المتواجدون الآن

انت الزائر رقم : 412572
يتصفح الموقع حاليا : 302

البحث

البحث

عرض المادة

الزعم أن الوضوء من الشكليات التي لا معنى لها

الزعم أن الوضوء من الشكليات التي لا معنى لها (*)

مضمون الشبهة:

لماذا الوضوء؟ سؤال وَلَج المشككون من خلاله إلى الطعن في الحكمة من تشريع الوضوء في الإسلام، قال تعالى:)يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق وامسحوا برؤوسكم وأرجلكم إلى الكعبين( (المائدة/6)،زاعمين أنه من الأمور التي لا معنى لها، وأنه من الطقوس غير العقلانية التي يتم تطبيقها من المسلمين دون فهم.

 

ويتساءلون: أليس هذا دليلًا على أن المسلمين لا يهمهم إلا الشكليات الخارجية فقط؟ وهل كان المسلمون الأوائل يعلمون الفوائد الطبية المزعومة التي يتحدث عنها دعاة الإعجاز العلمي الآن؟

 

وجه إبطال الشبهة:

إن ما ادعاه الطاعنون من أن الوضوء من الأمور الشكلية التي لا معنى لها، وأنه من الطقوس التي يطبقها المسلمون دون فهم ـ ادعاء باطل سقيم، ويمكننا أن نوضَّح وجه البطلان فيه من ناحيتين؛ نتساءل في الأولى: كيف يكون الوضوء أمرًا شكليًّا وقد أثبتت الأبحاث العلمية ـ بما لا يدع مجالًا للشك ـ أن الوجه والأيدي والأقدام هي أكثر أجزاء الجسم تعرضًا للتلوث وتأثرًا بالميكروبات، وأن الوضوء خمس مرات في اليوم لا يترك مطلقًا أي درن على الجسم يخشى منه الضرر؛ ومن ثم كان الوضوء ترجمة علمية للقاعدة العلمية التي تقول: إن الوقاية خير من العلاج؛ إذ إن النظافة خير سبيل لاتقاء الأمراض التي تتطلب علاجًا.

 

ونتساءل في الثانية: هل الانتفاع بالشيء أحد فروع العلم به؟ وذلك ردًّا على قولهم: إن المسلمين يطبقون الوضوء دون فهم أو علم للحكمة منه، والإجابة: ليس الانتفاع بالشيء أحد فروع العلم به، ونحن المسلمين ننصاع لأمر الله عز وجل، علمنا الحكمة أو لم نعلمها. ومن ثم؛ فإن المسلم يتوضأ مؤديًا للطاعة، فيقطف ثمار الوضوء التي يعلمها والتي لا يعلمها.

 

التفصيل:

يولي الأطباء في العالم كله اليوم اهتمامًا كبيرًا لقاعدة النظافة، لما لها من آثار مهمة في حماية الإنسان من أخطار الكائنات الدقيقة، ولقد حرصت نصوص الشريعة على أن تستأصل الكائنات الدقيقة من مخازنها لدى الإنسان، أو تنظف هذه المخازن منها بقدر الإمكان، فحالت بينها وبين إلحاق الضرر به من خلال نظم ووسائل يمارسها المسلم طاعة لربه، ويطبقها في سهولة ويسر وحب، فأرست قاعدة النظافة الشخصية لأفراد المجتمع وسمتها "الطهارة"، وجعلتها شطر الدين.

 

ورسخَّت عمليًّا وسائل تحقيق هذه القاعدة بتشريع الوضوء والغسل، والتزام تطبيق سنن الفطرة من السواك، والمضمضة، والاستنشاق، والختان، وتقليم الأظافر، وحلق العانة، وغسل عقد الأصابع، ونظافة السبيلين، واجتناب النجاسات، والحفاظ على نظافة الثياب والمظهر العام، فهذه الأحكام الدقيقة المترابطة، التي لا مثيل لها في أي تشريع آخر، تهدف إلى تنظيف بؤر ومخازن الكائنات الدقيقة في الإنسان، من على الجلد ومن الأنف والحلق وقناة الهضم؛ لذلك حمت هذه التشريعات المسلم من شرور الأمراض السارية والعضوية.

 

لقد سمَّت النصوص الشرعية النظافة بالطهارة، وجعلتها جزءًا مهمًّا من الدين؛ بل هي شطره كما قال صلى الله عليه وسلم: «الطهور شطر الإيمان»([1])، ويقول الله سبحانه وتعالى: )إن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين(222)((البقرة)،  )والله يحب المطهرين (108)((التوبة).

 

والطهارة لغة: النظافة، وشرعًا: رفع حدث أو إزالة نجس، وهي أعم من كلمة النظافة، ولم تقتصر الطهارة في الإسلام على البدن فحسب؛ بل شملت طهارة الملبس والمكان، وهي من شروط صحة الصلاة، وهي بذلك جزء من عبادة المسلم لربه.

 

وقد جعل الله وسيلة الطهارة الأولى هي الماء؛ فقال سبحانه وتعالى:) وينزل عليكم من السماء ماء ليطهركم به((الأنفال/١١).

 

وقد ثبت أن الماء هو الوحيد الطاهر المطهر لغيره، لمميزات فيه كثيرة، أهمها: أنه وسط غير ملائم لنمو الكائنات الدقيقة متى كان نقيًّا؛ لعدم احتوائه على العناصر الغذائية اللازمة لنموها، ولأن درجة حرارة الماء غير مناسبة لهذا النمو، كما أن درجة الضغط الأسموزي للماء أقل منه عند هذه الكائنات؛ الأمر الذي يؤدي إلى موتها وهلاكها؛ لذا فالماء في ذاته طهور، وصدق الله العظيم القائل: )وأنزلنا من السماء ماء طهورا (48)( (الفرقان)([2]).

 

أثر الوضوء الوقائي:

والتساؤل الذي يثور هو: ما سبل تحقيق الطهارة التي أولتها الشريعة اهتمامًا بالغًا؟

 

والجواب: إن النظافة أو الطهارة تتحقَّق بما فرضه الله سبحانه وتعالى، وبما سنَّه نبيه صلى الله عليه وسلم من الوضوء والغسل ونظافة الثياب وأماكن الصلاة وسنن الفطرة؛ وسوف نتناول بالحديث الوضوء من بين هذه الأشياء؛ وذلك لأنه موطن الطعن ومناط التشكيك، وسنبين من خلال حديثنا أن الوضوء خير تطبيق للقاعدة الطبية التي تقول: إن الوقاية خير من العلاج، وأنه ليس من الأمور الشكلية كما يدَّعى.

 

قال سبحانه وتعالى: ) يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق وامسحوا برؤوسكم وأرجلكم إلى الكعبين وإن كنتم جنبا فاطهروا وإن كنتم مرضى أو على سفر أو جاء أحد منكم من الغائط أو لامستم النساء فلم تجدوا ماء فتيمموا صعيدا طيبا فامسحوا بوجوهكم وأيديكم منه ما يريد الله ليجعل عليكم من حرج ولكن يريد ليطهركم وليتم نعمته عليكم لعلكم تشكرون (6)( (المائدة).

 

إن الوضوء ليس مجرد تنظيف للأعضاء الظاهرة، وليس مجرد تطهير للجسد عدة مرات في اليوم؛ بل إن الأثر النفسي والسمو الروحي الذي يشعر به المسلم بعد الوضوء لشيء أعمق من أن تعبِّر عنه الكلمات، خاصة مع إسباغ الوضوء وإتقانه، فللوضوء دور كبير في حياة المسلم، وهو يجعله دائمًا في يقظة وحيوية وتألُّق، وقد قال عنه النبي صلى الله عليه وسلم فيما رواه الإمام مسلم: «من توضَّأ فأحسن الوضوء خرجت خطاياه من جسده حتى تخرج من تحت أظفاره»([3])، وقال صلى الله عليه وسلم: «... ولن يحافظ على الوضوء إلا مؤمن»([4]).

 

إن عملية غسل الأعضاء المعرضة دائمًا للأتربة من جسم الإنسان لا شك أنها في منتهى الأهمية للصحة العامة؛ فأجزاء الجسم هذه تتعرض طوال اليوم لعدد مهول من الميكروبات تعد بالملايين في كل سنتيمتر مكعب من الهواء، وهي دائمًا في حالة هجوم على الجسم الإنساني من خلال الجلد في المناطق المكشوفة منه، وعند الوضوء تفاجأ هذه الميكروبات بحالة كسح شامل لها من فوق سطح الجلد، خاصة مع التدليك الجيد وإسباغ الوضوء، وهو هدي الرسول صلى الله عليه وسلم، وبذلك لا يبقى بعد أي أثر من أدران أو جراثيم على الجسم إلا ما شاء الله تعالى([5]).

 

تقول المراجع الطبية الحديثة: إن الجلد يعدّ مخزنًا لنسبة عالية من البكتيريا والفطريات، ويكثر معظمها على البشرة وجذور الشعر، ويتراوح عددها من عشرة آلاف إلى مئة ألف جرثومة على كل سنتيمتر مربع من الجلد الطبيعي، وفي المناطق المكشوفة من الجلد يتراوح العدد من مليون إلى خمسة ملايين جرثومة/سم2، كما ترتفع هذه النسبة في الأماكن المخبوءة الرطبة مثل: المنطقة الإربية وتحت الإبطين، إلى عشرة ملايين جرثومة/سم2، ونسبة الكائنات الدقيقة على الشعر كنسبتها على الجلد.

 

 

صورة للبكتيريا العضوية التي توجد بكثرة على الجلد

ومن ثم؛ فإذا كان الاغتسال منظفًا لجميع جلد الإنسان، فإن الوضوء ينظف الأجزاء المكشوفة منه، وهي الأكثر تلوثًا بالجراثيم؛ لذا كان استعمال الماء أمرًا مهمًّا؛ لأن هذه الجراثيم في تكاثر مستمر، والوضوء خير مزيل لها([6]).

 

ولو استعرضنا مناطق الجسم التي يشملها الوضوء لتبين لنا أحد وجوه الحكمة العظيمة منه؛ فالفم والأنف هما المدخلان الرئيسيان لأعضاء الجسم الداخلية، فنظافتهما من الجراثيم تعني حماية الأجهزة الداخلية من المرض والعطب.

 

المضمضة والوقاية من الأمراض:

توجد في الفم تجمعات كبيرة من الكائنات الدقيقة وبأنواع مختلفة تزيد على ثلاث مئة مستعمرة، ويحتوي اللعاب على نحو 100 مليون جرثومة/مم، وقد توجد بعد الفطريات والطفيليات الأولية في عدد من الأشخاص، وتشكل أنواع الميكروبات السبحية من 30- 60% من البكتيريا المتطفلة، وهي التي تسبب التهاب اللوزتين والحلق.

 

 

صورة للميكروبات السبحية

وتتغذى هذه الكائنات الدقيقة على بقايا الطعام الموجود في الفم وبين الأسنان، وينتج من نموِّها وتكاثرها أحماض وإفرازات كثيرة تؤثر على الفم ورائحته، وعلى لون الأسنان وأدائها([7]).

 

فالمضمضة تحفظ الفم والبلعوم من الالتهاب وتحفظ اللثة من التقيح، وكذا فإنها تقي الأسنان وتنظفها بإزالة الفضلات الغذائية التي تبقى بعد الطعام في ثناياها، كما أن المضمضة تقوي بعض عضلات الوجه، وتحفظ للوجه نضارته واستدارته، وهو تمرين مهم يعرفه المتخصصون في التربية الرياضية، وهذا التمرين يفيد في إضفاء الهدوء النفسي على المرء لو أتقن تحريك عضلات فمه أثناء المضمضة([8]).

 

يقول الدكتور أحمد شوقي إبراهيم -عضو الجمعية الطبية بلندن واستشاري الأمراض الباطنية والقلب- : "بالنسبة للمضمضة فقد ثبت أنها تحفظ الفم والبلعوم من الالتهابات ومن تقيح اللثة، وتقي الأسنان من النخر بإزالة الفضلات الطعامية التي قد تبقى فيها؛ فقد ثبت علميًّا أن 90% من الذين يفقدون أسنانهم لو اهتموا بنظافة الفم لما فقدوا أسنانهم قبل الأوان، وأن المادة الصديدية والعفونة مع اللعاب والطعام تمتصها المعدة وتسري إلى الدم، ومنه إلى جميع الأعضاء وتسبب أمراضًا كثيرة، وأن المضمضة تنمي بعض العضلات في الوجه وتجعله مستديرًا، وهذا التمرين لم يذكره من أساتذة الرياضة إلا القليل؛ لانصرافهم إلى العضلات الكبيرة في الجسم"([9]).

 

وقد حث الدين الحنيف على العناية التامة بنظافة الأسنان، فسنَّ السواك في كل وضوء، وعند كل صلاة، وعند الذكر، وقراءة القرآن، وعند الاستيقاظ من النوم، وعند تغير رائحة الفم؛ تطهيرًا للفم مما علق بالأسنان واللثة من بقايا الأكل التي لو تركت لغيرت رائحة الفم، وقرَّحت اللثة، وأثَّرت في الأسنان، فتهدمها هدمًا، وتقتلعها من جذورها، وذلك يؤدي إلى ضعف المضغ فتضر المعدة، وتنشأ عن ذلك أمراض كثيرة، كضعف البصر وعسر الهضم والإمساك والمغص الكلوي والصداع وغيرها، حتى أرجع الأطباء الأمراض الباطنية كلها إلى مرض الأسنان.

 

وبالسواك يأمن المسلم هذه الشرور؛ ولذلك قال صلى الله عليه وسلم: «لولا أن أشق على أمتي -أو على الناس- لأمرتهم بالسواك مع كل صلاة»([10])، وقال صلى الله عليه وسلم: «لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل وضوء»([11]). وقال أيضًا: «السواك مطهرة للفم مرضاة للرب»([12]).

 

والاستياك يكون بعود من أراك، ويجزئ كل ما يزيل تغيُّر رائحة الفم، كخرقة خشنة، أو بالأصبع، أو بفرشة الفم، ويغسل ما يستاك به قبل الاستياك وبعده حتى لا يعلق به شيء([13]).

 

نعم فالسواك مطهرة للفم حقًّا؛ فقد ثبت تكون غلالة رقيقة من اللعاب تلتصق بالأسنان تسمى "لويحة جرثومية" (Bacterialplaque)، يسبح فيها عدد هائل من الجراثيم تصل إلى نحو 100مليون جرثومة في كل جرام منها، وهذه اللويحة أو الطبقة تتكون سريعًا حتى بعد تلميع الأسنان في أقل من ساعة، ويزداد سمكها ويحدث فيها ترسبات رخوة، كلما تركت من غير إزالة.

 

وقد ثبت أن هذه اللويحة الجرثومية التي تتكون على الأسنان هي المسئولة عن أمراض اللثة ونخر الأسنان، وهذا يوضح لنا حكمة حث النبي صلى الله عليه وسلم أمته على دوام استعمال السواك عند كل صلاة أو وضوء.

 

وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم ـ كما ثبت في الصحيحين ـ «إذا قام من الليل يشوص فاه بالسواك»([14])؛ لأن ركود اللعاب أثناء النوم، أحد العوامل التي تشجِّع تكاثر الجراثيم وازدياد ترسباتها في هذه اللويحة، كما أن هذه اللويحة ليس لها علاقة بالأكل وفضلات الطعام؛ فهي دائمة التكوين؛ لذا نفهم الحكمة من ترغيب النبي صلى الله عليه وسلموحضه على السواك، وملازمته له حتى أثناء الصيام.

 

روى البخاري بسنده عن عامر بن ربيعة رضي الله عنه قال: «رأيت النبي يستاك وهو صائم ما لا أحصي أو أعد»([15]).

 

وللسواك فوائد طبية كثيرة للفم والأسنان؛ حيث يحتوي على مادة مضادة للجراثيم، وقد ثبت بالبحث أنه يقضي على خمسة أنواع على الأقل من الجراثيم الممرضة، والموجودة بالفم، أهمها البكتيريا السبحية (Streptococci)، التي تسبِّب بعض أنواع الـحمى الروماتيزمية.

 

كما وجد في السواك بعود الأراك مادة تجرف الفضلات وتزيح القلح وتساعد على تلميع الأسنان، كما يتوافر فيه بكثرة حمض العفص (Tannicacid)؛ وهو قاتل للجراثيم، ومطهر قوي، ويشفي جروح اللثة والتهاباتها.

 

وقد أجريت دراسة على مستعملي السواك، ثبت خلالها أن السواك يزيل اللويحة الجرثومية وهي بكر، قبل عتوها وتأثيرها على الأنسجة، وتكرار السواك يوميًّا قبل الصلاة يؤدي إلى درجة عالية من نظافة الفم، ويشفي التهابات اللثة([16]).

 

ومن ثم؛ فإنه للقضاء على هذه الأعداد الهائلة من الجراثيم التي تتكون داخل الفم ومنع آثارها الضارة ـ حرصت الشريعة الإسلامية على أمرين:

 

الأول: المضمضة، وهي تكرار غسل الفم بالماء عدة مرات في اليوم.

 

الثاني: الحث على استعمال السواك.

 

غسل الأنف:

يذكر الدكتور مصطفى شحاتة -في بحثه الذي قدمه إلى مؤتمر الإعجاز الطبي في القرآن والسنة والذي عقد في القاهرة- أهمية غسل الأنف بالماء أثناء الوضوء للصلاة فيقول: "إن تجويف الأنف يعتبر من الأماكن التي يتكاثر فيها العديد من الميكروبات؛ بما لها من خاصية بيولوجية تشجع على تكاثر الميكروبات بها".

 

ثم يذكر في موضع آخر من البحث أنه قد أجريت دراسة ميدانية على أشخاص يؤدون الصلاة بصفة دائمة، وآخرين لا يؤدونها، "وبدراسة وفحص تجويف الأنف في المجموعتين وجد أن غسل تجويف الأنف بالماء خمس مرات يوميًّا أثناء الوضوء ـ يؤدي إلى حماية هذا التجويف من الالتهابات، وتقل فيه نسبة الإصابة بالميكروبات؛ الأمر الذي ينعكس على الجسم ككل، ويحميه من إصابة الأعضاء الأخرى بهذه الميكروبات نتيجة تكاثرها بتجويف الأنف".

 

ومع تطور البحث العلمي في القرن العشرين، أظهرت الأبحاث والدراسات العلمية أن أنف الإنسان -وهو أعلى عضو في الجهاز التنفسي- يقوم بعملية ترشيح مستمرة لهواء التنفس، ويعزل فيه كل ما يعلق بالهواء من ميكروبات وأتربة.

 

وعندما نفحص هذه الميكروبات تحت الميكروسكوب المكبر نجد فيها جميع أنواع الميكروبات؛ وبذلك يصبح الأنف مخزنًا لجميع أنواع الميكروبات والبكتيريا التي تنتقل منه إلى باقي أعضاء الجهاز التنفسي، والجيوب الأنفية والأذن الوسطى، وكذلك إلى سطح الجلد، بل وإلى الهواء الخارجي.

 

ولقد أظهرت الدراسات العديدة أن هذه الميكروبات هي السبب المباشر للعديد من الأمراض، وأنه ما إن يتم تنظيف الأنف وتطهيره حتى تختفي كثير من الأمراض وتقل حدتها.

 

وقد أودع الله عز وجل في أنف الإنسان خطوطًا دفاعية قوية، وتحصينات متينة تقاوم الميكروب وتدفع أضراره؛ فنجد عند مدخل الأنف شعرًا كثيفًا يعزل هذه الميكروبات من الهواء الداخل للتنفس، ومادة دهنية يفرزها الجلد تقاوم تجمع هذه الميكروبات، ومادة مخاطية تقتل العديد من الجراثيم، ولكن كل هذه الدفاعات لا تستطيع أن تتعامل مع الملايين من البكتيريا الضارة التي تظهر في الأنف يوميًّا وتتجدَّد وتتكاثر طوال النهار.

 

ولذلك يكون الأنف في حاجة إلى وسيلة صحية مناسبة لتنظيفه وتطهيره، ودفع أضرار الجراثيم عنه. ويعرف الأطباء كثيرًا من الوسائل الصحية لتجنب تلوث الأنف بالميكروبات، وبعض هذه الوسائل عملية إيجابية، وتشمل الغسيل المتكرر لها، أو تنظيفها بالمواد الطبية المطهرة، أو تناول المضادات الحيوية مع خطورتها على المدى الطويل.

 

وهناك وسائل أخرى، مثل وضع قناع من القماش على الأنف حتى لا تنتقل العدوى، أو ما شابه ذلك من وسائل، إلا أنه باستعراض هذه الوسائل جميعها تبين أن غسل الأنف المتكرِّر خمس مرات في اليوم أثناء الوضوء هو أبسطها وأسهلها، ومن خلال هذه الوسيلة خطر على بال مجموعة من أطباء كلية الطب بجامعة الإسكندرية دراسة فكرة الوضوء التي يقوم بها المسلمون قبل كل صلاة، والتي تبدأ بغسل اليدين ثم المضمضة ثم استنشاق الماء في الأنف واستنثاره ثلاث مرات إلى آخر أركان الوضوء، والبحث عما وراء الوضوء من قيم علمية وفوائد صحية، فكان أن بدءوا دراسة بحثية عميقة استغرقت عامين على عدد كبير من المسلمين المنتظمين في الصلاة، والذين يتوضئون خمس مرات في اليوم؛ وذلك للكشف عن أهمية هذه الفريضة الدينية.

 

ومن هذا المنطلق الديني بدأ علماء جامعة الإسكندرية البحث بالكشف الطبي الدقيق على المئات من المواطنين الأصحاء الذين لا يتوضئون، وبالتالي لا يصلون، ثم أخذت منهم مسحة طبية من داخل الأنف لعمل مزرعة ميكروبية لفحص ما يظهر داخل الأنف من ميكروبات.

 

ثم أخذ عدد مساوٍ لهم من المنتظمين في الوضوء والصلاة، وفحصت أنوفهم، وأخذ منها مسحات طبية لعمل المزرعة والفحص والتحليل، وتكرر هذا العمل يوميًّا ولشهور طويلة، وعلى أعداد كبيرة من كلا الجنسين، ومن جميع الأعمار، وتجمعت لدى الأطباء الباحثين نتائج كثيرة، وبيانات عديدة قاموا بتحليلها ودراستها، فظهرت أمامهم حقائق مدهشة قاموا بتسجيلها بالأرقام والصور والمستندات، ونشرت في الأوساط العلمية داخل وخارج مصر، وكان لها رد فعل علمي كبير.

 

فقد ظهر الأنف عند من لا يتوضئون باهت اللون، دهني الملمس، يعلو مدخله بعض الأتربة والقشور، كما وجدت فتحة الأنف لزجة السطح، غامقة اللون، يتساقط منها الشعر، وظهر الشعر السميك الذي يحمي تجويف الأنف متلاصقًا متربًا تعلوه بعض القشور الخفيفة.

 

أما عند المنتظمين في الوضوء فقد كانت هذه الصورة مختلفة تمامًا، فظهر سطح الأنف لامعًا، نظيف الملمس، يخلو من القشور والأتربة، ويظهر شعره نظيفًا أملس، خاليًا من المتعلقات والإفرازات([17]).

 

ومما سبق ندرك عظم وصية النبي صلى الله عليه وسلم  بالمبالغة في الاستنشاق وتكراره ثلاثًا؛ فعن عاصم بن لقيط بن صبرة عن أبيه لقيط بن صبرة قال: قلت: يا رسول الله، أخبرني عن الوضوء، قال: «أسبغ الوضوء، وخلل بين الأصابع، وبالغ في الاستنشاق إلا أن تكون صائمًا»([18]).

 

ويكمن وجه الإعجاز في الحديث في اختيار الرسول صلى الله عليه وسلم المبالغة في الاستنشاق تحديدًا، فبالرغم من أمره صلى الله عليه وسلم بالإسباغ في أعضاء الوضوء كلها إلا أنه خص الأنف بمزيد عناية واهتمام؛ ولأنه صلى الله عليه وسلم أوتي جوامع الكلم؛ فقد اختار كلمة واحدة شملت كل الصفات اللازمة في الغسول([19])؛ لأن المبالغة تعني الكثرة الكمية والنوعية، فالمبالغة الكمية تعني كثرة عدد الغسلات، وأما المبالغة النوعية فتعني المبالغة في إيصال الماء إلى داخل عمق تجويف الأنف حتى تصل إلى البلعوم في غير نهار الصيام.

 

ثم إن هذه الكلمة تحديدًا (المبالغة) تسترعي الانتباه، فما بال رسول الوسطية والاعتدال يدعو إلى المبالغة؟ فأمر الدين كله مبني على التوسط والقصد، فما الذي دعا المعصومصلى الله عليه وسلم أن يعدل عن هذا المنهج الثابت المطرد إلى المبالغة هنا؟ فلا بد أن ذلك لسبب مهم وحكمة بالغة. فأهمية غسول الأنف في علاج التهابات الجيوب الأنفية والوقاية منها حقيقة علمية مؤكدة بالمراجع العلمية، فكثرة غسول الأنف لا بد أن يؤدي إلى تنظيفها وإزالة الإفرازات والجراثيم منها، ومن ثم حمايتها من الالتهابات.

 

وعليه؛ فليس أدق ولا أبلغ من كلمة المصطفى صلى الله عليه وسلم: «وبالغ في الاستنشاق»؛ لتحقيق ما يصبو إليه العلماء في الوقاية والعلاج من الالتهابات المزمنة للجيوب الأنفية([20]).

 

 الوضوء وجراثيم الجلد المكشوف:

إن اليدين والذراعين والوجه وشعر الرأس والقدمين وأسفل الساقين، هي أجزاء مكشوفة من البدن، فغسلها بالماء ينقيها من الكائنات الدقيقة ويزيلها عنها، ويختبئ عدد كبير من هذه الكائنات في الأخاديد بين الأصابع وعلى عقدها؛ لذلك أمر النبي صلى الله عليه وسلم  بتخليل أصابع اليدين والقدمين وغسل عقدها، وذلك تعقبًا لما يمكن أن تحويه هذه المخابئ من الجراثيم والفطريات الضارة، كما أوصى النبي صلى الله عليه وسلم بنظافة اليدين خاصة، وحض على غسلهما عدة مرات في اليوم قبل الطعام وبعده، وبعد الاستيقاظ من النوم، وبعد الخلاء، وبعد كل تلوث؛ وذلك لما لليدين من خطورة في نقل الأمراض وانتشار الأوبئة عن طريق مس الطعام أو الشراب أو المصافحة، ومن أجل ذلك كان الوضوء المستمر والغسل يمثلان خير مزيل لهذه الكائنات ومجفِّف لهذا المخزن الخطير([21]).

 

ومن ثم؛ فإن لغسل الوجه واليدين إلى المرفقين والقدمين فائدة في إزالة الغبار وما يحتوي عليه من الجراثيم، فضلًا عن تنظيف البشرة من المواد الدهنية التي تفرزها الغدد الجلدية، بالإضافة إلى إزالة العرق، وقد ثبت علميَّا أن الميكروبات لا تهاجم جلد الإنسان إلا إذا أهمل تنظيفه.

 

فإن الإنسان إذا مكث مدة طويلة دون غسل لأعضائه، فإن إفرازات الجلد المختلفة من دهون وعرق تتراكم على سطح الجلد محدثة حكة شديدة، وهذه الحكة بالأظافر التي غالبًا ما تكون غير نظيفة تدخل الميكروبات إلى الجلد.كذلك؛ فإن الإفرازات المتراكمة هي دعوة للبكتيريا كي تتكاثر وتنمو.

 

لهذا؛ فإن الوضوء بأركانه قد سبق علم البكتيريولوجيا الحديثة والعلماء الذين استعانوا بالمجهر على اكتشاف البكتيريا والفطريات التي تهاجم الجلد الذي لا يعتني صاحبه بنظافته، التي تتمثل في الوضوء والغسل([22]).

 

ومع استمرار الفحوص والدراسات أعطت التجارب حقائق علمية أخرى؛ فقد أثبت البحث أن جلد اليدين يحمل العديد من الميكروبات التي قد تنتقل إلى الفم أو الأنف عند عدم غسلهما؛ ولذلك يجب غسل اليدين جيدًا عند البدء في الوضوء، وهذا يفسر لنا قول الرسول صلى الله عليه وسلم: «إذا استيقظ أحدكم من نومه فلا يغمس يده في الإناء حتى يغسلها ثلاثًا؛ فإنه لا يدري أين باتت يده»([23]).

 

كما قد ثبت أيضًا أن الدورة الدموية في الأطراف العلوية من اليدين والساعدين والأطراف السفلية من القدمين والساقين ـ أضعف منها في الأعضاء الأخرى؛ لبعدها عن المركز الذي هو القلب؛ فإن غسلها مع دلكها يقوي الدورة الدموية لهذه الأعضاء من الجسم الأمر الذي يزيد في نشاط الشخص وفعاليته، ومن ذلك كله يتجلَّى الإعجاز العلمي في شرعية الوضوء في الإسلام.

 

ويقول الدكتور أحمد شوقي إبراهيم: توصَّل العلماء إلى أن سقوط أشعة الضوء على الماء أثناء الوضوء يؤدي إلى انطلاق أيونات سالبة، ويقلل الأيونات الموجبة؛ الأمر الذي يؤدي إلى استرخاء الأعصاب والعضلات، ويتخلص الجسم من ارتفاع ضغط الدم والآلام العضلية وحالات القلق والأرق.

 

ويؤكد ذلك أحد العلماء الأمريكيين في قوله: إن للماء قوة سحرية، بل إن رذاذ الماء على الوجه واليدين -يقصد الوضوء- هو أفضل وسيلة للاسترخاء وإزالة التوتر، فسبحان الله([24]).

 

  • العلاقة بين الوضوء ومرض التراخوما:

 

يقول الأستاذ الدكتور محمد راتب النابلسي: اطلعت على موضوع يتعلَّق بمـرض يصيب العين، اسـمه "التراخوما", هذا المرض هو التهاب يصيب ملتحمة العين وقرنيتها، وله أدوار يمر بها، تخريش وحكة خفيفتان, وينتهي بالعمى.

 

ليس هذا ما يعنينا، فهذا موضوع مستنبط من كتب الطب البشري, ولكن الذي يعنينا أن كاتبة متخصصة كتبت مقالًا نشر لها في مجلة علمية، يصدرها مكتب المعلومات التابع للأمم المتحدة، تقول هذه الكاتبة: "إن الاغتسال المنتظم، والوضوء للصلاة في المجتمعات الإسلامية قد ساعدا كثيرًا في الحد من انتشار مرض التراخوما، الذي يعد السبب الرئيس للعمى في بلدان العالم الثالث"، وأضافت الكاتبة: "إن هناك ما يقرب من خمس مئة مليون شخص في جميع أنحاء العالم يصابون بهذا المرض, ويمكنهم تجنب العمى إذا اتبعوا الطريقة الإسلامية في النظافة الواجبة على كل مسلم قبل الصلاة".

 

وقالت: "إنه لوحظ في المجتمعات الإسلامية الملتزمة انخفاض نسبة الإصابة بهذا المرض، بل إنه وصل إلى درجة الانعدام في المجتمعات الإسلامية التي تلتزم بالوضوء خمس مرات في اليوم".

 

فيجب أن نؤمن أن هذه الأوامر والنواهي هي من عند خالق البشر، ولذلك من السذاجة أن تظن أن لأمر الله فائدة أو فائدتين فقط، إن له فوائد لا تعد ولا تحصى, فهذه كاتبة لا علاقة لها بأمر الدين إطلاقًا، من خلال دراساتها وتحقيقاتها والإحصاءات تجد أن نسبة الإصابة بمرض التراخوما، الذي يصيب خمسـ مئة مليون شخص في العالم كل عام ـ قد تراجع بشكل ملحوظ في المجتمعات الإسلامية التي تلتزم بالوضوء والنظافة.

 

هذا شرع الله؛ لذلك قال بعض العلماء: "إن العلاقة بين الطاعة ونتائجها علاقة علمية, والعلاقة بين المعصية ونتائجها علاقة علمية"([25]).

 

  • الوضوء والوقاية من بعض أمراض السرطان:

 

أثبت العلم الحديث أن الوضوء يقلِّل من حدوث الأورام السرطانية التي تسببها المواد الكيميائية؛ لأن الوضوء يكفل إزالتها قبل أن تتراكم بكميات تمكنها من النفاذ والتسرب من الجلد إلى داخل الجسم؛ فعلى سبيل المثال: العاملون في صناعة البترول والكيماويات، يكونون أكثر عرضة للإصابة بسرطان الجلد، والوقاية منه تكون بإزالة تراكم الكيماويات من فوق سطح الجلد، ولا سيما الأجزاء الظاهرة من جسم الإنسان، التي تتعرَّض للتلوث.

 

من هنا تظهر حكمة الوضوء في قوله تعالى: )يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق وامسحوا برؤوسكم وأرجلكم إلى الكعبين وإن كنتم جنبا فاطهروا( (المائدة/6).

 

فالوضوء خمس مرات في اليوم يكفل إزالة الكيماويات من فوق سطح الجلد، ويمنع من تراكمها؛ الأمر الذي يقلل من تأثير هذه المواد على خلايا الجلد الذي يؤدي على المدى الطويل إلى حدوث تغيرات سرطانية.

 

كما ثبت أن تأثير أشعة الشمس -ولا سيما الأشعة فوق البنفسجية- في إحداث سرطان الجلد، لا يصيب إلا الأماكن الظاهرة المعرضة لهذه الأشعة، وخاصة الجزء المعرض للأشعة؛ الأمر الذي يتيح لخلايا الطبقة الداخلية للجلد أن تحتمي من الآثار الضارة للتعرض لأشعة الشمس.

 

هذا؛ وتدل الإحصاءات على أن سرطان الجلد هو أكثر أنواع السرطانات شيوعًا بين الرجال في المجتمع الغربي والولايات المتحدة الأمريكية وأستراليا، في حين لا يشيع ذلك في البلاد التي تدين بالإسلام، برغم قوة الأشعة الشمسية فيها، وهذا ما يؤكد فضل الوضوء كسلاح يحتمي به المسلم من موبقات هذا المرض اللعين وغيره من الأمراض.

 

 يقول أحد الخبراء في مجال الطب الوقائي: "إن الجلد يؤدي للجسم وظيفة مهمة جدًّا، وهي إفراز العرق الذي يحتوي على مواد دهنية وأملاح، فإذا تبخر الماء بقيت الأملاح وتراكمت على الجلد، وانسدت مسام الغدد العرقية، الأمر الذي يسبب عدم أداء عملية العرق كما يجب، ووجود القذارة على الجلد الأمر الذي يؤدي إلى أمراض جلدية؛ ولذا كانت أهمية الوضوء من غسل الوجه واليدين عدة مرات في اليوم، ونظافة الفم وغير ذلك من الأعضاء الظاهرة للجسم والمعرضة للأتربة"([26]).

 

  • فوائد أخرى للوضوء:

 

أكد بحث علمي حديث للدكتورة ماجدة عامر -أستاذة المناعة بجامعة عين شمس واستشاري الطب البديل- أن الوضوء وسيلة فعالة جدًّا للتغلب على التعب والإرهاق، كما أنه يجدد نشاط الإنسان.

 

وأشار البحث إلى أن وضوء المسلم للصلاة يعيد إليه توازن الطاقة التي تسري في مسارات جسم الإنسان، ويصلح ما بها من خلل بعد تنقية المرء من ذنوبه وخطاياه التي لها تأثير على الحالة النفسية والجسمية، أما من الناحية الحسية والمعنوية؛ ففي الوضوء علاج خفي لسائر أعضاء الجسم؛ إذ يعالج الخلل الموجود بالجسم.

 

ودللت على ذلك بحديث النبي صلى الله عليه وسلم الذي رواه الإمام مسلم في صحيحه عن عمرو بن عبسة قال: «... فقلت: يا نبي الله، فالوضوء؟ حدثني عنه، قال: ما منكم  رجل يقرب وضوءه فيتمضمض ويستنشق فينتثر إلا خرت خطايا وجهه وفيه وخياشيمه، ثم إذا غسل وجهه كما أمره الله إلا خرت خطايا وجهه من أطراف لحيته مع الماء، ثم يغسل يديه إلى المرفقين إلا خرت خطايا يديه من أنامله مع الماء، ثم يمسح رأسه إلا خرت خطايا رأسه من أطراف شعره مع الماء، ثم يغسل قدميه إلى الكعبين إلا خرت خطايا رجليه من أنامله مع الماء، فإن هو قام فصلى فحمد الله وأثنى عليه ومجَّده بالذي هو له أهل، وفرغ قلبه لله، إلا انصرف من خطيئته كهيئته يوم ولدته أمه»([27]).

 

وفي دراسة علمية قام بها مركز أكاديمي أمريكي نشرت مؤخرًا أكدت أن عمليات التدليك لأعضاء الجسم أثناء الوضوء للصلاة تعيد للمرء حيويته ونضارته؛ بالإضافة إلى أنها تساعد خلايا المخ على التجدُّد والاستمرار في ضخ الدم.

 

وقد توصل العلم إلى أجهزة خاصة يطلق عليها (Bioresonance) يمكنها قياس مقدار الطاقة في الإنسان والكائنات الحية، وأيضًا كاميرات خاصة تصور المجال المغناطيسي المحيط بكل كائن حي؛ وقد عرف هذا المجال الذي يتحكم في كياننا وبقائنا كمخلوقات حية باسم الهالة (Aura)، ودونه نصبح تركيبة من الكيماويات التي تتحلل وتفنى.

 ومن هنا يتضح أن من أسرار فضل الوضوء على كل مسلم: أنه يعيد التوازن النموذجي للمجال الحيوي المحيط بالإنسان، ويصلح أي خلل في مسارات الطاقة، وفي ذلك حماية له من الآثار السلبية للتكنولوجيا الحديثة وتلوث البيئة وغيرها من المجالات المختلفة المؤثرة على الطاقة الحيوية للإنسان([28]).

نخلص من كل ما سبق إلى أن الإسلام هو أول من أوضح أن النظافة هي الوقاية الرئيسية من الجراثيم، كما تظهر لنا الحكمة من تشريع الوضوء، التي تقررها الأبحاث العلمية، وتظهر لنا علاقتها بالطب، ولا سيما الطب الوقائي للإنسان من الأمراض الجلدية التي يتعرض لها إذا لم ينظف أعضاء جسمه، وبخاصة المعرضة للعوامل الجوية وما فيها من أتربة حاملة لجراثيم أو غازات ضارة.

وفي اعتقادنا بعدما سبق عرضه أننا لسنا في حاجة لأن نقول ـ ردًّا على ما زعم ـ : إن الوضوء ليس أمرًا شكليًّا، وإنما شرع لغاية وحكمة، وقد بانت هذه الحكمة لكل ذي عقل منصف ـ مشكك كان أو غير مشكك ـ فإن قال أحد: إنها لم تبن بعد قلنا له:

قد تنكر العين ضوء الشمس من رمد

 

 

 

وينكر الفم طعم الماء من سقم

 

  • وجه الإعجاز:

أكدت الأبحاث العلمية أن الوضوء يكفل للمتوضئ الوقاية من أمراض عديدة؛ فالمضمضة تطرد أية فضلات مجتمعة أو بقايا للطعام في الفم، كما أن غسل الأنف ينظفه من الجراثيم والأتربة، هذا بالإضافة إلى أن الوضوء يكفل للمتوضئ الوقاية من نمو الفطريات بين أصابع القدمين، كما يمنع إصابة الجلد بالالتهابات والتقيحات والتجمعات الصديدية، ويقلل من احتمال حدوث سرطان الجلد، إنه يزيل المواد الكيماوية قبل أن تتراكم، وقبل أن تتجمَّع على سطح الجلد.

 

كذلك دلك الأعضاء ينبه الدورة الدموية، فينشط تغذية الأعضاء بالدم، وبذلك تزداد حركة الدماء إلى المخ والكليتين، ويخفف الوضوء من اختناق الجهاز العصبي المركزي فينشط الذاكرة، ومن هذا كله يتضح الإعجاز العلمي في تشريع الوضوء.

 

 

(*) منتدى: الملحدين العرب www.el7ad.com.

 

[1]. صحيح مسلم (بشرح النووي)، كتاب: الطهارة، باب: فضل الوضوء، (2/ 720)، رقم (523).

 

[2]. الإعجاز العلمي في القرآن والسنة، د. عبد الله المصلح و د. عبد الجواد الصاوي، الهيئة العالمية للإعجاز العلمي في القرآن والسنة، دار جياد، السعودية، ط1، 1429هـ/ 2008م، ص258- 259 بتصرف.

 

[3]. صحيح مسلم (بشرح النووي)، كتاب: الطهارة، باب: خروج الخطايا مع ماء الوضوء، (1/ 149)، رقم (601).

 

[4]. صحيح: أخرجه أحمد في مسنده، باقي مسند الأنصار، من حديث ثوبان رضي الله عنه، (5/ 280)، رقم (22467). وقال عنه شعيب الأرنؤوط: حديث صحيح رجاله ثقات رجال الصحيح غير عبد الرحمن بن ميسرة.

 

[5]. موسوعة الإعجاز العلمي في القرآن الكريم والسنة المطهرة، يوسف الحاج أحمد، دار ابن حجر، دمشق، 1428هـ/ 2007م، ص930- 931 بتصرف.

 

[6]. الإعجاز العلمي في القرآن والسنة، د. عبد الله المصلح و د. عبد الجواد الصاوي، مرجع سابق، ص259- 260.

 

[7]. المرجع السابق، ص260- 261.

 

[8]. موسوعة الإعجاز العلمي في القرآن الكريم والسنة المطهرة، يوسف الحاج أحمد، مرجع سابق، ص931 بتصرف.

 

[9]. الإعجاز العلمي في شرعية الوضوء في الإسلام، مقال منشور بموقع: أخوات طريق الإسلام www.akhawat.islamway.com.

 

[10]. صحيح البخاري (بشرح فتح الباري)، كتاب: الجمعة، باب: السواك يوم الجمعة، (2/ 5)، رقم (887).

 

[11]. صحيح البخاري (بشرح فتح الباري)، كتاب: الصوم، باب: سواك الرطب واليابس للصائم، (4/ 187) معلقًا.

 

[12]. صحيح البخاري (بشرح فتح الباري)، كتاب: الصوم، باب: سواك الرطب واليابس للصائم، (4/ 187) معلقًا.

 

[13]. الإسلام والطب، علي الرضا الحسيني، الدار الحسينية، مصر، 1419هـ/ 1998م، ص163- 164.

 

[14]. صحيح البخاري (بشرح فتح الباري)، كتاب: الوضوء، باب: السواك، (1/ 424)، رقم (245). صحيح مسلم (بشرح النووي)، كتاب: الطهارة، باب: السواك، (2/ 773)، رقم (584).

 

[15]. صحيح البخاري (بشرح فتح الباري)، كتاب: بدء الوحي، باب: سواك الرطب واليابس للصائم، (3/ 40)، رقم (1933).

 

[16]. الإعجاز العلمي في القرآن والسنة، د. عبد الله المصلح و د. عبد الجواد الصاوي، مرجع سابق، ص262-263.

 

[17]. الإعجاز العلمي في الإسلام: القرآن الكريم، محمد كامل عبد الصمد، الدار المصرية اللبنانية، القاهرة، ط7، 1427هـ/ 2006م، ص289- 292 بتصرف.

 

[18]. إسناده جيد: أخرجه ابن حبّان في صحيحه، كتاب: سنن الوضوء، باب: الأمر بتخليل الأصابع في الوضوء، (3/ 368)، رقم (1087). وقال الأرنؤوط: إسناده جيد.

 

[19]. الغسول: يُستخدم الآن كعلاج من مرض التهاب الجيوب الأنفية، وكذلك كوقاية لعودته مرة أخرى؛ حيث يعمل على إزالة الإفرازات أولًا بأول، وكذلك يرطِّب الأهداب ويحميها من الجفاف الذي يُعتبر من أهم أسباب الجفاف.

 

[20]. الطب النبوي والتهابات الجيوب الأنفية، د. هشام بدر الدين المشد، بحث منشور بمجلة الإعجاز العلمي، الهيئة العالمية للإعجاز العلمي في القرآن والسنة، السعودية، العدد (23)، المحرم 1427هـ، ص25 بتصرف.

 

[21]. الإعجاز العلمي في القرآن والسنة، د. عبد الله المصلح و د. عبد الجواد الصاوي، مرجع سابق، ص264 بتصرف.

 

[22]. الإعجاز العلمي في شرعية الوضوء في الإسلام، مقال منشور بموقع: أخوات طريق الإسلام www.akhawat.islamway.com.

 

[23]. صحيح مسلم (بشرح النووي)، كتاب: الطهارة، باب: كراهة غمس المتوضئ وغيره يده المشكوك في نجاستها في الإناء، (1/ 160)، رقم (665).

 

[24]. موسوعة الإعجاز العلمي في القرآن الكريم والسنة المطهرة، يوسف الحاج أحمد، مرجع سابق، ص933- 934 بتصرف.

 

[25]. موسوعة الإعجاز العلمي في القرآن والسنة: آيات الله في الإنسان، د. محمد راتب النابلسي، دار المكتبي، دمشق، ط3، 1429هـ/ 2008م، ص125- 126.

 

[26]. الإعجاز العلمي في الإسلام: القرآن الكريم، محمد كامل عبد الصمد، مرجع سابق، ص293، 294.

 

[27]. صحيح مسلم (بشرح النووي)، كتاب: صلاة المسافرين وقصرها، باب: إسلام عمرو بن عبسة، (2/ 208)، رقم (1967).

 

[28]. الإعجاز في الوضوء يُكتشف في العصر الحديث، مقال منشور بموقع: www.forum.al-uslid.com.

 

  • الاربعاء PM 03:58
    2020-09-02
  • 1205
Powered by: GateGold