المتواجدون الآن

انت الزائر رقم : 411945
يتصفح الموقع حاليا : 379

البحث

البحث

عرض المادة

الطعن في إعجاز القرآن بشأن خلق الإبل

الطعن في إعجاز القرآن بشأن خلق الإبل(*)

مضمون الشبهة:

يواصل منكرو الإعجاز العلمي في القرآن والسنة طعونهم وتشكيكاتهم في قضايا الإعجاز العلمي للقرآن الكريم عن الحيوان، فينكرون الإعجاز العلمي في إخبار الله تعالى عن خلق الإبل؛ حيث قال تعالى: )أفلا ينظرون إلى الإبلكيف خُلقت(17)( (الغاشية)، زاعمين أن الآية لا تحمل أي دلالات علمية عن الإبل وخَلْقها، ولا تعطي أي حقيقة علمية عنها، سوى مجرد الحث على النظر إلى هيئتها وشكلها، وهل أصبح النظر إلى هيئة الشيء وتركيبه- على حد زعمهم- دليلاً على اكتشاف الأسرار العلمية به، أو إخبارًا عن حقائق خَلْقه، فضلاً عن أن يكون إعجازًا علميًّا.

 

ويهدفون من وراء ذلك إلى تخلية القرآن الكريم من أي فضل وسبق في مجال الإعجاز العلمي والحقائق العلمية الحديثة، ونفي توصله إلى كثير من هذه الحقائق منذ زمن بعيد.

 

وجه إبطال الشبهة:

الإبل إحدى مخلوقات الله تعالى العجيبة في خلقها وتركيبها وهيئتها، فهي غاية في القوة والشدة، ومع ذلك فهي لينة، طيعة للحمل الثقيل، وتبرك فيُحمل عليها، أما غيرها من ذوات الأربع لا يُحمل عليها إلا وهي قائمة.

 

كما أن لها من القدرة العجيبة على تحمل العطش والصبر عليه في الحر الشديد، بل إنتاج الماء من خلال تخزينها للدهون والشحوم في سنامها بطريقة كيميائية تعجز مصانع الأرض قاطبة عن مضاهاتها في كفاءتها ودقتها، كما أن الجمل قد زُوِّد في تركيبه وخَلْقه بكل ما يناسبه للتكيف والتعايش مع البيئة الصحراوية، وذلك في خَلْق الأنف وتجويفها، ورموش العينين، والأذن، والتركيب الجسدي العملاق في تحمل الحر الشديد والبرد القارس، ونظام قدمه وخُفِّه في تيسير عملية السير على الرمال الناعمة، وقدرته أيضًا على شرب الماء المالح وتحويله إلى ماء عذب في أمعائه، وطرد الأملاح مع البول، وقدرته على أكل الأشواك والنباتات الصحراوية الـمرة والجافة دون ظمأ، وتحمله الكبير للعطش والجوع لأسابيع عدة.

 

فلو نظرنا إلى مظاهر خلق الإبل وتأملناها لوقفنا على خالق بديع محكم، خلق هذا الكائن ليتوافق تمامًا مع بيئته الصحراوية القاسية، وليخدم الإنسان ابن البادية؛ ولذلك جاء التوجيه من الرب العلي والحث على تأمل هذا الكائن واكتشاف أسراره ودقائق خلقه، فقال تعالى: )أفلا ينظرون إلى الإبل كيف خُلقت (17)( (الغاشية).

 

فهذه الآية الكريمة تدل دلالة علمية واضحة على دقة خلق الجمل، وعجيب صنعه من خلال دلالتها عليه، وتوجيهها لتأمل خلقه وكشف أسراره، فإنها وإن لم تقدم حقيقة علمية ملموسة عن الإبل، إلا أنها قدمت ما هو أعظم من ذلك؛ حيث أعطت مفتاح الوصول لهذا الخلق العجيب من خلال هذا التوجيه الحسن، والإرشاد الجميل لتأمل هذا الخلق واكتشاف أسراره، وكفى بهذا إعجازًا بليغًا.

 

التفصيل:

1)  الحقائق العلمية:

 

لقد بيَّن العلم الحديث الميزات الجسدية والصفات التشريحية ووظائف الأعضاء عند الإبل، مما يدل على عجيب خلقها، وإبداع صنعها، ويدل أيضًا على عظمة الخالق وقدرته الفائقة العجيبة في خَلْقه، والإبل تنتمي إلى مجموعة من الحيوانات الثديية المشيمية المجترة Ruminant Placental Mammals، وإلى قسم خاص منها يُعرف باسم "ذوات الحافر (الخف) مزدوج الأصابع".

 

وهي من آكلات العشب التي يجمعها القرآن الكريم تحت مسمَّى "الأنعام"؛ لما فيها من نعم الله العظيمة على الإنسان، وتشمل كلاًّ من الإبل والبقر والضأن والماعز، وتضم الإبل بالإضافة إلى الجمال مجموعة الغزلان، وكلاهما يُصنف في عائلة واحدة تُعرف باسم عائلة "الإبليات" أو "الجمليات"، وبها نوعان متميزان هما: نوع الجمل، ونوع اللاما الذي يشبه الجمل ولكن لا سنام له، ومن الجمال ما له سنام واحد وهو الجمل العربي، وما له سنامان وهو الجمل الآسيوي، وينتشر في آسيا الوسطى وصولاً إلى منشوريا في بلاد الصين.

 

 

 

جمل عربي ذو سنام واحد

 

جمل آسيوي ذو سنامين

 

اللاما التي تشبه الجمل، ولكنها بلا سنام

والإبل بأنواعها تتميز عن جميع الأنعام بميزات بدنية وتشريحية ووظائفية عجيبة؛ فالإبل عمَّرت الأرض قبل خلق الإنسان بحوالي خمسين مليون سنة، وازدهرت ازدهارًا هائلاً في عهد الإيوسين (The Eocene Epoch) المعروف باسم "فجر الحياة الحديثة"، والجمل العربي الذي يعيش في المناطق الصحراوية الجافة القاحلة الشديدة الحرارة في نهار الصيف، والشديدة البرودة في ليل الشتاء، قد تم استئناسه من قبل خمسة آلاف سنة في شبه الجزيرة العربية من مجموعة برية كانت تعيش فوق هضاب حضرموت.

 

ومن الجزيرة العربية انتشرت الجمال العربية إلى كل من أفريقيا وآسيا وجنوب أوربا، عبر الوجود الإسلامي في تلك البلاد، والذي عمر شبه الجزيرة الأيبيرية- بلاد الأندلس- لأكثر من ثمانية قرون كاملة.

 

وقد ثبت للباحثين والمراقبين أن الجمل العربي هو بحق سفينة الصحراء، وأنه أصلح الوسائل الفطرية للسفر والحمل والتنقل في الأراضي الصحراوية الجافة؛ فهو يستطيع قطع مسافة تصل إلى ثلاثين كيلو مترًا في اليوم، متحملاً الجوع والعطش لعدة أيام متتالية في شدة حرارة نهار صيف الصحراء، ويستطيع حمل أكثر من نصف طن من المؤن والركاب والسير بهم وبها لأكثر من عشرين ميلاً في اليوم دون طعام أو شراب وذلك لعدة أيام متتالية، بما خصه الله تعالى من ميزات جسدية وتشريحية ووظائفية لا تتوافر لغيره من الحيوانات، ومن هذه الميزات ما يمكن إيجازه في النقاط الآتية:

 

أولاً: من الصفات الجسدية للجمل:

 

  1. ضخامة الجسم، وارتفاع القوائم، وطول العنق في تناسق عجيب يمكِّن الجمل من سرعة الحركة، واتساع مجال الرؤية، ومن اختزان كميات كبيرة من الماء والغذاء والدهون والطاقة تعينه على احتمال الجوع والعطش لفترات لا يقوى عليها حيوان آخر.

 

  1. لرأس الجمل أنف ذو منخارين أعطاهما الله تعالى القدرة على الانغلاق كليًّا؛ تحاشيًا لرمال الصحراء العاصفة، ومنعًا لجفاف القصبة الهوائية، وله زوج من العيون الحادة الإبصار، ترتفعان فوق رأسه المحمول على عنقه الطويل، وجسده المرتفع عن الأرض مما يوسع مجال الرؤية، ولكل واحدة من هاتين العينين المندفعتين إلى الخلف طبقة من الأهداب تقيها من هبوب العواصف الرملية في الصحراء وما تحمله من أذى وقذى، ولفم الجمل شفتان عريضتان، السفلى منهما مشقوقة حتى تمكنه من تناول الأعشاب الشوكية دون أن تؤذيه.

 

  1. وعلى جانبي رأس الجمل أذنان صغيرتان يكتنف كلاًّ منهما شعر كثيف لوقايتهما من الرمال العاصفة، خاصة أن الله تعالى قد أعطاهما القدرة على الانثناء إلى الخلف، والالتصاق بجانبي الرأس؛ لمنع دخول الرمال فيهما.

 

  1. أقدام الجمل منبسطة على هيئة الخف المكون من نسيج دهني سميك، يعين الجمل على السير فوق الرمال الناعمة وأيضًا التربة الخشنة والصخور الناتئة.

 

  1. ذيل الجمل محاط بشعر كثيف يحمي أجزاء جسده الخلفية من كل أذى، خاصة من الرياح العاصفة المحمَّلة بالرمال.

 

  1. طول سيقان الجمل تبعده عن التأثر بحرارة الأرض، وارتفاع سنامه يبعد غالبية جسده عن التأثر بحرارة الشمس؛ لأن تكتل كمية كبيرة من الدهون في منطقة السنام يحول دون انتشار حرارة الشمس إلى داخل بقية الجسم، خاصة أن الخالق العظيم قد ألهم الجمل بالوقوف متعامدًا مع أشعة الشمس قدر الاستطاعة حتى لا يتعرض لها من جسده إلا أقل مساحة ممكنة.

 

  1. خلق الله تعالى للجمل وسادة حرشفية قرنية أسفل صدره تُعرف باسم "الكلكل"، ووسائد متشابهة فوق كل ركبة من ركبه، وهذه الوسائد تمكِّن الجمل من الرقود على الأرض مهما كانت قاسية وخشنة دون أذى، كما تعينه على رفع جسده عن الأرض لعزله عن حرارتها، وللسماح لتيار من الهواء أن يتحرك بين جسمه وبين الأرض لتهويته وتلطيف درجة حرارته.

 

  1. جعل الله تعالى للجمل جلدًا غليظًا جدًّا، يجعله قادرًا على تحمل العواصف الحارة المحمَّلة بالرمال عند هبوبها، وعلى مقاومة لسعات الحشرات وقرصات غيرها من الطفيليات، خاصة أن هذا الجلد قليل المرونة يغطيه وبر سميك يدفئ جسم الجمل في الشتاء، ويحفظ حرارته من التصرف إلى الخارج، ويحميه من حرارة الشمس الحارقة في الصيف، خاصة أنه يعكس أشعتها بلونه الفاتح، كذلك يمتاز جلد الجمل بقلة انتشار الغدد العرقية فيه؛ مما يقلل من فقدان مخزونه المائي عن طريق العرق.

 

  1. يساعد طول عنق الجمل وارتفاع أقدامه على تمكينه من تناول أوراق الأشجار العالية، وتساعد شفته السفلى المشقوقة على تناول الأعشاب الشوكية دون أن تؤذيه، خاصة أن الله تعالى قد جعل للجمل ميلاً فطريًّا للأعشاب المالحة التي تكثر في الصحاري الجافة، وذلك مثل أنواع الحلفاء (Halophytes)، وللجمل قدرة فائقة على استيعاب كميات كبيرة من أملاح هذه الأعشاب دون التأثير على درجة ارتوائه أو شعوره بالعطش، وذلك مثل أملاح الصوديوم والكالسيوم واللينيوم والفوسفور والنحاس وغيرها، وكل واحد من هذه الأملاح يلعب دورًا مهمًّا في حياة الجمل، وفي تخليق أعداد من الإنزيمات اللازمة لنشاطه الحيوي، والجمل يستهلك من هذه الأملاح ما يحتاجه، ويختزن الباقي في الكبد لاسترجاعه عند الحاجة إليه.

 

 

أجزاء الجمل

ثانيًا: من الصفات التشريحية للجمل:

 

  1. الجمل من الثدييات المشيمية المجترة، ولكنه يختلف عن كثير منها بتضاؤل المعدة الثالثة، وبوجود ما يُسمى مجازًا باسم "الأكياس المائية في المعدة الأولى"، وهذه الأكياس عبارة عن انثناءات تضم الملايين من الخلايا الغددية التي تلعب دورًا رئيسيًّا في تفعيل عملية الهضم، وإنتاج كم كبير من السوائل.

 

  1. كذلك فإن البلعوم الطويل للجمل يحتوي على عدد هائل من الغدد التي تعمل على ترطيب الوجبة الغذائية الجافة؛ مما يعين على سهولة تحركها إلى باقي أجزاء الجهاز الهضمي، خاصة أن الجمل يعتمد في غذائه أساسًا على الأعشاب الجافة، وأوراق الأشجار الشمعية القاسية.

 

  1. زوَّد الله تعالى الجهاز الهضمي للجمل بالعديد من الإنزيمات المنتجَة فيه، والكائنات الدقيقة المتعايشة معه؛ لتقوم بتحليل المواد السيليولوزية القاسية في معدة الاجترار إلى عدد من المركبات النيتروجينية مثل: الأمونيا واليوريا، ثم بناء عدد من الأحماض الأمينية والبروتينات والدهون، وفي تجهيز عدد من الفيتامينات اللازمة لحياة الجمل، ومن العجيب أن يصل تركيز أحد الفيتامينات المهمة مثل: (فيتامين د) في جسم الجمل إلى خمسة عشر ضِعْفًا لما هو موجود في أجساد باقي الحيوانات المجترة، على الرغم من فقر غذاء الجمل بصفة عامة؛ وذلك لأن هذا الفيتامين يلب دورًا مهمًّا في تركيز الكالسيوم في العظام، وهو أمر يحتاجه الجمل بهيكله العظمي الضخم.

 

ثالثًا: من الصفات الوظائفية لأعضاء جسم الجمل:

 

  1. الجمل من ذوات الدم الحار، ولكن الله تعالى قد وهبه القدرة على تغيير حرارة جسده ليتوافق مع درجات الحرارة المحيطة به صيفًا وشتاءً، ونهارًا وليلاً، دون أن يصاب بأذى، ويتراوح المدى الحراري لدماء الجمل بين 34˚م، 41˚م، وهو مدى يُعتبر قاتلاً للعديد من الأحياء.

 

  1. يؤدي نقصان كمية الماء في أجسام معظم الحيوانات إلى زيادة لزوجة دمائها؛ مما يؤدي إلى ارتفاع درجة حرارة الجسم، وينتهي بالكائن إلى الوفاة، أما الجمل فتبقى لزوجة دمه ثابتة مهما نقص الماء في جسمه؛ مما يسمح لعملية النقل الحراري أن تتم بين القلب والأطراف بسهولة ويسر.

 

  1. الارتفاع في درجة حرارة جسم الجمل يعين على نقص استخدام الأكسجين، مما يبطئ من عملية التمثيل الغذائي في داخل جسمه؛ وبالتالي يحد من ارتفاع درجة حرارته، وهذا بعكس المعروف عند الحيوانات الأخرى.

 

  1. يستطيع الجمل العيش دون شرب الماء لعدة أسابيع، وكمية الماء التي يتناولها ترتبط بنوعية الأكل الذي يأكله، وعلى درجة الحرارة الخارجية حوله، وفي الجو البارد يستطيع الجمل العيش على كمية الماء الموجودة فيما يتناوله من طعام إذا كان غضًّا طريًّا، وفي هذه الحالة يمكنه الاستغناء عن شرب الماء لمدة تصل إلى الشهر الكامل، أما في الأجواء الحارة ومع تناول الطعام اليابس فإن الجمل بإمكانه الاستغناء عن شرب الماء لمدة تصل إلى الأسبوع؛ ولذلك وهب الله تعالى الجمل القدرة على تحمل ندرة كل من الماء ومصادر الغذاء في الصحراء، وقلة تنوع تلك المصادر، وضعف محتواها الغذائي، كما أعطاه القدرة على شرب كميات كبيرة من الماء عند توافره دون أن يؤذيه ذلك، وأعطاه القدرة كذلك على تحمل إنقاص وزنه بمعدل الثلث، وزيادته بالمعدل نفسه دون التعرض لأية مخاطر صحية، علمًا بأن ذلك يودي بحياة غيره من الحيوانات([1]).

 

وبهذا فقد أفصح العلم الحديث عن صفات عجيبة في خَلْق الجمل من حيث تركيبه وتشريحه ووظائف أعضائه، فهو خلق عجيب في الصنع والتركيب والتكيف مع بيئته التي يعيش فيها، وبه كثير من الخصائص والمميزات التي كشف عنها العلم الحديث، والتي لا تتوافر لحيوان غيره؛ مما يجعله حيوان الصحراء الأول.

 

كما أن العلماء لا يتوقفون في كشف أسرار إعجاز الخلق في الإبل عند الشكل والبنيان الخارجي، بل يبحثون في خصائص أعضاء الإبل الوظيفية؛ لإظهار ما فيها من غوامض وأسرار أودعها الله تعالى فيها؛ ومن ذلك تحملها للجوع والعطش، وما تقوم به من عمليات في الاحتفاظ بالماء وتخزينه، والقدرة على تحمل درجات الحرارة العالية دون عرق أو فقدان للماء.

 

وللجمل أساليب عدة في الحفاظ على مخزونه من الماء، وتحمل الحرارة القائظة دون عطش أو حاجة للماء، من هذه الأساليب أن الجمل لا يتنفس من فمه، ولا يلهث أبدًا مهما اشتد الحر أو استبد به العطش، وهو بذلك يتجنب بخر الماء من هذا السبيل، كذلك يمتاز الجمل بأنه لا يفرز إلا مقدارًا ضئيلاً من العرق عند الضرورة القصوى بفضل قدرة جسمه على التكيف مع المعيشة في ظروف الصحراء التي تتغير فيها درجة الحرارة بين الليل والنهار.

 

ويستطيع جهاز ضبط الحرارة في جسم الجمل أن يجعل مدى تفاوت الحرارة نحو سبع درجات كاملة دون ضرر؛ أي بين 34˚م و 41˚م، ولا يعرق الجمل إلا إذا تجاوزت حرارة جسمه 41˚م، ويكون هذا في فترة قصيرة من النهار، أما في المساء فإن الجمل يتخلص من الحرارة التي اختزنها عن طريق الإشعاع إلى هواء الليل البارد دون أن يفقد قطرة ماء، وهذه الآلية وحدها توفر للجمل خمسة ألتار كاملة من الماء، ولا يفوتنا أن نقارن بين هذه الخاصية التي يمتاز بها الجمل وبين نظيرتها عند الإنسان الذي تثبت درجة حرارة جسمه العادية عند حوالي 37˚م، وإذا انخفضت أو ارتفعت يكون هذا نذير مرض ينبغي أن يتدارك بالعلاج السريع، وربما تُوفي الإنسان إذا لم يسارع إلى خفض درجة حرارته إذا ارتفعت إلى مستوى 42˚م.

 

وهناك أمر آخر يستحق الذكر، وهو أن الجسم يكتسب الحرارة من الوسط المحيط به بقدر الفرق بين درجة حرارته ودرجة حرارة ذلك الوسط، ولو لم يكن جهاز ضبط حرارة جسم الجمل ذكيًّا ومرنًا بقدرة الخالق اللطيف- لكان الفرق بين درجة حرارة الجمل ودرجة حرارة هجير الظهيرة فرقًا كبيرًا يجعل جسمه يمتص كمية هائلة من حرارة الجو المحيط، ولكن عندما ترتفع درجة حرارة جسم الجمل إلى 41˚م في نهار الصحراء الحارق يصبح هذا الفرق ضئيلاً، وتقل تبعًا لذلك كمية الحرارة التي يمتصها الجسم، وهذا يعني أن الجمل الظمآن يكون أقدر على تحمل القيظ من الجمل الريان، فسبحان الله العليم بخلقه.

ويضيف علماء الأحياء ووظائف الأعضاء (الفسيولوجيا) سببًا جديدًا يفسر قدرة الإبل على تحمل الجوع والعطش عن طريق إنتاج الماء الذي يحتاجه من الشحوم الموجودة في سنامه- أو سناميه- بطريقة كيميائية يعجز الإنسان عن مضاهاتها، فمن المعروف أن الشحم والمواد الكربوهيدراتية لا ينتج عن احتراقها في الجسم سوى الماء وغاز ثاني أكسيد الكربون الذي يتخلص منه الجسم في عملية التنفس، بالإضافة إلى تولد كمية كبيرة من الطاقة اللازمة لمواصلة النشاط الحيوي، والماء الناتج عن عملية احتراق الشحوم من قبيل الماء الذي يتكون على هيئة بخار حين تحترق شمعة على سبيل المثال، ويستطيع المرء أن يتأكد من وجوده إذا قرَّب لوحًا زجاجيًّا باردًا فوق لهب شمعة، فإنه يُلاحظ أن الماء الناتج عن الاحتراق قد تكاثف على اللوح، وهذا أيضًا هو مصدر البخار الخارج مع هواء الزفير، ومعظم الدهن الذي يختزنه الجمل في سنامه- أو سناميه- يلجأ إليه الجمل حين يشح الغذاء أو ينعدم، فيحرقه شيئًا فشيئًا، ويذوي معه السنام يومًا بعد يوم حتى يميل على جنبه، ثم يصبح كيسًا خاويًا متهدلاً من الجلد إذا طال الجوع والعطش بالجمل المسافر المنهك.

 

ومن حكمة خلق الله في الإبل أن جعل احتياطي الدهون في الإبل كبيرًا للغاية يفوق أي حيوان آخر، ويكفي دليلاً على ذلك أن نقارن بين الجمل والخروف المشهور بإليته الضخمة المملوءة بالشحم، فعلى حين نجد الخروف يختزن زهاء 11كجم من الدهن في إليته، نجد أن الجمل يختزن ما يفوق ذلك المقدار بأكثر من عشرة أضعاف- أي نحو 120كجم- وهي كمية كبيرة بلا شك يستفيد منها الجمل بتمثيلها وتحويلها إلى ماء وطاقة وثاني أكسيد الكربون؛ ولهذا يستطيع الجمل أن يقضي حوالي شهرًا ونصف الشهر بدون ماء يشربه، ولكن آثار العطش الشديد تصيبه بالهزال وتفقده الكثير من وزنه، وبالرغم من هذا فإنه يمضي في حياته صلدًا لا تخور قواه، إلى أن يجد الماء العذب أو المالح فيعب منه عبًّا حتى يطفئ ظمأه.

 

وهناك أسرار أخرى عديدة لم يتوصل العلم بعد إلى معرفة حكمتها... ولعل في المقارنة بين بعض قدرات الإبل والإنسان ما يزيد الأمر إيضاحًا بالنسبة لنموذج الإبل الفريد في الإعجاز؛ فقد أكدت تجارب العلماء أن الإبل التي تتناول غذاء جافًّا يابسًا يمكنها أن تتحمل قسوة الظمأ في هجير الصيف لمدة أسبوعين أو أكثر، ولكن آثار هذا العطش الشديد سوف تصيبها بالهزال لدرجة أنها قد تفقد ربع وزنها تقريبًا خلال هذه الفترة الزمنية، ولكي ندرك مدى هذه المقدرة الخارقة نقارنها بمقدرة الإنسان الذي لا يمكنه أن يحيا في مثل تلك الظروف أكثر من يوم واحد أو يومين، فالإنسان إذا فقد نحو 5% من وزنه ماء فقد صواب حكمه على الأمور، وإذا زادت هذه النسبة إلى 10% صُمَّت أذناه، وخلط وهذى، وفقد إحساسه بالألم، وهذا من رحمة الله به ولطفه في قضائه، أما إذا تجاوز الفقد 12% من وزنه ماء فإنه يفقد قدرته على البلع، وتستحيل عليه النجاة حتى إذا وجد الماء إلا بمساعدة منقذيه، وعند إنقاذ إنسان أشرف على الهلاك من الظمأ ينبغي على منقذيه أن يسقوه الماء ببطء شديد؛ تجنـبًا لآثار التغير المفاجئ في نسبة الماء بالدم، أما الجمل الظمآن إذا ما وجد الماء يستطيع أن يعب منه عبًّا دون مساعدة أحد ليستعيد في دقائق معدودات ما فقد من وزنه في أيام الظمأ.

 

وثمة ميزة أخرى للإبل على الإنسان، فإن الجمل الظمآن يستطيع أن يطفئ ظمأه من أي نوع وجد من الماء، حتى وإن كان ماء البحر أو ماء في مستنقع شديد الملوحة أو المرارة؛ وذلك بفضل استعداد خاص في كُليتيه لإخراج تلك الأملاح في بول شديد التركيز بعد أن تستعيد معظم ما فيه من ماء لترده إلى الدم، أما الإنسان الظمآن فإن أية محاولة لإنقاذه بشرب الماء المالح تكون أقرب إلى تعجيل نهايته.

 

 

للجمل وقفة قلما نجدها في حيوان آخر، وله ثبات قوي على الأرض بواسطة أخفافه

وأعجب من هذا كله أن الجمل إذا وُضع في ظروف بالغة القسوة من هجير الصحراء اللافح فإنه سوف يستهلك ماء كثيرًا في صورة عرق وبول وبخار ماء مع هواء الزفير حتى يفقد ربع وزنه دون ضجر أو شكوى، والعجب في هذا أن معظم هذا الماء الذي فقده استمده من أنسجة جسمه ولم يستنفد من ماء دمه إلا الجزء الأقل؛ وبذلك يستمر الدم سائلاً جاريًا موزعًا للحرارة ومبددًا لها من سطح الجسم، وهذا أمر لا يدانيه فيه كائن آخر، فإن أخطر ما يتعرض له الإنسان الظمآن هو أن نسبة الماء في دمه تقل حتى يغلظ ويبطؤ دورانه، فلا تتوزع الحرارة في أنسجة جسمه؛ ومن ثم ترتفع درجة حرارته ارتفاعًا فجائيًّا لا تتحملها أجهزته- وخاصة دماغه- وفي هذا يكون حتفه([2]).

 

وهكذا يتبين من خلال هذه المقارنة بين بعض قدرات الإبل والإنسان مدى تفرد خلق الإبل في الدقة والإعجاز، وعجيب صنعها وتركيبها، كما أن هناك مظهرًا آخر من مظاهر إعجاز خلق الإبل وعجيب خلقها، ويتمثل ذلك في إنتاجها اللبن، فهو أعجوبة من الأعاجيب التي خصها الله سبحانه للإبل؛ حيث تُحلب الناقة لمدة عام كامل في المتوسط بمعدل مرتين يوميًّا، ويبلغ متوسط الإنتاج اليومي لها من 5: 10 كجم من اللبن.

 

ويختلف تركيب لبن الناقة بحسب سلالة الإبل التي تنتمي إليها، كما يختلف من ناقة لأخرى، وكذلك تبعًا لنوعية الأعلاف التي تتناولها الناقة والنباتات الرعوية التي تقتاتها، والمياه التي تشربها وكمياتها، ووفقًا لفصول السنة التي تُربى فيها، ودرجة حرارة الجو أو البيئة التي تعيش فيها، والعمر الذي وصلت إليه هذه الناقة، وفترة الإدرار وعدد المواليد والقدرات الوراثية التي يمتلكها الحيوان ذاته، وطرائق التحليل المستخدمة في ذلك.

 

وعلى الرغم من أن معرفة العناصر التي يتكون منها لبن الناقة على جانب كبير من الأهمية، سواء لصغر الناقة أو للإنسان الذي يتناول هذا اللبن، فإنها من جانب آخر تشير وتدل دلالة واضحة على أهمية مثل هذا اللبن في تغذية الإنسان وصغار الإبل، وبشكل عام يكون لبن الناقة أبيض مائلاً للحمرة، وهو عادة حلو المذاق لاذع، إلا أنه يكون في بعض الأحيان مالحًا، كما يكون مذاقه في بعض الأوقات مثل مذاق المياه، وترجع التغيرات في مذاق اللبن إلى نوع الأعلاف والنباتات التي تأكلها الناقة، والمياه التي تشربها، كذلك ترتفع قيمة الأس الهيدروجيني PH- وهو مقياس الحموضة- في لبن الناقة الطازج، وعندما يُترك لبعض الوقت تزداد درجة الحموضة فيه بسرعة.

 

ويصل محتوى الماء في لبن الناقة بين 84% و 90%؛ ولهذا أهمية كبيرة في الحفاظ على حياة صغار الإبل، والسكان الذين يقطنون المناطق القاحلة- مناطق الجفاف- وقد تبين أن الناقة الحلوب تفقد أثناء فترة الإدرار ماءها في اللبن الذي يُحلب في أوقات الجفاف، وهذا الأمر يمكن أن يكون تكيفًا طبيعيًّا؛ وذلك لكي توفر هذه النوق وتمد صغارها والناس الذين يشربون من حليبها- في الأوقات التي لا تجد فيها المياه- ليس فقط بالمواد الغذائية، ولكن أيضًا بالسوائل الضرورية لمعيشتهم وبقائها على قيد الحياة، وهذا لطف وتدبير من الله عز وجل.

 

وكذلك فإنه مع زيادة محتوى الماء في اللبن الذي تنتجه الناقة العطشى ينخفض محتوى الدهون من 3,4% إلى 1,1%، وعمومًا يتراوح متوسط النسبة المئوية للدهون في لبن الناقة بين 6,2% إلى 5,5%.

 

وبمقارنة دهون لبن الناقة مع دهون ألبان الأبقار والجاموس والغنم لُوحظ أنها تحتوي على أحماض دهنية قليلة، كما أنها تحتوي على أحماض دهنية قصيرة التسلسل، ويرى الباحثون أن قيمة لبن الناقة تكمن في التراكيز العالية للأحماض الطيّارة التي تُعتبر من أهم العوامل المغذِّية للإنسان، وخصوصًا الأشخاص المصابين بأمراض القلب.

 

ومن عجائب لبن الإبل أن محتوى اللاكتوز في لبن الناقة يظل دون تغيير منذ الشهر الأول لفترة الإدرار، وحتى في كل من الناقة العطشى والناقة المرتوية من الماء، وهذا لطف من العلي القدير فيه رحمة وحفظ للإنسان والحيوان؛ إذ إن اللاكتوز- سكر اللبن- سكر مهم يُستخدم كمليِّن وكمُدِرّ للبول، وهو من السكاكر الضرورية التي تدخل في تركيب أغذية الرُّضَّع.

 

وفضلاً عن القيمة الغذائية العالية للبن الإبل، فإن له استخدامات وفوائد طبية عديدة تجعله جديرًا بأن يكون الغذاء الوحيد الذي يعيش عليه الرعاة في بعض المناطق، وهذا من فضل الله العظيم وفيضه العميم([3]).

 

2)  التطابق بين الحقائق العلمية وما أشارت إليه الآية الكريمة:

 

يتبين إعجاز الخالق الحكيم في كثير من خلقه؛ إذ يدل هذا الكون العجيب بكل كائناته على خالق محكَم ومدبِّر حكيم، تتجلَّى عظمته وقدرته في مخلوقاته، ويشهد له الخلق بالوجود والدقة والحكمة.

 

ومن بين هذه المخلوقات التي يتجلى فيها أسرار خلق الله، وبديع صنعه، وعجيب تصويره، وقدرته الفائقة- الإبل، والتي حث القرآن الكريم على تأمل خلقها، واكتشاف كنهها بالنظر إليها، والتطلع إلى إبداع صنعها، وكشف أسرار تركيبها، والوقوف على إعجاز الخالق في خلقها، وقد جاء البيان القرآني في صيغة رائعة من الحث والدفع لهذا التأمل بقوله تعالى: )أفلا ينظرون إلى الإبل كيف خُلقت(17)((الغاشية).

 

فهذه دعوة من القرآن الكريم لتأمل الإبل كيف خُلقت، وصُوِّرت على هذا النحو الإعجازي المبهر الذي يشهد للخالق عز وجل بالقدرة والحكمة والإتقان وعظمة الخلق، فهي نظرة ليست بالنظرة العابرة العشواء، وإنما نظرة تدبر وتفكر وتأمل في هذا الخلق؛ لإدراك عظمته وإعجازه العجيب، والوقوف على حقيقته.

 

 ثم يأتي الطاعن لينفي عن هذه الآية الكريمة بيانها وإعجازها، ولا يروق له هذا التوجيه القرآني البليغ لكشف أسرار هذا الكائن العجيب وتأمل خلقه، زاعمًا أن الدعوة إلى النظر للشيء لا تفي ببيان ما فيه من إعجاز، أو تدل على حقيقة من حقائقه، فليس من الإعجاز في شيء أن يُحث أحد على النظر إلى خلق من المخلوقات، وليس فيه دلالة على الإخبار عن أسراره وحقائقه.

 

إلا أن الطاعن غاب عنه كثير من دلالات هذه الآية الكريمة، وجانبه الصواب في فهمها، فإن الآية الكريمة وإن كانت لا تخبر عن حقائق علمية بينة في خلق الإبل، وليس في نصها شيء من حقائق العلم ونظرياته، إلا أنها تقدم ما هو أعظم من هذا؛ ففيها مفتاح الوصول إلى تلك الحقائق بذلك التوجيه الجميل من الله العليم الخبير بأسرار خلقه.

 

وهذا ما يتضح من خلال إيراد الأدلة اللغوية في إيضاح معنى النظر في الآية الكريمة وما جاء فيها من أقوال المفسرين وفهمهم لهذه الآيات.

 

  • من الدلالات اللغوية في الآية الكريمة:

 

ذكرت المعاجم اللغوية أن النظر يأتي بمعنى التفكر في الشيء وتقديره وتأمله؛ فقد جاء في لسان العرب: "النظر: حس العين... وتقول: نظرت إلى كذا وكذا من نظر العين ونظر القلب... والنظر: الفكر في الشيء تقدره وتقيسه منك"([4]).

 

وجاء في تاج العروس في معنى نظر: "تأمله بعينه- هكذا فسره الجوهري- وفي البصائر: والنظر أيضًا تقليب البصيرة لإدراك الشيء ورؤيته، وقد يُراد به التأمل والفحص، وقد يُراد به المعرفة الحاصلة بعد الفحص"([5]).

 

وهكذا فإن النظر يدل على تأمل الشيء وإدراكه وحصول المعرفة منه.

 

  • من أقوال المفسرين في الآية:

 

تتوالى آراء المفسرين عند تفسير هذه الآية مؤكدة أن النظر للإبل هنا هو نظر تأمل واعتبار بهذا المخلوق العجيب، واكتشاف أسراره، والوقوف على دقائق خلقه، وتأمل إعجاز الخالق عز وجل في خلقه.

 

فقد جاء في تفسير الطبري قوله: "القول في تأويل قوله تعالى : )أفلا ينظرون إلى الإبل كيف خُلقت (17)( (الغاشية)، يقول تعالى ذكره لمنكري قدرته على ما وصف في هذه السورة من العقاب والنكال الذي أعده لأهل عداوته، والنعيم والكرامة التي أعدها لأهل ولايته: أفلا ينظر هؤلاء المنكرون قدرة الله على هذه الأمور إلى الإبل كيف خلقها وسخرها لهم، وذللها وجعلها تحمل حملها باركة، ثم تنهض به، والذي خلق ذلك غير عزيز عليه أن يخلق ما وصف من هذه الأمور في الجنة والنار، يقول جل ثناؤه: أفلا ينظرون إلى الإبل فيعتبرون بها، ويعلمون أن القدرة التي قدر بها على خلقها، لن يعجزه خلق ما شابهها"([6]).

 

فالنظر هنا نظر تأمل وإدراك في كيفية الخلق والتذليل والتسخير، فيتأملونها ويقفون على قدرة الله في خلقها، وقد أكَّد هذا الإمام القرطبي عند تفسيره لهذه الآية، وذكر بعضًا من أسرار خلق الإبل، فقال: "قوله تعالى:)أفلا ينظرون إلى الإبل كيف خُلقت(17)( (الغاشية)، قال المفسرون: لـما ذكر الله عز وجل أمر أهل الدارين تعجب الكفار من ذلك، فكذبوا وأنكروا؛ فذكَّرهم الله صنعته وقدرته، وأنه قادر على كل شيء، كما خلق الحيوانات والسماء والأرض. ثم ذكر الإبل أولا؛ لأنها كثيرة في العرب، ولم يروا الفيلة، فنبههم جل ثناؤه على عظيم من خلقه قد ذللـه للصغير، يقوده وينيخه وينهضه، ويحمل عليه الثقيل من الحمل وهو بارك، فينهض بثقيل حمله، وليس ذلك في شيء من الحيوان غيره، فأراهم عظيمًا من خلقه مسخرًا لصغير من خلقه؛ يدلهم بذلك على توحيده وعظيم قدرته... وحين أراد بها أن تكون سفائن البر صبرها على احتمال العطش، حتى إن إظماءها ليرتفع إلى العشر فصاعدًا، وجعلها ترعى كل شيء نابت في البراري والمفاوز، مما لا يرعاه سائر البهائم"([7]).

 

وجاء في تفسير البغوي قوله: "وتكلمت الحكماء في وجه تخصيص الإبل من بين سائر الحيوانات؛ فقال مقاتل: لأنهم لم يروا بهيمة قط أعظم منها، ولم يشاهد الفيل إلا الشاذ منهم. وقال الكلبي: لأنها تنهض بحملها وهي باركة. وقال قتادة: ذكر الله تعالى ارتفاع سرر الجنة وفرشها، فقالوا: كيف نصعدها، فأنزل الله تعالى هذه الآية. وسُئل الحسن عن هذه الآية، وقيل له: الفيل أعظم في الأعجوبة؟ فقال: أما الفيلة فالعرب بعيدة العهد بها، ثم هو لا خير فيه؛ لا يُركب ظهرها، ولا يُؤكل لحمها، ولا يُحلب دَرُّها، والإبل أعز مال للعرب وأنفسها؛ تأكل النوى والقت وتخرج اللبن. وقيل: إنها مع عظمها تلين للحمل الثقيل، وتنقاد للقائد الضعيف، حتى إن الصبي الصغير يأخذ بزمامها فيذهب بها حيث شاء، وكان شريح القاضي يقول: اخرجوا بنا إلى كُناسة إسطبل حتى ننظر إلى الإبل كيف خُلقت"([8]).

 

وقد ذكر الإمام ابن كثير عجائب خلق الإبل عند تفسيره هذه الآية، فقال: "يقول تعالى آمرًا عباده بالنظر في مخلوقاته الدالة على قدرته وعظمته:)أفلا ينظرون إلى الإبل كيف خُلقت(17)((الغاشية)، فإنها خلق عجيب، وتركيبها غريب، فإنها في غاية القوة والشدة، وهي مع ذلك تلين للحمل الثقيل، وتنقاد للقائد الضعيف، وتُؤكل، ويُنتفع بوبرها، ويُشرب لبنها؛ ونبهوا بذلك لأن العرب غالب دوابهم كانت الإبل، وكان شريح القاضي يقول: اخرجوا بنا حتى ننظر إلى الإبل كيف خُلقت"([9]).

 

وأيضًا فقد ذكر الرازي في تفسيره بعض أسباب اختصاص الله تعالى الإبل بالحث على تأمل خلقها دون الحيوانات الأخرى، فقال: "أما المقام الأول فنقول: الإبل له خواص؛ منها: أنه تعالى جعل الحيوان الذي يُقتنى أصنافًا شتى؛ فتارة يُقتنى ليُؤكل لحمه، وتارة ليُشرب لبنه، وتارة ليحمل الإنسان في الأسفار، وتارة لينقل أمتعة الإنسان من بلد إلى بلد، وتارة ليكون له به زينة وجمال، وهذه المنافع بأسرها حاصلة في الإبل، وقد أبان الله عز وجل عن ذلك بقوله: )أولم يروا أنا خلقنا لهم مما عملت أيدينا أنعامًا فهم لها مالكون(71) وذللناها لهم فمنها ركوبهم ومنها يأكلون(72)((يس)، قال:)والأنعام خلقها لكم فيها دفء ومنافع ومنها تأكلون (5) ولكم فيها جمال حين تريحونوحين تسرحون (6) وتحمل أثقالكم إلى بلد لم تكونوا بالغيه إلا بشق الأنفس( (النحل/7:5)، وإن شيئًا من سائر الحيوانات لا يجتمع فيه هذه الخصال، فكان اجتماع هذه الخصال فيه من العجائب.

 

وثانيها: أنه في كل واحد من هذه الخصال أفضل من الحيوان الذي لا يوجد فيه إلا تلك الخصلة؛ لأنها إن جُعلت حلوبة سقت فأروت الكثير، وإن جُعلت أكولة أطعمت وأشبعت الكثير، وإن جُعلت ركوبة أمكن أن يقطع بها من المسافات المديدة ما لا يمكن قطعه بحيوان آخر، وذلك لما ركب فيها من قوة احتمال المداومة على السير، والصبر على العطش، والاجتزاء من العلوفات بما لا يجتزئ حيوان آخر، وإن جُعلت حملة استقلت بحمل الأحمال الثقيلة التي لا يستقل بها سواها، ومنها: أن هذا الحيوان كان أعظم الحيوانات وقعًا في قلب العرب؛ ولذلك فإنهم جعلوا دية قتل الإنسان إبلاً، وكان الواحد من ملوكهم إذا أراد المبالغة في إعطاء الشاعر الذي جاءه من المكان البعيد أعطاه مئة بعير؛ لأن امتلاء العين منه أشد من امتلاء العين من غيره؛ ولهذا قال تعالى: )ولكم فيها جمال حين تريحون وحين تسرحون (6)( (النحل).

 

ومنها: أني كنت مع جماعة في مفازة فضللنا الطريق، فقدَّموا جملاً وتبعوه، فكان ذلك الجمل ينعطف من تل إلى تل، ومن جانب إلى جانب، والجميع كانوا يتبعونه، حتى وصل إلى الطريق بعد زمان طويل، فتعجبنا من قوة تخيل ذلك بالحيوان أنه بالمرة الواحدة كيف انحفظت في خياله صورة تلك المعاطف، حتى إن الذي عجز جمع من العقلاء إلى الاهتداء إليه فإن ذلك الحيوان اهتدى إليه، ومنها: أنها مع كونها في غاية القوة على العمل مباينة لغيرها في الانقياد والطاعة لأضعف الحيوانات كالصبي الصغير، ومباينة لغيرها أيضًا في أنها يُحمل عليها وهي باركة ثم تقوم.

 

فهذه الصفات الكثيرة الموجودة فيها توجب على العاقل أن ينظر في خِلْقتها وتركيبها، ويُستدل بذلك على وجود الصانع الحكيم سبحانه، ثم إن العرب من أعرف الناس بأحوال الإبل؛ في صحتها وسقمها، ومنافعها ومضارها؛ فلهذه الأسباب حسن من الحكيم تعالى أن يأمر بالتأمل في خلقتها"([10]).

 

وأيضًا يذكر هذا المعنى ويؤكد عليه صاحب "الظلال" عند تفسيره للآية فيقول: "والإبل حيوان العربي الأول، عليها يسافر ويحمل، ومنها يشرب ويأكل، ومن أوبارها وجلودها يلبس وينزل، فهي مورده الأول للحياة، ثم إن لها خصائص تفردها من بين الحيوان، فهي على قوتها وضخامتها وضلاعة تكوينها ذَلول يقودها الصغير فتنقاد، وهي على عِظَم نفعها وخدمتها قليلة التكاليف، مرعاها ميسر، وكلفتها ضئيلة، وهي أصبر الحيوان المستأنس على الجوع والعطش والكدح وسوء الأحوال، ثم إن لهيئتها مزية في تناسق المشهد الطبيعي المعروض؛ لهذا كله يوجه القرآن أنظار المخاطبين إلى تدبر خلق الإبل وهي بين أيديهم، لا تحتاج منهم إلى نقلة ولا علم جديد: )أفلا ينظرون إلى الإبل كيف خُلقت(17)((الغاشية)، أفلا ينظرون إلى خلقتها وتكوينها؟ ثم يتدبرون: كيف خُلقت على هذا النحو المناسب لوظيفتها، المحقق لغاية خلقها، المتناسق مع بيئتها ووظيفتها جميعًا! إنهم لم يخلقوها، وهي لم تخلق نفسها، فلا يبقى إلا أن تكون من إبداع المبدع المتفرد بصنعته، التي تدل عليه، وتقطع بوجوده كما تشي بتدبيره وتقديره"([11]).

 

وهكذا فقد أجمعت كلمة المفسرين على أن المقصود بالنظر في هذه الآية هو نظر التأمل والاعتبار والاكتشاف، والوقوف على الحقائق وأسرار الخلق، وما يتميز به هذا الحيوان من عجائب وميزات تدل على إعجازها وغريب صنعها، وهذا كله يجعل الإشارة لتأمل هذا الخلق واعتبار إعجازه لمما يشهد للقرآن الكريم بالإعجاز والتفرد، وأنه كلام الخالق الحكيم المطلع على أسرار خلقه.

 

وعلى هذا فمن خلال إيراد الأدلة اللغوية وأقوال المفسرين يتبين أن هذه الآية القرآنية الكريمة تمثل إعجازًا علميًّا بليغًا للقرآن الكريم؛ حيث حث على تأمل هذا الخلق خاصة، وبيان دقيق صنعه وخصائصه، وعجائب تركيبه، والتنبيه على تتبع كيفية خلقه، والوقوف على إعجاز الخالق الحكيم فيها، وهي بذلك تدل دلالة قاطعة على إعجاز القرآن الكريم في هذا البيان وذلك الحث على تأمل خلق الإبل، وإن كان لم يفصل حقائقها العلمية.

 

ومن ثم فإن الآية الكريمة بهذا البيان والتفسير تتطابق مطابقة واضحة مع سياق الحقائق العلمية الواردة عن هذا الخلق، بل إنها لتؤكد إعجاز القرآن الكريم في هذا التنبيه والتوجيه، فقد شغلت الإبل بال العلماء في العصر الحديث، واتجهت أنظارهم إليها، وكثرت أبحاثهم ودراساتهم عنها، محاولين كشف حقائقها والوقوف على أسرارها ودقة خلقها، وتفسير اللغز الموجود عند الإبل في كونها تتحمل العطش فترات طويلة من الزمن في الحر القائظ، فهل تنتج الماء أم تخزنه؟ فإلى أي شيء ترجع هذه القدرة؟!

 

"على أية حال، فإن علماء الفسيولوجيا والبيولوجيا في العصر الحديث قد تمكنوا من حل هذا اللغز، فوجدوا- وهم للأسف من الغربيين- أن للجمل قدرة على إنتاج الماء من الشحوم الموجودة في سنامه بطريقة كيميائية تعجز مصانع الأرض قاطبة عن مضاهاتها في كفاءتها وعظمتها ودقتها، وإن دل هذا على شيء فإنما يدل على عظمة الخالق الذي أبدع كل شيء خلقه، صنع الله ومن أحسن من الله صنعًا.

 

فمن المعروف لعلماء الفسيولوجيا والكيمياء أن أفضل مادة خام لإنتاج الماء وأسهلها منالاً هي الشحوم والمواد الكربوهيدراتية، ويرجع السر في ذلك إلى أن هذه المواد لا ينتج عن احتراقها في الجسم أية مواد ثانوية، بل كل ما ينتج عن الاحتراق هو الماء وغاز ثاني أكسيد الكربون، الذي يتخلص منه الجسم في عملية التنفس، بالإضافة إلى تولد كمية كبيرة من الطاقة يستغلها الجمل لمواصلة نشاطه الحيوي.

 

ويقوم الجمل بتخزين الشحوم في أماكن مخصصة لهذا الغرض، وهو لا يخزنها تحت الجلد كما هو الحال في الإنسان؛ لأنه لو كان الأمر كذلك لهلك الجمل ومات بسبب السخونة الزائدة في جسم الجمل عن الإنسان، ولكن الخالق العليم الذي أبدع في خلقه وصنعه لمخلوقاته شاء أن يخزن الجمل شحمه في سنامه فقط، بحيث لا يترك شيئًا منه في أي مكان آخر من سطح جسمه؛ ولذلك لا يعاني الجمل من الحر، ولا يفقد جسمه كميات كبيرة من العرق نتيجة لذلك؛ وبالتالي يحافظ على الماء الموجود في جسمه من الفقد بسبب العرق.

 

ومن حكمة خلق الله في الإبل أن جعل احتياطي المادة الخام الضرورية لإنتاج الماء- أي الشحوم- كبيرًا للغاية يفوق أي حيوان آخر"([12]).

 

فهذا الخلق العجيب قد زوَّده الله تعالى بكافة إمكاناته وقدراته للعيش في الصحراء، وملاءمة بيئته والتكيف معها، والقدرة على تحمل الظمأ، بل وإنتاج الماء من خلال تخزينه الدهون والشحوم في سنامه، "فالإبل حيوانات قادرة على تخزين كميات من الدهن يمكن أن تُستخدم في حال نقص الغذاء والماء، كما يمتاز كرشها بسعته الكبيرة لنحو 250 لترًا من الماء، كما يمكنها الاستفادة من الغذاء الفقير والألياف إلى مواد بروتينية غذائية كاللحم والجلد والوبر طوال العام بخلاف غيره، ويُعد الملح عاملاً حاسمًا في مرور المياه في الأحشاء والكُلَى، وقد ثبت أن عدم كفاية الملح في غذاء الجمل يؤدي إلى خفض إنتاج اللبن في إناثه التي تزداد أهميته عندما تكون كميات مياه الشرب محدودة، ومن هنا نرى أن تناوله للمياه المالحة أو أكله للنباتات والشجيرات له حكمة ربانية عظيمة في نفع الناس.

 

كما أن ضخامة جهازه الهضمي يؤدي إلى بقاء الغذاء فيه مدة طويلة، ويهيئ فرصة كبيرة للكائنات الحية الدقيقة الموجودة في الكرش للقيام بهضم السليلوز المكون الرئيسي في غذاء الإبل، كما يجب أن نشير هنا إلى دور السنام- وهو مخزن الدهن في الجسم- في حفظ حياة الجمل، وبخاصة في أثناء الجوع الشديد، كما يستخدم السنام في توليد الطاقة اللازمة لكي يواصل الجمل حركة السير عبر الصحراء، وتوزع أهمية الدهن في السنام تسهيل عملية تبخر العرق من على باقي الجسم؛ فتلطف حرارة الجو وأشعة الشمس، فقد يهزل الجمل ويتلاشى سنامه شيئًا فشيئًا، فإذا ما تحسنت الظروف ونال الجمل بعد الرحلة قسطًا وافرًا من الغذاء ومن الراحة- يعود السنام إلى سابق عهده ممتلئًا بالدهن.

 

وصبر الجمل على الظمأ دليل على قدرة الله وإعجازه في خلقه، وفسَّر بعض العلماء ذلك بأن المركز الفعلي للإحساس بالعطش يقع في الدماغ المتوسط في منطقة الوطاء بجوار الغدة النخامية (Pituitary gland) مباشرة؛ حيث يمكن لهذا المركز الحسي أن يعرف نسبة الملح إلى الماء في الدم ويتحكم في هذه الحالة، وذلك بالتعاون مع الكُلى، حتى إذا بلغ النقص في هذه النسبة بمقدار 1,3% من النسبة الأصلية يقوم المركز بإرسال إشارات حسية للجدار البطني للوطاء الذي يفرز هرمونًا للجزء الخلفي، ويحتوي عرق الجمال على بوتاسيوم يعادل أربعة أمثال محتواه من الصوديوم؛ مما يساعد على الاحتفاظ بالماء وتركيزه داخل الخلية، والغطاء الوبري للجمل خفيف وعازل للحرارة، وهذا ما يسمح بالتبخر من على سطح الجسم"([13]).

 

وهكذا فقد كشف العلم الحديث كثيرًا من عجائب خلق الإبل وإمكاناتها، وما حباها الخالق الحكيم من قدرات وميزات جعلها تفوق كثيرًا الحيوانات الأخرى في القوة والتحمل والعيش في الصحراء، وهكذا تتطابق الحقائق العلمية مع بيان القرآن الكريم، وتبين إعجازه حين نبَّه الناس إلى هذا الكائن العجيب، وتأمل هذا الخلق المتفرد؛ للوقوف على أسراره ودقائقه ومعرفة خلقه إذعانًا لله تبارك وتعالى بالتفرد في الخلق والأمر والتدبير، إيمانًا بالله الواحد الأحد الفرد الصمد، وهكذا دلت الآية الكريمة على هذا الخلق آمرة بالنظر إليه وتأمل خلقه واكتشاف أسراره، فإن لم تكن قد أخبرت عن حقيقة علمية ملموسة في الإبل إلا أنها قدمت مفتاح الوصول إلى تلك الحقائق بذلك الأمر الجميل، والحث الدافع، والتوجيه الحسن، فسبحان الله رب العالمين.

 

3)  وجه الإعجاز:

 

الإبل خلق من مخلوقات الله تعالى عجيبة الصنع وغريبة التركيب، وقد نبه القرآن الكريم في إعجاز بيِّن إلى تأمل خلقها، وحث على النظر إليها، والوقوف على أسرارها، واكتشاف عجائب خلقها ودقته، فقال تعالى في بيان معجز: )أفلا ينظرون إلى الإبل كيف خُلقت(17)((الغاشية)، فأعطى الله تبارك وتعالى- بهذا التنبيه والحث والإرشاد- سبيل الوصول إلى حقائق هذا المخلوق واكتشاف كنهه وأسراره، والوقوف على إعجاز الخالق الحكيم في خلقه؛ إذعانًا له بالربوبية والألوهية والتفرد بالخلق.

 

وجاء العلم الحديث وكشف عن أسرار هذا الكائن الذي ظل لغزًا عجيبًا أمام العلماء، وأثار كثيرًا من الجدل حولهم، وكان مثار تساؤلاتهم واستفساراتهم أيامًا طويلة، لقد بيَّنوا دقائق خلق هذا الكائن في هيئته وتركيبه ووظائفه، وبيَّنوا أسباب قدرته على تحمل الظمأ في الحر القائظ لأيام طويلة ولأكثر من شهر، وقدرته على شرب الماء المالح وأكل الأشواك والنباتات الصحراوية الجافة، وما زوَّده الله من إمكانات عجيبة في تخزين الدهون وتحويلها إلى ماء يتغذى عليه في أوقات الجفاف وانعدام الماء، وما خصه الله تعالى بالمحافظة على حرارة جسمه، وما إلى ذلك من قوة على حمل الأثقال والسير بها أميالاً دون جوع أو عطش، وبالإضافة إلى بنيانه القوي الذي يتحمل البرد والحر، وتكيفه مع البيئة الصحراوية في هيكله وتركيب أنفه وعينه وأذنه، وكذلك نظام قدمه وخُفِّه ليستطيع السير على الرمال الناعمة دون تعثر، وغير ذلك كثير من الحقائق العلمية المبهرة التي وقف عليها العلماء في العصر الحديث، والتي تبين بصدق أن الإبل مخلوق عجيب في حاجة إلى التأمل والاعتبار، وهذا ما دل عليه الخالق الحكيم في بيان معجز، وتوجيه بليغ؛ حيث حث الناس على النظر إلى تأمل هذا الخلق وكشف أسراره، فأي إعجاز هذا؟! وأي بيان بليغ ذاك؟!

 

 

 

(*) موقع: الحوار المتمدن www.ahewar.org.

 

[1]. من آيات الإعجاز العلمي: الحيوان في القرآن الكريم، د. زغلول النجار، مرجع سابق، ص272: 278 بتصرف.

 

[2]. الموسوعة الكونية الكبرى: آيات الله في خلق الحيوانات البرية والبحرية وبعثها وحسابها، د. ماهر أحمد الصوفي، مرجع سابق، ج6، ص136: 141 بتصرف.

 

[3]. آيات الإعجاز العلمي من وحي الكتاب والسنة، عبد الرحمن سعد صبي الدين، دار المعرفة، بيروت، ط1، 1429هـ/ 2008م، ص220: 222 بتصرف.

 

[4]. لسان العرب، مادة: نظر.

 

[5]. تاج العروس، مادة: نظر.

 

[6]. جامع البيان عن تأويل آي القرآن، ابن جرير الطبري، مرجع سابق، ج24، ص388.

 

[7]. الجامع لأحكام القرآن، القرطبي، مرجع سابق، ج20، ص34، 35.

 

[8]. معالم التنزيل، البغوي، تحقيق: محمد عبد الله النمر وآخرين، دار طيبة، السعودية، ط4، 1417هـ/ 1997م، ج8، ص409، 410.

 

[9]. تفسير القرآن العظيم، ابن كثير، مرجع سابق، ج4، ص503.

 

[10]. مفاتيح الغيب، الرازي، دار الكتب العلمية، بيروت، 1421هـ/ 2000م، ط1، ج31، ص143، 144.

 

[11]. في ظلال القرآن، سيد قطب، مرجع سابق، ج6، ص3898.

 

[12]. الإعجاز العلمي في الإسلام: القرآن الكريم، محمد كامل عبد الصمد، الدار المصرية اللبنانية، القاهرة، ط7، 1427هـ/ 2006م، ص158.

 

[13]. الإعجاز القرآني في علوم الأحياء والبيولوجيا، أحمد المرسي حسين جوهر، مكتبة الإيمان، مصر، ص214، 215.

 

  • الاربعاء PM 07:19
    2020-09-02
  • 1774
Powered by: GateGold