المتواجدون الآن

انت الزائر رقم : 409149
يتصفح الموقع حاليا : 286

البحث

البحث

عرض المادة

ادعاء أن تغيير القبلة لعبة سياسية، وأن قبة الصخرة هي القبلة الصحيحة

ادعاء أن تغيير القبلة لعبة سياسية، وأن قبة الصخرة هي القبلة الصحيحة(*)

مضمون الشبهة:

يزعم بعض المتوهمين أن حادث تحويل القبلة ما هو إلا لعبة سياسية من النبي - صلى الله عليه وسلم - لاستمالة قلوب العرب تارة، واليهود تارة أخرى. ويقولون: إن النبي توجه نحو أورشليم مركز اليهود والنصارى، ثم تحول عنها لغرض سياسي. ويستدلون على ذلك بأن قبة الصخرة هي مركز الأرض، وأنها حلت محل الكعبة لفترة وجيزة في بداية التاريخ الإسلامي، ويهدفون من وراء ذلك إلى التأكيد على أن النبي - صلى الله عليه وسلم - رجل سياسة لا رجل دين.

وجوه إبطال الشبهة:

1) القبلةلغة: الجهة،واصطلاحا: الكعبة،واستقبالهافيالصلاةواجبعلىالمسلمين.

2) الحكم الحقيقية الكامنة وراء تحويل القبلة تتمثل في الاختصاص والتميز في التصور والاعتقاد، فالإسلام متميز عما سواه عقيدة وعبادة ومعاملة، ثم إن تحويل القبلة كان ابتلاء واختبارا.

3) الكعبةهيمركزالأرضوليستقبةالصخرةكماثبتعلميابشهادةالمتخصصين.

التفصيل:

أولا. القبلة لغة واصطلاحا، وحكم استقبالها:

القبلة لغة: الجهة، وكل ما يستقبل من الشيء. وشرعا: يراد بها البيت الحرام، الكعبة.

حكم استقبال القبلة:

استقبال البيت الحرام عند الصلاة واجب لقوله سبحانه وتعالى: )قد نرى تقلب وجهك في السماء فلنولينك قبلة ترضاها فول وجهك شطر المسجد الحرام وحيث ما كنتم فولوا وجوهكم شطره( (البقرة: ١٤٤)، فاستقبال القبلة شرط لصحة الصلاة، لقوله - صلى الله عليه وسلم - للمسيء صلاته: «إذا قمت إلى الصلاة فأسبغ الوضوء، ثم استقبل القبلة فكبر...» ([1]). وعن البراء بن عازب - رضي الله عنه - قال:«صلينا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نحو بيت المقدس ستة عشر شهرا، أو سبعة عشر شهرا، ثم صرفنا نحو الكعبة». ([2]) ومن تمكن من رؤية الكعبة وجب عليه استقبال عينها، فإن حال بينه وبينها حائل استقبل جهتها، وتحرى لذلك قدر الإمكان ([3]).

ثانيا. الحكم الحقيقية المبتغاة من التحويل:

لم يكن تحويل القبلة - بالطبع - تلاعبا ولا استهدافا لغرض سياسي، كما زعم المغالطون، وإنما كانت وراءه علل، وفيه حكم حاول بسطها د. أحمد شلبي بقوله: "هناك موضوع مهم يتصل بالمسجد ذلك هو موضوع القبلة، وفلسفة الإسلام تقضي بخلق روابط بين المسلمين بعضهم مع بعض في أكثر أمور الدين والدنيا.

فهم جميعا يصومون شهر رمضان، ويصلون صلوات موحدة، ويحجون إلى بيت الله العتيق، وهكذا. ومن هذه الأشياء أن يتجه المسلمون جميعا إلى مكان واحد وقت الصلاة؛ ليحصل التجانس بين صفوف المصلين، وبخاصة في صلاة الجمعة والجماعة، والصلاة في المسجد أو نحو ذلك، لتطرد الوحدة التي عني بها الإسلام.

أما المكان الذي اتجه له المسلمون في صلاتهم قبل الهجرة، فهو الكعبة؛ لأنها بيت الله العتيق، وبناء إبراهيم، وموضع فخار العرب.

غير أن بعض المسلمين الأول ظنوا في اتجاههم للكعبة أن المكان نفسه معظم، فأراد الله أن يعلمهم أن اتجاههم إنما هو في الحقيقة لوجهه تعالى، وليس فضل الكعبة إلا لأن هذا المكان شهد دين إبراهيم، وشهد عبادة الله منذ آلاف السنين، ولكن إذا تعلق بعض العرب بالكعبة تعلقا ذاتيا، وإذا غفل بعضهم عن أن الاتجاه إنما هو لله، فقد اتجهت حكمة الله أن يختار مكانا آخر ليختبر عمق إيمان المسلمين وطاعتهم. وليثبت في نفوسهم هذه الحقيقة الهامة التي ذكرناها من قبل، وهي أن الاتجاه يجب أن يفهم على أنه لله تعالى، وفي هذا المعنى وردت الآية الكريمة: )ولله المشرق والمغرب فأينما تولوا فثم وجه الله إن الله واسع عليم (115)( (البقرة)، وقد قال المفسرون في تفسير هذه الآية: إنه لا يختص مكان دون مكان بخاصية ذاتية تمنع إقامة غيره مقامه. وكانت هذه الآية - كما قال المفسرون - توطئة لتوجيه المسلمين في صلاتهم إلى غير الكعبة، كما كانت تعليما للمسلمين بأن الاتجاه لله لا للمكان. وأن اختيار المكان إنما هو مطابق لفلسفة الإسلام التي سبق ذكرها، والتي تقضي بخلق روابط بين المسلمين، فلو لم يحدد مكان واتجه كل مسلم حيث يريد لضاعت الرابطة التي يحرص الإسلام عليها.

ولهذه العوامل اختار الله للمسلمين قبلة جديدة عقب الهجرة، وهي الاتجاه لبيت المقدس واستجاب المسلمون لإرادة الله، وأدركوا حكمته تعالى.

ثم ظهرت عوامل أخرى، فقد كان بيت المقدس قبلة اليهود، فإذا بهؤلاء يأخذون من اتجاه المسلمين إلى قبلتهم وسيلة للسخرية منهم، وانطلقوا يقولون: محمد لا يتبع ديننا، ويتبع قبلتنا، وشق على العرب أن يتجهوا إلى قبلة اليهود، ولكنهم في الحقيقة استجابوا بكل قوة وإيمان متحملين سخرية اليهود، وإرضاء لوجهه تعالى، وبقيت الحال على ذلك سبعة عشر شهرا، ثبت خلالها في نفوس المسلمين أن الاتجاه في الصلاة إنما هو في الحقيقة لله. وأن المكان يمكن تغييره.

وقد توقع الرسول - صلى الله عليه وسلم - ووقع في روعه أن الله سيحوله إلى الكعبة مرة أخرى، وكان الرسول يتطلع إلى الله في صمت ودون دعاء، آملا أن يحقق له ذلك إرضاء للمسلمين وردا على سخرية اليهود، وقد عبر الله تعالى عن ذلك بقوله)قد نرى تقلب وجهك في السماء فلنولينك قبلة ترضاها فول وجهك شطر المسجد الحرام وحيث ما كنتم فولوا وجوهكم شطره( (البقرة: ١٤٤).

وكان ذلك إذنا للمسلمين بالعود إلى قبلتهم الأولى، ويروى أن هذه الآية نزل بها الوحي والرسول يؤم الناس في صلاة الظهر في مسجد بني سلمة، وقد جاء نزولها بعد أن صلى الرسول ركعتين من الظهر متجها إلى بيت المقدس، فتحول إلى الكعبة، حيث صلى الركعتين الأخيرتين، وتحول الناس، ولذلك يسمى هذا المسجد "مسجد القبلتين".

ولم يكن هذا نهاية الموضوع، فإن اليهود بعد أن ترك الرسول قبلتهم راحوا يقولون: لو ثبت محمد على قبلتنا لكنا نرجو أن يكون صاحبنا الذي ننتظره، وكانوا يقصدون بذلك أن يعود إلى قبلتهم لا ليتبعوه، ولكن ليحدثوا اضطرابا في الفكر، وبلبلة في النفوس، ولذا قطع الله أملهم، وكشف سريرتهم بقوله: )ولئن أتيت الذين أوتوا الكتاب بكل آية ما تبعوا قبلتك وما أنت بتابع قبلتهم وما بعضهم بتابع قبلة بعض( (البقرة: ١٤٥).

وكان تحول القبلة إلى بيت المقدس بعد الهجرة بقليل، وصرفت القبلة عن الشام إلى الكعبة في شهر رجب على رأس سبعة عشر شهرا من مقدم الرسول - صلى الله عليه وسلم - إلى المدينة" ([4]).

ويلمح "المباركفوري" وجوها أخرى من الحكمة في تحول القبلة إذ يقول: "وفي هذه الأيام - في شعبان سنة 2 هجريا، فبراير 624 ميلاديا - أمر الله بتحويل القبلة من بيت المقدس إلى المسجد الحرام، وأفاد ذلك أن الضعفاء والمنافقين من اليهود الذين كانوا قد دخلوا في صفوف المسلمين لإثارة البلبلة انكشفوا عن المسلمين ورجعوا إلى ما كانوا عليه، وهكذا تطهرت صفوف المسلمين عن كثير من أهل الغدر والخيانة.

وفي تحويل القبلة إشارة لطيفة إلى بداية دور جديد لا ينتهي إلا بعد احتلال المسلمين هذه القبلة، أوليس من العجب أن تكون قبلة قوم بين أعدائهم، وإن كانت بأيديهم فلا بد من تخليصها يوما ما. وبعد هذه الأوامر والإشارات زاد نشاط المسلمين، واشتدت نزعاتهم إلى الجهاد في سبيل الله، ولقاء العدو في معركة فاصلة" ([5]).

ونختم استقراء الدلالات والحكم وراء تحويل القبلة بكلام للشيخ محمد الغزالي، قال فيه: "قبل بضعة أسابيع من معركة بدر وقع حدث له دلالته العميقة في صلة المسلمين بأهل الكتاب، فقد كان بيت المقدس القبلة التي يتجه إليها أصحاب الأديان السماوية جميعا. ثم صدر الأمر إلى المسلمين أن يتحولوا من بيت المقدس إلى مكة المكرمة. ما سر هذا التحول؟

الواقع أن أهل الكتاب ما كانوا سعداء بالدين الجديد، ولا فهموا من وحدة القبلة أن قرابة مشتركة تربطهم بأتباعه. الذي حدث أنهم ضاقوا أشد الضيق بالنبي العربي، وعدوه منافسا محذورا، كأن الأمر صراع على مغنم عاجل، أو مأرب قريب!

ولو كان أهل الكتاب مخلصين لأديانهم لكان لهم موقف آخر، فإن العرب كانوا عباد أصنام! حتى عرفهم محمد بالإله الواحد. وكانوا يعيشون ليومهم حتى أقنعهم بالعمل لليوم الآخر. وكانوا لا يدرون شيئا عن نبوة سبقت حتى حدثهم عن موسى وعيسى وغيرهما من المرسلين.

فلم الضيق بهذه الرسالة؟ ومخاصمة صاحبها؟

بيد أن الأمر تجاوز الخصومة المحتملة إلى ضرب من اللدد([6]) يثير الاشمئزاز، تدبر قوله تعالى: )ود كثير من أهل الكتاب لو يردونكم من بعد إيمانكم كفارا حسدا من عند أنفسهم من بعد ما تبين لهم الحق فاعفوا واصفحوا حتى يأتي الله بأمره إن الله على كل شيء قدير (109)( (البقرة).

وإذا كانت للمسلمين مساجد تنبعث من منابرها صيحات التوحيد وتستقبل مساحاتها الركع السجود، فإن أهل الكتاب تواصوا بصرف الناس عن هذه المساجد، وتآمروا على تهديمها: )ومن أظلم ممن منع مساجد الله أن يذكر فيها اسمه وسعى في خرابها( (البقرة: ١١٤).

فلم يبق بعدئذ مساغ لمشاركة هؤلاء الحاقدين قبلتهم، وانبعثت في نفس الرسول الكريم الرغبة في الاتجاه إلى القبلة الأولى، إلى الكعبة التي بناها جده الأكبر إبراهيم الخليل، ولكنه لا يستطيع ذلك إلا بإذن من الله، فلينتظر وليؤمل.

ثم جاء - على تلهف وشوق - الأمر الإلهي: )قد نرى تقلب وجهك في السماء فلنولينك قبلة ترضاها فول وجهك شطر المسجد الحرام( (البقرة: ١٤٤)، فاتجه المسلمون إلى الكعبة المشرفة بعد قرابة سبعة عشر شهرا من الصلاة إلى بيت المقدس.

كانت هذه المدة كافية لفضح ضغائن اليهود وأثرتهم المفرطة، وظنهم أن الدين مؤسسة احتكارية يديرها حكماء صهيون لمصلحة جنس من الأجناس، إنهم لا يفهمون ولا يريدون أن يفهموا أن الدين علاقة سمحة رحبة بين الناس ورب الناس.

وقد بدا لنا من تجارب كثيرة أن المتاجرين بالحق قد يكونون شرا من المخدوعين بالباطل، وأن العرب الأميين كانوا - بنقاء سرائرهم - أصلح للحياة والأحياء من أهل الكتاب المستكبرين الشرهين..

كان أولئك العرب يعتزون بكعبتهم، ويرغبون طوال عمرهم في استقبالها، وهم لم ينسوا أن الله حماها عندما أراد نصارى الحبشة هدمها، وأن قوى السماء هي التي تصدت للمغيرين لما عجز أهل الأرض عن الدفاع، فإذا الجيش المعتدي يلقى: )طيرا أبابيل (3) ترميهم بحجارة من سجيل (4) فجعلهم كعصف مأكول (5)( (الفيل) ([7]).

مع ما كان للمسجد الحرام من هذه المكانة الوطيدة، فإن الصحابة قبلوا عن طيب خاطر ترك استقباله لما هاجروا، ولبوا أمر الله باستقبال بيت المقدس، فكان امتحانا صعبا غير أنهم نجحوا فيه: )وما جعلنا القبلة التي كنت عليها إلا لنعلم من يتبع الرسول ممن ينقلب على عقبيه وإن كانت لكبيرة إلا على الذين هدى الله( (البقرة: ١٤٣).

وعندما يحتدم النقاش حول القبلة التي يتجه الناس إليها، يذكر الإسلام حقائق رفيعة، يلقيها في مسامع كل من ينتسبون إلى دين! حقائق لا يقررها إلا الإسلام وحده! إنه يتساءل: ما هذا اللغط حول الاتجاه إلى شمال أو جنوب؟

إن الكمال البشري لا يصنعه استقبال مكان هنا، أو مكان هناك، الكمال المنشود عمل حقيقي داخل النفس الإنسانية تزكو به وتسمو.. العظمة الإنسانية هي اليقين الراسخ والاستمساك بالله وإن هاجت العواطف، وبذل المعروف وإجابة الملهوف ومساندة الضعفاء وإيتاء المحرومين!

وهي الثبات على المبدأ وإن كثرت المغريات، والمضي على الجهاد وإن فدحت المغارم!

إن اتجاه المسلمين إلى المسجد الحرام في صلواتهم حق لا ريب فيه، بيد أن ذلك لا يعني نسيان الحقيقة في الوصول إلى الكمال الإنساني والرضوان الإلهي، وتدبر قوله عز وجل: )ليس البر أن تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب ولكن البر من آمن بالله واليوم الآخر والملائكة والكتاب والنبيين وآتى المال على حبه ذوي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل والسائلين وفي الرقاب وأقام الصلاة وآتى الزكاة والموفون بعهدهم إذا عاهدوا والصابرين في البأساء والضراء وحين البأس أولئك الذين صدقوا وأولئك هم المتقون (177)( (البقرة) ([8]).

هذه هي العلل الوجيهة والحكم الصائبة، وراء تحويل القبلة - عند الاستقصاء والتمحيص - وليست هي ما زعم المغالطون، وأرجف المرجفون، أنها كانت لغرض سياسي، أو نزوة سلطوية، ولكنه سوء النية المبيت يكمن وراء كل تأويل فاسد، فلا عجب.

ثالثا. الكعبة هي مركز الأرض كما ثبت علميا وليست قبة الصخرة:

يقول د. محمد عوض محمد في بحثه "الكعبة مركز الأرض": إن المحيط الهادي يشكل انقطاعا كبيرا جدا بين القارات بمساحته الكبيرة، لذلك ترسم مصورات العالم بدءا من أستراليا واليابان والصين شرقا، وانتهاء بأمريكا غربا لتمثيل كل اليابسة، ولو مسحنا هذه القارات بما فيها القارة القطبية الجنوبية والشمالية، وكتبنا عليها مساحاتها، ورحنا نفتش عن مركز يتوسطها أو عن مركز ثقلها بدقة تامة لوجدناه في الكعبة المشرفة بالذات. لهذا يقول تعالى لنبيه الكريم صلى الله عليه وسلم: )وهذا كتاب أنزلناه مبارك مصدق الذي بين يديه ولتنذر أم القرى ومن حولها( (الأنعام: ٩٢)، يعني: مكة، وقيل لمكة أم القرى؛ لأن الأرض دحيت من تحتها ومن حولها من سائر الخلق ([9]).

عبارة )ومن حولها( تعطي المركزية لمكة المكرمة؛ لذلك اقترح أحد علماء الباكستان أن تكون مكة المكرمة بداية لخطوط الطول بدلا من "جرينتش"، كما أن هذه الوسطية مع كروية الأرض تؤدي إلى انحناء الطرق المؤدية لمكة المكرمة نظرا لبعد المسافات بينها، وبين ما حولها حتى نهاية اليابسة من كل فج، أي من جميع الجهات ([10]).

والآن وقد تم قياس محيط الأرض بمقدار 24848 ميل بدلالة متوسط قطرها حوالي 7913. 5 ميل، وتقدير حجمها (259348 مليون ميل مكعب)، ومساحة سطحها (197 مليون ميل مربع) وهذا السطح مغطى بالمياه بنسبة 73%، وبينما 27% فقط من هذه المساحة تمثل اليابسة التي تقع مكة المكرمة في مركزها ([11]).

الكعبة المشرفة أقدم أثر في العالم؛ لأن قواعدها مرساة ومحددة منذ بدء الخليقة، من قبل الخالق العظيم في مكان ثبت بالحساب الفلكي الحديث أنه مركز أطراف الأرض كلها، وسرة العالم. فسبحان الله العظيم على هذا الإعجاز المعماري والفلكي في بناء الكعبة المشرفة ([12]).

فسبحان خالق الأرض الكروية ومنزل القرآن مفصلا على علم إلى خاتم النبيين المبعوث للناس كافة، كما في قوله تعالى: )وما أرسلناك إلا كافة للناس بشيرا ونذيرا ولكن أكثر الناس لا يعلمون (28)( (سبأ).

وبهذا البيان يتضح أن الكعبة المشرفة هي مركز الكرة الأرضية، وليست قبة الصخرة.

الخلاصة:

  • القبلةلغة: هيالجهة،وكلمايستقلمنالشيء،وشرعايرادبهاالبيتالحرام،وحكماستقبالهاواجبلقولهتعالى: )فولوجهكشطرالمسجدالحراموحيثماكنتمفولوا وجوهكم شطره( (البقرة: 144)، والمسجد الحرام هو الكعبة، ولما رواه أبو هريرة - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إذا قمت إلى الصلاة، فأسبغ الوضوء، ثم استقبل القبلة وكبر» ([13]).
  • تحويلالقبلةكانوحيامناللهلقولهتعالى: )فولوجهكشطر المسجد الحرام وحيث ما كنتم فولوا وجوهكم شطره(، فاتجه المسلمون إلى الكعبة بعد قرابة سبعة عشر شهرا من الصلاة إلى بيت المقدس بأمر من الله وحده.
  • منحكمتحويلالقبلة: الاختصاصوالتميزفيالتصوروالاعتقاد،فالإسلامتميزعنغيرهمنالأديانعقيدةوعبادةومعاملة وأخلاق، فلذلك جاء التميز في القبلة والعبادة. وكان تحويل القبلة أيضا اختبارا وتمحيصا من الله للصف المسلم؛ لتنقيته من الشوائب، وطرد العناصر الغريبة والمنافقة عنه؛ ليستعد لمرحلة الجهاد، وليتميز المؤمنون المخلصون من الشاكين المرتابين فقال تعالى: )وما جعلنا القبلة التي كنت عليها إلا لنعلم من يتبع الرسول ممن ينقلب على عقبيه وإن كانت لكبيرة إلا على الذين هدى الله( (البقرة: 143).
  • كانتحويلالقبلةفضحالضغائناليهودوالنصارىالذينظنواأنالدينمؤسسةاحتكاريةلهما،لذلكيقولتعالى: )ولنترضىعنكاليهودولا النصارى حتى تتبع ملتهم قل إن هدى الله هو الهدى ولئن اتبعت أهواءهم بعد الذي جاءك من العلم ما لك من الله من ولي ولا نصير (120)( (البقرة).
  • الكعبةهيمركزالكرةالأرضيةكماثبتعلمياوليستقبةالصخرة،فقدثبتعلمياأنالكعبةهيمركزالأرض،وهيسرةالكرةالأرضيةمصداقالقولهتعالى: )ولتنذرأمالقرىومنحولها( (الأنعام: 92)،فأمالقرىهيمكةومنحولهاسائرالأرض،وبالحساباتالفلكيةوجدأنالكعبة في مركز الكرة الأرضية، وبهذا يتضح لكل ذي عقل وبصيرة أن تحويل القبلة كان عودة بالبشرية إلى الفطرة التي فطر الله الناس عليها، وإلى منهج الحق الذي جاء به الأنبياء من لدن آدم - عليه السلام - إلى خاتم الأنبياء محمد صلى الله عليه وسلم.

 

 

 

(*) مائة سؤال عن الإسلام، محمد الغزالي، نهضة مصر، القاهرة، ط2، 2004م.

[1]. أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب الاستئذان، باب من رد فقال: عليك السلام (5897)، وفي مواضع أخرى، ومسلم في صحيحه، كتاب الصلاة، باب وجوب قراءة الفاتحة في كل ركعة (912).

[2]. أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب التفسير، باب سورة البقرة (4222)، وفي مواضع أخرى، ومسلم في صحيحه، كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب تحويل القبلة من القدس إلى الكعبة (1205).

[3]. الصلاة، عبد الله بن محمد الطيار، جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، السعودية، 1418هـ/ 1998م، ص72.

[4]. موسوعة التاريخ الإسلامي، د. أحمد شلبي، نهضة مصر، القاهرة، 1989م، ج1، ص294: 296 بتصرف.

[5]. الرحيق المختوم، المباركفوري، دار المؤيد، الرياض، 1418 هـ/ 1998م، ص203.

[6]. اللدد: شدة الخصومة مع الميل عن الحق.

[7]. السجيل: الطين المتحجر. العصف: حطام التبن ورقاقه.

[8]. مائة سؤال عن الإسلام، محمد الغزالي، نهضة مصر، القاهرة، ط2، 2004م، ص379: 381.

[9]. الجامع لأحكام القرآن، القرطبي، دار التراث العربي، بيروت، 1405هـ/ 1985م، ج16، ص6.

[10]. المعارف الكونية بين العلم والقرآن: القسم الأول، إشراف د. منصور محمد حسب النبي، دار الفكر العربي، القاهرة، 1998م، ص262، 263.

[11]. المعارف الكونية بين العلم والقرآن: القسم الأول، إشراف د. منصور محمد حسب النبي، دار الفكر العربي، القاهرة، 1998م، ص265، 266.

[12]. مجلة الإعجاز العلمي، مقال د. مسلم شلتوت، الهيئة العالمية للإعجاز العلمي في القرآن والسنة، السعودية، العدد 22، رمضان 1426هـ، ص7.

[13]. أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب الاستئذان، باب من رد فقال: عليك السلام (5897)، وفي مواضع أخرى، ومسلم في صحيحه، كتاب الصلاة، باب وجوب قراءة الفاتحة في كل ركعة (912).

  • الخميس PM 08:35
    2020-10-29
  • 1085
Powered by: GateGold