المتواجدون الآن

انت الزائر رقم : 416198
يتصفح الموقع حاليا : 360

البحث

البحث

عرض المادة

ما الفرق بين الوارد في أم القرآن وما جرى مجراها مما افتتح بقوله "الحمد لله "وبين الواقع في سورة الجاثية من قوله "فلله الحمد "؟

بعد تمهيده وهو أن نقول أن قوله تعالى: "الحمد لله " مبتدأ وخبر وكذلك قوله: "فلله الحمد " وتأخر في هذه الثانية المبتدأ، والحاصل في الموضعين معنى واحد وهو حمده سبحانه بما هو أصله.
ومعلوم أن التقديم والتأخير فيما بين المبتدأ والخبر إذا لم يقع عارض مما يعرض في التركيب، ككون المبتدأ مما يلزم صدر الكلام، أو كون الخبر كذلك، فيلزم تقديم ما له الصدرية إلى غير ذلك من العوارض وهى كثيرة، فما لم يعرض عارض يوجب لأحدهما التقديم أو التأخير فتقديم أيهما كان وتأخير الآخر عربي فصيح، إلا أن مرتبة المبتدأ التقديم ليبنى عليه الخبر، فتقديمه عند عدم العوارض اللفظية أولى كما فى القرآن.
وإذا وضح هذا فللسائل أن يقول: ما الموجب لتقديم الخبر على المبتدإ فى سورة الجاثية؟ وهل كان يسوغ عكس الواقع؟
والجواب: أن العوارض الموجبة لتقديم ما مرتبته التأخير وتأخير ما مرتبته التقديم ليست منحصرة فى جهة التركيب اللفظي، بل قد يعرض من جهة المعنى.
وتقدير الكلام ما يقتضى ذلك ويوجبه.
وإذا تقرر هذا فنقول: إن قوله تعالى: "فلله الحمد " ورد على تقدير الجواب بعد إرغام المكذب وقهره ووقوع الأمر مطابقاً لأخبار الرسل عليه السلام، وظهور ما كذب الجاحد به، فعند وضوح الأمر كأن قد قيل لمن الحمد ومن أهله؟ فكان الجواب على ذلك فقيل: "فلله الحمد ".
نظير هذا قوله تعالى: "لمن الملك "؟ ثم قال: "لله الواحد القهار "، ألا ترى تلاقى الآيتين فيما تقدمهما فالمتقدم فى سورة غافر قوله تعالى: "لينذر يوم التلاق يوم هم بارزون لا يخفى على الله منهم شئ ".
فعند ظهور الأمر للعيان ومشاهدة ما قد كان خبراً قيل لهم: "لمن الملك اليوم ".
وتقد فى سورة الجاثية قوله تعالى: "وبدا لهم سيئآت ما عملوا " الآيات.
وإنما ذلك يوم التلاقي والعرض عليه سبحانه فعند المعاينة وزوال الارتياب والشكوك كأن قد قيل لهم: لمن الحمد ومن أهله؟

فورد الجواب بقوله: "فلله الحمد ".
فالآية
كالآية، والمقدر المدلول عليه كالمنطوق، والإيجاز مستدع لذلك.
ولما تقدم ذكر الملك فى آية غافر منطوقاً به لم يحتج إلى إعادة ذكره، فقيل: "لله الواحد القهار " ولم يقل: فلله الملك لتقدم ذكره.
ولما كان الحمد فى سورة الجاثية لم يتقدم ذكره، وإنما هو مقدر يدل عليه السابق لم يكن بد من الافصاح به فى الجواب فقيل: فلله الحمد ولأجل ما قصد من تقريع المكذبين وتوبيخهم عند انقطاع الدعاوى ووضوح الأمر أتبع حمده تعالى بقوله: "رب السماوات ورب الأرض رب العالمين ".
فذكر ربوبته تعالى لما أبداه وأوجده من أعظم مخلوقاته وأبدع مصنوعاته، قال تعالى: "لخلق السماوات والأرض أكبر من خلق الناس " وأعاد ذكر ربوبيته مع كل من هذه المخلوقات العظام، المنصوبة للاستدلال بها والاعتبار بعظيم خلقها وما فيها، فقال: "رب السماوات ورب الأرض " ثم أتبع بما يعم ربوبيته لذلك كله فقال: "رب العالمين ".
والعالم ما سواه سبحانه من جميع مخلوقاته ثم قال: "وله الكبرياء في السماوات والأرض " أى الانفراد بالعظمة والجلال والخلق والأمر، وهو العزيز الذى ذل كل مخلوق لعزته وقهره، الحكيم فى أفعاله الذى جلت حكمته عن أن تدرك الأفهام غاياتها أو يحيط ذوو التفكر بنهاياتها فناسب ما ورد هنا من الإطالة بتكرر - ما ذكر - مقصود الآية، وذلك هو الجارى متى قصد تعنيف المشركين ومن عبد مع الله غيره وهو وارد فى غير ما موضع من كتاب الله تعالى وتكرير لفظ "رب " فى قوله: "ورب الأرض ".
مما يشهد لهذا الغرض من قصد تقريع الجاحدين.
ولما كان الوارد فى أم القرآن خطاباً للمؤونين وتعليما للمستجيبين مجردا عما قصد فى آية الجاثية من توبيخ المكذبين ورد على ما قدم من الاكتفاء.
وكل على ما يجب ويناسب.
والجواب عن السؤال الثانى: إن وجه تخصيص السور الخمس بما افتتحت به من حمده تعالى ما ذكر آنفا.
أما أم القرآن فهى أول السور ومطلع القرآن العظيم بالترتيب الثابت فافتتاحها بحمده تعالى بين.
أما سورة الأنعام فمشيرة إلى إبطال مذهب الثنويه ومن قال بمثل قولهم ممن جعل الأفعال بين فاعلين إلى ما يرجع إلى هذا وقد بسطت هذا فى كتاب البرهان.
وإذا كانت هذه السورة مشيرة إلى ما ذكر وانفردت بذلك فافتتاحها بحمده تعالى بين

  • السبت AM 11:14
    2018-04-14
  • 2767
Powered by: GateGold