المتواجدون الآن

انت الزائر رقم : 416084
يتصفح الموقع حاليا : 128

البحث

البحث

عرض المادة

ما وجه تخصيص كل آية منها بما ورد من أوصافه تعالى المتبع بها حمده؟ ففى أم القرآن: "الحمد لله رب العالمين " وفي الأنعام: "الذي خلق السماوات والأرض وجعل الظلمات والنور " وفي الكهف: "الذي أنزل على عبده ال

أن أم القرآن لما كانت أول سورة ومطلع آياته وهو المبين لكل شئ والمعرف بوحدانيته سبحانه وانفراده بالخلق والاختراع وملك الدارين فناسب ذلك من أوصافه العلية ما يشير إلى ذلك كله من أنه رب العالمين وأنه الرحمن الرحيم وأنه ملك يوم الدين حتى تنقطع الدعاوى وتظهر الحقائق ويبرز ما كان خبرا إلى العيان وهذا واضح
وأما مناسبة الوصف الوارد فى سورة الأنعام فمن حيث ما وقع فيها من الإشارة إلى من عبد الأنوار وجعل الخير والشر من الظلمة فافتتحها تعالى بوصفه بأنه خالق السماوات والأرض وهى الأجرام التى عنها الظلمات وفيها الأجرام النيرات وذكر تعالى أنه خالق الأنوار وأعاد سبحانه ذكر ما فيه الدلالة البينة على بطلان مذهب من عبد النيرات أو شيئا منها فى قوله تعالى: "وكذلك نرى إبراهيم ملكوت السماوات والأرض " الآيات فقال: "فلما جن عليه الليل رأى كوكبا " ثم قال عليه السلام على جهة الفرض لإقامة الحجة على قومه: "هذا ربى فلما أفل قال لا أحب الآفلين " ثم قال ذلك فى الشمس والقمر مستدلا بتغيرها وتقلبها فى الطلوع والغروب على أنها حادثة مربوبة مسخرة طائعة لموجدها المنزه عن سمات التغير والحدوث فقال عليه السلام عند ذلك لقومه: "إنى برئ مما تشركون " فأخبر عن حاله قبل هذا الاعتبار وبعده.
قال تعالى: "مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيًّا وَلَا نَصْرَانِيًّا وَلَكِنْ كَانَ حَنِيفًا مُسْلِمًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (آل عمران: 67) " وفى طي قوله: "وما كان من المشركين " تنزيه عن عبادة النيرات وغيرها مما سواه تعالى وبان من هذا كله ما افتتحت به السورة من انفراده تعالى بخلق السماوات والأرض والظلمات والنور فوضح التناسب والتلازم.
وأما سورة الكهف فإنها لما انطوت على التعريف بقصة أصحاب الكهف ولقاء موسى عليه السلام الخضر وما كان من أمرهما وذكر الرجل الطواف وبلوغه مطلع الشمس ومغربها وبنائه سد يأجوج ومأجوج وكل هذا إخبار بما لا مجال للعقل فى إدراكه ولا تعرف حقبقته إلا بالوحى والإنباء الصدق الذى لا عوج فيه ولا أمت ولا
زيغ ناسب ذلك ذكر افتتاح السورة المعرفة بذلك الوحى المقكوع به قوله: "الحمد لله الذى أنزل على عبده الكتاب ولم يجعل له عوجا " والتناسب فى هذا أوضح من أن يتوقف فيه.
وأما سورة سبأ فلما تضمنت ما منح سبحانه داود وسليمان من تسخير الجبال والطير وإلانة الحديد ناسب ذلك ما به افتتحت السورة من أن الكل ملكه وخلقه فهو المسخر لها والمتصرف فى الكل بما يشاء فقال تعالى: "الحمد لله الذى له ما فى السماوات وما فى الأرض " وهذا واضح التناسب.
وأما سورة فاطر فمناسبة صفه تعالى باختراع السماوات والأرض لما ذكره من خلق عامري السماوات من الملائكة وجعلهم رسلاً أولى أجنحة وإمساكه السماوات والأرض أن تزولا أبين شئ وأوضحه وليس شئ من هذه الأوصاف العلية بمناسب لغير موضعه كمناسبة موضعه الوارد فيه.
فقد بان مجئ كل واحد منهما فى موضعه ملائماً لما اتصل به، والله أعلم.

 

  • السبت AM 11:50
    2018-04-14
  • 2304
Powered by: GateGold