المتواجدون الآن

انت الزائر رقم : 415255
يتصفح الموقع حاليا : 217

البحث

البحث

عرض المادة

قوله تعالى: "أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يأتكم مثل الذين خلوا من قبلكم مستهم البأساء والضراء وزلزلوا حتى يقول الرسول والذين آمنوا معه متى نصر الله ألا إن نصر الله قريب "، وقال فى سورة آل عمران: " أم

قوله تعالى: "أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يأتكم مثل الذين خلوا من قبلكم مستهم البأساء والضراء وزلزلوا حتى يقول الرسول والذين آمنوا معه متى نصر الله ألا إن نصر الله قريب "، وقال فى سورة آل عمران: " أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يعلم الله الذين جاهدوا منكم ويعلم الصابرين "، وفى سورة براءة: " أم حسبتم أن تتركوا ولما يعلم الله الذين جاهدوا منكم ولم يتخذوا من دون الله ولا رسوله ولا المؤمنين وليجة " ففى البقرة وآل عمران: " أن تدخلوا الجنة " وفى براءة: " أن تتركوا " وفى سورة البقرة: " ولما يأتكم مثل الذين خلوا من قبلكم " وفى آل عمران وبراءة: " ولما يعلم الله الذين جاهدوا منكم " وسورة آل عمران: "ويعلم الصابرين " وفى براءة: " ولم يتخذوا من دون الله ولا رسوله ولا المؤمنين وليجة " فهذه ثلاث سؤالات.
والجواب عن جميعها على الجملة أن وجه اختلافهما والله أعلم ورودها أعقاب قصص مختلفة وقضايا متغايرة فآية البقرة واردة على ما تقدمها من خطاب المؤمنين على العموم والتسوية فى قوله تعالى: "يا أيها الذين آمنوا ادخلوا فى السلم كافة " ثم حذرهم بقوله: "فإن زللتم من بعد ما جاءتكم البينات ".
الآية وأشار الواقع جوابا من قوله: "إن الله عزيز حكيم " إلى قدرته تعالى على من زل فحاد وتنكب بعد وضوح الأمر فكان الكلام فى قوة أن لو قيل بحسب أفهامنا القاصرة: فإن زللتم فحدتم وتنكبتم عن سلوك المنهج الذى أمرتم به بعد بيان الأمر فاعلموا أنه قادر على أخذكم وعقابكم لا يفوته هاربكم ولا يخرج عن قهره أحد منكم عليم بما تخفونه وتسرونه ثم ذكرهم بحال غيرهم فقال تعالى: "سل بنى إسرائيل كم آتيناهم من آية بينة ..
الآية "، ثم عرفهم بتزيين الدنيا للكافرين تسلية للمؤمنين فيما حف بمطلوبهم الأخروى من المكاره وأخبرهم بما لهم فى الآخرة إن صبروا واتقوا فقال: "والذين اتقوا فوقهم يوم القيامة "، ثم أخبرهم بما كان الأمر عليه أولا من كون الناس أمة واحدة ثم اختلفوا فبعث الله النبيين.
الآية فلما خاطبهم بهذا كله وحصل من ذلك ومن إحالة الآى على أحوال من تقدم وإشارتها إلى ما ابتلوا به مما وضح منه صعوبة التخلص إلا بعد الصبر وتحمل المشقة مع سبقية التوفيق أعقب بقوله إشارة إلى تسلية المؤمنين فيما يصيبهم فقال: "أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ...
الآية " فعرفهم أنه لابد من الابتلاء والاختبار: "ولنبلونكم حتى نعلم المجاهدين منكم والصابرين ونبلو أخباركم " وأتبع بقوله تعالى: "مستهم البأساء والضراء " إلى ما ذكر سبحانه فى قوله: "ولقد أرسلنا إلى أمم من قبلك فأخذناهم بالبأساء والضراء " فهذه الآية أعنى آية البقرة لم يقع فيها تخصيص بغير المستجيبين المحسنين فى إجابتهم لا من وجهة اللفظ ولا من وجهة المعنى فناسبها الإطناب وذكر حال من تقدم من الأمم فى ابتلائهم.
وأما آية آل عمران فخوطب بها أهل أحد تسلية فيما أصابهم وخص فيها ذكر الجهاد والصبر ولم يقصد فى الآية أخبار بغير ذلك لأنها ترتيب واقعة مخصوصة فهذا ما انفردت به واختصت عن آية البقرة فقال تعالى: "أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يعلم الله الذين جاهدوا منكم ويعلم الصابرين " فلم يذكر هنا غير الجهاد والصبر.
أما آية براءة فخطاب المؤمنين ممن شاهد فتح مكة وإعلام لهم بأنهم لا يكمل إيمانهم إلا بمطابقة ظواهرهم بواطنهم فى ألا يقع منهم صغو إلى غير ما بايعوا الله عليه من الإخلاص فلا يجحدون ولا يعتمدون من دون الله ولا رسوله ولا المؤمنين ما يعتمدونه موئلا أو مرجعا فإنه سبحانه لا يخفى عليه ما أسروه وتحوم الآية على ذم من اتصف بصفة النفاق فأظهر خلاف ما أبطن، وقد تقدم قبلها ما يدل على ذلك من قوله تعالى: "يرضونكم بأفواههم وتأبى قلوبهم " فحذر المؤمنون من هذه الصفة وعرفوا أنه لابد من ابتلائهم واختبارهم لتخلص أحوالهم وتمتاز من أحوال المنافقين وأنهم لم يتركوا دون ابتلاء واختبار ليميز الله الخبيث من الطيب وهذا من بعضهم لبعض أعنى الاطلاع بعد الاختبار والله سبحانه غنى عن هذا وعليم بما تنطوى عليه كل نفس وما تكنه الضمائر وإنما ثمرة الابتلاء والاختبار عائدة علينا ليطلع بعضنا من بعض على ما لم يكن ليطلع عليه لولا الاختبار وعلمه سبحانه لا يتوقف على ابتلائنا ولا يتجدد عليه شئ تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا فالمراد بالآية: أم حسبتم أن تتركوا دون اختبار يفصل بين أحوالكم وأحوال المنافقين المذكورين فيما قبل ولم تتعرض الآيتان من سورة البقرة وآل عمران لذكر نفاق بالافصاح ولا بإيماء بخلاف آية براءة فلما اختلفت المقاصد اختلفت العبارات فى مطلع الآى وختامها بحسب ذلك والله أعلم.
فتأمل اتحاد الوليجة وقوله: "والله خبير بما تعملون " وتخصيص اسمه سبحانه: "الخبير " يلح لك ما قصد بهذه الآية.
فصل: واعلم أن "أم " الواقعة فى هذه الآى هى الواردة فى قولهم: "إنها لابل أم شاء " أخبر المتكلم بهذا من العرب أنها ابل ثم لحقه الشك فأضرب عما أخبر به واستفهم عما بعد أم فكأنه قال: بل أهى شاء فمعناها الاضراب عما قبلها والاستفهام عما بعدها فلقطعها ما بعدها عما قبلها يسميها النحويون المنقطعة والمنفصلة وأما المتصلة فهى الواقعة فى العطف والوارد بعدها وقبلها كلام واحد والمراد بها الاستفهام عن التعيين لهذا تقدر بأى والمنقطعة خلافها وهى المتقدمة فى الآى وان الواقعة بعدها سادة مسد مفعولى حسبت عند سيبويه رحمه الله.
وأبو العباس [المبرد] يراها سادة مسد المفعول الواحد والثانى عند مقر ويشهد لسيبويه أن العرب لم يسمع من كلامهم نطق بما ادعاه ولو كان على ما يقوله لنطقوا به يوما ما وبسط الرد عليه فى غير هذا.

  • الاربعاء PM 02:07
    2018-05-09
  • 4441
Powered by: GateGold