المتواجدون الآن

انت الزائر رقم : 415274
يتصفح الموقع حاليا : 256

البحث

البحث

عرض المادة

قوله تعالى: "وقلنا يآدم اسكن أنت وزوجك الجنة وكلا منها رغدا حيث شئتما ولا تقربا هذه الشجرة " وفى سورة الأعراف: "ويآدم اسكن أنت وزوجك الجنة فكلا من حيث شئتما ولا تقربا هذه الشجرة "، فى هذا سؤالان: الأو

والجواب عن السؤال الأول: والله أعلم أن الوارد فى الآيتين مختلف فى الموضعين أما الوارد فى البقرة فقصد به الإخبار والإعلام لرسول الله صلى الله عليه وسلم بما جرى فى قصة آدم صلوات الله وسلامه عليه وابتداء خلقه وأمر الملائكة بالسجود له وما جرى من إبليس عن السجود ثم ما أمر آدم من سكنى الجنة والأكل منها ولم يقصد غير التعريف بذلك من غير ترتيب زمانى أو تحديد غاية فناسبه الواو وليس موضع الفاء، وأما آية الأعراف فمقصودها تعداد نعم الله جل وتعالى على آدم وذريته ألا ترى ما تقدمها من قوله تعالى: "ولقد مكناكم فى الأرض " وما اتبع به هذا من ذكر الخلق والتصوير وأمر الملائكة بالسجود لآدم ثم قوله مفردا لإبليس: "اخرج منها مذءوما مدحورا " ثم بعد ذلك أمر آدم عليه السلام بالهبوط متبعاً بالتأنيس له ووصية ذريته فى قوله تعالى: "يا بني آدم لا يفتننكم الشيطان " فتاسب هذا القصد العطف بالفاء المقتضية الترتيب والواو لا تقتضى ذلك وإنما بابها الجمع حيث لا يراد ترتيب وليس موضع شرط وجزاء فيكون ذلك مسوغاً لدخول الفاء، وإنما ورد هنا لما ذكرته من قصد تجريد التفصيل المحصل لتعداد النعم، ولما اختلف القصدان اختلفت العبارة عنهما، فورد كل على ما يناسب. والله أعلم.

وأما السؤال الثانى فالجواب عنه: أن ورود الرغد فى آية البقرة وسقوط ذلك فى الأعراف إنما ذلك لأن المعنى من هنا التبعيض ومعناها بما هو تبعيض قد يسبق منه إرادة التقليل وهو غير مراد هنا، وإنما مصرف التبعيض هنا إلى المأكول منه، فإن ما اشتملت عليه الجنة من ذلك إذا أكلت منه ذرية آدم بأجمعها فإنما تأكل بعضا إذ فيها من كل متنعم به ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر فاجتمع هنا أن البعضية مرادة بالنظر إلى ما انطوت عليه الجنة وإباحة التوسعة فى أكلها مقصودة وليس ثم ما يحرزها فقال تعالى: "رغداً " ليحصل المعنى التوسعة وتجردت "من " لإحراز معناها ولم يكن هنا بد إذ ليس فى السياق ما يحرز ذلك المعنى من التوسعة وذلك قوله تعالى: "من حيث شئتما " لإباحة ما فى أماكنها ومن المحال أن يباح لهما الأكل من حيث شاءا منها على اتساع المساحة وكثرة المآكل ثم يحجر عليهما التوسع فى الأكل والرغد فيه، هذا متناقض.

فإن قيل: قد وقع فى سورة البقرة: "حيث شئتما " وتلك توسعة فى الأماكن

قلت: ليس موقع حيث شئتما " موقع "من حيث شئتما " لأن "من حيث شئتما " يحرز ويعطى إباحة الأكل من ثمر كل موضع فيها.

أما حيث إذا لم يكن معها "من " فإنها تعطى بأظهر الاحتمالين إباحة الأكل فى كل موضع لا من ثمر كل موضع فقد يقال للشخص كل هذا العنقود حيث شئت من هذا البستان فإنما أبيح له أكل عنقود معين مخصوص حيث شاء من أماكن ذلك البستان ولم يتعرض بهذه العبارة لإباحة أكل ما فى كل موضع منه الا باحتمال ضعيف.

أما إذا قيل له كل من حيث شئت من مواضع هذا البستان فقد أبيح له الأكل من كل ما فى مواضعه، وحصلت التوسعة فى المأكل ولم يحصل ذلك عند سقوط "من " على ما تقدم آنفا، فقد وضح افتراق الموضعين، وتعين ورود رغداً فى البقرة إذ ليس ثم ما يحرزه وتعين سقوطه فى الأعراف لوجود ما بحرزه. والله أعلم بما أراد.

  • الاحد PM 02:56
    2018-04-15
  • 2831
Powered by: GateGold