَابِ وَالنَّكَالِ، {إِنِّي كَفَرْتُ بِمَا أَشْرَكْتُمُونِ مِنْ قَبْلُ}."

 

إنّ إبليسَ دخلَ النّارَ وهو يعلمُ أنّه مُخلّدٌ فيها خلوداً أبدياً، ويعلم -أيضاً- أنّ الكفارَ الذين دخلوا معه مُخلّدون معه في جهنّمَ؛ ولذلك فإنّ خطبتَه فيهم تدلّ على أنّه لا يوجد أيُّ أملٍ في النّجاة من عذابِ النّارِ والخلود فيها. فلو كان يعلمُ أنّ هناك أملاً في النّجاة من عذابِ اللّهِ -إمّا بالخروج منها، أوْ بفنائها والفناءِ معها- لتناول في خطبته الصّبْر على العذابِ والنكال، وذكّرهم برحمة اللّه الواسعة، وأنّ رحمَةَ اللّهِ قريبةٌ من جميع الكفرة وجنودِ إبليسَ أجمعين!

 

وبهذا يتبين لنا أنّ الشيطان ومَنْ سَلك طريقه مخلّدون في نار جهنّمَ، خلوداً أبديًّا سرمديا؛ وهذا دليلٌ على أبديّة النّار وعدم فنائها.

 

ب- الدليلُ من السُّنَّةِ: لقد ورد في وصف آخر أهل النار خُروجاً منها، عدةُ أحاديثَ صحيحةٍ، رواها الإمامان البخاري ومسلم؛ وورد في بعضِها حِوارٌ جَرَى بينه وبين ربه. ومن خلال هذا الحوار، يتبين لنا أن آخر من يخرج من النار هو رجل من بني آدم، ويتجلّى ذلك في قول اللّهِ له -بعد إخراجه من النّارِ-: "يا ابنَ آدم، ألم تُعاهِدْنِي أنْ لا تسألني غيرها؟"

 

وهذا دليلٌ على أنّ إبليس لن يخرج من النّارِ؛ لأنّه ليس مِن بني آدم، ولا يمكن أن يخرجَ بَعْد آخِر مَن ذَكَر النَّبِيُّ -صلّى اللّهُ عليه وسلّم- أنّه خرج من النار؛ قال الإمام ابن هبيرة الحنبلي (560 ھ) -عند تعليقه على حديث (آخر من يخرج من النار) الذي رواه مسلم عن أبي ذر: "وقد تقدّم فيما مضى، شرحُ حال الرجل الذي هو آخر أهل الجنة دخولًا وآخر أهل النار خروجًا في موضعين من مسند ابن مسعود، فإن كان هذا الرجل هو ذاك؛ ثُمّ قد ذكر كلٌّ من الرُّواةِ طرفًا من حاله، فلا يبعد، إذ ليس يقول رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن رجل أنه آخرُ أهل النار خروجًا منها، ويخرج بعده أحد، فإذا ذكر ذلك في أحاديثَ مُتفرِّقةٍ دل على أن الحكاية في الأحاديث الثلاثة إنما هي عن رجل واحد، إلّا أن كل راوٍ من الرُّواة قد ذكر طرفًا من حديث ذلك الرجل، وقد كان في أمره ما يقتضي هذا التفصيل." [الإفصاح عن معاني الصحاح، ابن هبيرة الحنبلي، ج 2 ص 176-177، تحقيق: فؤاد عبد المنعم أحمد، الناشر: دار الوطن سنة النشر: 1417 ھ].

  • الاربعاء PM 05:07
    2020-11-04
  • 2739
Powered by: GateGold