المتواجدون الآن

انت الزائر رقم : 415260
يتصفح الموقع حاليا : 234

البحث

البحث

عرض المادة

"وتركهم فى ظلمات لا يبصرون صم بكم عمى فهم لا يرجعون " وورد فيما بعد: "ومثل الذين كفروا كمثل الذى ينعق بما لايسمع إلا دعاء ونداء صم بكم عمى فهم لا يعقلون " ففى الأولى "لا يرجعون " وفى الثانية "لا يعقلو

والجواب عنه: أنه لما مثل حال المنافقين بحال مستوقد النار لطلب الإضاءة وأنه لما أضاءت ما حولها أذهبها الله وطفيت فلم يكن له ما يستضئ به ويرجع إليه فنفى عنهم وجود ما يرجعون إليه من ضياء يدفع حيرتهم وهذا بين.

أما الآية الثانية فإنه مثل حال الكافرين فيها بحال الغنم فى كونها يصاح بها وتنادى فلا تفهم عن راعيها ولا تسمع إلا صوتاً لا تعقل معناه ولا نفهم ما يراد به كذلك الكفار فى خطاب الرسل إياهم فلا يجيبونهم ولا يعقلون ما يراد بهم وهذا مناسب وكل على ما يجب.

فإن قيل أما تمثيل الكفار وتشبيههم بالغنم فيما ذكر فقد أفصح ذلك قوله تعالى: "أم تحسب أن أكثرهم يسمعون أو يعقلون إن هم إلا كالأنعام " فقد وضح هذا ما ذكرته إلا أن آية البقرة إنما ورد فيها ببادى سياق الكلام وظاهره تشبيه الكفار بالنعاق بالغنم لا بالغنم فكيف يرجع تقدير الآية إلى ما ذكرت؟

فالجواب: أن إيجاز الكلام يقتضى حذف ما يفهمه السياق اختصاراً فالتقدير فى الآية ما مر من الإشارة إلى التشبيه بالطرفين ومنه قول الشاعر:

وإنى لتعرونى لذكراك فترة كما انتفض العصفور بلله القطر

فشبه فى ظاهر الكلام ما يعروه من الفترة بانتفاض العصفور وليس مراده هذا وإنما يريد تشبيه ما يعروه بما يعرو العصفور بعد ما يدركه من بل المطر من الفترة وأنه ينتفض عندها كما ينتفض العصفور فحذف فى كل من الطرفين ما أثبت نظيره.

فالتقدير فى البيت: وإن لتعرونى لذكراك فترة فانتفض كما تعرو العصفور فترة فينتفض فشبه ما يعروه بما يعرو العصفور والانتفاض بالانتفاض وعلى هذا حمل سيبويه الآية قال: "لم يشبهوا بما ينعق وإنما شبهوا بالمنعوق به " وإنما المعنى: مثلكم ومثل الذين كفروا كمثل الناعق والمنعوق به الذين لا يسمع.

قال [سيبويه]: "ولكنه جاء على سعة الكلام والإيجاز لعلم المخاطب بالمعنى " وهذا تقدير معنى الآية.

فإن قلت فكيف تقدير الإعراب؟

قلت: الأقرب فيه أن يكون على حذف مضاف أى ومثل داعى الذين كفروا كمثل الذى ينعق بما لا يسمع وعلى هذا حمله أكثر الناس وان شئت جعلت ما قدرنا عليه المعنى تقديراً للمعنى والإعراب وقد أخذه على ذلك جملة من شيوخنا ومن قبلهم.

  • الاحد PM 02:07
    2018-04-15
  • 6061
Powered by: GateGold