المتواجدون الآن

انت الزائر رقم : 412630
يتصفح الموقع حاليا : 322

البحث

البحث

عرض المادة

إنكار أحاديث بدء الوحي

إنكار أحاديث بدء الوحي(*)

مضمون الشبهة:

يطعن بعض المغرضين في صحة أحاديث بدء نزول الوحي على رسول الله صلى الله عليه وسلم، مستدلين على صحة دعواهم بأن الروايات الواردة في ذلك متعارضة مع بعضها؛ فمرة يذكر حامل الوحي بأنه "ملك" ومرة أنه "شيء" وأخرى أنه "جبريل"، مع أن جبريل لم يأت ذكره في السور المكية، بل ذكر في السور المدنية فقط، وأغلب الروايات تفيد أن ذلك الإيتاء كان رؤيا منامية كرؤيا إبراهيم ويوسف - عليهما السلام - مما يرجح أن يكون وقوع الوحي مناما لا يقظة، ولا يستبعد أن تكون خلوته في غار حراء من أجل أن يرقى محمد بخياله ليحصل على تأييد علوي يستيطع به أن يؤثر في الناس، ويمحو الوثنية من بلاد العرب، بالإضافة إلى أن الأحداث التي واكبت نزول الوحي مما يرفضه العقل ويأباه؛ فكيف يعقل أن يأتي جبريل - عليه السلام - إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - في الغار، ويهزه تلك الهزات الثلاث التي بلغت منه الجهد، حتى قال لخديجة: «لقد خشيت على نفسي»؟! وكيف لا يعلم محمد أنه نبي، ولا يستطيع أن يميز بين الوحي والوساوس الشيطانية، حتى تخبره خديجة بذلك، ثم تذهب به لورقة بن نوفل، وهو يومئذ على النصرانية، ويخبره بما رأى، فيبشره أنه رسول هذه الأمة، وأن هذا هو الناموس الذي كان يأتي موسى - عليه السلام -، ثم يخبره بأمور مستقبلية تتصل به وبدعوته، ولا يعلم ذلك كله رسول الله صلى الله عليه وسلم؟! وكل هذا مما يشكك في صحة تلك الأحاديث ونسبتها للرسول صلى الله عليه وسلم.

رامين من وراء ذلك إلى إنكار أحاديث الوحي كلية، ومن ثم التشكيك في الإسلام باعتباره دينا سماويا.

وجها إبطال الشبهة:

1) إن الأحاديث الواردة بشأن بداية نزول الوحي على سيدنا محمد - صلى الله عليه وسلم - صحيحة ولا تعارض بينها، والمقصود بحامل الوحي في تلك الروايات هو جبريل عليه السلام، وقد ورد ذكره في سورتي مريم والنجم، وهما من السور المكية إشارة إلى أن النبي - صلى الله عليه وسلم - رآه مرة أخرى، مما يثبت رؤيته له من قبل، أما رؤيته له في المنام فإنما كان ذلك توطئة لما يأتي بعد في اليقظة، ولم يكن الوحي خيالا تخيله رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليرقى إلى وسيلة يقضي بها على الوثنية في جزيرة العرب.

2)   ليس في أحاديث ابتداء الوحي شيء يستحيل على العقل إدراكه:

  • فإنضمجبريل - عليهالسلام - لسيدنامحمد - صلىاللهعليهوسلم - ثلاثمراتحتىبلغمنهالجهدكانلشغلهعنالالتفات،والمبالغةفيأمرهبإحضارقلبه،وقدأرادأنيبينلهأنمهمةتلقيالوحي ثقيلة.
  • وإعلامخديجةلمحمد - صلىاللهعليهوسلم - بأنماأتاهليسمسامنالجن؛ذلكلماخبرتهمنأخلاقهوفضله،وأماذهابهابهلابنعمهاورقةبننوفل - فذلكلأنهكانعندهعلمبالإنجيلبعدأنتنصر،ولميكنكاهنا،وماأخبربهرسولالله - صلىاللهعليهوسلم - بأنه نبي هذه الأمة، وأنه سيخرجه قومه، فذلك بما عنده من نبأ في الإنجيل بهذا النبي صلى الله عليه وسلم، وقد أشار إلى ذلك القرآن والسنة النبوية.

التفصيل:

أولا. الأحاديث الواردة في ابتداء الوحي على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أحاديث صحيحة، ولا تناقض بينها، وكان الوحي يقظة لا مناما، حقيقة لا خيالا:

أول ما نبدأ به في دفع تلك الأباطيل هو ذكر الروايات المتوهم اختلافها لدى الطاعنين.

الحديث الأول: روى الشيخان عن عائشة - رضي الله عنها - أنها قالت: «أول ما بدئ به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من الوحي الرؤيا الصالحة في النوم، فكان لا يرى رؤيا إلا جاءت مثل فلق الصبح، ثم حبب إليه الخلاء، وكان يخلو بغار حراء فيتحنث فيه - وهو التعبد - الليالي ذوات العدد، قبل أن ينزع إلى أهله ويتزود لذلك، ثم يرجع إلى خديجة فيتزود لمثلها، حتى جاءه الحق وهو في غار حراء، فجاءه الملك، فقال: اقرأ. قال: ما أنا بقارئ، قال: فأخذني فغطني حتى بلغ مني الجهد، ثم أرسلني، فقال: اقرأ. قلت: ما أنا بقارئ. فأخذني فغطني الثانية حتى بلغ مني الجهد، ثم أرسلني، فقال: اقرأ، فقلت: ما أنا بقارئ، فأخذني فغطني الثالثة، ثم أرسلني، فقال: )اقرأ باسم ربك الذي خلق (1) خلق الإنسان من علق (2) اقرأ وربك الأكرم (3)( (العلق)، فرجع بها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يرجف فؤاده، فدخل على خديجة بنت خويلد - رضي الله عنها - فقال: زملوني زملوني، فزملوه حتى ذهب عنه الروع، فقال لخديجة وأخبرها الخبر: لقد خشيت على نفسي. فقالت خديجة: كلا والله ما يخزيك الله أبدا؛ إنك لتصل الرحم، وتحمل الكل، وتكسب المعدوم، وتقري الضيف، وتعين على نوائب الحق. فانطلقت به خديجة حتى أتت به ورقة بن نوفل بن أسد بن عبد العزى - ابن عم خديجة - وكان امرأ تنصر في الجاهلية، وكان يكتب الكتاب العبراني، فيكتب من الإنجيل بالعبرانية ما شاء الله أن يكتب، وكان شيخا كبيرا قد عمي، فقالت له خديجة: يا ابن عم، اسمع من ابن أخيك. فقال له ورقة: يا ابن أخي، ماذا ترى؟ فأخبره رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خبر ما رأى، فقال له ورقة: هذا الناموس الذي نزل الله على موسى، يا ليتني فيها جذعا، ليتني أكون حيا إذ يخرجك قومك. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أومخرجي هم؟ قال: نعم، لم يأت رجل قط بمثل ما جئت به إلا عودي، وإن يدركني يومك أنصرك نصرا مؤزرا. ثم لم ينشب ورقة أن توفي وفتر الوحي»[1].

الحديث الثاني: قال النبي صلى الله عليه وسلم: «فجاءني جبريل وأنا نائم بنمط من ديباج فيه كتاب، فقال: اقرأ؟ فقلت: ما أقرأ؟ فغتني[2] حتى ظننت أنه الموت، ثم أرسلني، فقال: اقرأ، قال: قلت: ما أقرأ؟ قال: فغتني به، حتى ظننت أنه الموت، ثم أرسلني، فقال: اقرأ، قال: قلت: ما اقرأ؟ قال: فغتني به، حتى ظننت أنه الموت، ثم أرسلني، فقال: اقرأ، قال: فقلت: ما أقرأ؟ ما أقول ذلك إلا افتداء منه أن يعود لي بمثل ما صنع بي، فقال: )اقرأ باسم ربك الذي خلق (1) خلق الإنسان من علق (2) اقرأ وربك الأكرم (3) الذي علم بالقلم (4) علم الإنسان ما لم يعلم (5)( (العلق)، قال: فقرأتها، ثم انتهى، فانصرف عني، وهببت من نومي، فكأنما كتبت في قلبي كتابا. قال: فخرجت حتى إذا كنت في وسط من الجبل سمعت صوتا من السماء يقول: يا محمد أنت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأنا جبريل، قال: فرفعت رأسي إلى السماء أنظر، فإذا جبريل رجل صاف قدميه في أفق السماء يقول: يا محمد، أنت رسول الله وأنا جبريل، قال: فوقفت أنظر إليه فما أتقدم وما أتأخر. وجعلت أصرف وجهي عنه في آفاق السماء، قال: فلا أنظر في ناحية منها إلا رأيته كذلك، فما زلت واقفا ما أتقدم أمامي، وما أرجع ورائي حتى بعثت خديجة رسلها في طلبي، فبلغوا أعلى مكة، ورجعوا إليها، وأنا واقف في مكاني ذلك، ثم انصرف عني»[3].

قال الحافظ ابن حجر - رحمه الله: "قال شيخنا البلقيني: الملك المذكور هو جبريل، كما وقع شاهده في كلام ورقة، وكما مضى في حديث جابر أنه الذي جاء بحراء، ووقع في شرح القطب الحلبي: الملك هنا هو جبريل عليه السلام، واللام في الملك لتعريف الماهية لا العهد، إلا أن يكون المراد به ما عهده النبي - صلى الله عليه وسلم - قبل ذلك، لما كلمه في صباه، وأن اللفظ لعائشة، وقصدت به ما تعهده من تخاطبه به. وقد قال الإسماعيلي: هي عبارة عما عرف بعد أنه ملك، وإنما الذي في الأصل: «فجاءه جاء»، وكان ذلك الجائي ملكا، فأخبر - صلى الله عليه وسلم - عنه يوم أخبر بحقيقة جنسه، وكأن الحامل على ذلك أنه لم يتقدم له معرفة به"[4][5].

وبما ذكره ابن حجر - رحمه الله - يتبين أن الملك المذكور في الحديث عن ابتداء الوحي هو سيدنا جبريل عليه السلام، ولا خلاف في ذلك؛ فإن ذكر الرسول - صلى الله عليه وسلم - لجبريل اسمه في حديث بعينه، فذلك يحمل على أنه ذكره بعد أن عرفه باسمه بعد ذلك، وأن ذكره للملك كان قبل التعيين بالضبط.

والرواية الأولى التي ذكرتها عائشة - رضي الله عنها - والتي فيها لفظ "الملك" ذكر النووي أنها من مراسيل الصحابة رضي الله عنهم؛ فإن عائشة لم تدرك هذه القضية، فتكون قد سمعتها من النبي - صلى الله عليه وسلم - أو من الصحابي، وهي حجة عند العلماء[6].

أما الرواية الثانية التي ذكرها ابن إسحاق كما جاء في سيرة ابن هشام - وهي رؤيا المنام - فهي صريحة جدا في ذكر اسم جبريل - عليه السلام - سواء وهو نائم حيث أتى إليه بالديباج، أو بعد أن قام وخرج فرأى جبريل صافا قدميه في أفق السماء.

ومما ذكرنا يتبين أنه لا تعارض بين الروايات الواردة في بدء الوحي على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأن المتفق عليه أن حامل الوحي هو جبريل عليه السلام.

  • جبريل - عليهالسلام - مذكورفيسورتيمريموالنجموهمامنالسورالمكية:

أما ما يزعمه هؤلاء المشككون في تلك الأحاديث بأن جبريل لو كان هو المقصود في تلك الأحاديث، لكان أولى أن يذكر اسمه في السور المكية، وهذا لم يحدث، ولم يتطرق القرآن لذكر جبريل إلا في السور المدنية؛ فهذا قول باطل منكر، طارحه لم يقرأ القرآن ولم يعه، ولم يتصفح السيرة النبوية أيما تصفح، فالقرآن الكريم صريح جدا في ذكر جبريل - عليه السلام - في سورة مريم، فقد قال تعالى: )فأرسلنا إليها روحنا( (مريم: ١٧)، فالظاهر أنه جبريل عليه السلام [7]. قال ابن كثير: قال مجاهد والضحاك وقتادة ووهب بن منبه والسدي في قوله: )فأرسلنا إليها روحنا(؛ يعني جبريل عليه السلام [8]. وكذلك في سورة النجم، وهي من السور المكية التي تناولت أعظم المعجزات لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعد معجزة القرآن الكريم، وهي معجزة الإسراء والمعراج، وهي متضمنة لرؤية جبريل - عليه السلام - في السموات العلا عند سدرة المنتهى، قال الله تعالى: )ولقد رآه نزلة أخرى (13) عند سدرة المنتهى (14)( (النجم).

روى الشيخان عن مسروق: قال: «كنت متكئا عند عائشة، فقالت: يا أبا عائشة، ثلاث من تكلم بواحدة منهن فقد أعظم على الله الفرية، قلت: وما هن؟ قالت: من زعم أن محمدا - صلى الله عليه وسلم - رأى ربه فقد أعظم على الله الفرية، قال: وكنت متكئا فجلست، فقلت: يا أم المؤمنين أنظريني ولا تعجليني، ألم يقل الله عز وجل: )ولقد رآه بالأفق المبين (23)( (التكوير)، وقال: )ولقد رآه نزلة أخرى(. قالت: أنا أول هذه الأمة سأل عن ذلك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: إنما هو جبريل، ولم أره على صورته التي خلق عليها غير هاتين المرتين، رأيته منهبطا من السماء سادا عظم خلقه ما بين السموات والأرض...»[9]فذكره.

ففي قوله: )ولقد رآه نزلة أخرى(؛ يعني رأى جبريل في صورته التي خلق عليها نازلا من السماء نزلة أخرى، وذلك أنه رآه في صورته مرتين: مرة في الأرض، ومرة في السماء[10].

وهذه المرة التي كانت في الأرض هي ما رويت عنه في بداية الوحي، كما ذكرنا في الرواية السابقة، وذلك بإشارة القرآن الكريم بقوله: )أخرى(، فهذا يقتضي أنه رآه من قبل، وهذا قول؛ لكنه ضعيف.

وروي أن جابر بن عبد الله الأنصاري - رضي الله عنهما - سمع من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو يحدث عن فترة الوحي، فقال: «بينما أنا أمشي إذ سمعت صوتا من السماء فرفعت بصري، فإذا الملك الذي جاءني بحراء جالس على كرسي بين السماء والأرض، فرعبت منه...»[11] فذكره.

وهذا الحديث أيضا يؤكد رؤية النبي - صلى الله عليه وسلم - للمرة الثانية ومعرفته إياه؛ حيث قال: «فإذا الملك الذي جاءني بحراء».

وإذا ضممنا لهاتين الرؤيتين رؤيتيه - صلى الله عليه وسلم - له في السماء فتصبح أربع رؤيات من رسول الله لسيدنا جبريل، وإن قيل هذا يتعارض مع ما روي أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رأى جبريل مرتين فقط على صورته الحقيقية، فقد جاء في الحديث عن عائشة: «لم يره في صورته إلا مرتين؛ مرة عند سدرة المنتهى، ومرة في جياد، له ستمائة جناح قد سد الأفق»[12].

وأيضا روى ابن مسعود: «أن محمدا لم ير جبريل في صورته إلا مرتين؛ أما الأولى فإنه سأله أن يريه نفسه في صورته، فأراه صورته فسد الأفق، وأما الأخرى فهي عند سدرة المنتهى»[13].

نقول: لا تعارض؛ لأن هذين الحديثين ضعيفان، والآية الكريمة تقول: )ولقد رآه نزلة أخرى( لم يقصد بتلك النزلة الأخرى أن تكون هي الثانية لرؤيته لجبريل عليه السلام، والأولى في الأرض؛ لأنه ثبت لنا بالصحيح أكثر من رؤيتين، وضعف حديثي الرؤيتين، إذا فالمعنى الصحيح للآية ليس كما ذهب البغوي وغيره. وقد ذكرته سابقا - بل يكون الصواب الموافق للغة العربية، وللسنة النبوية ما ذكره صاحب "البحر المحيط"؛ حيث قال: ")ولقد رآه( الضمير المنصوب عائد على جبريل عليه السلام، قال ابن مسعود وعائشة ومجاهد والربيع: )نزلة أخرى(؛ أي مرة أخرى، أي نزل عليه جبريل - عليه السلام - مرة أخرى في صورة نفسه، فرآه عليها، وذلك ليلة المعراج. وأخرى تقتضي نزلة سابقة، وهي المفهومة من قوله: )ثم دنا( جبريل، )فتدلى(: وهو الهبوط والنزول من علو"[14].

وبهذا يتضح أن جبريل - عليه السلام - ورد ذكره في السور المكية، وضربنا مثالين على ذلك بسورتي النجم ومريم فقط - وإلا فمن نزل بالسور المكية على رسول الله إلا جبريل - عليه السلام ـ؟! وأيضا أثبتنا رؤية رسول الله لجبريل - عليه السلام - أكثر من مرتين، مع رعاية المفهوم الصحيح لآية النجم؛ إلا أنه قد يكون رآه مرتين على صورته الحقيقية في السماء فقط ليلة المعراج.

  • كانترؤياالمنامفيبدءالوحيتوطئةوتمهيدا.

إن الرواية الواردة بشأن رؤية النبي - صلى الله عليه وسلم - لجبريل قبل نزوله عليه بالوحي لا اعتماد عليها في إثبات أن الوحي بـ )اقرأ( كان برؤيا منامية، قياسا على رؤيا إبراهيم ذبح ابنه إسماعيل، أو رؤى يوسف - عليه السلام - بل كانت مجرد توطئة لملاقاته جبريل مباشرة والتهيؤ لذلك.

قال السهيلي: "وذكر نزول جبريل على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال في الحديث: «فأتاني وأنا نائم»، وقال في آخره: «فهببت من نومي فكأنما كتبت في قلبي كتابا»، وليس ذكر النوم في حديث عائشة ولا غيرها، بل في حديث عروة عن عائشة ما يدل ظاهره على أن نزول جبريل حين نزل بسورة اقرأ كان في اليقظة؛ لأنها قالت في أول الحديث: «أول ما بدئ به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الرؤيا الصادقة، كان لا يرى رؤيا إلا جاءت مثل فلق الصبح، ثم حبب الله إليه الخلاء» إلى قولها: «حتى جاءه الحق، وهو بغار حراء، فجاءه جبريل»، فذكرت في هذا الحديث أن الرؤيا كانت قبل نزول جبريل على النبي - عليه السلام - بالقرآن، وقد يمكن الجمع بين الحديثين، بأن النبي - صلى الله عليه وسلم - جاءه جبريل في المنام قبل أن يأتيه في اليقظة توطئة وتيسيرا عليه ورفقا به؛ لأن أمر النبوة عظيم، وعبؤها ثقيل، والبشر ضعيف"[15].

قال الشيخ الألباني تعليقا على حديث الرؤيا: "فكان هذا كالتوطئة لما يأتي بعده من اليقظة، وقد جاء مصرحا بهذا في مغازي موسى بن عقبة عن الزهري أنه رأى ذلك في المنام، ثم جاءه الملك في اليقظة، وروى أبو نعيم في "الدلائل" بسنده عن علقمة بن قيس قال: «إن أول ما يؤتى به الأنبياء في المنام، حتى تهدأ قلوبهم، ثم ينزل الوحي بعد»[16].

وعليه، فإن رؤيا الوحي التي رآها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قبل ابتداء لقائه بأمين الوحي، هي مجرد تمهيد واستعداد لأعباء الرسالة، والإيحاء إلى النبي محمد - صلى الله عليه وسلم - بـ )اقرأ( كان يقظة بعد أن كان مناما؛ للحديث الذي ذكرناه بشواهده الكثيرة، فرسول الله لـما غطه جبريل - عليه السلام - ثلاث مرات، ورجف بذلك فؤاده، عاد مسرعا إلى خديجة... إلى نهاية القصة.

ولا يستدل برؤيا سيدنا إبراهيم لذبح ابنه على أن الوحي كان رؤى منامية رآها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لأن رسالة إبراهيم - عليه السلام - لم يثبت أنها كانت رؤى، كلا، لكن هذه الرؤيا التي رآها كانت طارئة عليه، ورأى أنه يذبح ابنه، فانطلاقا من كون "رؤيا الأنبياء حق" قام إبراهيم - عليه السلام - لينفذ مارآه في المنام، وهو ذبح ابنه إسماعيل، ولم يقع ذبح، بل أراد الله أن يختبر إبراهيم - عليه السلام - إذ قد رزقه الله بهذا الغلام في الكبر، وقد ينشغل قلبه به، فأراد الله أن يرى ذاتية الإخلاص له، وتفرد إبراهيم بتوحيده - عز وجل - وأن ابنه عنده ابن خالص ما دام يرضي الله، أما إن أراد الله من إبراهيم ذبحه فهذا أمر داخل في نطاق توحيد الله عز وجل، والقصة معروفة، ولا دليل فيها على أن رسالة إبراهيم كانت رؤى منامية؛ ليستدل بها على إثبات أن وحي رسول الله كان رؤى منامية.

وأيضا رؤى يوسف - عليه السلام - فقد كانت لاختبار وحكمة ظاهرة بينة، والكريم يوسف كانت معجزته هي تأويل الرؤى باعتبارها دليلا على صدقه؛ وقد وقع ذلك في تأويله رؤيا العزيز، والتي بها خرج من السجن، وملك مفاتيح خزائن الأرض، وليست رؤيا محمد بالوحي في بداية أمرها ما يشبه ذلك لنقول: إن ما أوحي به إليه كان عن منام، وليس عن حقيقة الالتقاء الثنائي المتبادل بين جبريل - عليه السلام - ومحمد صلى الله عليه وسلم.

  • لميكنالوحيخيالاتخيلهرسولالله،أوارتقاءعقليافيسبوحاتالملأالأعلى؛ليخرجالوثنيةمنبلادالعرب.

ولما كان الوحي هو الأساس الذي تترتب عليه جميع حقائق الدين بعقائده وتشريعاته، وفهمه واليقين به هما المدخل الذي لا بد منه إلى اليقين بسائر ما جاء به النبي - صلى الله عليه وسلم - من إخبارات غيبية وأوامر تشريعية؛ ذلك أن حقيقة الوحي هي الفيصل الوحيد بين الإنسان الذي يفكر من عنده، ويشرع بواسطة رأيه وعقله، والإنسان الذي يبلغ عن ربه دون أن يغير، أو ينقص، أو يزيد.

من أجل هذا اهتم محترفو التشكيك في الإسلام بالتلبيس في حقيقته - يعني الوحي - والخلط بينه وبين الإلهام وحديث النفس، بل وحتى الصرع أيضا، وذلك لعلمهم بمكانة الوحي لدى المسلمين، فأخذوا يحاولون تأويل ظاهرة الوحي وتحريفها عما يرويه لنا المؤرخون، وتحدث به صحاح السنة، وإبعادها عن حقيقتها الظاهرة، وراح كل واحد يسلك إلى ذلك ما يروق لخياله من فنون التصورات المتكلفة الغريبة.

فمن متصور بأن محمدا - صلى الله عليه وسلم - لم يزل يفكر... إلى أن تكونت في نفسه بطريقة الكشف التدريجي المستمر عقيدة كان يراها الكفيلة بالقضاء على الوثنية، ومن مفضل على ذلك إشاعة القول بأنه - صلى الله عليه وسلم - إنما تعلم القرآن ومبادئ الإسلام من بحيرا الراهب، ومن قائل أن الأمر ليس هذا ولا ذاك، ولكن محمدا - صلى الله عليه وسلم - كان رجلا عصبيا، أو مصابا بداء الصرع.

ونحن حينما ننظر إلى مثل هذه التمحلات العجيبة التي لا يرى العاقل مسوغا لها إلا التهرب من الإقرار بنبوته - صلى الله عليه وسلم - ندرك في جلاء ووضوح الحكمة الإلهية الباهرة من بدء نزول الوحي عليه - صلى الله عليه وسلم - بهذه الطريقة التي وردت في حديث الإمام البخاري. وإليك بعض ما قد يخطر ببال بعضهم فيقول:

لماذا رأى رسول الله جبريل بعيني رأسه لأول مرة، وقد كان بالإمكان أن يكون الوحي من وراء حجاب؟ لماذا قذف الله في قلبه - صلى الله عليه وسلم - الرعب منه والحيرة في فهم حقيقته، وقد كان ظاهر محبة الله لرسوله وحفظه له يقتضي أن يلقي السكينة في قلبه، ويربط على فؤاده فلا يخاف ولا يرتعد؟ لماذا خشي على نفسه أن يكون هذا الذي تمثل له في الغار آتيا من الجن، ولم يرجح على ذلك أن يكون أمينا من عند الله؟ هذه أسئلة طبيعية بالنسبة للشكل الذي ابتدأ به الوحي.

ولدى التفكير في أجوبتها نجدها تنطوي على حكمة باهرة، ألا وهي أن يجد المفكر الحر فيها الحقيقة الناصعة الواقية عن الوقوع في شرك محترفي الغزو الفكري، والتأثر بأخيلتهم المتكلفة الباطلة.

لقد فوجئ محمد - صلى الله عليه وسلم - وهو في غار حراء بجبريل أمامه يراه بعينه، وهو يقول له )اقرأ( حتى يتبين أن ظاهرة الوحي ليست أمرا ذاتيا داخليا مرده إلى حديث النفس المجرد، وإنما هي استقبال وتلق لحقيقة خارجية لا علاقة لها بالنفس وداخل الذات. وضم الملك إياه، ثم إرساله ثلاث مرات قائلا في كل مرة: )اقرأ( يعتبر تأكيدا لهذا التلقي الخارجي، ومبالغة في نفي ما قد يتصور من أن الأمر لا يعدو كونه خيالا داخليا فقط.

 ولقد داخله الخوف والرعب مما قد سمع ورأى، حتى إنه قطع خلوته في الغار، وأسرع عائدا إلى البيت يرجف فؤاده، لكي يتضح لكل مفكر عاقل أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم يكن متشوفا للرسالة التي سيدعى إلى حملها وبثها في العالم، وأن ظاهرة الوحي هذه لم تأت منسجمة أو متممة لشيء مما قد يتصوره أو يخطر في باله، وإنما طرأت على حياته، وفوجئ بها دون أي توقع سابق، ولا شك أن هذا ليس شأن من يتدرج في التأمل والتفكير إلى أن تتكون في نفسه - بطريقة الكشف التدريجي المستمر - عقيدة يؤمن بالدعوة إليها!

ثم إن شيئا من حالات الإلهام، أو حديث النفس، أو الإشراق الروحي، أو التأملات العلوية - لا يستدعي الخوف والرعب وامتقاع اللون، وليس ثمة أي انسجام بين التدرج في التفكير والتأمل من ناحية، ومفاجأة الخوف والرعب من ناحية أخرى. وإلا لاقتضى ذلك أن يعيش عامة المفكرين والمتأملين نهبا لدفعات من الرعب والخوف المفاجئة المتلاحقة.

وأنت خبير أن الخوف والرعب، ورجفان الجسم، وتغير اللون من الانفعالات القسرية التي لا سبيل إلى اصطناعها والتمثيل بها، حتى لو فرضنا إمكان صدور المخادعة والتمثيل منه - صلى الله عليه وسلم - وفرضنا المستحيل من انقلاب طباعه المعروفة قبل البعثة على عكس ذلك.

ويتجلى مزيد من صور المفاجأة المخيفة لديه - صلى الله عليه وسلم - في توهمه بأن هذا الذي رآه وغطه وكلمه في الغار قد يكون آتيا من الجن؛ إذ قال لخديجة بعد أن أخبرها الخبر: «لقد خشيت على نفسي» أي من الجان، ولكنها طمأنته بأنه ليس ممن يطولهم أذى الشياطين والجان؛ لما فيه من الأخلاق الفاضلة والصفات الحميدة.

وقد كان الله - عز وجل - قادرا على أن يربط على قلب رسوله ويطمئن نفسه، بأن هذا الذي كلمه ليس إلا جبريل، ملك من ملائكة الله، جاء ليخبره أنه رسول الله إلى الناس، ولكن الحكمة الإلهية اقتضت إظهار الانفصال التام بين شخصية محمد - صلى الله عليه وسلم - قبل البعثة وشخصيته بعدها، وبيان أن شيئا من أركان العقيدة الإسلامية أو التشريع الإسلامي لم يطبخ في ذهن الرسول - صلى الله عليه وسلم - ولم يتصور الدعوة إليه سلفا.

ثم إن فيما ألهم الله خديجة من الذهاب به - صلى الله عليه وسلم - إلى ورقة بن نوفل، وعرض الأمر عليه - تأكيدا من جانب آخر على أن هذا الذي فؤجي به - صلى الله عليه وسلم - إنما هو الوحي الإلهي الذي كان قد أنزل على الأنبياء من قبله، وإزالة لغاشية اللبس التي كانت تحوم حول نفسه بالخوف والتصورات المختلفة عن تفسير ما رآه وسمعه.

أما انقطاع الوحي بعد ذلك، وتلبثه ستة أشهر أو أكثر، على الخلاف المعروف في ذلك، فينطوي على مثل المعجزة الإلهية الرائعة؛ إذ إن في ذلك أبلغ الرد على ما يفسر به محترفو الغزو الفكري الوحي النبوي، من أنه الإشراق النفسي المنبعث لديه من طول التأمل والتكرار، وأنه أمر داخلي منبعث من ذاته نفسها.

لقد قضت الحكمة الإلهية أن يحتجب عنه الملك الذي رآه مرة في غار حراء مدة طويلة، وأن يستبد به القلق من أجل ذلك، ثم يتحول القلق لديه إلى خوف في نفسه من أن يكون الله - عز وجل - قد قلاه بعد أن أراد أن يشرفه بالوحي والرسالة.

إلى أن رأى ذات يوم الملك الذي رآه في حراء، وقد ملأ شكله ما بين السماء والأرض، يقول: «يا محمد، أنت رسول الله إلى الناس»، فعاد مرة أخرى - وقد استبد به الخوف والرعب - إلى البيت، حيث نزل عليه قوله تعالى: )يا أيها المدثر (1) قم فأنذر (2)( (المدثر).

إن هذه الحالة التي مر بها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تجعل مجرد التفكير في كون الوحي إلهاما نفسيا ضربا من الجنون؛ إذ من البداهة بمكان أن صاحب الإلهامات النفسية والتأملات الفكرية لا يمر إلهامه أو تأمله بمثل هذه الأحوال.

إذن فإن حديث بدء الوحي على النحو الذي ورد في الحديث الثابت الصحيح، ينطوي على تهديم كل ما يحاول المشككون تخييله إلى الناس في أمر الوحي والنبوة التي أكرم الله بها محمدا صلى الله عليه وسلم، وإذا تبين لك ذلك أدركت مدى الحكمة الإلهية العظيمة في أن تكون بداءة الوحي على النحو الذي أراده عز وجل [17].

ومما سبق يتبين أن حديث ابتداء الوحي على رسول الله حديث صحيح متفق عليه، ولا تعارض بين ما ذكر عن حامل الوحي في حديث بلفظ "الملك"، وفي آخر بأنه "جبريل"، فالثاني مفسر للأول، والأول كان قبل التعيين، وقد ذكر جبريل في سورتي مريم والنجم، وهما مكيتان، لكن لم يذكر تصريحا باسمه، بل بمقتضى السياق في معجزة الإسراء والمعراج أثناء ذكر سورة لها، وكنى عنه ربنا - عز وجل - في سورة مريم، ورؤيا النبي - صلى الله عليه وسلم - لجبريل في المنام كانت التوطئة للتلقي، والتمهيد للمعاينة، ولم يكن ما نزل على الرسول - صلى الله عليه وسلم - في بداية الوحي بـ )اقرأ( مناما، بل كان يقظة، ولم يكن الوحي في عمومه خيالا ذهنيا من رسول الله، أو اجتهادا عقليا، ليصل إلى ما يرقى به ويستطيع أن يؤثر في الناس، بل كان الوحي على تلك الصورة التي ذكرها الشيخان في صحيحهما.

ثانيا. إن ما تحتويه أحاديث بدء الوحي من أحداث ممكنة عقلا وشرعا:

إن بعض الأحداث التي صاحبت بدء الوحي على المصطفى - صلى الله عليه وسلم - أقلقت بعض الحاقدين الذين ما فتروا ساعة عن الكيد للإسلام والمسلمين، وذلك بالطعن في حقيقة الرسالة، ومصداقية واقعيتها، فبدءوا يبحثون وراء أحاديث الوحي، وكيف مرت أحداثها على النبي صلى الله عليه وسلم، وماذا كان حاله - صلى الله عليه وسلم - أثناءها، في محاولة لاختراع نوافذ يدخلون منها لهدم تلك الأحاديث الصحيحة في "الوحي"، وذلك بدعوى نكارتها وبطلانها.

  • إنتشديدجبريل - عليهالسلام - علىمحمدفيأوللقاء؛ليعلمهماهيةنزولالوحي.

قالوا: كيف يأتي جبريل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - في الغار ويهزه تلك الهزات الثلاث، التي كادت أن تختلف بهن أضلاعه، وهو يقول له: )اقرأ(؟ ولماذا هذه الشدة في أول لقاء ثنائي بينهما حتى يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «حتى بلغ مني الجهد»؟

فنقول لهؤلاء: إن شأن نزول الوحي عظيم؛ لأن الوحي ذاته عظيم؛ وطبيعة تعبد محمد - صلى الله عليه وسلم - في تلك البيئة الشديدة - الغار - إنما هي من إعداد الله لرسوله لى الله عليه وسلم، فلم يكن محمد يتعبد في بيته على سرير من حرير، بل تحرك نحو الصحراء، وليس في خلاء، بل في الغار، وليس معه أنيس، بل هو وحيد. فاجتمعن عليه تلك الثلاث، وفوق كل ذلك جاءه جبريل في صورة مخيفة، لم ير مثلها، وهو الذي يبلغ من العمر أربعين سنة، وهو لم يعرفه من قبل، وفوق كل ذلك يطبق عليه جبريل بذاته فيضمه إليه ويغطه، ويطلب منه أن يردد خلفه بـ )اقرأ(، ومعلوم أن تلك الصورة التي تمر بمحمد - صلى الله عليه وسلم - لم تكن لتمر عليه هكذا؛ فهو الذي يعلم حوارات الكهان مع الجن في زمنه، فأرجف ذلك فؤاده.

كل هذا اجتمع على رسول الله، ومن أكبرها غط جبريل له - صلى الله عليه وسلم - وهزه إياه ثلاث هزات.

قال الإمام النووي: "قال العلماء - رحمهم الله: والحكمة في الغط شغله من الالتفات، والمبالغة في أمره بإحضار قلبه لما يقوله له، وكرره ثلاثا؛ مبالغة في التنبيه"[18].

وقد كان الوحي يأتيه مثل صلصلة الجرس، يعني: قوة صوت الملك بالوحي؛ ليشغله عن أمور الدنيا، ويفرغ حواسه للصوت الشديد، فكان - صلى الله عليه وسلم - يعي عنه، لأنه لم يبق في سمعه ولا في قلبه مكان لغير صوت الملك.

وعلى هذه الصفة تتلقى الملائكة الوحي من الله عز وجل، قال أبو الزناد في قوله صلى الله عليه وسلم:«فغطني ثلاث مرات»: "فيه دليل على أن المستحب في مبالغة تكرير التنبيه والحض على التعليم ثلاث مرات"[19].

فإذا كانت تلك الحالة التي نزل بها جبريل لأول مرة على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالوحي، من أجل إعلامه - صلى الله عليه وسلم - بشدة الوحي في ذاته وحين نزوله؛ فإن القرآن الكريم قد نبه الرسول - صلى الله عليه وسلم - إلى تلك القيمة العليا لذاتية الوحي في سورة المزمل، وهي من أوائل ما نزل بعد انقطاع الوحي عن رسول الله فترة؛ حيث قال له: )إنا سنلقي عليك قولا ثقيلا (5)( (المزمل)، فهو ثقيل في العمل به، وفي فرائضه وحدوده، كما أنه ثقيل على النبي - صلى الله عليه وسلم - وقت نزوله.

قال الحافظ ابن كثير: ")إنا سنلقي عليك قولا ثقيلا( قال الحسن وقتادة: أي العمل به، وقيل: ثقيل وقت نزوله من عظمته، كما قال زيد بن ثابت رضي الله عنه: «أنزل الله على رسوله - صلى الله عليه وسلم - وفخذه على فخذي، فثقلت علي حتى خفت أن ترض - أي: تكسر - فخذي»[20].

وفي صحيح البخاري عن عائشة - رضي الله عنها: «أن الحارث بن هشام سأل النبي صلى الله عليه وسلم: كيف يأتيك الوحي؟ فقال صلى الله عليه وسلم: أحيانا يأتيني في مثل صلصلة الجرس وهو أشده علي، فيفصم عني، وقد وعيت عنه ما قال، وأحيانا يتمثل لي الملك رجلا فيكلمني فأعي ما يقول. قالت عائشة - رضي الله عنها: ولقد رأيته ينزل عليه الوحي في اليوم الشديد البرد؛ فيفصم عنه وإن جبينه ليتفصد عرقا»[21] [22].

فالوحي في نزوله كان له حالات مختلفة تعتري رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيتأثر بها جسده الشريف بالخوف وارتعاد الفؤاد، أو يشتد عرقه في الليلة الشاتية الباردة، وكانت من تلك الحالات الحالة التي جاءه فيها في غار حراء وضمه ثلاث مرات، وهو يقول له: اقرأ.

لذا كانت الحكمة من تغطية الملك جبريل لسيدنا محمد - صلى الله عليه وسلم - هي تنبيهه على شدة هذا الأمر، وألا يلتفت إلى سواه، ثم هو إعلام من الله - عز وجل - لنبيه محمد - صلى الله عليه وسلم - بثقل هذا الأمر وشدته، كما جاء في قوله تعالى: )إنا سنلقي عليك قولا ثقيلا(.

وإذا قيل: كيف يقول النبي - صلى الله عليه وسلم - لخديجة: «وقد خشيت على نفسي»؟ وهل هذا يتناسب مع عصمته - صلى الله عليه وسلم - باعتباره نبيا؟ وما الشيء الذي خشي منه رسول الله صلى الله عليه وسلم؟

ذكر النووي تعليقا على تلك العبارة قول القاضي عياض - رحمه الله: "ليس هو بمعنى الشك فيما أتاه من الله تعالى، لكنه ربما خشي أن لا يقوى على مقاومة هذا الأمر، ولا يقدر على حمل أعباء الوحي فتزهق نفسه، أو يكون هذا لأول ما رأى التباشير في النوم واليقظة، وسمع الصوت قبل لقاء الملك وتحققه من رسالة ربه، فيكون خاف أن يكون من الشيطان الرجيم، فأما منذ جاءه الملك برسالة ربه - سبحانه وتعالى - فلا يجوز عليه الشك فيه، ولا يخشى من تسلط الشيطان عليه، وعلى هذا الطريق يحمل جميع ما ورد من مثل هذا في حديث البعث"[23].

وقد بين ابن حجر أن المقصود بالخشية في هذا الموقف يحمل على ثلاثة معان فقط: أنها تعني الموت من شدة الرعب، أو المرض، أو دوامه، واستبعد ما قيل فيه غير ذلك[24].

  • عدمعلممحمد - صلىاللهعليهوسلم - بأنهنبيهذهالأمةلا يقدح فيه؛ فإن جبريل - عليه السلام - قد أتاه بغتة، وتبشير خديجة وورقة له إنما هو اعتماد على أخلاقه، وما جاء عنه في الإنجيل:

لقد كان لقول خديجة - رضي الله عنها: «والله لا يخزيك الله أبدا»، وقول ورقة بن نوفل له أنه نبي هذه الأمة، وأنه سيخرجه قومه - شجى في قلوب الحاقدين، فقالوا: كيف تعلم خديجة أنه نبي، ويعلم ورقة بذلك، ورسول الله نفسه لا يعلم ذلك؟ وإن كان هذا صحيحا فإنه بذلك لا يعلم حتى أن يفرق بين الوحي والوساوس الشيطانية، مع علم الكهان - أمثال ورقة - بذلك من قبل؟!

نقول: إن عدم علم النبي - صلى الله عليه وسلم - بأنه نبي أمر واقع وملموس، تؤكده الرواية التي رواها الشيخان والتي قالت فيها عائشة: «حتى فجأه الحق وهو في غار حراء»، وهذا فيه دلالة واضحة على أن الوحي جاءه بغتة، ولم يكن النبي - صلى الله عليه وسلم - متوقعا له.[25] فعدم علمه بذلك لا يقدح فيه صلى الله عليه وسلم، أما بالنسبة لبشارة خديجة رضي الله عنها له بذلك فإنها قد اعتمدت على ما تراه منه - صلى الله عليه وسلم - من أخلاق فاضلة لا تتناسب مع ما يحدث للكهان والمشعوذين، فقد ذكرت في الحديث لما رجع إليها - رضي الله عنها - ترجف بوادره، ودخل عليه،ا وقال لها: «ما لي؟ وأخبرها الخبر، قالت: كلا، أبشر، فوالله لا يخزيك الله أبدا، والله إنك لتصل الرحم، وتصدق الحديث، وتحمل الكل، وتكسب المعدوم، وتقري الضيف، وتعين على نوائب الحق» ولهذه الصفات بشرته بأن النتيجة خير.

"قال العلماء: معنى كلام خديجة - رضي الله عنها - أنك لا يصيبك مكروه لما جعل الله فيك من مكارم الأخلاق وكرم الشمائل"[26].

هذا بالنسبة لعلم خديجة بالخبر الذي سيحصل لمحمد - صلى الله عليه وسلم - فهو اعتماد مظنون بمقدمات فاضلة قياسها ينبئ به.

أما بالنسبة لأخذه العلم بنبوته ومستقبل دعوته عن الكهان، متمثلا ذلك في ورقة بن نوفل - فهذا زعم باطل؛ إذ إن ورقة لم يكن كاهنا أولا، وقد جاء في الرواية التي معنا «وكان امرأ تنصر في الجاهلية»، وتنصر أي: صار نصرانيا، وكان قد خرج هو وزيد بن عمرو بن نفيل لما كره عبادة الأوثان إلى الشام وغيرها يسألون عن الدين، فأما ورقة فأعجبه دين النصرانية فتنصر، وكان لقي من بقي من الرهبان على دين عيسى ولم يبدل؛ ولهذا أخبر بشأن النبي - صلى الله عليه وسلم - والبشارة به، إلى غير ذلك مما أفسده أهل التبديل[27].

وورقة أتى بهذا الذي بشر به النبي محمد - صلى الله عليه وسلم - من الإنجيل الصحيح الذي لم يحرف ويبدل، وإن قيل: وما دليلكم على وجود البشارة بمحمد في الإنجيل؟ قلنا: قرآننا هو الذي أخبرنا بذلك؛ حيث قال تعالى: )وإذ قال عيسى ابن مريم يا بني إسرائيل إني رسول الله إليكم مصدقا لما بين يدي من التوراة ومبشرا برسول يأتي من بعدي اسمه أحمد فلما جاءهم بالبينات قالوا هذا سحر مبين (6)( (الصف).

وقال النبي - صلى الله عليه وسلم - لما سئل:«أخبرنا عن نفسك يا رسول الله، قال: أنا دعوة أبي إبراهيم، وبشرى أخي عيسى...»[28] فذكره.

وروى الإمام البخاري في صحيحه عن عبد الله بن عمرو بن العاص - رضي الله عنهما «أن هذه الآية التي في القرآن: )يا أيها النبي إنا أرسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا (45)( (الأحزاب). قال في التوراة: يا أيها النبي إنا أرسالنك شاهدا ومبشرا ونذيرا وحرزا للأميين، أنت عبدي ورسولي سميتك المتوكل، ليس بفظ ولا غليظ، ولا سخاب بالأسواق، ولا يدفع السيئة بالسيئة، ولكن يعفو ويصفح، ولن يقبضه الله حتى يقيم به الملة العوجاء بأن يقولوا: لا إله إلا الله، فيفتح بها أعينا عميا، وآذنا صما، وقلوبا غلفا»[29].

وتلك شهادة التوراة أيضا، ولا أظنها تخفي على رجل مثل ورقة بن نوفل، فهو يبشره أيضا بما لديه من معلومات قديمة عنه، من حيث البشارة به، وماهية دعوته، وصفة أتباعه.

ثم إنه قد دعم حجته على ما يقول بقوله: «يا ليتني أكون حيا إذ يخرجك قومك»، وهو بذلك ينبؤه بأمر سوف يحدث له في مستقبل دعوته، وهو أمر الخروج من بلدته لمعاندة قومه له، ورفضهم لدعوته، ومضاعفة العذاب والإيذاء عليه وعلى صحابته الكرام، وليس ذلك استنباء يغيب علمه عن ورقة، كلا، لكنه استنتاج حصيف، حيث قال ردا على قوله: «أومخرجي هم؟ قال: نعم، لم يأت رجل بما جئت به إلا عودي».

وبهذا يتبين لنا أن إنباء خديجة بالنبوة لم يكن إلا لما تراه من أخلاق النبي محمد - صلى الله عليه وسلم - الفاضلة، ولا يناسب هذا أخلاق الكهان، ولم يكن ورقة كاهنا، بل كان راهبا من رهبان النصارى عنده علم بالإنجيل من وصف لمحمد وبشارة برسالته، فأخبر النبي - صلى الله عليه وسلم - بناء على ما علم.

إذن ما ورد من أحداث قد واكبت بداية الوحي سواء ما يتعلق بنزول جبريل وشدته على رسول الله، أو ما جاء بشأن الإخبار بنبوته من ناحية ورقة بن نوفل، لا يتعارض مع العقل أو الشرع.

فقد ورد التنبيه على ثقل نزول الوحي على النبي في القرآن، وكذلك جاءت آيات تبين البشارة الموجودة في التوراة والإنجيل بشأن محمد صلى الله عليه وسلم، ولا شك في هذا، ولم يتعلم محمد من كاهن قط قبل الرسالة، وإنما الذي وقع هو مجرد بشارة بأمر مقضي ومنصوص عليه في الإنجيل وفي التوراة.

الخلاصة:

  • إنالأحاديثالواردةبشأن بدء الوحي على رسول - صلى الله عليه وسلم - أحاديث صحيحة سندا ومتنا، ولا يوجد بينها أي تناقض؛ إذ الملك المذكور في رواية: "أنه الجائي" هو عينه جبريل - عليه السلام - المذكور في رواية الشيخين عن عائشة - رضي الله عنها.
  • لقدوردذكرجبريل - حاملالوحي - في السور المكية ومنها سورتي مريم والنجم، حيث أشار القرآن إلى رؤية النبي - صلى الله عليه وسلم - له في السموات مرتين على الأصح، أما أنه رآه مرة في الأرض وأخرى في السماء فقول ضعيف، وأحاديثه مردودة لا ترقى للاحتجاج، وبذلك يكون رآه في الأرض على غير صورته الحقيقية، وفي السماء مرتين على صورته التي خلق عليها، كما في حديث عائشة.
  • إنالرؤىإحدىكيفياتالوحي - ولايعتبركلهرؤى،وإنماهيتوطئةوتمهيدللوحيبالمشاهدة،وهذاتحقيقلقولعائشةرضياللهعنها: «أولمابدئرسولالله - صلىاللهعليهوسلم - منالوحيالرؤيا الصالحة».
  • إنحالاتمجيءالوحيعلىرسولالله - صلىاللهعليهوسلم - وماكانيعتريهمنتغيراتوإنفعالات - تثبتحقيقةالوحيوماهيته،وأنهليساجتهاداذهنيايحاولبهالرقيلوسيلةيسيطربهاعلىالناس؛ليقضيعلىالوثنيةفيبلادالعرب.
  • لوأنالوحي مجرد تعمق فكري، وسبوح في داخل الذات، لكانت النبوة مكتسبة، وهذا مردود عقلا وواقعا.
  • إنالوحيشديد،يلزملهالتفرغوعدمالانشغال،ولذلكغطجبريل - عليهالسلام - محمدا - صلىاللهعليهوسلم - بشدةزيادةفيتنبيههعلىثقلماسيحمله،قالتعالى: )إنا سنلقي عليك قولا ثقيلا (5)(.
  • إنعدمعلمالنبي - صلىاللهعليهوسلم - بأنهمرسلمنقبلاللهلايقدحفينبوته،فقدجاءهالوحيبغتة،وذلكليقطعاللهالطريقأمامأصحابالنفوسالمريضةللقولبأنمحمداكانمتشوقاللرسالةويعملجاهدالنيلها.
  • إنعلم خديجة - رضي الله عنها - بنبوته - صلى الله عليه وسلم - كان لـما علمته من أخلاق فاضلة تنأى به عن الكهانة أو الشعوذة، أما علم ورقة بن نوفل بذلك فكان لما عرفه من تبشير الإنجيل به صلى الله عليه وسلم، وقد نبه على هذا القرآن الكريم، قال تعالى: )وإذ قال عيسى ابن مريم يا بني إسرائيل إني رسول الله إليكم مصدقا لما بين يدي من التوراة ومبشرا برسول يأتي من بعدي اسمه أحمد فلما جاءهم بالبينات قالوا هذا سحر مبين (6)(.

 

 

(*) فترة التكوين في حياة الصادق الأمين، خليل عبد الكريم، ميريث للنشر والمعلومات، القاهرة، 2001م. دفاعا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، محمد يوسف، مكتبة مدبولي، القاهرة، ط1، 2008م. فقه السيرة النبوية، د. محمد سعيد البوطي، دار السلام، القاهرة، ط14، 1424 هـ/ 2004م.

[1]. صحيح البخاري (بشرح فتح الباري)، كتاب: بدء الوحي، باب: رقم (3)، (1/ 30)، رقم (3). صحيح مسلم (بشرح النووي)، كتاب: الإيمان، باب: بدء الوحي إلى رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ، (2/ 586)، رقم (396).

[2]. الغت والغط سواء، والمراد: عصرني عصرا شديدا .

[3]. إسناده قوي: ذكره ابن هشام في السيرة النبوية، تحقيق: محمد بيومي، مكتبة الإيمان، مصر، ط1، 1416هـ/ 1995م، (1/ 149، 150). وقوى إسناده الألباني في صحيح السيرة النبوية، المكتبة الإسلامية، الأردن، ط1، (1/ 87).

[4]. حسن: أخرجه أبو داود الطيالسي في مسنده، الأفراد عن عائشة رضي الله عنها، ص215، رقم (1539). وحسنه شهاب الدين البوصيري في "إتحاف الخبرة المهرة بزوائد المسانيد العشرة" برقم (2362).

[5]. فتح الباري بشرح صحيح البخاري، ابن حجر العسقلاني، تحقيق: محب الدين الخطيب وآخرين، دار الريان للتراث، القاهرة، ط1، 1407هـ/ 1987م، (12/ 373).

[6]. صحيح مسلم بشرح النووي، النووي، تحقيق: عادل عبد الموجود وعلي معوض، مكتبة نزار مصطفى الباز، مكة المكرمة، ط2، 1422هـ/ 2001م، (2/ 589).

[7]. الجامع لأحكام القرآن، القرطبي، دار إحياء التراث العربي، بيروت، 1405هـ/ 1985م، (11/ 90).

[8]. تفسير القرآن العظيم، ابن كثير، دار المعرفة، بيروت، ط1، 1400هـ/ 1980م، (3/ 115).

[9]. صحيح البخاري (بشرح فتح الباري)، كتاب: التفسير، باب: تفسير سورة النجم، (8/ 472)، رقم (4855). صحيح مسلم (بشرح النووي)، كتاب: الإيمان، باب: معنى قول الله عز وجل: ) ولقد رآه نزلة أخرى (، (2/ 632، 633)، رقم (432).

[10]. معالم التنزيل، البغوي، تحقيق: محمد عبد الله النمر وآخرين، دار طيبة، السعودية، ط4، 1417 هـ1997م، (7/ 404).

[11]. صحيح البخاري (بشرح فتح الباري)، كتاب: بدء الوحي، باب رقم (3)، (1/ 37)، رقم (4). صحيح مسلم (بشرح النووي)، كتاب: الإيمان، باب: بدء الوحي إلى رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ، (2/ 587)، رقم (399).

[12]. ضعيف: أخرجه الترمذي في سننه (بشرح تحفة الأحوذي)، كتاب: التفسير، باب: سورة النجم، (9/ 118)، رقم (3496). وضعف إسناده الألباني في صحيح وضعيف سنن الترمذي برقم (3278).

[13]. ضعيف: أخرجه أحمد في مسنده، مسند المكثرين من الصحابة، مسند عبد الله بن مسعود، (1/ 407)، رقم (3864). وضعف إسناده شعيب الأرنؤوط في تعليقه على المسند.

[14]. تفسير البحر المحيط، أبو حيان التوحيدي، (10/ 157).

[15]. الروض الأنف في تفسير السيرة النبوية، أبو القاسم السهيلي، تحقيق: طه عبد الرءوف سعد، دار الفكر، بيروت، 1409هـ/ 1989م، (1/ 268، 269).

[16]. صحيح السيرة النبوية، محمد ناصر الدين الألباني، المكتبة الإسلامية، الأردن، ط1، ص87.

[17]. انظر: فقه السيرة، د. محمد سعيد رمضان البوطي، دار السلام، القاهرة، ط14، 1424 هـ/ 2004م، ص63: 66.

[18]. صحيح مسلم بشرح النووي، النووي، تحقيق: عادل عبد الموجود وعلي معوض، مكتبة نزار مصطفى الباز، مكة المكرمة، ط2، 1422هـ/ 2001م، (2/ 591).

[19]. انظر: شرح صحيح البخاري، ابن بطال، (1/ 9، 10).

[20]. صحيح البخاري (بشرح فتح الباري)، كتاب: الصلاة، باب: ما يذكر في الفخذ، (1/ 570) معلقا.

[21]. صحيح البخاري (بشرح فتح الباري)، كتاب: بدء الوحي، باب رقم (2)، (1/ 25، 26)، رقم (2). صحيح مسلم (بشرح النووي)، كتاب: الفضائل، باب: عرق النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ في البرد وحين يأتيه الوحي، (8/ 3458)، رقم (5845).

[22]. تفسير القرآن العظيم، ابن كثير، دار المعرفة، بيروت، ط1، 1400هـ/ 1980م، (4/ 435) بتصرف.

[23]. صحيح مسلم بشرح النووي، النووي، تحقيق: عادل عبد الموجود وعلي معوض، مكتبة نزار مصطفى الباز، مكة المكرمة، ط2، 1422هـ/ 2001م، (2/ 591).

[24]. انظر: فتح الباري بشرح صحيح البخاري، ابن حجر العسقلاني، تحقيق: محب الدين الخطيب وآخرين، دار الريان للتراث، القاهرة، ط1، 1407هـ/ 1987م، (1/ 33).

[25]. صحيح مسلم بشرح النووي، النووي، تحقيق: عادل عبد الموجود وعلي معوض، مكتبة نزار مصطفى الباز، مكة المكرمة، ط2، 1422هـ/ 2001م، (2/ 590) بتصرف.

[26]. صحيح مسلم بشرح النووي، النووي، تحقيق: عادل عبد الموجود وعلي معوض، مكتبة نزار مصطفى الباز، مكة المكرمة، ط2، 1422هـ/ 2001م، (2/ 593).

[27]. فتح الباري بشرح صحيح البخاري، ابن حجر العسقلاني، تحقيق: محب الدين الخطيب وآخرين، دار الريان للتراث، القاهرة، ط1، 1407هـ/ 1987م، (1/ 34).

[28]. صحيح: أخرجه الحاكم في مستدركه، كتاب: تواريخ المتقدمين من الأنبياء والمرسلين، باب: ذكر نبي الله وروحه عيسى، (2/ 656)، رقم (4174). وقال الحاكم: صحيح الإسناد. ووافقه الذهبي.

[29]. صحيح البخاري (بشرح فتح الباري)، كتاب: التفسير، باب: ) يا أيها النبي إنا أرسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا (45) (، (8/ 449)، رقم (4838).

 

  • الخميس PM 10:05
    2020-10-15
  • 1418
Powered by: GateGold