المتواجدون الآن

انت الزائر رقم : 415171
يتصفح الموقع حاليا : 193

البحث

البحث

عرض المادة

قوله تعالى "يا أيها الذين آمنوا كلوا من طيبات ما رزقناكم واشكروا لله إن كنتم إياه تعبدون إنما حرم عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير وما أهل لغير الله فمن اضطر غير باغ ولا عاد فلا إثم عليه إن الله غفور ر

قوله تعالى "يا أيها الذين آمنوا كلوا من طيبات ما رزقناكم واشكروا لله إن كنتم إياه تعبدون إنما حرم عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير وما أهل لغير الله فمن اضطر غير باغ ولا عاد فلا إثم عليه إن الله غفور رحيم "، وجاء فى ثلاثة مواضع "وما أهل لغير الله به " أولها فى سورة المائدة: "حرمت عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير وما أهل لغير الله به "، والثانى فى سورة الانعام: "قل لا أجد فى ما أوحى إلى محرما على طاعم يطعمه إلا أن يكون ميتة أو دما مسفوحا أو لحم خنزير فإنه رجس أو فسقا أهل لغير الله به "، والثالث فى سورة النحل: "فكلوا مما رزقناكم حلالا طيبا واشكروا نعمة الله إن كنتم إياه تعبدون إنما حرم عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير وما أهل لغير الله به ".
يتعلق بهذه الآى الأربع خمسة سؤالات: أحدها تقديم المجرور الذى هو "به " فى سورة البقرة وتأخيره فيما سواها الثانى تخصيص آية البقرة بقوله تعالى: "فلا إثم عليه "، الثالث: تخصيص آية الانعام بقوله "فإن ربك غفور رحيم "، الرابع: زيادة ما زيد فى آية المائدة من المحرمات، الخامس: تخصيص آية المائدة بقوله تعالى "فمن اضطر فى مخمصة غير متجانف لإثم ".
والجواب عن الأول: أن العرب مهما اعتنت بشئ أو قصدت به قصد زيادة من تأكيد أو تشريف قدمته أو قدمت ضميره وليس من كلامهم إجراء هذه الاغراض مجرى غيرها فلكل مقام مقال ألا ترى قول قائلهم: إياك أعنى وقول مجاوبه: وعنك أعرض وأنشد سيبويه رحمه الله:
لتقربن قربا جلديا ما دام فيهن فصيل حيا
فتقديم فيهن يحرز معنى لا يحرزه التأخير وقال تعالى: "ولم يكن له كفوا أحد " وبسط هذا فى مظانه وقال تعالى: "فبذلك فليفرحوا " وقال تعالى: "إياك نعبد وإياك نستعين " وهو كثير فى المضمرات والظروف والمجرورات ومن نحوه قوله تعالى: "وكانوا فيه من الزاهدين " وقوله تعالى: "إنى لعملكم من القالين " ولكون هذا فى صلة الموصول تكلف بعض النحويين فى تعلقه تقدير اسم فاعل يفسره ما بعد الموصول وإذا حقق رجع إلى الأول قال سيبويه رحمه الله: "كأنهم يقدمون الذى هو أهم لهم وهم ببيانه أعنى ".
وآية البقرة قد تقدم قبلها قوله تعالى: "يا أيها الناس كلوا مما فى الأرض " وقوله نعالى: "يا أيها الذين آمنوا كلوا من طيبات ما رزقناكم "، فورد تعريفهم بذكر ما أبيح لهم وورد ما يقصد إيجابه وندبيته وإن كان إنما يراد بها هنا الاباحة مفتتحا بنداء المخاطبين ومعقبا فيه ما أعملوا بإباحته لهم بالأمر بالشكر الجليل تلك النعمة وعظيم التوسعة فيها من قوله تعالى: "مما فى الأرض " وقوله "من طيبات ما رزقناكم " فلتوسعة الإحسان والإنعام ما أمروا بالشكر.
فلما تحصل بهذه المقاصد الجليلة ما ليس فى شئ من تلك المواضع والآيات الأخر وخص ما ذكره بعد بما حرم عليهم بكلمة "إنما " المقتضية الحصر والرافعة لضعف المفهوم حسب ما تقرر من الأصول إذ ليس قوله "إنما الولاء لمن أعتق " مثل قوله "فيما سقت السماء العشر "، "وفى سائمة الغنم الزكاة " فى قوة المفهوم المسمى بدليل الخطاب فلما تحصل فى هذه الآية ما أشير إليه من تأكيد هذا المحرم ما ليس فى الآى الأخر ناسبه تقديم المضمر المجرور فى قوله "وما أهل به لغير الله " ليكون الكلام بتقديم المجرور بقوة أن لو قيل: إنما حرم عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير والمهل به لغير الله وهذا مقصود الكلام ولم يكن تأخير المجرور ليحرز هذا الذى قدرناه ولا ليناسب ما تقدم فجرى الكلام كله من أول القصة إلى آخرها على أسلوب من البلاغة ملحوظ فى آخره وأوله.
أما الآى الأخر فليس
فيها ما ما فى هذه فتأخر الضمير المجرور إلى محله الذى هو موضعه إذ لم يقصد هذا القصد ولم يكن ليلائمه التقديم ولهذا المجموع وما جرى فى الآية من الإطناب الجليل أعقب هذا الكلام بقوله "فلا إثم عليه " ليناسب ما ذكر ووقع الاكتفاء فى غيرها بما فيها كل ذلك على ما يناسب وهذا هو الجواب عن السؤال الثانى.
والجواب عن السؤال الثالث: إن الله سبحانه وتعالى لما قدم فى آية الأنعام وجرى من قدم ذكره وتعنيفهم بقوله "أم كنتم شهداء إذ وصاكم الله بهذا فمن أظلم ممن افترى على الله كذبا ليضل الناس بغير علم ".
أتبعه بقوله " قل لا أجد فى ما أوحى إلى محرما على طاعم يطعمه إلا أن يكون ميتة أو دما مسفوحا أو لحم خنزير " ثم قال "فمن اضطر غير باغ ولا عاد فإن ربك ...
" وهذا التفات لأن الجارى على لا أجد فيما أوحى إلى أن لو قيل فإن ربى أو فإن الله فعدل الخطاب التفاتا فقيل "فإن ربك " لأن الكلام إذا تنوع حرك الخواطر إلى تفهمه فقال تعالى: "فإن ربك " ومع قصد الالتفات لم يعدل فيه عند تخصيص الخطاب لأنه موضع تعنيف وزجر لمن تقدم فورد الالتفات باسم الربوبية مع الإضافة إلى ضمير خطابه صلى الله عليه وسلم ولم يقل: فإن الله وكان يكون فيه الالتفات لما قصد فيه من نحو الوارد فى قوله: "ذلك بأن الله مولى الذين آمنوا وأن الكافرين لا مولى لهم "، وما ورد من مثله ليكون ذلك معرفا بمكانته عليه السلام وتحكيما للإعراض عنهم وعدم التفاتهم وتناسب آخر الكلام وأوله.
والجواب عن السؤال الرابع والخامس: أن آية المائدة من آخر ما نزل فورد فيها استيفاء ما حكم سبحانه بتحريمه وإلحاقه بالميتة والدم ولحم الخنزير أعقب الكلام بقوله "فمن اضطر فى مخمصة غير متجانف لإثم " تتميا لبيان حال المضطر ومظنة الاضطرار زيادة على ما ورد فى الآى الأخر ليرتفع ما عسى أن يكون باقيا فيها من إجمال أو إشكال ليجرى مع قوله "اليوم أكملت لكم دينكم ..

  • الخميس AM 05:54
    2018-04-26
  • 4043
Powered by: GateGold