المتواجدون الآن

انت الزائر رقم : 409007
يتصفح الموقع حاليا : 336

البحث

البحث

عرض المادة

الأدلّةُ من الكتابِ والسُّنَّةِ النّبَوِيَّة، على أنّ النّارَ أبَدِيّة

الدليلُ الأوّل: أهلُ النّارِ لا يموتون، ومُحَرّمٌ عليهم دخولُ الجنّة.

 

أ- أهل النّارِ لا يموتون فيها.

 

  • قال تعالى: {وَالَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ نَارُ جَهَنَّمَ لَا يُقْضَىٰ عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا وَلَا يُخَفَّفُ عَنْهُم مِّنْ عَذَابِهَا كَذَٰلِكَ نَجْزِي كُلَّ كَفُورٍ} [فاطر: 36].

 

قال الإمامُ فخر الدين الرازي (606 ھ) في تفسيره «مفاتيح الغيب»: "{لا يُقْضى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا} أيْ: لا يَسْتَرِيحُونَ بِالمَوْتِ، بَلِ العَذابُ دائِمٌ."

 

وقال أبو حيان (745 ھ) في تفسيره «البحر المحيط»: "{لا يُقْضى عَلَيْهِمْ} أيْ: لا يُجْهَزُ عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا."

 

  • وقال تعالى: {وَيَتَجَنَّبُهَا الْأَشْقَى. الَّذِي يَصْلَى النَّارَ الْكُبْرَىٰ. ثُمَّ لَا يَمُوتُ فِيهَا وَلَا يَحْيَىٰ} [الأعلى: 11-13].

 

قال البقاعي (885 ھ) في تفسيره «نظم الدرر»: "{ثُمَّ لا يَمُوتُ فِيها} أي: لا يَتَجَدَّدُ لَهُ في هَذِهِ النّارِ مَوْتٌ وإنْ طالَ المَدى."

 

  • وعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ: "يُؤْتَى بِالْمَوْتِ كَهَيْئَةِ كَبْشٍ أَمْلَحَ، فَيُنَادِي مُنَادٍ يَا أَهْلَ الْجَنَّةِ فَيَشْرَئِبُّونَ وَيَنْظُرُونَ، فَيَقُولُ هَلْ تَعْرِفُونَ هَذَا فَيَقُولُونَ نَعَمْ هَذَا الْمَوْتُ، وَكُلُّهُمْ قَدْ رَآهُ؛ ثُمَّ يُنَادِي يَا أَهْلَ النَّارِ فَيَشْرَئِبُّونَ وَيَنْظُرُونَ فَيَقُولُ هَلْ تَعْرِفُونَ هَذَا فَيَقُولُونَ نَعَمْ هَذَا الْمَوْتُ، وَكُلُّهُمْ قَدْ رَآهُ؛ فَيُذْبَحُ ثُمَّ يَقُولُ يَا أَهْلَ الْجَنَّةِ خُلُودٌ فَلَا مَوْتَ وَيَا أَهْلَ النَّارِ خُلُودٌ فَلَا مَوْتَ، ثُمَّ قَرَأَ: {وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ إِذْ قُضِيَ الْأَمْرُ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ} [مَرْيَمَ: 39]، وَهَؤُلَاءِ فِي غَفْلَةِ أَهْلِ الدُّنْيَا وَهُمْ لَا يُؤَمِّنُونَ." [متفق عليه].

 

ب- الجَنَّةُ مُحَرَّمَةٌ على الكُفّار أهلِ النّارِ تحريماً أبديّاً.

 

قال تعالى: {لَقَدۡ كَفَرَ ٱلَّذِینَ قَالُوۤا۟ إِنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلۡمَسِیحُ ٱبۡنُ مَرۡیَمَۖ وَقَالَ ٱلۡمَسِیحُ یَـٰبَنِیۤ إِسۡرَ ٰۤءِیلَٱعۡبُدُوا۟ٱللَّهَرَبِّیوَرَبَّكُمۡۖإِنَّهُۥمَنیُشۡرِكۡبِٱللَّهِفَقَدۡحَرَّمَٱللَّهُعَلَیۡهِٱلۡجَنَّةَوَمَأۡوَىٰهُ ٱلنَّارُۖ وَمَا لِلظَّـٰلِمِینَ مِنۡ أَنصَارࣲ} [المائدة: 72].

 

قال أبو السعود (982 ھ) في تفسيره «إرشاد العقل السليم»: "{فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الجَنَّةَ} فَلَنْ يَدْخُلَها أبَدًا، كَما لا يَصِلُ المُحَرَّمُ عَلَيْهِ إلى المُحَرَّمِ، فَإنَّها دارُ المُوَحِّدِينَ. وإظْهارُ الِاسْمِ الجَلِيلِ في مَوْضِعِ الإضْمارِ لِتَهْوِيلِ الأمْرِ وتَرْبِيَةِ المَهابَةِ{وَمَأْواهُ النّارُ} فَإنَّها هي المُعَدَّةُ لِلْمُشْرِكِينَ، وهَذا بَيانٌ لِابْتِلائِهِمْ بِالعِقابِ إثْرَ بَيانِ حِرْمانِهِمُ الثَّوابَ."

 

  • وقال تعالى: {وَنَادَىٰۤ أَصۡحَـٰبُ ٱلنَّارِ أَصۡحَـٰبَ ٱلۡجَنَّةِ أَنۡ أَفِیضُوا۟ عَلَیۡنَا مِنَ ٱلۡمَاۤءِ أَوۡ مِمَّا رَزَقَكُمُ ٱللَّهُۚ قَالُوۤا۟ إِنَّ ٱللَّهَ حَرَّمَهُمَا عَلَى ٱلۡكَـٰفِرِینَ} [الأعراف: 50].

 

قال أبو السعود (982 ھ) في «إرشاد العقل السليم»: "{إنَّ اللَّهَ حَرَّمَهُما عَلى الكافِرِينَ} أيْ: مَنَعَهُما مِنهم مَنعًا كُلِّيًّا، فَلا سَبِيلَ إلى ذَلِكَ قَطْعًا."

 

  • وقال تعالى: {إِنَّ ٱلَّذِینَ كَذَّبُوا۟ بِـَٔایَـٰتِنَا وَٱسۡتَكۡبَرُوا۟ عَنۡهَا لَا تُفَتَّحُ لَهُمۡ أَبۡوَ ٰبُٱلسَّمَاۤءِ وَلَا یَدۡخُلُونَ ٱلۡجَنَّةَ حَتَّىٰ یَلِجَ ٱلۡجَمَلُ فِی سَمِّ ٱلۡخِیَاطِۚ وَكَذَ ٰلِكَنَجۡزِیٱلۡمُجۡرِمِینَ} [الأعراف: 40].

 

قال الشوكاني (1250 ھ) في «فتح القدير»: قوْلُه "{ولا يَدْخُلُونَ الجَنَّةَ حَتّى يَلِجَ الجَمَلُ في سَمِّ الخِياطِ} أيْ: أنَّ هَؤُلاءِ الكُفّارَ المُكَذِّبِينَ المُسْتَكْبِرِينَ لا يَدْخُلُونَ الجَنَّةَ بِحالٍ مِنَ الأحْوالِ، ولِهَذا عَلَّقَهُ بِالمُسْتَحِيلِ، فَقالَ: حَتّى يَلِجَ الجَمَلُ في سَمِّ الخِياطِ وهو لا يَلِجُ أبَدًا، وخُصَّ الجَمَلُ بِالذِّكْرِ لِكَوْنِهِ يُضْرَبُ بِهِ المَثَلُ في كِبَرِ الذّاتِ، وخُصَّ سَمُّ الخِياطِ، وهو ثُقْبُ الإبْرَةِ بِالذِّكْرِ لِكَوْنِهِ غايَةً في الضِّيقِ."

 

ومِن الأدِلّةِ من السُّنَّةِ، على أنّ الكُفّارَ يَحْرُمُ عليهم يومَ القيامةِ دخولُ الجَنَّة تحريماً مُؤَبّداً، أنّ أهلَ الجَنَّة يرِثون منازلَهم التي كانت مخصصةً لهم في الجنة، لو أنّهم آمنوا باللّهِ وَحْدَه ولمْ يشركوا به، فلقد جاء في الحديث أنّ النَّبيَّ -صلّى اللّهُ عليه وسلّم-قال: "مَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا وَلَهُ مَنْزِلَانِ: مَنْزِلٌ فِي الْجَنَّة، وَمَنْزِلٌ فِي النَّار، فَإِذَا مَاتَ وَدَخَلَ النَّارَ وَرِثَ أَهْلُ الْجَنَّة مَنْزِلَهُ، وَذَلِكَ قَوْلُه تَعَالَى: {أُولَئِكَ هُمْ الْوَارِثُون}" [رواه ابن ماجه، وقال البوصيري في «مصباح الزجاجة»: هذا إسناد صحيح على شرط الشيخين. وقال الألباني في «صحيح سنن ابن ماجه»: صحيح].

 

وقال الطبري (310 ھ) في تفسيره «جامع البيان»: "وقوله: {أُولَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ} [المؤمنون: 10] يقول تعالى ذكره: هؤلاء الذين هذه صفتُهم في الدنيا، هم الوارثون يوم القيامة منازل أهل النار من الجنة."

 

*النتيجةُ الحَتْمِيّةُ: إنّ أهلَ النّارِ محكومٌ عليهم بِعدمِ الموت، ومُحرَّمٌ عليهم دخول الجَنّة؛ ويومَ القيامة لا وجودَ لمكانٍ ثالثٍ، يمكن أنْ يلجأَ إليه أهلُ النّارِ؛ لقوله تعالى: {وَتُنذِرَ یَوۡمَ ٱلۡجَمۡعِ لَا رَیۡبَ فِیهِۚ فَرِیقࣱ فِی ٱلۡجَنَّةِ وَفَرِیقࣱ فِی ٱلسَّعِیرِ} [الشورى: جزء من الآية 7].

 

وبما أنّ أهلَ النّارِ لا يموتون فيها، ومُحرَّمٌ عليهم دخول الجَنّة، ولا وجودَ لِمكانٍ ثالثٍ يمكن أنْ يلجؤوا إليه، فإنّ مقامَهم الذي سيقضون حياتهم الأبدية فيه هو نارُ جهنّمَ؛ وهذا دليلٌ قاطعٌ على أبدِيّةِ النّارِ وعدم فنائها.

  • الاربعاء PM 04:06
    2020-11-04
  • 928
Powered by: GateGold