المتواجدون الآن

انت الزائر رقم : 412350
يتصفح الموقع حاليا : 291

البحث

البحث

عرض المادة

الطعن في الأحاديث الواردة في حكم اللواط

الطعن في الأحاديث الواردة في حكم اللواط(*)

مضمون الشبهة:

يطعن بعض المشككين في أحاديث حكم من عمل عمل قوم لوط، زاعمين تعارضها، مستدلين على ذلك بما رواه أبو هريرة -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال عمن عمل عمل قوم لوط: «ارجموا الأعلى والأسفل، ارجموهما جميعا»، ويزعمون أن هذا يتعارض مع قوله -صلى الله عليه وسلم- عنهم: «اقتلوا الفاعل والمفعول به»، ويقولون: إن الحديث الأول يقضي بالرجم، والحديث الثاني يقضي بالقتل، وقد نفى ابن القيم كون هذه الأحاديث في اللواط فقال: "إن النبي -صلى الله عليه وسلم- لم يقض في اللواط بشيء"، لذلك يرون أن اللواط مرض يعالج بالدواء لا بإقامة الحد على فاعله، وقد رأى السفهاء إباحة هذا الفعل وسموه بالمثلية الجنسية.

هادفين من وراء ذلك إلى إثبات تعارض السنة في حد اللواط، ومن ثم إسقاطه مما يؤدي إلى إشاعة الفواحش بين الناس.

وجها إبطال الشبهة:

1) إن حديث: «من وجدتموه يعمل عمل قوم لوط فاقتلوا الفاعل والمفعول به» حديث صحيح، يثبت أن حد اللائط القتل كما هو واضح من الحديث، وهذا لا يتعارض مع حديث: «ارجموا الأعلى والأسفل، ارجموهما جميعا»؛ إذ الرجم صورة من صور القتل، ولا يعالج اللواط إلا بإقامة هذا الحد.

2) لقد أثبتت الشرائع السماوية كلها تحريم اللواط، والأدلة على ذلك قرآنا وسنة متضافرة وقد أثبت الطب والعلم الحديث ما ينتج عن هذا الفعل من أضرار صحية؛ عضوية كانت أو نفسية، وهذا سبب تحريمه، والزواج الشرعي طريق لهدم هذه المثلية الجنسية.

التفصيل:

أولا. حد من عمل عمل قوم لوط القتل، والرجم صورة من صور القتل:

إن عمل قوم لوط جريمة خلقية منكرة، وفعلة شنيعة تأباها الفطر السوية، وتمقتها الشرائع السماوية، لذا فقد وضع الإسلام حدا لمنعها كما هو الحال في حدود الجرائم الأخرى، لكن جريمة قوم لوط لم يكن لها مثيل قبل ذلك، لذا فقد قال الله عز وجل: )ولوطا إذ قال لقومه أتأتون الفاحشة ما سبقكم بها من أحد من العالمين (80)( (الأعراف)، فهي بدعة جديدة لم تعرفها البشرية من قبل، وقد استنكرها القرآن الكريم أيما استنكار فقد وصفهم بألفاظ متعددة: )بل أنتم قوم عادون (166)( (الشعراء)، )بل أنتم قوم مسرفون (81)( (الأعراف)، )إنهم كانوا قوم سوء فاسقين (74)( (الأنبياء)، )فانظر كيف كان عاقبة المجرمين (84)( (الأعراف)، ولقد عرف هذا الفعل في اللغة اللاتينية باسم (sodomy) [1] نسبة إلى مدينة سدوم، التي كان قوم لوط يعيشون فيها.

ولقد لعن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من يعمل عمل قوم لوط، فقال صلى الله عليه وسلم: «ملعون من عمل عمل قوم لوط»[2]، وقال أيضا: «لعن الله من عمل عمل قوم لوط، ثلاثا» [3]. لذا فقد حذر الأمة من هذا الفعل؛ حتى لا يكونوا من المطرودين من رحمة الله.

وقد حرم الله -عز وجل- الشذوذ بجميع أنواعه أو ما يسمى الآن بالمثلية الجنسية مثل إتيان الرجل الرجل، وهو ما يسمى بفعل قوم لوط أو اللواط، وإتيان المرأة للمرأة وهو ما يسمى بالسحاق؛ لأن هذه الأفعال تخالف الفطرة البشرية، بل الحيوانية، فلم يعرف شيء في التاريخ يجامع مثيله في جنسه، لذا فقد اتفق على تسمية مثل هذا الفعل شذوذا أو خروجا عن القاعدة.

وقد اتفق علماء الأمة سلفا وخلفا على أن حد اللائط القتل، فقد روى أبو داود بسنده عن عكرمة عن ابن عباس - رضي الله عنهما، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من وجدتموه يعمل عمل قوم لوط فاقتلوا الفاعل والمفعول به»[4]، وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ارجموا الأعلى والأسفل، ارجموهما جميعا»[5]. وهذان الحديثان صحيحان سندا ومتنا، وعليهما عمل الأمة، ولكن من يقرأ هذين الحديثين يظن أن هناك خلافا في حد اللائط، فالحديث الأول يقضي بقتله، والحديث الثاني يقضي برجمه، لكن الواقع خلاف ذلك؛ فكل ما ذكر في الأحاديث وما سنذكره من أقوال العلماء في هذا الشأن إنما هي صورة من صور القتل، وها هي أقوال السلف في ذلك:

  1. يقول ابن القيم: "حرق اللوطية بالنار أربعة من الخلفاء: أبو بكر الصديق، وعلي بن أبي طالب، وعبد الله بن الزبير، وهشام بن عبد الملك"[6].
  2. قال ابن عباس: "ينظر أعلى بناء في القرية فيرمى به منكسا ثم يتبع بالحجارة"[7].
  3. قال ابن الزبير: "يحبسان في أنتن المواضع"[8].
  4. وعن محمد بن المنكدر: "أن خالد بن الوليد كتب إلى أبي بكر - رضي الله عنهما: أنه وجد رجلا في بعض ضواحي العرب ينكح كما تنكح المرأة، فجمع لذلك أبو بكر -رضي الله عنه- أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وفيهم علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- فقال علي: إن هذا ذنب لم يعمل به أمة إلا أمة واحدة، ففعل الله بهم ما قد علمتم، أرى أن تحرقوه بالنار، فاجتمع رأي أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن يحرق بالنار، فأمر أبو بكر أن يحرق بالنار"[9].
  5. وزاد ابن حزم على الرواية السابقة قوله: "ثم حرقهما ابن الزبير في زمانه، ثم حرقهما هشام بن عبد الملك، ثم حرقهما القسري بالعراق"[10].
  6. قال أبو بكر الصديق: "يرمى من شاهق، وقال علي: يهدم عليه حائط، وقال عبد الله بن عباس: يقتلان بالحجارة"[11].
  7. قال عطاء: "شهدت عبد الله بن الزبير -رضي الله عنه- أتى بسبعة أخذوا في اللواط، فسأل عنهم فوجد أربعة قد أحصنوا فأمر بهم فأخرجوا من الحرم ثم رجموا بالحجارة حتى ماتوا، وجلد ثلاثة الحد وعنده ابن عباس وابن عمر فلم ينكرا ذلك عليه"[12].

ونتيجة للأدلة والأقوال السابق ذكرها اجتمع رأي المالكية والشافعية والحنابلة على أن "اللواط يوجب الحد؛ لأن الله سبحانه غلظ عقوبة فاعله في كتابه المجيد، فيجب فيه حد الزنا؛ لوجود معنى الزنا فيه"[13]، وشذ أبو حنيفة فقال: "يعزر اللوطي فقط، إذ ليس في اللواط اختلاط أنساب، ولا يترتب عليه غالبا حدوث منازعات تؤدي إلى قتل اللائط، وليس هو زنى"[14].

وحد اللائط في رأي المالكية والحنابلة في أظهر الروايتين عن أحمد: هو الرجم بكل حال، سواء أكان ثيبا أم بكرا؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «من وجدتموه يعمل عمل قوم لوط فاقتلوا الفاعل والمفعول به»[15].

وقوله صلى الله عليه وسلم: «ارجموا الأعلى والأسفل، ارجموهما جميعا»[16].

وحد اللائط عند الشافعية: هو حد الزنا، فإن كان اللائط محصنا وجب عليه الرجم، وإن كان غير محصن وجب عليه الجلد والتغريب، لما روى أبو موسى الأشعري -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «إذا أتى الرجل الرجل فهما زانيان، وإذا أتت المرأة المرأة فهما زانيتان»[17]؛ لأنه حد يجب بالوطء، فاختلف فيه البكر والثيب، قياسا على حد الزنا بجامع أن كلا منهما إيلاج محرم في فرج محرم"[18].

والراجح من هذه الأقوال هو القتل لمن أتى بهذه الفاحشة؛ لدلالة الكتاب والسنة وقواعد الشريعة وموافقة القياس، ولوجود النص الصريح في ذلك.

وأما تسمية النبي -صلى الله عليه وسلم- لهما بأنهما زانيان في الحديث المتقدم، فلا يصح؛ لأن الحديث ضعيف لا يعمل به ويترك الصحيح، وعلى فرض صحته فهو تشبيه لفظي منه -صلى الله عليه وسلم- لم يقصد به حقيقة ذلك الفعل كقوله صلى الله عليه وسلم: "العين تزني واليد تزني"، فهو مجاز لا يقصد به حقيقة الفعل، وإنما هو موافقة المشبه والمشبه به من جهة الحرمة والفحش والرذيلة.

وأما صفة القتل فهي راجعة للإمام من القتل بالسيف أو الرجم بالحجارة أو غيرهما حسب مصلحة الردع أو الزجر[19].

إن الاختلاف في صفة القتل كان مثار الخلاف في حد فعل قوم لوط، حتى جعل ابن القيم يثبته بصورة واحدة فقط، ولم يقر غيره.

وأما قول ابن القيم: "لم يثبت عنه -صلى الله عليه وسلم- أنه قضى في اللواط بشيء"، فليس دليلا على اعتراض ابن القيم على حكم القتل، أو نفي هذا القول عن النبي -صلى الله عليه وسلم- ولننقل قوله كاملا حتى يتبين الأمر جليا أمامنا، يقول ابن القيم: ولم يثبت عنه -صلى الله عليه وسلم- أنه قضى في اللواط بشيء؛ لأن هذا لم تكن تعرفه العرب، ولم يرفع إليه -صلى الله عليه وسلم- ولكن ثبت عنه -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: «اقتلوا الفاعل والمفعول به»[20] [21].

وهذا القول يعني أن النبي -صلى الله عليه وسلم- لم يقم الحد على أحد اللوطيين؛ لأنه لم يفعله أحد على عهد النبي -صلى الله عليه وسلم- فالعرب في عهده -صلى الله عليه وسلم- كانت تنفر منه لما فيه من القباحة وعدم البشرية، فعدم المعرفة هو عدم الفعل لا عدم الصفة نفسها، فقد كان معروفا على عهد سيدنا لوط -عليه السلام- ولو فعله أحد على عهد النبي -صلى الله عليه وسلم- لما تأخر في إقامة الحد عليه لصراحة قوله في ذلك.

وإذا قررنا أن الرجم صورة من صور قتل اللائط، فلا يكون هناك إشكال ولا تعارض، لأن ابن القيم قد أقر القتل، وهذا هو مراد الأحاديث في حد هذا الفعل، بل لقد أقر ابن القيم القتل نفسه فقال: "الصحابة متفقون على قتل اللوطي، وإنما اختلفوا في كيفية قتله، فظن بعض الناس أنهم متنازعون في قتله ولا نزاع بينهم فيه إلا في إلحاقه بالزاني أو قتله مطلقا" [22].

وقال أيضا: "قال ابن القصار، وشيخنا: أجمع الصحابة -رضي الله عنهم- على قتله، وإنما اختلفوا في كيفية قتله"[23].

وقال: "أطبق أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على قتله، ولم يختلف فيه منهم رجلان، وإنما اختلفت أقوالهم في صفة قتله"[24].

وخلاصة القول في هذه المسألة: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قد شرع حد قتل اللائط، وقد أجمع على ذلك علماء الأمة سلفا وخلفا من لدن النبي -صلى الله عليه وسلم- حتى التابعين ومن سار على نهجهم، واختلافهم في صفة القتل فلا يعني ذلك وجود أي تعارض بين الأحاديث، أما قول ابن القيم المستدل به فهو يثبت حد القتل للفاعل والمفعول، ويبين أن هذا الفعل لم يحدث في عهد النبي -صلى الله عليه وسلم- لذلك لم يفعله، لكن الخلفاء قد أقاموه من بعده.

وعلى هذا فإن اللواط مرض، بل إنه وباء يجب محاربته، ولن تتم هذه المحاربة والقضاء عليه إلا بإقامة الحد الشرعي الذي شرعه الله -عز وجل- للحد من هذه الجرائم، فإذا قتل هذا اللائط، فبالطبع سيرتدع الناس عن فعل مثل هذه الأعمال القبيحة، فإن الله -عز وجل- يزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن، أما من قالوا: إن هذا مرض عضوي يتم معالجته بالدواء، فإنهم بلا شك مخطئون، فعلى الجميع التعاون في القضاء على هذا الوباء - إن وجد - ومنع أسباب فعله - إن لم يوجد - حتى ننجو من غضب الله وسخطه.

ثانيا. اللواط وباء حرمته الشرائع السماوية، ثم أثبت الطب والعلم الحديث ما ينتج عنه من أضرار عضوية ونفسية:

إن الله -عز وجل- عندما أرسل رسوله -صلى الله عليه وسلم- وصفه بأنه يحل الطيب ويحرم الخبيث فقال: )ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث( (لأعراف: ١٥٧)، فما من طيب إلا وقد أحله الله -عز وجل- ثم أحله نبينا -صلى الله عليه وسلم- وإن كانت النفس تأنفه، وما ترك خبيثا إلا وقد حذرنا منه، وإن كانت النفس تحبه، وما معصية يفعلها صاحبها إلا وقد جعل الله -عز وجل- لها بديلا في الطاعة حلالا، فالله -عز وجل- عندما أحل لنا الزواج وشرعه وجعله من الطيبات حرم علينا ما يخالف الفطر السليمة من زنا ولواط وسحاق وغير ذلك من الخبائث.

واللواط من المعاصي التي قضى الله -عز وجل- بتحريمها في جميع الشرائع السماوية، ثم حرمها النبي -صلى الله عليه وسلم- ولعن فاعلها، ثم جعلت الشريعة حدا لهذا الفعل الشنيع، وهو حد القتل، فإذا وضعت الشريعة لمعصية حد القتل، فإلى أي حد يصل جرمها وضررها؟!

قال النبي صلى الله عليه وسلم: «يا معشر المهاجرين خمس خصال إذا ابتليتم بهن، وأعوذ بالله أن تدركوهن: لم تظهر الفاحشة في قوم قط حتى يعلنوا بها، إلا فشا فيهم الطاعون والأوجاع التي لم تكن مضت في أسلافهم الذين مضوا...»[25] إلى آخر الحديث.

في هذا الحديث، يحذرنا النبي -صلى الله عليه وسلم- من خمس خصال هي من البلاء الذي إذا حل في الأمة سلط الله -عز وجل- عليها أمراضا، لم تكن في أسلافهم؛ ومن هذه الخصال انتشار الفاحشة، ولفظ الفاحشة لفظ عام يدخل تحته كل فعل مناف لبشرية الإنسان من زنا ولواط وسحاق وغير ذلك.

ونظرا لشيوع أمثال هذه الجرائم وانتشارها، وخاصة اللواط في بلاد المسلمين وغير المسلمين، فإن الله -عز وجل- قد أنزل بالأمة أضرارا لم تسمع قبل ذلك؛ منها الدينية، ومنها النفسية، ومنها الصحية، ومنها الخلقية، وتترتب على هذه الأضرار أمراض اجتماعية واقتصادية.

أولا: الأضرار الدينية:

إن أضرار اللواط من أعظم الضرر على المرء، وذلك لأنه كبيرة من كبائر الذنوب، وله خطر عظيم على توحيد المسلم؛ لأنه ذريعة إلى العشق والتعلق بغير الله، وهذا بدوره ذريعة إلى الشرك، ويقود إلى محبة ما أبغضه الله، وبغض ما أحبه الله، بل قد يتمادى الأمر بمرتكبه فيستحله، وهذا كله خطر على عقيدة الإنسان وتوحيده، وقد حدث هذا بالفعل، فقد نادى بعض السفهاء بإباحة هذا الفعل وممارسته وأطلقوا عليه المثلية الجنسية - والعياذ بالله.

ثانيا: الأضرار الخلقية:

كثيرة هي أضرار اللواط الخلقية، ومنها قلة الحياء، وسوء الخلق، وبذاءة اللسان، وقسوة القلب، وانعدام الرحمة، وقتل المروءة والرجولة، وذهاب الشهامة، والشجاعة والنخوة والعزة والكرامة، وحب الجريمة والجرأة على فعلها، وسفول الهمة، وضعف الإرادة، والذلة والصغار، وسقوط الجاه والمنزلة، ونزع الثقة من مرتكبه، والنظر إليه بعين الخيانة، وذهاب الغيرة، وحلول الدياثة، وهذا قليل بالنسبة لوباء قد جعل الله ورسوله -صلى الله عليه وسلم- القتل حدا له، ثم لعن الله ورسوله -صلى الله عليه وسلم- صاحبه وطرده الله من رحمته، بل سماه فاسقا وظالما ومتعديا ومسرفا.

ثالثا. الأضرار النفسية:

  1. التأثير في الأعصاب:

إن هذه العادة تغزو النفس، وتؤثر في الأعصاب تأثيرا خاصا، فأحد نتائجه الإصابة بالانعكاس النفسي في خلق الفرد، فيشعر في صميم فؤاده، بأنه ما خلق ليكون رجلا، وينقلب الشعور إلى شذوذ، وبه ينعكس شعور اللائط انعكاسا غريبا فيشعر بميل إلى بني جنسه وتتجه أفكاره الخبيثة إلى أعضائهم التناسلية.

ومن هذا نستطيع أن نتبين العلة الحقيقية في إسراف بعض الشبان الساقطين في التزين، وتقليدهم النساء في وضع المساحيق المختلفة على وجوههم، ومحاولتهم الظهور بمظهر الجمال، بتحمير أصداغهم، وتزجيج حواجبهم، وتثنيهم في مشيتهم، إلى غير ذلك.

ولا يقتصر الأمر على إصابة اللائط بالانعكاس النفسي، بل هنالك ما تسببه هذه الفاحشة من إضعاف القوى النفسية الطبيعية في الشخص كذلك، وما تحدثه من جعله عرضة للإصابة بأمراض عصبية شاذة، وعلل نفسية شائنة، تفقده لذة الحياة، وتسلبه صفة الإنسانية والرجولة، فتحيي لوثات وراثية خاصة، وتظهر عليه آفات عصبية كامنة تبديها هذه الفاحشة، وتدعو إلى تسلطها عليه، ومثل هذه الآفات العصبية النفسية؛ الأمراض السارية، والماسوشية، والفيتشزم، وغيرها.

وكذلك يسبب اللواط الخوف الشديد، والحزن والقلق المستمر، والرغبة في العزلة والانطواء وتقلب المزاج، وضعف الشخصية وانعدام الثقة بالنفس، وكثرة الوساوس والأوهام، والارتباك واليأس والتشاؤم والملل والتبلد العاطفي.

كما أن اللواط يصيب فاعله بضيق الصدر والخفقان، وكذلك يصيبه بحالة من الضعف، مما يجعله عرضة لمختلف العلل والأمراض، وذلك بسبب الوهم والوسوسة.

  1. التأثير على المخ:

أردت أن أذكر هذا الضرر ضمن الأمراض النفسية، لارتباطه بها أكثر من الأمراض العضوية؛ فاللواط يسبب اختلالا كبيرا في توازن عقل المرء، وارتباكا عاما في تفكيره، وركودا غريبا في تصوراته، وبلاهة واضحة في عقله، وضعفا شديدا في إرادته، وإن ذلك ليرجع إلى قلة الإفرازات الداخلية التي تفرزها الغدة الدرقية والغدد فوق الكلوية، وغيرها مما يتأثر باللواط تأثيرا مباشرا، فيضطرب عملها وتختل وظائفها.

علاوة على تعرض اللائط للإصابة بالبله والعبط، وشرود الفكر، وضياع العقل والرشاد.

رابعا. الأضرار الصحية:

  1. الرغبة عن المرأة:

إن من شأن هذا المرض أن يصرف الرجل عن المرأة، وقد يبلغ به الأمر إلى حد العجز عن مباشرتها، وقد يفقد رغبة الرجل وهو بدوره يجعله لا يشتهي النساء فلا يتزوج، وينشأ عن هذا أضرار اجتماعية وتكثر العوانس أكثر مما هي عليه، وينتج عن هذا أضرار - أيضا - مثل عدم القدرة على الإنجاب، وإيجاد النسل وهو أهم وظيفة من وظائف الزواج، وهذا بدوره يؤدي إلى أضرار اقتصادية بها تعطل حركة النمو.

ولو قدر الله لمثل هذا الرجل أن يتزوج فإن زوجته تكون ضحية من الضحايا، فلا تظفر بالسكن ولا الولادة، ولا بالحرمة التي هي دستور الحياة الزوجية، فتقضي حياتها معذبة معلقة لا هي بالمتزوجة، ولا بالمطلقة.

  1. عدم كفاية اللواط:

فهو علة شاذة وطريقة غير كافية لإشباع العاطفة الجنسية، وذلك لأنها بعيدة الأصل عن الملامسة الطبيعية، ولا تقوم بإرضاء المجموع العصبي، بل هي شديدة الوطأة على الجهاز العضلي، سيئة التأثير على سائر أجزاء البدن.

  1. ارتخاء عضلات المستقيم وتمزقه، والتهاب الشرج المستقيم:

فاللواط سبب في تمزق المستقيم، وهتك أنسجته، وارتخاء عضلاته وسقوط بعض أجزائه، وفقد السيطرة على المواد البرازية، وعدم استطاعته القبض عليه، ولذلك تجد بعض الوالغين في هذا العمل دائمي التلوث بهذه المواد المتعفنة، حيث تخرج منهم بدون شعور.

  1. التأثير على أعضاء التناسل والإصابة بالعقم:

 بحيث يضعف مراكز الإنزال الرئيسية في الجسم، ويعمل على القضاء على الحيوانات المنوية، ويؤثر على تركيب مواد المني، ثم ينتهي الأمر بعد قليل من الزمن إلى عدم القدرة على إيجاد النسل، والإصابة بالعقم مما يحكم على اللائطين بالانقراض والزوال وعدم تخليد ذكرهم.

  1. التيفود والدوسنتاريا:

وهو بجانب ما مضى يسبب العدوى بالحمى التيفودية، والدوسنتاريا وغيرها من الأمراض الخبيثة التي تنقل بطريق التلوث بالمواد البرازية المزودة بمختلف الجراثيم المملوءة بشتى العلل والأمراض.

  1. السويداء:

إن اللواط إما أن يكون سببا في ظهور المرض، أو يغدو عاملا قويا على إظهاره وبعثه، ولقد وجد أن هذه الفاحشة وسيلة شديدة التأثير على هذا الداء؛ من حيث مضاعفاتها له، وزيادة تعقيدها لأغراضه، ويرجع ذلك للشذوذ الوظيفي لهذه الفاحشة المنكرة، وسوء تأثيرها على أعصاب الجسم.

  1. أمراض أخرى:

كذلك يسبب اللواط الإصابة بالعديد من الأمراض مثل ثواليل الشرج، وفطريات الجهاز التناسلي، والورم البلغمي الحبيبي التناسلي، والتهاب الكبد الفيروسي، وفيروس (السايتو ميجالك) الذي يؤدي إلى سرطان الشرج، والمرض الحبيبي الليمفاوي التناسلي، ومرض الأميبا، والديدان المعوية وغير ذلك من الأمراض التي نسأل الله -عز وجل- أن يعافينا منها.

إن الأمراض السابقة التي ذكرناها يسببها اللواط فقط، لكن هناك أمراض تنشأ عن أي علاقة جنسية محرمة، فالحديث الذي ذكرناه يحمل في ثناياه ملمحا إعجازيا كبيرا، وقد أثبتت الأبحاث الطبية الحديثة صدق ما ورد على لسان النبي الكريم -صلى الله عليه وسلم- من انتشار الأمراض التناسلية الفتاكة؛ نتيجة لشيوع الفاحشة، والجهر بها في المجتمعات مما عرض المجتمع للتفكك والانحلال والانهيار الأخلاقي والاقتصادي[26].

يقول د. أحمد عبد الحميد ندا - استشاري جراحة المسالك البولية والتناسلية -: "إن الأمراض التناسلية المتعددة محصلة الفوضى الجنسية، وأقصد الاختلاط والتساهل والدعارة والبغاء، فالأمراض التناسلية إنما تنتقل أساسا وبنسبة عالية عن طريق الاتصال الجنسي غير المشروع"[27].

أنواع الأمراض الجنسية الفتاكة:

وباء الزهري:

شهد العالم موجات كاسحة من انتشار وباء الزهري على فترات منذ أن ظهر لأول مرة عام 1494م، وقد قضى على مئات الملايين من الأشخاص في القرون الخمسة الماضية وحطم حياة ملايين أخرى منهم، وبرغم اكتشاف المضادات الحيوية، فما زال المرض يزداد وينتشر؛ إذ يصاب سنويا حوالي خمسين مليونا من البشر بهذا المرض الذي تسببه جرثومة دقيقة ضعيفة، لكنها قاتلة خطيرة تهاجم جميع أعضاء الجسم، وفي غفلة من الضحية تدمره وتقضي عليه بعد رحلة طويلة من الآلام والأوجاع التي لم يعهدها الناس وقتئذ وما سمعوا بها.

مرض السيلان:

يتصدر مرض السيلان قائمة الأمراض المعدية، فهو أكثر الأمراض الجنسية شيوعا في العالم؛ إذ يتراوح الرقم المثبت في الإحصائيات حوالي 250 مليون مصاب سنويا، وهذا لا يمثل الحقيقة؛ لأن عدد الحالات المبلغ بها والواردة في الإحصائيات تمثل عشر - وقد تصل إلى ربع - الرقم الحقيقي، وبرغم هجوم ميكروب السيلان الدقيق على جميع أعضاء الجسم وتسببه في الالتهابات والعلل والآلام للمصاب إلا أن أخطر آثاره هو قطع نسل الضحية، لذلك يسمى هذا المرض بالمعقم الأكبر وهكذا كل الأمراض الجنسية.

الهربس

القرحة الرخوة

الورم البلغمي الحبيبي التناسلي

الورم الحبيبي المغبني، ثنائي التناسل

المليساء المعدية

التهاب الكبد الفيروسي، إلى غير ذلك من فطريات وطفيليات الجهاز التناسلي التي تصيب ملايين الناس.

الإيدز طاعون العصر:

الحقيقة أنه ليس مرضا واحدا ولكنه عدة أعراض متزامنة وأمراض مختلفة وسرطانات عديدة؛ لذلك يسمى بمتلازمة العوز المناعي أو الرعب القاتل، فالإيدز أقض مضاجع الزناة واللوطيين وأصبح سيفا مسلطا على رقابهم يحصدهم حصدا إلى الجحيم...

إن هذا الوباء الكاسح كان جزاء وفاقا لظهور الإباحية وانتشار الفاحشة وإعلانها، فما هو ذلك الوباء الذي اجتاح الهلع منه والرعب دول العالم أجمع وعلى الأخص الدول الغربية؟

إنه طاعون العصر للذين استعلنوا بالفاحشة وغرقوا في أوحال الرذيلة، إنه الإيدز المرض الذي يسببه فيروس ضئيل لا يرى إلا بعد تكبيره مئات الآلاف من المرات بالمجهر الإلكتروني.

فيروس الإيدز:

إن فيروس الإيدز من مجموعة الفيروسات المنعكسة Retroviruses والتي هي من أصغر الكائنات الدقيقة المعروفة لدينا ولها قدرة عجيبة في استعمار الخلايا الحية والتكاثر فيها بواسطة التحكم في أسرار الجينات الموجودة في الخلايا.

ويهاجم فيروس الإيدز الخلايا اللمفاوية المساعدة T8 التي تمثل العمود الفقري والعقل المدبر لجهاز المناعة عند الإنسان فيتكاثر فيها ويدمرها ومن ثم يدمر هذا الإنسان ويهلكه، لذلك يسمى بمرض نقص المناعة المكتسب.

الجهاز المناعي:

لقد حبا الله الجسم الإنساني بوسائل دفاعية نشطة لصد هجمات الغزاة المعتدين عليه، ويقوم بهذه المهمة كرات الدم البيضاء، وهي أنواع عديدة:

النوع الأول: هو الخلايا اللمفاوية وتوجد في الدم والغدد اللمفاوية والكبد والطحال ونخاع العظام الحمرا.

وتنقسم هذه الخلايا إلى قسمين: الخلايا البائية B. CELLS وهي خلايا متخصصة في صنع القذائف المضادة لأنواع الميكروبات المختلفة وهي ما تسمى بمضادات الأجسام Antibodies.

والنوع الثاني: من الخلايا اللمفاوية هي الخلايا التائية T. Cells وهي اثنا عشر صنفا على الأقل لكل منها ميزة خاصة ووظيفة محددة فمنها ما تتحول عندما تعلم بوجود العدو إلى خلايا مقاتلة فتندفع في مجري الدم إلى الخلايا المصابة حيث العدو فتقوم بمهاجمته والالتحام معه في قتال ضار وشرس حتى تتمكن من القضاء عليه.

خلايا جهاز المناعة:

ومنها الخلايا المساعـدة Helper cells T4 ومنهـا الخـلايا المثبطـة Supresive T.cells التي تمنع الخلايا المقاتلة وتثبطها من استمرار نشاطها الانتحاري بعد انتهاء المعركة والقضاء على الغازي، كما تثبط الخلايا البائية لتحد من إنتاج الأجسام المضادة، والوظيفة الرئيسية للخلايا البائية والتائية هي القضاء على الفيروسات والطفيليات والفطريات والجراثيم والخلايا السرطانية، وتشكل الخلايا التائية من 60% إلى 80% من مجموع الخلايا اللمفاوية في الدم، بينما تشكل الخلايا البائية من 10% إلى 20% منها، ثم يقوم بعد ذلك النوع الثاني من خلايا الدم البيضاء ببلع الأعداء وكنس ميدان المعركة وتصفيته من الجثث المختلفة.

ماذا يحدث في مرض الإيدز؟

يتركز هجوم فيروس الإيدز على الخلايا المساعدة فيشل حركتها ويتكاثر فيها بعد فك رموز أسرار جيناتها ثم يدمرها وتخرج منها أعداد هائلة من الفيروسات تهاجم خلايا جديدة، كما تقوم أعداد هائلة من الخلايا المساعدة السليمة بالانتحار حينما يأتيها الخبر بأن هذا الفيروس دخل إلى واحدة منهن ويتوالى تثبيط آليات الدفاع في جهاز المناعة، حتى تنهار وسائل الدفاع تماما وعندئذ تشن الكائنات الدقيقة من الميكروبات المختلفة - المتطفلة على الإنسان والغازية له من الخارج - القوي منها والضعيف هجوما كاسحا على الجسم فتقضي عليه.

بعد أن يصاب بالتهابات رئوية طفيلية وفطرية حادة مع إسهال شديد شبيه بالكوليرا وفقدان وزنه وتحوله إلى هيكل عظمي مع تضخم كبير في الطحال والغدد اللمفاوية وإصابته بأورام سرطانية وأمراض جلدية عديدة، ولا يترك هذا الفيروس أي مكان في الجسد إلا أصابه حتى الجهاز العصبي والمخ فيصاب المريض بالتشتت العقلي والإحباط والكآبة ثم الاختلال العقلي والجنون في المراحل المتأخرة، بالإضافة إلى التهابات الدماغ والنخاع الشوكي والسحائي، والذي يؤدي إلى الشلل وأحيانا إلى العمى ثم ينتهي المريض إلى الموت والهلاك[28].

ويقول الدكتور بشرى الزهيري ما ملخصه[29]:

تدل الإحصاءات الميدانية على أن السبب وراء حالات الإيدز هو انتشار الشذوذ الجنسي، وهو إتيان الرجل الرجل، والتي أحلته بعض المجتمعات الأوروبية والأمريكية، ففي مجموعة الحالات المصابة بأمريكا (75 %) من الحالات توجد بين أصحاب الشذوذ الجنسي، وفي بريطانيا وفرنسا (84 %) وتزداد الإصابة إذا تكرر إتيان الرجل من دبره من عدة أشخاص مختلفين، كما هو الحال في تلك البلاد، وينتشر بين مدمني المخدرات بنسبة (18 %).

وهذا هو المفهوم الخاطئ للحرية - كما يريد أن يفهمه بعضهم - زواج الذكر بالذكر في البلاد الغربية، ولقد نشرت صورة للواطيين في مدينة ليون الفرنسية، وقد تفشت أعراض المرض على أحدهما بعد سبعة أشهر من بدء المرض، وهذه هي الحرية التي ينادون بها، وهذه هي المثلية الجنسية، والحمد الله الذي أنعم علينا بنعمة الإسلام وكفى بها نعمة.

وكأن الله يريد أن يميز لهم أداة العقاب، فالفيروس المسبب للإيدز يتميز بمميزات بيولوجية تختلف عن كل أنواع الجراثيم التي تصيب الإنسان، فهذا المرض وأمثاله عقوبة إلهية لمن انتكست فطرتهم من الخلق فاستبدلوا بالعفة والطهارة فواحش السلوك المحرم من الزنا واللواط، واستعلنوا بتلك الفواحش إباحة ورضى وتفاخرا.

كما يوضح لنا الإعجاز العلمي في القرآن هلاك قوم لوط فقال سبحانه وتعالى: )كذبت قوم لوط بالنذر (33) إنا أرسلنا عليهم حاصبا إلا آل لوط نجيناهم بسحر (34)( (القمر) فأهلكهم الله بالصيحة أولا، وهي الصوت الشديد المتأتي من ارتجاجات هوائية ذات ذبذبة عالية، وهي من أشد أسباب التدمير فتكا، كما تبين للخبراء العسكريين اليوم، ثم أمطروا مطرا جارفا مهلكا، فأصبح هذا الماء ملوثا من كثرة الأمراض المعدية المتفشية فيهم (الإيدز، الزهري، الهربز، السيلان) فقال: )فساء مطر المنذرين (173)( (الشعراء)، ثم أرسل الله عليهم أخيرا حاصبا؛ أي حجارة: )لنرسل عليهم حجارة من طين (33)( (الذاريات) هي على درجة كبيرة من الحرارة بفعل احتكاكها بطبقات الجو، فحرقت وطهرت كل ما في قرية لوط من أوبئة من أثر الممارسات الشاذة، ومن هنا نجد الإعجاز، فالحرارة العالية الجافة هي أقوى أنواع المطهرات كما هو معروف في علم التعقيم: )والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون (21)( (يوسف).

الحل الشرعي للقضية، وسبل الوقاية والعلاج[30]:

يجب علينا الالتزام بتعاليم الإسلام التي حرمت الزنا والبغاء العلني والسري، وأمرت بتطبيق حدود الله على الزناة والقوادين والشاذين جنسيا، وحرمت الخمور والمخدرات، وأمرت بالبعد عن المثيرات عموما من صور وأفلام وأغان واختلاط بالمردان[31] وبكل ما يتصل بهذه الفاحشة.

كما يجب علينا نشر الوعي الديني والعلمي وتعميق الإيمان في نفوس الناس، ووضع برامج إعلامية هادفة، ومحاربة وسائل الإعلام التي تشيع الفاحشة علنا على القنوات الفضائية في المجتمعات الغربية.

ومن الوسائل أيضا توفير السلوك الجنسي القويم في إطار العلاقات الزوجية، وتجنب تعدد قرناء السوء الجنسيين هو الضمانة الأكيدة ضد الإصابة بالعدوى، وعلينا أن نحرص على فعل ما يقربنا إلى الله -عز وجل- من الطاعات، ونبتعد عما نهانا الله -عز وجل- من المعاصي والمنهيات.

ومما سبق يتبين لنا حكمة التشريع الإسلامي في تحريم اللواط وتظهر لنا دقة أحكامه في التنكيل بمقترفيه، والأمر بالقضاء عليهم، وتخليص العالم من شرورهم، كما تتجلى لنا أوجه الإعجاز الطبي والعلمي في حديث الرسول -صلى الله عليه وسلم- لأن الظاهر من تاريخ ظهور هذه الأمراض إجمالا أنها تأتي عقوبة للقوم الذين تشيع بينهم الفاحشة بكثرة، ولذلك عبر النبي -صلى الله عليه وسلم- بلفظ (تظهر) ولم يعبر بلفظ (توجد)؛ لأنها لا تظهر إلا إذا كثرت.

وفي نهاية الحديث عن أضرار اللواط الصحية يحسن التنبيه على مسألة مهمة ألا وهي: أن هذه الأمراض قد تظهر سريعا، لذا ينبغي للإنسان ألا يغتر بإمهال الله، وبأنه يمارس هذا العمل من زمن ولم يصب بشيء من ذلك، أو أن فلانا من الناس لم يصب بشيء مع أنه يمارس هذه الفعلة منذ زمن بعيد، فالله يمهل ولا يهمل، وإنه ليمهل الظالم حتى إذا أخذه لم يفلته، وأخذ الله أخذ عزيز مقتدر.

وخلاصة القول: أن العالم يعيش في رعب من طاعون القرن الحادي والعشرين، وبدأ هذا الطاعون يهدد البشرية بالدمار، فإن الذي يناقض الفطرة الربانية، ويسلك الطرق المحرمة في إشباع غرائزه - يعاقبه الله بعقوبات فطرية في الدنيا قبل الآخرة، وهكذا تتحقق نبوءة المصطفى -صلى الله عليه وسلم-، والتي أعلنها منذ أكثر من أربعة عشر قرنا من الزمان، وصدق الله العظيم إذ يقول: )وما ينطق عن الهوى (3) إن هو إلا وحي يوحى (4)( (النجم).

وكان الإمام أحمد بن حنبل ينشد:

تفنى اللذاذة ممن نال صفوتها

من الحرام ويبقى الخزي والعار

تبقى عواقب سوء في مغبتها

لا خير في لذة من بعدها النار

فنسأل الله -عز وجل- أن يبعدنا عن المعاصي وما يقربنا منها، ويجعلنا من فاعلي الطاعات وما يقربنا منها، وأن يجعلنا من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه؛ إنه ولي ذلك والقادر عليه، وهو بكل جميل كفيل وهو حسبنا ونعم الوكيل.

الخلاصة:

  • لايوجدتعارضبينأحاديثحداللائطولااختلافبينها،ولكنالاختلاففيكيفيةتطبيقالحد،فالحدهوالقتل،والرجمصورةمنصورالقتل.
  • إنالله -عزوجل- ورسوله -صلىاللهعليهوسلم- لميحرماعلينا شيئا إلا ويثبت العلم الحديث أو الطب ضرره بعد ذلك، وهذا مما يبين إعجاز القرآن والسنة، وإن لم يثبت هذا - وهذا لن يحدث - فما علينا إلا الامتثال لأمر الله ورسوله، ومن تلك المحرمات "اللواط".
  • ليستالمثليةالجنسيةهيالحريةكمايدعيأبناءالغرب،وإنماهي عبودية للشيطان، والحرية الحقيقة في تنفيذ أمر الله الشرعي؛ وهو الزواج.
  • لقدشرعاللهالحدودلتغييرالمنكر،بللإزالتهتماما،حتىيرتدعالناسويكفواعنفعالهمالقبيحة،ومنيتعدحدودهيدخلهنارا،فماعليناإلاتنفيذشرعالله،وإحلالحلالهوتحريمحرامه.
  • إن انتشار الأمراض والأوبئة الخطيرة مرتبط بظهور الفواحش، لذا عاقب الله أهل سدوم (قوم لوط) بالأمراض التي لم يعرفوها، ولم تكن في أسلافهم.
  • إناللواطوباءخطير،ولاعلاجلهذاالوباءإلاإقامةحدالله -عزوجل- وهوالقتل،وليساللواطمرضايعالجبالدواءكمايدعي الواهمون.
  • لقداكتشفالأطباءأمراضاخطيرةتتسببعنممارسةهذاالشذوذالجنسي،ممايردعمنيطلععليها - إنكانمنالممارسينلذلك - عنفعلهويرجعمخافةالأوبئةوالأمراضالخطيرة.
  • إنالعلاجالصحيحهوالرجوعإلىالفطرةالسليمة،بالزواجالصحيح،والبعد عما ينافي هذه الفطرة، وكذلك البعد عن كل وسائل الإثارة الجنسية حتى يأمن المسلم على نفسه من الوقوع في مثل هذه الفواحش.

 

 

 

(*) مختلف الحديث وأثره في أحكام الحدود والعقوبات، د. طارق بن محمد الطواري، دار ابن حزم، بيروت، ط1، 1428هـ/ 2007م.

[1]. انظر: معجم لغة الفقهاء، محمد رواس قلعه جي وحامد صادق قنيبي، دار النفائس، الأردن، ط2، 1408هـ / 1988م، (1/ 477).

[2]. صحيح: أخرجه أحمد في مسنده، مسند بني هاشم، مسند عبد الله بن العباس، (4/ 327)، رقم (2916). وقال عنه أحمد شاكر في تعليقه على المسند: إسناده صحيح.

[3]. صحيح: أخرجه أحمد في مسنده، مسند بني هاشم، مسند عبد الله بن عباس، (4/326، 327)، رقم (2915)، (2917). وقال عنه أحمد شاكر في تعليقه على المسند: إسناده صحيح.

[4]. صحيح: أخرجه ابن ماجه في سننه، كتاب: الحدود، باب: من عمل عمل قوم لوط، (2/ 856)، رقم (2561). وصححه الألباني في صحيح وضعيف سنن ابن ماجه برقم (2561). وأخرجه أبو داود في سننه (بشرح عون المعبود)، كتاب: الحدود، باب: فيمن عمل عمل قوم لوط، (6/ 99)، رقم (4450). وصححه الألباني في صحيح وضعيف سنن أبي داود برقم (4462).

[5]. حسن: أخرجه ابن ماجه في سننه، كتاب: الحدود، باب: فيمن عمل عمل قوم لوط، (2/ 856)، رقم (2562). وحسنه الألباني في صحيح وضعيف سنن ابن ماجه برقم (2562).

[6]. روضة المحبين ونزهة المشتاقين، ابن القيم الجوزية، دار الكتب العلمية، بيروت، 1412هـ / 1992م، ص371.

[7]. أخرجه ابن أبي شيبة في مصنفه، كتاب: الحدود، باب: في اللوطي حد كحد الزاني، (6/ 494)، رقم (28337).

[8]. المبسوط، السرخسي، (9/ 79). شرح فتح القدير، ابن الهمام، (5/ 265)، نقلا عن: مختلف الحديث وأثره في أحكام الحدود والعقوبات، د. طارق بن محمد الطواري، دار ابن حزم، بيروت، ط1، 1428هـ/ 2007م، ص145.

[9]. أخرجه البيهقي في شعب الإيمان، الباب السابع والثلاثون، باب: في تحريم الفروج وما يجب من التعفف، (4/ 357)، رقم (5389).

[10]. المحلى، ابن حزم، تحقيق: أحمد محمد شاكر، دار التراث، القاهرة، د. ت، (11/ 380).

[11]. زاد المعاد في هدي خير العباد، ابن قيم الجوزية، تحقيق: شعيب الأرنؤوط وعبد القادر الأرنؤوط، مؤسسة الرسالة، بيروت، ط7، 1405هـ/ 1985م،(5/ 40).

[12]. المحلى، ابن حزم، تحقيق: أحمد محمد شاكر، دار التراث، القاهرة، د. ت، (11/ 382).

[13] . الفقه الإسلامي وأدلته، د. وهبه الزحيلي، دار الفكر، دمشق، ط3، 1409هـ/ 1989م، (6/ 66).

[14]. الفقه الإسلامي وأدلته، د. وهبه الزحيلي، دار الفكر، دمشق، ط3، 1409هـ/ 1989م، (6/66).

[15]. صحيح: أخرجه ابن ماجه في سننه، كتاب: الحدود، باب: فيمن عمل عمل قوم لوط، (2/856)، رقم (2561). وصححه الألباني في صحيح وضعيف سنن ابن ماجه برقم (2561)، وفي إرواء الغليل برقم (2350).

[16]. حسن: أخرجه ابن ماجه في سننه، كتاب: الحدود، باب: فيمن عمل عمل قوم لوط، (2/856)، رقم (2526). وحسنه الألباني في صحيح وضعيف سنن ابن ماجه برقم (2526).

[17]. أخرجه البيهقي في سننه، كتاب: الحدود، باب: ما جاء في حد اللوطي، (8/233)، رقم (16810). وضعفه الألباني في إرواء الغليل برقم (2394)، وفي صحيح وضعيف الجامع الصغير برقم (1295).

[18]. الفقه الإسلامي وأدلته، د. وهبه الزحيلي، دار الفكر، دمشق، ط3، 1409هـ/ 1989م، (6/66).

[19]. مختلف الحديث وأثره في أحكام الحدود والعقوبات، د. طارق بن محمد الطواري، دار ابن حزم، بيروت، ط1، 1428هـ/ 2007م، ص155 بتصرف.

[20]. صحيح: أخرجه ابن ماجه في سننه، كتاب: الحدود، باب: فيمن عمل عمل قوم لوط (2/ 856) رقم (2561). وصححه الألباني في صحيح وضعيف سنن ابن ماجه برقم (2561).

[21]. زاد المعاد في هدي خير العباد، ابن قيم الجوزية، تحقيق: شعيب الأرنؤوط وعبد القادر الأرنؤوط، مؤسسة الرسالة، بيروت، ط7، 1405هـ/ 1985م، (5/ 40).

[22]. روضة المحبين ونزهة المشتاقين، ابن قيم الجوزية، دار الكتب العلمية، بيروت، 1412هـ/ 1992م، ص364.

[23]. زاد المعاد في هدي خير العباد، ابن قيم الجوزية، تحقيق: شعيب الأرنؤوط وعبد القادر الأرنؤوط، مؤسسة الرسالة، بيروت، ط7، 1405هـ/ 1985م، (5/ 40).

[24]. مطالب أولي النهى، الرحيباني، (6/ 175)، نقلا عن: مختلف الحديث وأثره في أحكام الحدود والعقوبات، د. طارق بن محمد الطواري، دار ابن حزم، بيروت، ط1، 1428هـ/ 2007م، ص147.

[25]. حسن: أخرجه ابن ماجه في سننه، كتاب: الفتن، باب: العقوبات، (2/ 1332)، رقم (4019). وصححه الألباني في صحيح وضعيف سنن ابن ماجه رقم (4019).

[26]. انظر: موسوعة الإعجاز العلمي في سنة النبي الأمي، حمدي عبد الله الصعيدي، مكتبة أولاد الشيخ للتراث، مصر، ط1، 2007م، ص454: 459. موقع الإسلام، المملكة العربية السعودية، وزارة الشئون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد.www.al-islam.com

[27]. موقع الإسلام، المملكة العربية السعودية، وزارة الشئون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد.www.al-islam.com، ص992.

[28]. مقال بعنوان الحصاد الحتمي للإباحية، د.عبدالجواد الصاوي، موقع موسوعة الإعجاز العلمي في القرآن والسنة.

[29]. الإيدز "المرض الجنسي القاتل"، د. بشرى الزهيري، مقال منشور بمجلة الإعجاز العلمي، عدد (20)، محرم 1426هـ، ص60: 64.

[30]. الإيدز "المرض الجنسي القاتل"، د. بشرى الزهيري، مقال منشور بمجلة الإعجاز العلمي، عدد (20)، محرم 1426هـ، ص60: 64.

[31]. المردان: هم الذين لم تنبت لحاهم، وذلك أدعى للإثارة الجنسية.

 

  • الاثنين AM 12:38
    2020-10-19
  • 2267
Powered by: GateGold