المتواجدون الآن

انت الزائر رقم : 412581
يتصفح الموقع حاليا : 297

البحث

البحث

عرض المادة

ادعاء أن الصوم عند المسلمين يقلل الإنتاج ويبعث على التكاسل

ادعاء أن الصوم عند المسلمين يقلل الإنتاج ويبعث على التكاسل (*)

مضمون الشبهة:

يدعي بعض المشككين أن فريضة الصيام التي فرضها الإسلام على المسلمين تؤثر تأثيرا سلبيا على اقتصاد المجتمع، فيقل الإنتاج، ويكثر التواكل والتكاسل، ويستدلون على ذلك بأن المسلمين عندما يصومون يقبلون على أعمالهم ببطء ولا يوجد لديهم دافع قوي للعمل والإنتاج، فلا بد أن تلغى هذه الفريضة في نظرهم لكي ينهض المسلمون من جديد، ويهدفون من وراء ذلك إلى إنكار فريضة الصيام التي فرضها الله - عز وجل - على المسلمين.

وجوه إبطال الشبهة:

1) الصيام لا يدعو المسلمين إلى التكاسل والتواكل كما يدعي هؤلاء، بل يدعو إلى العمل وزيادة الإنتاج، والأحداث التاريخية التي وقعت في المجتمع المسلم خلال شهر رمضان خير دليل على صحة ذلك.

2) إصابة بعض الصائمين بالإعياء والإرهاق ليس راجعا إلى الصوم في حد ذاته، بل نتيجة مخالفة هدي النبي - صلى الله عليه وسلم - في الصيام.

3) للصوم فوائد جمة، وعوائد كثيرة منها الروحية، والصحية، والاجتماعية، والتربوية، بما يعمل على دفع حركة تقدم المجتمع بخطى أسرع، وإخلاص أكثر.

4) لم ينفرد الإسلام بفريضة الصيام، فلقد كان مفروضا على الأمم السابقة، فلم لا يقال في حقها مثل ما قيل في حق هذه الفريضة عند المسلمين؟!

التفصيل:

أولا. شهر الصيام في الإسلام هو شهر القوة والجهاد والعمل، وليس أدل على هذا من الأحداث والمواقع التاريخية التي خاضها المسلمون خلال رمضان:

إن الأحداث التاريخية الفاصلة التي وقعت في شهر رمضان، والانتصارات الرائعة التي حققها المسلمون خلال هذا الشهر الكريم تدل على أن الإسلام يقدر الأمور حق قدرها، وأن شعار الصوم هو القوة، والجهاد، والعمل، لا الضعف، والفتور، والكسل، فالمسلم يتفاعل مع واقع الحياة، ويتكيف مع الظروف، فلا يثنيه واجب ديني عن واجب معيشي أو حياتي، ولا تحد من عزيمته وهمته أهواء الدنيا، ومغريات الطعام والشراب، فلا يصح لقائل أن يقول: إن الصوم يعطل الأعمال، ويؤخر المجتمعات، والدليل على ذلك كل هذه الأحداث التاريخية الكبرى التي وقعت في شهر الصوم، ونكتفي هنا بذكر أشهرها:

  • معركةبدرالكبرى: وقدحدثت في يوم الجمعة في السابع عشر من رمضان من السنة الثانية للهجرة، قال عز وجل: )ولقد نصركم الله ببدر وأنتم أذلة فاتقوا الله لعلكم تشكرون (123)( (آل عمران).
  • فتحمكة: وهوالفتحالأكبر،وقدحدثفيشهررمضانمنالسنةالثامنةللهجرة،يقولسبحانهوتعالى: )إنافتحنا لك فتحا مبينا (1)( (الفتح).
  • موقعةعينجالوت: وقدحدثتيومالخامسعشرمنرمضانسنة 658هـ.
  • حربالسادسمنأكتوبرعام 1973م: وكانتيومالعاشرمنرمضان 1394هـ.

كل هذه الأحداث وغيرها الكثير والكثير قد حدثت في شهر الصيام، وفي هذا أكبر دليل على أن الصوم لم يكن أبدا عقبة أمام العمل، أو داعيا للتهاون والكسل في حياة المسلم [1].

ثانيا. الهدى النبوي في الصوم ومزاياه:

إن اتباع هدي النبي - صلى الله عليه وسلم - في الصوم يقي المسلم التعب والإعياء أثناء النهار، فالإعياء والضعف الذي يصيب بعض الصائمين أثناء النهار هو نتيجة مخالفتهم للآداب الإسلامية في الصوم.

لقد فهم المسلمون الأوائل أسرار ومقاصد الصيام، واتبعوا هدي النبي - صلى الله عليه وسلم - واستمدوا منه روح القوة، وقوة الروح، فكان نهارهم نشاطا وإنتاجا وإتقانا، وكان ليلهم تزاورا، وتهجدا، وقرآنا، وكان شهرهم كله تعلما وتعبدا، وإحسانا، واجتهادا [2].

فمن هدي النبي - صلى الله عليه وسلم - في الصوم «كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يفطر على رطبات قبل أن يصلي، فإن لم تكن رطبات فتميرات، فإن لم تكن تميرات حسا حسوات من ماء» [3].

فالحديث يدل علي الطريقة الطبية الصحيحة عند الإفطار، وهي أن يتناول الصائم أول ما يتناول في طعام الإفطار مادة سكرية كالتمر؛ فالتمر من السكريات سهلة الهضم، سريعة الامتصاص إلى الدم، ثم يتوضأ ويصلي المغرب، وذلك يستغرق وقتا يكون التمر فيه قد هضم، ورفع مستوى السكر في الدم إلى المستوى الطبيعي، وزال شعور الجوع، وبالتالي الشعور بالإعياء ودب في الجسم النشاط، وعندما يقبل على مائدة الطعام بعد الصلاة لا يتناول إلا قدرا قليلا من الطعام. فلا يرهق الجسم، وبالتالي لا تحدث أي مشكلة، فالمسلم لا يأكل حتى يشبع.

ومن هدي النبي - صلى الله عليه وسلم - كذلك في السحور، تأخير السحور، فقال صلى الله عليه وسلم: «تسحروا؛ فإن في السحور بركة» [4] وذلك مما يساعد على النشاط بالنهار، ويعمل على زيادة العمل والإنتاج؛ لأن الإسلام ليس دين استسلام وخمول، بل دين جهاد، وكفاح، وعمل.

أما هؤلاء المتكاسلون، والمتوانون في العمل، والمصابون بالإرهاق والتعب، فهم الذين خالفوا هدي الإسلام في الصوم، فتراهم لم ينتفعوا برمضان، ولم يستفيدوا بما فيه من صيام ولا قيام، فجعلوا ليله للبطن والمعدة والسهر، ولا يأخذون قسطا كافيا من النوم فتجدهم - لذلك - متعبين أثناء النهار، ومن هنا يقل إنتاجهم، ويقبلون على أعمالهم ببطء وتثاقل، وربما يعتذرون عن ذلك بأنهم صائمون، وقد يكون اعتذارهم هذا في أول النهار، فلو كان للصوم أي تأثير على النشاط - كما يزعمون - فإن ذلك لا يكون أول النهار، بل يكون في فترة متأخرة منه [5].

من هنا يمكن القول: إن الصوم الحقيقي الذي أمر الإسلام به، والذي يتقبله الله - عز وجل - هو أكبر مصادر غذاء الأرواح وأنفعها، فيه يتصل الإنسان بعالم الشفافية، فيربي ضميره الذي يعلم أنه مراقب، فيقوم بالعمل الكثير في الوقت القليل.

ثالثا. للصوم فوائد عدة:

لقد ثبت أن للصوم فوائد كثيرة صحية وروحية، واجتماعية، وتربوية، فهو بذلك فرصة سنوية للنقد الذاتي على المستويين الفردي والاجتماعي؛ بهدف القضاء على السلبيات، وهذا يدفع حركة المجتمع بخطى أسرع، وبإخلاص أكثر.

لقد ثبت أن للصوم فوائد روحية كثيرة، ففيه فرصة عظيمة لتقوية البدن، فإن كثيرا مما يصيب الناس من أمراض إنما هو ناشئ من بطونهم التي يتخمونها بكل ما تشتهي غير مفرقين بين ما ينفع وما يضر، وقد قال صلى الله عليه وسلم: «ما ملأ ابن آدم وعاء شرا من بطنه، بحسب ابن آدم أكيلات؛ ليقمن صلبه، فإن كان لا محالة، فثلث لطعامه، وثلث لشرابه، وثلث لنفسه» [6].

وإذا كان البطن مستنقع البلايا، وكانت المعدة بيت الداء، فإن الحمية - أي الامتناع عن الأكل - رأس الدواء، وليس كالصوم فرصة تستريح فيها المعدة، ويتخلص الجسم من كثير من فضلاته الضارة، وقد نشرت إحدى المجلات أن ثلاثمائة قد برئوا من البول السكري بعلاج الصوم[7]، وقد قال تعالى: )وأن تصوموا خير لكم إن كنتم تعلمون (184)( (البقرة).

والصوم يجدد النشاط البدني، ويطيل فترة الشباب بها، حيث يحافظ على صحة شرايين الجسم، وأثناء الصوم تقل الدهنيات بالدم، ويقل ضغط الدم، ويقل مستوى السكر بالدم، لمن كان مريضا بالسكر، والصوم يفيد الجهاز الهضمي، ويمنحه فرصة من الراحة والاستجمام، والصوم شفاء لكثير من الأمراض؛ كالبشرة الدهنية، وبعض أمراض الحساسية [8].

ولا شك أن الأفراد ذوي الصحة هم القادرون على دفع حركة التقدم، والعمل في المجتمع، وليس العكس؛ فإن الصوم فرصة سنوية للنقد الذاتي على مستوى الفرد؛ بهدف القضاء على السلبيات، مما يساعد على تقوية روح المسلم وضميره، بحيث يجعله يجد في العمل؛ لأنه لا يراقب إلا الله تعالى - كما علمه الصوم -.

ويوجز الشيخ محمد الغزالي حقيقة الصوم، وحكمته في الإسلام فيقول: "الصيام عبادة مستغربة أو منكورة في جو الحضارة المادية التي تسود العالم، إنها حضارة تؤمن بالجسد، ولا تؤمن بالروح، وتؤمن بالحياة العاجلة، ولا تكترث باليوم الآخر، ومن ثم فهي تكره عبادة تقيد الشهوات ولو إلى حين، وتؤدب هذا البدن المدلل، وتلزمه مثلا أعلى.

إن الأفراد والجماعات في العالم المعاصر لا تسعى إلا لتكثير الدخل، ورفع مستوى المعيشة، ولا يعنيها أن تجعل من ذلك وسيلة لحياة أزكى! ونسارع إلى تبرئة الدين من حب الفقر وخصومة الجسم، فالغنى سر العافية والجسم القوي نعم العون على أداء الواجب والنهوض بالأعباء، وإنما نتساءل: هل يتعامل الناس مع أجسامهم على أسلوب معقول يحترم الحقائق وحدها؟

يقول علماء التغذية: إن للطعام وظيفتين:

الأولى: إمداد الجسم بالحرارة التي تعينه على الحركة والتقلب على ظهر الأرض.

والأخرى: تجديد ما يستهلك من خلاياه وإقداره على النمو في مراحل الطفولة والشباب.

حسنا، هل نأكل لسد هاتين الحاجتين وحسب؟ إن أولئك العلماء يقولون: يحتاج الجسم إلى مقدار كذا من السعر الحراري كي يعيش.

الطعام وقود لا بد منه للآلة البشرية، والفرق بين الآلات المصنوعة والإنسان الحي واضح. فخزان السيارة مصنوع من الصلب ليسع مقدارا معينا من النفط يستحيل أن يزيد عليه، أما المعدة فمصنوعة من نسيج قابل للامتداد والانتفاخ يسع أضعاف ما يحتاج المرء إليه.

وخزان السيارة يمدها بالوقود لآخر قطرة فيه إلى أن يجيء مدد آخر. أما المعدة فهي تسد الحاجة، ثم يتحول الزائد إلى شحوم تبطن الجوف، وتضاعف الوزن، وذاك ما تعجز السيارة عنه، إنها لا تقدر على أخذ فائض، ولو افترضنا، فإنها لا تقدر على تحويله إلى لدائن[9] تضاف إلى الهيكل النحيف فيكبر، أو إلى الإطارات الأربعة فتسمن!!

الإنسان كائن عجيب، يتطلع أبدا إلى أكثر مما يكفي. وقد يقاتل من أجل هدف الزيادة الضارة، ولا يرى حرجا أن تكون بدانة في جسمه. فذاك عنده أفضل من أن تكون نماء في جسد طفل فقير، أو وقودا في جسد عامل يجب أن يتحرك ويعرق!!

إن الإنسان هو المخلوق الوحيد الذي يعرف ما يضره ويقبل عليه برغبة، إنها الرغبة القاتلة!

على أن النفس التي تشتهي ما يؤذي يمكن أن تتأدب، وتقف عند حدود معقولة؛ كما قال الشاعر قديما:

والنـفس راغبة إذا رغبتها

وإذا ترد إلى قليل تقنع

وهنا يجيء أدب الصيام، إنه يرد النفس إلى القليل الكافي، ويصدها عن الكثير المؤذي. ذاك يوم نصوم حقا، ولا يكون الامتناع المؤقت وسيلة إلى التهام مقادير أكبر كما يفعل سواد الناس.

لعل أهم ثمرات الصوم القدرة على الحياة مع الحرمان في صورة ما، فكثيرا ما كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يسأل أهل بيته في الصباح، أثم ما يفطر به؟ فيقال: لا، فينوي الصيام، ويستقبل يومه كأن شيئا لم يحدث [10].

ويذهب فيلقي الوفد ببشاشة، ويبت في القضايا، وليس في صفاء نفسه غيمة واحدة، وينتظر بثقة تامة رزق ربه دونما ريبة، ولسان حاله: )فإن مع العسر يسرا (5) إن مع العسر يسرا (6)( (الشرح).

إنها لعظمة نفسية جديرة بالإكبار، أن يواجه المرء البأساء والضراء مكتمل الرشد، باسم الثغر، والأفراد والجماعات تقدر على ذلك لو شاءت.

وأعتقد أن أسباب انتصار العرب في الفتوح الأولى قلة الشهوات التي يخضعون لها، أو قلة العادات التي تعجز عن العمل، إن لم تتوافر.

يضع الواحد منهم تمرات في جيبه، وينطلق إلى الميدان، أما جنود فارس والروم، فإن العربات المشحونة بالأطعمة كانت وراءهم، وإلا توقفوا. وقد اعتمد غاندي على هذا السلاح عندما حارب بريطانيا العظمى، كان الإنتاج البريطإني يعتمد على الاستهلاك الهندي، وقرر غاندي أن ينتصر بتدريب قومه على الاستغناء، فقرر أن يلبس الخيش، ولا يلبس منسوجات مانشيستر، ويأكل الطعام بدون الملح ما دامت الدولة تحتكره، ويركب رجليه ولا يركب سياراتهم، وقاد حركة المقاطعة، رجل نصف عار جائع، ينتقل بين المدن والقرى مكتفيا بكوب من اللبن.

واستجابت الجماهير الكثيفة للرجل الزاهد، وشرعت تسير وراءه؛ فإذا الإنتاج الإنجليزي يتوقف، والمصانع تتعطل، وألوف مؤلفة من العمال الإنجليز يشكون البطالة.

واضطرت الحكومة إلى أن تطلب من غاندي المجيء إلى لندن كي يتفاوض معها، أو يملي شروطه عليها... في صيام غاندي وأثر سياسته على إنجلترا، وظفره باستقلال الهند، يقول الشاعر القروي سليم خوري:

لقد صام هندي فجوع دولة

وما ضار علجا صوم مليون مسلم

وتجتاح الناس بين الحين والحين أزمات حادة تقشعر منها البلاد، ويجف الزرع والضرع، ما عساهم يفعلون؟! إنهم يصبرون مرغمين أو يصومون كارهين وملء أفئدتهم السخط، والضيق، وشريعة الصوم شيء فوق هذا، إنها حرمان الواجد، ابتغاء ما عند الله، إنها تحمل للمرء منه مندوحة لو شاء، ولكنه يخرس صياح بطنه، ويرجئ إجابة رغبته، مدخرا صبره عند ربه، كيما يلقاه راحة ورضا في يوم عصيب: )ذلك يوم مجموع له الناس وذلك يوم مشهود (103)( (هود).

وربط التعب بأجر الآخرة هو ما عناه النبي - صلى الله عليه وسلم - في قوله: «من صام رمضان إيمانا واحتسابا، غفر له ما تقدم من ذنبه»[11]، إن كلمتي: "إيمانا واحتسابا" تعنيان جهدا لا يستعجل أجره، ولا يطلب اليوم ثمنه؛ لأن باذله قرر حين بذله أن يجعله ضمن مدخراته عند ربه، نازلا عند قوله: )ذلك اليوم الحق فمن شاء اتخذ إلى ربه مآبا (39)( (النبأ).

وسوف يجد الصائم مفطرين لا يعرفون لرمضان حرمة، ولا لصيامه حكمة، إذا اشتهوا طعاما أكلوا، وإذا شاقهم شراب أكرعوا، ماذا يجدون يوم اللقاء؟

إنهم يجدون أصحاب المدخرات في أفق آخر مفعم بالنعمة والمتاع، ويحدثنا القرآن الكريم عمن أضاعوا مستقبلهم فيقول: )ونادى أصحاب النار أصحاب الجنة أن أفيضوا علينا من الماء أو مما رزقكم الله قالوا إن الله حرمهما على الكافرين (50) الذين اتخذوا دينهم لهوا ولعبا وغرتهم الحياة الدنيا فاليوم ننساهم كما نسوا لقاء يومهم هذا وما كانوا بآياتنا يجحدون (51)( (الأعراف).

إن الصيام عبادة مضادة لتيار الحياة الآن؛ لأن الفلسفات المادية المسيطرة في الشرق والغرب، تعرف الأرض ولا تعرف السماء، تعرف الجسم ولا تعرف الروح، تعرف الدنيا ولا تعرف الآخرة.

ليكن للقوم ما أرادوا، ذلك مبلغهم من العلم، بيد أنا - نحن المسلمين - يجب أن نعرف ربنا، وأن نلزم صراطه، وأن نصوم له، وأن ندخر عنده [12].

رابعا. فرض الصيام على الأمم السابقة كما فرض على المسلمين:

قال الله عز وجل: )يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون (183)( (البقرة)، ولا تزال هناك من الديانات حتى يومنا هذا ما يعرف شعيرة الصوم مع الفارق الكبير بين الصوم في الإسلام، وفي هذه الديانات.

وقد عرف الكثير من الأديان السابقة للإسلام الصوم، فقد فرضت التوراة الصيام على اليهود، وكان موسى - عليه السلام - يصوم أربعين يوما في العام، وكذلك عرفت المسيحية الصوم، وهي الامتناع عن أكل الحيوان، وكل ما يتولد أو يستخرج منه أصله، بل إن الديانات الوضعية والحضارات القديمة عرفت الصوم كوسيلة للتقرب إلى الآلهة، أو عرفته وسيلة للتطهير والسمو بالنفس[13]، ولكن الإسلام جاء بالصوم وقد نقاه من كل شائبة، وجعله سموا بالجسد والروح، بعد أن كان تعذيبا للنفس وسعيا لفنائها.

الخلاصة:

  • إنشعارالصومفيالإسلامهوالقوةوالجهدوالعمل،لاالضعفوالكسل،فالمسلملايثنيهواجبدينيعنواجبحياتي،ولايحدمنعزيمتهمغرياتالطعاموالشراب،وإنأكبردليل على ذلك هذه الأحداث التاريخية الكبرى التي وقعت في شهر رمضان، مثل: غزوة بدر وفتح مكة وفتح الأندلس.
  • إنللصومفوائدكثيرةللروحوالجسدمعا،فإنأكثرمايصيبالناسمنأمراضناشئعنبطونهم،فإذاكانتالمعدةبيتالداء،فإنالامتناععنالأكلرأسالدواء،فالصوم شفاء للكثير من الأمراض ولا شك أن الأفراد الذين يتمتعون بصحة جيدة أكثر قدرة على العمل، ودفع حركة الإنتاج من غيرهم.
  • إنالتعبوالإعياءالذييصيببعضالمسلمينأثناءالصومهونتيجةمخالفةهديالنبي- صلىاللهعليهوسلم - والآدابالإسلاميةفيالصوم،فالصوم الذي أمر به الإسلام هو أكبر مصدر لغذاء الأرواح ونفعها، وهو الذي يربي ضمير المسلم، فيعلم أنه مراقب من ربه، فيقوم بالعمل الكثير في الوقت القليل.
  • لمينفردالإسلامبفريضةالصيام،فقدفرضعلىالأممالسابقة،فالتوراةتفرضعلىاليهودالصومأربعينيومافي العام، والإنجيل يفرض على النصارى الصيام عن أكل اللحوم وغيرها، وبعض الديانات الوثنية وغيرها تفرض على نفسها الصوم تقربا إلى الآلهة، إلا أن للصوم في الإسلام ميزته الخاصة التي ينفرد بها عن باقي الديانات الأخرى؛ فهو سمو بالجسد والروح، بعد أن كان تعذيبا للنفس وسعيا لفنائها.

 

 

 

(*) حقائق الإسلام في مواجهة شبهات المشككين، د. محمود حمدي زقزوق، المجلس الأعلى للشئون الإسلامية، القاهرة، ط4، 1427 هـ / 2006م. الإسلام بين الحقيقة والادعاء، مجموعة علماء، الشركة المتحدة للطباعة، مصر، 1996م. صورة الإسلام في الإعلام الغربي، د. محمد بشارى، دار الفكر، دمشق، ط1، 2004م.

[1]. الفقه الإسلامي وأدلته، د. وهبة الزحيلي، دار الفكر، دمشق، ط1، 1417هـ/ 1996م، ج2، ص575.

[2]. العبادة في الإسلام، د. يوسف القرضاوي، مكتبة وهبة، القاهرة، ط 24، 1416 هـ/ 1995م، ص294.

[3]. حسن: أخرجه أحمد في مسنده، مسند المكثرين من الصحابة، مسند أنس بن مالك رضي الله عنه (12698)، وأبو داود في سننه، كتاب الصوم، باب ما يفطر عليه (2358)، وحسنه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب (1077).

[4]. أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب الصوم، باب بركة السحور من غير إيجاب (1823)، ومسلم في صحيحه، كتاب الصيام، باب فضل السحور وتأكيد استحبابه واستحباب تأخيره (2603).

[5]. حقائق الإسلام في مواجهة شبهات المشككين، د. محمود حمدي زقزوق، المجلس الأعلى للشئون الإسلامية، القاهرة، ط4، 1427 هـ / 2006م، ص646.

[6]. صحيح: أخرجه أحمد في مسنده، مسند الشاميين، حديث المقدام بن معد يكرب رضي الله عنه (17225)، والترمذي في سننه، كتاب الزهد، باب كراهية كثرة الأكل (2380)، وصححه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب (2135).

[7]. العبادة في الإسلام، د. يوسف القرضاوي، مكتبة وهبة، القاهرة، ط 24، 1416 هـ/ 1995م، ص290.

[8]. المعارف الطبية في ضوء القرآن والسنة، د. أحمد شوقي إبراهيم، دار الفكر العربي، القاهرة، ط1، 2002م، ص160.

[9]. اللدائن: جمع لدينة، وهي مادة مرنة قابلة للتشكل.

[10]. أخرجه مسلم في صحيحه، كتاب الصيام، باب جواز صوم النافلة بنية من النهار قبل الزوال (2770).

[11]. أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب الصوم، باب من صام رمضان إيمانا واحتسابا (1802)، وفي مواضع أخرى، ومسلم في صحيحه، كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب الترغيب في قيام رمضان وهو التراويح (1817).

[12]. مائة سؤال عن الإسلام، محمد الغزالي، نهضة مصر، القاهرة، ط 2، 2004م، ص339 وما بعدها.

[13]. انظر: مقارنة الأديان: الإسلام، د. أحمد شلبي، مكتبة النهضة المصرية، القاهرة، ط12، 1997م، ج3، ص144 وما بعدها.

  • الجمعة AM 03:21
    2020-10-30
  • 1112
Powered by: GateGold