المتواجدون الآن

انت الزائر رقم : 412327
يتصفح الموقع حاليا : 265

البحث

البحث

عرض المادة

توهم أن التكبير في الصلاة مأخوذ عن المسيحية، وعادات الجاهلية

توهم أن التكبير في الصلاة مأخوذ عن المسيحية، وعادات الجاهلية (*)

مضمون الشبهة:

يتوهم بعض المشككين أن التكبير الذي يبتدئ به المسلمون صلاتهم - مأخوذ عن المسيحية وعن عرب الجاهلية، ويستدلون على زعمهم ذلك بوجود طائفة من المسيحيين يقولون: إن أقنوم الأب أعظم من أقنوم الابن، وأن عرب الجاهلية كان من عادتهم التكبير عند البيت، وقد صاحوا بالتكبير عند نجاة عبد الله بن عبد المطلب من الذبح. كما يتوهمون أن معنى "الله أكبر" وجود إله آخر، الله أكبر منه. وهذا دليل في زعمهم على أن العبادات الإسلامية مأخوذة من الأديان والعادات السابقة.

وجها إبطال الشبهة:

1) هناك فرق شاسع، وبون كبير بين التكبير عند المسلمين، وبين ما يقوله وما يصنعه المسيحيون، ففي التكبير عند المسلم تعلق بقوة الله وتسليم الأمر إليه وحده، أما الجاهليون فقد عرفوا توحيد الربوبية وتجاهلوا توحيد الألوهية، ولهذا فقد عددوا الآلهة.

2) المسلمونيكبرونطاعةلربهم،وتصديقالأمرنبيهم،إذإنتكبيرةالإحرامركنمنأركانالصلاةولاتنعقدإلابه.

التفصيل:

أولا. فرق شاسع بين التكبير عند المسلمين، وبين ما يقوله المسيحيون وما صنعه عرب الجاهلية:

التكبير عند المسلمين:

عندما يقول المسلم في بداية صلاته "الله أكبر" فهذا معناه أنه في موقف جليل يجمعه مع الله فليتنبه، ويسمي الفقهاء هذه التكبيرة تكبيرة الإحرام، كأن الإنسان حرم على نفسه الانشغال بشيء آخر؛ لأنه شرع في مناجاة الله، والالتفات إليه وحده [1]، فيحس أن الله أكبر من كل ما يروعه ومن يروعه في هذه الدنيا، معلنا أنه قد توجه إلى الخالق الكبير العليم العظيم، وأنه قد ترك الدنيا وما فيها وتعلق بحبال الله المتينة ورحمته العميمة، وأنه قد أسلم أمره إلى ربه وتوكل عليه وأطاع أوامره وترك نواهيه.

ما يقوله المسيحيون:

أما ما تقوله هذه الطائفة من المسيحيين: "إن أقنوم الأب أعظم من أقنوم الابن" فهذا نابع عن عقيدتهم الباطلة التي يؤمنون بها، وهي عقيدة التثليث، فشتان بين ما يقوله المثلثون، وبين ما يقوله الموحدون الذين يؤمنون أن الله واحد أحد، فرد صمد، لم يلد ولم يولد، ولم يكن له كفوا أحد.

ما صنعه عرب الجاهلية:

إن العرب كانت تعرف وتؤمن أن الله رب كل شيء، وقد نص القرآن على ذلك في آيات كثيرة منها قوله تعالى: )ولئن سألتهم من خلقهم ليقولن الله فأنى يؤفكون (87) وقيله يا رب إن هؤلاء قوم لا يؤمنون (88) فاصفح عنهم وقل سلام فسوف يعلمون (89)( (الزخرف)، وقوله تعالى: )ولئن سألتهم من خلق السماوات والأرض ليقولن خلقهن العزيز العليم (9)( (الزخرف).

وإيمانهم هذا يسمى بـ "توحيد الربوبية"، أما "توحيد الألوهية"، فلم تكن العرب تجهله، وإنما كانت تتجاهله؛ حتى توهم بأنها ذات دين دون تكليف يأمرهم به إلههم، فإله بدون تكليف خير من لا إله، وذلك زعم المبطلين، فالعرب كانوا كغيرهم يقولون إن الله أكبر لكنهم لم يحسوها كإحساس المسلمين بها، ولم يؤمنوا بها كإيمانهم، فما قاله الجاهليون كان مجرد لفظة صاحوا بها في حال فرحهم وسعادتهم، دون أن يشعروا معناها، ويعملوا بمقتضاها، أما ما يصنعه المسلمون، فهو يصدر عن إيمان بهذه الكلمة "الله أكبر"، وبعد أن يقولوها يعملون بمقتضاها، فيتركون الدنيا بزينتها ونوائبها ويقبلون على الله خاشعين تائبين راجين رحمته خائفين من عذابه، فشتان بين هذا وذاك، ثم إنهم عددوا الآلهة واتخذوها واسطة تقربهم إلى الله زلفى، وما هي إلا أحجار وأصنام، فلا إخلاص ولا توحيد عندهم.

ثانيا. المسلمون يكبرون طاعة لربهم، وتصديقا لأمر نبيهم، إذ إن تكبيرة الإحرام ركن من أركان الصلاة التي لا تنعقد الصلاة إلا به:

إنه ليس عيبا ولا منقصة أن يقول المسلمون كلمة قالها أحد قبلهم، ولا أن يصنعوا شيئا فعلوه، فهم حين يقولون أو يصنعون، فلا يكون هذا من سبيل التقليد، أو الأخذ عن أحد، ولكنهم يأخذون بما أمرهم به دينهم، ويصنعون ما كلفهم به ربهم ونبيهم.

فقد ورد في القرآن الكريم مواضع فيها تكليف للمسلمين بما كان يصنعه السابقون مثل التكليف بالصوم، وقول "الله أكبر" وقول "لا إله إلا الله"، والمسلمون يصنعون هذا الفعل طاعة لربهم لا تقليدا لما كان يصنع غيرهم، وقد أمر الله تعالى بالتكبير حيث يقول: )وذكر اسم ربه فصلى (15)( (الأعلى)، وعين قول "الله أكبر" بقوله تعالى: )وربك فكبر (3)( (المدثر). ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: «مفتاح الصلاة الطهور، وتحريمها التكبير وتحليلها التسليم» [2].

فتكبيرة الإحرام ركن من أركان الصلاة التي لا تنعقد الصلاة إلا بها، ومن تركها عمدا، أو سهوا لم تنعقد صلاته [3].

الخلاصة:

  • هناكفرقشاسعبينالتكبيرعندالمسلمين،وبينمايقولهالمسيحيون،وماصنعهالجاهليون، فعندما يقول المسلم "الله أكبر" فإنه يعلم أنه قد ترك الدنيا وما فيها، وتعلق بحبال الله المتينة، ورحمته العميقة. أما ما يقوله المسيحيون، فهو نابع من عقيدة التثليث التي يؤمنون بها فشتان بين قول الموحدين، وقول المثلثين، وما قاله العرب الجاهليون هو كلام لا يتعدى كونه لفظة جافة خالية من المشاعر والإحساس، صاحوا بها وقت فرحهم وسعادتهم.
  • المسلمونيكبرونطاعةلربهم،وتصديقالأمرنبيهملاتقليداوأخذاعنأحد،فالتكبير- تكبيرةالإحرام - ركنمنأركانالصلاةالذيلاتنعقدالصلاةإلابه.
  • ولعلالتكبيرعندالجاهليين كان من بقايا ملة إبراهيم وهي الإسلام؛ لأن العرب كانوا على ملة إبراهيم ردحا من الزمن إلى أن دخل فيهم الشرك وغيروا شريعة الله في الحج وغيرها، كما غيرت اليهود والنصارى في دينهم؛ وبذلك يكون الإسلام موافقا لما صح وبقي دون تحريف من الملة الحنفية السمحاء فهو مصدقا لما سبقه من الحق، ومبينا الصواب فيما بدل وحرف.

 

 

 

(*) هذا هو الحق: رد على مفتريات كاهن الكنيسة، ابن الخطيب، المطبعة المصرية، القاهرة، ط2، 1399هـ، 1979م. هل القرآن معصوم؟ عبد الله عبد الفادي، موقع إسلاميات. www.Islamyat.com

[1]. مائة سؤال عن الإسلام، محمد الغزالي، نهضة مصر، القاهرة، ط 2، 2004م، ص62.

[2]. صحيح: أخرجه أحمد في مسنده، مسند العشرة المبشرين بالجنة، مسند علي بن أبي طالب رضي الله عنه (1006)، وأبو داود في سننه، كتاب الطهارة، باب فرض الوضوء (61)، وصححه الألباني في صحيح الجامع (2885).

[3]. فقه السنة، السيد سابق، الفتح للإعلام العربي، القاهرة، ط2، 1419هـ/ 1999م، ج1، ص157 بتصرف.

  • الخميس PM 08:30
    2020-10-29
  • 895
Powered by: GateGold