المتواجدون الآن

انت الزائر رقم : 415210
يتصفح الموقع حاليا : 245

البحث

البحث

عرض المادة

قوله تعالى: "قد نرى تقلب وجهك فى السماء فلنولينك قبلة ترضاها فول وجهك شطر المسجد وحيث ما كنتم فولوا وجوهكم شطره "، وقال بعد: "ومن حيث خرجت

الآية السادسة والعشرون: قوله تعالى: "قد نرى تقلب وجهك فى السماء فلنولينك قبلة ترضاها فول وجهك شطر المسجد وحيث ما كنتم فولوا وجوهكم شطره "، وقال بعد: "ومن حيث خرجت فول وجهك شطر المسجد الحرام وانه للحق من ربك وما الله بغفل عما تعملون ومن حيث خرجت فول وجهك شطر المسجد الحرام وحيث ما كنتم فولوا وجهك شطره " للسائل أن يسأل عن الوجه فى ما تكرر فى هذه الآيات من الأمر يالتولى وهل ذلك لحامل من المعنى أم لا؟
والجواب عن ذلك والله أعلم: إن كل قضية تكليفية إذا كانت مما يتأكد فانها ترد ملحوظة الجهات منبها على ما يحرز مطلوبها على الكمال مدفوعا عنها وان ضعفت طوارق الاحتمال اعتناء منه سبحانه بهذه الأمة لتحصيل سلامتها من الأمر المحمول على من قبلها.
ألا ترى أن بنى إسرائيل إنما لحقهم الامتحان فى أمر البقرة من جهة الاطلاق فى قوله تعالى: "إن الله يأمركم أن تذبحوا بقرة " فورد الأمر مطلقا مع ما جبلت عليه نفوسهم من التثاقل فى تلقى الطاعات من المأمورات فتابعوا لتحرير المطلوب وشددوا فشدد عليهم وهذا مما حفظت منه هذه الأمة.
ألا ترى قوله تعالى فى فرضية الصيام: "يأيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم ...الآيات " كيف حدد بشهر وعين بالتسمية وبين وقت الامساك بضبط طرفيه وبين لهم حال المرض وحال السفر وأمروا بتميل العدة على مأ أوضح الشرع إلى غير ذلك مما يحصل به على المطلوب فيرفع حكم الإطلاق الداخل منه الاختلاف للحتمال وكل هذا أو أكثره قبل أن يسألوا وكذا قبل أن يسألوا وكذا جرى فى أمر القبلة عند التحويل.
فقوله تعالى فى أول الأمر بالتوجه قبل البيت "فول وجهك شطر المسجد الحرام " وان كان قد تقيد بالأداة المعينة للجهة فإن فيه احتمالا أن يكون خاصا به صلى الله عليه وسلم أو عاما له ولأمته.
فإن قيل قد علم من قبله صلى الله عليه وسلم أن حكمه على الواحد حكم على الجميع وأن الخطاب له خطاب له ولأمته وذلك كله ما لم يرد تخصيص.
فجوابنا عن هذا أن الكلام فى هذه الآية ليس خاصا بمن سلم بالقواعد المستقرات من الكتاب والسنة وإنما كلامنا معتمد فيه القطع بذوى الزيغ والارتياب ممت يتعلق بما تشابه منه طعنا فى الدين واتباعا لسبيل الملحدين وشأن هؤلاء التعلق بأدنى احتمال من غير تسليم لما وراء ذلك.
وعلى هذا نقول ان قوله تعالى: "فول وجهك شطر المسجد الحرام " أمر يدفع احتمال خصوصه صلى الله عليه وسلم دون أمته بالأمر بالتولى ثم تحصل مع هذا من قوله "وحيث ما كنتم " أن ذلك لا يختص بمكان دون مكان ثم يبقى احتمال نذكره وما يزيله بعد.
وأما قوله تعالى "ومن حيث خرجت فول وجهك شطر المسجد الحرام " فإعلام له صلى الله عليه وسلم بتسوية حالى الظعن والاقامة ونه خرج عن المدينة مسافرا فحاله حيث توجه كحاله فى المدينة مقيما ولم يكن هذا ليحصل نصا لا احتمال فيه مما تقدم من الامر فقد حصل من هذا ما لم يتحصل نصا مما تقدم.
وقوله بعد: "ومن حيث خرجت فول وجهك شطر المسجد الحرام " هذا مما كرر لا لمجرد التوكيد وان كانت القصة لها تعلق بيهود وانكارهم التحويل فالتأكيد يلائم ولكن ذكر ليحصل منه التوكيد وبناء ما بعده عليه من قوله "وحيث ما كنتم فولوا وجوهكم شطره " والمراد بهذا وحيث ما كنتم من البلاد والمواضع التى خرجتم اليها حيث كانت من الارض كلها فإن قيل أن هذا قد تقدم حيث ذكر هذا اللفظ بعيه الذى هو "وحيث ما كنتم فولوا وجوهكم شطره " فالجواب أن ذلك محتمل أن يراد به وحيث ما كنتم من نواحى المدينة وما يرجع اليها إذ لم يتقدم ذكر الخروج عنها كما تقدم هنا فارتفع بهذا التكرار ذلك الاحتمال المتقدم مع انجرار التوكيد فإن قيل فقد تكرر قوله أخيرا "ومن حيث خرجت فول وجهك شطر المسجد الحرام " قلت: لما أغقب قوله أولا " ومن حيث خرجت فول وجهك شطر المسجد الحرام " بقوله تعالى "وانه للحق من ربك وما الله بغافل عما تعملون " زجاءت هذه الآية بين آية الأمر من قوله "فول وجهك شطر المسجد الحرام " وبين ما شأنه أن يكون مبنيا عليها من قوله تعالى "وحيث ما كنتم فولوا وجوهكم شطره "، فلما تباعد عنها كرر توكيدا ولينبنى عليه ما ينبغى اتصاله به وهذا كقوله تعالى "أيعدكم أنكم إذا متم وكنتم ترابا ةعظاما أنكم مخرجون " فأعيدت "أنكم "تأكيدا ولينبنى عليه الخبر وكذا أعيد قوله تعالى "ومن حيث خرجت " لينبنى عليه "وحيث ما كنتم فولوا وجوهكم شطره ".
وبهذا اللحظ لم يتكرر شئ من الآية لمجرد توكيد بل كل مما يظن تكرارا مفيد معنى لم يحصل محرزا مما قبله ووضح التناسب فى ذلك كله والله أعلم.

  • الاربعاء PM 04:44
    2018-04-25
  • 2803
Powered by: GateGold