المتواجدون الآن

انت الزائر رقم : 412465
يتصفح الموقع حاليا : 360

البحث

البحث

عرض المادة

توهم أن المسلمين يرسمون الصليب في صلاتهم

توهم أن المسلمين يرسمون الصليب في صلاتهم(*)

مضمون الشبهة:

يتوهم بعض المشككين أن التفات المسلم المصلي عند إنهاء صلاته يمينا ويسارا، يشبه تماما ما اعتاده المسيحيون عند ابتداء الصلاة وانتهائها، حين يرسمون علامة الصليب، فالمسيحيون يرسمون الصليب بأصابعهم والمسلمون يرسمونه برؤوسهم حسب تصور هؤلاء الواهمين، وهدفهم من هذا التشكيك في صحة صلاة المسلمين.

وجها إبطال الشبهة:

1) كيف ينقض الإسلام عقيدة النصارى المحرفة، ثم ينتحل منها التصليب؟! وقد نهى الإسلام أتباعه عن التشبه باليهود والنصارى حتى في أبسط الأمور، وأمرهم بمخالفتهم.

2) لا وجه للشبه بين التسليم من الصلاة عند المسلمين، وبين التصليب عند المسيحيين، فلو كان التسليم يرسم شيئا فإنه لا يرسم سوى خط مستقيم يصاحبه لفظ السلام، ويمكن أن ينهي المصلي - في بعض المذاهب - صلاته بتسليمة واحدة. فأين وجه الشبه إذا؟!

التفصيل:

أولا. كيف ينقض الإسلام عقيدة النصارى المحرفة، ثم ينتحل منها التصليب؟!

لقد جاء الإسلام بالدين الحق، والتوحيد الذي لا يعترف بعبادة غير الله من الشركاء، كما أن الإسلام هو أعظم الأديان فهو الدين الخاتم، ورسوله خاتم النبيين، والإسلام هو الذي أرسل به جميع الرسل والأنبياء السابقين.

فقال تعالى: )وما أرسلنا من قبلك من رسول إلا نوحي إليه أنه لا إله إلا أنا فاعبدون (25)( (الأنبياء).

ولذلك فقد نقض الإسلام عقيدة النصارى المحرفة، لما شابها من التحريف والتبديل؛ ولأن أهلها حرفوا الكلم عن مواضعه، كما قال تعالى عنهم: )فويل للذين يكتبون الكتاب بأيديهم ثم يقولون هذا من عند الله ليشتروا به ثمنا قليلا فويل لهم مما كتبت أيديهم وويل لهم مما يكسبون (79)( (البقرة).

وكان نتاج هذا التحريف والتضليل والتزييف للكتب السماوية احتواء كتبهم على سخافات الإنتاج الفكري للبشر، فبدلوا بكلام رب الأرض والسماوات زبالات الفكر البشرية، فكتبوا ما تهواه أنفسهم كما قال لنا[1] حبيبنا المصطفى صلى الله عليه وسلم: «أيها الناس إنما أهلك الذين من قبلكم أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه، وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد، والله لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها»[2].

لذلك حذرنا من التهاون في تطبيق شرعنا حتى لا نكون مثلهم، فكيف يأخذ عنهم وينتحل منهم التصليب في أهم ركن من أركان الإسلام؟!

كيف يأمرنا النبي - صلى الله عليه وسلم - بعدم موافقة أهل الكتاب، ثم بعد ذلك ينتحل هذه النحلة في الصلاة؟!! )فإنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور (46)( (الحج).

لقد جاء الإسلام مصححا لما غير وبدل قبله، ومتمما للشريعة، فلقد كانت الرسالات السابقة تناسب في الشريعة القوم الذين شرعت لهم، ونتيجة لهذا التطور في عقلية البشرية ووصولها إلى مرحلة النضج الذهني، فكان لا بد من إرسال خاتم الأنبياء بالرسالة الخاتمة، فلقد أصبحت البشرية بعد هذا التدرج والنضج العقلي قادرة على تحمل أعباء هذه الرسالة وتبليغها، فهي ليست في حاجة إلى رسالة أخرى متممة لها، فهي رسالة خاتمة كاملة؛ حيث قال الله تعالى عنها: )اليوم يئس الذين كفروا من دينكم فلا تخشوهم واخشون اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا( (المائدة: ٣) [3].

فهذا الدين أتمه الله - عز وجل - فهو لا يأخذ من ديانات أخرى وخصوصا إذا كانت هذه الديانات محرفة وعقائدها باطلة، بل إن أصحاب هذه الديانات هم الذين دهشوا بما في الإسلام وتمنوا لو أن عندهم مثله، فلقد قال يهودي عن هذه الآية السابقة لعمر بن الخطاب: «آية في كتابكم تقرؤونها لو علينا معشر اليهود نزلت لاتخذنا ذلك اليوم عيدا» [4].

فكيف يدعون بعد ذلك أن الإسلام أخذ شيئا عقيما فاسدا من النصارى؟ كيف هذا، والإسلام ينقض عقيدة الصلب، وينكرها على النصارى؟! كيف هذا وهو يعلمنا أن الصلب والصليب ليس له أصل إلا في العقائد الوثنية؟! فكيف يحارب الإسلام عقيدة الصلب كل هذه المحاربة ثم يعتمد على التصليب في ركن من أهم أركان دينه وهو الصلاة؟!!

ولكن )فإنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور (46)( (الحج).

ثانيا. لا وجه للشبه بين التسليم من الصلاة عند المسلمين، وبين التصليب عند المسيحيين:

ثم إن الناظر في هذه الشبهة ليرى عجبا عجابا، فأين التسليم في الصلاة؟ وأين التصليب عند النصارى؟ أين وجه الشبه؟ وفيم يتشابهان؟! وهما يفترقان في كل شيء، أم هو تلفيق أعمى وإلحاق أي شيء بأي شيء؟ إذ إن التصليب عند النصارى يبدأ من اليسار، ويكون باليد، وبنية التصليب، ويكون فيه الإيماء لأعلى وأسفل، أما التسليم عند المسلمين فيبدأ باليمين، ويقترن بلفظ السلام، على عكس ما في التصليب، ثم إن المصلي له أن ينهي صلاته بتسليمة واحدة، وهذا ما ذهب إليه المالكية والشافعية [5]، فهل في التسليمة الواحدة رسم للصليب، أو حتى في التسليمتين؟! أم أنه كلام بلا معنى يحاولون أن يزيفوا به الحقائق، ولكن أين الثرى من الثريا؟ ثم إن المسلم حينما يسلم عن يمينه وعن يساره، فإنه ينوي بهما الخروج من الصلاة، بعكس التصليب؛ ثم إن الصليب ليس خطا مستقيما.

فإن التسليم لو افترضنا جدلا أنه يرسم شيئا أو يرمز لشيء فإنه يرسم خطا مستقيما، فأين هذا من شكل الصليب؟ وبذلك يتبين لنا زيف هذه الشبهة، وسفه عقولهم، وخراب فكرهم، وضيق أفقهم، وانتكاسة فطرتهم.

الخلاصة:

  • لقدجاءالإسلامناقضالعقيدةالنصارىالزائفة،داعيالعبادةالله- عز وجل - وحده، مبينا فساد ما في النصرانية من عقائد فاسدة باطلة، ومن ذلك عقيدة الصلب والفداء، ولذلك فلقد نهى الإسلام أتباعه عن التشبه باليهود والنصارى حتى في أبسط الأمور «خالفوا اليهود والنصارى»[6]، فكيف يوافقهم ويتشبه بهم في عقيدة نقضها وتبين زيفها؟!
  • ثم إنه لا وجه للشبه بين التسليم عند المسلمين والتصليب عند النصارى، فلو قلنا إن التسليم يرسم شيئا أو يرمز لشيء، فإنه لا يعدو أن يكون خطا مستقيما، وكذلك فإن هناك اختلافات أخرى إذ إن التسليم يكون بنية الخروج من الصلاة، والتصليب يكون بنية التصليب، ثم إن التسليم تصاحبه لفظة السلام، وهذا عكس التصليب، فأين وجه الشبه بينهما؟!
  • إنالمسلملايكونفينيتهولايخطرببالهأنيرمزلشيءأويرسمأيشيءعندمايخرجمنالصلاةبالتسليمويلتفتيميناويسارامصاحباذلكبالتسليموإنماتكوننيتهالخروجمنالصلاةكماأمرربهوبالكيفية التي شرعها.

 

 

(*) هذا هو الحق: رد على مفتريات كاهن الكنيسة، ابن الخطيب، المطبعة المصرية، القاهرة، ط2، 1399هـ/ 1979م.

[1]. مؤلفات أحمد يدات: المجموعة الثانية، أحمد ديدات، ترجمة: محمد مختار، رمضان الصفناوي، علي عثمان، كتاب المختار، القاهرة، د. ت، ص6.

[2]. أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب الأنبياء، باب ) أم حسبت أن أصحاب الكهف والرقيم ( (الكهف) (3288)، وفي مواضع أخرى، ومسلم في صحيحه، كتاب الحدود، باب قطع السارق الشريف وغيره (4505).

[3]. مؤلفات أحمد يدات: المجموعة الثانية، أحمد ديدات، ترجمة: محمد مختار، رمضان الصفناوي، علي عثمان، كتاب المختار، القاهرة، د. ت، ص6، 7.

[4]. أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب الإيمان، باب زيادة الإيمان ونقصانه (45)، وفي مواضع أخرى، ومسلم في صحيحه، أوائل كتاب التفسير (7712).

[5]. الموسوعة الفقهية، وزارة الأوقاف الكويتية، دار الصفوة، الكويت، ط1، 1412هـ/ 1992م، ج27، ص101.

[6]. صحيح: أخرجه أبو داود في سننه، كتاب الصلاة، باب الصلاة في النعل (652)، وابن حبان واللفظ له (5/ 561)، كتاب الصلاة، باب فرض متابعة الإمام (2186)، وصححه الأرنؤوط في تعليقه على صحيح ابن حبان.

  • الخميس PM 08:27
    2020-10-29
  • 893
Powered by: GateGold