المتواجدون الآن

انت الزائر رقم : 415204
يتصفح الموقع حاليا : 200

البحث

البحث

عرض المادة

"يمحق الله الربا ويربى الصدقات والله لا يحب كل كفار أثيم "، وفى سورة النساء: "إن الله لا يحب من كان مختالا فخورا الذين يبخلون ويأمرون الناس بالبخل "، وفى موضع ثان بعد: "إن الله لا يحب من كان خوانا أثي

قوله تعالى: "يمحق الله الربا ويربى الصدقات والله لا يحب كل كفار أثيم "، وفى سورة النساء: "إن الله لا يحب من كان مختالا فخورا الذين يبخلون ويأمرون الناس بالبخل "، وفى موضع ثان بعد: "إن الله لا يحب من كان خوانا أثيما " وفى سورة الحديد: "والله لا يحب كل محتال فخور الذين يبخلون ".للسائل أن يسأل فى هذه الآى عن شيئين أحدهما: ما وجه اختصاص كل آية من هذه الأربع بالوصف المذكور فيها الموجب لكونه تعالى لا يحب المتصف به؟
الثانى: ان تلك الأوصاف إذا كانت موجبة لما حكم به تعالى عليهم من أنه لا يحبهم وقد استوت فى إيجاب هذا الحكم فما وجه اختصاص آيتى النساء منها بتأكيد ذلك الحكم بأن ورود آية البقرة وآية الحديد معطوف فيهما ما ورد فى آيتى النساء مؤكدا بـ "إن " وهل ذلك لموجب يقتضيه؟.
والجواب عن الأول: أن وجه اختصاص كل آية منها بما ورد فيها من الوصف الموجب لكونه تعالى لا يحب المتصف به مناسبة كل آية منها لما تقدمها.
أما آية البقرة فإن قبلها قوله تعالى: "الذين يأكلون الربا لا يقومون إلا كما يقوم الذى يتخبطه الشيطان من المس ذلك بأنهم قالوا إنما البيع مثل الربا "
فوصفهم بأكل الربا حتى أعقبهم ذلك تخبطهم فى قيامهم كفعل المجانين وأنهم سووا بين البيع المشروع والربا الممنوع وذلك كفر وتكذيب فوصفوا بما يقتضى المبالغة فى مرتكبهم من منع حب الله تعالى إياهم فقال تعالى: "والله لا يحب كل كفار أثيم "، وفعال وفعيل أبنية للمبالغة وهو وصف مناسب لحالهم.
وورد قبل آية النساء قوله تعالى: "واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا وبالوالدين إحسانا وبذى القربى واليتامى والمساكين والجار ذى القربى والجار الجنب والصاحب بالجنب وابن السبيل وما ملكت أيمانكم "
فأمرهم سبحانه بعبادته وتوحيده وبالإحسان إلى المذكورين فى الآية ومن الإحسان إليهم خفض الجناح ولين المقال والإنصاف بما وصف الله به من يحبهم فى قوله: "أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين "، والاختلال والفخر مضاده لهذه الأوصاف الحميده مانعة منها ولا يمكن معها الإحسان المطلوب فى الآية فلهذا أعقبت بقوله تعالى: "إن الله لا يحب من كان مختالا فخورا "
فان المنصف بهذا متصف بنقيض الإحسان فمناسبة هذا بينة.
وأما الآية الثانية من سورة النساء فقد تقدمها قوله تعالى: "إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق لتحكم بين الناس بما أراك الله ولا تكن للخائنين خصيما "، ثم قال: "ولا تجادل عن الذين يختانون أنفسهم "، قدم الخائنين وحذر نبيه صلى الله عليه وسلم من معاونتهم والجدال عنهم وأعقب بأنه لا يحب من اتصف بصفاتهم فقال تعالى: "إن الله لا يحب من كان خوانا أثيما "، وتناسب هذا أوضح شئ.
وأما آية الحديد فإن قبلها قوله تعالى: "اعلموا أنما الحياة الدنيا لعب ولهو وزينة وتفاخر بينكم ...
الآية " فناسب هذا قوله تعالى: "والله لا يحب كل مختال فخور "
فقد وضحت مناسبة كل آية من هذه لما اتصلت به وإن كان كل آية من هذه المعقبات لا يلائمها غير ما اتصلت به والله أعلم.
وقد وضع فى هذا الجواب جواب السؤال الثانى وهو أن آية البقرة إنما ترتبت على آكلى الربا والمسوين بينه وبين البيع المشروع وهؤلاء صنف واحد ومرتكبهم واحد وأن آية الحديد ترتبت على حكم الخيلاء والفخر وذلك إذا تحقق أيضا راجع إلى الكبر فالمادة واحدة.
أما آية النساء فإن الأولى منها تقتضى بحسب من ذكر فيها واختلاف أحوالهم تفصيل المرتكب وتعداد المطلوب فيها وقد اشتملت على أمر ونهى فناسب اتباع المطلب تأكيد الخبر المترتب عليه من الجزاء فأكد بأن المقتضية تأكيد الخبر وكذلك الآية الثانية لأن خيانة النفس تنتشر مواقعها فتارك الطاعة قد خان نفسه وفاعل المعصية كذلك وأفعال الطاعة كثيرة لا تنحصر وكذلك المخالفات فناسب الكثرة التأكيد وهذا كله بخلاف آية البقرة وآية الحديد فى المرتكب فيهما كما تقدم فجاء كل على ما يناسب والله أعلم.

  • السبت PM 03:17
    2018-05-12
  • 3477
Powered by: GateGold