المتواجدون الآن

انت الزائر رقم : 415209
يتصفح الموقع حاليا : 247

البحث

البحث

عرض المادة

"ولئن اتبعت أهواءهم بعد الذى جاءك من العلم مالك من الله من ولى ولا نصير " وورد فيما بعد: "ولئن أتيت الذين أوتوا الكتاب بكل آية ما تبعوا قبلتك وما أنت بتابع قبلتهم وما بعضهم بتابع قبلة بعض ولئن اتبعت

قوله تعالى: "ولئن اتبعت أهواءهم بعد الذى جاءك من العلم مالك من الله من ولى ولا نصير " وورد فيما بعد: "ولئن أتيت الذين أوتوا الكتاب بكل آية ما تبعوا قبلتك وما أنت بتابع قبلتهم وما بعضهم بتابع قبلة بعض ولئن اتبعت أهواءهم من بعد ما جاءك من العلم إنك إذا لمن الظالمين " وفى الرعد: "وكذلك أنزلناه حكما عربيا وائن اتبعت أهواءهم بعد الذى جاءك من العلم مالك من الله من ولى ولا واق ".
للسائل أن يسأل عما اختلف فى هذه الآى مع اتفاقها فى مطالعها ومعناها؟ والجواب عن ذلك والله أعلم بما أراد: ان الوارد فى سورة الرعد لم يتقد قبله من متكبات أهل الكتاب فى كفرهم وعنادهم مثل ما تقدم قبل الآية الأولى من سورة البقرة ألا ترى أنه لم يذكر قبل آية الرعد من أمرهم فى ذلك مفصحا به إلا قوله تعالى: "ومن الأحزاب من ينكر بعضه " على قول من قال ان المراد بالأحزاب هنا أهل الكتاب وهذا بعد مدحه من آمن منهم بقوله تعالى: "والذين آتيناهم الكتاب يفرحون بما أنزل إليك " وهو: عبد الله بن سلام رضى الله عنه وأمثاله ممن آمن منهم ثم اتبع بقوله تعالى: "ومن الأحزاب من ينكر بعضه " يريد - والله أعلم - ومن أحزابهم على من قال ذلك كما تقدم فلما لم يتقدم بسط ذكرهم وأوجز الكلام واكتفى بالايماء ناسبه ايجاز التحذير من حالهم فقال تعالى: "ولئن اتبعت أهواءهم بعد ما جاءك من العلم مالك من الله من ولى ولا واق "، فجئ "بما "وهو أوجز من "الذى "لفظا ما لم يقترن بها ما يقتضى التوسعة فى معناها حسبما يتبين بعد، وقيل: "ولا واق " وذلك أوجز من قوله فى آية البقرة: "ولا نصير " لفظا ومعنى فورد هذا كله موجزا ليناسب ما قبله ولما تقدم قبل الآية الأولى من سورة البقرة عدة آيات فى بسط أحوالهم وقبيح مرتكباتهم ولقرب ذلك إلى الآية المقصودة توجب الوارد فيها قوله تعالى عنهم: "وقال الذين لا يعلمون لولا يكلمنا الله أو تأتينا آية " إلى قوله: "يوقنون "، ثم عرف من حال أهل
الكتابين وبعدهم عن الإيمان بقوله: "ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم "، فبعد هذا الاطناب فى وصفهم قال تعالى: "ولئن اتبعت أهواءهم بعد الذى جاءك من العلم ما لك من الله من ولى ولا نصير " وهذا مناسب لما قبله من الاطناب لفظا كما أن آية الرعد مناسبة لما قبلها لإيجاز لفظ "ما "فإنها على حرفين وأما "الذى " فعلى خمسة أحرف، ثم إن معنى نصير أوسع من حيث أن فعيلا من أبنية المبالغة فيعطى كثرة وفاعل ليس كذلك ثم إن لفظ واق أوجز فقد تبين فرقان ما بينهما وناسب الاسهاب الاسهاب والايجاز الايجاز.
ولما ذكر بعد هذه الآية من مرتكبات أهل الكتاب وعنادهم ما بسطته الآى بعد وجاء قوله بعد: "ولئن اتبعت أهواءهم من بعد ما جاءك من العلم إنك إذا لمن الظالمين " بعد إطناب زائد وتعريف بأكثر مما تقدم وردت الآية المتكررة مراعى فيها ذلك فجئ فيها بـ "من " التى للغاية أو لابتداءها والمقصود أوفى وأمعن، وجئ بـ "ما " عوضا من الذى لأنها هنا بسياقها بعد من كيف ما قدرتها من موصولية أو موصوفية تعطى الاستيفاء وتقتضيه فروعى هنا معناها وروعى فيما تقدم لفظها وقوله سبحانه: "إنك إذا لمن الظالمين " يتضمن من أشد مما يتضمن نفى الولى والواقى والنصير ألا ترى قوله تعالى: "والظالمون ما لهم من الله من ولى ولا نصير ".
فقد انتفى هنا الولى والنصير مع زيادة الوصف بالظلم وليس نفى الظلم حاصلا من انتفاء الولاية والنصرة حصوله بالذكر والتنصيص فهذه الآية أبلغ من الآيتين فناسب ذلك زيادة الاطناب فيما قبلها ولشدة موقعها قدم الله لنبيه صلى الله عليه وسلم تنزيهه عن اتباع أهواءهم فقال: "وما أنت بتابع قبلتهم "، فقد وضح افتراق المقاصد فى إفراد هذه الآى على الانحاء الثلاثة.
ويحتمل ذلك توجيها آخر ان ثبت أن آية الرعد من المكى وذلك أن المنزل بعد المكى زاده صلى الله عليه وسلم فى علم أحكام شريعته وغير ذلك مما لم يكن عنده فترتيب الآى الثلاث بحسب الحاصل عنده صلى الله عليه وسلم فكانت آية الرعد أوجزها مناسبة للحاصل قبل نزول سورة البقرة ثم كانت آية البقرة الأولى أبلغ فى الاسهاب لما زاد أيضا ويمكن التقاء التوجيهين وربنا أعلم بما أراد.

  • الجمعة PM 06:39
    2018-04-20
  • 6760
Powered by: GateGold